التشاؤم والطيرة

سعد بن تركي الخثلان

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/ تشاؤم أهل الجاهلية بشهر صفر ونفي الإسلام لذلك 2/ كل شيء بقضاء وقدر 3/ بعض مظاهر التشاؤم والتطير 4/ تطير الأمم السابقة بالأنبياء 5/ تشاؤم الدول المدعية للحضارة 6/ الشؤم الحقيقي في الذنوب والمعاصي

اقتباس

كل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو شؤم عليه، فالشؤم حقيقة إنما هو في معصية الله -عز وجل-، فالمعاصي والذنوب تسخط الله -عز وجل-، وإذا سخط الله -تعالى- على عبده شقي في الدنيا والآخرة، كما ..

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

 

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1].

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

 

عباد الله: ونحن الآن في غرة شهر صفر، صفر الخير هذا الشهر الكريم، نقف وقفات مع اعتقاد لا زال يعشعش في رؤوس بعض الناس، وهو التشاؤم بهذا الشهر أو بغيره من الأزمان أو بغيره من الأماكن أو بغيره من أمور يعتقدون أنها شؤم على الإنسان، ومن هذه الاعتقادات هي شبيهة بالاعتقادات في الجاهلية، فإن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون الشؤم في أزمنة وأمكنة وأشخاص، وغير ذلك.

 

والعجيب أن بعض الناس لا زالت هذه الأمور تؤثر فيهم، فيتشاءم بعض الناس بشهر صفر، وبعضهم يتشاءم بأيام من الأسبوع أيام يحددونها بعضهم بيوم الثلاثاء، وبعضهم بالأربعاء، وبعضهم السبت، وبعضهم بغيره، فلا يتزوجون في هذه الأيام، ولا يعقدون الصفقات فيها، وبعضهم يتشاءم بأماكن معينة، ويتشاءم بعضهم بأشخاص معينين، إلى غير ذلك من اعتقادات الجاهلية التي لا تزال قائمة في أذهان بعض الناس، وتؤثر فيهم تأثيرا كبيرا.

 

وهذا كله قد أبطله الإسلام، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر" [البخاري:5316، مسلم:5920].

 

وقوله: "لا عدوى" نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض تعد بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله -عز وجل- لها.

 

"ولا هامة" الهامة هي البومة، وهو نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية أنها إذا وقعت على بيت أحدهم تشاءم، وقال: "نعت إلي نفسي، أو نعت إليه أحدا من أهل داري" فيعتقد أنه سيموت أو أن بعض أهل داره سيموت تشاؤما بهذا الطائر.

 

وقد كان التشاؤم كثيرا عند أهل الجاهلية، كان أحدهم إذا أراد أن يخرج إلى سفر فرأى طائرا تشاءم أو تفاءل به، إن رآه ذات اليمين تفاءل واستمر في سفره، وإن رآه ذات الشمال تشاءم ورجع عن السفر، وبعضهم إذا خرج فوجد قابله رجل أعور تشاءم وترك السفر، وهكذا نجد أن اعتقادات الجاهلية في هذا الأمر كثيرة، فأبطل هذا كله الإسلام.

 

وقوله: "ولا صفر" المقصود به شهر صفر فقد كان أهل الجاهلية يتشاءمون به ويقولون: إنه شهر مشؤوم، فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الاعتقاد، وبين أنه لا تأثير له، وأنه زمن كسائر الأزمنة، ووقت كسائر الأوقات التي جعلها الله -تعالى- فرصة للأعمال الصالحة.

 

عباد الله: إن الخير والشر، والنعم والمصائب، كلها بقضاء الله وقدره، كما قال ربنا -عز وجل-: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا) [الحديد:22].

 

ويقول سبحانه: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا) [النساء:78].

 

فكل من عند الله -عز وجل- ما يصيب الإنسان إنما هو بقضاء الله -تعالى- وقدره، والله -سبحانه- يخلق ما يشاء ويختار، ما يصيب العباد من الشرور والعقوبات، فإن الله -سبحانه- قد قدره عليهم بسبب ذنوبهم ومعاصيهم: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى:30].

 

وليس للمخلوق يد في تقديره وإيجاده، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف" [الترمذي:2516، أحمد:2669، وقال الألباني: صحيح].

 

ولكن هذا لا ينافي أن الله -تعالى- يجعل بعض مخلوقاته سببا للخير أو الشر، لكن ليست الأسباب هي التي تُحدث هذه الأمور، وإنما ذلك راجع إلى مسبب الأسباب، وهو الله -عز وجل- ومطلوب من العبد أن يتعاطى أسباب الخير، وأن يجتنب أسباب الشر، يقول ربنا -عز وجل-: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:195].

 

قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "أما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره فغير صحيح، وإنما الزمان كله خلق لله -تعالى- وفيه تقع أفعال بني آدم، فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو شؤم عليه، فالشؤم حقيقة إنما هو في معصية الله -عز وجل-، فالمعاصي والذنوب تسخط الله -عز وجل-، وإذا سخط الله -تعالى- على عبده شقي في الدنيا والآخرة، كما أن الطاعات ترضي الله -سبحانه-، وإذا رضي الله -تعالى- على عبده سعد في الدنيا والآخرة، والعاصي مشؤوم على نفسه وعلى غيره، فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس، خصوصا من لم ينكر عمله فالبعد عنه مطلوب، وكذلك أماكن المعاصي يتعين البعد عنها والهرب منها خشية نزول العذاب، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه لما مر على ديار ثمود بالحجر: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم" [البخاري:423]. فهجر أماكن المعاصي. وهذا من الأمور المطلوبة أن تهجر هذه الأماكن، وأن يهجر العصاة المأمورون بهجرهم فإن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، فالذنوب شؤم على أصحابها، الذنوب مشؤومة، وعقوبتها أليمة: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى:30].

 

فاتقوا الله -عباد الله- واعمروا بيوتكم وأوقاتكم بطاعة الله -عز وجل-، وتعلقوا بالله -سبحانه وتعالى-.

 

إن التشاؤم والطيرة إنما تكون من أناس ضعف عندهم التوكل على الله -عز وجل-، وضعف الإيمان في قلوبهم، وإلا فالمؤمن المتوكل على الله -سبحانه- لا يلتفت إلى هذه الأمور، ويعتقد أن البركة والخير في طاعة الله، وأن الشؤم في معصية الله -عز وجل-.

 

عباد الله: وإن التشاؤم في أزمنة معينة، وأمكنة معينة، وأشخاص معينين، دليل على الجهل المطبق لهذا الإنسان المتشائم، وإلا فهذه مخلوقات لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا؛ فكيف تؤثر على الآخرين؟ لكن هذا من أمور الجاهلية والتي هي مع الأسف لا تزال باقية لدى بعض الناس، ومثل ذلك أيضا: سب الدهر أو سب أجزاء من الدهر، فإن هذا قد نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عليه الصلاة والسلام: "قال الله -تعالى-: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار" [البخاري:6937، مسلم:6000].

 

وفي رواية: "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر" [مسلم:6003] أي أن الله -سبحانه- هو الذي يقلب الدهر، ويقلب الليل والنهار، وذلك أن العرب كان من شأنها أنها تسب الدهر عند النوازل، وينسبون إليه ما يصيبهم من المكاره والمصائب، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، ويسبون هذا الدهر ويشتمونه.

 

فمن سب الدهر هو في الحقيقة قد سب من بيده الدهر مقلب الليل والنهار، وكان مرجع السب إلى الله -سبحانه وتعالى-؛ إذ هو الفاعل في الحق، وما يجري في الدهر من خير أو شر فهو بإرادة الله -عز وجل-، الخير تفضل من الله، والشر بسبب ذنوب العباد ومعاصيهم.

 

بعض الناس عندما يضيق يسب هذا اليوم أو يسب هذا الشهر أو يسب هذه الساعة أو يسب هذا الزمن، وهذا من سب الدهر الذي قد ورد النهي عنه، فعلى المسلم أن يجتنب هذا السب، أن يجتنب السب عموما، وأن يجتنب سب الدهر على وجه الخصوص، فإن من سب الدهر فإنه قد سب الله -عز وجل-: "قال الله -تعالى- يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار" [البخاري:6937، مسلم:6000].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [النساء:78-79].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.

 

أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

 

عباد الله: إن العبد كلما قوي توكله على الله -عز وجل- كلما ابتعد عن الطيرة وعن التشاؤم، وعن التعلق بهذه الأمور التي هي من أفعال أهل الجاهلية.

 

وقد ذكر الله -تعالى- الطيرة والتطير عن الأمم السابقة التي كذبت رسلها، فذكر الله -تعالى- عن قوم فرعون: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ) [الأعراف: 131] (يَطَّيَّرُوا) أي يتشاءموا بموسى ومن معه.

 

وكذلك أيضا ثمود تطيروا بنبيهم صالح: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) [النمل:47].

 

كذلك مشركو العرب تطيروا بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، كما قال الله عنهم: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) [النساء:78] فرد الله -تعالى-: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا) [النساء:78].

 

فهذا ذكره الله -تعالى- عن الأمم السابقة، وكان موجودا وشائعا عند العرب في الجاهلية، والعجيب أنه الآن منتشر خاصة لدى المجتمعات والشعوب التي يقل فيها نور الوحي والنبوة، فتعظم هذه الأمور وتقوى هذه الأمور لديهم، حتى الأمم التي تدعي أنها متحضرة، وأن لديها تقدم مادي كبير نجد أن هذه الأمور لا زالت تضرب بأطنابها في تلك الشعوب، فالغرب عندهم التشاؤم على قدر كبير، والعجب أنهم يتشاءمون بأمور لا يصدق العاقل أنه يتشاءم منها، حتى إنهم ليتشاءمون بالأرقام، وإذا ركبت طائرة كثير من الطائرات الأجنبية، والتي تكون من هذه الأمم، تجد أنهم في مقاعد الطائرة عندما يضعون الأرقام يضعون أرقاما من واحد إلى عشرة، ثم إحدى عشر، ثم اثنا عشر، ثم يقفزون إلى أربعة عشر، فلا يضعون الرقم الرابع عشر، وفي العمارات عندهم والأبنية عندما يكون هناك مصعد يضعون أرقام المصاعد، فإذا وصلوا إلى الرقم ثلاثة عشر قفزوا من الثاني عشر إلى الرابع عشر، كل ذلك تشاؤم برقم من الأرقام، وهذا أمر عجيب! الرقم هو مجرد، رقم ليس له علاقة بما يقدره الله -عز وجل- في هذا الكون، ولكن هذا يدل على الجهل المطبق، وعلى أن هذه الأمور منتشرة وشائعة بتلك الأمم، فإذا كان التشاؤم إذا كان التشاؤم عندهم من مجرد رقم؛ فكيف بغيره من الأمور؟ كيف بسائر الأزمنة والأماكن؟

 

فإذا قل الإيمان بالله -عز وجل-، ونور الوحي والنبوة، فإن هذه الأمور تشيع وتنتشر لدى هذه الأمم التي تدعي أنها متحضرة، حتى فيما يعتقدون من الألعاب العالمية يأتون بحيوانات ويتشاءمون بها، فإن فعل هذا الحيوان كذا اعتقدوا أنه سيفوز الفريق الفلاني، وإذا فعل الحيوان كذا اعتقدوا بأنه سينهزم.

 

وسبحان الله! هذه أمور الجاهلية، ولكن هذه الأمم تفعل ما كانت تفعله الأمم السابقة، وما كان يفعله أهل الجاهلية وهؤلاء بعيدين عن نور الوحي والنبوة.

 

ولكن العجب أن يفعل ذلك المسلمون، أن يفعل ذلك بعض أبناء المسلمين، وأن تكون هذه الأمور مؤثرة في حياتهم وشائعة لديهم، وهم يسمعون ويقرؤون النصوص من الكتاب والسنة، والتي تبين أن هذه الأمور لا أثر لها مطلقا فيما يقضيه الله -عز وجل- ويقدره، وأن الخير كل الخير، والفأل في طاعة الله -عز وجل-، وأن الشؤم كل الشؤم في معصية الله -سبحانه-، وأن الطاعات هي سبب لحلول البركات: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) [الأعراف:96].

 

وأن المعصية هي سبب للشؤم على العاصي نفسه، وعلى من يصحبه، وعلى الأماكن التي يكون فيها لا يؤمن من نزول عقوبة عليه، فتعم من كان معه.

 

هذا هو اعتقاد أهل الإسلام أنه لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وأن  الأمور كلها بتقدير الله -عز وجل-، وأن هذه الأمور التي لا تزال تضرب أطنابها في تلك الشعوب أنها لا قيمة لها ولا حقيقة لها، وأنها من أفعال أهل الجاهلية.

 

فاتقوا الله -عباد الله- واحذروا من هذه الأمور، واحذروا من التشاؤم بأي شيء، بزمان أو مكان أو بصوت أو بشخص أو بأي شيء، وتعلقوا بالله -عز وجل-، علقوا قلوبكم بالله -سبحانه-، وكلما كان المسلم أقوى إيمانا، وأعظم توكلا على الله -عز وجل-، لم يلتفت لهذه الاعتقادات، لم يلتفت لهذه الأمور، إنما هذه الأمور تؤثر كثيرا على من ضعف إيمانه بالله -عز وجل-، وضعف توكله على الله -سبحانه-، وضعف تعلقه بالله -عز وجل-، فتؤثر عليه هذه الأمور، وهذه الأمور وإن كانت -ولله الحمد- ليست شائعة، ولا منتشرة في مجتمعنا، إلا أنها موجودة، بلغني أن بعض الناس لا يتزوج في أوقات معينة، ويرفضون الزواج نهائيا، وأن بعض التجار يرفضون السفر، وعقد الصفقات في أوقات معينة، هذا واقع موجود ولهذا فلابد من التواصي على الإنكار على هؤلاء، وتبيان أن هذه أوقات قدرها الله -عز وجل- تملأ بالخير والشر، فإن ملأها الإنسان بطاعة الله كانت خيرا عليه، وإن ملأها بمعصية الله -تعالى- كان شرا وشؤما عليه، فالخير والبركة في الطاعة، والشؤم إنما هو في المعصية، وأما أن هذا الزمن له تأثير في القضاء والقدر، فهذا أمر غير صحيح غير معقول عقلا وغير صحيح شرعا.

 

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير، فقد أمركم الله بذلك قال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن صحابته أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارض عنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

 

اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين، اللهم أذل النفاق والمنافقين، اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل تدبيره تدميرا عليه يا قوي يا عزيز يا حي يا قيوم.

 

اللهم أدم علينا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء ورغد العيش والوحدة واجتماع الكلمة، واجعلها عونا لنا على طاعتك ومرضاتك، واجعلنا لنعمك وآلائك شاكرين.

 

اللهم أعنا على شكرك وعلى ذكرك وعلى حسن عبادتك، اللهم وفقنا لئن نعبدك، وأن نطيعك كما تحب وترضى، وأن نحمدك وأن نشكرك كما تحب وترضى.

 

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

 

اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.

 

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك، والعمل بكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

اللهم وفق إمامنا ونائبيه وإخوانه وأعوانه لما تحب وترضى، ولما فيه الخير للإسلام وعز المسلمين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.

 

اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.

 

اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

المرفقات

والطيرة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات