من أسباب النجاح

عبدالله بن عياش هاشم

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ توكل الأنبياء على الله وأخذهم بالأسباب 2/ مرتكزات النجاح وأسبابه 3/ أسباب نجاح الطلاب 4/ وقاية الأبناء

اقتباس

عباد الله: للنجاح في أي عملٍ عناصر ثلاث يرتكز عليها: حُسْنُ التوكل على الله، تفويض الأمر إليه، وأنه لن يكون إلا ما كتبه الله وقدَّرَه. وصِدْقُ الاستعانة بالله والالتجاء إليه، ودعاءه بتضرع وتذلل وخضوع وصدق. وبَذْلُ الوُسْعِ في أسبابه.

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

 

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ -تعالى-، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

 

ففي صحيح مسلم من حديث عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: "اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ" فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ" [رواه مسلم].

 

يقين صادق من الصديق -رضي الله عنه- بموعود الله -تعالى-، ليس بأكثر من يقين الحبيب -صلى الله عليه وسلم- وتوكله عليه، لكن النصر والنجاح، لا يأتي إلا بأخذ أسبابه مع الاستعانة بالله والالتجاء إليه، مع التوكل على الله.

 

وخليل الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يُؤْمَر بأن يُخَلِّف ولده بواد موحش لا زرع فيه ولا ماء، ولا إنس، فينصاع لأمر ربه، ويأخذ بأسباب النجاة له فيلتجئ إلى القادر على كل شيء، وقد سلَّم أمره لله وتوكَّل عليه: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم: 37].

 

عباد الله: للنجاح في أي عملٍ عناصر ثلاث يرتكز عليها:

 

• حُسْنُ التوكل على الله، تفويض الأمر إليه، وأنه لن يكون إلا ما كتبه الله وقدَّرَه.

 

• وصِدْقُ الاستعانة بالله والالتجاء إليه، ودعاءه بتضرع وتذلل وخضوع وصدق.

 

• وبَذْلُ الوُسْعِ في أسبابه.

 

وإن وصيتنا لأبنائنا وبناتنا وهم يستقبلون أيام الاختبارات، بأن لا يغفلوا عن أسباب النجاح وعناصره الثلاثة.

 

فحسن التوكل على الله يجعل الطالب يراجع دروسه في هِمَّة ونشاط، يزرع في نفسه الطمأنينة والرغبة في التفوق لا مجرد النجاح، ويزيل عنه هواجس الخوف والرهبة من الاختبار.

 

وصدق الالتجاء إلى الله يقوي عزيمته، ويشحذ هِمتَه، ويزيده يقينًا بأنَّ الله -تعالى- لا يخيِّب مسعاه، فتطمئن نفسه، ويسكن فؤاده.

 

وبَذْلُ الوُسْع في الاستذكار والمراجعة، لا يعني أن يُرهقَ الطالب نفسَه، ويُجْهِد جسَدَه، إن بذل الوُسْع يعني تنظيم الطالب وقته، والجِدِّيَّة في مراجعة دروسه، وجودة الاستذكار، مع مراعاة الحاجة للغذاء والراحة والترويح، وأفضل ترويح للنفس الخشوع في الصلاة، وأداء الفروض في المساجد.

 

ويجب على الطالب: أن يجتنب أسباب الإجهاد، وتعاطي المنبهات، فإنها من أعظم أسباب الفشل وضياع الجهود.

 

وعلى الآباء والأمهات: تهيئة الأجواء النفسية والمادية المناسبة لأبنائهم، مع متابعتهم ومعاونتهم، وحفظ أوقاتهم.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

 

فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ: (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ) [البقرة: 223].

 

أما بعد:

 

فإن الله -تعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].

 

ومن وقاية الأبناء: مراعاة عودتهم إلى بيوتهم بعد انتهاء الاختبار يوميا، ليأخذ قسطًا من الراحة ويستعد لامتحان اليوم التالي، ولتجنبيهم كثيرًا من المنزَلَقات التي تكون بسبب بقائهم حول المدارس.

 

فاتقوا الله -عباد الله-، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الحبيب المصطفى، والنبيِّ المجتبى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

اللهم إنا نسألك التوفيق لأبنائنا في كافة مراحلهم، اللهم أعنهم وسددهم، ويسر أمرهم، واكتب لهم النجاح ينفعون أمتهم.

 

اللهم من حضر معنا في جمعتنا هذه، اللهم بارك له في علمه وعمره وعمله، وبارك له في صحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعل يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.

 

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، واجعل بلدنا هذا آمنًا مطْمئنَا وسار بلاد المسلمين.

 

الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ.

 

الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، واحفظ اللهم جندنا المرابطين في الثغور، وأيِّدهم وانصرهم على عدوهم، ورُدَّهم لأهليهم سالمين غانمين.

 

الَّلهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَواصِيهم لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُم سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، اللهم وفق لهم وزراء حق وعدل وخير وصلاح يرشدونه للخير ويعينونه عليه.

 

اللهم إنا نعوذ بك من البلاء والغلاء، وسيء الأدواء.

 

 

المرفقات

أسباب النجاح

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات