التعليم ونهضة الأمة (1) التجربة النورية

الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ العلم الشرعي هو القوة الحقيقية للأمة المسلمة 2/ تجربة للنهوض بالتعليم في القرن السادس الهجري 3/ تأملات في أسباب إنشاء دار الحديث النورية 4/ جهود نور الدين محمود في نشر العلم الشرعي 5/ الحث على نشر العلم الشرعي 6/ الخائفون من انتشار العلوم الشرعية 7/ التحذير من الداعين لتجفيف منابع العلم.

اقتباس

وَفِي المَدَارِسِ الَّتِي أَسَّسَهَا نُورُ الدِّينِ، وَنَشَرَهَا فِي طُولِ الشَّامِ وَعَرْضِهَا تَرَبَّى جِيلٌ مُتَعَلِّمٌ يَنْهَضُ بِالْأُمَّةِ مِنْ تَخَلُّفِهَا، وَيَنْحَازُ إِلَى قَضَايَاهَا، وَيُدْرِكُ مَرَامِيَ أَعْدَائِهَا، وَلَا يُخْدَعُ بِوُعُودِ مُنَافِقِيهَا، وَيُقَدِّمُ مَصَالِحَ أُمَّتِهِ عَلَى مَصَالِحهِ؛ فَلَا يَغْدِرُ وَلَا يَكْذِبُ وَلَا يَسْرِقُ وَلَا يَخُونُ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ عَلَى عَمَلٍ أَدَّاهُ كَمَا يَنْبَغِي مُرَاقِبًا اللهَ -تَعَالَى- قَبْلَ أَنْ يُرَاقِبَ السُّلْطَةَ، خَائِفًا مِنْهُ –سُبْحَانَهُ- لَا مِنَ الْبَشَرِ. فَوَقَفَ ذَلِكَ الْجِيلُ فِي سَاحَاتِ الْوَغَى قُبَالَةَ الْبَاطِنِيِّينَ حَتَّى أَسْقَطَ الدَّوْلَةَ الْعُبَيْدِيَّةَ الْبَاطِنِيَّةَ الَّتِي رَزَحَ المُسْلِمُونَ تَحْتَ نَارِ حُكْمِهَا الْجَائِرِ الْفَاسِدِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ إِلَّا قَلِيلًا...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الْحَمْدُ لِلَّـه الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ (عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) [الرحمن: 2 - 4] نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ.

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَفَرَّدَ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَالْكَمَالِ، وَتَنَزَّهَ عَنِ النُّظَرَاءِ وَالْأَشْبَاهِ وَالْأَمْثَالِ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَا، فَلَا رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.

 

 وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِالْقَلَمِ عَلَى شَرَفِ نُبُوَّتِهِ، وَكَمَالِ أَخْلَاقِهِ (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 1 - 4]  صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا مِنْ دِينِهِ مَا يُبَلِّغُكُمْ مَا يُرْضِيهِ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى مَا يُرْضِيهِ إِلَّا دِينُهُ، وَلَا مَعْرِفَةَ لِدِينِهِ إِلَّا بِتَعَلُّمِهِ؛ فَإِنَّ النُّبُوَّةَ غَايَةُ الْعِلْمِ وَنِهَايَتُهُ؛ إِذْ عَلَّمَ اللهُ -تَعَالَى- بِهَا الْأَنْبِيَاءَ دِينَهُمْ. وَالْعِلْمُ بِالشَّرْعِ عِلْمٌ بِآثَارِ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ أَعْلَى الْعُلُومِ وَأَزْكَاهَا.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ الْقُوَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ لِلْأُمَّةِ المُسْلِمَةِ، وَهُوَ يَقُودُ إِلَى سَائِرِ عُلُومِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ الشَّرْعِيَّ يَبْنِي المُسْلِمَ بِنَاءً صَحِيحًا، فَيَنْفَعُ صَاحِبُهُ نَفْسَهُ وَأُسْرَتَهُ وَبَلَدَهُ وَأُمَّتَهُ. وَبِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ يُغْرَسُ الْوَعْيُ فِي النَّشْءِ، وَيَقْوَى الِانْتِمَاءُ لِلْأُمَّةِ، وَتَزُولُ الْأَثَرَةُ وَحُبُّ الذَّاتِ، وَتُغَلَّبُ المَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ عَلَى المَصَالِحِ الشَّخْصِيَّةِ الضَّيِّقَةِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِاللَّـهِ -تَعَالَى- وَبِمُرَادِهِ يُصْلِحُ الْقُلُوبَ، وَإِذَا صَلَحَتِ الْقُلُوبُ صَلَحَتِ النَّوَايَا وَالتَّوَجُّهَاتُ.

 

وَمَعَ بِدَايَةِ فَتْحِ المَدَارِسِ وَالْجَامِعَاتِ لِهَذَا الْعَامِ هَذِهِ تَجْرِبَةٌ أُلْقِيهَا عَلَى مَسَامِعِكُمْ فِي نُهُوضِ الْأُمَّةِ بِالْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، بَدَأَتْ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ الْهِجْرِيِّ، وَبَقِيَ أَثَرُهَا إِلَى الْقَرْنَيْنِ السَّابِعِ وَالثَّامِنِ الْهِجْرِيَّيْنِ.

 

كَانَ حَالُ المُسْلِمِينَ آنَذَاكَ يُشْبِهُ حَالَهُمُ الْآنَ تَمَامًا؛ فَفِيهِمْ مِنَ الْفُرْقَةِ وَالْخِلَافِ وَالتَّنَاحُرِ مَا دَمِيَتْ بِهِ كُتُبُ المُؤَرِّخِينَ. وَالْبَاطِنِيُّونَ قَدْ بَسَطُوا نُفُوذَهُمْ عَلَى مِصْرَ وَبَعْضِ الشَّامِ، وَنَشَرُوا بِدَعَهُمْ وَأَظْهَرُوا شَعَائِرَهُمْ فِيهَا، وَنَكَّلُوا بِالْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ، وَنَشَرُوا الْجَهْلَ فِي النَّاسِ، وَطَمِعُوا فِي حُكْمِ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ كُلِّهِ، وَوَقْتَهَا احْتَلَّ الصَّلِيبِيُّونَ بَيْتَ المَقْدِسِ، وَأَنْشَأُوا إِمَارَاتِهِمْ فِي بَعْضِ بِلَادِ الشَّامِ، وَاسْتَمَاتُوا فِي تَطْوِيقِ المُسْلِمِينَ لِإِبَادَتِهِمْ.

 

لَقَدْ كَانَ المُسْلِمُونَ فِي غَايَةِ الِانْحِطَاطِ وَالتَّدَهْوُرِ تَحْتَ ضَرَبَاتِ الصَّلِيبِيِّينَ، وَتَمَدُّدِ الْبَاطِنِيِّينَ المُحَالِفِينَ لَهُمْ، مَعَ فُرْقَةٍ وَاخْتِلَافٍ يَقْضِي عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قُوَّتِهِمْ.

 

فَلَمَّا تَوَلَّى سَلْطَنَةَ حَلَبَ نُورُ الدِّينِ زِنْكِي وَجَّهَ هِمَّتَهُ لِرَفْعِ الظُّلْمِ، وَإِقَامَةِ الْعَدْلِ، وَنَشْرِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مُوَاجَهَةُ شُبُهَاتِ الْبَاطِنِيِّينَ إِلَّا بِالْحُجَّةِ، وَلَا حُجَّةَ بِلَا عِلْمٍ. كَمَا أَنَّ الْعِلْمَ يَحْفَظُ الْعَامَّةَ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِالشَّعَائِرِ الْبَاطِنِيَّةِ. وَالْعِلْمُ يَزِيدُ وَعْيَ النَّاسِ، وَإِذَا زَادَ وَعْيُهُمْ تَقَلَّصَ خِلَافُهُمْ وَفُرْقَتُهُمْ، وَأَدْرَكُوا حَقِيقَةَ أَعْدَائِهِمْ، فَلَا عَدُوَّ لِلْإِنْسَانِ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ؛ إِذْ هُوَ سَبَبُ كُلِّ بَلَاءٍ.

 

فَسَخَّرَ نُورُ الدِّينِ كُلَّ إِمْكَانِيَّاتِ دَوْلَتِهِ لِنَشْرِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وَأَنْشَأَ المَدَارِسَ، وَأَوْقَفَ عَلَيْهَا الْأَوْقَافَ، وَجَلَبَ الْعُلَمَاءَ مِنْ كَافَّةِ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَى دَارًا لِلْحَدِيثِ فِي الْإِسْلَامِ سُمِّيَتْ (دَارَ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةَ) أَرَادَ بِهَا إِنْشَاءَ جِيلٍ يَعْرِفُ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ؛ لِيَكُونَ أَقْدَرَ عَلَى مُوَاجَهَةِ الْبِدَعِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَفَتَحَ عَشَرَاتِ المَدَارِسِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَدَارِسَ لِلْعُلُومِ الْهَنْدَسِيَّةِ، وَمُسْتَشْفَيَاتٍ لِتَطْبِيبِ المَرْضَى وَلِتَدْرِيسِ الطِّبِّ، أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ جُبَيْرٍ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى الشَّامِ.

 

وَكَانَ مِنْ أَسَاسَاتِ هَذِهِ المَدَارِسِ المُتَنَوِّعَةِ غَرْسُ الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ لِمُوَاجَهَةِ الْعَقَائِدِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَإِقَامَةِ الشَّعَائِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِلْقَضَاءِ عَلَى الشَّعَائِرِ الْبِدْعِيَّةِ. وَجَعَلَ مِنْ مُهِمَّاتِ التَّعْلِيمِ حِفْظَ الْقُرْآنِ وَفَهْمَهُ، فَأَوْقَفَ أَوْقَافًا عَظِيمَةً عَلَى الْقُرْآنِ وَحُفَّاظِهِ وَمُعَلِّمِيهِ، فَاتَّسَعَ حِفْظُ الْقُرْآنِ فِي النَّاسِ، وَكَثُرَ الْحُفَّاظُ فِي دَوْلَتِهِ، وَشَجَّعَ الْأَيْتَامَ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ بِأَوْقَافٍ خَصَّهُمْ بِهَا. وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى تَعْلِيمِ الْعِلْمِ، وَتَحْفِيظِ الْقُرْآنِ بِسَخَاءٍ بَالِغٍ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى نَقْصِ المَوَارِدِ بِسَبَبِ ذَلِكَ.

 

وَلمَّا كَلَّمَهُ بَعْضُ وُزَرَائِهِ فِي خَفْضِ النَّفَقَاتِ عَلَى المَدَارِسِ وَالطَّلَبَةِ وَالمُعَلِّمِينَ لِتَوْفِيرِ ذَلِكَ لِلْجُيُوشِ الَّتِي تُقَاتِلُ الصَّلِيبِيِّينَ وَالْبَاطِنِيِّينَ غَضِبَ وَقَالَ: "وَاللَّـهِ إِنِّي لَا أَرْجُو النَّصْرَ إِلَّا بِأُولَئِكَ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ، كَيْفَ أَقْطَعُ صِلَاتِ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَ عَنِّي وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي، بِسِهَامٍ لَا تُخْطِئُ، وَأَصْرِفُهَا إِلَى مَنْ لَا يُقَاتِلُ عَنِّي إِلَّا إِذَا رَآنِي بِسِهَامٍ قَدْ تُصِيبُ وَقَدْ تُخْطِئُ؟ وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ لَهُمْ نَصِيبٌ فِي بَيْتِ المَالِ، كَيْفَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ غَيْرَهُمْ؟".

 

وَكَانَ يَهْدِفُ بِمَا قَامَ بِهِ مِنْ نَهْضَةٍ عِلْمِيَّةٍ إِلَى تَرْبِيَةِ النَّاسِ عَلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَإِزَالَةِ الْجَهْلِ بِالْعِلْمِ، وَالْبِدْعَةِ بِالسُّنَّةِ. يَقُولُ أَبُو شَامَةَ المَقْدِسِيُّ وَهُوَ مِنْ نِتَاجِ النَّهْضَةِ الْعِلْمِيَّةِ آنَذَاكَ: "وَأَمَّا فِكْرُهُ فَفِي إِظْهَارِ شَعَارِ الْإِسْلَامِ، وَتَأْسِيسِ قَاعِدَةِ الدِّينِ مِنْ بِنَاءِ الرُّبُطِ وَالمَدَارِسِ وَالمَسَاجِدِ، حَتَّى إِنَّ بِلَادَ الشَّامِ كَانَتْ خَالِيَةً مِنَ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، وَفِي زَمَانِهِ صَارَتْ مَقَرًّا لِلْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ؛ لِصَرْفِ هِمَّتِهِ إِلَى بِنَاءِ الْمدَارِسِ وَالرُّبُطِ، وَتَرْتِيبِ أُمُورِهِمْ، وَالنَّاسُ آمِنُونَ عَلَى أَمْوَالِهمْ".

 

كَانَ يَرَى أَنَّ النَّهْضَةَ الْعِلْمِيَّةَ تَضْبِطُ سُلُوكَ النَّاسِ وَتَصَرُّفَاتِهِمْ، وَيَرَى أَنَّ التَّقْلِيدَ الْأَعْمَى هُوَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى جُمُودِ الْعَقْلِ فَيَقَعُ ضَحِيَّةً لِلتَّعَصُّبِ وَالْبِدْعَةِ، وَيَجْنَحُ إِلَى الْغُلُوِّ وَالتَّشَدُّدِ، وَلمَّا شَكَى إِلَيْهِ بَعْضُ وُلَاتِهِ أَنَّ اللُّصُوصَ وَقُطَّاعَ الطَّرِيقِ يَسْبُونَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ، وَإِثْبَاتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ صَعْبٌ فِي الْبَرَارِي، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلٍ وَصَلْبٍ بِالظَّنِّ؛ رَدَّ عَلَيْهِمْ رَدَّ الْعَالِمِ المُعَظِّمِ لِلشَّرِيعَةِ، المُتَمَسِّكِ بِالسُّنَّةِ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- خَلَقَ الْخَلْقَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَصْلَحَتِهِمْ، وَشَرَعَ لَهُمْ شَرِيعَةً وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ، وَإِنَّ مَصْلَحَتَهُمْ تَحْصُلُ فِيمَا شَرَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فِيهَا، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَى الشَّرِيعَةِ زِيَادَةً فِي الْمصْلَحَةِ لَشَرَعَهُ، فَمَا لَنَا حَاجَةٌ إِلَى زِيَادَةٍ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللهُ -تَعَالَى-".

 

وَكَانَ يُسَخِّرُ الْعِلْمَ لِجَمْعِ الْكَلِمَةِ لَا لِتَفْرِيقِهَا؛ فَيَقْضِي عَلَى أَيِّ بَوَادِرَ لِلتَّعَصُّبِ وَالْخِلَافِ، وَلمَّا مَاتَ أَحَدُ كِبَارِ الْحُفَّاظِ، وَانْقَسَمَ الْفُقَهَاءُ بَعْدَهُ إِلَى قِسْمَيْنِ، كُلُّ قِسْمٍ مِنْهُمَا يُفَضِّلُ مَنْهَجًا وَعَالِمًا لَا يَرْتَضِيهِ الْقِسْمُ الْآخَرُ، وَتَفَاقَمَ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ، اسْتَدْعَى نُورُ الدِّينِ الْفُقَهَاءَ وَجَمَعَهُمْ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مَنْ يَقُولُ لَهُمْ:  "نَحْنُ مَا أَرَدْنَا بِبِنَاءِ الْمدَارِسِ إِلَّا نَشْرَ الْعِلْمِ، وَدَحْضَ الْبِدَعِ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ، وَإِظْهَارَ الدِّينِ، وَهَذَا الَّذِي جَرَى بَيْنكُمْ لَا يَحْسُنُ وَلَا يَلِيقُ" اهـ.

 

فَكُلُّ عِلْمٍ يُفَرِّقُ المُتَعَلِّمِينَ، وَيُؤَدِّي بِهِمْ إِلَى التَّعَصُّبِ المَذْمُومِ، وَالْغُلُوِّ المَرْذُولِ؛ فَهُوَ عِلْمٌ مَدْخُولُ النِّيَّةِ، وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يُسَخِّرُه الْجُهَّالُ فِي نَشْرِ الْفُرْقَةِ وَالْخِلَافِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ. وَإِلَّا فَإِنَّ المُتَمَسِّكِينَ بِالسُّنَّةِ يَهْدُونَ إِلَى الْحَقِّ، وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ.

 

وَفِي هَذَا الْجَوِّ الْعِلْمِيِّ الَّذِي هَبَّ مِنْ حَلَبَ إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ يَأْنَفُ مِنَ الْجَهْلِ، وَيَسْتَحْيِي أَنْ يَكُونَ فِي عِدَادِ الْجَاهِلِينَ.

 

وَفِي المَدَارِسِ الَّتِي أَسَّسَهَا نُورُ الدِّينِ، وَنَشَرَهَا فِي طُولِ الشَّامِ وَعَرْضِهَا تَرَبَّى جِيلٌ مُتَعَلِّمٌ يَنْهَضُ بِالْأُمَّةِ مِنْ تَخَلُّفِهَا، وَيَنْحَازُ إِلَى قَضَايَاهَا، وَيُدْرِكُ مَرَامِيَ أَعْدَائِهَا، وَلَا يُخْدَعُ بِوُعُودِ مُنَافِقِيهَا، وَيُقَدِّمُ مَصَالِحَ أُمَّتِهِ عَلَى مَصَالِحهِ؛ فَلَا يَغْدِرُ وَلَا يَكْذِبُ وَلَا يَسْرِقُ وَلَا يَخُونُ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ عَلَى عَمَلٍ أَدَّاهُ كَمَا يَنْبَغِي مُرَاقِبًا اللهَ -تَعَالَى- قَبْلَ أَنْ يُرَاقِبَ السُّلْطَةَ، خَائِفًا مِنْهُ –سُبْحَانَهُ- لَا مِنَ الْبَشَرِ.

 

فَوَقَفَ ذَلِكَ الْجِيلُ فِي سَاحَاتِ الْوَغَى قُبَالَةَ الْبَاطِنِيِّينَ حَتَّى أَسْقَطَ الدَّوْلَةَ الْعُبَيْدِيَّةَ الْبَاطِنِيَّةَ الَّتِي رَزَحَ المُسْلِمُونَ تَحْتَ نَارِ حُكْمِهَا الْجَائِرِ الْفَاسِدِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ إِلَّا قَلِيلًا. وَكَتَبَ نُورُ الدِّينِ بِكِتَابٍ يُبَشِّرُ المُسْلِمِينَ قَائِلًا: "الْحَمْدُ لِلَّـهِ مُعْلِي الْحَقِّ وَمُعْلِنِهِ، وَمُوهِي الْبَاطِلِ وَمُوهِنِهِ.."، إِلَى أَنْ قَالَ: "وَتَمَهَّدَتْ جَوَامِعُ الْجُمَعِ، وَتَهَدَّمَتْ صَوَامِعُ الْبِدَعِ... وَطَالمَا سَرَتْ عَلَيْهَا الْحِقَبُ الْخَوَالِي، وَبَقِيَتْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً مَمْنُوَّةً بِدَعْوَةِ المُبْطِلِينَ، مَمْلُوءَةً بِحِزْبِ الشَّيَاطِينِ. فَمَلَّكَنَا اللهُ تِلْكَ الْبِلَادَ، وَمَكَّنَ لَنَا فِي الْأَرْضِ، وَأَقْدَرَنَا عَلَى مَا كُنَّا نُؤَمِّلُهُ مِنْ إِزَالَةِ الْإِلْحَادِ وَالرَّفْضِ".اهـ.

 

وَوَقَفَ ذَلِكُمُ الْجِيلُ الَّذِي تَرَبَّى عَلَى الْعِلْمِ فِي المَدَارِسِ النُّورِيَّةِ ضِدَّ المَدِّ الصَّلِيبِيِّ حَتَّى أَوْقَفَ زَحْفَهُ، ثُمَّ كَسَرَهُ فِي غَيْرِ مَوْقِعَةٍ، ثُمَّ طَهَّرَ بِلَادَ مِصْرَ وَالشَّامِ مِنَ الصَّلِيبِيِّينَ بَعْدَ مِئَتَيْ سَنَةٍ مِنْ غَزْوِهِمْ، فَلَمْ يَبْقَ فِيهَا بَاطِنِيٌّ وَلَا صَلِيبِيٌّ، وَنَعِمَتْ مِصْرُ وَالشَّامُ بِأَنْوَارِ السُّنَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ.

 

وَفِي رَدِّ الشُّبُهَاتِ عَنِ الْإِسْلَامِ انْبَرَى النُّجَبَاءُ مِنْ تِلْكَ المَدَارِسِ لِكُلِّ صَاحِبِ نِحْلَةٍ وَمِلَّةٍ يَطْعَنُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْإِسْلَامِ فَكَسَرُوا حُجَّتَهُ، وَأَظْهَرُوا تَهَافُتَ طَعْنِهِ، وَحَفِظَ اللهُ -تَعَالَى- بِرُدُودِهِمْ جُمْهُورَ المُسْلِمِينَ مِنَ الْغُرُورِ بِالشُّبُهَاتِ. وَمَا جِيلُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَتَلَامِذَتِهِ الْعُظَمَاءِ النُّجَبَاءِ: ابْنِ الْقَيِّمِ وَابْنِ رَجَبٍ وَابْنِ مُفْلِحٍ وَابْنِ كَثِيرٍ وَالذَّهَبِيِّ إِلَّا مِنْ ثَمَرَاتِ المَدَارِسِ النُّورِيَّةِ الَّتِي ظَلَّ أَثَرُهَا بَعْدَ مَوْتِ مُؤَسِّسِهَا بِقُرُونٍ.

 

ذَلِكُمْ هُوَ بَعْضٌ مِنْ أَثَرِ المَدَارِسِ فِي ذَلِكُمُ الْجِيلِ؛ فَبِالْعِلْمِ تَغَلَّبُوا عَلَى الثَّالُوثِ المُهْلِكِ: الزَّحْفِ الصَّلِيبِيِّ، وَالتَّطْوِيقِ الْبَاطِنِيِّ، وَأَدْوَاءِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ.

 

وَمَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالْبَارِحَةِ؛ فَالمُسْلِمُونَ يُعَانُونَ مِنْ هَذَا الثَّالُوثِ المُهْلِكِ فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَلَا طَرِيقَ لِنَجَاتِهِمْ إِلَّا بِمُرَاجَعَةِ دِينِهِمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِتَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَبَثِّ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي النَّاسِ، وَتَرْبِيَةِ النَّشْءِ عَلَيْهِ؛ ذَلِكَ أَنَّ الْعَدُوَّ لَا يَتَمَكَّنُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ. وَالْفُرْقَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِسَبَبِ الْهَوَى الَّذِي سَبَبَهُ الْجَهْلُ وَإِعْجَابُ الْجَاهِلِ بِرَأْيِهِ.

 

وَكُلُّنَا أَمَلٌ أَنْ يَسْتَفِيدَ الْقَائِمُونَ عَلَى سِيَاسَةِ التَّعْلِيمِ، وَرَاسِمُو خُطَطِهِ وَمَنَاهِجِهِ، وَالمُعَلِّمُونَ وَالمُعَلِّمَاتُ، وَالطُّلَّابُ وَالطَّالِبَاتُ مِنْ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ النُّورِيَّةِ الْفَرِيدَةِ الَّتِي انْتَشَلَتِ الْأُمَّةَ مِنْ ضَعْفِهَا وَهَوَانِهَا وَتَفَرُّقِهَا فَعَزَّتْ وَانْتَصَرَتْ، وَقَضَتْ عَلَى أَخْطَرِ ثَالُوثٍ ابْتُلِيَتْ بِهِ الْأُمَّةُ فِي هَذَا الْعَصْرِ.

 

نَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَدْرَأَ عَنَّا وَعَنِ المُسْلِمِينَ شَرَّ الْأَشْرَارِ، وَكَيْدَ الْفُجَّارِ، وَمَكْرَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ...

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ الَّذِي تَنَزَّلَ فِي الْقُرْآنِ، وَنُبِّئَ نَبِيُّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِـ(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق: 1 - 5].

 

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: لَا يَخَافُ مِنَ انْتِشَارِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ فِي الْأُمَّةِ المُسْلِمَةِ، وَلَا يَكْرَهُ كَثْرَةَ الْعُلَمَاءِ وَالْحُفَّاظِ فِيهَا إِلَّا كَافِرٌ يُزْمِعُ حَرْبَهَا، أَوْ مُنَافِقٌ يَكْرَهُ عِزَّهَا وَمَجْدَهَا؛ فَعِزُّهَا فِي دِينِهَا، وَدِينُهَا فِي كِتَابِهَا وَسُنَّةِ نَبِيِّهَا -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَلَا فَهْمَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَّا بِحِفْظِهِمَا وَالْعْمَلِ بِهِمَا وَتَدْرِيسِهِمَا وَنَشْرِهِمَا.

 

إِنَّ حِفْظَ الْقُرْآنِ وَتَحْفِيظَهُ، وَتَعَلُّمَ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمَهُ لَا خَوْفَ مِنْهُمَا، بَلِ الْخَوْفُ كُلُّ الْخَوْفِ مِنَ الْجَهْلِ، فَمَا اسْتُبِيحَتْ أُمَّةٌ إِلَّا بِجَهْلِهَا.

 

إِنَّ الْعِلْمَ دَافِعٌ لِلْعَمَلِ، وَهُوَ مَعَ الْإِيمَانِ وَالْخَشْيَةِ يَضْبِطَانِ الْعَمَلَ، وَالْإِيمَانُ وَالْخَشْيَةُ يَكْتَمِلَانِ بِالْعِلْمِ (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) [فاطر: 28]، فَإِذَا مُلِئَتِ الْقُلُوبُ بِالْعِلْمِ زَادَتِ الْخَشْيَةُ وَالمُرَاقَبَةُ، فَكَانَ الْعَمَلُ لِلَّـهِ -تَعَالَى- لَا لِلْخَلْقِ، وَلَا تَنْهَضُ أُمَّةٌ إِلَّا بِإِخْلَاصِ الْعَامِلِينَ لَهَا.

 

بِالْعِلْمِ بِاللَّـهِ -تَعَالَى- تَصْلُحُ قُلُوبُ النَّاسِ، وَبِالْعِلْمِ بِمُرَادِهِ –سُبْحَانَهُ- تَصِحُّ عِبَادَاتُهُمْ وَمُعَامَلَاتُهُمْ، وَتَزْكُو أَخْلَاقُهُمْ وَسُلُوكُهُمْ، وَتَصْلُحُ أُمُورُهُمْ وَأَحْوَالُهُمْ، وَيَعْرِفُونَ حَقِيقَةَ أَعْدَائِهِمْ، فَلَا يَغُرُّنوَهُمْ وَلَا يَخْدَعُونَهُمْ.

 

بِالْعِلْمِ يُعْرَفُ تَحْقِيقُ المَنَاطَاتِ، وَتُدْرَكُ المَآلَاتُ، وَتُقَدَّرُ المَصَالِحُ وَالمَفَاسِدُ، فَلَا يَجْنَحُ بِالمُتَعَلِّمِينَ شُذُوذٌ فِي رَأْيٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُهْلِكُهُمْ وَيَزِيدُ جِرَاحَ أُمَّتِهِمْ.

 

إِنَّ إِشْرَاعَ أَبْوَابِ الْعِلْمِ عَلَى مَصَارِيعِهَا، وَبَذْلَ طَائِلِ الْأَمْوَالِ فِيهَا يُنْمِي الْعُقُولَ، وَيُوَسِّعُ المَدَارِكَ، وَيَفْتَحُ أَبْوَابَ الِاجْتِهَادِ وَالِابْتِكَارِ وَالِاسْتِنْبَاطِ وَالتَّجَارِبِ وَالتَّحْلِيلِ.

 

وَإِنَّ تَجْفِيفَ مَنَابِعِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وَتَقْلِيلَ حِفْظِ الْقُرْآنِ سَبَبٌ لِلتَّخَبُّطِ فِي الْآرَاءِ، وَالْجَهْلِ بِالمَنَاطَاتِ، وَخَفَاءِ مَآلَاتُ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، وَعَدَمِ مُرَاعَاةِ المَصَالِحِ وَالمَفَاسِدِ، فَيَنْشَأُ جِيلٌ جَاهِلٌ مُتَعَالِمٌ يَتَّبِعُ هَوَاهُ، وَيُعْجَبُ بِرَأْيِهِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَرُدَّهُ عَنْ غَيِّهِ.

 

وَلَنْ تَخْسَرَ أُمَّةٌ أَنْفَقَتْ عَلَى التَّعْلِيمِ مَا أَنْفَقَتْ إِذَا وَضَعَتِ التَّعْلِيمَ فِي أَيْدِي أَهْلِهِ الْأُمَنَاءِ؛ فَالتَّعْلِيمُ النَّاجِحُ بِضَاعَةٌ رَابِحَةٌ مَهْمَا أُنْفِقَ عَلَيْهَا.

 

أَلَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...

 

    

 

المرفقات

ونهضة الأمة (1) التجربة النورية

ونهضة الأمة (1) التجربة النورية - مشكولة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات