من فجع هذه بولدها؟

عبد الله الواكد

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ عندما يُصبح الأطفال محطَّاً للصراع بين الأبوين! 2/ طائر الحمّرة. مَن فجعها بولدها؟ 3/ الهدي النبوي في ملاطفة الصغار 4/ عدم أهلية الغليظ على الأطفال لتقلّد الأعمال 5/ قسوة الآباء على أبنائهم منافية للدين والفطرة.

اقتباس

إنهُ مِنَ المؤسفِ حقاًّ، أنْ يطالِعُنا المجتمعُ بيْنَ حينٍ وآخرَ بقصصٍ مؤسفةٍ عنْ قسوةِ الآباءِ علَى الصغارِ، وحرمانِهِم من مصدرِ الحنانِ الذي لا يجدونَهُ في الدنيا، إلا بينَ أنفاسِ هذهِ الأمِّ وفي حِجرِها، بلا مبررٍ يُعرفُ، أوْ ذنبٍ يُقترفُ، وهذَا مخالفٌ لتعاليمِ دينِنَا الحنيفِ وللفطرةِ الإنسانيةِ السويةِ، ومُنافٍ لتقاليدِنا وأعرافِ مجتمعِنَا المتراحمِ الذِي يعيشُ أفرادُهُ كأسرةٍ واحدةٍ مترابطةٍ.

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ, الْقَائِلُ: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام:54].

 

وَاشْهَدُ أن لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ، أرسله اللهُ رحمةً للعالمينَ، القائلُ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا".

 

اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.

 

أمَّا بعدُ أيها المسلمونَ: فأوصيكُمْ وإيَّايَ بتقوَى اللهِ -جل وعلا-، قَالَ -سبحانه وتعالى-: (وَتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10].

 

عبادَ اللهِ: إِنَّ الرّحمةَ هيَ سمةُ المسلمِ، وعنوانُ المؤمنِ، وطريقُ مَنْ وفقهُ اللهُ لاستحقاق رحمةِ الرحمنِ الرحيمِ سبحانه وتعالى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أهل الأرض يَرْحَمْكُمْ مَنْ في السَّمَاءِ".

 

ألا وإنَّ أوْلَى النَّاسِ برحمتِكُم أيها المسلمونَ، أولئكَ الذينَ ارتسمتْ البراءةُ على وجوهِهِم، وأقبلتْ وأدبرتْ الحَيْرةُ وقلةُ الحيلةِ في أيديهِم، أولئكَ الورودُ والرياحينُ، زينةُ الحياةِ الدنيا وجمالُها، وأُنسُها وسعادتُها،  أُنْسُ البيوتِ، وثمراتُ الأفئدةِ، ومآخذُ القلوبِ، أولئكَ الأطفالُ الصِّغارُ، الذين هُمْ بأمسِّ الحاجةِ إلَى كَنَفٍ رحيمٍ، ورعايةٍ حانيةٍ، وبشاشةٍ سمحةٍ، ووُدٍّ يسعُهُمْ، وحُلمٍ يراعِي ضعفَهُمْ؛ إنَّهُمْ بحاجةٍ إلَى قلبٍ كبيرٍ، يرحمُهُم ويُحسنُ إليهِمْ، ويرفقُ بِهمْ ويعطِفُ عليهِمْ.

 

أيها المسلمونَ: أنقلُ لكمْ صورةً مأساويةً لِما يحدِثُ في قلةٍ مِنْ هذا المجتمعِ، خلاكُمْ! وحاشا هذهِ الوجوهَ الطيبةَ هذا التصرف الوحشيّ!.

 

كلَّمَتْ إحدى الأخواتِ، تشتكي، وتبحثُ عَنْ حَلِّ لمشكلتِها، تتكلمُ تلكمُ المرأةُ الضعيفةُ المكسورةُ، وهي تبكي بكاءً مؤلماً، يمزقُ الفؤادَ، ويُدمى القلبَ.

 

طلَّقَها زوجُها لِخلافٍ بينَهُما، وأرادَ أنْ يتشفَّى منها، فلمْ يجدْ سبيلاً إلّا هؤلاءِ الأطفال، أخذَ أولادَها، ومنعَ هؤلاءِ الأطفالَ مِنْ رؤيتِها، حرمَهُم مِنْ رؤيةِ أمِّهِم، التي حملتْهُم وهْناً على وهنٍ، وأخذَ يساومُهُم على أبوَّتِهِ ونفقتِهِ ورعايتِهِ، ويهدِّدُهُم إنْ طلبوا رؤيةَ أمِّهِم. كسَرَ الخواطرَ، وجرحَ الأفئدةَ، وقرَّحَ الأكبادَ، وفجعَ هذهِ الأمَّ المسكينةَ بأولادِها.

 

عنِ ابنِ مسعودٍ -رضي الله عنه- قالَ: كنا معَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في سفرٍ، فانطلقَ لحاجتِهِ، فرأينا حُمَّرَةً معها فرخانِ، (حُمرةً: طيراً من الطيورِ)، فأخذنا فرخيْها، فجاءتْ الحمرةُ فجعلتْ تفرشُ، فجاءَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقالَ: "مَنْ فجعَ هذهِ بولدِها؟ ردوا ولدَها إليها!".

 

طيرُ حمرةٍ، رقَّ قلبُ الحبيبِ لحالِها، وأمرَ بِرَدِّ ولدِها عليها، وهذا الأبُ كأنَّ قلبَهُ صفوانٌ أصمُّ، فأيُّ قلبٍ غليظٍ ذلكَ القلبُ الرابضُ في صدرِ هذا الفظِّ الغليظِ! أيُّ عقليةٍ حقودةٍ قاتمةٍ مظلمةٍ تلكَ التي نامتْ على أُمِّ رأسِهِ! أيُّ أنانيةٍ وحبٍّ للذاتِ بلغَ بهذا العنيدِ البعيدِ عن الهدايةِ والتوفيقِ!.

 

يا لَمَرَارَة الأمرِ أيها المسلمونَ! ويا لَعَتَامَة الموقفِ أيها المؤمنونَ! حينما يكونُ هؤلاءِ الأطفالُ المساكينُ، حلبةَ عراكٍ بينَ الزوجينِ، وأدواتِ تصفيةِ حساباتٍ، ووسائلَ ضغطٍ وإذلالٍ، لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ! حينما يصلُ بالزوجِ الأمرُ إلى هذا المستوى من التفكيرِ، أطفالٌ مساكينٌ، يُحرمونَ رؤيةَ أمهِم لأشهرٍ وسنواتٍ، ليُشبِعَ هذا المعتوهُ شهوةَ كبريائِهِ، ولذةَ خُيلائِهِ، ونشوةَ تعاليهِ، وجُشاءَ تسامُقِهِ الممقوتِ، على حسابِ أطفالٍ لا حولَ لهم ولا قوةَ إلا باللهِ، على حسابِ أطفالِهِ، وفلذةِ كبدِهِ، وثمرةِ فؤادِهِ، كأنهمْ آلاتٌ وجماداتٌ، لا إحساسَ لهم، ولا شعورَ لديهم، ولا ولَهَ عندَهُم.

 

حُرموا حنانَ الأمِّ، حُرِمُوا التي لما سألَ أبو هريرةَ -رضي الله عنه-  النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ أحقُّ الناسِ بحسنِ صحبتي يا رسولَ اللهِ؟ قال: "أمُّك"، قال: ثم مَن؟ قال: "أمُّك"، قال: ثم من؟ قال: "أمُّك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك".

 

ما هو الذنبُ الذي اقترفوهُ، وما هو الخطأُ الذي ارتكبوهُ؟ تصرفاتٌ عدوانيةٌ، وتوجهاتٌ همجيةٌ، ابتُلِيَ بها قلةٌ في هذا المجتمعِ، إذا وقعَ بينَهُ وبينَ زوجتِهِ خلافٌ، أو طلَّقَها، أصبحَ هؤلاءِ الضعفةُ المغلوبونَ على أمرِهِم، أصبحَ هؤلاءِ الأطفالُ الذينَ ليسَ لهم يدٌ في زواجٍ ولا طلاقٍ ولا فراقٍ، أصبحَ حرمانُهُم منْ أُمِّهِم متنفساً لضعافِ النفوسِ، ومستراحاً لغلاظِ القلوبِ.  فأينَ الرحمةُ أيها المسلمونَ، وأينَ الشفقةُ؟.

 

رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، هوَ الأسوةُ الحسنة، هو المثلُ الأعلَى، يعاملُ الصِّغارَ بالرَّحمةِ والشَّفقةِ والرِّفقِ واللِّينِ، فعَنْ انَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "مَا رأيتُ أحدا كَانَ أرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-".

 

أينَ غابتْ تلكُمُ الرحمةُ التي أشرقَ لها الكونُ؟ وكيفَ ضاقت تلكُمُ الرحمةُ التي وسِعتْ حتى قلوبَ البهائمِ والطيورِ؟ هل صُمَّ عنها قلبُ هذا الأعوجِ الأهوجِ؟.

 

كانَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يرحمُ الأطفالَ ويراعِي أحوالَهُمْ، حتَّى وإنْ كانَ فِي صلاةٍ، فعَنْ
شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في إِحْدَى صَلاتَي الْعِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَناً أو حُسَيْناً، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلاةِ فَصَلَّى فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَي صَلاتِهِ سَجْدَةً أطالها... فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّلاةَ قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَي صَلاتِكَ سَجْدَةً أطلتَها حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ قَدْ حَدَثَ أمر، أو أنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ. قَالَ: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَني فَكَرِهْتُ أنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَاجَتَهُ".

 

 اللهُ أكبرُ أيها المسلمونَ!  الحسنُ أو الحسينُ ركبَ على ظهرِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وهو ساجدٌ، فما رفعَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ظهرَهُ حتى نزلَ الصبيُّ من نفسِهِ خشيةَ أن يسقطَ.

 

وها هوَ -بأبي هوَ وأمِّي- في موقفٍ أخرَ يرويهِ بُرَيْدَةُ بنُ الْحَصِيب -رضي الله عنه-، يقول: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ -رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا- عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أحمران، يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فأخذهما، فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: "صَدَقَ اللَّهُ! (إِنَّمَا أمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)، رأيت هَذَيْنِ فَلَمْ اصْبِرْ". ثُمَّ أخَذَ في الْخُطْبَةِ.

 

صلى عليكَ اللهُ يا علمَ الهُدى، يا مَنْ بعثكَ اللهُ رحمةً للعالمينَ.

 

اسمعوا إلى هذا الشفيقِ الرقيقِ، الرحيمِ بأمتِهِ -صلى الله عليه وسلم-، وهو يقولُ: "إِنّي لأقوم في الصَّلاةِ أُرِيدُ أنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِي، فَأتَجَوَّزُ فِي صَلاتِي كَرَاهِيَةَ أنْ أشُقَّ عَلَى أُمِّهِ".

 

صلى اللهُ عليكَ وسلمَ يا رسولَ اللهِ، يُداعبُ الصغارَ، ويُلاطفُ الأطفالَ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلاةَ الأُولَى،  ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أهله وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّي أحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، وأما أنا فَمَسَحَ خَدِّي فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا أو رِيحاً كأنما أخرجها مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ".

 

وجَاءَه أعرابي فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أوَأمْلِكُ لَكَ أنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ"، وقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلا مِنْ شَقِيّ".

 

أطفالَنا! الذي لا يرحمُ الأطفالَ أيها المسلمونَ، ولا يرحمُ أولادَهُ وبناتِهِ، ولا يمكِّنَهُم من زيارةِ أمِّهِم ورؤيتِها، ينبغي أنْ تُنزعَ منهُ الولايةُ عليهِم، لأنهُ غيرُ جديرٍ بها، وغيرُ أهلٍ لها، قالَ عمرُ بنُ الخطابِ -رضي الله عنه- بأنَّ مَنْ لا يَرحَمُ الصغارَ لا يصلحُ أنْ يتولَّى أمورَ الناسِ وشؤونَهُمْ، لأنهُ سيعاملُهُمْ بقسوةٍ وجفاءٍ، فعَنْ أبي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- رَجُلاً مِنْ بَنِي أسد عَلَى عَمَلٍ، فَجَاءَ يَأْخُذُ عَهْدَهُ. قَالَ: فَأُتِيَ عُمَرُ -رضي الله عنه- بِبَعْضِ وَلَدِهِ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: أتُقَبِّلُ هَذَا؟ مَا قَبَّلْتُ وَلَدًا قَطُّ. فَقَالَ عُمَرُ: فأنت بِالنَّاسِ أقَلُّ رَحْمَةً، هَاتِ عَهْدَنَا، لا تَعْمَلْ لِي عَمَلاً أبدا.

 

أيها المسلمونَ: رحمةُ الأطفالِ، والشفقةُ بهم، والعطفُ والحنوُّ عليهِم، وعدمُ حرمانِهِم مِنْ أمَّهاتِهِم، واجبٌ عليكُم، حتى لو كانَ بينَكَ أيها الزوجُ وبينَ زوجتِكَ مشاكل وخصوماتٌ، وحتى لو كُنتَ قدْ طلقْتَها. الخصومةُ والطلاقُ بينكَ وبينَ الزوجةِ، أما الأطفالُ، فما ذنبُ هؤلاءِ الصغارِ؟ نحنُ أهلُ دينٍ وأهلُ رسالةٍ ربانيةٍ، يجبُ أنْ نكونَ قدوةً للأممِ والشعوبِ، في تعاملِنا وتربيتِنا ورحمتِنا وشفقتِنا.

 

إنهُ مِنَ المؤسفِ حقاًّ، أنْ يطالِعُنا المجتمعُ بيْنَ حينٍ وآخرَ بقصصٍ مؤسفةٍ عنْ قسوةِ الآباءِ علَى الصغارِ، وحرمانِهِم من مصدرِ الحنانِ الذي لا يجدونَهُ في الدنيا، إلا بينَ أنفاسِ هذهِ الأمِّ وفي حِجرِها، بلا مبررٍ يُعرفُ، أوْ ذنبٍ يُقترفُ، وهذَا مخالفٌ لتعاليمِ دينِنَا الحنيفِ وللفطرةِ الإنسانيةِ السويةِ، ومُنافٍ لتقاليدِنا وأعرافِ مجتمعِنَا المتراحمِ الذِي يعيشُ أفرادُهُ كأسرةٍ واحدةٍ مترابطةٍ.

 

اللهمَّ اجعلْنَا منَ المتراحمينَ المرحومينَ برحمتِكَ يا أرحمَ الرَّاحمينَ. اللهمَّ وفِّقْنَا لطاعتِكَ وطاعةِ مَنْ أمرتَنَا بطاعتِهِ.

 

أقولُ قولِي هذَا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم فاستغفرُوهُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ, وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ أرحمُ الراحمينَ, وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ, رحمةُ اللهِ للعالمينَ, اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، ومَنْ تبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.

 

أمَّا بَعْدُ: فاتقُوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوَى، واعلمُوا أنَّ معاملةَ الأطفالِ بالرَّحمةِ والرِّفق واللِّينِ هيَ السبيلُ الأمثلُ لبناءِ الأسرةِ المترابطةِ القويَّةِ، ومجتمع يسودُهُ الحبُّ والوئامُ، وهذَا مَا دعانَا إليهِ دينُنَا الحنيفُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا كَانَ الرِّفْقُ في شَيءٍ قَطُّ إِلا زَانَهُ، وَلا عُزِلَ عَنْ شَيءٍ إِلا شَانَهُ".

 

واعلمْ -أيها الأبُ- الذي حَرمتَ أطفالَكَ من أمِّهِم، أنكَ ستُحرَمُ من بِرِّهِمْ إذا كبُرْتَ، وصرتَ في أمسِّ الحاجةِ لرعايتِهم وبرهِم وعنايتِهم، ولنْ تجدَ أُماًّ تحثُّهُم على صلةِ والدِهِم، واعلمْ أنَّ الدنيا لا تدومُ على حالٍ، وكما تدينُ تدانُ.

 

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْه، قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

 

 

 

 

المرفقات

فجع هذه بولدها؟

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات