محبة الله تعالى

محمد أسعد

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/ أصل كل حركة في الإنسان 2/ أحق من تحركت القلوب والجوارح له محبة وتعظيمًا 3/ رأس الإيمان وأساس العبودية 4/ من الذين يحبهم الله سبحانه؟ 5/ كيف ينال العبد محبة الله تعالى؟

اقتباس

إن أحق من تحركت القلوب والجوارح له محبة وتعظيمًا، إلهها وخالقها ورازقها، وجالب النفع لها ودافع الضر عنها.. فمَن غير الله ينعم على العباد كإنعامه؟ ومَن غيره تعالى يُحسن إلى العباد كإحسانه؟! مَن غيره يكشف البلوى؟! ومَن غيره يزيل الضر والأذى؟! (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ).

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله أكرم الطائعين له بمحبته، وأعلى درجاتهم في دار كرامته..  

 

أما بعد، فإن أصل كل حركة في الإنسان، محبة في قلبه وإرادة لما يتحرك إليه، ومن المحبة ما ينفع ويفيد، ومنها ما يضر ويؤذي.

 

ألا وإن أحق من تحركت القلوب والجوارح له محبة وتعظيمًا، إلهها وخالقها ورازقها، وجالب النفع لها ودافع الضر عنها.

 

مَن غير الله ينعم على العباد كإنعامه؟ ومَن غيره تعالى يُحسن إلى العباد كإحسانه؟

 

مَن غيره يكشف البلوى؟ ومَن غيره يزيل الضر والأذى؟ (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) [النحل: 53]، (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [النمل: 62].

 

محبة الله تعالى رأس الإيمان، وأساس العبودية لله جل وعلا.

أثنى الله بها على المؤمنين فقال سبحانه: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) [البقرة: 165].

 

 

من استشعر على الدوام عظيم فضل الله عليه، عظَّم الله –تعالى- ما لا يعظم أحدًا سواه.

 

من تذكر كبير منّة الله عليه، أحب الله –تعالى- ما لا يحب أحدًا غيره (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) [فاطر: 3].

 

القلب إذا أبغض شيئًا جَدَّ في الهرب منه، وإذا أحب شيئًا جد في الهرب إليه، ومن أحب الله-تعالى- أقبل عليه، وسارع في طاعته والإنابة إليه.

من أحب الله تعالى، ذكره ذكرًا كثيرًا، وسبحه بكرة وأصيلاً.

من أحب الله تعالى، أحب كلامه ما لا يحب كلام أحد سواه، وتلاه وتدبره ما لا يتلو ويتدبر كلام أحد عداه.

 

عباد الله، لا يضر العبد في محبته لله، محبته لما فطره الله على محبته؛ من مال وأهل وولد، شرط أن تكون محبتها تبعًا لمحبة الله، ووفق أمره وشرعه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المنافقون: 9]، وقال سبحانه: (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) [النور: 37].

 

عباد الله، الشأن كل الشأن، أن ينال العبد محبة الله، ومحبته -تعالى- لا تُنال إلا بطاعته، فمن أطاع الله -تعالى- أحبه الله.

 

أخبر -تعالى- بمحبته للطائعين له في الحديث القدسي فقال: "ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه".

 

أخبر -تعالى- بمحبته للتوابين والمتطهرين فقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222].

 

أخبر عن محبته للصابرين فقال: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران: 146]، وعن محبته للمتقين فقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 76]، وعن محبته للمحسنين فقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195]، وعن محبته للمتوكلين فقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159].

 

وأخبر النبي –صلى الله عليه وسلم– بمحبة الله للساعين في قضاء مصالح الناس وتفريج همومهم وكرباتهم فقال: "أحب الناس إلى الله، أنفعهم للناس" (حسن، أخرجه الطبراني).

 

ومحبته -تعالى- لا تُنال إلا بمتابعة رسوله –صلى الله عليه وسلم– ومحبته، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31].

 

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله...

 

أما بعد، فإذا أحب العبد ربه وأطاعه: أحبّه الله تعالى، وحبّبه إلى أنبيائه ورسله، والصالحين من عباده وملائكته، ففي الحديث: "إن الله -تبارك وتعالى- إذا أحب عبدًا نادى جبريل، إن الله قد أحب فلانًا فأحِبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء، إن الله قد أحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ويوضع له القبول في الأرض".

 

وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) [مريم: 96]، أي: محبة في قلوب الناس وقبولاً وتقديرًا، وكفى بمحبة الله لعبده وتحبيبه لخلقه سعادة وهناء، ورِفْعَة وسناء.

 

إذا أحب العبد ربه وأطاعه: حفظه الله، ووفقه وأعانه، واستجاب دعاءه، ففي الحديث القدسي: ".. فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه".

 

إذا أحب العبد ربه وأطاعه: رزقه حلاوة في قلبه وسرورًا، ولذة واطمئنانًا، ففي الحديث: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار".

 

اللهم حبب إلينا الإيمان، وزيّنه في قلوبنا وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان.

اللهم اجعل حبك وحب رسولك أحب إلينا من حبنا لأنفسنا وأهلينا والناس أجمعين.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك، وحبًّا يبلغنا حبك.

اللهم ما رزقتنا مما نحب، فاجعله لنا قوة فيما تحب.

 

 

 

 

المرفقات

الله تعالى

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات