لماذا يستهدفون غزة الأبية؟!

رشيد بن إبراهيم بو عافية

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ الشدائد لا تزيد الأمة إلا صلابة 2/ دروس وعبر في العدوان الأخير على غزة 3/ لماذا يكرهون أهالي غزة 4/ ذكر شيء من تاريخ المجازر والمذابح الإسرائيلية ضد الفلسطينيين 5/ وجوب تفعيل عقيدة الولاء والبراء 6/ واجب المسلمين نحو إخوانهم في غزة

اقتباس

هذه القلَّةُ المؤمنةُ الصابرة التي لا تزالُ تتمسَّكُ بالعقيدة وتقاتلُ دونها لا بُدَّ أن تختفي من الأرض؛ لأنَّ الأقوياءَ من الكُفار والجُبناءَ من العرب يريدُون فلسطينَ السلامَ والحمائمَ البيضاء، يريدُونَ فلسطينَ جديدة يُحسنُ أبناؤُها حملَ غُصنِ الزيتون، ولا يُحسنون حَمْلَ الرشَّاشات ولا نصبَ صواريخ "غراد، والقسَّام" في سبيل الدفاع عن أرضهم وعقيدتهم ضدَّ المُحتل..!

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله على كل حال، حمدَ الشاكرين الذاكرين الصابرين، نحمده سبحانه في السرّاء والضرّاء حمدًا كثيرًا طيّبًا، ملءَ السموات وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما، وملءَ ما شاءَ ربُّنا من شيءٍ بعد، ونشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أنَّ محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين وصحبِهِ الأخيار، ومن تبعَهُم على الحقّ إلى يوم الدّين وسلَّم.

 

 ثم أما بعد:

 

معشر المؤمنين: الشدَّةُ والمأساةُ لا تزيدُ الأمَّةَ إلاَّ صلابةً على الموقف، ورجوعًا إلى الحق، واستمساكًا بالهُوِيَّة. وقد قضى ربنا –سبحانه- على هذه الأمة أن تنبعثَ رُوحُهَا ويَصْحُو ضميرُها من عمق المآسي والأزمات، وهو قضاءُ رحمةٍ لا شكَّ في ذلك؛ فالشمعةُ لا تضيءُ إلا إذا احترقت، والزَّيتُ لا يخرجُ إلا بالعصر، ولذَّةُ العَسل دومًا خلفَ إِبَرِ النَّحل!

 

تمرُّ بالأمَّة هذه الأيَّام مشاهدُ في غزَّةَ الأبيّة تستوقفُ الناظرين، وتستدعي التأمُّلَ والتبصُّر، مشاهدُ تُبكي العينَ حقًّا، وتهزُّ المشاعرَ هزًّا، تعتصرُ الفؤادَ بالهمّ والغمّ والألم:

 

أطفالُ غزَّة يصرُخونَ وما لهم *** عمرٌو ولا سعدٌ ولا خطَّابُ

يا ربّ يا رحمنُ فانصُر أمَّةً *** قد أُغلقَت من دونها الأبواب !

 

تلك المشاهدُ - معشر المؤمنين - على مرارتها فإنَّها تُشعُّ بالدروس والعبر لمن كان له قلبٌ أو ألقى البصر وهو شهيد..!

 

أوَّلُ تلكَ الدُّروس نوجّهُها للأمَّة: سؤالٌ يحتاجُ إلى إجابة تصيرُ عقيدةً في كل قلب، ومنهجًا في كل حياة: لماذا اجتمعَ على إبادة هؤلاء القريبُ والبعيد، العربيُّ والنصراني واليهودي، ما الجريرة التي اقترفوها حتى اجتمع على اهتضامهم عتوُّ الأقوياء، وكيدُ الأصدقاء، وخيانَةُ الجيران؟!

 

 الجوابُ قالهُ لكم ربُّنا -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم فانتبهوا ولا تكونوا من الغافلين: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد) [البروج:8-9].

 

 وقال تعالى: (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً) [الكهف:14].

 

 وقال تعالى: (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِين * وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِين) [آل عمران:168-171].

 

الجواب -معشر المؤمنين- لأنهم قالوا: "لا إله إلا الله" قولاً صادقًا باللسان والقلب ومنهج الحياة..! إذًا تُقاتلهم على ذلك العربُ العُملاء واليهودُ الجُبناء والعَجَمُ الحاقدون..!

 

هذه القلَّةُ المؤمنةُ الصابرة التي لا تزالُ تتمسَّكُ بالعقيدة وتقاتلُ دونها لا بُدَّ أن تختفي من الأرض؛ لأنَّ الأقوياءَ من الكُفار والجُبناءَ من العرب يريدُون فلسطينَ السلامَ والحمائمَ البيضاء، يريدُونَ فلسطينَ جديدة يُحسنُ أبناؤُها حملَ غُصنِ الزيتون، ولا يُحسنون حَمْلَ الرشَّاشات ولا نصبَ صواريخ "غراد، والقسَّام" في سبيل الدفاع عن أرضهم وعقيدتهم ضدَّ المُحتل..!

 

هذه الحقيقةُ احفَظُوها ولا تفرّطُوا فيها، فالأيامُ دُوَل، والليالي حُبالى، والذي يضحكُ اليومَ قد يبكي غدًا، وشرُّ النفوس نفسٌ لا تسمعُ ولا تبصرُ ولا تتَّعظ..!، قال تعالى: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُون * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين) [العنكبوت:1-3].

 

أيها الإخوةُ في الله: ليسَت هذه المجازرُ والمذابحُ بالأمر الجديد من اليهود على فلسطين، فقد سبقتها ملاحمُ وملاحم لم تُثن من عزم الأمَّة على الإطلاق، فالحقُّ باقٍ ما بقيت الحياة، ومن عُمق الجراح والنَّكبات تستعيدُ الأمَّةُ عافيتها، ويصحُو ضميرُها من جديد:

 

يوم السبت 9 أبريل 1948م الساعة الرابعة صباحًا وقعت مذبحةُ دير ياسين التي يندى لها الجبين، قريةٌ كاملةٌ تقعُ على مشارف القُدس أُبيدت بأكملها ذبحًا، ورميًا بالرصاص، وضربًا بالفؤوس، دخل اليهود القريةَ فأبادوا كلَّ من فيها من الرجال، وقتلوا خمسًا وعشرين امرأةً حاملاً، وبقروا البطون وعبثوا بالأجنَّة، وقتلوا اثنين وخمسين طفلاً لم يتجاوزوا العاشرة، ورموا الشيوخ والعجائز بالرصاص، وحملوا عددًا من الفتيات وجردوهن من الملابس وطافوا بهن بالسيارات المفتوحة في شوارع القدس.

 

كان الإنجليز في ذلك الزمان يسمعون الصرخات والطلقات، ويرون الدخان في السماء ولم يتحركوا لإنهائها أو حتى لإنقاذ الأطفال والنساء والشيوخ .. قريةُ ناصر الدين من أعمالِ طبريَّة مسحها الصهاينةُ من الوجود، مذبحةُ بيت الخُوري في 5 مايو 1948م قتل فيها الرجال والنساء والأطفال، قريةُ الزيتُون جمعَ اليهودُ الرجالَ والنساءَ والأطفال في جامع القرية ثم بثُّوا الألغامَ في جوانب المسجد فانهدم على مَن فيه.

 

إبادة جماعية في قرية شَرَفات في 1951م، مذبحةُ قرية بيت جالا في 1952م، ومذبحة غزة في 1955م، ومذبحة شاطئ طبريا في 1955م، ومذبحة غزة الثانية في 1956م؛ حيثُ سلَّطَ اليهود نيرانَ مدافعهم على السُّكّان، وكذلك فعلوا في قرية دير البَلَح وعَيْسان استُشهدَ العشرات وجُرح المئات، مجزرةُ كفر قاسم في 1956م، ومجزرة رفح في 12، نوفمبر،1956م، ومذابح تل الزعتر في 1976م راح ضحيتها 3500 قتيل أُبيدت فيها عائلات بأكملها..

 

مذابحُ صبرا وشتيلا في 16 سبتمبر 1982م؛ ست وثلاثون ساعة من الذبح بقيادة "إرييل شارون" وزير الدفاع آنذاك راح ضحيتها 1500 شهيد، بُقِرت فيها البطون واغتصبت يومئذ النساء وقتل الشيوخ والأطفال ..! حصارُ المخيمات الفلسطينية سنة 1986م لأكثر من خمسة أشهر حتى أن الناس كانوا يطلبون فتوى شرعية في جواز أكل الفئران والجرذان والقطط..، مجزرة الخليل في منتصف رمضان عام 1994م على المصلين في المسجد الإبراهيمي.

 

كلُّ ذلك- معشر المؤمنين- وعزائمهم قويَّة، ما شُلَّت ولا فُتَّت.. (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين)[آل عمران: 146].

 

وكانوا في كل ذلك متوكّلين على الله وحده لا شريك له، لا يؤمنون إلا بالمقاومة المشروعة لاسترجاع الحقوقِ المسلوبةِ من المُحتل، وأما العربُ فدائمًا يشجُبون ويندّدون ويستنكرون ثم لا يفعلون شيئًا.. !

 

يا أمَّة العربِ الكِرامْ..

نامي بأحضانِ السلامْ..

ترعاكِ أسرابُ الحَمَامْ..

وتصونُ حُلمَكِ أن تُعكِّرَ صفوَهُ سُحُبُ الظَّلامْ..

نامِي فَمِن حَقِّ القَنا أن تستريحَ منَ الصِّدَامْ ..

وعلى المُحارِبِ أن يُجرِّبَ مَرَّةً دفْءَ المَنَامْ..

ويَذُوقَ من بعدِ الطِّعانِ يذُوقَ فاكهةَ السلام..

نامِي على جَمرِ الغَرامْ...

يا أمَّة العربِ الكِرَامْ...

تحميكِ أمريكَا " الوَفِيَّة " من إصاباتِ الزُّكامْ..!!!

 

نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضى، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

يا معشر المؤمنين في كل مكان: لا بُدّ من تحقيق مبدأ الولاء للإيمان والمؤمنين والبراءة من الكفر والكافرين بالقلب واللسان والعمل..

 

موالاة المؤمنين مبدأٌ إسلاميٌّ أصيل، وصخرةٌ إيمانيةٌ عتيدة، ليسَ حرفًا يُلفظُ، ولا شعارًا يُحفظ، ليسَ لُعبةً يتلهَّى بها المسلمُ كما يتلهَّى الصغيرُ بلعبته، ولا شعارًا يتغنَّى به كما يتغنَّى الشاعرُ بالبيت الجميل، بل هو عقيدةٌ راسخةٌ في الضمير ينطقُ بها اللسان وتتحرَّكُ بها الجوارحُ الإسلاميةُ في واقع الحياة، تتحرَّكُ بها بالرحمة والحب والموالاة والإعانة والنصرة والتأييد مع المسلم في السراء والضراء في المنشط والمكره!

 

هذا الأصلُ الأصيلُ هو ما حفظَ للأمَّة بيضَتَها، وجمعَ لها بأسَها وقوَّتَها، فكانت مَخُوفةً مرهوبة لا يُستهانُ بأمرها..

 

يقول اللهُ سبحانه: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة:71]، وقال سبحانه محذّرًا من موالاة الكافرين: (لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْء) [آل عمران: 28]. وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين) [المائدة:51]. وقال سبحانه: (وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً) [النساء:89].

 

وقال تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا) [النساء: 138- 139]، وقال تعالى: (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُون) [المائدة81].

 

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم، يرد مُشِدُّهُم على ضعيفهم ومتسرعهم على قاعدهم" (حسن صحيح: سنن أبي داود 2751).

 

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أعطى لله، ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله، فقد استكمل إيمانَهُ" (حسن: سنن الترمذي: 2521، الصحيحة: 380).

 

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن لما يصيب أهل الإيمان،كما يألم الرأس لما يصيب الجسد"(الصحيحة: 1137).

 

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم،مثَلُ الجسد الواحد؛إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (متفق عليه).

 

أين هذا الولاءُ للمؤمنين في غزّة الأبيّة وهي تصرخ تقول:

ألم تروا يا بني الإسلام مشهـدنا *** ألم تروا حرّةً تبكي وتنتحـبُ

ألم تروا جثث الأطفال كيف غدت *** أكوامَ لحمٍ فلا عظمٌ ولا عَصَـبُ

ألم تروا وجهَ أمٍّ حين أفزعَهَا *** دويُّ قصفٍ وقد أعـيا بها الهرَبُ

ألم تحرّكْ دِمَانَا في مَشَاعِرِكُم *** معنى الأخـوةِ يا من بالإخَا كذبُوا

فهل أمِنْتُم من الأحداثِ تبغتكُمْ *** أم هل لديكم لدى ربِّ العُلا نسبُ

فسوف يسألكم ربُّ الورى علناً *** عن التخاذل في نسيان من نُكِبُوا

 

أين هو الولاءُ يا معشر المؤمنين .. أين .. ؟!!

الولاءُ للمؤمنين والبراء من الكافرين هو الصورة الفعلية للتطبيق الواقعي للإيمان، إذا أردت أن تعرفَ وتقيسَ صدق إيمان العبد أو الجماعة أو الهيئة فانظُر ولاءَها للمؤمنين وبراءَها من الكافرين في واقع مواقفها وتصرفاتها، ستعرفُ حينها حقيقةَ موقفها من الإيمان؛ إذ إنَّهُ لا يمكن أن يجتمع إيمانٌ صادقٌ وموالاةٌ للكافرين أبدَ الآبدين.. إلا في قلب لم يتعرَّف حقيقةَ الإيمان بعد.. !

 

قال الشيخ محمد بنُ عبد الوهاب-رحمه الله-:" إنَّ الإنسانَ لا يستقيمُ له إسلامٌ -ولو وحَّدَ اللهَ وتركَ الشرك- إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغض كما قال تعالى في سورة المجادلة: (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَان). (مجموعة التوحيد ص19).

 

اليومَ واجبُ موالاة المؤمنين في غزّة بكل الوسائل وجهادُ الدَّفع فيها حقيقةٌ لا مريةَ فيها إلاَّ عندَ المخذّلين أو العُميان ِالصُّمّ البُكم الذينَ لا يلامُون على عدم السماع والرؤية.. ! فماذا قدّمت الأمّة لهذا الولاء وهذا الجهاد .. ؟!

 

نسأل الله السلامة والعافية، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين..

 

اللهم كن لإخواننا المستضعفين في غزَّة وفي كل مكان، اللهم كن لهم عونًا ونصيرَا، اللهم اكتُب لهم نَصْرَك، وأسْعِفهم بجُندِك، اشف مرضاهم، واقبل شهداءَهم، وعافِ مبتلاهُم، ارحم صغيرهم، وارأف بكبيرهم، وصُن أعراضَهم، واحفظ عقولهم وهمَّتَهُم يا ربَّ العالمين. 

 

اللهم إنََّكَ ترى مكانَهم، وتُبصرُ حالَهم، قد تآمرَ عليهم القريبُ والبعيد، ولا يملكون إلا الدعاء، فخفِّف عنهم ما هم فيه، يا ربَّ المساكين، يا غياثَ المستغيثين، ويا رب العالمين.

 

أطفالُ غزَّة يصرُخونَ وما لهم *** عمرٌو ولا سعدٌ ولا خطَّابُ

يا ربُّ يا رحمنُ فانصُر أمَّةً *** قد أُغلقَت من دونها الأبواب

 

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبيّك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

 

 

المرفقات

يستهدفون غزة الأبية .. ؟!

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
14-05-2021

بارك الله فيكم استاذي الفاضل ودكتورنا الكريم وجزاكمالله  كل خير 

عضو نشط
زائر
21-05-2021

السلام عليكم شيخنا ، والله لقد اثلجت قلوبنا...جزاك الله على الكلمات العظيمة ونسأل الله العلي الجبار أن ينصر إخوانننا المسملين في فلسطين ويثبت أقدامهم  وما النصر إلا من عند الله ...والسلام عليكم