عيدنا الأسبوعي

ناصر بن محمد الأحمد

2014-03-05 - 1435/05/04
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/ تفضيل الله ليوم الجمعة على سائر الأيام 2/ أثر صلاة الجمعة في حياة المسلمين 3/ من أحكام وآداب يوم الجمعة وصلاته

اقتباس

فَضّل الله -تبارك وتعالى- يوم الجمعة على سائر أيام الأسبوع، ونوّه بأمره وعظّم شأنه فقال -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُون)، وقال تعالى: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُود)، وفُسِّر الشاهد بيوم الجمعة، فكان إقسام الله به دليلاً على شرفه وفضله.

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: فَضّل الله -تبارك وتعالى- يوم الجمعة على سائر أيام الأسبوع، ونوّه بأمره وعظّم شأنه فقال -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُون)، وقال تعالى: (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُود)، وفُسِّر الشاهد بيوم الجمعة، فكان إقسام الله به دليلاً على شرفه وفضله.

 

وقد شُرعت صلاة الجمعة واتّخِذَت لها آدابُ وخصائص تزيد في جلالها، وصارت من أعلى الفرائض وأعظم الشعائر.

 

والرجل المشغول المكدود يحتاج إلى يوم يتفرغ فيه باله للعبادة والقربات، ويجلو فيه صدأ القلب الحاصل من الكد ومعاناة الحياة، فكانت هذه الصلاة من رحمة الله تعالى بهذه الأمة، وكانت الجمعة ميزان الأسبوع، فمن صحّ له يوم جمعته وسَلِمَ، سلمت له سائر جمعته.

 

ولم يزل المسلمون يعظّمون هذا اليوم، ويخصونه بمزيد من الاهتمام، حتى أولئك الذين لا يحافظون على الصلوات الأخرى تراهم يواظبون على صلاة الجمعة على الرغم من تفريطهم في غيرها.

 

والحق أن صلاة الجمعة ذات أثر عظيم في حياة المسلمين، فالمنبر مصدر تعليم وتثقيف وإصلاح، واجتماع المسلمين منبع أخوة وتآلف، كما أن للجمعة والجماعة فضلاً في وحدة المسلمين في العبادات وإحكام الدين من الانحراف وبقاء مظاهر الحياة الإسلامية، وحفظ المسلمين من الانسلاخ ومزيد من الفرقة كما في الأديان الأخرى، ولكنك ترى أن اهـتمام المسلمين بهذه الشعيرة تضاءل، وصارت كغيرها من الشعائر تؤدى بصفة لا أثر لها في نفس صاحبها، خاصة مع تقصير كثير من الخطباء من أمثالي في أداء واجبهم، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

أيها المسلمون: كان يوم الجمعة يسمى في الجاهلية يوم "العَروبة"، وسمي بالجمعة لأن خلْق آدم جُمع فيه، لحديث سلمان -رضي الله عنه- مرفوعاً وفيه: "يوم الجمعة به جُمِع أبوك أو أبوكم". رواه الإمام أحمد وابن خزيمة والطبراني وإسناده حسن.

 

ولأن أهل المدينة اجتمعوا قبل هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصلى بهم مصعب بن عمير، وسموها جمعة.

 

وقد فرضت بمكة، ولم يتمكن النبي -صلى الله عليه وسلم- من فعلها، وقد هدى الله -عز وجل- هذه الأمة لهذا اليوم؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أضل الله -عز وجل- عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله -عز وجل- بنا، فهدانا ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم لنا تبع يوم القيامة، ونحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضيّ لهم قبل الخلائق". رواه مسلم. وهي من النعم التي يحسدنا عليها اليهود.

 

يوم الجمعة يوم عيد متكرر؛ فيحرم صومه منفرداً مخالفة لليهود، وليتقوى على الطاعات الخاصة به من صلاة ودعاء ونحوه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده". رواه الإمام أحمد بسند صحيح.

 

وهو يوم المزيد؛ يتجلى الله فيه للمؤمنين في الجنة كما في حديث أنس الطويل وفي آخره: "فليس هم في الجنة بأشوق منهم إلى يوم الجمعة، ليزدادوا نظراً إلى ربهم -عز وجل- وكرامته، ولذلك دعي يوم المزيد". أخرجه الطبراني في الأوسط وصححه الإمام الألباني.

 

ويكره تخصيص ليلة الجمعة بقيام؛ لحديث: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي". رواه مسلم.

 

أيها المسلمون: ويسن قراءة سورتي السجدة والإنسَان في صلاة الفجر يوم الجمعة؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرؤها، ولعل ذلك لما اشتملت عليه من ذكر خلق آدم، وأحوال القيامة؛ لأن ذلك كان وسيقع يوم الجمعة، وليس المقصود السجدة التي فيها كما يظن البعض.

 

وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- التبكير إلى الصلاة يوم الجمعة مثل التقرب إلى الله بالأموال؛ فيكون المبكر مثل من يجمع بين عبادتين: بدنية ومالية، كما يحصل يوم الأضحى؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشاً، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر". رواه البخاري. والمراد بحضور الملائكة وطي الصحف: طي صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة دون غيرها من سماع الخطبة ونحوها. والراجح في الساعة الأولى أنها من أول النهار.

 

وفيه ساعة الإجابة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه". وأشار بيده يقللها. رواه البخاري في صحيحه. وهذه الساعة في قول أكثر السلف هي آخر ساعة بعد العصر، وعلى هذا تدل أكثر الأحاديث، ومنها حديث: "فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر". رواه النسائي بسند صحيح. وجاء في حديث آخر عند مسلم أنها: "ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة". وهذه ساعة أخرى ترجى فيها إجابة الدعاء.

 

ويستحب إكثار الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة؛ لحديث: "من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ"، فقالوا: يا رسول الله: كيف تُعرض عليك صلاتنا وقد أَرِمْت؟! يعني: قد بليت، قال: "إن الله -عز وجل- حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء -صلوات الله عليهم-". رواه الإمام أحمد بسند صحيح. فاجتمعت الصلاة على سيد الأنام في خير الأيام.

 

أيها المسلمون: ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة، ومن مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وُقي فتنة القبر.

 

ويسن قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة، ويوم الجمعة: قال أبو سعيد -رضي الله عنه-: "من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له فيما بينه وبين البيت العتيق". رواه الدارمي وسنده صحيح. وهو في حكم المرفوع الذي لا يمكن أن يقال بالرأي.

 

وجاء في فضل المشي إلى الجمعة ومضاعفة أجره قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من غسّل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها". رواه أبو داود بسند صحيح.

 

ومن الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما وزيادة ثلاثة أيام؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى الجمعة، فصلى ما قدّر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام". رواه مسلم.

 

والوعيد من ترك الجمعات؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "لينتهين أقوام عن وَدْعِهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين". رواه مسلم. وينبغي التهيؤ والاستعداد للجمعة والاهتمام بها؛ فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يتغدون ويستريحون قبل الزوال كل يوم إلا يوم الجمعة، فكانوا ينشغلون بالاستعداد للجمعة والتبكير إليها، فلا يبقى لهم وقت يسع للقيلولة قبل صلاة الجمعة. والقيلولة هو الاستراحة وسط النهار وإن لم يكن معها نوم. قال سهل -رضي الله عنه-: "ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة". رواه البخاري.

 

ومن التهيؤ والاستعداد: الغُسل واستعمال السواك والطيب، وتخصيص لباس للجمعة، وهذا قل من يتنبه له؛ عن عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على المنبر في يوم الجمعة: "ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة، سوى ثوب مهنته". رواه ابن ماجه بسند صحيح.

 

أيها المسلمون: ولا يشترط عدد معين لإقامة الجمعة، وفي المسألة خمسة عشر قولاً ذكرها الحافط ابن حجر في الفتح، وذكر أن القول باشتراط الكثير بغير قيد هو أرجحها من حيث الدليل. واختار الإمام الشوكاني أنها تصح باثنين كسائر الصلوات.

 

ولا يشترط لإقامة الجمعة أن تكون في المدن دون غيرها، بل تقام في القرى أيضاً، قال ابن عباس: "إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين". رواه البخاري.

 

ومن الناس من وقع في الوسواس فتراه يصلي الظهر بعد الجمعة إذا كان في قرية، خوفاً من عدم صحة الجمعة، وهذه بدعة! وضابط القرية التي تقام فيها الجمعة أن تكون مبنية بما جرت به العادة، وأن تكون مجتمعة البناء بما هو مألوف.

 

ولا يشترط إذن السلطان في إقامتها، وقد استنبط الإمام الزهري -رحمه الله- من حديث: "كلكم راع"، أن إذن السلطان لا يشترط. وقال ابن قدامة -رحمه الله-: "الصحيح أنه ليس بشرط، وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور". ثم ذكر من الأدلة: صلاة عليّ زمن حصر عثمان ولم يُنكر. ولأنها من فرائض الأعيان، ولأنها صلاة أشبهت الصلوات.

 

بارك الله...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: ثبت في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الجمعة حين تميل الشمس، وهذا يدل على أن وقت الجمعة عند زوال الشمس، أي وقت صلاة الظهر، وعن سلمة قال: "كنا نصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل فيه". متفق عليه. وهذا يدل على أنهم كانوا يصلونها في أول الوقت عند الزوال بلا إبراد، بخلاف ما كانوا يفعلون في صلاة الظهر عند اشتداد الحر.

 

وسئل جابر: متى كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الجمعة؟! قال: "كان يصلي ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها". زاد عبد الله في حديثه: "حين تزول الشمس، يعني: النواضح". رواه مسلم. وهذا دليل لمن يقول بصحة الجمعة قبل الزوال، فإن الخطبة والصلاة لو كانتا بعد الزوال لما أمكن بحال أن تكون إراحة النواضح عند الزوال، بل بعده بكثير.

 

وتدرك الجمعة بإدراك ركعة منها؛ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد أدرك الصلاة". رواه ابن ماجه وسنده صحيح. وهذا يدل على أن الجمعة تصح بإدراك ركعة. ومفهومه: إذا لم يدرك ركعة فإنه لم يدرك الجمعة، فيتمها ظهراً أربع ركعات. واشترط بعض الفقهاء لصحة الجمعة إدراك شيء من الخطبة، وقالوا: فإنْ لم يدرك شيئاً منها صلى أربعاً.

 

ويستحب قراءة سورة الجمعة والمنافقون في صلاة الجمعة، أو الأعلى والغاشية، أو الجمعة والغاشية؛ جاء كل ذلك في صحيح مسلم. قال ابن القيم -رحمه الله-: "ولا يستحب أن يقرأ من كل سورة بعضها، أو يقرأ إحداهما في الركعتين، فإنه خلاف السنة".

 

ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة راتبة قبلية للجمعة، ولكن إذا دخل المصلي المسجد، سُنّ له أن يصلي تحية المسجد ركعتين، ثم يصلي ما كتب له كما ورد في الأحاديث.

 

وأما السنة البعدية بعد الجمعة فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً". رواه مسلم. وعن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته. أخرجاه. وللجمع بين الحديثين ذهب بعض العلماء إلى أنه إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، وإليه ذهب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

 

والمستحب أن يفصل بين الفريضة والسنة بالتحول من مكانه أو بالكلام؛ فقد قال معاوية -رضي الله عنه- لرجل رآه صلى السنة بعد الجمعة بلا فصل: "لا تعد لما فعلت، إذا صليت الجمعة، فلا تَصِلْها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بذلك: أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج". رواه مسلم. والأوْلى أن يتحول إلى بيته.

 

ويجوز للخطيب أن يخطب بغير العربية إذا كان المصلون من غير الناطقين بها؛ فعن جابر بن سمرة قال: "كانت للنبي -صلى الله عليه وسلم- خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكّر الناس". رواه مسلم. فقوله: "يذكّر الناس" فيه دليل على جواز الخطبة بغير العربية، لكن لا بد له من قراءة الآيات والأحاديث بالعربية، ثم يترجم معانيها بلغة المخاطبين.

 

أيها المسلمون: وإذا فهم المقصود من الخطبة عُلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تكن خطبته مجرد كلام لا حياة فيه ولا روح، ولا رسالة ولا توجيه، بل كانت متّصلة بالحياة وبالواقع كل الاتصال، وقد كانت خطبه تملأ القلوب إيماناً وتوحيداً، ويبعث النفوس على محبته والشوق إلى لقائه.

 

ويستحب قراءة سورة "ق"؛ لحديث أم هاشم بنت حارثة بن النعمان قالت: "وما أخذت (ق وَالْقُرْآنِ المَجِيد)، إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس". رواه مسلم. قال أهل العلم: وسبب اختياره هذه السورة لما اشتملت عليه من ذكر البعث والموت، والمواعظ الشديدة، والزواجر الأكيدة. وقد كان ذلك لقوم يفهمون معانيها ويدركون أسرارها فيتأثرون بها أعظم التأثر، ويتعظون بها أجلّ الاتعاظ، أما قراءتها عند قوم لا يفهمون معانيها ولا يدركون مغازيها فلا ينبغي إلا مع الشرح والبيان حتى يتحقق المقصود.

 

ويجوز للخطيب أن يتكلم في غير موضوع الخطبة عند الحاجة؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ربما رأى رجلاً في الشمس فأمر بتحوّله إلى الظل، أو رأى رجلاً ترك السنة فأمره بها كما في تحية المسجد، أو رأى مرتكِباً منهياً فنهاه كمن تخطى رقاب الناس.

 

ولذا فلا يجوز تخطي رقاب الناس للتقدم للصفوف الأُول؛ قال عبد الله بن بسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجلس فقد آذيت". رواه مسلم. ويستثنى من ذلك الإمام إذا لم يجد طريقاً، ومن رأى فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي، ويتأكد التخطي إذا ترك الناس الصفوف الأولى وجلسوا في آخر المسجد، قال الحسن: "تخطوا رقاب الذين يجلسون على أبواب المساجد فإنه لا حرمة لهم". ويستثنى أيضاً: من جلس في مكان ثم خرج لحاجة، ثم عاد إلى مكانه.

 

وختاماً: قال -صلى الله عليه وسلم-: "يحضر الجمعة ثلاثة نفر: رجل حضرها يلغو بلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو، فهو رجل دعا الله -عز وجل- إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم، ولم يؤذ أحداً، فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله -عز وجل- يقول: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا). رواه أبو داود في سننه وحسنه الإمام الألباني.

 

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم...

 

 

 

 

المرفقات

الأسبوعي

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات