المرجفون

سلطان بن حمد العويد

2022-10-10 - 1444/03/14
التصنيفات: الفكر والثقافة
عناصر الخطبة
1/خطر المنافقين على الأمة 2/ألقاب المرجفين وبعض أوصافهم 3/بعض مطالب المرجفين 4/مخططات المرجفين وأهدافهم 5/وسائل المرجفين في نشر مخططاتهم 6/واجبنا تجاه المرجفين

اقتباس

أيها الإخوة المؤمنون: إننا أمام هجمة شرسة على الدين صراحة، وعلى الثقافة الإسلامية، وعلى كل القيم التي نعتز بها، ونحن أمام تسويق مفضوح للبضاعة المزجاة لأعدائنا. يعتمد هؤلاء المسوقون للاحتلال على الإعلام بجميع أنواعه، لا سيما الصحافة، والذين يقرؤون ويتابعون الصحف لا يكادون يصدقون ما يقرؤون؛ لأنهم يسخرون من مناهجنا التعليمية، ويسعون جاهدين لإفساد المرأة المسلمة، ويرددون ما ردده أسلافهم المنافقون من أن المرأة مهضومة الحقوق في بلدنا، وهي بحاجة إلى...

 

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله -تعالى- من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، أرسله ربه رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين.

 

أما بعد:

 

فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ) [النساء: 131].

 

فنسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا وإياكم التقوى، وأن يميتنا عليها؛ إنه سميع قريب.

 

لا غرابة أن نرى ونسمع شيئا مما تكنه صدور أعدائنا من الكفار الواضحين اليهود والنصارى، ومن معهم، قال الله -تعالى-: (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا) [النساء: 101].

 

(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً) [النساء: 122].

 

وقال تعالى: (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) [الممتحنة: 2].

 

ليس هذا بغريب من هؤلاء، لكن المستغرب حقا أن نهدد من داخل بيوتنا، وأن تشن حملات ظالمة على رأس مالنا على ديننا وقيمنا! من قبل من؟ من قبل أبناء جلدتنا، وممن يتكلمون بألسنتنا، وينتسبون إلى ديننا ووطننا.

 

هؤلاء لا بد من معرفتهم، وفضحهم، والرد عليهم، ومحاسبتهم، فهم قد أعلنوها حربا شعواء علينا، وعلى ديننا وبلادنا.

 

ما مخططاتهم وما أهدافهم ووسائلهم؟ وما الموقف منهم؟ وكيف نحمي البلاد والعباد منهم؟

 

لقد جاوزوا كل الحدود، وسارت أطروحاتهم الكفرية كفرا صراحا لا خلاف فيه، تنشر في الصحف -مع الأسف- دون نكير -فإنا لله وإنا إليه راجعون-.

 

لقد بليت هذه الأمة بليت بالمنافقين في سالف تاريخها، وعز سلطانها، وبفضل من الله نجح المسلمون في تجاوز محنتهم الأولى مع المنافقين، حتى سار المنافقون يعتذرون، ويحلفون وهم كاذبون، كما هي عادتهم، وكما قص الله أحوالهم في سورة التوبة التي تسمى بالفاضحة.

 

وها هم اليوم يعادون وتتجدد النازلة بالمسلمين تتجدد النازلة: فأين الرجال لها؟

 

وتتسع دائرة العداوة، ويكثر الإرجاف والاستهزاء، ويتكرر الموقف المسارع للكفار،  كما قال جل وعلا: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ)[المائدة: 52].

 

يكثر اللمز وتكثر السخرية بالقرآن هذه الأيام وبسنة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

فبدين الله الحق هؤلاء الماكرون يركبون كل موجة، ويستخدمون كل وسيلة، لتحقيق أهدافهم، هم قوميون يوم أن اشتدت سواعد القوامين، واشتد عود القومية، صاروا قوميين، ثم ينقلبون عليها إذا خفت صيتها، وهم حداثيون إذا وجدوا في الحداثة فرصة للوصول إلى ما يريدون.

 

وربما بلغت بهم الانتهازية والوصولية إلى الدرجة التي جعلت بعضهم يمجد الغزاة، ويرحب بالمستعمرين صراحة: أيصدق هذا؟ أيعقل -يا عباد الله-؟ والله لولا أنه منشور لا يصدقه مسلم.

 

يقول أحدهم دون حياء، وهو من هذه البلاد يقول: "إنني من أكثر الناس تفاؤلا بقدوم أمريكا إلى العراق، وعندي أسباب عديدة، أولها: أن أمريكا لم تدخل بلادا إلا وحسنت من أوضاعها" إلى أن يقول -قاتله الله-: "إلا أنني واثق أن أمريكا ستلعب في منطقتنا دور المعلم الحازم الذي يريد النجاح لتلاميذه حتى لو تطلب هذا درسا قاسيا".

 

يقول: "إن العالم العربي لن يتغير من تلقاء نفسه لذلك أقول أهلا بالنموذج الأمريكي الحر".

 

ثم يقول: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم" وضعوا خطين تحت هذه الآية، هذه طريقتهم يبدؤون بآية ويختمون بآية، وهذا هو حال المنافقين.

 

لست أدري -يا عباد الله-: كيف يتجرأ هذا الكاتب وهذه الصحيفة إلى هذا الحد؟

 

إنه تسويق صريح إلى الاستعمار والاحتلال؛ إنها دعوة للغرب لاحتلال الحرمين -حماها الله- من كل سوء ومكروه.

 

أين نحن من هذا الارهاب الاستعماري؟ وهذه العمالة الواضحة الصريحة؟ ما الفرق بين هؤلاء وما بين ما يسمى بخلايا الإرهاب؟

 

إن الاختلاف أن أولئك ربما اشتغلوا في الظلام، وهؤلاء ينتشرون وينشرون إرهابهم في الصحف علانية!.

 

أيها المسلمون: إننا أمام شريحة في المجتمع غريبة في فكرها، متطرفة في طرحها، جريئة -والله- في استفزازها لنا جميعا.

 

ومهما تعددت مسميات هؤلاء بين: علماني، وعصراني، ومستغرق، وعقلاني، أو حداثي، المهم أن نعرف انتماءهم وولائهم لمن؟ واتصالاتهم بمن؟ وجذورهم الفكرية.

 

ونحن -أيها الإخوة في الله- لا نتجنى –والله- على أحد، ولا نأخذهم بالظن كما يفعلون هم، بل يأخذون الناس بالوهم، ولكن من صريح مقالاتهم، ودينهم، ومن أوثانهم التي يكتبون فيها، ويعكفون عليها نأخذ أقوالهم.

 

لقد بلغ الهوس بأحد أسياد هؤلاء المارقين أن يقول: "إن الدراسة المعمقة للقرآن الكريم تبين أن علماني" أعوذ بالله! كيف يصدر هذا من إنسان يحترم نفسه فضلا عن مسلم؟!

 

يقول: "إن الدراسة المعمقة للقرآن الكريم تبين أن علماني المنحنى، وإنما حوله المسلمون إلى وجهة دينية" ماذا بقى؟!

 

هؤلاء لا يكتفون بالانخداع والمخادعة بمنهج التغريب، بل يصرون على نقد المناهج الإسلامية، ويقول أحد كبرائهم -وكلهم صغار وأقزام- يقول: "كي نؤمن بفاعلية المنهج العلمي الغربي لا بد أن ننتقض المناهج التي قام عليها التراث عند المسلمين".

 

عباد الله: كثيرا منهم الآن، ويجب أن ننتبه إلى هذه القضية، إلى قراء الصحف انتبهوا، إذا فرغ أحدهم من استفراغ سمه، وإذا أذى القراء بنجاسته لا ينسى أن يقول: "في ضوء شريعتنا الإسلامية".

 

أو يقول: "فيما لا يتعارض مع ثوابتنا وقيمنا".

 

إنها عبارات تدبج بها مقالاتهم، عبارات خادعة ذر للرماد في العيون، استغفالا للبسطاء.

 

أيها المسلمون: يجب أن نعي قبل فوات الأوان، فها نحن نسمع ناقوس الخطر حصوننا مهددة من داخلها، وفينا سماعون لهم، ومروجون لبضائعهم.

 

إن هذه الشريحة الجانية المتدنية، وإن قل عددها، لكن والله لها امتداد خارجي نراهم ينشطون أكثر حينما يقترب أسيادهم من بلاد المسلمين.

 

إنهم يرقصون على جراحنا النازفة، ويتلذذون بالمآسي النازلة في المسلمين وبالمسلمين، إنهم في الحقيقة لا يهددون هويتنا الإسلامية فحسب، بل يهددون كياننا الاجتماعي والسياسي، والغرب اليوم المستعمر يرهن على استخدام هؤلاء في فرض سياسته في الشرق الأوسط.

 

ذكر أحد المسئولين في مركز البحث في عاصمة المغول: "واشنطن" يقول: "إن المركز يعمل لاختيار عدد من الشخصيات الإصلاحية، ودعوتها إلى واشنطن للتعاون معه لسبيل الترويج لمبادرة أمريكا لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط خلال الأشهر القادمة".

 

ثم يقول: "إن تلك الشخصيات ستحصل على حماية ضمنية من خلال حصولها على دعم سياسي وإعلامي؛ سيفرضها على الساحة السياسية" ا. هـ عدو الله!.

 

يقول أحد المنتمين إلى هذه البلاد -مع الأسف- أخذه الله- يقول: إذا كانت الحملة الفرنسية على مصر ومشرق العرب، أو الصدمة الأولى قبل قرنين من الزمان تقريباً قد قدمت العرب للحداثة، وقدمت الحداثة للعرب، فإن الحملة الأمريكية سوف تقوم لتقديم العرب للعولمة، وتقدم العولمة للعرب على أوسع نطاق، تمهيد واضح للغزو والاستعمار، عمالة صريحة!.

 

وما دمنا غافلين ومستمرين في غفلتنا، فهم سيتقدمون ويتقدمون -نسأل الله أن لا يوفقهم-.

 

إنهم -يا عباد الله-: اليوم لم يكتفوا بشن الحملات الظالمة على علماء الأمة، وعلى رموز الصحوة الإسلامية، كما يظن البعض، إنهم يهددون المجتمع بأسره، فإذا صدرت مثلاً فتوى لا تعجبهم شنوا حملة ضدها، كما فعلوا مع فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله ورفع درجته- حينما أفتى في المهزلة التي حصلت في منتدى جدة الاقتصادي، يستهزؤون بفتواه، ويهمزون ويلمزون، وإذا نجح أحد من رموز الصحوة وعلمائها في مبادرة، أو إصلاح، ألبوا عليه، وشككوا في نيته، وهم اليوم ينتقدون كل شيء له علاقة الإسلام، وله علاقة بالدعوة.

 

كلامهم -يا إخوة-: صريح جداً في الصحف، صريح –والله- في نقد المخيمات الدعوية الرسمية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية، ينتقدون كل المناشط الدعوية، حتى قال أحدهم وقد ضاق ذرعاً بالدعوة، وما يتصل بها، قال: إن الدعوة تحاصرنا في كل مكان! سبحان الله هؤلاء الجعلان لا يحبون أن يشموا إلا النتن، ورائحة الخبث، أم الدعوة والطيب فهذه أمور تزكم أنوفهم! هؤلاء لا يرجى –والله- منهم خيرا، وقد تربوا في كنف أسيادهم من الغرب، وصدق الله حين قال: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا) [الأعراف: 58].

 

أيها الإخوة: لقد تجرأ هؤلاء السفهاء المستغربون، فصاروا ينتقدون تدريس العزة الإسلامية، العزة التي تربى عليها الجيل الأول، ربى عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه -رضي الله عنهم-، فهم ينتقدون السياسات العليا للدولة!.

 

فها هو أحدهم يستغرب أن يكون من أهداف المرحلة المتوسطة عندنا، وهذا موجود في السياسات العليا للتعليم في بلادنا، وهي من أفضل السياسات على الإطلاق، يستغرب أن يوجد في أهداف المرحلة المتوسطة: حفز همة الطالب لاستعادة أمجاد أمته المسلمة، يستغرب ويسخر من ذلك.

 

أمة المسلمة التي ينتمي إليها الطالب! غريب –والله- هذا الطرح المنهزم المفرغ من كل معاني الإنسانية السامية!.

 

إننا في زمن -يا عباد الله-: صارت الأمم كل الأمم تعتز بهويتها، حتى عباد الحشرات والأبقار يعتزون بدينهم وهويتهم، وتسعى كل أمة جاهدة لتعميق وتكريس الانتماء لفكرتها من خلال مناهجها الدراسية، ومن خلال كل البيئات الثقافية التابعة لها، وانظروا إلى مناهج دولة إسرائيل كيف أنها تزرع هذا زراعة بين كل طبقات المجتمع، وبكل الوسائل التي يقدرون عليها، وإن كنا نستغرب هذا، فإن الأغرب منه هو السماح لهؤلاء بممارسة حماقاتهم، وهم يريدون جر الأمة بأكملها لتكون ذلولاً لأعدائها: أين الوطنية التي يدعيها هؤلاء المنافقون؟

 

لقد بلغ الهوس بأحد هؤلاء المرجفين: أنه سخر من الذين يرفضون قناة الحرة الأمريكية، وقال: إن أمة تخشى من محطة فضائية مهما كان لونها ومصدرها، هي أمة خائفة ومترددة، ثم دعا إلى النظر إلى هذه القناة باعتبارها إضافة جديدة للحرية، التي يقول: نحتاجها مثل حاجتنا إلى الهواء النقي، وفي المقابل يرفض هذا المارق كل ما تبثه القنوات الفضائية إذا كانت ضد الهيمنة الأمريكية، هل بعد هذا الذل من ذل وهوان وانتكاس في القيم؟

 

قال الله -تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[آل عمران: 118-119].

 

أيها الإخوة المؤمنون: إننا أمام هجمة شرسة على الدين صراحة، وعلى الثقافة الإسلامية، وعلى كل القيم التي نعتز بها، ونحن أمام تسويق مفضوح للبضاعة المزجاة لأعدائنا، يعتمد هؤلاء المسوقون للاحتلال على الإعلام بجميع أنواعه، لا سيما الصحافة، والذين يقرؤون ويتابعون الصحف لا يكادون يصدقون ما يقرؤون؛ لأنهم يسخرون من مناهجنا التعليمية، ويسعون جاهدين لإفساد المرأة المسلمة، ويرددون ما ردده أسلافهم المنافقون من أن المرأة مهضومة الحقوق في بلدنا، وهي بحاجة إلى التحرير، ويستهزؤون بالنصوص القرآنية، التي تضع القواعد الشرعية للتعامل مع المرأة، فهم بزعمهم يعرفون مصلحة المرأة أكثر من الذي خلقها -نسأل الله العافية والسلامة-.

 

إن هؤلاء باختصار يقولون بلسان حالهم: إن الإسلام هو سبب تخلفنا، ولا يرون خلاصاً من تأخر الأمة عن الركب الأمريكي إلا بركوب هذه الموجة التي تحطم كل الثوابت، وتخلخل كياننا كله، إنهم يمارسون التمهيد للغزاة، ويجاهرون بالعلمانية والفسق والفجور، ويعلنون التطرف، وصدق الله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)[البقرة: 11-12].

 

أخي المسلم: تأمل معي في وصف الله لهم: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)[المنافقون: 4].

 

أيها الإخوة المؤمنون: ما واجبنا تجاه هذه الطائفة! تجاه هذه الفئة التي تشبه النمل الأبيض الذي يأكل جسد أمتنا بالخفاء، حتى يخر فجأة حينئذ لا ينفع النصح، ولا الاستدراك؟ كيف ننقذ البلاد والعباد من فساد هؤلاء السفهاء؟

 

أولاً: لا بد من الوعي، ولا بد من الوعي الكامل، وسد باب التعاطف مع هؤلاء، وعدم الدفاع عنهم، ولا إحسان الظن بهم، لقد رفض مجتمعنا كله التعاطف مع الذين فجروا، وهؤلاء أشد خطراً منهم على مدى البعيد، أشد خطراً من الذين يتبنون العنف على المدى البعيد، لا بد من رصد حركاتهم واتصالاتهم، والتعرف على علاقاتهم السرية المشبوهة بأسيادهم.

 

ثانياً: يجب على المسلم المستطيع أن يناصحهم، وأن يكون صريحاً معهم، فقد يكون من بين هؤلاء مغتر فيعود إلى رشده، أو جاهل مستغرق.

 

 إن كثيراً من هؤلاء لو راجعوا فقط مجرد أن يراجعوا تجارب من سبقهم لوقفوا على الحقيقة، ويجب أن لا نستبعد توبة هؤلاء، أو بعضهم على الأقل، أمامنا تجربة شجاع لأحد هؤلاء، يقول بعد أن هداه الله إلى الحق، يقول: "اندفع الفكر المستغرب يشهر حرباً شاملة على الإسلام وأهله، ظاناَ أن في ذلك تحريراً للشعب والمرأة، وإطلاقاً للعقل، وما درى أن تلك الحرب تأتي بنتائج عكسية تماماً، إذا بالشعب يحطم ويشل، وإذا بالمرأة تتيه وتضيع، وإذا بالعائلة تتمزق وتتخبط، وإذا بالعقل يصبح مغلولاً إلى الغرب، وإذا بالاستقلال يصير تبعية، وإذا بالتقدم الاجتماعي مزيداً من التخلف، ثم وصلت الأمور إلى أن يعلن ذلك الفكر نفسه أننا نعيش زمن الانحطاط العربي" انتهى كلامه.

 

وهو يمثل تجربة صحيحة لمن أراد أن يتأمل هؤلاء!.

 

ثالثاً: وهو مما يجب علينا جميعاً لا بد من تكاتف الجهود مع كل مخلص لحماية البلاد والعباد من خطر هؤلاء.

 

عباد الله-: إن السفينة واحدة، والمصير واحد، فإن تركناهم يخرقون فستغرق السفينة.

 

ومما يجب علينا، وهو الأمر –الرابع: أنه لا بد من مشاريع عملية في الإعلام والتعليم، والتربية والتوجيه والدعوة، كل واحد منا يملك مشاركة، أو قدرة في هذه الوسائل، فعليه -والله- واجب، وأن تكون هذه المشاريع شاملة للمرأة والرجل، والطفل والكبير، والمثقف والعامي، لا بد أن نعلنها شاملة لمواجهة هذه الحرب.

 

خامساً: لا بد من وضع حد للنقد الصارخ لسياسات الدولة العليا، وفي مقدمتها السياسة التعليمية والإعلامية، والذي يقف -أيها الإخوة-: على السياسة العليا للدولة في التعليم، وفي الإعلام يجد موافقتها للشريعة الإسلامية بحمد الله -عز وجل-، لكن هؤلاء يتلاعبون، ونحن نطالب بمحاسبة هؤلاء المتجنين على ثوابتنا، وبما رضيناه حكومة وشعباً، وقبل ذلك ما رضيه لنا ربنا -جل وعلا- القائل: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: 14].

 

سادساً: الارتقاء بمستوى وعي الناس عموماً، وأهل الخير خصوصاً، وأن نكون جريئين في تصحيح الأخطاء، وتطوير الأعمال والمؤسسات، حتى تكون المشاريع الإسلامية على مستوى التحدي، والقدرة على الجذب، والتأثير في الناس.

 

سابعاً: ربط الجسور مع كل جهد خير، وأن نتعاون على البر والتقوى مع كل عامل مخلص، لا بد من التواصل مع الآخرين مظلة الدين واسعة ولله الحمد، وحاجز حماية الوطن من المؤثرات الخارجية والداخلية هدف يشمل شريحة كبيرة في المجتمع، كل من عنده حس إسلامي وانتماء وعاطفة، واعتزاز بالدين، نتعاون معاً في كف صيال هؤلاء.

 

ثامناً: تعميم توعية الناس بالانحرافات الفكرية والأخلاقية في وسائل الإعلام عموماً، وأن ننبه إلى مخاطرها الواقعة والمستقبلة التي نتوقعها أيضاً، وأن نستنهض الجميع للاحتساب على المنكر، وأن نأمر بالمعروف ما استطعنا، فليس أضر على الناس من قوم يلبسون ثياب الإسلام، ويتكلمون بلغتنا، وينادون ببعض الشعارات، لكنهم يلبسون على الناس دينهم، ويزيفون وعيهم.

 

تاسعا: التواصل مع ولاة الأمر من الأمراء والعلماء، وأهل الفكر، وأصحاب المال والجاه، والمسؤولية، وأن نتشاور معهم في وضع حد لهؤلاء المبطلين.

 

عاشرا: التعامل مع الأحداث وهذه المستفزات بشيء من الحكمة والعمق، فلا ننخدع ولا نستفز، ولا نكتفي أيضا بالتحرك المؤقت الذي يكون أشبه بردة الفعل، لا، لا بد أن نقابل هذه المشاريع الإفسادية بمشاريع إصلاحية، وننتبه، فلا نقابل الخطأ بالخطأ، قال الله -تعالى-: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ)[الروم: 60].

 

أسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يعلي دينه وكلمته، وأن يخذل المنافقين.

 

اللهم إنا نسألك أن تخذل المنافقين، وأن ترد كيدهم في نحورهم.

 

اللهم احم عقيدتنا وثوابتنا وبلادنا من شر هؤلاء.

 

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

 

اللهم اجعل ولايتنا في من خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.

 

اللهم رد هؤلاء المفسدين إلى رشدهم.

 

اللهم من علمت هدايته فعجل هدايته، ومن لم تشأ هدايته اللهم كف شره عنا بما شئت، إنك على كل شيء قدير.

 

اللهم أعز الإسلام وأهله، وأذل الشرك والكفر وأهلهما.

 

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان.

 

اللهم سدد رأيهم، اللهم قو عزائمهم، واجمع كلمتهم، وأيدهم بنصرك، يا أكرم الأكرمين.

 

اللهم عليك باليهود المغتصبين، والنصارى المحتلين، اللهم أخرجهم من العراق ومن فلسطين أذلة صاغرين.

 

اللهم أقر أعيننا بهزيمة هؤلاء المحتلين، اللهم شرد بهم من خلفهم، وأنت رب العالمين.

 

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

 

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

المرفقات
إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات