وقتل الحسين

الشيخ عبدالله اليابس

2022-10-05 - 1444/03/09
عناصر الخطبة
1/ حال الرافضة في عاشوراء 2/قصة مقتل الحسين - رضي الله عنه -: رسائل أهل الكوفة له, إرساله مسلم ابن عقيل لهم, تخلي أهل الكوفة عن مسلم ومقتله, خروج الحسين من مكة إلى الكوفة, لقاء الحسين بجيش يزيد في كربلاء, مقتل الحسين وأصحابه 3/شهادات علماء الشيعة بأن شيعته هم من قتله

اقتباس

1/ حال الرافضة في عاشوراء 2/قصة مقتل الحسين - رضي الله عنه -: رسائل أهل الكوفة له, إرساله مسلم ابن عقيل لهم, تخلي أهل الكوفة عن مسلم ومقتله, خروج الحسين من مكة إلى الكوفة, لقاء الحسين بجيش يزيد في كربلاء, مقتل الحسين وأصحابه 3/شهادات علماء الشيعة بأن شيعته هم من قتله

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1], (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد: يستجر كثير من الشيعة في هذه الأيام الأحزان, يلطمون الخدود, ويشقون الجيوب, ويضربون أنفسهم بالأيدي والسيوف, معللين فعلهم هذا بالحزن على مقتل الحسين -رضي الله عنه-, مرددين: "يالثارات الحسين", ومنذ أيام ومعمميهم يرددون قصصًا متعددة لمقتل الحسين -رضي الله عنه-, يؤججون بها العواطف, ويُبكون بها المدامع, ناشرين ذلك عبر الفضاء, مستقين هذه القصص من مصادر مشبوهة, وأسانيد مبتورة مقطوعة, فما هي القصة الحقيقية لمقتل الحسين -رضي الله عنه-؟.

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: لما كانت سنة ستين من الهجرة بُويع يزيد بن معاوية بالخلافة, وكان عمره أربعًا وثلاثين سنة، ولم يبايع الحسين بن علي ولا عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-,فحاول فيهما يزيد فخرجا هاربين من المدينة إلى مكة.

 

بلغ أهلَ العراقِ أن الحسين لم يبايع ليزيد بن معاوية, فأرسلوا الكتب إلى الحسين بن علي -رضي الله عنهما- يقولون: "إنا بايعناك ولا نريد إلا أنت". وتكاثرت الكتب حتى بلغت أكثر من خمسمائة كتاب من أهل الكوفة يدعونه إليهم.

 

عند ذلك أرسل الحسين بن علي ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب لتقصي الأمور هناك، فلما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة سكن عند هانئ بن عروة, وصار يسأل حتى علم أن الناس هناك لا يريدون إلا الحسين بن علي, وجاء الناس زرافات ووحدانا يبايعون مسلم بن عقيل على بيعة الحسين -رضي الله تبارك وتعالى عنهم أجمعين-.

 

وكان النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أميرًا على الكوفة, فلما بلغه الأمر أظهر كأنه لم يسمع شيئا، حتى خرج بعض من عنده إلى يزيد بن معاوية في الشام وأخبروه بالأمر، فأمر بعزل النعمان بن بشير، وأرسل إلى عبيد الله بن زياد أمير البصرة أن يضم الكوفة إلى إمارته ليعالج هذا الأمر، فوصل بن زيادٍ ليلا إلى الكوفة متلثما, فكان يمر على الناس ويسلم عليهم, فيقولون: "وعليك السلام يا ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-", يظنون أنه الحسين.

 

فعلم عبيد الله بن زياد أن الأمر جد, وأرسل غلامًا له اسمه معقل ليستطلع الأمر, ويعلم من الرأس المدبر لذلك, فتنكر على أنه رجل من حمص وبايع مسلم بن عقيل في دار هانئ بن عروة, وأعطاه ثلاثة آلاف دينار نصرة للحسين, وخرج وأعلم عبيدالله بالأمر.

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: بعد أن استقرت الأمور أرسل مسلم بن عقيل إلى الحسين؛ أن اقدم فإن الأمر قد تهيأ، فخرج الحسين بن علي -رضي الله عنهما- يوم التروية.

 

وفي تلك الأثناء استدعى عبيدالله هانئ بن عروة وسأله عن مسلم بن عقيل فأنكر معرفته به, فنادى عبيدالله معقلاً أن اخرج, فلما رآه هانئ أسقط في يده, وقال: "والله لو كان تحت قدمي ما رفعتها", فضربه عبيدالله وأمر بحبسه.

 

ولما علم مسلمٌ بذلك انطلق بأربعة آلاف رجل إلى قصر عبيد الله فحاصره, وكان عند عبيد الله أشراف الناس فأمرهم أن يخذلوا الناس عن مسلمٍ, فمازالوا يخذلون عنه الناس, ويعدونهم بالأعطيات والهبات حتى انفض الناس عن مسلم, ولم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً من أربعة آلاف, وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده, فأُخذ مسلم إلى عبيد الله بن زياد, ولما دخل عليه علم أنه مقتول لا محالة, ووجد عنده عمر بن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهم-, فأوصاه بأن يرسل إلى الحسين بأن يرجع، فأرسل عمر بن سعد رجلاً إلى الحسين ليخبره بأن أهل الكوفة قد خدعوه. وقال مسلم كلمته المشهورة: "ارجع بأهلك, ولا يغرنك أهل الكوفة؛ فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني, وليس لكاذب رأي".

 

كانت هذه الأحداث في يوم عرفة أي بعد خروج الحسين -رضي الله عنه- بيوم واحد, وقتل عبيدالله بن زياد في هذا اليوم مسلم بن عقيل -رضي الله عنه- ورحمه.

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: أنتقل بكم الآن من الكوفة حيث غدر أهلها بمسلم بن عقيل, وتخلوا عنه وقتلوه, إلى مكة المكرمة, وها هو الحسين بن علي -رضي الله عنه- قد خرج من مكة بعد أن حاول به كثير من الصحابة أن لا يخرج؛ منهم ابن عباس وابن عمر وعبدالله بن عمرو بن العاص وأبو سعيد الخدري وابن الزبير وغيرهم, وها هو الحسين يحث الخطى إلى الكوفة, فيلتقي بالشاعر الفرزدق في الطريق ويسأله: "من أين أتيت؟" فيجيبه الفرزدق: "من العراق". فقال: "كيف حال أهل العراق؟" قال: "قلوبهم معك، وسيوفهم مع بني أمية". فأبى الحسين -رضي الله عنه- إلا أن يخرج, وقال: "الله المستعان".

 

ويصل رسول عمر بن سعد بن أبي وقاص إلى الحسين ليخبره بأن مسلمًا قد قتل, وأن أهل الكوفة قد تخلوا عنك, فهَمَّ الحسين بالرجوع, لكن أبناء مسلم بن عقيل قالوا: "لا والله لا نرجع حتى نأخذ بثأر أبينا, فنزل الحسين على رأيهم, وأكمل المسير إلى الكوفة, حتى توقف في مكان يقال له كربلاء".

 

بارك الله لي ولكم في القرآن, ونفعنا بما فيه من البيان، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله, خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ادخر لعباده أجزل الثواب, لقاء ما قدموا من صالح الأعمال, فنعم أجر العاملين, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, إمام المتقين وسيد المجاهدين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: وقف الحسين في مكان يقال له «كربلاء »، فسأل: "ما هذه؟". قالوا: "كربلاء". فقال: "كرب وبلاء".

 

في هذه الأثناء وصل جيش بقيادة عمر بن سعد عدده أربعة آلاف مقاتل, فقال الحسين -رضي الله عنه-: إني أخيرك بين ثلاثة أمور إما أن تدعني أرجع، أو أذهب إلى ثغر من ثغور المسلمين، أو أذهب إلى يزيد حتى أضع يدي في يده بالشام.

 

فلما جاء الرسول إلى عبيد الله بن زياد وكان عند عبيد الله بن زياد رجل يقال له شمر بن ذي الجوشن، فقال: "لا والله حتى ينزل على حكمك".

 

فقام عبيد الله بإرسال شمر بن ذي الجوشن، وقال: "اذهب حتى ينزل على حكمي, فإن رضي عمر بن سعد وإلا فأنت القائد مكانه". فوصل الخبر للحسين -رضي الله عنه-، فقال: "لا والله لا أنزل على حكم عبيد الله بن زياد أبدا".

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: وكان عدد الذين مع الحسين اثنين وسبعين فارسا، وكان جيش الكوفة خمسة آلاف، ولما تواقف الفريقان قال الحسين لجيش ابن زياد: "راجعوا أنفسكم وحاسبوها، هل يصلح لكم قتال مثلي؟ وأنا ابن بنت نبيكم، وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري". فانضم له منهم ثلاثون، فيهم الحر بن يزيد التميمي قائد مقدمة جيش بن زياد. فقيل له: "أنت جئت معنا أمير المقدمة والآن تذهب إلى الحسين؟!" قال: "ويحكم والله إني أخير نفسي بين الجنة والنار، والله لا أختار على الجنة ولو قطعت وأحرقت".

 

وحضرت صلاة الظهر والعصر من يوم الخميس، فقال الحسين لجيش عبيدالله: "منكم إمام ومنا إمام". قالوا: "لا، بل نصلي خلفك"، فصلوا خلف الحسين الظهر والعصر، فلما قرب وقت المغرب تقدموا بخيولهم نحو الحسين, وكان الحسين محتبيا بسيفه فلما رآهم وكان قد نام قليلا قال: "ما هذا؟!" قالوا: "إنهم تقدموا" فقال: "اذهبوا إليهم فكلموهم وقولوا لهم ماذا يريدون؟".

 

فذهب عشرون فارسا فكلموهم وسألوهم، فقال جيش ابن زياد: "إما أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد وإما أن يقاتِل". فرجعوا إلى الحسين -رضي الله عنه- وأخبروه، فقال: "أمهلونا هذه الليلة وغدا نخبركم". فبات -رضي الله عنه- ليلته تلك يصلي لله -تبارك وتعالى- ويستغفره ويدعو الله -تبارك وتعالى- هو ومن معه -رضي الله عنهم أجمعين-.

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: في صباح يوم الجمعة شب القتال بين الفريقين, وكانت الكفتان غير متكافئتين، فرأى أصحاب الحسين -رضي الله عنه- أنهم لا طاقة لهم بهذا الجيش، فصار همهم الوحيد الموت بين يدي الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، فأصبحوا يموتون بين يدي الحسين -رضي الله عنه- الواحد تلو الآخر, حتى فنوا جميعا ولم يبق منهم أحد إلا الحسين بن علي -رضي الله عنه-. وولده علي بن الحسين كان مريضا.

 

وبقي الحسين بعد ذلك نهارا طويلا، لا يقدم عليه أحد حتى يرجع لا يريد أن يبتلى بقتله -رضي الله عنه-، واستمر هذا الأمر حتى جاء شمر بن ذي الجوشن فصاح بالناس: "ويحكم ثكلتكم أمهاتكم أحيطوا به واقتلوه"، فجاءوا وحاصروا الحسين بن علي فصار يجول بينهم بالسيف -رضي الله عنه- حتى قَتَل منهم من قَتل, وكان -رضي الله عنه- كالليث عاديًا، فصاح بهم شمر: "ويحكم ماذا تنتظرون, أقدموا!", فتقدموا إلى الحسين -رضي الله عنه-, ورفع سنان بن أنس النخعي سيفه, وقيل: شمر, رفع سيفه فأهوى به على رأس الحسين فقتله, ولم يكتف قبحه الله بذلك؛ بل حز رأسه الطاهر -رضي الله عنه- حتى فصل عن مكانه.

 

ثم أمر برأس الحسين وأرسل إلى يزيد بن معاوية بالشام, فلما وضع بين يديه بكى ودمعت عيناه, وقال: "كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، أما والله لو أني صاحبك ما قتلتك".

 

جاءوا برأسك يا بن بنت محمد *** مــــــــــتزملاً بدمائه تزميلا

ويكــــبرون بأن قتـــــــلت وإنما *** قتلوا بك التكبير والتهليلا

 

وكان مقتله -رضي الله عنه- يوم الجمعة يوم عاشوراء من المحرم سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق, وله من العمر ثمان وخمسون سنة.

 

وهكذا انتهت هذه المعركة غير العادلة بمقتل الحسين -رضي الله عنه- مظلومًا ومعه خلق؛ منهم سبعة عشر رجلاً كلهم من آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بسبب غدر أهل الكوفة, الذين لم يفوا بعهدهم وبيعتهم له -رضي الله عنه-, كل ذا بشهادة الشيعة أنفسهم على ذلك, يقول حسين أمين كما في كتاب أعيان الشيعة: "ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا غدروا به، وخرجوا عليه، وبيعته في أعناقهم، فقتلوه", وقال حسين بن أحمد النجفي كما في كتاب تاريخ الكوفة قال القزويني: "ومما نقم على أهل الكوفة أنهم طعنوا الحسن بن علي -عليهما السلام-، وقتلوا الحسين -عليه السلام- بعد أن استدعوه".

 

فاللهم ارحم الحسين, وارض عنه, ولا تضيع حقه ممن ظلمه يا رب العالمين.

 

يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: يقول ربنا -تبارك و تعالى-: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا) فاللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته أجمعين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك و المشركين, ودمر أعداء الدين.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد, يعز فيه أهل الطاعة, ويهدى فيه أهل المعصية, ويؤمر فيه بالمعروف, وينهى فيه عن المنكر.

اللهم إنك أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء, أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, اللهم أغثنا, اللهم أغثنا غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سحًا طبقًا مجللاً, عامًا نافعًا غير ضار, عاجلاً غير آجل,يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين يا غفور يا رحيم.

 

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي, يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون .

 

 

 

 

المرفقات

الحسين

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات