الإسراء والقدس

صالح بن مبارك بن أحمد دعكيك

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ إكرام النبي -عليه السلام- بالإسراء والمعراج 2/ استحقاق النبي لهذا الشرف 3/ النبي عليه السلام يحمل هم الرسالة وتحمله الأذى 4/ حادثة الإسراء والمعراج ودلالاتهما 5/ واجبات الفرد تجاه القضية 6/ واجبات الأسرة 7/ واجبات الإعلاميين والصحفيين 8/ واجبات العاملين في قطاع التعليم

اقتباس

وسرعان ما أنجز الله وعده، وأكرم عبده، فدعاه لضيافته ومكافأته، فزينت له الأرض، وسخرت له السماء، ورحَّب به الملأ الأعلى، فأعطاه وأولاه وقربه منه وناجاه، فكان الإسراء إلى بيت المقدس، والمعراج إلى السماوات العُلا من...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)، في هذه الآية الكريمة يحدثنا الله -عز وجل- عن فضله على رسوله وإكرامه له، فقد أولاه شرفًا ما بعده شرف، ونعمة ما بعدها نعمة، وإكرامًا ما وراءه إكرام، ذلكم شرف الإسراء ونعمة المعراج وكرامة القرب من الله وحلاوة الوصل ولذة المناجاة.

لقد أراه كثيرًا من آياته، وأوقفه على بساطه، وأبهج نفسه بأنوار ذاته، بعد أن حمل له الملكوت وجمع له الأنبياء والمرسلين، وأخدمه الملائكة المقربين، وسخر له البراق والمعراج، وقربه منه وأدناه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأفاض الله عليه من أسراره في علمه وغوامض غيبه ما شاء أن يفيض: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى).

يا لها من ليلة سعدت بها الدنيا وطابت بها الحياة واهتز لها الكون وأشرق بأنوارها الوجود، فأكرم به من شرف! وأعظم به من فخر!

وبت ترقى إلى أن نلت منزلة *** من قاب قوسين لم تدركْ ولم ترمِ
حتى إذا لم تدع شأوًا لمستبقٍ *** مـن الـدنوِّ ولا مـرقى لمستنم
خفضت كل مقام بالإضافة إذ *** نوديت بالرفع مثل المفرد العـلم

أيها المسلمون: إن الله جعل رسوله -صلى الله عليه وسلم- صفوة البشرية ورحمة للعالمين وخاتم النبيين ورسولاً إلى الناس كافَّة، أقسم بحياته، وصلَّى وملائكته على ذاته، أثنى عليه في كتابه بالخلق العظيم، أنزل الوحي عليه وجمع له القرآن، وأبلغه دين الجنة، وأنطق له الجماد والحيوان، تبرأ الله من كل من تبرأ منه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولعن كل من لعنه، ومَنْ آذاه فكأنما آذى الله، وهو بعد ذلك كله أول من ينشق عنه القبر، وأول من تفتح له الجنة، وهو صاحب المقام المحمود والحوض المورود، وحامل لواء الحمد، وصاحب الشفاعة الكبرى -صلى الله عليه وسلم-.

لقد كان -صلى الله عليه وسلم- حقيقًا بهذا الإكرام، وحريًّا بهذا الإجلال، جديرًا بهذا الاحتفاء، فلقي -عليه الصلاة والسلام- في سبيل ربه ودينه كبدًا ومشقة وإهانات.

حمل -صلى الله عليه وسلم- أعباء الرسالة وهو يومئذ فارغ اليدين، كئيب النفس محزون القلب، لم يرث عن أبيه أو جده دينارًا ولا درهمًا، بلغ الأربعين من عمره ولم يعشْ له ولد ذكر يشدُّ أزره ويسند ظهره ويحمل في عينيه وجه الحياة.

لقد شاء الله أن لا يحمل تلك الرسالة العالمية إلا الإنسان الكامل وصاحب الخلق الفاضل والبيان الجامع محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقام من فوره حين سمع نداء ربه: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ)، فأعلن دعوته عالية، وواجه المشركين وأبلغهم أمر السماء، وسمعت قريش من محمد -صلى الله عليه وسلم- ما لم تكن تسمع أو ترى، فظنُّوها نزعة لا تلبث أن تخمد، وإذا به جادٌّ في دعوته، ساهر على رسالته، يفديها بجسمه ودمه، يرفع بها صوته عاليًا: "لا إله إلا الله"، فلما رأت قريش أن الأمر جدٌّ لا هزل فيه قاموا جميعًا في وجهه قومة الغضبان الحريص على تراث الآباء والأجداد، وأخذوا يكيدون له كيدًا، وأولهم تصميمًا على ذلك بعض قرابته وأهله، فعمه أبو لهب يقول له: أنت كذاب، وعتبة بن أبي لهب يتفل في وجهه بعد أن طلق ابنته، وزوجة أبي لهب تضع في طريقة الأوساخ، وعقبة بن أبي معيط يطأ عنقه الشريف، وأبو جهل يأخذ حجرًا كبيرًا ليرضخ رأسه، والوليد بن المغيرة يقول له: قرآنك سحر يؤثر، وأمية بن أبي الصلت يؤلف كلامًا ليعارض به الوحي، وشبان قريش يسخرون ويستهزئون، حجاج البيت يعفرون وجهه بالتراب، أهل مكة جميعًا يمنعون بني هاشم قبيلته -صلى الله عليه وسلم- الطعام والشراب حتى يُسلِّموا محمدًا للقتل أو يموتوا جميعًا من شدَّة الجوع، والله وراء ذلك يقول: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)، (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا).

وصبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم تضعف عزيمته ولم يتخلَّ عن الدعوة لحظة، ولم يغبْ عن الأعداء، بل كلما بعدوه قرب منهم، إذا تظاهروا بالصمم أسمعهم كلام الله، وإذا زادوا في كيدهم ضاعف الصبر، ولم يستكن، فلما رأى عنت قريش وتكبرهم خرج إلى الطائف علَّه يجد سامعًا ومعينًا، وإذا بأهلها أشد كفرًا وعنادًا، وأعظم كيدًا ومكرًا، سلطوا عليه عبيدهم ومواليهم يرمونه بالحجارة حتى تصبب الدم من جسمه الشريف، فرجع عنهم وكبده تتفتت وقلبه يضطرم، وصدره يئن وجسمه يدمي، ولسانه بعد ذلك يلهج بذكر ربه ويدعوه قائلاً: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟! إلى بعيد يتجهمني؟! أم إلى عدو ملَّكته أمري، إن لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن ينزل بي غضبك، أو يحل عليَّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".

فأيّ بلسم يداوي ذلك القلب! وأيُّ علاج يشفي ذلك الصدر، وأي جزاء يستحق ذلك الإنسان!! اللهم إن الأرض كلها تعجز عن جزائه لو أردت له جزاءً، وحيث قد عجزت الأرض فلتمنح السماء.

وسرعان ما أنجز الله وعده، وأكرم عبده، فدعاه لضيافته ومكافأته، فزينت له الأرض، وسخرت له السماء، ورحَّب به الملأ الأعلى، فأعطاه وأولاه وقربه منه وناجاه، فكان الإسراء إلى بيت المقدس، والمعراج إلى السماوات العُلا من آيات الله العظمى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ).

أقول ما تسمعون...

 

 

الخطبة الثانية:

حادثة الإسراء والمعراج ودلالاتهما:

تسلم القيادة من الأنبياء بالمسجد الأقصى.

الأقصى يرزح تحت أسوأ احتلال عرفه التاريخ منذ عام 1967م، ويتعرض لأخطر خطط لهدمه وبناء الهيكل الثالث المزعوم.

الأقصى يتعرض لحملات ومراحل متتابعة من الحفريات والأنفاق الخطيرة تقوم عليها مؤسسات إسرائيلية رسمية.

حائط البراق قد حُوِّل إلى حائط المبكى ظلمًا وجورًا.

أقدمت السلطات الصهيونية قبل أشهر على إغلاق غرفة تابعة للمسجد الأقصى في باب الرحمة، تلك خطوة لتحويلها إلى كنيس يهودي.

لا نريد الاسترسال لذكر هذه الحوادث والأرقام، فلعلَّ من الجالسين من هو أعلم بذلك، ولكن نقول: الأقصى في عنق كل مسلم، ونصرة الأقصى واجب ديني وإنساني.

واجبات الفرد:

1- استحضار النيَّة واستدامتها لنصرة الأقصى والتعرف على أخباره.

2- نشر أخبار الأقصى وأحواله من خلال المشاركة في برامج البث المباشر ومنتديات الإنترنت.

3- حضور المناسبات والأنشطة المقامة في ذلك.

4- الدعاء يوميًا للأقصى، وتحري أوقات الإجابة.

5- وضع حصالة منزلية باسم "حصالة الأقصى" لمشاركة الأهل، واستقطاع جزء من الراتب لذلك.

6- نشر الوعي بالأقصى وما يكتنفه من مخاطر مع الأصدقاء وزملاء العمل وغيرهم.

7- اجعل من المسجد الأقصى همًا لا ينفك.

واجبات الأسرة:

1- ضرورة الاجتماع بالأسرة في أوقات مختلفة لمدارسة تاريخ الأقصى المبارك.

2- إخراج مصروف الأسرة لمدة يوم واحد تضامنًا مع الأقصى يقي الأسرة مصارع السوء.

3- تذكير الأطفال بفضل المسجد الأقصى من الآيات والأحاديث.

4- تلقين الأُمهات أطفالهن حب الله ورسوله وحب الأقصى من خلال الشعر والأناشيد المسجَّلة.

5- إنشاء مكتبة صغيرة أو ركن في المكتبة تشمل نشرات وكتيبات عن الأقصى.

6- حبذا لو خصص الميسورون أوقافًا خاصة يعود ريعها لأعمار الأقصى ونصرته.

7- تعليق لوحات جداريه حول الأقصى.

واجبات الإعلاميين والصحفيين:

1- كتابة المقالات بكل ما يتعلق بالأقصى والقدس.

2- دعم المقالات بالصور والأدلة لتوضيح المعاناة.

3- التصدِّي للشبهات والأباطيل حول الأقصى.

4- عقد المؤتمرات والندوات بخصوص الأقصى.

واجبات العاملين في قطاع التعليم:

1- اجعل من طلابك محبين للمسجد الأقصى.

2- خصص وقتًا لمدارسة ما جاء في الأقصى من نصوص.

3- ادفع الطلاب للمشاركة في الأنشطة الطلابية المختلفة لصحف جدارية، والمعارض الخاصة بالأقصى وكتابة الإنشاء.

4- استخدام ونشر الكاسيت والفيديو والإنترنت وغيرها في إذكاء حب الأقصى والتعرف عليه.

5- إنشاء جائزة سنوية مدرسية يشارك فيها المجتمع وبالتعاون مع الإدارة المدرسية.

6- إعداد بحث في تاريخ الأقصى والمحطات المهمة فيه والتحفيز لمن يتجاوب.

7- توظيف المسرح المدرسي لإبراز قضية الأقصى.

وصلوا وسلموا...
 

 

 

 

المرفقات

والقدس

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات