عناصر الخطبة
1/ حادثتا عين دار والرياض ووجوب محاسبة المقصرين 2/ مآسي المسلمين في سوريا وتجاهل العالم لها 3/ عدم نسياننا لصنيع الغرب بالعراق وأفغانستان وفلسطين 4/ عدم نسياننا لإساءة الغرب للإسلام والنبي الكريم 5/ إعصار ساندي عقوبة إلهية معجّلة منذرة بالعذاب 6/ مشروعية الدعاء على من يحادّ الله ورسوله.اقتباس
إن الله -جل وعلا- أَمَرَنا بالدعاء، وهو عبادة؛ فهل سننسى -أيها الإخوة- الملايين الذين قُتِلُوا وشُرِّدوا وهُجِّروا في أفغانستان والعراق؟! هل سننسى أنَّ العراق قد سُلِّمَتْ على طَبَقٍ من ذهَبٍ إلى إيران؟! هل سننسى الملايين من الأطفال الذين تيتَّموا؟! والنساء اللاتي ترمَّلْنَ في العراق وفي فلسطين وفي أفغانستان؟!.
الحمد لله القائل في كتابه العزيز: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [الحديد:22]؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل لكل أجل كتابا، سبحانه وتعالى: (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) [الأعراف:34].
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وحجته على الخلق أجمعين، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، وعلى مَن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة:281].
أيها الإخوة المؤمنون: في هذا الأسبوع حدثت حادثتان تألم لهما المجتمع، وتابعهما الناس بمزيد من الأسى واللوعة، حادثة في هذه المنطقة وهي الحريق الذي حصل في عين دار، والحادثة الثانية ما حصل في الرياض بالأمس.
إنها مصائب أيها الإخوة، مصائب قدرها الله -تبارك وتعالى-، فنسأله -جل وعلا- أن يغفر للأموات، وأن يشفي المصابين، وأن يجبر كل مصاب بمثل هذه المصائب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا -عز وجل-: إنا لله وإنا إليه راجعون.
قال الله -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة:155-157].
الحمد لله على كل حال، له الحمد في السراء والضراء، وله الحكمة البالغة في كل قضاء يقضيه سبحانه وتعالى.
إننا -أيها الإخوة الكرام- نرجو خيرا لمن مات، من مات بالحرق أو الهدم، فقد ثبت في السنة أن الحريق شهيد، وأن من يموت بالهدم فهو شهيد على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنرجو لهم الشهادة، ورحمة الله واسعة.
أيها الإخوة المؤمنون: هذه الحوادث، لا شك أنها تقع بقضاء الله وقدره، ولكن لا يمنع ذلك أبدا من البحث عن الأسباب والنظر في الأمور التي حدثت قبل هذه الحوادث، البحث عن الأسباب من أجل ماذا أيها الإخوة؟ من أجل أن يحاسب المقصر والمهمل والمتهاون في أرواح الناس؛ حتى يتجنب المسلمون كل ما يضرهم في أنفسهم وممتلكاتهم.
أيها الإخوة المؤمنون: هاتان الحادثتان أحدثتا فزعا عظيما وهلعا لم يخف على أحد، فكيف -أيها الإخوة الكرام-...بإخواننا في سوريا؟!.
حتى في يوم العيد، يوم عيد الأضحى، لم يهنَؤوا والله بأكل ولا شرب ولا نوم، تُلقى عليهم القنابل بالطائرات والبراميل المعبأة بالمتفجرات! إنها مأساة والله! ينسى الإنسان مصابه عند مصابهم، حارات كاملة مهدمة، مساجد صارت ركاما، مئات من القتلى والجرحى في كل يوم، ذبح للأطفال والنساء، انتهاك للأعراض، المسلم -أيها الإخوة- القتل عنده أهون من انتهاك العرض، تختلط الأجساد المقطعة ببقايا المباني.
مشاهد يراها العالم كل يوم، منذ متى؟ سيشرفون على سنتين وهم على هذا الحال، وهذا العالم الذي يسمونه متحضرا ينظر إلى هذه المناظر -والصور ترسل في كل ثانية- ويتفرج، هؤلاء الغرب المجرمون يتفرجون وكأن العالم -كل العالم، إلا من رحم الله- يقول بلسان حاله: يا طاغية الشام، إلى مزيد من القتل والتدمير أنت وخامنئي والمالكي وحسن نصر اللات ومن معكم من الباطنيين وأنصاركم من الروس والصينيين، خذوا راحتكم.
يقول مبعوثوهم: إنها حرب أهلية! حارات تُدمَّر من السماء بالطائرات ثم يقول هذا الأحمق الأبله الخبيث، يقول: إنها حرب أهلية!.
أيها الإخوة الكرام: لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل! حسبنا الله ونعم الوكيل على دول الكفر ودول الإجرام التي تمنع المسلمين من تسليح إخوانهم وهم يرون عدوهم الباطني يصب السلاح صبا على إخوانه المجرمين الباطنيين في الشام، تصب عليهم الأسلحة من إيران جوا وبحرا وبرا ومن روسيا ومن الصين ومن العصابات في العالم كله.
والعالم يدعي أنه عالم متحضر! أين هؤلاء؟! العالم اليوم بهذا السكوت المريع، العالم يستحق العقوبة، المسلم الضعيف ماذا يملك إلا الدعاء؟ ورأيتم ماذا صنع الدعاء؟ ما أصاب رأس الكفر من هذا الإعصار المسمى بـ "ساندي"، والله! إنه عقوبة إلهية، إنه جند من جند الله -تبارك وتعالى- وسندعو عليهم بالأعاصير والزلازل وكل الطواعين.
إنَّ الله -جل وعلا- أَمَرَنا بالدعاء، وهو عبادة؛ فهل سننسى -أيها الإخوة- الملايين الذين قُتِلُوا وشُرِّدوا وهُجِّروا في أفغانستان والعراق؟! هل سننسى أنَّ العراق قد سُلِّمَتْ على طَبَقٍ من ذهَبٍ إلى إيران؟! هل سننسى الملايين من الأطفال الذين تيتَّموا؟! والنساء اللاتي ترمَّلْنَ في العراق وفي فلسطين وفي أفغانستان؟!.
الإنسان لا ينسى مثل هذه المآسي، هل سننسى معتقلاتهم في جوانتناموا وغيرها، هل سننسى الإساءات المتكررة للقرآن وللرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ وما نحن ببعيدين عن الفيلم المسيء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يقولون: حرية الرأي!.
نعم؛ إنها حرية قانون الغاب الذي يحكمه هؤلاء المجرمون، قال الله -تعالى-: (وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ) [الرعد:31]، وقال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود:102]، وقال -تعالى-: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ) [الأعراف:97].
نعم أيها الإخوة: إن هؤلاء أمنوا مكر الله، (فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف:99]! إنهم يرون الإسلام والمسلمين في أماكن كثيرة من العالم، يرون ما يراه غيرهم ولا يحركون ساكنا؛ بل بالعكس، هم يساعدون على تدمير الأمة الإسلامية وتدمير المسلمين؛ لأن الأمر لم يعد خافيا على أحد، نعم أيها الإخوة، رصدوا الإعصار واستطاعوا إجلاء الملايين، وساعد هذا بلا شك على نجاة ملايين من البشر في أمريكا من الهلاك، لكن قوة الله غالبة.
مع الاستعداد، ليس لهم إلا أن يتفرجوا! هل يردون قضاء الله؟! هل يقولون للإعصار توقف؟! لا والله! نقطة مطر من السماء لا يستطيعون ردها.
أيها الإخوة المؤمنون: لقد وقف هؤلاء الكفرة عاجزين لأن قوة الله لا يضادّها أحد، وسيمحقهم الله -عز وجل-، لكننا نستعجل، إننا نستعجل، هذه صفتنا، والله -تبارك وتعالى- له الحكمة البالغة.
الله -عز وجل- محق عاداً وثمود وقوم لوط قبل هؤلاء الكفرة، وما هي من الظالمين ببعيد، عاد، وهم سلف هؤلاء المتجبرين المتكبرين، ماذا قال الله عنهم؟ (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ) [فصلت:15-16]
فنسأل الله -تبارك وتعالى- أن يزيدهم من هذه الأعاصير، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم إن الكفرة قد طغوا وبغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، اللهم فصُبَّ عليهم يا ربنا سوط عذاب، إنك على كل شيء قدير.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فيا أيها الإخوة المؤمنون: هذه العقوبات الإلهية يسمونها كوارث طبيعية، وهذه الأسماء فيها إشكالات من الناحية الشرعية، من الناحية اللغوية أصلا تسميتها بالكارثة فيه نظر، ونسبتها إلى الطبيعة هذا أيضا خطأ، هذه عقوبات إلهية وآيات ربانية.
هذه العقوبات الإلهية والآيات الربانية كالأعاصير والزلازل واللهِ إنها جند من جند الله -تبارك وتعالى- يسلطه على من يشاء -سبحانه وتعالى-، هذا الكون كله بيد الله، لا يقع في ملك الله إلا ما يشاء، والله لا تموت ذبابة إلا بإرادة الله وإذنه -سبحانه وتعالى-.
هذه العقوبات تقع وفق حكمة رب العزة -سبحانه وتعالى-، مَن كان بين هؤلاء ممن لا يستحق العقوبة نسأل الله -تعالى- أن ينجيه، إذا حصلت عقوبات عامة المسلم يسأل لإخوانه المسلمين النجاة من هذه الأشياء، فنسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينجي إخواننا المسلمين من كل بلاء في العالم.
لكن الكفرة يستحقون ما أصابهم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو القدوة وهو المرجع في مثل هذه الأشياء كان -عليه الصلاة والسلام- يدعو، دعا على قبائل بعينها، قال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر"، دعا على قبائل بعينها آذت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآذت المسلمين فدعا عليهم، دعا على أناس بأسمائهم والناس يؤمّنون، دعا عليهم -عليه الصلاة والسلام-، قال: "اللهم اجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف".
دعا -عليه الصلاة والسلام- فاستجاب الله دعاءه، دعا على صناديد قريش فسحبوا كالبهائم الميتة في بدر، نعم أيها الإخوة، هذه هي السنة، فمن السنة الدعاء على من يحادّ الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
هؤلاء الكفرة المتغطرسون، الغرب، الذين طغوا في البلاد وامتصوا خيرات العالم، صاروا أوصياء على عباد الله في بلدانهم، سرقوا خيرات العالم كله، أفقروا العالم، أناس يموتون من الجوع وهم يتمتعون بكل ألوان الفواحش -نسأل الله العافية-، هذه متع هؤلاء الحيوانات.
نعم أيها الإخوة، هذا هو الواقع، العالم يعيش بؤسا على حساب هؤلاء المترفين الذين يعبثون بثروات الأرض ويقولون: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)؟ الله -عز وجل- أشد منكم قوة، وسنرى بإذن الله.
الاقتصاد اليوم أصابهم في مقتل، لكن الاقتصاد بطيء يحتاج إلى من يفقه، بدأت أزمات -وأنتم ترون أيها الإخوة- تعصف الآن بأوروبا، أوروبا الآن على حافة الانهيار، يا من يفقه في الاقتصاد اقرأ: أمريكا على حافة الانهيار، وسترون إن عشنا وعشتم أيها الإخوة، بإذن الله -عز وجل-، سترون.
الله -سبحانه وتعالى- يمهل ولكنه لا يهمل، فنسأل الله -جل جلاله- أن يستجيب دعاء الموحدين، كم من الأيدي -أيها الإخوة- امتدت في بلاد الشام والعراق تدعو على من ظلمهم؟.
العراق، هل هذه بلاد تسكن الآن؟ مَن الذي فعل بها هذا؟ من الذين أوصل إخواننا في العراق إلى ما وصلوا إليه؟.
نسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصب على هؤلاء الكفرة العذاب صبا، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
اللهم إننا لا حول لنا ولا قوة إلا بك، لا نملك إلا الدعاء فاستجب دعاءنا يا رب، اللهم عجل عقوبة الظالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم