أزمة أمة

ناصر بن محمد الأحمد

2012-10-30 - 1433/12/14
عناصر الخطبة
1/ نكبات وأزمات مرت بأمة الإسلام على مر تاريخها 2/ أزمة الردة 3/ أزمة الحروب الصليبية وحروب التتار 4/ أزمة الأندلس 5/ وسائل الأعداء في المكر بالمسلمين

اقتباس

لقد مرت الأمة في تاريخها الطويل بأزمات كثيرة، بل نكبات كثيرة، كان المسلمون يفقدون فيها تمكنهم في الأرض أحيانًا، وأحايين كثيرة كانوا يفقدون أمنهم وطمأنينتهم، وأحيانًا كانوا يفقدون ديارهم وأموالهم، وهكذا الفتن والمصائب والنكبات إذا نزلت بالأمم وحلّت بالشعوب. لكن الأمة الإسلامية لم تمر بتجربة أقسى، ولا وضع مؤلم، ولا واقع مشين، من ..

 

 

 

 

أما بعد: لقد مرت الأمة في تاريخها الطويل بأزمات كثيرة، بل نكبات كثيرة، كان المسلمون يفقدون فيها تمكنهم في الأرض أحيانًا، وأحايين كثيرة كانوا يفقدون أمنهم وطمأنينتهم، وأحيانًا كانوا يفقدون ديارهم وأموالهم، وهكذا الفتن والمصائب والنكبات إذا نزلت بالأمم وحلّت بالشعوب. لكن الأمة الإسلامية أيها الأحبة، مع ما سبق ذكره، لم تمر بتجربة أقسى، ولا وضع مؤلم، ولا واقع مشين، من تجربتها ووضعها وواقعها الحالي، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

إليكم نماذج وأمثلة، من نكبات وأزمات مرت بأمة الإسلام على مر تاريخها، ثم كيف اجتازتها وخرجت منها؛ لنصل إلى أزمتنا الحالية، وما السبب في بقاء الأمة هذه الفترة الطويلة من الزمن، دون مخرج. فنبدأ بـ:

- أزمة الردة: أزمة حادة ولا شك، دولة الإسلام كانت دولة ناشئة، طرية، وكان أمامها عقبات كثيرة، يُطلب منها أن تجتازه فتأتي قبائل بأكملها كانت قد دخلت في الإسلام، وكان يؤمّل عليها أشياء وأشياء، فإذا بالخبر أنها قد ارتدت عن الدين، ورجعت كافرة مشركة.

أزمة مرت بالمسلمين، لكن منذ بدايتها وفي أول لحظة منها لم يخالج الصحابة أدنى شك في أن النصر سيكون للدولة المسلمة وليس للمرتدين هنا أو هناك، لماذا؟ ما هو السبب؟ السبب هو أن صلتهم بربهم، وإخلاصهم لدينه، وصدقهم مع الله، كان أضعاف أضعاف إيمان المرتدين بباطلهم المزيف الذي يقاتلون من ورائه، مع خلو موقفهم من أية قيمة حقيقية إلا الهوى والشهوات !

وما كان من جزع الصحابة رضي الله عنهم ومشورتهم على أبي بكر رضي الله عنه بالتريث في قتالهم، لم يكن ذلك لشك في نفوسهم أن الله سينصر دينه، إنما كانت مشورتهم من أجل إتاحة الفرصة لتجميع الجيش الكافي للمعركة، ولكن إيمان أبي بكر الراسخ، وثقته العميقة بوعد الله بالتمكين لهذا الدين في الأرض، وحساسيته المرهفة أن يترك الخارجين على أمر الله، دون أن يسارع في توقيع العقوبة التي أمر الله بإنزالها بهم كل ذلك قد فعل فعله في نفوس الصحابة رضوان الله عليهم، فوقفوا صفًّا واحدًا خلف أبي بكر، ونصر الله دينه كما وعد، ومرت الأزمة بشكل طبيعي.

- تأتي أزمة ثانية: فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه؛ خليفة المسلمين، أمير المؤمنين، الحاكم يقتل في بيته، من بين أهله وعلى مرأى ومسمع من الناس، والصحابة حضور يشهدون الحادثة. إنها أزمة حادة ولا شك ابتُلي بها المسلمون والدولة ما تزال في نشأتها، وعداوات الأرض قائمة من حولها. لكن الناظر إلى مجريات الأمور يومئذٍ، يرى أن هذه الأزمة أيضًا مر ولم يحصل شرخ في الدولة ما السبب؟

السبب هو لأن الخلاف الذي حصل بين المسلمين على كل عمقه وعلى كل ما أثاره من فرقة في صفوف المسلمين، كان خلافًا على من يتولى الأمر ليمكِن للإسلام في الأرض، ولم يكن خلافًا على الإسلام ذاته، انتبه، لم يكن خلافهم على الإسلام ذاته هل يصلح أن يكون قاعدة حياتهم، هل نحكم به أو لا نحكم، هل نأخذه كله أو بعضه، هذه القضايا كانت محسومة عندهم ولهذا عندما تأتي أزمة كهذه، قتل ولي أمر المسلمين، لا يمكن أن يسبب ذلك سقوط للدولة، أو شرخ في نظام الحكم، فيُعالج الأمر، فتعود المياه إلى مجاريها لأنه ما تزال نفوسهم مشبعة بالإيمان، وقناعتهم بالإسلام بأنه منهج حياة.

مثال ثالث: أزمة الحروب الصليبية وحروب التتار، التي عصفت بالأمة، وقتًا من الزمن، كانت أزمة حادة في حياة المسلمين، وبدا أنها يمكن أن تطيح بالكيان الإسلامي كله، وتجتث المسلمين من الأرض، لكن ماذا كانت النتيجة كانت النتيجة الواقعية غير ذلك، وجاء النصر من عند الله في النهاية.

أما البداية فقد هزم المسلمون أمام أعدائهم الصليبين، لأن واقعهم كان واقعًا سيئًا مليئًا بالمعاصي والبدع والخرافات والانحرافات والشتات والفرقة، والانشغال بالدنيا عن نصرة دين الله والتمكين له في الأرض لذلك اجتاحت جيوش الأعداء أراضي المسلمين وأزالت سلطانهم إلى حين.

لكن في النهاية جاء نصر الله عز وجل. لماذا؟ لأن جذوة العقيدة كانت ما تزال حية في النفوس، وإن غشيتها غاشية من التواكل والسلبية أو الانشغال بشهوات الأرض، فما أن تحرك العلماء، وجاء القادة المخلصون الذين يردون الناس إلى الجادة بدعوتهم، للرجوع إلى حقيقة الإسلام حتى صحت الجذوة واشتعلت.

قام صلاح الدين الأيوبي، يقول للناس، لقد هزمتم لبعدكم عن طريق الله، ولن تُنصروا حتى تعودوا إلى الطريق، وقام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، يدعو لتصحيح العقيدة، مما طرأ عليها من غبش المتكلمين وضلالاتهم، ومن تحريف الفرق وتأويلاتهم، وصاح قطز، صيحته الشهيرة: وا إسلاماه. وتبعتهم جماهير الأمة المسلمة، فصدَقت الله في عقيدتها وسلوكها وأخلاقها، فجاء نصر الله جل وتعالى، وتغلّب المسلمون على أضعافهم من المشركين والكفار. قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11]، وأولئك غيّروا ما بأنفسهم فغير الله حالهم من هزيمة وذلة، إلى نصر وعزة، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.

مثال رابع: أزمة الأندلس: أقام المسلمون دولة في أرض الأندلس، بهرت الشرق والغرب، حيّرت القريب والبعيد في منجزاتها وحضارتها وإدارتها. لكن ما هي إلا سنوات، وتسقط هذه الدولة، عقابًا ربانيًّا من الله للمسلمين، على تفرقهم في نهاية الأمر، وتشتتهم، وحرب بعضهم لبعض، بل وتعاونهم مع أعدائهم من الصليبيين ضد بعضهم البعض. واتخاذ أولئك الأعداء الكفار، بطانة من دون المؤمنين، مخالفة لأمر الله، وهم لا يألونهم خبالاً بالإضافة إلى الفتنة بشهوات الأرض، المباح منها وغير المباح.

ومن عقوبة الله جل وتعالى: أن الأندلس لم تعد إلى حظيرة الإسلام، وخرج المسلمون من الأندلس وقُتل منهم من قتل، وسُبي من سبي، لكن كل هذه الأزمة على حدتها هل قضت على المسلمين؟ الجواب لا. فإن طاقة الأمة في مجموعها لم تكن قد استُنفدت ففي ذات الوقت الذي انحسر فيه ظل الإسلام عن الأندلس، كانت هناك دولة فتية قوية شابة في سبيلها إلى التمكن في الأرض، وهي الدولة العثمانية، وفعلاً استطاع المسلمون الأتراك أن يقيموا دولة إسلامية تحفظ كيان المسلمين أربعة قرون كاملة. 400 سنة، أرعبت دول الغرب في ذلك الوقت وأحيت فريضة الجهاد في سبيل الله، وامتدت داخل العالم الصليبي حتى وصلت "فينّا" ودخل في الإسلام على يديها ملايين من البشر في أوربا وآسيا على السواء.

أيها المسلمون: إن ما ذُكر مجرد أمثلة سريعة من بعض مصائب وأزمات الأمة على مر تاريخها الطويل، وكيف أنها اجتازت كل العقبات والمعوقات.

نأتي للفترة الحالية التي تمر بها الأمة، هذه الأزمة التي يعانيها المسلمون اليوم هي أقسى وأشد من جميع الأزمات السابقة، من جهة، ومن جهة أخرى طالت عن سابقاتها، وصار الناظر يرى أن الفجر بعيد.

عندما وقعت الحروب بين المسلمين والصليبيين، والتي استمرت حوالي 200 عام وجاء بعدها غارات التتار على ديار المسلمين، كان المسلمون قد شغلوا عن الإسلام الصحيح ببدع وخرافات ومعاصي وتواكل وتقاعس وقعود عن الأخذ بالأسباب، ولكن الإسلام ذاته لم يكن في نفوسهم موضع نقاش، لا بوصفه عقيدة، ولا بكونه نظام حكم ونظام حياة، وحتى حين كانوا يُهزمون أمام الصليبيين وأمام التتار، ومع ما كان يُنـزِل بهم أعدائهم من القتل والقهر والخسف، لم يكن صدى الهزيمة في نفوسهم هو الشك في الإسلام، بل كانوا يعتقدون بأن ما أصابهم ما هو إلا لبعدهم عن الدين. كانت تنـزل بهم الهزائم والنكبات لكن لم يكونوا يتطلعون إلى ما عند أعدائهم من عقائد أو أفكار أو نظم أو أنماط سلوك.

بل كانوا يشعرون حتى وهم مهزومون بازدراء شديد لأعدائهم. كان التتار في حسهم همجًا لا دين لهم ولا حضارة، كان الصليبيون في نظرهم هم الكفار المشركون عباد الصليب كانوا يرونهم منحلي الأخلاق لا غيرة لهم على عرض ولا حفاظ. لذلك لم يهنوا، حتى وهم مهزومون أمام أعدائهم فترة غير قصيرة، ولم يشعروا أنهم أدنى من أعدائهم. بل كان يتمثل فيهم قول الله تبارك وتعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139] وكانوا مؤمنين.

نسأل الله جل وتعالى إيمانًا في قلوبنا، وعملاً صالحًا لآخرتنا، وأن يهيئ لهذه الأمة من أمرها رشدًا، وأن يعجل فرجها إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله..

أما بعد: إن واقع المسلمين في أزمتهم الحالية ونكباتهم المعاصرة كما قلنا أشد من كل سابقاتها؛ لأن الدين نفسه قد تزعزع في نفوسهم، هذا هو السبب تخلخلت العقيدة في القلوب فأصبح الشك في صلاحية الإسلام، وحصل الانبهار بحضارة الغرب، وصار الإعجاب بإنجازات الكافر، وفتح باب الاستيراد من الغرب على مصراعيه، يستورد السيارات والأجهزة والأدوات والأثاث، ويستورد معه الأخلاق والسلوك والأفكار بل والعقائد، ونظم الحكم والتشريع، فأصبح هناك مسافات بعيدة جدًّا بين الإسلام الصحيح وبين واقع المسلمين، عبادات الناس قد تغيرت، أخلاقهم تغير سلوكهم تغير، بل دينهم تغير والعياذ بالله، خلت حياة الناس من الروح، وأصبحت الحياة كلها تقاليد موروثة، يُحافظ عليها من أجل أنها تقاليد، لا من أجل أنه دين، فالعبادة تقاليد، والسلوك تقاليد، وحجاب المرأة الذي صار كل يوم يتقلص تقاليد، وقضية العرض في بعض المجتمعات أيضًا صار تقاليد.

لقد عرف العدو في هذه المرة كيف يغزو العالم الإسلامي، لم يستخدم في هذه المرة الدبابات ولا قاذفات القارات، استخدم ما يسمى بالغزو الفكري، ترك الغزو الفضائي والغزو البري، وأحكم قبضته على العالم الإسلامي بالغزو الفكري، وهو أن يسلط على المسلمين فكره وخلقه وسلوكه.

الغزو الفكري أن يقنع مجتمعات المسلمين بكل ما لديه، الغزو الفكري أن يجعلك تنظر للغرب بأنه هو الأعلى وهو الأكمل وما عنده هو الأحسن، وتشعر في قرارة نفسك بالذلة والمهانة، فإذا حصل هذا، وقد حصل كل هذا وأكثر مع كل أسف. سلّم المسلمون ديارهم وأموالهم للغرب، يلعبون فيه كيفما شاءوا، ويأخذون ما شاءوا دون حسيب ولا رقيب وصارت خيرات هذه الأمة تستنـزف، لتصب في جيوب وبطون أعداء الأمة.

وهل توصل الغرب إلى ما توصل إليه، في يوم وليلة؟ بالتأكيد لا، لكن الأهم من هذا معرفة بعض طرقه التي استخدمها للتوصل لمراده.

من هذه الطرق والوسائل: أنه سُلط على العالم الإسلامي إعلامًا متكاملاً مقروءًا ومسموعًا ومشاهدًا، وكله يصب في قناة واحدة، تقبل فكر وخلق وسلوك الغرب، وإظهاره بمظهر الأفضل، وانتقاد كل ما له تعلق بالدين من جهة أخرى، مرة عبر مقالة لمن يهوى القراءة، ومرة عبر أغنية لمن يهوى الاستماع، ومرة بل ومرات عبر تمثيليات ومسرحيات ساقطة كله يقوم على العشق والحب والغرام، يهدم أخلاق وقيم الإسلام في نفوس الناشئة الذين يتلقون هذا السيل الجارف، ومع كل ما خرّب وهدم ودمر الغرب في ديار المسلمين لم يقتنع بعد، وصار بعد كل فترة يخرج لنا بجديد لإيصال نتنة وزبالة فكره وخلقه لمجتمعات المسلمين، فخرج علينا في السنوات الأخيرة، بهذه الأطباق التي وضعها عدد غير قليل من المسلمين فوق بيوتهم، إعجابًا بها، وانبهارًا لما تنقله وتدخله في كل بيت، فأصبح الغرب وهو في مكانه، وعبر هذه القنوات، يُدخِل في بيوت المسلمين ما يشاء من فكر وخلق وسلوك ودين لا يمر على رقابة إعلامية ولا غير إعلامية، ويربي كل من في هذه البيوت، التربية التي يريدها.

واليوم جاءت شبكات الإنترنت بالإباحية والعري الفاضح، وقد بلغ عدد المواقع الإباحية على الشبكة أكثر من نصف مليون موقع، أكثر من نصفها تهتم بالشذوذ والعياذ بالله.

إن هذه الشبكات بوضعها الحالي تمثل خطرًا داهمًا على دين الأمة وعقيدتها وأخلاقها وعاداتها، وما مقاهي الإنترنت المنتشرة في كل شارع وزاوية إلا أوكار للفساد، وبيوت للدعارة، فتأملوا إلى أيّ حد وصل بعض التجار النفعيين عندنا حتى بدءوا يتاجرون بدين الأمة وأخلاق شبابها بل وشاباتها، وأظن أن بعض أولياء الأمور لا يعلمون بأن عدد من المشاغل النسائية بدأت بتجهيز غرفة خاصة لمن تريد أن تستخدم الشبكة، وأصبحت المشاغل أشبه ما تكون بالمنتديات لتجمع الفتيات، والأب يظن أنها ذهبت للمشغل من أجل أصلاح ملابسها، ولم يعلم أنها ذهبت لتذبح أخلاقها وتقتل حيائها.

أيها المسلمون: وإذا كانت شبكات الإنترنت تشكل خطرًا أخلاقيًّا على المجتمعات الكافرة الإباحية فما بالك بمجتمعاتنا، ففي أمريكا تقول إحصائياتهم أن نسبة 70% من مستخدمي الشبكة يستخدمونها لأغراض جنسية، هذا وهم في مجتمع متفسخ يجدون الجنس في شوارعهم وفي واقع حياتهم أكثر من وجوده على الشبكة، فما هي النسبة المتوقعة في مثل مجتمعاتنا.

أيها الأحبة: يتوقع إن لم يتغمدنا الله بلطفه ورحمته، أنه في خلال سنوات قليلة يتم غسل أدمغة شباب وشابات المسلمين من أبناء هذه الأمة غسيلاً فكريًا كاملاً، يعجبون بكل ما عند الغرب وتربيهم هذه الدشوش وهذه الشبكات على قلة الحياء وضعف الخلق، واللامبالاة، ويحرك فيهم الغرائز الجنسية فيخرج علينا جيل ينادي بالإباحية ويحارب الفضيلة كما حصل تمامًا في بعض البلدان الإسلامية من قبل، وصار أبناء البلد، هم الذين يحاربون الدين والخلق والفضيلة، وهم الذين يطالبون بأن تخرج المرأة، وهم الذين ينادون بأن أحكام الإسلام فيها شدة، وهم الذين يبحثون عن من يبيح لهم ما حرم الله، ولم تغب هذه عن بال أعداء الشريعة وخصوم الملة، فأوجدوا إن صح التعبير مشايخ الشاشات ومشايخ الفضائيات، أباحوا للناس والعياذ بالله أمورًا محرمة معلومة من الدين بالضرورة. فهذا يفتي بإباحة الغناء، وآخر يفتي بإباحة أكل الربا من خلال أخذ الفوائد البنكية، وثالث ورابع وعاشر، فتميع أحكام الدين بسبب مشايخ الفضائيات.

أيها المسلمون: ثم هذه الجرائم الأخلاقية التي تزعجنا بأخبارها يوميًا وهذه المشاكل التي أيضًا نسمعها يوميًا في المجمعات التجارية والأسواق، وما يحصل بين البنات والأولاد، إلا والله المستعان من بعض آثار القنوات والشبكات وما هي إلاّ إرهاصات، وإنذار بشيء أخطر من ذلك لا يحمد عقباه إن لم يتغمدنا الله برحمته. نسأل الله جل وتعالى الستر والعافية.

أيها المسلمون: إنها حقًا أزمة حادة، بل أزمات، يحمل همها العلماء الربانيون والدعاة المخلصون وطلاب العلم العاملون، والصالحون الطيبون من أمثالكم. فالوضع بحاجة إلى تكاتف الجميع، وشعور الجميع بالمسئولية وأن نبدأ بإصلاح أنفسنا وبيوتنا، وأن نهتم ونتابع أولادنا، وبناتنا بكل دقة، والثقة الزائدة، تكون في كثير من الأحيان سلبية.

نسأل الله عز وجل أن يهيئ لنا من أمرنا رشدًا..
 

 

 

 

المرفقات

أمة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات