ليل الظالمين ونهاية الطغيان

حسان أحمد العماري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ ليل الظالمين 2/ أين فرعون وهامان؟! 3/ أسباب الطغيان 4/ أخطر الأمراض الاجتماعية 5/ أعظم صفات الظالمين والطغاة 6/ الظلم ظلمات يوم القيامة.

اقتباس

الظلم لا يدوم ولا يطول، وسرعان ما ينتهي ويزول، وسيعلم الظالمون عاقبة الغرور، فالزمان عليهم سيدور، وليل الظلم والطغيان لا بد أن يبزغ بعده فجر الحرية والعدالة والكرامة .. فجر تسود فيه قيم الحق والخير ، فجر يأمن الخائف، وينصف المظلوم، وتُرد الحقوق، ويُقتص من الباغي.. فهذه هي سنةُ الله تعالى في خلقه، فلا يغترن أحد بالإمهال، فإنه ليس بإهمال ولقد توعد الله تعالى الظالمين بالهلاك، وها نحن نرى...

 

 

 

 

الحمدُ لله إليه تصير الأمور، وبيدِه تصريفُ الدّهور، أحمده سبحانه وأشكره، عمَّ الخلائقَ فضلُه وإحسانه، ووسِع المذنبين عفوُه وغفرانُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، عظُم شأنه وعزّ سلطانه وجل ثناؤه وتقدست أسماؤه ،... وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله، بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً ...

يا خير من جاء الوجود تحية *** من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بك بشر الله السماء فزينت *** وتضوعت مسكًا بك الغبراء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى *** وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا *** لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب *** هذان في الدنيا هما الرحماء

صلّى الله وسلّم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: عباد الله : مهما طال ليل الظلم ومهما زاد الطغيان ومهما تكبر وتجبر الإنسان وظلم وتعدى واستعبد الناس من حوله بماله وقوته وسلطانه وجبروته وطغيانه إلا أن فجر الحرية ونور العدالة لا بد أن يأتي ليبدّد تلك الظلمات .. ذلك أن الإنسان وُلد حراً لا يجب أن يخضع لظلم ظالم ولا لمتجبر مهما بلغت قوته وتعالى نفوذه وكثر أتباعه إنما يخضع لله الذي بيده كل شيء والذي يحكم فلا معقب لحكمه ويقضي فلا راد لقضائه، والكون وما فيه خاضع لمشيئته وقدرته وإرادته ..

إن الله عز وجل يقول: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [القصص:2] لقد عاش فرعون وجنوده حياة طويلة فيها الظلم والاستعباد والحرمان بكل صوره حتى قال فرعون في تكبر وتجبر (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [القصص:38] وكان ينادي (ياقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ) [الزخرف:51] وكان يقول (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ) [غافر:29]!!

من كان يظن أن كل هذا التكبر والتجبر سيأتي عليه يوم ويأذن الله بنهايته وزواله بل ويصبح فيما بعد عبرة للمعتبرين ودرساً للطغاة والظالمين قال تعالى: (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمّ فَنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظّالِمِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مّنَ الْمَقْبُوحِينَ) [القصص:40-42].

أيها المؤمنون/ عباد الله : إن هذه هي سنة الله يملي للطغاة والظلمة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر وإنها لسنة الله أيضاً في حفظ أوليائه والتمكين لهم في الأرض قال تعالى (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ) [الروم:47] وقال تعالى: ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَلِبُونَ )[الصافات:171- 173] ..

فموسى عليه السلام كان ممن توعدهم فرعون بالقتل والتصفية الجسدية وما زال في بطن أمة فمكر فرعون وجنوده والله خير الماكرين وولد موسى وألقت به أمه في البحر خوفاً عليه من القتل وهل يعقل هذا ؟ إنه كان يجب عليه إذا كانت تخاف عليه أن تضمه إلى صدرها .. لكنها الثقة بالله قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص:7] .. فأخذه فرعون ليكون له ولد ولم يكن يعلم أنها مقادير الله وأن نهايته ستكون على يدي هذا الطفل الرضيع ولكنها إرادة الله إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون .. وإنها لعبرة وعظة لكل متجبر وظالم طغى في هذه الأرض.

عباد الله : إن الطغيان مجاوزة الحد وإن من أعظم أسبابه الكبر والعجب بالنفس وعدم الخضوع للحق فالله عز وجل قال في فرعون وجنوده ( وَسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ) [القصص:39].

وقال تعالى مبيناً سبب الطغيان والجحود الذي وصلوا إليه وأن سببه الكبر وهو رد الحق وعدم الخضوع للشرع وازدراء الناس والتعالي عليهم (وَجَحَدُواْ بِهَا وَسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل:14] ... ذلك أن الكبر ممقوت، وهو من شر الصفات، ومن أخطر الأمراض الاجتماعية، والمتصف بالكبرياء منازع لله وعدو للإنسانية؛ وهو خُلق إبليس، ومعصيته الأولى، فقد رفض السجود لآدم تكبراً واستعلاءً فحل عليه غضب الله: (قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) [الأعراف: 13].

والكبر يعنى رفض الحق وعدم قبوله ويعني السخرية والاستهزاء بالآخرين والتفاخر بالأحساب والأنساب وهو شعور المتكبر بأنه أفضل من غيره بما يمتلك من مال وأتباع أو قوة أو علم أو منصب وجاه ... يقول سبحانه وتعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ) [الأعراف: 146].

فبعض الناس يتصور أن الرجوع إلى الحق ضعف، وأن العودة عن قوله أو فعله الخاطئ اهتزاز في شخصيته، ويأتي الشيطان لينفخ فيه فيقول له: إذا تراجعت فأنت ضعيف شخصية، بينما الحقيقة بخلاف ذلك. كان جبلة بن الأيهم .. ملكاً من ملوك غسان .. دخل إلى قلبه الإيمان .. فأسلم ثم كتب إلى الخليفة عمر رضي الله عنه .. يستأذنه في القدوم عليه .. سرّ عمرُ والمسلمون لذلك سروراً عظيماً .. وكتب إليه عمر: أن اقدم إلينا .. ولك ما لنا وعليك ما علينا .. فأقبل جبلة في خمسمائة فارس من قومه .. فلما دنا من المدينة لبس ثياباً منسوجة بالذهب .. ووضع على رأسه تاجاً مرصعاً بالجوهر .. وألبس جنوده ثياباً فاخرة .. ثم دخل المدينة .. فلم يبق أحد إلا خرج ينظر إليه حتى النساء والصبيان .. فلما دخل على عمر رحَّب به وأدنى مجلسه ! .. فلما دخل موسم الحج .. حج عمر وخرج معه جبلة .. فبينا هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزاره رجل فقير من بني فزارة .. فالتفت إليه جبلة مغضباً .. فلطمه فهشم أنفه .. فغضب الفزاري .. واشتكاه إلى عمر بن الخطاب .. فبعث إليه فقال : ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك في الطواف .. فهشمت أنفه ! فقال : إنه وطئ إزاري ؟ ولولا حرمة البيت لضربت عنقه.

فقال له عمر : أما الآن فقد أقررت .. فإما أن ترضيه .. وإلا اقتص منك ولطمك على وجهك .. قال : يقتص مني وأنا ملك وهو سوقة ! قال عمر : يا جبلة .. إن الإسلام قد ساوى بينك وبينه .. فما تفضله بشيء إلا بالتقوى .. قال جبلة : إذن أتنصر .. قال عمر : من بدل دينه فاقتلوه .. فإن تنصرت ضربت عنقك .. فقال : أخّرني إلى غدٍ يا أمير المؤمنين .. قال : لك ذلك .. فلما كان الليل خرج جبلةُ وأصحابُه من مكة .. وسار إلى القسطنطينية فتنصّر .. فلما مضى عليه زمان هناك .. ذهبت اللذات .. وبقيت الحسرات .. فتذكر أيام إسلامه .. ولذة صلاته وصيامه .. فندم على ترك الدين .. والشرك برب العالمين .. فجعل يبكي ويقول :

تنصرت الأشراف من عار لطمة *** وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنفني منها لجاج ونخوة *** وبعت لها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني *** رجعت إلى القول الذي قال لي عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة *** وكنت أسيرًا في ربيعة أو مضر
ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة *** أجالس قومي ذاهب السمع والبصر

ثم ما زال على نصرانيته حتى مات .. نعم .. مات على الكفر لأنه تكبر عن قبول الحق والإذعان لشرع رب العالمين ... وهكذا هم الطغاة والمتكبرين وهذه هي سنة الله فيهم .. فهذا قارون أنعم الله عليه بالمال والجاه وكثرة الأتباع فتكبر على الله وظن إنما حصل عليه من مال ومن كنوز الذهب والفضة إنما كان بسبب ذكاءه وحنكته فقال تعالى مبيناً عاقبة الغرور والكبر محذرًا كل مسلم ومسلمة من عواقبه قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص 76- 77]، فكان رد قارون جملة واحد تحمل شتى معاني الفساد (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي).

لقد أنساه غروره مصدر هذه النعمة وحكمتها، وفتنه المال وأعماه الثراء. فلم يستمع قارون لنداء قومه، ولم يشعر بنعمة ربه.... (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ) [القصص 81] ..

وفي نهاية البرامكة عبرة للمعتبر حيث طغوا، وتجبروا، وظلموا، وتكبروا، حتى إنهم طلوا قصورهم بالذهب والفضة، ويوم شاء الله عز وجل أن ينتقم للمظلومين في هذه الحياة، سلط الله عليهم سنته ، فيسجنوا ويُقتل منهم من يُقتل، ويُسجن كبيرهم، ويدخل عليه أحد أبنائه في يوم عيد ويقول: أبتاه! بعد العز والغنى أصبحت في السجن وعلى التراب، قال: ألا تدري؟ قال: لا. قال: يا بني! دعوة مظلوم سرت في جوف الليل، نمنا عنها وليس الله عنها بنائم...

اللهم اهدنا بهداك ولا تولنا أحداً سواك ... قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه

 

 

 

الخطبة الثانية:

عباد الله : إذا كانت آثار الكبر والذي يعتبر من أعظم صفات الظالمين والطغاة خطيرة على الفرد فهي كذلك أشد خطراً على الأمم والشعوب والمجتمعات، وانظروا إلى قوم عاد وقد أعطاهم الله من النعم والخير الكثير وزادهم بسطة في الجسم والمال والذكاء والقوة ومع ذلك تكبروا وتجبروا، وقالوا: من أشدّ منا قوة؟! وأخذوا يستمتعون بالحياة على نحو مفرط، يتطاولون في البنيان، ويذهبون بأنفسهم، وإذا وقع بأيدهم ضعيف بطشوا به، لا يخافون قصاصاً! مَنْ يقدر عليهم؟... قال لهم نبيهم هود: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) [الشعراء: 128- 131] والريع: الربوة أو التل أو المكان المرتفع ...

 

فماذا كانت النتيجة قال تعالى : (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ) [فصِّلت: 15- 16].

 

عباد الله :- الظلم ما شاع في أمة إلا أهلكها ولا انتشر في بلدة إلا خربها ولا حل في قرية إلا دمرها قال تعالى (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَوْعِدًا) [الكهف:59]..

والظلم لا يدوم ولا يطول، وسرعان ما ينتهي ويزول، وسيعلم الظالمون عاقبة الغرور فالزمان عليهم سيدور يقول سبحانه وتعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [إبراهيم :42] ..

وليل الظلم والطغيان لا بد أن يبزغ بعده فجر الحرية والعدالة والكرامة .. فجر تسود فيه قيم الحق والخير ، فجر يأمن الخائف وينصف المظلوم وترد الحق ويقتص من الباغي .. قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود :102]، فهذه هي سنةُ الله تعالى في خلقه ، فلا يغترن أحد بالإمهال ، فإنه ليس بإهمال ولقد توعد الله تعالى الظالمين بالهلاك ، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ) [يونس: 13].. وها نحن نرى الظلمة والطغاة والمتجبرين يتساقطون وتسومهم سُنة الله في العذاب والهلاك بعد الظلم والتكبر والتجبر على البلاد والعباد .. فهل من متعظ ومعتبر قبل فوات الأوان؟!

وأنت أيها المظلوم ثق بالله وبقدرته ونصره فإنَّ مع العسر يسرًا ، ومع الصبر نصرًا ، وبعد الليل فجر، وبعد الشدة رخاء، وبعد الضراء سراء قال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح: 5- 6]، وقال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق: 7].

ولرب نازلة يضيق بها الفتى *** ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت أظنها لا تفرج

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين ... والحمد لله رب العالمين.
 

 

 

 

 

المرفقات

الظالمين ونهاية الطغيان

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
04-01-2021

يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا