ما أسمع الله!

محمد موسى العامري

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/ فضل معرفة الله بأسمائه الحسنى 2/ آثار تلك المعرفة 3/ تأملات في اسم الله السميع ووقفات معه

اقتباس

إنَّ الله تعالى يقول لكل مذنب تلفَّظ لسانه بحرام، أو وقع لسانه في كذب، أو في شهادة زور، أو نطق بكلام فاحش، أو سب نفسه، أو أباه، أو جيرانه، لكل من اغتاب، أو نَمَّ، أو نطق بغناء محرم، يقول الله جل وعلا: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) ..

 

 

 

 

تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، أحمده -تعالى- وأستعينه وأستهديه، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:102-103].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم:6]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7]، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2-3].

اللهم إنا نسألك أن تؤلف على الخير قلوبنا، وأن تلم شعثنا، وأن ترفع رايتنا، وأن تنصرنا على عدوك وعدونا يا قوي يا جبار.

أما بعد: أيها المؤمنون، ما الذي خسف بقوم لوط، ورفعت قراهم إلى السماء ثم ألقي بها إلى الأرض فجعل عاليها سافلها؟ لا يكون ذلك إلا بقوةِ قويٍّ قادرٍ، قادر على أن يجعل الجبال كالعهن المنفوش، وأن يدمر كل شيء إذا أراد.

وما الذي أغرق فرعون وقومه وجعل من البحر اثني عشر طريقاً إلا قوي قادر عزيز جبار؟ وما نزلت الرحمة على قوم يونس فقبلهم وعفا عنهم إلا كريم غفور رحيم.

أيها المؤمنون: إن لله -جل وعلا- صفاتٍ وأسماءً لو عرفناها حق المعرفة لزادت قلوبنا حباً لله، وشوقا إليه، وخوفاً وخشية من عذابه، لو عرفنا قوته ما هِبنا ولا خفنا من عدو أو مخلوق.

إن الله -جل وعلا- يعرفكم بنفسه في مخلوقاته، فمَن أنزل المطر من السماء؟ ومن أخرج الزرع من الأرض؟ ومن يحيي ويميت؟ ومن يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل؟ من يقف مع الصالحين، ويمحق الكافرين المعاندين؟ إنه الله، جل في علاه!.

(وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [الأعراف:180]، سمى الله -جل وعلا- نفسه بأسماء كلها حسنى، ووصف- جل وعلا- نفسه بصفات مثلى: (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) [الإسراء:110].

يقول الله لعباده المذنبين العاصين، الذين ضاقت بهم الدنيا وأظلمت عليهم، يقول لهم: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحشر:22-24].

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن لله تسعاً وتسعين اسماً، مَن أحصاها دخل الجنة" من أحصاها، أي: من حفِظَها.

أيها التقي: أتريد أن تعيش مع الله؟ أتريد أن تنسى الدنيا، وهمها، وضيقها، ومرضها، وفقرها؟ إذا أردت ذلك فعش مع أسماء الله -جل وعلا-، روى الإمام الترمذي -رحمه الله- في جامعه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الحافظ، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواحد، الماجد، الأحد، الفرد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، والمؤخر، الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم العفو، الغني، المغني، المعطي، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور".

أيها المؤمنون: هذه هي أسماء الله -جل وعلا-، فهل عرفناها؟ وهل وقفنا عليها؟ وما هو أثرها في حياتنا؟ عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه، وهمه، وأبدله مكانه فرحاً". فقيل: يا رسول الله! ألا نتعلمها؟ فقال - عليه الصلاة والسلام-: "بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها" أحمد وابن حبان وصححه الألباني.

أيها المؤمنون: تلك أسماء الله، نقف مع اسم واحد من أسمائه، اسم وصفة سمى بها نفسه واتصف بها في ذاته، السميع، وهي صفة السمع لله -جل وعلا-.

إنَّ الله -تعالى- يقول لكل مذنب تلفَّظ لسانه بحرام، أو وقع لسانه في كذب، أو في شهادة زور، أو نطق بكلام فاحش، أو سب نفسه، أو أباه، أو جيرانه، لكل من اغتاب، أو نم، أو نطق بغناء محرم، يقول الله -جل وعلا-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى:11]، ليس كمثله شيء في كل شيء، ليس كمثله شيء في السمع والعلم والإحاطة، يسمع كلامك ولو كنت في جوف الليل، في وسط بيتك لا يسمعك جيرانك، وقد أسدل الليل عليك ظلامه حتى إذا أخرجت يدك لم تكد تراها؛ لكن الله يراها ويعلم ما بداخلها.

إن الله جل وعلا يقول: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج:61]، يسمع الله كل من نطق في ليل أو نهار، وكل صغير وكبير، وكل من كان في باطن الأرض أو على ظهرها، ويسمع من كان في أعماق البحار، أو في أدغال الغابات، أو في المنازل، أو في الصحاري، يسمع أنين الباكين، وشكوى المظلومين، يقول الله -جل وعلا- لموسى وهارون بعدما بعثه إلى فرعون: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) [طه:46]، ويقول الله -جل وعلا- : (قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ) [الشعراء:15].

أيها الحبيب: يا من أطلقت لسانك لكل كلمة ترد على قلبك، يا من أطلقت لسانك بالغناء والمجون والفحش، اسمع إلى قول الله -جل وعلا-: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [الزخرف:80].

أيستحيي بعضنا أن يتكلم كلاماً بذيئاً أمام طفل من الأطفال، أو مسؤول عنه، أو مدير عليه، أو قريب منه، ولا يستحيي من الله، الذي يسمع دبيب النملة الصغيرة التي لا ترى؟ (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم) [الشعراء:218-220]، (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ) [آل عمران:181]، لقد سمع الله قول الذين قالوا (أي اليهود) إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا، يسمع كلامك، ويكتب في ألواح محفوظة.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء، إنه لَيسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى عليَّ بعضه وهي تشتكي زوجها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

خولة بنت ثعلبة زوجة أوس بن الصامت جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تشتكي تقول: يا رسول الله! إن زوجي أوس بن الصامت قد أكل مالي، وأفنى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت وانقطع ولدي ظاهر مني، يا رسول الله! أبعد هذا العمر، وهذا المال، وهذا الشباب، يقول لي زوجي أويس بن الصامت: أنت عليَّ كظهر أمي؟.

قالت عائشة: وكنت أسمع بعض الكلام ولا أسمع بعضه، قالت: تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء، سمع كل الحديث وأنا أسمع بعض الكلام ولا أسمع بعضه، فأنزل الله - جل وعلا- قبل أن تخرج هذه المرأة: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة:181]، كل ألفاظها وكلماتها.

هو الخالق، البارئ، الحكيم، القوي، السميع، البصير، يسمع كل شيء من مخلوقاته، وكيف لا يسمع كلامها وهل الذي خلقها؟ كيف لا يسمع كلامها وهو يعلم ما يجول في قلبها؟.

وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فكنا إذا علونا كبرنا بصوت مرتفع، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس، أربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبا، ولكن تدعون سميعاً بصيراً" رواه البخاري.

عباد الله: إن الله -جل وعلا- يسمع للعاصي في جوف الليل، وما يدور في صدره، وما ينطق به لسانه، فليتق الله ربه، وليخف من مولاه.

ولقد اجتمع عند الكعبة المشرفة -شرفها الله- رجلان من ثقيف، وكانا سمينين بطينين قليلي الفهم والتقوى، فقال أحدهما للآخر: أترى أن الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إذا جهرنا ولا يسمع إذا أخفينا؟ قال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله -جل وعلا-: (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ) [فصلت:22].

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، واحفظ ألسنتنا، اللهم اجعلها ذاكرة لك، مسبحة لك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى.

أما بعد: قال عمر -رضي الله عنه-: بينما نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم- إذ دخل علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يعرفه منا أحد، ولا يرى عليه أثر سفر، حتى إذا جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، ثم قال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام وأركانه، ثم قال: وما الإيمان؟ فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان وأركانه، ثم قال له: وما الإحسان؟! قال: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" متفق عليه. يرى أفعالك ويسمع أقوالك ويحصي سكناتك وحركاتك.

أيها المسلمون: نحن عباد ضعفاء، فإلى مَن نفِرّ، وإلى من نلجأ؟! إذا أردنا أن نعصي فهل لغير الله أرض يعصى عليها؟ وهل من مكان نعصي فيه لا يرانا الله به، ولا يسمعنا فيه؟ إننا عباد ضعفاء، ومنا مغفلون أغبياء يعصون الله وهم يعلمون أن الله يراهم، ويسمعهم، ومَن أعتقد أنه يعصي ولا يراه الله ولا يسمعه فقد كفر بالله؛ لأنه وصف الله أنه أصم لا يسمع، أعمى لا يرى، أفلا نستحي من الله أن نعصيه وهو يرانا؟ ومَن منا قادر على فعل معصية أمامكم في المسجد؟ ومن يقدر أن يأخذ رشوة أمامكم هنا في المسجد، فكيف يرتشي والله يراه؟! أو يكذب والله يسمعه؟! أو يعصي والله يرى مكانه؟! ما عرفنا الله حق معرفته، وما قدرنا الله حق قدره.

مَن أنقذ يونسُ بن متَّى الذي كان في جوف الليل في بطن الحوت في ظلمات البحر، وكان يقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فيسمعه الله -جل وعلا-؟.

ومن قبل توبة تائب بني إسرائيل عندما قام موسى -عليه الصلاة والسلام- يطلب من الله الغيث؟ قال: يا موسى إن في قومك رجلاً مذنباً، ثم شكا هذا العبد إلى ربه وتاب إلى مولاه ولم يسمعه موسى، بل سمعه الله فأنزل الغيث بعد ذلك.

ومن سمع نوحاً عندما شكا إلى مولاه؟ ومن سمع إبراهيم عندما رفع يديه إلى السماء؟ومن سمع محمداً عليه الصلاة والسلام وهو في الغار؟!.

من يسمع أنين المظلومين، ودعوات المسجونين، وندامات التائبين؟

إنه الله -جل وعلا-، فاعلموا أن الله سميع يسمع كلامنا، بصير يرى أفعالنا، أفلا نستحي من مولانا ونتقيه؟.

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، واجعلنا من المتقين والمحسنين، نسألك خير الأعمال والأقوال، والأفعال، اللهم املأ قلوبنا إيماناً.

اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها، ونعوذ بك من النار وجحيمها، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأذِل الشرك والمشركين، اللهم انصر عبادك المجاهدين في كل مكان،
اللهم اربط على قلوبهم، وثبت أقدامهم، وفك أسيرهم.

اللهم عليك بالظالمين والمعتدين، يا قوي يا جبار.

عباد الله: (إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90]، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

أسمع الله!

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات