عناصر الخطبة
1/ فضل يوم العيد 2/ مدى تأثرنا بالقرآن الكريم في رمضان 3/ تأثير القرآن الكريم على السلف 4/ عرض لموضوعات القرآن الكريم 5/ دعوة للفرح بالعيد مع استصحاب التقوى.اقتباس
زيِّنوا عيدكم بالتكبير وعموم الذكر، يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "أيام العيد أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى"، وأدْخِلوا السرور على أنفسكم وأهليكم، ولا تنسوا الأيتام والأرامل والفقراء. واجعلوا فرحتكم بالعيد مصحوبة بتقوى الله وخشيته، ولا تضيعوا حسناتكم في رمضان.
الخطبة الأولى:
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على نعمه التي لا تحصى، وآلائه التي تترا.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون: القرآن الكريم كتاب رب العالمين، من تمسَّك به نجا، ومن خلفه وراء ظهره شقِي.
عباد الله: أقبلتم على كتاب ربكم طيلة شهركم، ولا عجب فهو شهر القرآن، فماذا وجدتم؟ لقد كان القرآن موعظة، وأي موعظة لمن تدبره؟ (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الحشر:21].
لقد كان القرآن وما زال مؤثرًا في القلوب، ومؤثرًا في الناس، (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد:16]؛ فيقول وقد امتلأ قلبه رهبة من جلالة هذه الآيات: بلى يا رب قد آن، فيتوب ويقلع.
كان من السلف من يصل به الغضب مبلغه، فإذا تليت عليه آيات الله أذعَن لها وخشع لها، وأرغم نفسه على العمل بها. لما نزل قوله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور:22]، فلما سمعها أبو بكر وقد غضب على أحد أقربائه وقد آذاه في ابنته أم المؤمنين بالإفك، وكان ينفق عليه، قال: والله، لا أنفق عليه بعد اليوم؛ فلما سمع الآية وقد أخذت بمجامع قلبه هيبة لله وتعظيمًا، قال: بلى والله! أحب أن يغفر الله لي، ثم أرجع نفقته على قريبه كما كانت. هكذا كان كلام الله مؤثرًا في قلوب عباده المؤمنين.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون: ها أنتم أولاء قد قرأتم كلام ربكم في رمضان، ختمتموه مثنى وثلاث ورباع أو أكثر، قرأتم قصص أنبياء الله وصفوة خلقه، (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران:62].
أما وقفت عند مشهد ابنَي آدم وهما يمثّلان الخير والشر في البشرية، فأيهما اخترت؟ أما وقفت على مشهد نوح وهو ينادي ابنه بعاطفة البنوّة: (يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا) [هود:42]، في مشهدٍ للعناد والإصرار على الكفر والعصيان؟ أما تجولت مع أبي الأنبياء تارة مع أبيه وهو يدعوه برفق ولين: يا أبتِ! يا أبتِ!، وتارة وهو يقارع الحجة بالحجة: (إِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ) [البقرة:258]، (قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) [الأنبياء:62-63].
ألم تر إلى جهاد موسى مع قومه وعاقبة فرعون وهامان وقارون والعقوبات التي أنزلها الله على يهود؟ ألم تقف عند مشهد لوط وهو يدفع الفاحشة عن قومه، فلمّا أصروا على نجاستهم جعل الله عالي أرضهم سافلها، وما ربك بظلام للعبيد؟ ألم تقف -أيها الشاب- عند سورة الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف -عليه السلام-، وكيف قاوم فتنة النساء، وصبر على الأذى والظلم والسجن حتى كانت عاقبته خيرًا؟.
ألم تقف -أيها المريض- عند النبيّ الصابر أيوب وقد ابتلاه بالأمراض والأوجاع ثمانية عشر عامًا، وفقد أهله وأمواله حتى فارقه الناس، فما هو أن نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) [الأنبياء:84]؟.
ألم تقف عند ذلك النبي زكريا وقد كبر سنّه، ورَقّ عظمه، واشتعل الرأس منه شيبًا فنادى: (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء:89-90]؟
ألم تر -أيها الابن المبارك- إلى الابن الصالح إسماعيل وهو يعين أباه في بناء أول بيت وضع للناس؟ أرأيت طاعته المتناهية في تقبّل ذبحه فقال: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات:102]؟.
ألم تروا كيف نجّى الله خليله من النار؟ وكيف أخرج يونس من بطن الحوت؟ وكيف فلق البحر لموسى؟ وكيف فدى إسماعيل بكبش عظيم؟ وكيف نجَّى يوسف من غياهب الجب؟ (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس:103].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ألم تتفكروا وأنتم تقرؤون في كتاب ربكم كيف خلق الله السموات بغير عمد، وكيف بسط الأرض؟ كيف أجرى السحاب وحرك الرياح؟ كيف أنزل القطر من السماء فسلكه ينابيع في الأرض، (فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ) [النور:43]؟ ألم ترَ كيف فلق الله الحبة فإذا هي نبات مختلف ألوانه وطعمه ويسقى من ماء واحد؟ ألم تتفكر يومًا بالليل والنهار؟ فمن يأتينا بضياء إن جعل الله علينا الليل سرمدًا؟ ومن يأتينا بالليل لنسكن فيه؟ ذلكم الله ربكم.
ألم ترَ إلى نفسك يومًا؟ (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) [الذاريات:21]؟ كيف كنت نطفة قذرة، ثم جعلك الله علقة في رحم أمك، ثم مضغة لحم، ثم نفخ الله فيك الروح، وكوّن لك العظام والأعصاب والأعضاء، ثم صورك فأحسن صورتك، (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون:14]، (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [النحل:17].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المؤمن: كم ناداك الله في كتابه وأنت تتلوه، فبماذا أجَبْتَ ربَّك؟ ألم ينادِك الله بوصف الإيمان الذي في قلبك وقال لك؟: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة:172]؟ ألم ينهك الله عن الربا بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [البقرة:278]؟.
ألم يأمرك الله بمعاملة الزوجات معاملة حسنة؟: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء:19].
ألم ينهك الله عن أكل أموال الناس بالباطل بالغش والاحتيال والرشوة والميسر؟: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [النساء:29]، ألم يأمرك الله بالوفاء بالعقود التي وافقْتَ عليها؟ فلماذا تماطل بها وتخالفها؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة:1].
يا عبد الله: ألم ينادك الله بوصف الإيمان ويقُل لك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة:90]؟ فكيف تورّط نفسك بهذه الكبيرة التي تذهب عقلك ومالك وأخلاقك؟.
هل توقفت الفتاة التي تهاونت في حجابها وهي تقرأ كلام ربها: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وقوله: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) [الأحزاب:59].
أيها المسلم: ألم يأمرك الله بالتوبة والرجوع إليه؟ فهلا توقفت عن ذنوبك وتبت منها قبل أن يفجأك الموت؟ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) [التحريم:8]. ومن تاب من ذنبه -مهما كان- أبدل الله سيئات ذنبه حسنات، وكان ربك غفورا.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله: حياتكم الدنيا سماها ربكم لكم في القرآن بأنها متاع الغرور، وإن أمامكم لَيَوْمٌ يَشِيبُ له الولدان، نثر الله وصْف هذا اليوم في آيات كثيرة لتذكير العباد بيوم المعاد ويوم الحاقة والصاخة والواقعة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج:1]، (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وإذا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) [التكوير:1-2]، (إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ) [الانفطار:1-2]، و(إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى) [الفجر:21-23].
ألم يهزك منظر انقسام الناس والقرآن يحدثك عن الفريقين يوم القيامة، ففي أي الفريقين أنت؟ (يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ) [هود:105-108]، (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا) [الانشقاق:7-15].
والقرآن كتاب ترغيب وترهيب؛ حتى يعيش المؤمن بين حالتي الخوف والرجاء، تارة وصفٌ للجنة فتشتاق لها نفوس الصالحين، وتارة وصف للعذاب وهوله ذكرى لمن كان له قلب، (وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) [الصافات:39-49]، حتى يقول في وصف أهل النار: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإٍلَى الْجَحِيمِ) [الصافات:62-68].
جعلني الله وإياكم في جنات ونهَر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، فاستغفروا ربكم إن ربكم لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى.
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون: زينوا عيدكم بالتكبير وعموم الذكر، يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "أيام العيد أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى"، وأدْخِلوا السرور على أنفسكم وأهليكم، ولا تنسوا الأيتام والأرامل والفقراء.
واجعلوا فرحتكم بالعيد مصحوبة بتقوى الله وخشيته، ولا تضيعوا حسناتكم في رمضان، وصلوا أرحامكم، وزوروا مرضاكم، واعرفوا أن للوالدين حقًّا عظيمًا، وتفكروا فيمن صلى معكم في سنين خلت، وأيام مضت من الأقرباء والمعارف والخلان، كيف اخترمتهم المنايا وأتاهم أمر الله، فإنَّ ما نزل بهم ملاقيكم، فأحْسِنُوا العمل، وأقْصِرُوا الأمَل؛ تنجوا من عذاب عظيم، وتفوزوا بالنعيم المقيم.
أعاد الله عليَّ وعليكم وعلى المسلمين من بركات هذا العيد، وجعلنا في القيامة من الآمنين، وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين، عليه الصلاة من رب العالمين.
اللهم اجعل عيدنا فوزًا برضاك، واجعلنا ممن قبلتهم فأعتقت رقابهم من النار، اللهم اجعل رمضان راحلاً بذنوبنا، قد غفرت فيه سيئاتنا، ورفعت فيه درجاتنا.
ألا وصلوا -عباد الله- على خير البرية أجمعين، ورسول رب العالمين، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صَلِّ وسلِّم على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار، وصحابته المهاجرين منهم والأنصار، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وبقية الصحب والتابعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أرحم الراحمين...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم