غدا عرفة

رياض بن يحيى الغيلي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ دروس وعبر من مشهد عرفات 2/ إرساء النبي الكريم بعرفات مبادئ حقوق الإنسان والسلام 3/ تسليم إسرائيل دفعة الأسرى يعلن أن عز أمتنا بالجهاد 4/ مُضِيُّ الجهاد حتى النصر

اقتباس

غداً -أيها الأعزاءُ- تَتَحقَّقُ المثُل العليا التي لم يعرفها الغرب إلا في أدمغة الفلاسفة وبطون الأسفار، فتزول الشرور، وترتفع الأحقاد، وتعم المساواة، ويسود السلام، ويجتمع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم في صعيد واحد، لباسهم واحد، يتوجهون إلى رب واحد، ويؤمنون بنبي واحد، ويدينون بدين واحد، ويصيحون بلسان واحد: لبيك اللهم لبيك..

 

 

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، يا رب: لبيك يا أرحم الراحمين، لبيك يا أرحم الراحمين، لبيك يا أرحم الراحمين، لبيك يا مالك يوم الدين، لا ملجأ إلا إليك يا رب العالمين، ها نحن أقبلنا إليك، ها نحن أقبلنا إليك، ها نحن أقبلنا إليك، ومَن أقبل إليك تلقَّيْتَه من بعيد، ومَن أعرض عنك ناديته من قريب. 

ومن ترك لأجلك شيئاً أعطيته فوق المزيد، ومن أراد رضاك أعطيته ما يريد، ومن تصرف بحولك وقوتك ألَنْتَ له الحديد، ومن تاب إليك فأنت له الحبيب، فأنت له الحبيب، فأنت له الحبيب؛ ومن أعرض عنك فأنت له الطبيب؛ سبحانك! سبحانك! أنت الباقي وكل ما في الوجود فناء، سبحانك! سبحانك!

شُخُوصٌ وَأَشْكَالٌ تَمُرُّ فَتَنْقَضِي *** فَتَفْنَى جَمِيعَاً وَالمهَيْمِنُ بَاقِ

وأشهد ألَّا إله إلا الله؛ له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون؛ لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، أغلى من كل شيء؛ لا إله إلا الله، أطيب من كل شيء، لا إله إلا الله أظهر من كل شيء، لا إله إلا الله أكبر من كل شيء، لا إله إلا الله ليس قبله شيء، لا إله إلا الله ليس بعده شيء؛ لا إله إلا الله ليس فوقه شيء، لا إله إلا الله ليس دونه شيء؛ لا إله إلا الله ليس معه شيء، لا إله إلا الله ليس كمثله شيء.

وأشهد أن القائد القدوة،محمداً رسول الله، خير من صلَّى وقام، وأطهر من حج وصام، أكرم الناس، و اتقاهم وأبعدهم عن الحرام، المبشر الأمين أينما كان، والمظَلَّلُ بالغمام، المحفوظ في الغار بالعنكبوت والحمام، كلامهُ نور، وهديهُ ينفى الشرور، واتِّباعُهُ أمْنٌ وسلام، من أطاعهُ اهتدى، ومن حفظ عنه سما، ومن لاذ بسنته لا يضام؛ من أحبهُ نجا، ومن شرب من يده ارتوى، الحامد لربه يوم الفزع، وقد امتنع الكل عن الكلام، أول من يجوز على الصراط، وبشفاعته تَثْبُتُ الأقدام.

اللهمَّ اجْزِه عَنَّا خير ما جزيت به نبياً عن قومه، ورسولاً عن رسالته؛ اللهم ارزقنا شفاعته، وأوردنا حوضه، ولا تحرمنا زيارة مسجده، واسقنا من يده الشريفة شربةً هنيئةً لا نظمأ بعدها أبدا؛ اللهم صَلِّ عليه وآله وصحبه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

أوصيكم -عباد الله- ونفسي بتقوى الله، وأستفتح بالذي هو خير، (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهْ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَه) [الزلزلة:7-8]، اللهُمَّ سَدِّدْ قَلبي ولساني، اللهم اجعل الصدق والإخلاص رائدي في كلامي، اللهمَّ افتَحْ قُلُوبَ السَّامِعين وأسماعهم لسماع كلمتي، رباه! رباه! لا تجعلها صيحة في وادٍ، ولا نفخة في رماد.

أما بعد: فيا حماة الإسلام وحراس العقيدة: غداً عرفة، غداً عرفات، غداً يقف الحجيج بصعيد عرفات، يقفون شُعْثاً غُبْراً ضاحين، يلبُّون، يستغفرون، يهلِّلون، يكبِّرون، يدعون، يبكون، يبتهلون:

رَفَعُوا الأكُفَّ وَأَرْسَلوُا الدَّعَوَاتِ *** وَتَجَرَّدُوا لِلَّهِ فِي عَرَفَاتِ

شُعْثَاً تُجَلِّلُهُمْ سَحَائِبُ رَحْمَةٍ *** غُبْرَاً يَفِيضُ النُّورُ فِي القَسَمَاتِ

وَكَأنَّ أجْنِحَةَ المَلائِكِ عَانَقَتْ *** أَرْوَاحَهُمْ بِالبِرِّ والطَّاعاتِ

فَتَنَزَّلَتْ بَيْنَ الضُّلُوعِ سَكِينَةٌ *** عَلَويَّةٌ مَوْصُولةُ النَّفَحَاتِ

وَتَصَاعَدَتْ أنْفَاسُهُمْ مَشْبُوبةٌ *** وَجْدَاً يَسِيلُ بِوَاكِفِ العبَرَاتِ

هَذِي ضُيُوفُكَ يَا إلهي تَبْتَغِي *** عَفْوَاً وَتَرْجُو سَابِغَ البَرَكَاتِ

غصَّتْ بِهِمْ في حِلِّهِمْ وَرَحِيلِهِمْ *** رُحْبُ الوِهَادِ وواسعُ الفَلَوَاتِ

تَرَكُوا وراءَ ظُهُورِهم دُنْيا الوَرَى *** وأتَوْكَ في شَوْقٍ وفِي إِخْبَاتِ

وَفَدُوا إلى أبْوابِ جُودِكَ خُشَّعَاً *** وَتَزَاحَمُوا في مَهْبِطِ الرَّحَمَاتِ

فاقْبَلْ إلهَ العَرْشِ كُلَّ ضَرَاعَةٍ *** وامْحُ الذُّنُوبَ وكفِّر الزَّلَّاتِ

غداً عرفات أيها الأحبة، غداً يباهي الله بنا ملائكته: "يا ملائكتي، انظروا لعبادي، أتوني شعثاً غبراً ضاحين، أشهدكم أني قد غفرت لهم"! "يا ملائكتي، انظروا لعبادي، أتوني شعثاً غبراً ضاحين، أشهدكم أني قد غفرت لهم".

أيها الأحبة المؤمنون: غداً عرفات، غداً ينكشف الغطاء، وتنفتح أبواب السماء، فيتوجه الحجاج إلى الله بقلوب انزاحت عنها ظلمة الأهواء والشهوات، وأشرقت عليها الأنوار، فسمت حتى رأت الأرض ومَن عليها ذرة صغيرة تحملها رياح القدرة، ثم سمت حتى سمعت تسبيح الملائكة بألسنة الطاعة، ثم سمت حتى تدبرت القرآن غضاً طرياً،كأنما نزل به الوحي أمس، وسمعت النداء من جانب القدس: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13]. فأجابت: لبيك اللهم لبيك! وردَّدَت بطاح عرفات، وأرجاء الحرم، ورددت السماوات السبع والأرضون: لبيك اللهم لبيك!.

غداً تتنفس الإنسانية التي خنقها دخان البارود، وعلامات الحدود، وسيد ومسود، وعبد ومسيود، وتحيا في عرفات حيث لا كبير ولا صغير، ولا عظيم ولا حقير، ولا مأمور ولا أمير ، ولا غني ولا فقير.

غداً -أيها الأعزاءُ- تَتَحقَّقُ المثُل العليا التي لم يعرفها الغرب إلا في أدمغة الفلاسفة وبطون الأسفار، فتزول الشرور، وترتفع الأحقاد، وتعم المساواة، ويسود السلام، ويجتمع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم في صعيد واحد، لباسهم واحد، يتوجهون إلى رب واحد، ويؤمنون بنبي واحد، ويدينون بدين واحد، ويصيحون بلسان واحد: لبيك اللهم لبيك!.

غداً أيها الأحبة: تظهر المعجزة الباقية، فتطوى الأرض ثم تؤخذ من أطرافها، حتى توضع كلها في عرفات؛ غداً تلتقي شطآن إفريقيا بسواحل آسيا، ومدن أوروبا بأكواخ السودان، ونهر الكنج بنهر النيل، وجبال طوروس بجبال البلوز، فيعرف المسلم أن وطنه أوسع من أن تحده على الأرض جبال أو مجار، أو تفرقه في السياسة خرق تتميز عن خرق، وأعلام تختلف عن أعلام؛ لأن وطن المسلم في القرآن، وطن المسلم في القرآن، لا في التراب ولا الحجار، ولا في البحيرات ولا في الأنهار، ولا في الجبال ولا في البحار، غداً يرتفع شعار: (إِنَّما المؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10].

غداً أيها المؤمنون: يتفقد الإخوة إخوتهم، فيعين القوي الضعيف، ويعطي الغني الفقير، ويساعد العزيز الذليل، فلا ينصرفون من الحج إلا وهم أقوياء أغنياء أعزاء.

غداً في عرفات الله: يذكر المسلم كيف مر سيد العالم -صلى الله عليه وسلم- بهذه البطاح مهاجراً إلى الله، تاركاً بلده التي نشأ فيها، وقومه الذين ربي فيهم، وكيف جاء -بأبي هو وأمي ونفسي وأولادي!- جاء حتى وقف على الحزورة فنظر إلى مكة وقال: "إنك لَأحَب بلاد الله إلى الله، وإنك لأحب بلاد الله إليَّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت"؛ فيستقبل تلك الصحراء الهائلة، وليس معه إلا الصدِّيق الأمين، يتلفت كلما سار ليتزود بنظرة من مكة حتى غابت عن الأنظار ، فانطلقا يؤمان الغار.

هل علمَتْ تلك البطاح أن هذا الرجل الفرد سيقف وحده في وجه العالم كله، يصرع باطله بقوة الحق، ويواجهه بنور الإسلام، ويهدي ضلالته بهدي القرآن؟ خرج من مكة مستخفياً، وسيعود إليها بعشرة آلاف من الأبطال، فتفتح له مكة أبوابها، وتتهاوى عند قديمه أسيادها، تعنو له الجزيرة، ثم يخضع لدينه نصف المعمورة؟.

هل علِمَتْ تلك البطاح أن هؤلاء النفر الذين هربوا من جبروت قريش وسلطانها، سيعِزون حتى تدين لهم قريش، ثم يعزون حتى يرثوا كسرى وقيصر في أرضيهما، ثم يعزون حتى يرثوا الأرض ومَن عليها، وسيكثرون حتى يبلغوا ألفاً وأربعمائة مليون، وسيتفرقون في الأرض داعين مجاهدين فاتحين، ثم يجتمعون في عرفات حاجِّين منيبين ملبين: لبيك اللهم لبيك!.

غداً في عرفات الله يذكر المسلم كيف وقف سيد العالم -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، يعلن حقوق الإنسان، ويقرر مبادئ السلام، وينشر الأخوة، والعدالة، والمساواة بين الناس، قبل أن تنشرها فرنسا بألف عام.

أيها الناس: اسمعوا مني أبين لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي، هذا في موقفي هذا.

أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد!.

أيها الناس: إنما المؤمنون اخوة، لا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه
ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد!.

أيها الناس: إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد!.

غداً في عرفات الله يذكر المسلم كيف وقف سيد العالم -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، يعلن انتهاء الرسالة الكبرى التي بعثه الله بها إلى الناس كافة، ويتلو قول المولى جل جلاله: (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينَاً) [المائدة:3]. ويبعث صحابته ليحملوا هذه الرسالة إلى آخر الأرض، ثم يحملوها إلى آخر الزمان.

غداً في عرفات أيها الأحبة تتجلى عظمة الإسلام، دين الحرية والمساواة والعلم والحضارة، ومن عرفات يسمع المسلمون داعي الله يدعو: حي على الصلاة! حي على الفلاح! فيجيبون: لبيك اللهم لبيك! وينطلقون ليعملوا للآخرة كأنهم يموتون غداً، ويعملوا للدنيا كأنهم يعيشون أبداً.

فلْتَفْسَد الأرض، ولْتَطْغَ الشرور، وليعصف الحديد، ولينفجر البارود، ولتغص الإنسانية في حمأة الرذيلة إلى العنق؛ فليتجبر المتجبرون، فليطغى الطاغون، فليظلم الظالمون، وليخنع الخانعون، فإنه لا خوف على الفضيلة، ولا على الحق، ولا على السلام، ما دام في الأرض عرفات"، ما دام في الأرض "عرفات"، وما دام في الجو هذا الصوت القدسي المجلجل: "لبيك اللهم لبيك!". فأفيقي يا أمة الإسلام، أفيقي فقد طال سباتك، أفيقي فقد طال رقادك.

أُمَّتِي هَلْ لَكِ بَيْنَ الأُمَمِ *** مِنْبَرٌ للسَّيْفِ أَوْ لِلْقَلَمِ

أتَلَقَّاكِ وَطَرفِي مُطْرِقٌ *** خَجَلاً مِن أمْسِكِ المنصَرِم

أُمَّتِي كم غُصَّةٍ دَامِيَةٍ *** خَنَقَتْ نَجْوَى عُلاكِ فِي فَمِي

أَلِإسْرائيلَ تعلُو رايةٌ *** فِي حِمَى المهْدِ وَظِلِّ الحَرَمِ؟

كَيْفَ أَغْضَيْتِ عَلى الذُّلِّ وَلَمْ *** تَنْفُضِي عَنْكِ غُبَارَ التُّهَمِ؟

أَوَمَا كُنْتِ إِذَا البَغْيُ اعْتَدَى *** مَوجَةً مِن لَهَبٍ أَو مِن دَمِ؟

اسمَعِي نَوْحَ الحَزَانَى واطْرَبِي *** وانْظُرِي حُزْنَ اليَتَامَى وابْسمِي

وَدَعِي القادةَ فِي أهْوائِها *** تَتَفَانَى فِي خَسِيسِ المغْنَمِ

رُبَّ وَامُعْتَصِمَاهُ انْطَلَقَتْ *** مِلْءَ أفْواهِ الصَّبَايَا اليُتَّمِ

لامَسَتْ أَسْمَاعَهُمْ لكِنَّهَا *** لَمْ تُلَامِسْ نَخْوَةَ المعْتَصِمِ

أُمَّتِي كَمْ صَنَمٍ مَجَّدْتِهِ *** لم يَكُنْ يَحْمِلُ طُهْرَ الصَّنَمِ

لا يُلامُ الذِّئبُ فِي عُدْوَانِهِ *** إنْ يكُ الرَّاعِي عَدُوَّ الغَنَمِ

فاحْبِسِي الشَّكْوَى فَلَوْلَاكِ لَمَا *** كَانَ فِي الحُكْمِ عَبيدُ الدِّرْهَمِ

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين؛ أشهد ألا إله إلا الله، الحكم العدل، الحق المبين،
وأشهد أن محمداً رسول الله، إمام المتقين، وسيد المرسلين، وقائد المجاهدين، صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحابته وأزواجه أجمعين.

أما بعد: أيها المؤمنون الأعزاء: بالأمس سلَّمَت إسرائيل دفعة من أسرى المسلمين في قلب معتقلاتها؛ لتثبت للعالم أجمع، وتثبت لنا -معشر المسلمين- أنه لا حل إلا في الجهاد، وأن أبناء القردة وأحفاد الخنازير، ومِن ورائهم طغاة البيت الأبيض، لا يفقهون إلا لغة الرصاص، ولا يفهمون إلا ثقافة الاستبسال، ولا يرغم أنوفهم إلا القوة، ولا يجدي معهم إلا الفداء والاستشهاد.

جاء هذا الإذعان -أيها الأحبة- ليصحو المسلمون من رقادهم على صرخات الجهاد، وعلى صيحات القتال، وعلى صوت الوحي ينادي: قاتلوهم، قاتلوهم، قاتلوهم، (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) [التوبة:14-15]. (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) [التوبة:29].

وبالأمس أثلجت صدورنا عملية الاستشهاد التي أوقعت على تراب القدس أحد عشر قتيلاً، والكثير من الجرحى، جاءت هذه العملية البطولية، بعد أيام من العملية التي قامت بها الشهيدة الأم ريم الرياشي، لتثبت للعالم أجمع، أن الجهاد ماض إلى أن يعود الحق لأهله، وأن قوافل البطولة والفداء والاستشهاد لا آخر لها؛ فيا أيها الأبطال في فلسطين وفي العراق وفي الشيشان وفي أفغانستان، أيها المجاهدون لإعلاء كلمة الله أينما كنتم، أيها الفدائيون، والفدائيات، أيها الشهداء، والشهيدات:

يَشْهَدُ اللهُ أَنَّكُم شُهَداءُ *** يَشْهَدُ الأنْبِيَاءُ والأوْلِيَاءُ

مُتمُ كيْ تَعِزَّ كِلْمَةُ رَبِّي *** فِي رُبُوعٍ أَعَزَّهَا الإسْراءُ

اِنْتَحَرْتُمْ! نَحْنُ الَّذِينَ انتَحَرْنَا *** بِحياةٍ أمْواتُها الأحْيَاء

أيُّها القومُ نحنُ مُتْنَا فَهَيَّا *** نَسْتَمِعْ مَا يقول فينا الرِّثَاء

قَد عجِزْنَا حتَّى شَكا العَجْزُ مِنَّا *** وَبَكَيْنَا حتَّى ازْدَرَانَا البُكاء

وركعنا حتَّى اشمأزّ رُكُوعٌ *** ورجَوْنا حتَّى استغاثَ الرجاء

وشكَوْنا إلى طَوَاغِيتِ بَيْتٍ *** أبيض ملءُ قلبِه الظَّلْمَاء

وَلَثَمْنَا حِذاءَ شَارونَ حَتَّى *** صاَح: مهلاً! قطَّعْتُمُوني الحِذاءُ

أيُّها القومُ! نحن مُتْنَا ولكنْ *** أَنِفَتْ أنْ تَضُمَّنا الغَبْراءُ

قل لمن دبّجوا الفتاوى: رُوَيْدَاً *** رُبّ فتوىً تضِجّ منها السَّمَاء

حين يدعو الجهادُ يصمُتُ حِبْرٌ *** ويراعٌ والكُتب والفُقَهَاءُ

حين يدعُو الجِهَادُ لا اسْتِفْتَاءُ *** الفتاوَى يومَ الجِهادِ الدِّمَاءُ

أيها المؤمنون الأعزاء: ارفعوا أكف الضراعة إلى الله، وأمِّنوا على دعائي، اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي فزعت الجِنُّ من مخافته، وتزلزلت الأقدامُ من سطوته، وخرست الأفواهُ من عزته، واقْشَعَرَّتُ الجلودُ من هيبته، وانخلعت القلوب من رهبته، أن تُنزل نقمتك وغضبك على أعدائنا من اليهود والأمريكان.

اللهم كُفَّ عنا أذاهم وشرهم، اللهم كف عنا أذاهم وشرهم، يا من بيدك أمرُنا وأمرُهم؛ اللهم إنهم مفسدون في الأرض، وأنت لا تحب المفسدين، اللهم أهَلِكهم ومَن والاهم، ومن عاونهم، ومن فتح ديار الإسلام أمامهم، بقوتك وجبروتك يا جبار، يا جبار، يا جبار.

اللهم اكفناهم بما شئت، وكيف شئت، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير؛ اللهم انصر إخواننا المجاهدين في فلسطين، وفى العراق، وفى أفغانستان، وفى كشمير، وفى الشيشان، وفى كل أرض يُذكر فيها أسمك يا رب العالمين، يا رب العالمين، يا رب العالمين!.

يا ربّ الأقصى والعتيق، حرر الأقصى الأسير، حرر الأقصى الأسير، اللهم حرر الأقصى على رايات الإيمان، وصيحة التكبير، وتوحيد الاعتقاد، اللهم خلّصْهُ من أيدي المغتصبين الملاعين، بقوتك يا الله، اكفنا شر أعدائك، اكفنا شر أعدائك، أكفنا شر أعدائك، يا رب العالمين؛ اللهم انزع الوهن من قلوب المسلمين، اللهم انزع الوهن من قلوب المسلمين، ومن قلوب ولاة أمور المسلمين، لنصرة دينك يا رب العالمين.

يا جبار يا قهار! يا جبار يا قهار! يا جبار يا قهار! يا جبار يا قهار! يا جبار يا قهار! يا جبار يا قهار! يا جبار يا قهار! عليك بالأمريكان المعتدين، واليهود المجرمين، لا ترفع لهم راية، لا ترفع لهم راية، لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية؛ اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحداً؛ اللهم دمرهم تدميرا، ومزقهم تمزيقا، وردهم خائبين خاسرين، وردهم خزايا منكسرين.

يا الله! يا الله! يا الله! يا الله، يا الله! يا الله! يا الله! طال إمهالك للكافرين، طال حلمك على الغاصبين، يا الله! يا الله! يا الله! لا اعتراض على حكمك، ولا راد لقضائك، ولكننا نستعجل نصرك
يا الله! يا الله! يا الله!.

مَن لأشلاء الصغار؟ من لدموع الكبار؟ من لعفاف الشريفات؟ من لآهات الأيامى؟ من لأحزان اليتامى؟ من لأنَّات الثكالى؟ من لأوجاع الأسارى؟ من للعراة المشردين؟ من للمنكوبين المبعدين؟ من لقوافل الشهداء؟ من لأنهار الدماء؟ من لزفرات الأقصى؟ من لحنين المسرى؟.

يا الله! يا الله! يا الله! نعلم أن ذنوبنا بلغت حدها، وأن خطايانا صارت كالجبال، وأن تقصيرنا لا منتهى له، لكننا جئناك يا رب بأحمال الذنوب، بأثقال العيوب، بكل بحار الخطايا، جئناك وقوفاً على بابك نرجو الإقالة منها، نريد الإقالة منها، ودليل صدقنا الدماء، اقبل دمانا يا رب، اقبل دمانا يا رب، اقبل دمانا يا رب، اغسل بها العيوب، اغفر بها الذنوب ، طهر بها القلوب.

 

يا الله! يا الله! يا الله! مَن غيرك يفتح الأبواب، من غيرك للمذنبين، من غيرك للمسيئين؟ يا الله! يا الله! يا الله! خذ من دمانا حتى ترضى، خذ من أشلائنا حتى ترضى، خذ من أموالنا حتى ترضى، وارزقنا الصدق في ذلك والإخلاص.

اللهم ارزق هذه الأمة صحوة بعد رقاد، ونهضة بعد كبوة، اللهم أحيها بعد موت، اجمع كلمة علمائها، وحِّد صُفوف أبنائها؛ اللهم كما رزقتنا الصلاة في بيتك المحرم، ومسجد نبيك المكرم، فارزقنا صلاة في المسجد الأقصى، اللهم عجل لنا بالصلاة في المسجد الأقصى، اللهم عجل لنا بالصلاة في المسجد الأقصى.

اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد؛ وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

عرفة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات