الدانمرك مرة أخرى

سامي بن خالد الحمود

2022-10-06 - 1444/03/10
عناصر الخطبة
1/ لماذا تجرؤا علينا؟ 2/ وجوب نصرة النبي صلى الله عليه وسلم 3/ المستهزئ بالرسول صلى الله عليهم في أحط منزلة 4/كفاية الله لرسوله من المستهزئين 5/ ماذا عن المقاطعة 6/ بين إعلامنا وإعلامهم 7/ الدعاء السلاح القوي بين الضعفاء

اقتباس

الدنمرك تريد اليوم أن تحقق ما عجزت عنه في أول الأزمة، وهو تمرير الإساءة دون ردّة فعل مناسبة, وأخطر ما في الأمر أن الرسومات في الفترة الماضية نشرتها صحيفة واحدة، بينما اليوم تواطأ عليها الجميع بصلافة وتحدّي، ودولتهم تدعم هذا التوجه، وقضاؤهم برأ الصحيفة قبل أشهر ..

 

 

 

 

 

بسم الذي خلق القلمْ *** بسم الإله المنتقمْ
بسم المهيمن أبتدي *** قولي كنارٍ تضطرم
قسمًا بمن رفع السما *** والأرضَ أودعها الأمم
قسمًا بمن شقَّ النوى *** وأنار أدغالَ الظلم
أنا سنفدي المصطفى*** حتى ولو ذقنا الحِمم
سخر العدو برمزنا *** في ثوب رسَّامٍ رَسَم
زعموا انتقاصَ نبينا*** والنقصُ حلَّ بمن زعم
دنمرك يا أمَّ الأذى *** دنمرك يا بنتَ العجم
قُتل الحياء بأرضكم*** وتهالكت كلُّ القيم
إن الصباحَ عذابُكم *** فتحللوا إنا حُرُم
عقدٌ سما فوق السما *** ألاّ نحابيَ من ظلم
قل للطغاة تمهَّلوا *** سيف الشريعة قد حكم
الله أكبر جلجلت *** كُسر الصليب على الصنم
زحْف الشريعة قادمٌ *** حب الرسول له علم
طول النبوة فارعٌ *** ما ضرَّه نبز القزم

وإن من العار، أن نكتفي بالهتافات والأشعار، ما لم تكن مفتاحًا لسيل من الأفكار، تترجم عمليًا لنصرة المختار, ومع هذا الحدث المؤسف، هذه بعض الوقفات:

1/ لماذا تجرؤا علينا؟ لماذا الدنمارك الحقيرة التي لا تعرف إلا بإنتاج الحليب وأدوات التجميل تتجرأ على سيد البشرية؟.

إنَّ المتأمِّلَ في هذهِ الحادثةِ وما سَبقَهَا منْ حوادِث التَعَدِّي على مقامِ النَِّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أو إهانةِ المصحفِ يجدُ لها عدة أسباب، منْ أهمها أربعة أسباب:

الأول: تصفية الحساب مع المسلمين، والانتصار لحرية التعبير، بحجة الاشتباه في شباب مسلمين خططوا لقتل رسام الكاريكاتير، ومع أن هذه الحجة سخيفة ولا تبرر الجريمة، فإنها سرعان ما سقطت، حيث لم يقدم أي دليل ضد هؤلاء المتهمين، وتم تسفير اثنين منهم إلى بلدهم تونس.

الدنمرك تريد اليوم أن تحقق ما عجزت عنه في أول الأزمة، وهو تمرير الإساءة دون ردّة فعل مناسبة, وأخطر ما في الأمر أن الرسومات في الفترة الماضية نشرتها صحيفة واحدة، بينما اليوم تواطأ عليها الجميع بصلافة وتحدّي، ودولتهم تدعم هذا التوجه، وقضاؤهم برأ الصحيفة قبل أشهر.

السبب الثاني: عدم فهم أولئك القوم لحقيقةِ الإسلامِ، الذي ربما رأوه دينًا ضعيفًا مهزومًا لا يدافع عن حرماته ومقدساته بسبب هوان وتميع بعض المسلمين, أو يرون الإسلام دينًا إرهابيا سفاكًا للدماء بسبب غلو بعض الجماعات والتنظيمات التي جرأت علينا كل سفيه وحقير.

السبب الثالث: التَّحَلُّلُ والتَّفَسُّخُ منْ أحكامِ الشَّرعِ وعدمُ الاعتزازِ والفخرِ بالانتسابِ لهذهِ الأُمَّة وللنَّبِيِّ الكريمِ -صلى الله عليه وسلم- سواء في مجال السياسة أو في مجال الإعلام أو من يعيش مع الغرب في بلاد الغرب كمقيمين أو زوار.

السبب الرابع: الهزيمة النفسية، وضعف المسلمينَ في الرد على الهجماتِ المتكررةِ على الإسلامِ والقرآن والَنَبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، بل خرج علينا بعض العلماء والمفكرين من أصحاب الحواراتِ اللَّطيفةِ،والأقلامِ النَّاعمةِ، ممن يدعوننا للتسامحِ ونَبْذِ الكراهيةِ وتحمل الصفعات واللكمات والإهانات، فتراهم يعتذرون للدنمرك أو غيرها بأعذار سمجة واهية، تدلك على ضعف الغيرة، وقلة الديانة، بل الجهل في السياسة والحكمة.

يقول أحد ساسة أمريكا: "من المؤلم أن نظهر أنفسنا عقلانيين بشكل كامل وباردي الرأس, ما ينبغي أن يكون جزءًا من الشخصية القومية التي نظهرها، هو أن الولايات المتحدة يمكن أن تصبح غير عقلانية، وانتقامية إذا ما هوجمت مصالحها الحيوية".

2/ وجوبُ نُصرةِ الرَّسولِ -صلى الله عليه وسلم- كُلٌّ بقدر طاقتهِ، وعلى حسب موقعه, السياسي بسياساته ومواقفه, والإعلامي بإعلامه وقلمه, والتاجر بمقاطعته ومنعه, والعالم ببيانه وعلمه، والخطيب بخطبه ومواعظه, والمعلم بتوجيهه وإرشاده, والأب والأم بتربية جيل يفدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بالغالي والنفيس، والجميع بصدق الاتباع، وما يجبُ على العالِمِ غيرُ ما يجبُ على العامِيِّ، وعلى الحاكمِ والمسؤولِ والأميرِ والوزيرِ ما لا يجبُ على غيرهِم، وعلى منْ يتكلمُ لغةَ القومِ ويستطيعُ إبلاغَ الاستنكارِ ما لا يجبُ على غيرِهم، عملاً بقول المولى جلَّ شأنهُ: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفتح:9] وقوله سبحانه: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف: 157].

وبهذا نعلم خُطورة السُّكوتِ على المنتقصِ للرسولِ -صلى الله عليه وسلم-، فإنه سببٌ لضياعِ الدِّينِ، وسقوطهِ منْ أعينِ المسلمينَ وغيرِ المسلمينَ، يقولُ شيخُ الإسلامِ ابن تيمية: "أمَّا انتهاكُ عِرْضِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فإنَّهُ منافٍ لدِّينِ اللهِ بالكليةِ، فإنَّ العرضَ متى انتُهكَ، سقطَ الاحترامُ والتعظيمُ، فسقطَ ماجاءَ بهِ منَ الرِّسالةِ، فبطَلَ الدِّينُ، فقيامُ المِدْحَةِ والثَّناءِ عليهِ والتَّعظيمِ والتوقيرِ لهُ قيامُ الدِّين كُلِّهِ، وسقوطُ ذلكَ سقوطٌ الدِّينِ كُلِّهِ" أ.هـ

3/ أن سَابَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومُؤْذِيَهُ والمُستهزئَ بهِ في أحطِّ منزلةٍ وأخَسِّ مرتبةٍ، ولهذا أجمع العلماء على أنه إنْ كانَ مسلمًا فإنَّهُ يُصِبحُ مُرتدًا، ويُقتلُ بالإجماعِ، وإنَّ كانَ معاهَدًا أو ذِمِّيًا أو مستأمنًا فإنَّ عهدهُ مُنتقِضٌ ويَستحقُ أنْ تُضربَ عُنُقُهُ بالسَّيفِ انتصارًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الكلام نسوقه لبيان عظم هذه الجريمة, هذا المستهزيء بالرسول -صلى الله عليه وسلم- حكمه عند الله أن يقتل لو كان للمسلمين عليه ولاية، ومع هذا نقول ونحذر: لا يجوز أن يفهم من هذا البيان الدعوةَ إلى قتل المستهزئين اليوم بأعيانهم، نظرًا لما فيه من المفاسد العظيمة على الإسلام والمسلمين، وتوفير الذريعة للعدوان على الإسلام وأهله، وقد قال تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) [الأنعام:108], فليتق الله العبد المسلم وليحذر من ردود الأفعال غير المنضبطة.

4/ (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ) [الحجر:95]:

وقد بيَّنَ الله تعالى أنَّ مُبْغِضَه -صلى الله عليه وسلم- هو الأقطعُ الخاسرُ الذَّليلُ، (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر:3], وقال: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ) [الحجر:95], ومنْ أوجهِ الكفايةِ أنَّ يُكْرِمَ اللهُ ويُنْعِمَ على بعضِ عبادهِ بالذَّوْدِ والدِّفاعِ عنْ نبيهِ -صلى الله عليه وسلم-، وهي مرتبةٌ عظيمةٌ وشرفٌ كبيرٌ، نسأل الله أن يشَرِّفْنَا بالدِّفاعِ عنْ نبيه الكريمِ -صلى الله عليه وسلم-.

إن دعوى المناوئين، وأفعال المستهزئين، من الصليبيين الدنمركيين، ليست بأول محاولة للنيل من جنابه الشريف -صلى الله عليه وسلم- لقد حفظ لنا التاريخ عدة محاولات من اليهود والنصارى والمشركين للنيل منه -صلى الله عليه وسلم-، سواءً في حياته أو بعد موته, لقد سبه كفار قريش بالألفاظ البذيئة، ووصفوه بالصفات القبيحة، قالوا: كاهن، ساحر، مجنون، طالب ملك وفتنة، بل همّ بعضهم بخنقه، وإلقاء الصخر عليه فوقاه الله، ودس اليهود السم له في الشاة فأخبره الله، وحاولوا أن يلقوا عليه الصخرة وهو واقف إلى جوار جدار لهم، فمنعهم الله، بث المنافقون ضده الإشاعات الخبيثة، واتهموه في عرضه الشريف، ورموا زوجه الحصان الرزان عائشة -رضي الله عنها-بالإفك، فأنزل الله في براءتها قرآنًا يتلى إلى يوم الدين.

بل وحتى بعد موته -صلى الله عليه وسلم-، أراد بعض الحاقدين أن ينالوا من عرضه وشخصه، وقام عدد من المفترين والمستشرقين بمحاولة تشويه سنته، بل هم بعض الصليبيين أن يعتدوا على جسده عدة مرات، ومن أشهر هذه الحوادث، ما تواتر عند المؤرخين والمحدثين في أحداث عام 557هـ، فبعد ضعف الدولة العباسية، وغزو النصارى، وتعدد الدول الإسلامية وتفككها، كحال الأمة اليوم، قام النصارى بإرسال رجلين خبيثين إلى المدينة المنورة، في زي أهل المغرب، ونزلا في دار قرب الحجرة الشريفة، وأظهرا التقوى والصلاح، والإنفاق على الفقراء والمساكين، وزيارة البقيع والقبر النبوي، حتى أمنهما الناس، بدءا يحفران سردابًا من الأسفل إلى الحجرة النبوية، وينقلان التراب، قليلاً قليلاً، في محافظ من جلد، ثم يلقيانه في مقابر البقيع، واستمرا على هذه الحالة فترة طويلة حتى اقتربا من القبر الشريف وأصبحا يفكران في نقل الجسد الشريف الطاهر, وهناك في الشام، يرى السلطان العادل والملك الصالح نور الدين محمود زنكي، يرى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول: أنجدني يا محمود، أنقذني من هذين، فاستيقظ فزعًا منزعجًا، ثم توضأ وصلى ونام، فرأى نفس الرؤيا،فلما استيقظ في الثالثة دعا وزيره الصالح جمال الدين الموصلي، وحدثه بما رأى، فقال: هذا أمر حدث بالمدينة المنورة، وما قعودك؟، اخرج فورًا إلى المدينة النبوية، واكتم ما رأيت، خرج السلطان في عشرين نفر من رجاله، ووصل المدينة ومعه مال كثير، فدخل المسجد النبوي الشريف، وصلى بالروضة الشريفة وسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-،وصاحبيه -رضي الله عنهما-، ثم جلس لا يدري ماذا يصنع؟ فقال له الوزير: أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال: نعم, قال الوزير للناس: إن السلطان قد أحضر معه أموالاً كثيرة فليحضر الجميع ليأخذ نصيبه، وكان السلطان يتأمل الناس، فلم ير الرجلين، فقال: هل بقي أحد؟ قالوا: لا، فقال: تفكروا وتأملوا: فقالوا: لم يبق أحد إلا رجلان مغربيان من الصالحين، لا يأخذان من أحد شيئًا، ففرح في نفسه وقال: عليّ بهما فورًا، فلما أحضرا له فإذا هما الرجلان اللذان أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهما في نومه، فقال: من أين أنتما؟ فقالا: من بلاد المغرب جئنا حاجين فاخترنا المجاورة في هذا العام عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشدد عليها فأصرا على قولهما، فقال: أين منزلهما؟ فأخبر بأنهما في رباط قرب الحجرة الشريفة، دخل المنزل فرأى فيه مالاً كثيرًا، ومصحفين، وكتابًا فوق الأرفف، ثم بدأ يطوف ويتجول في البيت، حتى ألهمه الله سبحانه فرفع حصيرًا في البيت، فإذا بلوح من الخشب فرفعه فرأى سردابًا محفورًا باتجاه الحجرة الشريفة، مخترقًا جدار المسجد، فارتاع الناس لذلك، فجيء بالرجلين فاعترفا أنهما نصرانيان بعثهما النصارى في زي حجاج مغاربة، وأعطوهما أموالاً كثيرة وعظيمة لسرقة الجسد الشريف، ونقله إلى بلادهم، عند ذلك بكى السلطان نور الدين بكاءًا شديدًا، ثم أمر بعد ذلك بضرب عنقهما فقتلا تحت الشباك بجوار الحجرة النبوية الشريفة، ثم أمر السلطان بإحضار رصاص عظيم، وأمر بحفر خندق عظيم حول الحجرة الشريفة كلها ثم أذاب الرصاص وملأ به هذا الخندق حماية للقبر الشريف.. رحمك الله يا محمود، وجمعنا الله بك وبالحبيب -صلى الله عليه وسلم- على الحوض المورود، إنه غفور ودود.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ..

5/ ماذا عن المقاطعة؟:

عباد الله: وتبقى المقاطعة الاقتصادية حقًا للشعوب، لا تلام عليه الحكومات، ولا تدخله المعاهدات.

ولكن يبقى السؤال عن جدوى المقاطعة، وهل كانت المقاطعة الماضية مجدية؟.

إن الواقع يثبت أن المقاطعة الماضية مع أنها لم تكن شاملة ومستمرة، فقد كانت مؤثرة، بل إننا عندما رفع بعضنا المقاطعة عنهم، إنما تكرمنا على لئيم فتمرد، فعلينا اليوم مراجعةُ حساباتنا وتقييمُ مواقفنا.

وقد كشفت صحيفة البورسن الاقتصادية الدنماركية عن تخوف الشركات العالمية الدانمركية التي توزع منتجاتها في الشرق الأوسط من تطور الأوضاع بعد خطب الجمعة، واعتبرت أن المقاطعة الماضية كانت حصاد خطب الجمعة على منابر المساجد وانفعال الشارع المسلم، وأنها تترقب ببالغ القلق آخر التطورات في الأسواق العربية، وذكرت الصحيفة أن خسارة الشركات الدانمركية بسبب المقاطعة الماضية بلغت المليارين والنصف كرون دانماركي.

ويقول رئيس قسم المبيعات في المجلس الدنماركي للتصدير: "إن صلاة الجمعة من أهم الأمور التي نترقبها الآن، وعلينا أن ننتبه جيدًا لدور خطب الجمعة وكيفية التغطية الإعلامية للقضية".

ونحن نقول: أبشر بما يسوءك يا عدو الله، وستبقى المقاطعة الاقتصادية بإذن الله، سوطًا موجعا في ظهور عبدة المادة.

لا نريد أن نسمع كلامًا من المثبّطين عن المقاطعة بدعوى اعتذار أصحاب المنتجات والمصانع، ومن يريد الاعتذار منهم فليضغط على دولته ويجبرها على الاعتذار واتخاذ إجراءات لمحاكمة المتسببين ومنع تكرار هذه المهازل، ومتى كان موقفنا هزيلا، فسنرى مزيدًا من الرسوم والإهانات.

بل أقول: إننا لا نطالب بالمقاطعة الاقتصادية فقط، بل نطالب بمقاطعة شاملة سياسية واقتصادية واجتماعية لهذه الدولة الحقيرة، فإن القوم لا يردعهم دين ولا خلق ولا مبدأ، إنما تردعهم دنياهم وشهواتهم؟.

6/ بين إعلامنا وإعلامهم:

إنك والله لتعجب من تكالب الأعداء علينا، وتدافعهم إلى قصعتنا، وتمالؤهم على النيل من نبينا، في يوم واحد تتفق الصحف على نشر الرسوم، ولا زالت الصحف تتواصى فيما بينها للنيل من نبينا وديننا, وفي المقابل ترى وسائل إعلامنا في وادٍ آخر، إلا ما رحم الله من القنوات الشريفة، هل قنواتنا الفضائية تمثل شعوبنا المسلمة أم أنها صوت نشاز في بيوتنا؟ أي توجه أو فكر يدير هذه القنوات؟ ألم تخرج علينا قناة العربية قبل أشهر ببرنامج حول الدنمارك والرسوم، فخلطت الحابل بالنابل، وأظهرت رئيس وزراء الدنمارك في صورة الحمل الوديع، بينما أبرزت صورة ردود أفعال المسلمين بأنها كانت هوجاء وغير حضارية، وتلتمس الأعذار والمبررات للمتسبب الأول؟.

ثم نقول: أين دور الصحافة؟ أين دعاة العلمنة والليبرالية من هذا الحدث الذي هزّ قلب كل مسلم؟! أم أنهم مشغولون بمشاركة الغرب بتغريب المرأة وإفساد المجتمع، وهم يطبلون لأي قرار أو توجه يوافق مرض قلوبهم، كما فرحوا بقرار السماح للمرأة بالسكن لوحدها في الفنادق، هذا القرار الذي أنكره سماحة المفتي -حفظه الله-، وطالب الجهة أو اللجنة التي أقرته أن تعيد النظر فيه, سبحان الله، الفتاة تسكن في غرفة، والشاب المجرم في غرفة في نفس الفندق، وصور الفتاة يتناقلها الموظفون في الفندق والجهات الأخرى، وفتاة أخرى تتمرد على أهلها، بطاقتها في يدها، والفندق في استقبالها، وأهل الفساد يتربصون بها، كيف يكون هذا؟.

ووالله العظيم، ما لم يراجع هذا القرار أو يقنن تقنينًا صارمًا يمنع أهل الفساد من استغلاله، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير, أقول هذا الكلام، غيرة على الأعراض والمجتمع، وقد رأيت ما تشيب له الرؤوس من القضايا الأخلاقية في سجن النساء ودور التوقيف.

7/ أخيراً، يظل الدعاء السلاح القوي، بيد الضعفاء:

لن نمل أن نذكركم في كل نازلة، بالدعاء، وهو هديه -صلى الله عليه وسلم- فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يدعو على أعدائه، ولا يمل من التعلق بربه ودعائه، وربما قنت شهرًا يدعو على المعتدين من قبائل الكفار ويسميهم بأسمائهم.
 

 

 

 

 

المرفقات

مرة أخرى

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات