ولكن السودان لا بواكي له

خالد بن عبدالرحمن البكر

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ عالمية الإسلام ووحدة المسلمين 2/ المؤامرات لتقسيم بلاد المسلمين 3/ شواهد لمؤامرة تقسيم السودان 4/ أسباب استهداف السودان بالذات 5/ مخاطر انفصال جنوب السودان 6/ حاجتنا لإدراك طبيعة المعركة

اقتباس

خطابات واضحة، فماذا جرى وماذا حدث؟ رأينا الإسلام وفي وقت قصير جدا ينتشر ويتمدد ليقيم العالمية ويحقق العدل، ويقدم المساواة بأعلى صورة لها، فأصبحت دولة الإسلام دولة لا تغيب عنها الشمس، فجعلت أمير المؤمنين هارون الرشيد وهو يرى سحابة فوق رأسه يخاطبها بقوله -وحق له-: أمطري حيث شئت فسيأتينني خيرك. امضي واذهبي وغادري وتجاوزي مكاني فإذا خيرك سيأتيني .. ولكن السودان لا بواكي له

 

 

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الأحبة في الله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]، خطاب رباني نزل على قلب نبينا -صلى الله عليه وسلم- ليعلن عندها عالمية الإسلام، فمضي النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه أصحابه ليحققوا هذه العالمية.

لكن هذه الانطلاقة لن يكتب لها النجاح، ولن تحقق التمكين حتى تحقق شروطاً واضحة بينة، من أبرزها: أن تكون النماذج المنضبطة متآلفة متآخية على قلب رجل واحد، وهذه القافلة انطلقت ستقابل أجناس، ستقابل الأبيض والأسود والأحمر، ستقابل أعراقاً وجنسيات، أصنافاً وألواناً، فلابد أن يحسن التعامل مع هؤلاء، وتحدد طبيعة العلاقة في فيما بينهم.

فترابط الخطابات القرآنية الواضحة في هذا المجال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10]، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آل عمران:103]، (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) [آل عمران:105]، (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا) [الأنفال:46].

خطابات واضحة من قبل الله -جل وعز- تدعونا إلى الوحدة إلى التآلف إلى التعارف، ثم تحدث النبي -صلى الله عليه وسلم- بأحاديث واضحة أيضا: "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضهم بعضا"، "مثَلُ المسلمين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". الجسد كله يتفاعل، الجسد كله يتحرك حينما يعاني من تعب في عضو ولو كان صغيراً.

خطابات واضحة، فماذا جرى وماذا حدث؟ رأينا الإسلام وفي وقت قصير جدا ينتشر ويتمدد ليقيم العالمية ويحقق العدل، ويقدم المساواة بأعلى صورة لها، فأصبحت دولة الإسلام دولة لا تغيب عنها الشمس، فجعلت أمير المؤمنين هارون الرشيد وهو يرى سحابة فوق رأسه يخاطبها بقوله -وحق له-: أمطري حيث شئت فسيأتينني خيرك. امضي واذهبي وغادري وتجاوزي مكاني فإذا خيرك سيأتيني.

يقدم لنا صورة من تمدد الإسلام في تلك البقاع، وصورة من العزة والتمكين آنذاك، هذا في حال الرخاء، أما في حال المحنة والإحنة فيتحدث بنا المعتصم أمير المؤمنين حينما صرخت فتاة في عمورية: وامعتصماه! وامعتصماه! فأرسل رسالة إلى ملك الروم: من المعتصم بالله أمير المؤمنين إلى كلب الروم، لآتِيَنَّكَ بجيشٍ أوله عندك وأخره عندي. لغة تنضح بالعزة، تنضح بالإقدام، تتحدث عن أمة مترامية الأطراف، أعداؤنا يقرؤون كل ذلك، ويشاهدون كل ذلك، والأيام دُوَلٌ، (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران:140].

وضعفت أمة الإسلام، وانحصر هذا الدين عن بعض البقاع، وها نحن نعيش مع جيل الهزيمة، دخل الاستعمار، وإن شئت فقل "الاستخراج" في بلاد إسلامية، دخل لينبش أظفاره وبيده ومؤامراته المقاتلة المميتة في جسد الإسلام، دخلوا وعلموا أن سر قواتنا في وحدتنا، وقد علموا أن المستعمر لا يمكن أن يمكث في بلاد، لابد أن يخرج.

فمارسوا التخريب الفكري، ووضعوا له النابتة في كل بلد قد خرجوا منه، ما اكتفوا بذلك؛ بل فرقوا بلادنا بتقسيم وتمزيق، ففي بلاد الشام مزقوها كُلَّ مُمَزَّق، وأصبحنا دُوَلاً بعد أن كُنَّا دولة واحدة.

ثم نراهم في وقتنا المعاصر ما اكتفوا بتقسيمٍ وتمزيقٍ قد مارسوه، أرادوا أن يقسِّموا المقسَّم، لماذا؟ هم يعلمون -أيها الأحبة، وعلينا أن نعلم قبلهم- أن بلادنا العربية والإسلامية مرشحة أن تقود العالم لو أدركت ما الذي تمتلكه، وهم يعلمون جيداً أن العصر عصر تكتُّلات، رأيناهم في واقعهم، الاتحاد الأوروبي، هم يتجمعون وينطلقون بالرغم من أن تلك الدول التي تحالفت بالاتحاد الأوروبي خرجت من حرب عالمية ثانية!.

يتجمعون على الرغم من أنه ما زال يعيش كبار السن الذين كانوا يئنون من القنابل التي كانت تنزل على رؤوسهم من دول متجاورة، تناسوا كل ذلك وتحالفوا وتآلفوا، فالعصر عصر وحدة، هو عصر التآلف، بالرغم من أنهم لا يمتلكون عقيدة واحدة، ولا لغة واحدة... فكيف بواقعنا العربي الإسلامي؟.

نظروا إلى بلادنا العربية: عقيدة واحدة تجمعهم، يا للهول! لغة واحدة تجمعهم، يا للمصيبة! حدود واحدة تربطهم، يا للمأساة! هكذا يقولون: عقيدة واحدة، لغة واحدة، حدود واحدة، بالإضافة إلى الخيرات التي تميزت به أرضنا العربية، النفط عندنا، الفوسفات عندنا، السيطرة على المضايق العالمية عندنا، أعظم البحار نحن مَن نشرف عليها، باب المندب، قناة السويس، مضيق جبل طارق، مضيق هرمز، مناطق إستراتيجية بلادنا تشرف عليها.

ولذا لابد أن تُنسف هذه البلاد؛ لأنها في أي لحظة قد تعود، من الممكن أن تتحد في غمضة عين، النفسية العربية الإسلامية نفسية مرشحة أن تعود لربها في أي لحظة، في واحد رمضان يعود العالم الإسلامي إلى ربه في أيام محدودة في الحج ترى ملايين في مكان واحد بلباس واحد لا فرق بينهم، صورة تزعجهم، لابد أن يمزقوا هذه البلاد!.

لندع التاريخ، ولننظر إلى تاريخنا المعاصر ماذا فعلوا فيه، انتزعوا منا تيمور الشرقية، وهي جزء عزيز من بلاد اندونيسيا أكبر بلد إسلامي، انتزعوها منه منذ سنوات، وقد تابع بعضهم تلك المأساة، ليقدموها على طبق من ذهب للنصارى، من أجل عيون النصارى تدخَّل المجلس العالمي للكنائس، وتدخلت دول أوروبية لينتزعوا هذا الجزء العزيز على المسلمين.

ثم انظر إلى خارطة عالمنا العربي الكبير، مناطق مرشحة أن تُنْتَزَعَ، الصحراء الغربية في المغرب وسعْي أسبانيا إليها، الحراك الجنوبي في اليمن، وأنت تتابع ما الذي يجري هذه الأيام، قل مثل ذلك عن العراق الجريح، وما الذي يفعله الأتراك، وللأسف! في كل يوم تستقبل قراراً عجيباً يصدر من قياداته السياسية ليتحدث عن استقلال، كانوا يتحدثون عن فيدرالية، الآن تسمع عن استقلال، وكنا نسمع عن مشروع لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام، كنا نراه مشروعاً من الخيال، لكن بدأ يتظاهر لنا رأي العين.

ثم سمعتم منذ أيام، بل قرأتم، أقباط مصر ماذا قالوا، قالوا: نُرِيدُ دولة قبطية في مصر! ووقع عليها أقباط الخارج، وبعض أقباط الداخل، وكانت مطالبهم مرحلية لدولتهم المعهودة التي قد طالت الـ 25% من المناصب السياسية في مصر، ومحاكم نصرانية مسيحية.

قد تبتسم لهذه المطالب! لكن من قرأ التاريخ جيداً رأى أنه هكذا كانت البدايات، لماذا نخاف ونحن نسمع تصريح الرئيسي الفرنسي ساركوزي منذ أيام، لبس عباءة قسيس وهو يتحدث بتباكٍ عن النصارى في مصر، يقول هناك مخطط شرِّير للقضاء على المسيحيين في مصر، وبابا الفاتيكان السادس عشر منذ أيام يطالب بحماية المسيحيين في مصر والعراق وفي الشرق الأوسط، بكل صفاقة يدعو للتدخل، تدخل بعض الدول لحماية هؤلاء.

ساركوزي، الذي أصدر قراراته، والذي طغى وتكبر على الحريات في فرنسا وهو يمنع المحجبات في المدارس الحكومية والمنقبات في شوارع باريس، يتباكى على حقوق ضائعة في مصر! وبابا الفاتيكان السادس عشر الذي زعم أنه يبشر بالسلام والحب ولا يتدخل في شؤون الدول، يتحدث كأشرس سياسي في هذه المسألة!.

ثم تأتي القضية التي ما زلنا نشعر بألم ونحن نتابعها هذه الأيام، نتابع فصولها، انفصال الجنوب، جنوب السودان؛ البعض من أحبابنا حينما يتناول هذه القضية ويتحدث عن مؤامرات يقولون: مهلا! لماذا تتحدثون عن مؤامرات؟ تعاملوا مع الأمر بحيادية، لا مؤامرات، انفصال طالب به أصحابه، لماذا تُدْخِلون أصابع خفية تدير هذا العالم وتتآمر عليه؟ لماذا؟ هذا ما يقوله بعض السذَّج.

تعالوا لننظر أيها الأحبة إلى ما يجري في جنوب السودان، وما الذي سيترتب على انفصالها، ونحن نتحدث عن هذا لا نبكي على اللبن المسكوب، كلا، لكننا نقدم إشارات تحذير فيما ما يستقبلنا من أيام، إن الأمر لن يكون مقتصرا على الجنوب، سترى أن أجساداً ستنتزع ونحن نقف متفرجين لا ندري ما الذي يحدث، ومن الذي يخطط، ومَن الذي تآمر! الذين تآمروا على جسدنا وعلى أمتنا في السودان هم إسرائيل في المقام الأول، والكنيسة في المقام الثاني، بالمباركة من أمريكا وبريطانيا وبعض دول أخرى.

قد يقول بعضكم: أنت تُطلِق الكلام بدون شواهد، كلا! سأكتفي بثلاثة شواهد فيما يتعلق بالدولة الكنائسية. موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي في حرب 1967م نشر كلاماً كان صادقاً فيه، نشر مرة وتحدث مرة عن الخطة التي سيمارسها في حربه مع العرب، فناداه البعض: أيها الوزير، كيف تنشر خطة حرب في الصحف، وتتحدث عنها في وسائل الإعلام؟ قد يطلع عليها العرب حينما أشار بخطته في حرب 67! قال: إن العرب لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يفقهون. ولذا ما سأذكره الآن -أيها الأحبة- تحدث عنه الصهاينة في وسائل الإعلام، وأخرجوها كتباً منشورة، ومحاضراتٍ أُلقِيَتْ على الملأ، وسأكتفي بثلاثة شواهد.

الشاهد الأول: لتعرف الأصابع الصهيونية المتمركزة في جنوب السودان ما الذي ستنشده؟ وكيف تحققت في أعماق السودان، في عام 2002م خرج كتاب اسمه: "إسرائيل وحرب تحرير السودان"، عنوان صريح! ألفه ضابط موساد سابق هو عميد متقاعد، ونشرت هذا الكتاب جامعة تل أبيب، وتحدث عن تبلور إسرائيل في الدول المحيطة بالسودان، وقال إننا سنمارس ضغطاً عليها، وهي تشكل خطورة على وجودنا، وإننا بهذا الفعل سنستطيع السيطرة على مصر، ونجعلها ترضخ لمطالبنا.

ثم ألقيت محاضرة في عام 2008م، قبل سنتين من الآن، ألقاها الرئيسي الإسرائيلي، محاضرة منشورة، ماذا قال في هذه المحاضرة؟ وهو سلطة سياسية، سلطة أمنية، كلامه موزون له اعتباره، قال: إن السودان يشكل خطراً عظيماً علينا، وإن إضعافه سيؤدي إلى قوة إسرائيل وإلى تماسكها، وقد نجحنا في أن نشكل جيشا نظاميا في جنوب السودان، وقدمنا خبراتنا المتوالية، وإنهم سيشكلون ضغطا على السودان في شماله. معلن!.

ومنذ أيام، رئيس الاستخبارات الإسرائيلية قال: لقد نجحنا أن وضعنا خطاً مباشراً إلى جنوب السودان لنمولهم بالسلاح، فقمنا بتدريبهم، وبإنشاء جهاز استخبارات في جنوب السودان وفي دارفور.

لماذا تُقْدِم إسرائيل على هذا الشأن؟ السودان ليست دولة واحدة، لو قامت بهذا العمل مع لبنان مع سوريا مع مصر لوضحت الصورة واستبانت، لماذا السودان؟! السودان -أيها الأحبة- تشكل عمقاً استراتيجياً لمصر، والسودان هي الوسيلة الأمثل للضغط على مصر، وكم تحدثنا المرات والمرات عن خطورة مصر على إسرائيل، وتدرك إسرائيل جيداً أن مصر لن تبقى مكتوفة اليد لتتفرج، الأنظمة تذهب وتجيء، المسألة متعلقة بالشعوب بـ80مليون مصري، من الممكن أن تتحرك في أي لحظة، لابد أن يركعوا، لابد أن يجوعوا، لابد أن يُسيطر عليهم بأي طريقة، السياسات تتغير، والأيام دُوَل، فكان يعنيها مسألة المياه في مصر، ودعونا نأخذ هذا المنحدر الاقتصادي.

مياه النيل -أيها الأحبة- ينبع بعض منها من جنوب السودان، وإن كان لا يشكل غير 15% فقط، والنسبة الباقية من باقي الدول؛ إسرائيل نجحت في السيطرة على أثيوبيا وعلى أوغندا، ودخلت فيما يعرف بمشاريع سدود للسيطرة على مياه النيل.

سمعتم بهذا السد الذي أنشئ في أثيوبيا منذ فترة؟ وهو أعلى من السد العالي الذي ما زالت مصر تفاخر به، 188متراً ارتفاعه، واستمر سبع سنوات يُبنى؛ مَن الذي كان يمول هذا السد الذي تبنيه أيدٍ صينية؟ المخطط أمريكي، لكن مَن الذي كان يدعم؟ وتكتشف أنه إسرائيل! وهناك من السدود في تنزانيا وأوغندا وغيرها من المناطق، فكان لابد حينئذ أن تسيطر على جنوب السودان، وعلى بقية المياه.

ولذا حاولت إسرائيل -كما تعرفون- محاولات جادة أن تسحب مياه النيل إلى ما يعرف بإسرائيل، وأخذت القيادة السياسية في مصر، وهي تقاتل من أجل ذلك، لا لشيء إلا لتشجع الهجرة إلى دولة إسرائيل، تشجع اليهود كنظرة مستقبلية، وهي تعاني من كساد ومن جفاف المياه أكثر من غيرها.

مصر مرتبطة بالنيل، وإذا تحدثت مصر عن النيل تحدثت عن أمر عظيم، فكيف نسيطر عليه؟ فإسرائيل تعرف كيف تتحرك! بل العجيب أنني قرأت أن هناك 800 خبير إسرائيلي متخصص في مياه النيل، كلهم سخَّروا عقولهم للتعامل مع هذا الموضوع.

إذن؛ فالأصابع الإسرائيلية واضحة، ومسألة انقسام السودان هذا كلام لا يقر به عاقل، ثم تحرك الجو الصهيوني داخل الولايات المتحدة، وتحرك في ذلك الاتجاه، كيف تحركت الولايات المتحدة وجون كيري المرشح السابق للرئاسة الأمريكية؟ تراه تدخل في انفصال الجنوب، بل حتى الفنانين في أمريكا تدخلوا في أمر انفصال الجنوب!.

لكن أين تكمن الخطورة الآن؟ على بقية الأجزاء من السودان المرشحة للانقسام إلى خمس دول، والدور على دارفور، وستذكرون ما أقول؛ دارفور التي فيها من النفط وفيها من اليورانيوم، معدن نفيس كلنا نحتاجه.

السودان برمتها خطيرة؛ ولذا لما تحدثت الكتب الصهيونية عن السودان قالوا: السودان، أين تكمن خطورتها؟ في مساحتها، فالسودان أكبر دولة عربية وإفريقية، 2 مليون كيلو متر مربع! وفيها من المواد الطبيعية: مياه، نفط، زراعة، معادن، ثروات...
السودان استقلت على ثروة عظيمة لو استُغِلت، قل لي بربك! لو استغلت السودان مواردها، ما الذي ستشكله؟ ولذا صرح أحدهم أن السودان كانت مرشحة أن تكون دولة لها قيمتها واعتبارها في إفريقيا؛ ولذلك لابد أن يشغلوها بجيرانها، وأشغلوها بجيرانها، ما يكاد السودان يخرج من قضية حتى تفتح له قضية أخرى، ما يكاد يلتقط أنفاسه من قضية جنوب السودان حتى تفتح له قضية دارفور.

ومن الأسباب -أيها الأحبة- أن مَن ذهب إلى أفريقيا ومارس الدعوة هناك يعلم جيدا أي قيمة تشكلها السودان، حتى إنك تقرأ بعض الصحف الأمريكية تتحدث عن الإسلام السوداني، يدركون خطورة السودان في مسألة انتشار الإسلام، السودان هو بوابة الإسلام على وسط أفريقيا، وعلى جنوبها، وخاصة أنها ستقتحم المناطق الوثنية، فأدرَكوا خطورة جنوب السودان، لابد أن تعطل الدعوة من خلال هذه البوابة التي تنفتح على وسط أفريقيا وعلى جنوبها، وهنا تدخل المجلس الكنسي، الكنيسة تدخلت وأخذت تمول تلك الحركات الانفصالية بالأموال والأسلحة والدبابات لتعطل هذا المشروع.

لا غرابة وهم يمارسون كل ذلك، المؤامرة أيها الأحبة عظيمة، المؤامرة على إسلامنا وعلى ديننا عظيمة، والأيام ستكشف لك أموراً أخطر، لابد أن ندرك ما الذي يُخطَّط؟ ما الذي يقومون به؟ إنني أتساءل عن موقف يسجله العرب وتسجله البلاد الإسلامية حيال ما يقومون به! أهو تجاهل أم جهل أم تواطؤ؟! لابد من تفسير لما يحدث، وقفت متعجبا أمام ما يحدث، ولا أرى ردة فعل واضحة!.

إننا نحتاج -أيها الأحبة- أن نقف على قلب رجل واحد، ونسجل مواقف واحدة، وأن نرتبط بإسلامنا وديننا، وأن ندرك طبيعة المعركة، وأن نقدم لها تصوراً وتحليلاً وفهما، حتى نستطيع أن نقدم لها المعالجة، وأن نمارس الحماية قبل العلاج؛ حتى لا نقع فيما وقع فيه الآخرون.

إننا نسترجع التاريخ، ونقرأ في تاريخ الدول، ونتحدث عن فاجعة، من باب أن نأخذ دروساً وعبراً حتى لا تقع لنا مرة أخرى. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

 

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما كثيراً.

أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن الله -عز وجل- أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد النبي الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وخلفائه الراشدين، وسائر الصحابة أجمعين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.

 

 

 

 

 

المرفقات

السودان لا بواكي له

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات