خطر الروافض

عبد الله بن سعد قهبي

2022-10-06 - 1444/03/10
عناصر الخطبة
1/فضل الصحابة رضي الله عنهم 2/ الروافض وعقيدتهم في الصحابة 3/ أمريكا ومقصدها في غزو العراق 4/ توافق الروافض وأمريكا في غزو العراق 5/ من ضلالات الروافض 6/ الروافض وأفعالهم الشنيعة بالمسلمين في العراق 7/ وقفة معاتبة في بعدنا عن نصر الله 8/ وعد الله المسلمينَ بالنصر والتمكين

اقتباس

إنَّ الدين الرافضي الشيعي دينٌ لا يلتقي معَ الإسلام في شيء، وكيف نلتقي ونتقارب مع من يقول بتحريف القرآنِ؟! وكيف نلتقي ونتقارب مع من يسبّ الصحابة؟! وكيف نلتقي ونتقارب مع من ويطعن في أمهاتِ المؤمنين؟! وكيف نلتقي ونتقارب مع من يستبيح دماء المسلمين بل ويعدونه من أعظم القربات..؟!

 

 

 

 

عباد الله: يصف القرآن محمدًا وأصحابه ذلك الجيل القرآني المثالي بأجمل الأوصاف وأعذبها، فيقول سبحانه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) أي: يوالي بعضهم بعضًا، ويناصر بعضهم بعضًا، ثم يصفهم سبحانه بكثرة العمل والصلاة مع الإخلاص فيها واحتساب جزيل الثواب عند الله تعالى، فيقول سبحانه: (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)، فشهد الله بما في قلوبهم من صدق النية بابتغائهم رضوان الله تعالى، ثم يقول سبحانه: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) أي: ترى في وجوههم السمت الحسنَ والخشوع والتواضع، ثم ينوّه سبحانه بذكرهم في الكتب السماوية السابقة من توراة وإنجيل، فيقول: (ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ) أي: مثَل الصحابة في قوة وجودهم وامتدادهم وفتحهم للبلاد شرقاً وغرباً لنشر الإسلام كمثل الزرع الذي يتفرع وينتشر ويزداد ويقوى ويطول ويشتد ساقه.

وفي ثناء عطر آخر يقول جل شأنه: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، ويقول سبحانه: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)، وقال فيهم سبحانه: (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).

هؤلاء هم أصحاب محمد الذين خرجوا بعد وفاة نبيهم يدعون إلى الله في مختلف بقاع الأرض، راضين مختارين، فغادَروا الأوطان وتركوا الأهل والولدان، وبذلوا في سبيل الله قصارى جهدهم من أجل تبليغ كلمة الله تعالى ونشرها ليلاً ونهارًا في مشارق الأرض ومغاربها؛ وما نحن فيه اليوم من الإسلام والإيمان ليس إلا بسبب بركة دعوتهم لأجدادنا، وما من مؤمن عاش على هذه الأرض من بعدهم إلا وللصحابة نصيب كامل من أعماله الصالحة كلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الدال على الخير كفاعله"، وهل هناك أحد غير الصحابة نقل لنا الإسلام ودعانا إليه؟! نبِّئوني بعلم إن كنتم صادقين.

إنهم كانوا كما أخبر الله عنهم: (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)، وهل سمعتم بقوم أصبر من الصحابة رضوان الله عليهم الذين مسّتهم البأساء والضراء؛ فصبروا محبة لله ولرسوله ولدينه؟!

إنهم -والله- خير خلق الله بنصّ كتاب الله، قال الله فيهم: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني"، وكم من آية وآية يختمها الله في صحابة نبيه بقوله: (أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)، (أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، (أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، بل بشّرهم الله بالجنة في حياتهم قبل موتهم ممن أنفق منهم قبل فتح مكة وممن أنفق بعد فتح مكة، فقال سبحانه: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) [الحديد: 10]، نعم، والحسنى هي الجنة، (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ) [الروم: 6]؛ فهنيئاً لهم ببشارة الله لهم.

وأما نساء النبيّ فقد شهد الله لهن بالإيمان وجعلهنّ أمهات لكل مؤمن صادق، فقال سبحانه: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) [الأحزاب: 6]؛ أي: مؤمنات وأمهات للمؤمنين.

عباد الله: خرجت علينا اليوم طائفة تدّعي الإسلام وهو منها براء، كذّبت الله وكذّبت كتابَه؛ ومن كذب الله أو كذب كتابه فقد كفَر بإجماع المسلمين، هذه الطائفة تقول: إن الصحابة وزوجات النبيّ مِن شرّ خلق الله، والله تعالى يقول في صحابة نبيه: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) [آل عمران: 110]. انظروا: هم يقولون: شرّ أمة، والله تعالى يقول: (خَيْرَ أُمَّةٍِ)، أليس هذا تكذيبا لله تعالى؟! هل يصدّق عاقل قول هذه الفئة الكافرة المارقة؟!

لقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين معه في حجة الوداع أكثر من مائة وعشرين ألفامن المهاجرين والأنصار الذين مُلِئ القرآن بذكرهم والثناء عليهم وسُطِّر هذا إلى يوم القيامة؛فهل يصدّق عاقل أن هؤلاء ارتدّوا وكفروا كلّهم إلا سبعة نفر منهم كما يقول هؤلاء الزنادقة؟! وهل المرتد والكافر ينصر دين الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؟! (فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا) [النساء: 78].

بل -والله- لو فتّشت عن أيّ رافضيّ لا تجده يعمل بشيء من هدي محمد صلى الله عليه وسلم؛ لا في صلاة، ولا في صيام، ولا في زواج، ولا في زكاة، ولا في حج، بل لا تجد أحدَهم يتبع منهج آل البيت أبداً؛ لأن منهج آل البيت كان نفسَ منهج أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ) [آل عمران: 31]، كل همهم المتعة والخمس والتوسل بالقبور وحصد الأموال الطائلة من ورائها والبكاء في عاشوراء وتسييل الدماء، هذا دين القوم.

أيها المسلمون: لقد جَاءت أمريكا بأساطِيلها وَمَسَاطِيلها فحلّتْ ببغداد، وَنزَلت بَينَ ظهرانِي المُسلِمين، جاءت لتنهب ثروات هذهِ الأرضِ المعطاء وكنوزها وخيراتِها، وجاءت لتُغيرَ ثوابتَ الأمةِ، وتحرّفَ الكلمَ عن مواضعه، وتُبدِّلَ المناهج، وتَقضِي عَلى ينابيعِ الخيرِ المتفجّرةِ في ضميرِ الأُمةِ الإسلامية، وَلِتقطعَ الطريقَ على الصَحوةِ النَّاهِضة والرَّجعةِ الصَّادِقة، ولِتنشُرَ الخَنَا والخَبَث، وتَبُثََّ فِكرها الساقِط وثقافَتها اللَّقِيطة باسم الحرية والديمقراطية، والعراقُ في النبوءاتِ التوراتيةِ -التي يؤمنُ بها الأُصوليونَ الإنجيليون الذينَ يَحكمونَ في واشنطن ولندن- هي بلدُ الشَّر، والمدينةُ الزانية، والعدوُّ الأولُ لبني إسرائيل؛ لذلك غزوها وفضوا بكارتها.

نعم: لقدْ أدركتْ أمريكا أن الإسلام السنيّ هو العدو الحقيقي، هم أهل الحق حقاً، هم أهل القرآن الذين يقولون: قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين مرجعهم الكتاب والسنة الذي هو سبب بقائهم وقوتهم، ولعل يوما يأتي نرى الروافض فيه يحرقون هذا القرآن الذي لا يعملون به ولا يقرؤونه، بل ولا تجد عالماً رافضياً -فضلاً عن عوامهم- يحفظ القرآن كاملاً أو شيئاً منه؛ تدرون لماذا؟ لأنه مليء بذكر الصحابة والثناء عليهم، بل لقد تناقلت وسائل الإعلام ومواقع النت أن الروافض في العراق يحرقون مساجد السنة ومصاحفهم ويقولون: "هذه مصاحف ومساجد النواصب" -قاتلهم الله أنى يؤفكون- ولولا الفضيحة لأعلنوا كفرهم بالقرآن كما أعلنوا كفرهم بالسنة؛ لأن الناقل لها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنهم يخفون ذلك الآن خشية أن يعلم جهال المسلمين وجهال أتباعهم مكرهم وخبثهم ودهاءهم الذي أخفوه وادعوا غيره؛ تُقيا ونفاقا، فيفتضح مذهبهم وضلالهم، فينفرون منه.

أيها المسلمون: إنَّ الدين الرافضي الشيعي دينٌ لا يلتقي معَ الإسلام في شيء، وكيف نلتقي ونتقارب مع من يقول بتحريف القرآنِ؟! وكيف نلتقي ونتقارب مع من يسبّ الصحابة؟! وكيف نلتقي ونتقارب مع من يطعن في أمهاتِ المؤمنين؟! وكيف نلتقي ونتقارب مع من يستبيح دماء المسلمين بل ويعدونه من أعظم القربات؟! وما تشاهدونه من قتلى أهل السنة اليوم في العراق على أيدي هؤلاء لخير بيان وشاهد..

إنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان من الأمريكان، بل إنهم يقتلون كل ذكر أو أنثى حتى ولو كان رضيعا طالما اسمه عمر؛ كرها في الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هؤلاء هم القوم، الروافض الذين رفضوا خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وصدق القائل سبحانه: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون:4]، ولقدْ أصابَ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية حينَ قَالَ رَحِمَه الله: "يعاوِنون أهل الأوثان على أهل الإسلام".

وها نحن نراهم اليوم يتركون المحتلّ ويقتلون المسلم، ولا يبالون بصراخ صغير أو كبير، أصبحت قلوبهم أشدَّ من قلوب الحيوانات الشرِسة، وما قصة التتار عنا ببعيد، فقد كانت بغداد بلدَ خلافة، وكان لخليفتها وزير رافضي اسمه ابن العلقميّ، فمكر بالخليفة وحرض التتار عليه، فأبى التتار دخول بغداد لأن جيشها كان يفوق المائة ألف مقاتل، فما زال بالخليفة حتى سرّح الجيش كلّه وجعله عاطِلا تماما، ثم غرّر به حتى أخرَجه من بغداد ومكَر به وقال: إن التتار يريدون غزو بغداد فاخرج إليهم بكبار القوم من علماء ووزراء وخطباء حتى تكفَّ شرهم، فخرج الخليفة في سبعمائة من كبار القوم، فما إن وصل لملك التتار حتى قتلوهم ونحروهم جميعا، فعاد التتار لبغداد وقد خلت من قوة المسلمين، فذبحوا كل مسلم سنيّ شرّ ذبحة، كل ذلك بسبب خبث ومكر الرافضي ابن العلقميّ لعنه الله.

عباد الله: هؤلاءِ القوم مِنْ أعظَمِ أصُولِهم التكفيرُ واللَّعنُ والسبُّ لخيار الأمة، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر، وكل من يترضّى على الصحابة فهو كافر عندهم بل يجب قتله، والله تعالى يأمر من جاء بعد عصر الصحابة الكرام أن يستغفر لهم ويدعو لهم، فيقول سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].

ومِن ضلال القوم نجدهم قد أبطلوا الصلاة والزكاة، وهما ركنان من أركان الإسلام، فلا تجد مساجدهم إلا معطلة من الذكر والصلاة، وإن وجدت فيها أحداً فلا تسمع إلا عويلاً وصراخًا وبكاءً على الحسين رضي الله عنه الذي قتلوه ثم بكوا عليه كذباً وزوراً، وتجد القبور والتوسّل بها والسجود لها من دون الله أكبر اهتماماتهم وعبادتهم؛ فماذا أبقوا لله من عباده؟!

بل سرقوا الخمس من أموال الضعفاء واستغنَوا به عن الزكاة مستدلين على سرقتهم هذه باستدلال باطل خدَعوا به جهّالهم فسرقوا أموالهم، فكل من زاد عن حاجته شيء ومرّ عليه عام يجب عندهم إخراج الخمس منه؛ سواء كتاب أو ملبس أو أكل أو شرب أو أيّ شيء، والخمس كثير جدّا، بعكس الزكاة التي لا تكاد تذكر، ويستدلون بقول الله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) [الأنفال: 41]؛ فالغنمية عندهم هنا مطلقة في كل ما يملكه الإنسان يعدّونه غنيمة، مع أن الآية تشير إلى غنيمة الحرب فقط بنص الآية التي ختمَها الله بقوله: (يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ).

يقول شارون -لا أقامه الله من مرضه- في مذكراته: "ولم أر يوماً في الشيعة الروافض أعداء لإسرائيل على المدى البعيد" انتهى كلامه لعنه الله.

ولقد صَدَقَ ذَلكَ المُستشرِق حِينَ قال: "لَولا الدَّولةُ الصَّفويةُ الرافضية لكنَّا اليوم في أوروبا نقرأ القرآن"، أي: لولا صدّهم الإسلام عنا لكنا مسلمين من أهل القرآن.

عباد الله: إن أهل السنة لم يكفّروا الروافض بداية، بل هم من بدأ بالتكفير، فعندئذ كفّرهم أهل السنة، ولو كفّوا عن التكفير وسبّ ولعن الصحابة وترضّوا عليهم كما ترضّى الله عنهم لما كفّرهم أحد أبدا، لكنهم تمادَوا وطغوا فكفّروا الصحابة ونساء النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا تكذيب للقرآن الذي يثني على الصحابة وأمهات المؤمنين، ومن كذّب القرآن فقد كفر بإجماع المسلمين.

يقول الإمامُ مالك رحمهُ اللهُ: "الذي يَشتُمُ أصحابَ رَسولِ اللهِ ليسَ له سهمٌ أو نصيبٌ فِي الإسلام"، وقالَ مُعلّقًا على قولِه تعالى: (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ) [الفتح: 29]: "فَمَنِ اغتاظَ مِنَ الصحابة فهو كافر". وتَبعه على هذا الاستدلال الإمامُ الشَّافِعي رحمه الله.

وهذا الإمامُ أحمد رحمه اللهُ يقول وَقَد سُئِل عمَّن يَسُبُّ الصحابةَ رضي الله عنهم: "ما أراه على الإسلام"، وقالَ: "من سَبَّ أصحابَ رسولِ اللهِ أو أحدًا مِنهُمْ أو تَنقَّصَهُم أو طَعَنَ عليهم أو عرَّضَ بعيبهِم أو عَابَ أحدًا مِنهُم فَهُو مُبتَدِعٌ رافضيٌّ خَبيث مُخالِفٌ، لا يَقبَلُ اللهُ منه صرفًا ولا عدلاً، بَلْ حُبُهم سُنَّة، والُّدعاءُ لهم قُربة، والاقتِدَاءُ بآثارهِم فَضِيلة".

عباد الله: لقد راجت على كثير من جهلة أهل السنة دعوة التقريب بين السنة والرافضة، وهي دعوة باطلة؛ فمذهب أهل السنة ومذهب الرافضة ضدان لا يجتمعان, فلا يمكن التقريب إلا على أساس التنازل عن أصول مذهب السنة أو بعضها أو السكوت عن باطل الرافضة، كما أراد المشركون من الرسول أن يوافقهم على بعض دينهم أو يسكت عنهم فيعاملونه كذلك، كما قال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم: 9]؛ فكيف نتقارب مع من يطعن في القرآن والصحابة وأمهات المؤمنين؟! أي تقارب مع هؤلاء الذي لو تمكنوا منا لذبحونا ذبح الخراف؟!

عباد الله: لَقَد بَدَأَ فَحِيحُ هَؤلاءِ الأَفَاعِي يَعلُو مِن جَديد، وأطلُّوا برُؤوسِهِم؛ ليَرسُمُوا خَريطة المَنطِقَةِ معَ حُلفائهمُ الأمريكان، وتوغَّلُوا في المراكز الحسَّاسة، وسَيطَرُوا عَلَى جِهَازَي الشُرطَةِ وَالجيَش، وَهُم يَتهيّئُونَ لِورَاثةِ الأرضِ والسيطرةِ على البلاد.

كَم غصبُوا من مساجد التوحيدِ وَحوَّلوهَا إلى حسينيات للوثنيةِ والشِّرك، وغَصَبوا الأَعراضَ وانتهكوا الحُرُمات، وَهُم مَاضُونَ بسعيٍ حثيث فِي قَتلِ وَتَصفِيَةِ الدُّعاةِ والعُلمَاءِ وأصحابِ الخِبرة مِن أهلِ السُّنة.

كم مِن عِرضِ حُرَّةٍ مُسلِمةٍ انتهكوه، وَكم مِن دَمِ مُسلمٍ بدون ذنب سَفَكُوه، وَكَم مِن أسيرٍ وأسيرةٍ أسروه، أسروا العذارى من المسلمات الصغار والكبار فلم يرحموهم بل اغتصبوهم، والكثير منهن لا يعرف مصيره الآن، وتركوا صغارهم يتضاغَون في خوف وجوع وبرد، لا لحاف لهم إلا السماء، ولا فراش لهم إلا الأرض، قتلوا آباءهم وأمهاتهم أمام أعينهم، واستاقوا من بقيّة الأسرة ما شاؤوا وتركوا ما شاؤوا، أي رعب هذا؟!

تخيل -يا عبد الله- الآن وتصوّر هذا الوضع لأبنائك الذين تشتاق لهم وتخشى أن يصابوا بشوكة، كيف لو كانوا هم هم؟! أقسم بالله العظيم أنّ ما لاقاه ويلاقيه أهل السنة في العراق من هؤلاء الروافض أحفاد ابن العلقمي أشنع وأفظع بكثير مما لاقوه على يد العدو الأمريكي؛ فمتى ننصر الله في أنفسنا حتى ينصرنا الله؟! متى ننصر الله في أنفسنا بترك المعاصي والمنكرات؟! (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ) [محمد: 7]، عندئذ لا يسلط الله أعداءنا علينا حين نكون مؤمنين حقا، قال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء: 141]، المؤمنين الصادقين الذين وصفهم الله بقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].

والعكس إن تعدّينا حدود الله فبداهة سيسلّط الله العدوّ علينا ويجعل له السبيل والغلبة؛ لأننا انحرفنا عن منهج الله، قال تعالى: (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) [النساء: 90]، هذا القول لمحمَّد صلى الله عليه وسلم وصحبه، لم يسلط الله الكفار عليهم لأنهم نصروا الله في أنفسهم فنصرهم الله وسلّطهم على عدوهم، أما نحن فسلّط الله عدونا علينا لأننا تمادينا وطغينا، فرحماك يا الله، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى: 30].

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

 

الحمد لله القائل في كتابه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

فهذه كلّها وعود جازمة بالنصر والتمكين، وعدنا بها مَن بيده ملك السماوات والأرض، وعدنا بها من قلوب العباد وعقولهم ونواصيهم وقواتهم وأسلحتهم وتخطيطاتهم بيده وحده لا شريك له، فلا يَبهر عينَيك كثرةُ الكافرين وتألّبهم على المسلمين، ولا تخش من أسلحتهم وتطورهم وظهورهم، فإن كيدهم مهما عظم فهو ضعيف: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا) [الطارق: 15-17]، نعم، أمهلهم رويدا.

 

 

 

 

المرفقات

1001

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات