بين التطير والتفاؤل (1)

سليمان بن حمد العودة

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/معنى التطير 2/ من تطير الأمم السابقة بالأنبياء 3/ حكم التطير 4/ الأسباب التي تدعو المسلم للبعد عن التشاؤم 5/ أكثر ما يتطير به الناس قديماً وحديثاً

اقتباس

لقد جاءنا الله بهذا الدين لتمتلئ قلوبنا بتعظيم الله والتوكل عليه، ولتقر أعيننا بتطبيق شرائع الإسلام وأخلاقه العالية، في وقت كانت ولا زالت الجاهليات نهباً للأهواء، قلقاً حائراً تطارده الهموم، ويسيطر عليه التشاؤم، وربما بلغ به القلق مبلغه، والتشاؤم نهايته فأنهى حياته بنفسه، ظن ليستريح؛ والحق أنها بداية للشقوة الأبدية ..

 

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى إخوانه وآله ورضي عن صحابته وأتباعهم إلى يوم الدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1].

أما بعد: فاتقوا الله أيها الناس وراقبوه في السر والعلن، وبتقوى الله تصلح الأمور، وتتلاشى الشرور، ويصلح للناس شؤون دينهم ودنياهم.

ألا وإن صلاح المعتقد سبب للصلاح والطمأنينة في الدنيا والفوز بالنعيم والسعادة في الآخرة.

وحين يكون الخلل في العقيدة يبتدع الناس عوائد ما أنزل الله بها من سلطان، ويتلبسون بسلوكيات تنغص عليهم حياتهم وتجعلهم نهباً لإيحاءات شياطين الجن والإنس.

لقد جاءنا الله بهذا الدين لتمتلئ قلوبنا بتعظيم الله والتوكل عليه، ولتقر أعيننا بتطبيق شرائع الإسلام وأخلاقه العالية، في وقت كانت ولا زالت الجاهليات نهباً للأهواء، قلقاً حائراً تطارده الهموم، ويسيطر عليه التشاؤم، وربما بلغ به القلق مبلغه، والتشاؤم نهايته فأنهى حياته بنفسه، ظن ليستريح؛ والحق أنها بداية للشقوة الأبدية.

لقد كان العرب قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم في ظلام وشقوة ليست الطيرة إلا واحدة من سلوكياتها الخاطئة.

والطيرة هي التشاؤم واشتقاقها من الطير؛ إذ كانوا يتطيرون من الغراب والأخيل ونحوهما، وكان الواحد منهم إذا خرج لأمر ورأى الطير طار يمنة تيمن به واستمر، وإن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع، وكانوا يسمون الطائر ذات اليمين بالسانح ويستبشرون به ويستدلون به على نجاح سفرهم وقضاء حوائجهم، كما يسمون الذي يأخذ بالشمال (البارح) فيتشاءمون به، وقد يرجعون عن السفر بسببه، أو يتوقفون عن عمل بدؤوه.

وإذا كانت الجاهليات قديماً وحديثاً تلتقي في كثير من صور الانحراف فإن التطير وجد عند الأمم السابقة ما قص الله على نبيه صلى الله عليه وسلم من أخبارهم في القرآن؛ منكراً لها ومشنعاً على معتقداتها وإذا كان التطير كله مرفوضاً - فإنه يتعاظم حين يكون الأمير خيراً واقعاً.. أو يكون المتطير منه نبياً مرسلاً.

أجل لقد تطير فرعون وقومه المجرمون بموسى ومن معه من المؤمنين (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [الأعراف:131] كما تطير أهل القرية برسلهم الناصحين وهددوهم بالرجم والعذاب الأليم (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [يّـس:18]

وتطيرت ثمود بنبيها صالح عليه السلام وقد طلب إليهم ألا تستعجلوا للسيئة قبل الحسنة، وأوصاهم بالاستغفار لعلهم يرحمون (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) [النمل:47].

عباد الله: لم لا يكون التطير حراماً وهو يصور لصاحبه الخير شراً والحق باطلاً، وربما دفع بصاحبه إلى فعل المكروه أو الإحجام عن فعل المحبوب، وهو أولاً وآخراً لا ينجي من المقدور، وليس بمقدور صاحبه أن يكتشف الغيب المستور ولذا رفضه بعض عقلاء الجاهلية وقال شاعرهم:
الزجر والطير والكهان كلهم *** مضللون ودون الغيب أقفال

وقال الرقشي:
ولقد غدوت وكنت لا *** أغدو على واق وحاتم
فإذا الأشائم كالأيامـن *** والأيامن كالأشائـم
وكـذلك لا خير ولا *** شر على حد بدائـم
لا يمنعنـك من بغـاء *** الخير تعقاد التمائـم

أما المسلم فيمنعه من التشاؤم عدة أمور:

رضاه بقضاء الله وقدره وثقته بأن ما يقدره الله له فيه خير فإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.

واعتقاده الجازم بأن المستقبل غيب لا يعلمه إلا علام الغيوب (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) [النمل:65] ومعرفته بأن الطيرة والتشاؤم نوع من السحر، كما قال صلى الله عليه وسلم: "العيافة والطرق والطيرة من الجبت".

والجبت هو السحر عند جمع من أهل العلم، ووجه كون العيافة والطرق والطيرة سحراً، لما فيها من دعوة علم الغيب، ومنازعة الله تعالى في ربوبيته.. إضافة إلى أن بعضهم يعتقد أن تلك الأشياء تنفع أو تضر بغير إذن الله تعالى.

ومن أعظم ما يدعو المسلم للبعد عن التشاؤم والتطير خوفه من الشرك؛ إذ هي باب من أبوابه وطريق موصل إليه، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: "الطيرة شرك، الطيرة شرك" الحديث.

وورد في حديث آخر: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك" قالوا فما كفارة ذلك قال: "أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك".

يقول ابن القيم رحمه الله: فالطيرة باب من الشرك وإلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته يكبر ويعظم شأنها على من أتبعها نفسه واشتغل بها وأكثر العناية بها، وتذهب وتضمحل عمن لم يلتفت إليها ولا ألقى إليها باله ولا شغل بها نفسه وفكره..

أيها المسلمون: يدعو المسلم كذلك للبعد عن التطير والتشاؤم قطع وساوس الشيطان، وبعده عما يفسد عليه دينه، وينكد عليه عيشه، وتأمل هذا الوصف الرائع من عالم فقيه، لحال المتطير المتشائم يقول ابن القيم رحمه الله: "واعلم أن من كان معتنياً بها- يعني الطيرة – قائلاً بها كانت إليه أسرع من السيل إلى منحدره، وتفتحت له أبواب الوساوس فيما يسمعه ويراه ويعطاه، ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى ما يفسد عليه دينه، وينكد عليه عيشه.. إلى أن يقول: وحال من تطير وتشاءم كحال من غلبته الوساوس في الطهارة فلا يلتفت إلى علم ولا إلى ناصح، وهذه حال من تقطعت به أسباب التوكل وتقلص عنه لباسه، بل تعدى منه، ومن كان هكذا فالبلايا إليه أسرع، والمصائب به أعلق، والمحن له ألزم، ثم ينتهي إلى توصيفه بقوله والمتطير متعب القلب، منكر الصدر، كاسف البال، سيء الخلق يتخيل من كل ما يراه أو يسمعه، أشد الناس خوفاً، وأنكدهم عيشاً وأضيق الناس صدراً وأحزنهم قلباً، كثير الاحتراز والمراعاة لما لا يضره ولا ينفعه، وكم قد حرم نفسه بذلك من حظ، ومنعها من رزق، وقطع عليها من فائدة".

أيها المسلم: ربما ندم المتطير مما تطير منه، واعتذر استحياء ممن تطير به، ومن طريف ما يروى عن بعض الولاة أنه خرج في بعض الأيام لبعض مهماته، فاستقبله رجل أعور، فتطير به وأمر به إلى الحبس، فلما رجع من مهمته ولم يلق شراً أمر بإطلاقه، فقال له (المحبوس) سألتك بالله ما كان جرمي الذي حبستني لأجله؟ فقال له الوالي: لم يكن لك عندنا جرم، ولكن تطيرت بك لما رأيتك، فقال: ما أصبت في يومك برؤيتي؟ فقال الوالي: لم ألق إلا خيراً، فقال الرجل: أيها الأمير! أنا خرجت من منزلي فرأيتك فلقيت في يومي الشر والحبس، وأنت رأيتني فلقيت في يومك الخير والسرور؛ فمن أشأمنا، والطيرة بمن كانت؟ فاستحيا منه الوالي ووصله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: من الآية 22-23].

نفعني الله وإياكم بهدي الكتاب.

 

 الخطبة الثانية

 

الحمد لله رب العالمين خلق فسوى وقدر فهدى، وأشهد أن لا إله إلا الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه – اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء.

أيها المؤمنون: ربما تساءل البعض وبماذا يقع التطير، وما أكثر ما يتطير منه قديماً وحديثاً؟ ولئن كانت الطيرة تختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص؛ فمما يقع من التطير:

1- الطيور كالغراب والأخبل، والبومة بشكل أخص، وهي التي جاء ذكرها في الحديث باسم (الهامة) قال عليه الصلاة والسلام: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر".

قال ابن الأعرابي: كانوا يتشاءمون بها إذا وقعت على بيت أحدهم يقول نعت إلي نفسي أو أحداً من أهل داري، ومعنى الحديث السابق لا شؤم بالبومة ونحوها.

2- الشهور: وخاصة صفر.. إذ كان أهل الجاهلية يتشاءمون بصفر ويقولون إنه شهر مشؤوم، وربما امتنعوا عن النكاح فيه، قال ابن رجب: وكثير من الجهال يتشاءم بصفر، وربما ينتهي عن السفر فيه. والتشاؤم فيه هو من جنس الطيرة المنهي عنها.

3- الأيام: فهناك من يتشاءم ببعض الأيام وينسب إليها النحس والشؤم، كمن يتشاءم بيوم الأربعاء، وذلك من تلاعب الشيطان بالجهال.

4- وهناك من يتشاءم بالأعداد، كما تكره الرافضة لفظ العشرة، أو فعل شيء يكون فيه عشرة؛ فلا يبنون بعشرة أعمد مثلاً، قال ابن تيمية وذلك لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة. وكثير من الناس في الغرب يتشاءمون برقم ثلاثة عشر، وربما حذفته بعض شركات الطيران في ترقيم المقاعد.

5- التشاؤم في المركب والمسكن والمرأة.. وربما تعلق هؤلاء بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن كان الشؤم ففي الدار والمرأة والفرس". وقد أجاب العلماء على هذا الحديث بأجوبة عدة؛ ومن أجملها ما قاله ابن القيم: أن إخباره -صلى الله عليه وسلم- بالشؤم في هذه الثلاث ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها الله، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق أعياناً منها مشؤومة على من قاربها وساكنها، وأعياناً مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤوم ولا شر، والله خلق الخير والشر والسعود والنحوس، فيخلق بعض هذه الأعيان سعوداً مباركة يسعد بها من قاربها، ويخلق بعضها نحوساً ينحس بها من قاربها، وكل ذلك بقضاء الله وقدره.. والفرق بين النوعين مدرك بالحس فكذلك في الديار والنساء والخيل، فهذا لون والطيرة لون.. ا.هـ.

فإن قيل هذا جار في كل مشؤوم فما وجه خصوصية هذه الثلاثة بالذكر؟ فجوابه: أن أكثر ما يقع التطير في هذه الثلاثة فخصت بالذكر.

6- الاستقسام بالأزلام، وبه القداح، كان الرجل في الجاهلية إذا أراد سفراً أو زواجاً أو أمراً مهماً أدخل يده في وعاء يضع فيها القدح، فأخرج منه (زلماً)؛ فإن خرج الأمر مضى لشأنه وإن خرج النهي كف ولم يفعل.

وذلك نوع من التطير المنهي عنه؛ كما في قوله تعالى: (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) [المائدة: من الآية3]. وفي الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لن يلج الدرجات العلى من تكهن، أو استسقم، أو رجع من سفر تطيراً".

إخوة الإسلام: ومن الاستسقام بالأزلام في هذا العصر: ضرب الرمل والودع ، وفتح الكتاب والكوتشينة، وقراءة الفنجان، وكل ما كان من هذا القبيل حرام منكر في الإسلام.

إخوة الإيمان: احذروا التطير والتشاؤم في أمور حياتكم كلها؛ فإنه مفسدة للدين والدنيا، ولما لم يكن في ترك التطير إلا تحقيق التوحيد لكان هذا كافياً، ودونكم هذا الحديث العظيم فتأملوه، واحرصوا على العمل به، أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن حصين بن عبد الرحمن قال: "كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ قلت: أنا، ثم قلت أما إني لم أكن في صلاة ولكن لدغت، قال: فماذا صنعت؟ قلت: استرقيت، قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، فقال: وما حدثكم الشعبي؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن حصيب الأسلمي أنه قال: "لا رقية إلا من عين أو حمة" فقال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط (دون العشرة)، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد؛ إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب"، ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حسان ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما الذي تخوضون فيه؟" فأخبروه، فقال: "هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون" فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: "أنت منهم" ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: "سبقك بها عكاشة".

وهكذا يحقق التوحيد من لا يتطيرون.. ويكونون ضمن من يدخلون الجنة بغير حسان ولا عذاب.. جعلنا الله منهم والمسلمين..

على أن شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله ضعف قوله في الحديث "لا يرقون" وقال إنها وهم من الراوي ولم يقلها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الراقي محسن إلى أخيه، وكذلك ضعفها تلميذه ابن القيم رحمهما الله، ومما يؤيد ذلك أنها لم ترد في رواية البخاري، بل ولا في الروايات الأخرى عند مسلم، وإنما الثابتة في الصحيحين "لا يسترقون" فقط والله أعلم.

أيها المؤمنون: ويبقى بعد ذلك حديث عن دفع التطير، ووسائل الخلاص منه، وحديث عن الفأل ومعناه وأثره في حياة المسلم، وهذه وتلك مجال الحديث في الجمعة القادة بإذن الله.

 

 

 

المرفقات

965

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات