عناصر الخطبة
1/الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان 2/قد يحمل ظاهر الأمر شرًّا ولكِنْ في باطنه الخير 3/على المسلم أن يتضرع لربه ويلجأ إليه 4/تحية وتقدير لأعضاء المهن الطبية ورجال الأمناقتباس
إنَّ ما يجري على العالَم اليومَ، هو في ظاهره شرٌّ وبلاءٌ، ولكِنْ عسى اللهُ أن يجعل فيه خيرًا كثيرًا، فكلُّ ذلك بعِلْم الله وحكمته، وقضائه وقَدَرِه، والله عند حُسْن ظنِّ عبدِه به؛ فالرحيم لا يقدِّر لعباده إلا الخيرَ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله ربِّ العالمينَ، فتَح أبوابَ الخير للعاملينَ، ونوَّع سبلَ الطاعات للمؤمنين، أحمدُه -سبحانه- وأشكرُه، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ربٌّ رحيمٌ كريمٌ، يُمهِل العاصينَ، ويُثِيب المحسنينَ، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، نصَح لأمته، فدلَّهم على موارد الإحسان لِيَرِدُوهَا، وعلى صنائع المعروف ليصطَنِعوها، وحذَّرَهم من أبواب الشرِّ ليجتنبوها، صلَّى اللهُ وسلم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعينَ، ومَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ أيها المؤمنون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا اللهَ -رحمكم الله-، فالكيِّس مَنْ دانَ نفسَه وعَمِلَ لِمَا بعدَ الموتِ، والعاجزُ مَنْ أَتْبَعَ نفسَه هواها، وتمنَّى على الله الأمانيَّ.
أمةَ الإسلامِ: إن الإيمان بقضاء الله وقدره، ركنٌ من أركان الإيمان الستة، ففي (صحيح مسلم)، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما سُئِلَ عن الإيمان قال: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ"، فالله -جل جلاله- قدَّر مقاديرَ الخلائق وأرزاقَهم وآجالَهم، وابتلاهم بالحسنات والسيئات، فتنٌ في السراء، ومحنٌ في الضراء، فهذا آدمُ -عليه السلام- خلَقَه اللهُ بيده، ونفَخ فيه من روحه، وأسجَد له ملائكتَه، ثم ابتلاه اللهُ بأكل الشجرة، فأخرَجَه من الجنة، ثم قال الله -سبحانه- في حق ذريته من بعده: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)[الْبَقَرَةِ: 155]، فكم يا عباد الله في الشدائد والمحن، مِنَ الْمِنَح والعطايا، وهذه حقيقةٌ لا يُوقِن بها، إلا مَن رضي بالله حقَّ الرضا، وأحسَن الظنَّ به، وصَدَقَ في التوكل عليه، وفوَّض الأمرَ إليه، وكان على يقين وثقة بوعده، أنه -سبحانه- لا يريد بعباده إلا الخيرَ والصلاحَ، والفوزَ والفَلَاحَ، فقد تُوَافِي المضرة من جانب المسرة، والمسرة من جانب المضرة: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 216].
وفي يوم الحديبية عقَد النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- صلحًا مع المشركين، ورأى بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- بأن فيه ظلمًا وإجحافًا لهم، حتى قال عمر -رضي الله عنه-: "يا رسول الله، أَلَسْنَا على الحقِّ وهم على الباطل؟ فقال: بلى، فقال: أليس قَتْلَانَا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: فَعَلَامَ نُعطِي الدنيةَ في ديننا؟ أنرجِع ولَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بينَنا وبينَهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيِّعني اللهُ أبدًا"، فانطلق عمرُ إلى أبي بكر فقال له مثلَ ما قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: إنه رسول الله، ولن يضيِّعَه اللهُ أبدًا، فأنزَل اللهُ -تعالى-: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)[الْفَتْحِ: 1]، فقال عمرُ: "يا رسولَ اللهِ، أَوَفَتْحٌ هو؟ قال: نعم"(رواه البخاري ومسلم).
أمةَ الإسلامِ: إنَّ ما يجري على العالَم اليومَ، هو في ظاهره شرٌّ وبلاءٌ، ولكِنْ عسى اللهُ أن يجعل فيه خيرًا كثيرًا، فكلُّ ذلك بعِلْم الله وحكمته، وقضائه وقَدَرِه، والله عند حُسْن ظنِّ عبدِه به؛ فالرحيم لا يقدِّر لعباده إلا الخيرَ، فلا يجزعُ العبدُ مِنْ قدَر اللهِ، ولا ييأس من رحمته، ولعل هذا المكروه يكون سببًا لنعمة لا تُنال إلا به، (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 216].
أيها المؤمنون بالله ورسوله: إن في قول الرب -جل وعلا-: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النِّسَاءِ: 19]، دعوةً للتسليم لأمر الله، وعلاجًا للقلق والتشاؤم، وسببًا لحصول السَّكِينة والطمأنينة، وليست دعوةً لبثِّ الوهنِ وتركِ العمل، أو ذريعةً للخمول والكسل، فحينَ نتحدَّث عن الرضا بقضاء الله وقدره، وتفويض الأمور إليه، فلا يُفضِي ذلك إلى العجز والتواكل، وتَرْك الأخذ بالأسباب والتخاذل، بل يكون العملُ بكل ما في الوسع والطاقة، والاجتهاد على قَدْر الاستطاعة، مِنْ فعلِ الأسبابِ التي سخَّرَها اللهُ، ومدافَعة أقدار الله بأقداره، ففي (صحيح مسلم)، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ"، ولنعلَمْ -أيها المؤمنون- أن الافتقار إلى الله -تعالى-، سبيلٌ لمرضاته ومَعِيَّتِه، وبابٌ عظيمٌ من أبواب الفرج ورفع البلاء، وكَشْف الضراء، فقوةُ الإنسان وعِزُّه في ضَعْفه وانكساره لربِّه، ففي يوم بَدْر، أظهَر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- شدةَ افتقاره إلى ربه، وحاجتَه إلى خالقه، ففي (صحيح مسلم): أنه -صلى الله عليه وسلم- اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: "اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ"، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- فالتَزَمَه من ورائه وقال: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ)[الْأَنْفَالِ: 9]، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ.
وأمَّا يومَ حُنَيْن، فكادت تنزل الهزيمةُ بالصحابة -رضي الله عنهم-، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينَهم، حين ظنَّت بعضُ النفوس، أن نصرَها في كثرتها وقوتها وعتادها، حتى قال قائِلُهم: لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ، فَابْتُلُوا بِهذه الكَلِمة، وعاتَبَهم ربُّهم على إعجابهم بكثرتهم، وبيَّن لهم أن النصر من عنده -جلَّ جلالُه-: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)[التَّوْبَةِ: 25]. قال ابن تيمية -رحمه الله-: "والعبد كلَّما كان أَذَلَّ لله، وأعظمَ افتقارًا إليه، وخضوعًا له كان أقربَ إليه، وأعزَّ له، وأعظمَ لقَدْرِه".
فحريٌّ بنا هذه الأيامَ، أن نُظهِر افتقارَنا لربنا، ونتقرَّب له بصالح أعمالنا، وأن نُكثِر من صنائع المعروف، فصنائعُ المعروف، ممَّا يَكشِف اللهُ بها البلاءَ، ويرفع بها الوباءَ، ويغفِر بها الذنوبَ، ويستر بها العيوبَ، ويفرِّج اللهُ بها الهمومَ والغمومَ، (ففي المعجم الأوسط للطبراني)، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ"، وصنائعُ المعروفِ كثيرةٌ، وحوائجُ الناس متنوعةٌ: إطعامُ جائع، إعانة عاجز، إنظارُ معسر، عفوٌ عن إساءة، سعيٌ في شفاعة، كسوة عارٍ، وتعليم جاهل، فإن كنتَ لا تملكُ هذا ولا ذاك، فادفع بكلمة طيبة، فالكلمة الطيبة صدقة، وإلا فليسَعْك بيتُكَ، وكُفَّ أذاكَ عن الناس، فإنها صدقةٌ منكَ على نفسكَ، أعوذ بالله من الرجيم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ)[فَاطِرٍ: 17].
بارك الله لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفِروه إنه كان غفَّارًا.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، الحمدُ لله ذي التوفيق والعطاء، والجُود والسخاء، يُثِيب مَنْ صَبَرَ على الفتن والبلاء، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ذو الفضل والكرم -جل وعلا-، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه المجتبى، صلى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابه وأزواجه، ومَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم اللقاء.
أمَّا بعدُ معاشرَ المؤمنينَ: لقد حفظ الإسلامُ الإنسانَ، قلبًا وجسدًا ونفسًا، وأسرةً ومجتمعًا، فأوجَب حفظَ الضرورياتِ الخمسِ، ومنها حفظُ النفس، فجزى الله خيرًا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَّ عهده الأمين؛ إذ جعلوا صحةَ الإنسان وكرامتَه، في مقدمة الأولويات، لا فرقَ في ذلك بين مُواطِن ومُقِيم.
وإن من أعظم الأعمال، وأزكاها وأحبِّها إلى الكبير المتعال، ما تقوم به الوزارات والهيئات ومنسوبوها، والمتطوعون معها، من جهود عظيمة، لحماية النفوس ودَفْع الجائحة، وحِفْظ الأمن الغذائي والاجتماعي، وخاصةً ما يقوم به منسوبو القطاع الصحي، الذين شرَّفَهم اللهُ بهذه المهمة النبيلة، فعمَلُهم من أعظم الأعمال، وعِلْمُهم من أنبلِ العلومِ وأنفَعِها، بعدَ علمِ الكتابِ والسنةِ؛ لِمَا فيه من حفظ الأبدان، وفي حفظ الأبدان حفظٌ للعقول والأديان، قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "صنفانِ لا غنى للناس عنهما: العلماء لأديانهم، والأطباء لأبدانهم، ولا أعلم علمًا بعد الحلال والحرام أنبل من الطب"، وذكَر الفضل الرازي في فضل الأطباء أنهم قد جمعوا خصالًا لم تجتمع لغيرهم، منها: "اتفاق أهل الملل والأديان على تفضيل صناعتهم، واهتمامهم الدائم بإدخال السرور والراحة على غيرهم، ولو لم يكن من فضل الطبيب إلا أن الإنسان ربما يتشوَّق إليه، فإنه في العلل الصعبة ربما كَرِهَ الإنسانُ لقاءَ أهله وولده، ويشتاق إلى الطبيب، ويتروَّح برؤيته، وتَطِيب نفسُه بحضوره ومشاهَدَتِه، لكان فيه مندوحة عن غيره" انتهى كلامه رحمه الله.
فيا قادةَ الصحة ومنسوبيها، ويا أيها الممارِسون الصحيون: كم يرفع الله بكم من سقم، ويزيل بكم من ألم، فهنيئًا لكم، بشرى النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ"(رواه مسلم)، فعَمَلُكم مما تنال به محبةُ الله، والقربُ منه ورضاه، وكفى به شرفًا وفضلًا؛ لِمَا فيه من الإحسان، والله -تعالى- يقول: (إِنَّ رَحْمَةَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)[الْأَعْرَافِ: 56]، (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[الْبَقَرَةِ: 195].
لَمَّا مَرِضَتْ رُقَيَّةُ -رضي الله عنها وأرضاها- بنتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذلك قبلَ خروجه إلى معركة بدر، أمَر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- زوجَها عثمانَ أن يبقى عندها ليمرِّضَها، ويقوم على شئونها والعناية بها، فتخلَّف رضي الله عنه وأرضاه عن غزوة بدر الكبرى، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن لكَ أجرَ رجلٍ ممَّن شَهِدَ بدرًا وَسَهْمًا"(رواه البخاري)، فقسَم له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- سهمَه من الغنيمة كأحد الغزاة الحاضرينَ، فعُدَّ عثمانُ -رضي الله عنه- من البدريينَ، الذين قال الله فيهم: "اعملوا ما شئتُم فقد غفرتُ لكم"(رواه البخاري، ومسلم)، فهنيئًا لكم قادةَ الصحة ومنسوبيها، جمعتُم بين تكليف وتشريف، ذلك فضلُ اللهِ يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
وأما رجالُ أمنِنا في الميدان، والمُرابِطون على ثُغور بلادِنا، فيكفيهم شرفًا وأجرًا، بُشرَى رسولِ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، (رواه الترمذي بسند صحيح)، فطُوبَى لكل عينٍ سهِرَت لأجلِ راحةِ عباد الرحمن، وطوبى لكل عين باتت تحرس الثغورَ لحفظ الأمن وردِّ العُدْوان، فلكم منَّا خالص الدعاء، بأن يبارك اللهُ في أعمالكم، وأن يحفظكم من بين أيديكم ومن خلفكم.
ثم اعلموا معاشرَ المؤمنين، أن الله -تبارك وتعالى- أمرَكم بأمر كريم، ابتدأ فيه بنفسه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليتَ على آل إبراهيم، وبارِكْ على محمد وأزواجه وذريته، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدينَ؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصحابة والتابعينَ، وَمَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وعنَّا معهم بعفوكَ وكرمكَ وجودكَ يا أرحمَ الراحمينَ.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، برحمتك يا منَّان، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نسألكَ بفضلكَ ومنتكَ وجودكَ وكرمكَ أن تحفظنا من كل سوء ومكروه، اللهم ادفع عنا الغلا والوبا، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهَر منها وما بطَن، اللهم إنَّا نعوذ بكَ من زوال نعمتِكَ، وتحوُّل عافيتِكَ، وفُجَاءَةِ نقمتِكَ، وجميع سخطِكَ، اللهم إنَّا نعوذ بك من جهد البلا، ودرك الشقا، وسوء القضا، وشماتة الأعداء، اللهم إنا نعوذ بك من البرص، والجنون والجذام، ومن سيئ الأسقام.
اللهم فرِّج عنا ما نحن فيه، اللهم اكشف الغمة عن الأمة، اللهم اكشف الغمة عن الأمة، اللهم اكشف الغمة عن الأمة، بلطفك وفضلك وجودك وكرمك، إنكَ على كل شيء قدير، اللهم اجعل لنا بعد العسر يسرًا، وبعد الهم فرجًا، وبعد الضيق مخرجًا، اللهم أحسن عاقبتَنا في الأمور كلها، وأَجِرْنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأَجِرْنا من خزيِ الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم رُدَّنا إليكَ ردًّا جميلًا، اللهم رُدَّنا إليكَ ردًّا جميلًا، اللهم رُدَّنا إليكَ ردًّا جميلًا حميدًا، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وكُنْ للمستضعفينَ مِنَّا، اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم وفق خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، واجزه عن الإسلام والمسلمين خيرَ الجزاء، اللهم وفِّقْه ووليَّ عهده الأمين لِمَا فيه خير للإسلام والمسلمين، اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لما تحبه وترضاه.
اللهم وفِّق العاملينَ في القطاع الصحي، اللهم وفِّق العاملينَ في القطاع الصحي، في بلدنا هذا خاصةً، وفي كل مكان يا رب العالمينَ، اللهم أَعِنْهم وانفع بهم، وسدِّد رأيَهم وألهمهم الصوابَ والرشدَ، واحفظهم من كل مكروه وسوء، برحمتك وفضلك وجودك يا أرحم الراحمين.
اللهم انصر جنودنا المرابِطين على حدود بلادنا، اللهم انصرهم نصرًا مؤزًّرًا عاجلًا غيرَ آجِل، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ، لا إلهَ إلا اللهُ إلا أنتَ سبحانكَ إنَّا كنا من الظالمينَ، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الْحَشْرِ: 10]، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم