عناصر الخطبة
1/أهمية الصلاة في الإسلام 2/ أساليب الشيطان في صرف المسلم عن الصلاة 3/ أدلة وجوب صلاة الجماعة 4/ خطورة التخلف عن صلاة الجماعةاهداف الخطبة
التحذير من ترك صلاة الجماعة / بيان أدلة وجوب صلاة الجماعة .عنوان فرعي أول
الصلاة على وقتهاعنوان فرعي ثاني
إنه الشيطانعنوان فرعي ثالث
هل أدركت وجوبها ؟اقتباس
إن الشيطان يحرص كل الحرص على صرف المسلم عن هذه الصلاة لعلمه أنه إذا انصرف عنها عن بقية أحكام الدين من باب أولى. فإنه لا دين لمن لا صلاة له ولا حظ في الإسلام.
الحمد لله الذي جعل الصلاة كتاباً موقوتاً على المؤمنين. وأمر بإقامتها والمحافظة عليها وأدائها مع جماعة المسلمين –أحمده على نعمه، وأشكره على جزيل منه وكرمه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. توعد من تخلف عن صلاة الجماعة بأشد الوعيد. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بسنته وسار على نهجه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس اتقوا الله واعلموا أن مقام الصلاة عظيم. وقد نوّه الله بشأنها في كتابه الكريم. وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين. وهي الفارقة بين المسلم والكافر. وهي عمود الإسلام والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة.
أيها المسلمون: إن الشيطان يحرص كل الحرص على صرف المسلم عن هذه الصلاة لعلمه أنه إذا انصرف عنها عن بقية أحكام الدين من باب أولى. فإنه لا دين لمن لا صلاة له ولا حظ في الإسلام. كما قال عليه الصلاة والسلام: "آخر ما تفقدون من دينكم الصلاة".
وإن الشيطان يأتي لصرف المسلم عن هذه الصلاة من طرق كثيرة. فإن تمكن من منعه منها بالكلية فإنه يبذل لذلك كل ممكن. وإن لم يتمكن من منعه منها احتال عليه بمنعه من الصلاة مع الجماعة. ثم يمنعه من أدائها في وقتها. فإن لم يستطع منعه عن الجماعة أغراه بالتكاسل والتأخر عن الحضور إلى المسجد حتى يفوته بعضها ويحرمه فضيلة السبق إلى المسجد وحضور الصلاة من أولها.
وهذا هو الواقع اليوم من كثير من المسلمين. فمنهم أعداد كثيرة من جيران المساجد لا يدخلون المساجد للصلاة فيها، أو يدخلونها لبعض الصلوات ويتركون بعضها. وأعداد كثيرة تحضر إلى المساجد متأخرة لا تدرك إلا بعض الصلاة مع الإمام، أو لا تدرك منها شيئاً. فأما الذين ضيعوا الصلاة مع الجماعة فهؤلاء قد عصوا الله ورسوله، وعرضوا أنفسهم لسخط الله واستحقوا العقوبة العاجلة والآجلة. وحرموا أنفسهم خيراً كثيراً.
واسمعوا هذه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله والتي توجب الصلاة مع الجماعة وتنذر من أخل بهذا الواجب بعذاب أليم. قال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة:43] فأمر بإقامة الصلاة والركوع مع الراكعين. وهذا يعني فعلها مع جماعة المصلين والأمر المقيد بصفة أو حال لا يكون المأمور ممتثلاً إلا إذا أتى به على تلك الحال أو الصفة. فدلت الآية على أن الصلاة لا بد لها من جماعة تقام فيها. وقال تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) [القلم:42-43] .
فيعاقبهم سبحانه يوم القيامة بأن يحول بينهم وبين السجود هناك، لأنه لما دعاهم إلى السجود في المساجد أبوا أن يجيبوا الداعي- وقد فسر النبي –صلى الله عليه وسلم- إجابة الداعي بما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي –صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له أن يصلي في بيته، فرخص له. فلما وليّ دعاه فقال: "هل تسمع النداء"؟ قال: نعم. قال: "فأجب"
فدل الحديث على أن الإجابة المأمور بها هي الإتيان إلى المسجد لصلاة الجماعة. وقد قال غير واحد من السلف في قوله تعالى: (وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) [القلم:43] أن معنى يدعون –هو قول المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح. فيا من تسمعون الأذان وتقعدون في بيوتكم أو في أسواقكم وتتركون الصلاة مع الجماعة؛ إن لم تتوبوا إلى ربكم فستكونون مع هؤلاء يوم القيامة وستفتضحون أمام الله وأمام خلقه. إن التخلف عن صلاة الجماعة من علامات النفاق، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً. ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" وفي رواية للإمام أحمد عنه –صلى الله عليه وسلم-: "لولا ما في البيوت من النساء والذرية، أقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار"
إن الرسول صلى الله عليه وسلم هَمَّ أن يحرق على هؤلاء المتخلفين عن صلاة الجماعة تلك البيوت التي تؤويهم عن أداء هذا الواجب العظيم، فيذهب الحريق بنفوسهم وأموالهم عقاباً لهم على ترك هذه الشعيرة، وهذه عقوبة غليظة لا تكون إلا على جريمة عظيمة. إنه لو أحرق بيت على من فيه بالنار لفزع الناس من ذلك فزعاً شديداً. ولو فعل ذلك بمن يترك الجماعة لكان جزاءه شرعاً. إن الصحابة كانوا يهتمون بصلاة الجماعة وينكرون بشدة على من تخلف عنها ويصفونه بالنفاق. ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن. فإنهن من سنن الهدى. وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى. وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم. وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة. ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق.
ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. هذا ما قاله عبد الله بن مسعود عن مكانة صلاة الجماعة عند صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وحكمهم على من تخلف عنها. أنه عندهم منافق معلوم النفاق ينبذونه ويهجرونه. والمتخلف عن الصلاة اليوم أخ عزيز لدينا نكرمه ونخالطه ونعاشره كأنه ما ارتكب جريمة. وكأنه ما عصى الله ورسوله. وهذا مما يدل أن ميزان الصلاة لدينا خفيف وأمرها هين. فتبين لنا من القرآن الكريم والسنة المطهرة وعمل الصحابة وعمل المسلمين إلى يومنا هذا وجوب صلاة الجماعة، ووجوب الإنكار على من تخلف عنها ومعاقبته في الدنيا والآخرة.
فما عذرك يا من تسمع النداء وقد يكون المسجد إلى جانب بيتك وأنت صحيح البدن آمن من الخوف، ثم لا تحضر لصلاة الجماعة؟ هل أنت لم تسمع الآيات والأحاديث. أو سمعتها وقلت: "سمعنا وعصينا". إن حالتنا اليوم أيها المسلمون مع الصلاة حالة سيئة. خف ميزانها لدينا وتساهلنا في شأنها وصار التخلف عنها أمراً هيناً، بل أمراً عادياً.
فالأسرة الكبيرة في البيت لا يحضر منها إلا الأفراد، وبعض البيوت لا يحضر منها أحد. والذين يحضرون لا ينكرون على المتخلفين، وقد يكونون من أولادهم الذين كلفوا بأمرهم بها وضربهم عليها. فأنت ترى البيوت والأسواق مكتظة بالناس ولا يرتاد المساجد منهم إلا الأفراد. والغالبية رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. رضوا بالعقوبة. رضوا بوصف النفاق. يا لها من خسارة لا تشبهها خسارة الأرواح والأموال. فاتقوا الله عباد الله، وتوبوا إلى ربكم من قبل أن تحل بكم نقمته وأنتم لا تشعرون.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) [إبراهيم:31] .
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم