الخصائص العشرون لشهر رمضان
سيف الرحمن التيمي
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلـٰه إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
· أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله)، فاتقوا الله تعالى واحذروه، وأطيعوه ولا تعصوه، واعلموا أن الله يخلق ما يشاء ويختار، بحسب ما تقتضيه حكمته جل وعلا، ففضَّل بعض الملائكة على بعض، وفضَّل بعض الكتب على بعض، وفضَّل بعض النبيين على بعض، وفضَّل بعض الأمكنة على بعض، وفضَّل بعض الأزمنة على بعض، ومن ذلك تفضيل شهر رمضان على باقي الشهور، وهذا من رحمة الله بعباده، أن هيأ لهم مواسم الخيرات، تُضاعف فيها الحسنات، وتُــــكفَّر فيها السيئات، وترفع فيها درجات المؤمن في الجنات.
· عباد الله، وقد تقدم في الخطبة الماضية أن صوم رمضان له خصائصُ عشرون، فمن خصائصه:
1. أنه الركن الرابع من أركان الإسلام، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بُني الإسلام على خـمس، شهادة أن لا إلـٰه إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان.[1]
2. ومن خصائص الصيام أنه مشروع في الشرائع التي سبقت الإسلام، فدل ذلك على عِظَم مكانته، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون).
3. ومن خصائص الصيام أن الله أضافه إلى نفسه، فدل ذلك على عِظم قدره بين العبادات، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّه: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ . ..
عباد الله، وإضافة الله لعبادة الصوم إلى نفسه من بين سائر العبادات يدل على تشريفه ومحبته، وذلك لظهور الإِخلاصِ له سبحانه فيه، لأنه سِـــرٌ بَيْن العبدِ وربِّه لا يطَّلعُ عليه إلاّ الله، فإِن الصائمَ يكون في الموضِعِ الخالي من الناس مُتمكِّناً منْ تناوُلِ ما حرَّم الله عليه بالصيام، فلا يتناولُهُ، لأنه يعلم أن له ربّاً يطَّلع عليه في خلوتِه، وقد حرَّم عَلَيْه ذلك، فيترُكُه لله خوفاً من عقابه، ورغبةً في ثوابه، فمن أجل ذلك شكر اللهُ له هذا الإِخلاصَ، واختصَّ صيامَه لنفْسِه من بين سَائِرِ أعمالِهِ.
4. ومن خصائص صوم رمضان أن الله أضاف جزاءه إلى نفسه فقال: (وأَنَا أجْزي به)، فأضافَ الجزاءَ إلى نفسه الكريمةِ من غير اعتبَار عَددٍ كغيره من الأعمال الصالحة، فلم يقل أن جزاء الصوم بعشر أمثاله مثلا، بل أطلق الجزاء، فدل ذلك على عِظَمِه، وهُوَ سبحانه أكرَمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين، والعطيَّةُ بقدر مُعْطيها.
5. ومن خصائص الصوم أنه تجتمع فيه أنْواعُ الصبر الثلاثةُ، الصبْرٌ على طاعةِ الله، والصبرٌ عن مَحارِم الله، والصَبْرٌ على أقْدَارِ الله المؤلمة مِنَ الجُوعِ والعَطَشِ وضعفِ البَدَنِ والنَّفْسِ، وبهذا يتحقق في الصائمُ أن يكون من الصابِرِين الذين قال الله فيهم، (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
6. ومن خصائص الصوم أن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه أحدٌ سواهم، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلِـــق فلم يدخل منه أحد.[2]
7. ومن خصائص الصوم أنه جُــــنَّـــة (أي وقاية) من النار، فعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال.[3]
8. ومن خصائص الصوم أنه يُـــــكَــــفِّر الخطايا، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تُكفِّــرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر والنهي.[4]
ومعنى (فتنة الرجل في أهله وماله وجاره) أي ما يحصل من الإثم بسبب التفريط في القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم، فإنه تُــــــكَـــــفِّـــــرُه عبادة الصوم فيغفر الله له تقصيره.
ومعنى (الأمر والنهي) أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
9. ومن خصائص صوم رمضان تيسيره على المسلمين، فإن الصائم إذا شعر بأن المجتمع حوله كله صائم؛ فإن هذا مما ييسر الصوم عليه وينشطه للقيام بهذه العبادة.
10. ومن خصائص الصوم ما اختصه الله فيه للصائم من إجابة الدعاء، والدليل على هذا قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثلاث دعوات لا ترد؛ دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر.[5]
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثلاثة لا يُرد دعاؤهم: الإمام العادل، والصائم حتى يُفطر، ودعوة المظلوم.[6]
11. ومن خصائص شهر رمضان أن من صامه إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.[7]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: آمين، آمين، آمين.
قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت (آمين، آمين، آمين)!
فقال: إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: (من أدرك شهر رمضان فلم يُغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين)، فقلت: آمين.[8]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ؛ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِر.[9]
12. ومن خصائص شهر رمضان أن من قامه إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ قام رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.[10]
وقال: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.[11]
13. ومن خصائص شهر رمضان أنه شهر تستحب فيه الصدقة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَان.[12]
14. ومن خصائص شهر رمضان مضاعفة أجر العمرة فيه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: إذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حِجَّة. [13]
15. ومن خصائص شهر رمضان أن لله عتقاء من النار في كل ليلة منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي منادٍ: (يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ)، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَة.[14]
وتصفيد الشياطين يعني أنهم لا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غير رمضان، بل ينحسر شرهم، وقيل إن المقصود تصفيد مَـــرَدتهم.
وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَة.[15]
16. ومن خصائص شهر رمضان أنه تُفَتح فيه أبواب الجنان، وتُغلَّق أبواب النيران، وتُسلسل الشياطين، أي تُوثَّق في سلاسل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِين.[16]
17. ومن خصائص شهر رمضان أنه شهر يستحب فيه الإكثار من قراءة القرآن، وقد كان من هدي السلف رضوان الله عليهم الحرص على ختم القرآن في رمضان، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يدارسُه جبريل القرآن كل رمضان.
18. ومن خصائص الصوم أنه يشفع للعبد يوم القيامة في رفعة درجاته وتكفير سيئاته، فـــــعن عبــد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: (أَيْ ربِّ، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه).
ويقول القرآن: (منعته النوم بالليل، فشفِّعني فيه)، فيشفعان.[17]
19. ومن خصائص الصوم أن خَلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ[18] أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ.[19]
20. ومن خصائص الصوم أن الله حعل للصائم فرحتين؛ فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ.[20]
· نسأل الله تعالى أن يوفقنا لصوم رمضان على الوجه الذي يرضيه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
· بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه كان للتوابين غفورا.
الخطبة الثانية
· الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
21. ومن خصائص شهر رمضان أنه أُنزل فيه القرآن، قال تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)، وكان نزوله في ليلة القدر منه، قال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر).
22. ومن خصائص شهر رمضان أن فيه ليلة القدر، وهي ليلة عظيمة الشأن، نزل فيها القرآن من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم نزل مفرقا بعد ذلك بحسب الأحداث.
· وليلة القدر سميت بذلك لِعِظم قَدرها، كما يقال (فلان عظيم القدر) فتكون إضافة الليلة إليه من باب إضافة الشيء إلى صفته.
وقيل إنها سميت بذلك لأنه يُقَـــدَّر فيها ما يكون في تلك السنة، أي التقدير السنوي، لقوله تعالى (فيها يفرق كل أمر حكيم). قال ابن القيم: (وهذا هو الصحيح)[21].[22]
· وقد وصف الله ليلة القدر بأنها مباركة، قال تعالى في نزول القرآن (إنا أنزلناه في ليلة مباركة).
· ومن خصائص ليلة القدر أن الملائكة تتنزل فيها إلى الأرض، قال تعالى (تنزل الملائكة والروح فيها)، والروح هو جبريل، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدقٍ تعظيماً له. انتهى.
· ومن خصائص ليلة القدر أن من قامها، أي أحياها بالصلاة، (إيماناً) أي إيمانا بما أعد الله تعالى من الثواب للقائمين في هذه الليلة العظيمة، و (احتساباً) أي للأجر وطلب الثواب؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه.[23]
· ومن خصائص ليلة القدر أن إحياءها بالصلاة خير من قيام ألف شهر، أي ما يزيد على ثلاث وثمانين سنة، قال تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر).
· وقال (صلى الله عليه وسلم): أتاكُم رَمضان، شَهرٌ مبارَك، فرَضَ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ عليكُم صيامَه، تُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ السَّماءِ، وتُــــغَلَّقُ فيهِ أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيهِ مَرَدَةُ الشَّياطينِ، للَّهِ فيهِ ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم.[24]
23. ومن خصائص رمضان أنه شهر يستحب الاعتكاف فيه في العشر الأواخر منه، والاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده.[25]
وكان سبب اعتكافه صلى الله عليه وسلم طلب ليلة القدر، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني اعتكفت العشر الأُوَل التمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أُتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف [26].
24. ومن خصائص صوم رمضان ما شرعه الله في خاتمة الشهر من زكاة الفطر، طُهرة للصائم مما وقع في صومه من اللَّغو والرفث، والرفث هو الفاحش من الكلام، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: فرضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.[27]
· وبعد، فهذه بضع وعشرون خصيصة من خصائص شهر رمضان، ينبغي للمسلم أن يعلمها ويستحضرها خلال صومه، لتعينه على الصوم إيمانا واحتسابا.
· ثم اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم فقال (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
· اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هداة مهتدين.
· اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم كتابك، وإعزاز دينك، واجعلهم رحمة على رعاياهم.
· سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
أعد الخطبة: ماجد بن سليمان الرسي، في شهر شهر رمضان لعام 1442، في مدينة الجبيل، في المملكة العربية السعودية، واتس: 00966505906761
[1] رواه البخاري (8) ومسلم (16)، واللفظ له.
[2] رواه البخاري (1896)، ومسلم (1152)، واللفظ للبخاري.
[3] رواه الإمام أحمد (4/22)، وقال محققو «المسند»: إسناده صحيح على شرط مسلم.
[4] رواه البخاري (525)، ومسلم (144).
[5] رواه البيهقي (3/345) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وخرجه الألباني في «الصحيحة» (1797).
[6] رواه أحمد (9743) وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال محققو «المسند»: حديث صحيح بطرقه وشواهده.
[7] رواه البخاري (38)ومسلم (760).
[8] رواه أحمد (2/246-254)، وابن خزيمة (3/192)، وأصله عند مسلم برقم (2551). وقال عنه الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (997): حديث حسن صحيح .
[9] رواه مسلم (233).
[10] رواه البخاري (37)ومسلم (760).
[11] رواه أبو داود (1375) وغيره من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وصححه الشيخ شعيب رحمه الله.
[12] رواه البخاري (6)، ومسلم (2308).
[13] رواه البخاري (1782)، ومسلم (1256).
[14] رواه الترمذي (682) وابن ماجه ( 1642 )، وحسَّنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (759).
[15] رواه أحمد (22202) وابن ماجه (1643)، واللفظ له، وصححه الشيخ الألباني في «صحيح ابن ماجه» (1340).
[16] رواه البخاري (1899) ومسلم (1079).
[17] رواه أحمد (2/174)، وصححه الألباني في «صحيح الترغيب» (984) و «صحيح الجامع» (7329).
[18] الـخَلُوف هو الرائحة الكريهة التي تنبعث من فَـمِ الصائم عند خلو المعدة من الطعام.
[19] رواه البخاري (1904)، ومسلم (1151).
[20] رواه البخاري (1904)، ومسلم (1151).
[21] «شفاء العليل»، (1/110)، ط مكتبة العبيكان – الرياض.
[22] انظر القولين في «أحاديث الصيام»، ص 140 ، للشيخ عبد الله الفوزان، وهما قولان مشهوران عند المفسرين.
[23] رواه البخاري (1901)، ومسلم (759).
[24] رواه النسائي (2106( عن أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الألباني رحمه الله.
[25] رواه البخاري (2026) ومسلم (1172).
[26] رواه مسلم (1167).
[27] رواه أبو داود (1609)، وحسنه الأرناؤوط في تحقيق «السنن».
Attachments
1621424715_خطبة مختصرة عن الخصائص العشرين لشهر رمضان (2).pdf