يقظة
2022-10-11 - 1444/03/15التعريف
اليقظة لغة:
هي الاسم أو المصدر من قولهم: يقظ فلان ييقظ وهو مأخوذ من مادّة (ي ق ظ) الّتى تدلّ على نقيض النّوم والتّنبّه للشّيء، والفعل (الثّلاثي) من ذلك: يقظ كعلم والمصدر يقظا ويقظة ويقال أيضا: يقظ ييقظ يقاظة ويقظا، والوصف من الأوّل: رجل يقظ ويقظ وهو خلاف النّائم، ويقال أيضا: رجل يقظان وامرأة يقظى ورجال ونسوة أيقاظ، وقيل يقال: رجال أيقاظ ونسوة يقاظى، والوصف من الثّانى (أي من يقظ) يقظ بالضّمّ. وفي القرآن الكريم (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ) [الكهف: 18] الأيقاظ جمع يقظ أو يقظان، وهو المنتبه كما قال القرطبيّ، وقيل جمع يقظ أو يقظ والمراد اليقظان، قال الآلوسيّ: وهما لغتان.
ويقال: استيقظ وأيقظته، والنّعت يقظان، ورجل يقظ بكسر القاف وفتحها أي متيقّظ حذر، أو كان كثير التّيقّظ، وتيقّظ للأمر تنبّه له، ويقال قد يقّظته التّجارب، وأيقظته من نومه أي نبّهته فتيقّظ واستيقظ، وجاء في الحديث الشّريف: إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسنّ يده في الإناء حتّى يغسلها ثلاثا» ويقال: أيقظت الغبار أثرته، وكذلك يقّظته، وقال أبو عمرو: يقال: إنّ فلانا ليقظ إذا كان خفيف الرّأس، ويقال ما رأيت أيقظ منه، ومن المجاز:
استيقظ الخلخال والحلي أي صوّت، واليقظة بسكون القاف لغة في اليقظة، ويقال: رجل يقظان.
ومتيقّظه ويقظه وهو يستيقظ إلى صوته كلّ ذلك مجاز، قال اللّيث: يقال للّذي يثير الغبار: قد يقّظه إذا فرّقه، وأيقظت الغبار: أثرته [انظر: تهذيب اللغة للأزهري (9/ 260)، والصحاح للجوهري (3/ 1181)، وتاج العروس للزبيدي (1/ 500)، وتفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن» (10/ 241)، وتفسير الآلوسي (روح المعاني) (15/ 225)، وبصائر ذوي التمييز للفيروز ابادى (5/ 388)، ولسان العرب «يقظ» (4964) (ط. دار المعارف) ] .
وقال ابن منظور: ورجل يقظ ويقظ: كلاهما على النّسب أي متيقّظ حذر، والجمع أيقاظ.
[انظر لسان العرب (7/ 466- 467)، مختار الصحاح (743)، وبصائر ذوي التمييز (5/ 388- 390) ] .
واصطلاحا:
قال الكفويّ: التّيقّظ: كمال التّنبّه والتّحرّز عمّا لا ينبغى [الكليات (314) ] .
قال ابن القيّم: اليقظة: أوّل منازل العبوديّة، وهي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين، وللّه ما أنفع هذه الرّوعة، وما أعظم قدرها وخطرها، وما أقوى إعانتها على السّلوك، فمن أحسّ بها فقد أحسّ واللّه بالفلاح، وإلّا فهو في سكرات الغفلة، فإذا انتبه وتيقّظ شمّر بهمّته إلى السّفر إلى منازله الأولى، فأخذ في أهبة السّفر، فانتقل إلى منزلة العزم، وهو العقد الجازم على الشّيء، ومفارقة كلّ قاطع ومعوّق، ومرافقة كلّ معين وموصّل، وبحسب كمال انتباهه ويقظته تكون عزيمته، وبحسب قوّة عزمه يكون استعداده، فإذا استيقظ أوجبت اليقظة الفكرة وهي تحديق القلب نحو المطلوب الّذي قد استعدّ له مجملا، ولم يهتد إلى تفصيله وطريق الوصول إليه، فإذا صحّت فكرته أوجبت له البصيرة، وهي نور في القلب يرى به حقيقة الوعد والوعيد، والجنّة والنّار، وما أعدّ اللّه في هذه لأوليائه، وفي هذه لأعدائه، فأبصر النّاس قد خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوة الحقّ، وقد نزلت ملائكة السّماوات فأحاطت بهم، وقد جاء اللّه وقد نصب كرسيّه لفصل القضاء، وقد أشرقت الأرض بنوره، ووضع الكتاب وجأ بالنّبيّين والشّهداء، وقد نصب الميزان، وتطايرت الصّحف، واجتمعت الخصوم، وتعلّق كلّ غريم بغريمه، ولاح الحوض وأكوابه عن كثب، وكثر العطاش، وقلّ الوارد، ونصب الجسر للعبور عليه، والنّار تحطم بعضها بعضا تحته والسّاقطون فيها أضعاف أضعاف النّاجين، فينفتح في قلبه عين ترى ذلك، ويقوم بقلبه شاهد من شواهد الآخرة يريه الآخرة ودوامها، والدّنيا وسرعة انقضائها. والبصيرة نور يقذفه اللّه في القلب يرى به حقيقة ما أخبرت به الرّسل كأنّه يشاهده رأي عين، فيتحقّق مع ذلك انتفاعه بما دعت إليه الرّسل وتضرّره بمخالفتهم. وهذا معنى قول بعض العارفين:
البصيرة تحقّق الانتفاع بالشّيء، والتّضرّر به.
وقال بعضهم: تحقّق البصيرة: ما خلّصك من الحيرة إمّا بإيمان وإمّا بعيان [مدارج السالكين (1/ 138- 139)، بصائر ذوي التمييز (5/ 388- 390) ] .
العناصر
1- الهزائم المتلاحقة عامل مهم في يقظة الأمة وعودتها إلى الإسلام .
2- محاولات الأعداء المستمرة لهدم الدين .
3- يقظة الأعداء ومواجهتهم لأي جهد يبذله المسلمون .
4- وسائل الأعداء في إفساد الأمة .
5- ضرورة وأهمية اليقظة والانتباه فيما يحاك ويدبر لأمة الإسلام .
6- المتوكل على الله ذو يقظة فكرية عالية ونفس مؤمنة موقنة .
7- بشائر يقظة الأمة في تفاعلها مع الأحداث الجارية .
8- يقظة السلف وحذرهم من المنافقين والمشركين .
الايات
1- قوله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) [الكهف: 18] .
الاحاديث
1- عن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قال: اهتمّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم للصّلاة كيف يجمع النّاس لها، فقيل له: انصب راية عند حضور الصّلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا، فلم يعجبه ذلك، قال:
فذكر له القنع- يعني الشّبّور- وقال زياد: شبّور اليهود- فلم يعجبه ذلك، وقال: «هو من أمر اليهود»، قال: فذكر له النّاقوس، فقال: «هو من أمر النّصارى» فانصرف عبد اللّه بن زيد، وهو مهتمّ لهمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأري الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبره، فقال له: يا رسول اللّه، إنّي لبين نائم ويقظان، إذ أتاني آت فأراني الأذان. قال: وكان عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما، قال: ثمّ أخبر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال له: «ما منعك أن تخبرني؟» فقال: سبقني عبد اللّه بن زيد فاستحييت، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يا بلال، قم فانظر ما يأمرك به عبد اللّه بن زيد فافعله»، قال: فأذّن بلال. قال أبو بشر: فأخبرني أبو عمير: أنّ الأنصار تزعم أنّ عبد اللّه بن زيد لولا أنّه كان يومئذ مريضا لجعله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مؤذّنا.[أبو داود (498)، وقال الألباني في صحيح سنن أبى داود (1/ 98): صحيح، وأصل الحديث في الصحيحين ] .
2- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- يقول: جاءت ملائكة إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو نائم، فقال بعضهم: إنّه نائم، وقال بعضهم: إنّ العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إنّ لصاحبكم هذا مثلا، قال: فاضربوا له مثلا. فقال بعضهم: إنّه نائم، وقال بعضهم: إنّ العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيا، فمن أجاب الدّاعي دخل الدّار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الدّاعي لم يدخل الدّار ولم يأكل من المأدبة. فقالوا: أوّلوها له يفقهها، فقال بعضهم: إنّه نائم، وقال بعضهم: إنّ العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدّار الجنّة، والدّاعي محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم، فمن أطاع محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم فقد أطاع اللّه، ومن عصى محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم فقد عصى اللّه، ومحمّد فرّق بين النّاس.[البخاري- الفتح 13 (7281) ] .
3- عن ابن أبي ليلى قال: أحيلت الصّلاة ثلاثة أحوال: قال: وحدّثنا أصحابنا: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين- أو قال: المؤمنين- واحدة، حتّى لقد هممت أن أبثّ رجالا في الدّور ينادون النّاس بحين الصّلاة، وحتّى هممت أن آمر رجالا يقومون على الآطام ينادون المسلمين بحين الصّلاة حتّى نقسوا أو كادوا أن ينقسوا» قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول اللّه، إنّي لمّا رجعت رأيت من اهتمامك، رأيت رجلا كأنّ عليه ثوبين أخضرين، فقام على المسجد فأذّن، ثمّ قعد قعدة، ثمّ قام فقال مثلها، إلّا أنّه يقول: قد قامت الصّلاة، ولولا أن يقول النّاس. قال ابن المثنّى: أن تقولوا، لقلت إنّي كنت يقظان غير نائم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم- وقال ابن المثنّى-: «لقد أراك اللّه- عزّ وجلّ- خيرا» ولم يقل عمرو: «لقد أراك اللّه خيرا»، فمر بلالا فليؤذّن. قال: فقال عمر: أما إنّي قد رأيت مثل الّذي رأى ولكنّي لمّا سبقت استحييت. قال وحدّثنا أصحابنا قال: وكان الرّجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته وإنّهم قاموا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من بين قائم وراكع وقاعد ومصلّ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال ابن المثنّى: قال عمرو وحدّثنى بها حصين عن أبي ليلى حتّى جاء معاذ، قال شعبة: وقد سمعتها من حصين، لا أراه على حال إلى قوله كذلك فافعلوا . [أبو داود (506)، وقال الألباني (1/ 101): صحيح، ورواه ابن خزيمة (383) والبيهقي في دلائل النبوة (7/ 18). وقال محقق «جامع الأصول» (5/ 276): وهو حديث صحيح بشواهده وطرقه ] .
الاشعار
1- قال عمر بن عبد العزيز- رحمه اللّه-:
ومن النّاس من يعيش شقيّا *** جيفة اللّيل غافل اليقظه
فإذا كان ذا حياء ودين *** راقب اللّه واتّقى الحفظه
إنّما النّاس سائر ومقيم *** والّذي سار للمقيم عظه
[ لسان العرب (7/ 466- 467) ] .
2- قال ابن القيّم- رحمه اللّه-:
فحيّ على جنّات عدن فإنّها *** منازلك الأولى وفيها المخيّم
ولكنّنا سبي العدوّ فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلّم
[ مدارج السالكين (1/ 138) ] .
متفرقات
1- قال ابن القيّم- رحمه اللّه-: اليقظة: انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين، وللّه ما أنفع هذه الرّوعة! وما أعظم قدرها! وما أشدّ إعانتها على السّلوك! فمن أحسّ بها فقد أحسّ واللّه بالفلاح، وإلّا فهو في سكرات الغفلة، فإذا انتبه شمّر بهمّته إلى السّفر إلى منازله الأولى، وأوطانه الّتي سافر منها. [مدارج السالكين (1/ 138)] .
2- قال العزّيّ: كأنّ اليقظة هي القومة للّه، المذكورة في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ) [سبأ/ 46]، فالقومة للّه هي اليقظة من سنة الغفلة .[تهذيب مدارج السالكين (101)] .
3- وقال العزّيّ أيضا: إنّ العبد إذا نهض من ورطة الغفلة استنار قلبه برؤية نور التّنبيه فأوجب له ملاحظة نعم اللّه الباطنة والظّاهرة، وكلّما حدّق قلبه وطرفه فيها شاهد عظمتها وكثرتها فيئس من عدّها والوقوف على حدّها .[تهذيب مدارج السالكين (101) ] .
4- وقال العزّيّ أيضا: اعلم أنّ العبد قبل وصول الدّاعي إليه في نوم الغفلة قلبه نائم وطرفه يقظان، فصاح به النّاصح وأسمعه داعي النّجاح وأذّن به مؤذّن الرّحمن: حيّ على الفلاح .[تهذيب مدارج السالكين (101) ] .
5- قال الفيروز آباديّ: واليقظة عند القوم أوّل منازل العبوديّة، وهي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين، وللّه ما أنفع هذه الرّوعة، وما أعظم قدرها وخطرها، وما أقوى إعانتها على السّلوك، فمن أحسّ بها فقد أحسّ واللّه بالفلاح، وإلّا فهو في سكرات الغفلة، فإذا انتبه وتيقّظ شمّر بهمّته إلى السّفر إلى منازله الأولى، فأخذ في أهبة السّفر وانتقل إلى منزلة القوم، وهو العهد الجازم على الشّيء ومفارقة كلّ قاطع ومعوّق، ومرافقة كلّ معين وموصّل، وبحسب كمال انتباهه ويقظته تكون عزيمته، وبحسب قوّة عزمه يكون استعداده، فإذا استيقظ أوجبت اليقظة الفكرة، وهي تحديق القلب نحو المطلوب الّذي قد سعد به مجملا ولم يهتد إلى تفصيله وطريق الوصول إليه، فإذا صحّت فكرته أوجبت له البصيرة، وهي نور في القلب ترى به حقيقة الوعد والوعيد والجنّة والنّار.[بصائر ذوى التمييز (5/ 388، 389) ] .
الإحالات
1- الإخلاص والإتباع تأليف أبي أنس مَاجد إسلام البنكاني (1/243).
2- ديوان الشيخ أحمد سحنون المؤلف: أحمد سحنون الناشر: منشورات الحبر (الجزائر) الطبعة: الطبعة الثانية، 2007 (2/36).
3- دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح المؤلف : علي بن عمر بن أحمد بادحدح مصدر الكتاب : دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net - دعوة إلى اليقظة وشكر نعمة الله (95/14).
4- دروس للشيخ علي القرني المؤلف: علي بن عبد الخالق القرني مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net - اليقظة وعدم الغفلة عن مكر الله (3/12).
5- دروس للشيخ محمد المنجد المؤلف: محمد صالح المنجد مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net - اليقظة والانتباه لما يدبره أعداء الدين (19/11).
6- نظرات في التربية الإيمانية المؤلف: مجدي الهلالي (1/6).
7- فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (4/46).
8- الخشوع في الصلاة المؤلف: أبو لطفي، محمَّد بن لطفي، بن عبد اللطيف، بن عمر الصبَّاغ الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة - مصر، دار الوراق للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية الطبعة: الثالثة، 1419 هـ - 1999 م - الخشوع... واليقظة (1/19).
9- إحسان سلوك العبد المملوك إلى ملك الملوك المؤلف: أبو محمد عبد الكريم بن صالح بن عبد الكريم الحميد الناشر: فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2001 م - اليقظة أول مفاتيح الخير (1/237).