نكران

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

.

العناصر

1- أسباب كفران النعم وجحودها.

 

2- حكم نكران الجميل.

 

3- صور ونماذج من كفران النعم ونكران الجميل.

 

4- التحذير من كفران النعم ونكران الجميل.

 

5- كفران النعم ونكران الجميل سبب في زوالها.

 

6- طرق ووسائل لعلاج كفران النعم ونكران الجميل.

 

الايات

1- قال ربنا جلَّ وعلا: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) [البقرة: 237].

 

2- قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ ) [إبراهيم: 28].

 

3- قوله تعالى: (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ الله لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34].

 

4- قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) [النحل: 78- 83].

 

5- قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ * فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [النحل: 112-114].

 

6- قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء: 23].

 

7- قوله تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ) [القصص: 76-81].

 

8- قوله تعالى: (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل: 40].

 

9- قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) [سبأ: 15-17].

 

10- قوله تعالى: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [القلم: 17-33].

 

11- قوله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) [الإنسان: 8- 9].

 

 

الاحاديث

عن ابن عبّاس -رضي اللّه عنهما- أنّه قال: مطر النّاس على عهد النّبيّ صلى اللّه عليه وسلّم فقال النّبيّ صلى اللّه عليه وسلّم: "أصبح من النّاس شاكر ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة اللّه. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، قال: فنزلت هذه الآية (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) حتّى بلغ: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [الواقعة: 75- 82]" رواه مسلم: (73).

 

عن رافع بن خديج -رضي اللّه عنه- أنّه قال: أعطى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أميّة، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كلّ إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عبّاس بن مرداس دون ذلك. فقال عبّاس بن مرداس:

أتجعل نهبي ونهب العبيد  ***  بين عيينة والأقرع

فما كان بدر ولا حابس *** يفوقان مرداس في المجمع

وما كنت دون امرئ منهما *** ومن تخفض اليوم لا يرفع

فأتمّ له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم مائة. رواه مسلم: (1060).

 

عن أبي هريرة: أنَّ رجلًا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لِقحةً، فأثابه منها بستِّ بكرات، فتسخَّطها الرجل، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن يَعذِرني من فلانٍ؟ أَهدى إليَّ لقحة وكأنِّي أنظر إليها في وَجه بعض أهلي، فأثبتُه منها بستِّ بكرات فتسخَّطها، فقد هممتُ والله أنْ لا أَقبلَ هديَّةً إلَّا أن تكون من قُرَشيٍّ أو أنصاريٍّ، أو ثَقفيٍّ أو دوسي

 

عن أنس رضي الله عنه: "أنَّ ناسًا من عكل وعرينة قدموا المدينةَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم، وتكلموا بالإسلام، فقالوا: يا نبيَّ الله، إنَّا كنَّا أهل ضَرع، ولم نكن أهلَ ريف، واستوخموا المدينةَ، فأمر لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بذود وراعٍ، وأمرهم أن يَخرجوا فيه فيشربوا من أَلْبانها وأبوالِها، فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرَّة كفَروا بعد إسلامِهم، وقتَلوا رَاعِيَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الذَّودَ، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فبعث الطَّلَبَ في آثارهم، فأمر بهم فسمروا أعينَهم، وقطعوا أيديَهم، وتُرِكوا في ناحية الحرَّة حتى ماتوا على حالهم".

 

أبي هريرة، أنَّه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ ثلاثةً من بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يَبتليَهم، فبعث إليهم ملَكًا، فأتى الأبرصَ فقال: أي شيء أحبُّ إليك؟ قال: لونٌ حسَنٌ وجلد حسَن، ويذهب عنِّي الذي قد قَذِرَني الناس، قال: فمسحَه فذهب عنه قذره، وأُعطي لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا، قال: فأيُّ المال أحبُّ إليك؟ قال: الإبل - أو قال: "البقر"؛ شك إسحاق، إلَّا أنَّ الأبرص أو الأقرع قال أحدهما: "الإبل"، وقال الآخر: "البقر" - قال: فأُعطي ناقةً عشراء، فقال: بارك الله لك فيها، قال: فأتى الأقرعَ، فقال: أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؟ قال: شَعر حسَن، ويذهب عنِّي هذا الذي قد قذرني الناس، قال: فمسحَه فذهب عنه، قال: وأُعطي شعرًا حسنًا، قال: فأيُّ المال أحبُّ إليك؟ قال: البقر، قال: فأُعطي بقرةً حاملًا، قال: بارك الله لك فيها، قال: فأتى الأعمى، فقال: أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؟ قال أن يردَّ الله إليَّ بصري فأبصر به الناس، قال: فمسحَه، فردَّ الله إليه بصرَه، قال: فأيُّ المال أحبُّ إليك؟ قال: الغنم، فأُعطي شاةً والدًا، فأنتج هذان ووَلَّدَ هذا، فكان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا وادٍ من الغنَم، قال: ثمَّ إنَّه أتى الأبرصَ في صورته وهيئته فقال: رجلٌ مِسكين قد انقطعَت بي الحِبال في سفري، فلا بلاغ لِي اليوم إلَّا بالله ثمَّ بِك، أسألك بالذي أعطاك اللونَ الحسَن والجلدَ الحسَن والمالَ - بعيرًا أتبلَّغ به في سَفري، فقال: الحقوق كثيرةٌ، فقال: كأنِّي أَعرِفك؛ ألَم تَكن أبرص يَقذَرك الناس، فقيرًا فأعطاك الله؟ فقال: إنَّما ورثتُ هذا المالَ كابرًا عن كابِر، فقال: إن كنتَ كاذبًا فصيَّرَك الله إلى ما كنتَ، قال: وأتى الأقرعَ في صورتِه، فقال له مثل ما قال لهذا، وردَّ عليه مثل ما ردَّ على هذا، فقال: إن كنتَ كاذبًا فصيَّرك الله إلى ما كنتَ، قال: وأتى الأعمى في صورتِه وهيئته، فقال: رجلٌ مسكين وابن سبيل، انقطعَت بي الحِبال في سفري، فلا بَلاغ لِي اليوم إلَّا بالله ثمَّ بك، أسألك بالذي ردَّ عليك بصرك شاةً أتبلَّغ بها في سفري، فقال: قد كنتُ أعمى فردَّ الله إليَّ بَصري، فخُذ ما شئتَ ودَع ما شئتَ، فوالله لا أجهدك اليوم بشيءٍ أخذتَه لله، فقال: أمسِك مالَك؛ فإنَّما ابتُليتم، فقد رُضِي عنك، وسُخِطَ على صاحبيك". رواه البخاري: (3464)، ومسلم: (2964).

 

عن عبدالله بن عمر قال - رضي الله عنهما -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "... وَمَنْ صَنَعَ إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإنْ لَمْ تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ بِهِ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَد كَافَأْتُمُوهُ".

 

عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ، فَمَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ".

 

عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر: "مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ، وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ". رواه أحمد.

 

النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أُرِيْتُ النارَ فإذا أكثرُ أهلِها النساءُ يَكْفُرْنَ"، قيل: أَيَكْفُرْنَ باللهِ؟ قال: "يَكْفُرْنَ العشيرَ ويكفرن الإحسانَ؛ إنْ أحسنتْ إلى إحداهن الدهرَ ثم رأتْ منك شيئًا قالتْ: ما رأيتُ منكَ خيرًا قطُّ". رواه البخاري: (29)، ومسلم:  (907).

 

عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلهِ الذِى أطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كافي لَهُ وَلاَ مُؤْوِيَ".

 

عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم بالصّدقة فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد وعبّاس بن عبد المطّلب، فقال النّبيّ صلى اللّه عليه وسلّم: "ما ينقم ابن جميل إلّا أنّه كان فقيرا فأغناه اللّه ورسوله، وأمّا خالد، فإنّكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل اللّه، وأمّا العبّاس بن عبد المطّلب، فعمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم فهي عليه صدقة، ومثلها معها" رواه البخاري: (1468).

 

عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّ أعرابيّا أهدى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم بكرة  فعوّضه منها ستّ بكرات فتسخّط  فبلغ ذلك النّبيّ صلى اللّه عليه وسلّم، فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال: “إنّ فلانا أهدى إليّ ناقة فعوّضته منها ستّ بكرات فظلّ ساخطا، لقد هممت أن لا أقبل هديّة إلّا من قرشيّ أو أنصاريّ أو ثقفيّ أو دوسيّ. رواه الترمذي: (3946)، وقال: هذا حديث حسن، وصححه الألباني).

 

عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم: "ثلاثة لا يكلّمهم اللّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر ممّا أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرىء مسلم، ورجل منع فضل ماء فيقول اللّه يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك". رواه البخاري: (7446)، ومسلم (108).

 

عن زيد بن خالد الجهنيّ -رضي اللّه عنه- قال: صلّى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم صلاة الصّبح بالحديبية في إثر السّماء كانت من اللّيل فلمّا انصرف أقبل على النّاس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربّكم؟" قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأمّا من قال مطرنا بفضل اللّه ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأمّا من قال: مطرنا بنوء  كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب". رواه البخاري: (4147)، ومسلم: (71).

 

عن جابر بن عبد اللّه -رضي اللّه عنهما- أنّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم: "من أُعْطيَ عَطاءً فوجدَ فليَجْزِ بِهِ، ومن لم يَجِدْ فليُثنِ، فإنَّ مَن أثنى فقَد شَكَرَ، ومَن كتمَ فقد كفرَ، ومن تحلّى بما لم يُعطَهُ كانَ كلابسِ ثوبَي زورٍ" رواه الترمذي: (٢٠٣٤)، وحسنه الألباني.

 

عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّه قال: قالوا يا رسول اللّه، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال: “هل تضارّون في رؤية الشّمس في الظّهيرة ليست في سحابة؟” قالوا: لا. قال: “فهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟” قالوا: لا. قال: “فو الّذي نفسي بيده لا تضارّون في رؤية ربّكم إلّا كما تضارّون في رؤية أحدهما”. قال: فيلقى العبد فيقول: أي فل ، ألم أكرمك، وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول: بلى، قال: فيقول: أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّاني فيقول: أي فل، ألم أكرمك، وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. أي ربّ، فيقول: أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّالث فيقول له مثل ذلك. فيقول: يا ربّ، آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصلّيت وصمت وتصدّقت ويثني بخير ما استطاع. فيقول: ههنا إذا. ثمّ يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك. ويتفكّر في نفسه من ذا الّذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه. ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله. وذلك ليعذر من نفسه. وذلك المنافق. وذلك الّذي يسخط اللّه عليه. رواه البخاري: (7437)، ومسلم: (2968).

 

الاثار

1- قال عليّ -رضي اللّه عنه-: "كن من خمسة على حذر: من لئيم إذا أكرمته، وكريم إذا أهنته، وعاقل إذا أحرجته، وأحمق إذا مازجته، وفاجر إذا مازحته". الآداب الشرعية: (1/ 312).

 

2- قال ابن عبّاس -رضي اللّه عنهما- في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) [العاديات: 6]: "أي كفور". وكذا قاله جماعة. وقال أبو أمامة الباهليّ -رضي اللّه عنه-: "الكنود: الّذي يأكل وحده ويضرب عبده، ويمنع رفده". وقال الحسن البصريّ -رحمه اللّه تعالى-: "الكنود هو الّذي يعدّ المصائب، وينسى نعم اللّه عليه". تفسير ابن كثير: (4/ 542).

 

3- قال سعيد بن جبير- رحمه اللّه تعالى- عند تفسير قوله تعالى (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) [القلم: 17]: "كان أصحابها من قرية يقال لها ضروان على ستّة أميال من صنعاء، وكان أبوهم قد خلّف لهم هذه الجنّة وكانوا من أهل الكتاب، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة، فكان ما يستغلّ منها يردّ فيها ما تحتاج إليه ويدّخر لعياله قوت سنتهم ويتصدّق بالفاضل. فلمّا مات وورثه بنوه، قالوا: لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء ولو أنّا منعناهم لتوفّر ذلك علينا، فلمّا عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم فأذهب اللّه ما بأيديهم بالكلّيّة، رأس المال، والرّبح، والصّدقة، فلم يبق لهم شيء". تفسير ابن كثير: (4/ 406- 407). وقال عقب ذلك ابن كثير رحمه اللّه تعالى: "هذا عذاب من خالف أمر اللّه وبخل بما آتاه اللّه وأنعم به عليه ومنع حق المسكين والفقير وذوي الحاجات وبدل نعمة اللّه كفرا".

 

4- قال وهب بن منبّه -رحمه اللّه تعالى-: "ترك المكافأة من التّطفيف". الآداب الشرعية: (1/ 314).

 

5- قال كعب الأحبار -رحمه اللّه تعالى-: "ما أنعم اللّه على عبد من نعمة في الدّنيا فشكرها للّه وتواضع بها للّه إلّا أعطاه اللّه نفعها في الدّنيا ورفع له بها درجة في الآخرة. وما أنعم اللّه على عبد نعمة في الدّنيا، فلم يشكرها للّه، ولم يتواضع بها، إلّا منعه اللّه نفعها في الدّنيا، وفتح له طبقات من النّار يعذّبه إن شاء أو يتجاوز عنه". عدة الصابرين (145).

 

6-كتب ابن السّمّاك إلى محمّد بن الحسن -رحمهما اللّه تعالى- حين ولّي القضاء بالرّقّة: "أمّا بعد، فلتكن التّقوى من بالك على كلّ حال، وخف اللّه من كلّ نعمة أنعم بها عليك من قلّة الشّكر عليها مع المعصية بها، وأمّا التّبعة فيها فقلّة الشّكر عليها، فعفا اللّه عنك كلّما ضيّعت من شكر، أو ركبت من ذنب أو قصّرت من حقّ". عدة الصابرين (130).

 

7- قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لو أنَّ فرعون مصر أسدَى إليَّ يدًا صالحة، لشكرتُه عليها". العقد الفريد؛ للأندلسي: (1-234).

 

8- قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "عليكم بملازمة الشّكر على النّعم، فقلّ نعمة زالت عن قوم فعادت إليهم". إحياء علوم الدين: (3- 125).

 

الاشعار

1- قال المتنبّيّ:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللّئيم تمرّدا

الآداب الشرعية: (1/ 312).

 

2- قال إبراهيم بن مهديّ مخاطبا المأمون:

البرّ بي منك وطّا العذر عندك لي *** فيما فعلت فلم تعذل ولم تلم

وقام علمك بي فاحتجّ عندك لي *** وقام شاهد عدل غير متّهم

لئن جحدتك معروفا مننت به *** إنّي لفي اللّؤم أحظى منك بالكرم

تعفو بعدل وتسطو إن سطوت به *** فلا عدمتك من عاف ومنتقم

أدب الدنيا والدين للماوردي (ص: 31).

 

3- قال ابن المبارك- رحمه اللّه تعالى-:

يد المعروف غنم حيث كانت *** تحمّلها شكور أو كفور

ففي شكر الشّكور لها جزاء *** وعند اللّه ما كفر الكفور

الآداب الشرعية: (1/ 311).

 

4- قال أحدهم:

أُعلِّمُه الرِّمايةَ كلَّ يوم *** فلمَّا اشتدَّ ساعده رَمانِي 

وكم علَّمتُه نَظمَ القوافي *** فلمَّا قال قافيةً هجَانِي

سيرة الحيوان؛ لفتحي الصومعي: (ص:160).

 

 

متفرقات

1- قال ابن الأثير في النّهاية: من كان عادته وطبعه كفران نعمة النّاس وترك شكره لهم كان من عادته كفر نعمة اللّه- عزّ وجلّ- وترك الشّكر له. جامع الأصول (2/ 560)، ونقله عنه ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 313).

 

2- قال ابن كثير- رحمه اللّه تعالى- في تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) [إبراهيم: 28]: إنّ اللّه تعالى بعث محمّدا صلى اللّه عليه وسلّم رحمة للعالمين ونعمة للنّاس، فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنّة، ومن ردّها وكفرها دخل النّار. تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (2/ 538).

 

3- قال أهل التّفسير في معنى قوله تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) [النحل: 83]: قال مجاهد: هي المساكن والأنعام وما يرزقون منها تعرف هذا كفّار قريش ثمّ تنكره بأن تقول هذا كان لآبائنا فورّثونا إيّاه. وقال عون بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود: إنكارهم إيّاها أن يقول الرّجل: لولا فلان ما كان كذا وكذا، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا. وقال آخرون: إنّ الكفّار إذا قيل لهم: من رزقكم؟ أقرّوا بأنّ اللّه هو الّذي يرزقهم ثمّ ينكرونه بقولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا. وقال ابن كثير: يعني أنّهم يعرفون أنّ اللّه تعالى هو المسدي إليهم ذلك وهو المتفضّل به عليهم ومع هذا ينكرون ذلك ويعبدون معه غيره ويسندون النّصر والرّزق إلى غيره. فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد (408- 409)- إلا كلام ابن كثير فمن تفسيره (2/ 580).

 

4- قال بعض الحكماء: لا يزهّدنّك في المعروف كفر من كفره، فإنّه يشكرك عليه من لا تصنعه إليه. الآداب الشرعية (1/ 310).

 

5- ويقال أيضا: إعطاء الفاجر يقوّيه على فجوره، ومسألة اللّئيم إهانة للعرض، وتعليم الجاهل زيادة في الجهل، والصّنيعة عند الكفور إضاعة للنّعمة، فإذا هممت بشيء فارتد الموضع قبل الإقدام عليه أو على التّرك. الآداب الشرعية (1/ 310).

 

6- قال الأصمعيّ- رحمه اللّه تعالى-: سمعت أعرابيّا يقول: "أسرع الذّنوب عقوبة كفر المعروف". الآداب الشرعية (1/ 311).

 

7- قال الإمام الغزالي رحمه الله: "إنَّ الجميل ليُثمِر في الكلب العقور، أفلا يثمِر في إنسان عاقل؟". فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء؛ للغزالي: (74).

 

الإحالات

1- مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله المؤلف : عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى : 1420هـ) أشرف على جمعه وطبعه : محمد بن سعد الشويعر (9/155) .

2- فتاوى رأي الدين د. محمد البهي (7/3) .

3- موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة حوالي خمسة آلاف وتسعمائة مقال وبحث علي بن نايف الشحود .

4- مجلة البيان المؤلف : تصدر عن المنتدى الإسلامي (170/116) .

5- دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي المؤلف: عبد الله حماد الرسي مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net (162/3) 

6- التفسير القرآني للقرآن المؤلف : الدكتور / عبد الكريم الخطيب (1/369) .

7- التفسير الوسيط للزحيلي المؤلف : د وهبة بن مصطفى الزحيلي الناشر: دار الفكر – دمشق الطبعة : الأولى - 1422 هـ (3/2917) .

التعريف

النكران لغة:

 

النّكران اسم من أنكر الشّيء ينكره إنكارا فهو منكر، ونكره ينكره نكرا فهو ناكر، واستنكره فهو مستنكر، وهي مأخوذة من مادّة (ن ك ر) الّتي تدلّ على خلاف المعرفة الّتي يسكن إليها القلب. ونكر الشّيء وأنكره لم يقبله قلبه ولم يعترف به لسانه. المقاييس: (5/ 476).

 

ويقول الرّاغب: الإنكار: ضدّ العرفان. يقال: أنكرت كذا ونكرت، وأصله أن يرد على القلب ما لا يتصوّره، وذلك ضرب من الجهل، قال تعالى: (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) [هود: 70]، وقال- جلّ من قائل-: (فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) [يوسف: 58]، وقد يستعمل ذلك فيما ينكر باللّسان، وسبب الإنكار باللّسان هو الإنكار بالقلب، لكن ربّما ينكر اللّسان الشّيء وصورته في القلب حاصلة ويكون في ذلك كاذبا، وعلى ذلك قوله تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) [النحل: 83].

 

والمنكر: كلّ فعل تحكم العقول الصّحيحة بقبحه، أو تتوقّف في استقباحه واستحسانه العقول فتحكم بقبحه الشّريعة، وإلى ذلك أشار بقوله: (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة: 112] المفردات: (505).

 

والنكر: المنكر، قال اللّه تعالى: (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) [الكهف: 74]، والنّكراء مثله. والنّكارة: الدّهاء، وكذلك النّكر بالضّمّ، يقال للرّجل إذا كان فطنا منكرا: ما أشدّ نكره ونكره أيضا بالفتح. وقد نكر الأمر بالضّمّ، أي صعب واشتدّ الصحاح: (2/ 837)، وقيل: النّكران والإنكار (واحد) وهو الجحود، وهو نقيض المعرفة، والمناكرة المحاربة، وبينهما مناكرة أي معاداة وقتال، والتّناكر: التّجاهل، فتقول: أنكره إنكارا ونكرا أي جهّله، ومثله أنا أنكره إنكارا ونكرته قال الأعشى:

 

وأنكرتني وما كان الّذي نكرت *** من الحوادث إلّا الشّيب والصّلعا

 

قيل: والصّحيح أنّ المصدر الإنكار والاسم النّكر وقد يحرّك مثل عسر وعسر فتقول: نكر ونكر قال الشّاعر:

أتوني فلم أرض ما بيّتوا *** وكانوا أتوني بشيء نكر

لسان العرب: (8/ 4539- 4540)، والصحاح: (2/ 836 837).

 

الحكم

1- يقول أرسطو: "إن الرجل المثالي يجدُ مُتعة في تقديم المعروف وخدمة الآخرين، ولكنه يخجَل أن يتلقى عونًا من أحدٍ، ويرَى من النبلِ والرفعة أن يصنع المعروف للناسِ لوجهِ الله، ومن مظاهر النقص والخِسة أن ينتظِرَ منهم معروفًا".

 

2- قولهم: "أسمن كلبك يأكلك". قال: كان لرجل من طسم كلب يسقيه اللبن، ويطعمه اللحم، وكان يأمل فيه أن يصيد به، وأن يحرسه، فضرى الكلب على ذلك فجاع يوماً وفقد اللحم، فجاء إلى ربه فوثب عليه حتى قطعه وأكل من لحمه. وإياه عنى طرفة بن العبد بقوله:

ككلب طسم وقد تربيه *** يعله بالحليب في الغلسِ

ظل علية يوماً يقرقره *** إلاّ يلغ في الدماء ينتهس

قال أبو عبيد: ومن هذا المعنى مثلهم في العالم:

أعلمه الرماية كل يومٍ *** فلما اشتد ساعده رماني

الأمثال؛ لأبي عبيد (ص: 296).