نقد
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
تعريف النقد :
يأتي النقد في اللغة بمعنيين:
الأول : نقد الشيء بمعنى نقره ليختبره أو ليميز جيده من رديئه .
الثاني : إظهار العيب والمثالب ، وغمط الناس وبخسهم أشياءهم فيقال : فلان ينقد الناس : أي يعيبهم ويغتابهم [المعجم الوسيط : 2/944] .
وأهل العلم قسموا النقد إلى قسمين على نحو ما ورد في اللغة . فسموا أحدهما : النقد البنّاء ، وهو النقد الذي يقوّم به صاحبه الخطأ ، ويحاول إصلاحه .
وهو (واجب أو مستحب وهو الذي يحق الحق ، ويبطل الباطل ، ويهدف إلى الرشد) [الرد على المخالف للشيخ بكر أبو زيد ص 47].
وسموا الآخر : النقد الهادم (أو الهدام) . وهو (محرم أو مكروه وهو ما يكون لدفع الحق أو تحقيق العناد) [المرجع السابق ص49] . وهذا فيه إظهار عيب الآخرين للنيل منهم وتشويه سمعتهم والطعن في نياتهم من غير حجة ولا برهان .
العناصر
1- أهميه النقد البناء .
2- كيف يكون النقد بناء ؟ .
3- مظاهر النقد الهدام .
4- أسباب النقد .
5- النقد وأصوله الشرعية .
6- علاج النقد الهدام .
7- يشروط النقد .
الايات
1- قال الله تعالى: (وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) [الحشر : 18] .
2- قوله تعالى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَاًمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ) [آل عمران : 110] .
3- قال تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83] .
4- قوله تعالى: (إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) [الزخرف : 22] .
5- قوله تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ ءَاتَـاـاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِه ا فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَـابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَـاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا) [النساء: 54] .
6- قوله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) [ص: 26] .
7- قوله تعالى: (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [هود: 46 ] .
8- قوله تعالى: (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ) [الشعراء: 183] .
9- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات: 6] .
10- قوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء: 36 ] .
11- قوله تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة: 8] .
الاحاديث
1- عن عائشة رضى الله عنها قالت كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشىء لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا» [أبو دواود (باب فى حسن العشرة)، مشكل الآثار للطحاوي (باب بيان مشكل ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وصححه الألباني (الصحيحة 2064) ] .
2- عن أبى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن؛ يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه» [أبو داود واللفظ له (الأدب ، باب فى النصيحة والحياطة)، سنن البيهقي الكبرى (باب ما في الشفاعة والذب عن عرض أخيه المسلم من الأجر)، وحسنه الألباني (الصحيحة 926) ] وفي رواية: «المؤمن مرآة أخيه إذا رأى فيها عيبا أصلحه» [الأدب المفرد (باب من صنع إليه معروف فليكافئه، باب المسلم مرآة أخيه)، وحسنه الألباني (صحيح الأدب المفرد 106) ] .
3- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رأيت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كأن بيدي قطعة إستبرق فكأني لا أريد مكانا من الجنة إلا طارت إليه ورأيت كأن اثنين (آتيين) أتياني أرادا أن يذهبا بي إلى النار فتلقاهما ملك فقال لم ترع خليا عنه فقصت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم إحدى رؤياي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل»، قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً [البخاري (كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب)، ومسلم (فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن عمر) ] .
4- عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يا عائشة «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه» [البخاري (كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب إذا عرض الذمي بسب النبي صلى الله عليه وسلم)، ومسلم واللفظ له (البر والصلة والآدب، باب فضل الرفق) ] .
5- عن أنس بن مالك حدثهم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بال أقوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم»، فاشتد قوله في ذلك حتى قال: «لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم» [البخاري (كتاب صفة الصلاة، باب رفع البصرإلى السماء في الصلاة) ] .
6- عن عائشة: صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه فتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فحمد الله ثم قال: «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه! فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية» [البخاري (كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب)، ومسلم (الفضائل، باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى وشدة خشيته) ] .
7- عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «الدين النصيحة» قلنا لمن ؟ «قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعاماهم» [صحيح مسلم (95) ] .
8- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله : «الربا اثنان وسبعون باباً ، أدناها مثل إتيان الرجل أمه ، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه» [رواه الطبراني في الأوسط ، وصححه الألباني ، انظر : السلسلة الصحيحة للألباني رقم الحديث 1871] .
9- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط» [رواه أبو داود (4843) وقال الألباني حسن] .
الاثار
1- كان السلف يقولون : احذروا من الناس صنفين : صاحب هوى قد فتنه هواه ، وصاحب دنيا أعمته دنياه) [لحوم العلماء ص 21] . 2- قال ابن مسعود رضي الله عنه: ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً : إن آمن .. آمن ، وإن كفر كفر ؛ فإنه لا أسوة في الشر [النقد وأدبه ص 100] .
2- قال سعيد بن المسيب : ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ؛ ولكن إن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله ؛ كما أن من غلب عليه نقصانه ذهب فضله [حقيقة البدعة وأحكامها للشيخ سعيد الغامدي 2/359] .
3- عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : خذوا العلم حيث وجدتم ، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض ؛ فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة.
4- قال أبو الدرداء : من وعظ أخاه بالعلانية فقد شانه، ومن وعظه سرا فقد زانه [الآداب الشرعية لابن مفلح (فصل في نشر السنة بالقول والعمل بغير خصومة ولا عنف) ] .
5- وقيل لبعض السلف: أتحب أن يخبرك أحد بعيوبك؟ فقال: إن كان يريد أن يوبخني فلا [غذاء الألباب شرح منظومة الآداب لمحمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي].
6- وقيل لبعض السلف: أتحب أن يخبرك أحد بعيوبك؟ فقال: إن كان يريد أن يوبخني فلا. وقيل: المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويفضح [غذاء الألباب شرح منظومة الآداب لمحمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي] .
7- جاء في الأثر: حق المؤمن على أخيه : أن يبين له الحق إذا احتاج ، ويشد عزمه إذا أصاب ، وأن يشكر له إذا أحسن ، ويذكِّره إذا نسي ، ويرشده إذا ذل ، ويصحح له إذا أخطأ ، ويجامله في الحق ، ولا يسايره على الباطل ، المؤمن هادٍ ودليل ومعين وأمين.
8- علي بن أبي طالب حيث يقول : النصح بين الملأ تقريع.
9- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أحب الناس إليَّ من أهدى إليَّ عيبي.
10- وعن أبي قلابة قال: «إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد له عذرًا فقل: لعل له عذرا لا أعلمه» [روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان (استحباب قبول الاعتذار من المعتذر) ] .
11- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً وأنت تجد لها في الخير محملاً [شرح أحاديث مختارة من الصحيحين لسليمان بن محمد اللهيميد] .
12- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رحم الله امرءا أهدي الينا عيوبنا .
القصص
1- حكي أن حسنا وحسينا رضي الله عنهما خرجا إلى الصحراء فرأيا شيخا يتوضأ ولا يحسن الوضوء فقالا مع أنفسهما: أنه شيخ فكيف تقول له أنك لا تعلم الوضوء لعله يغضب من ذلك، فاتفقا على أن يجيئا إليه ليتعلما منه الوضوء، فدنيا منه وقالا: يا شيخ أنظر إلينا أينا أحسن علما بالوضوء؟ فتوضأ بين يديه وهو ينظر إليهما: فقال: أنكما تحسنان الوضوء ولكني لا أحسنه فتعلمت منكما [نصاب الاحتساب لعمر السنامي (باب في بيان اداب الاحتساب مسألة إذا ترك المحتسب معروفًا..) ] .
2- قال الغزالي: وقد حكى أن يحيى بن يزيد النوفلي كتب إلى مالك ابن أنس رضي الله عنهما: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على رسوله محمد في الأولين والآخرين، من يحيى ابن يزيد بن عبد الملك إلى مالك بن أنس: أما بعد فقد بلغني أنك تليس الدقاق وتأكل الرقاق وتجلس على الوطىء وتجعل على بابك حاجبًا، وقد جلست مجلس العلم وقد ضربت إليك المطى وارتحل إليك الناس واتخذوك إمامًا ورضوا بقولك، فاتق الله تعالى يا مالك، وعليك بالتواضع. كتبت إليك بالنصيحة مني كتابًا ما اطلع عليه غير الله سبحانه وتعالى والسلام. فكتب إليه مالك: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم: من مالك بن أنس إلى يحيى بن يزيد، سلام الله عليك أما بعد: فقد وصل إلي كتابك فوقع مني موقع النصيحة والشفقة والأدب، أمتعك الله بالتقوى وجزاك بالنصيحة خيرًا وأسأل الله تعالى التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فأما ما ذكرت لي أني آكل الرقاق وألبس الدقاق وأحتجب وأجلس على الوطىء، فنحن نفعل ذلك ونستغفر الله تعالى، فقد قال الله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) [الأعراف: 32 ]، وإني لأعلم أن ترك ذلك خير من الدخول فيه، ولا تدعنا من كتابك فلسنا ندعك من كتابنا والسلام [إحياء علوم الدين (كتاب العلم، الباب السادس في آفات العلم وبيان علامات علما الآخرة والعلماء السوء) ] .
الاشعار
1- رحم الله من قال:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً *** إن عبت منهم أموراً أنت تأتيها
وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه *** في كل نفس عماها عن مساويها
عرفتها بعيوب الناس تبصرها *** منهم ولا تبصر العيب الذي فيها
[لحوم العلماء مسمومة ص 44 ] .
2- رحم الله الامام الشافعي القائل:
تغمدني بنصحك في انفرادٍ *** وجنبني النصيحة في الجمـاعة
فإن النصح بين الناس نوع *** من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي *** فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
[ديوان الإمام الشافعي].
3- قال الشاعر:
والدعاوي مالم يقيموا عليها *** بينات أصحابها أدعياء
4- رحم الله من قال:
يا أيها الـرجـل المعلم غـيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى *** كيما يصح به وأنت سقيم
ونراك تصلح بالرشاد عـقـولنا *** أبدا وأنت من الرشاد عـديم
فابدأ بنفسـك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عـنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويهـتدى *** بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عـن خـلـق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عـظيم
5- قال دعبل الخزاعي:
تأن ولا تعجل بلومك صاحبًا *** لعل له عذرًا وأنت تلوم
[المستقصى في أمثال العرب للزمخشري (اللام مع العين) ] .
6- رحم الله من قال:
إذا شئت أن تحيا سليـمًا من الأذى *** ودينك موفور وعرضك صين
لسانك لا تذكر به عورة امرئ *** فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايبًا فدعها *** وقل: يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى *** وفارق ولكن بالتي هي أحسن
7- يقول الشاعر:
من ذا الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط
ويقول الآخر:
من ذا الذي ترضي سجاياه كلها *** كفي المرء نبلاً أن تعد معايبه
متفرقات
1- قال ابن القيم : فلو كان كل من أخطأ أو غلط تُرِكَ جملةً ، وأُهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها [مدارج السالكين لابن القيم 2/39] .
2- قال الذهبي : ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدّعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا ، رحم الله الجميع بمنه وكرمه[سير أعلام النبلاء للذهبي عند ترجمة ابن خزيمة 14/374] .
3- يقول الذهبي : كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعبأ به ، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد ، وما ينجو منه إلا من عصم الله ، وما علمت أن عصراً من العصور سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين ، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس [منهج أهل السنة في النقد ص 61] .
4- يقول فتحي يكن: من المسلمات والبديهيات أن الناس يتفاوتون في عقولهم ومداركهم وقدراتهم ، وأن اختلاف الرأي بينهم أمر طبيعي . ومن يستقرئ التاريخ الإسلامي منذ البعثة النبوية حتى اليوم ، يتأكد له بما لا يحتمل الشك أن المسلمين بصورة عامة ، وأهل الحل والعقد منهم بصورة خاصة ، كانوا يتفاوتون في الحكم على القضية الواحدة ، وإن جاءت اجتهاداتهم كلها ضمن دائرة الشرع وفي إطار الإسلام . وتبعًا لاختلاف الآراء وتباين الاجتهادات حول ما يستجد من أمور وأحداث ، تبرز ظاهرة ما يسمى بلغة العصر ( النقد ) وبما يسمى بلغة القرآن ( التواصي بالحق ) . والتواصي بالحق ( أو النقد ) من الواجبات الشرعية الراتبة على كل مسلم رأى عيبًا أو انحرافًا من فرد أو جماعة أو دولة أو حكام ، امتثالاً لأمر الله ـ تعالى ـ : (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وأولئك هم المفلحون) ، وعملاً بقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان ) وفي رواية : ( وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان ) ، وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( الساكت عن الحق شيطان أخرس ) . وعلى هذا انطلقت مسيرة الإسلام عبر التاريخ ، يعصمها من الانحراف صدق التوجه إلى الله ، وشديد المراقبة له ، فضلاً عن حسن التواصي بالحق بين المسلمين ، يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: (المؤمن أخو المؤمن لا يدع نصيحته على كل حال ) وجاء في الأثر : ( حق المؤمن على أخيه : أن يبين له الحق إذا احتاج ، ويشد عزمه إذا أصاب ، وأن يشكر له إذا أحسن ، ويذكِّره إذا نسي ، ويرشده إذا ذل ، ويصحح له إذا أخطأ ، ويجامله في الحق ، ولا يسايره على الباطل ، المؤمن هادٍ ودليل ومعين وأمين ) .
5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل لا بجهل وظلم كحال أهل البدع [منهاج السنة النبوية لابن تيمية (فصل قال الرافض وأذاعت سر رسول الله) ] .
6- يقول ابن القيم رحمه الله في شيخ الإسلام الهروي، لما صدر منه ما يحتاج إلى توضيح وانتقاد: شيخ الإسلام حبيب إلينا والحق أحب إلينا منه، وكل من عدا المعصوم فمأخوذ من قوله ومتروك ونحن نحمل كلامه على أحسن محامله ثم نبين ما فيه [مدارج السالكين لابن قيم الجوزية (فصل قال صاحب المنازل: الرجاء أضعف منازل المريدين) ] .
الإحالات
1- أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي - فتحي يكن 174 مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1401 .
2- افتقار العمل التربوي إلي الضوابط الشرعية - محمد الدويش 94 /52 البيان .
3- فضائح الفتن - محمد أحمد الراشد - دار المنطلق .
4- لماذا نخشي النقد ؟ - سليم عيد الهلالي 5/26 مجلة الأصالة .
5- مجتبى الفوائد الدعوية والتربوية - الشيخ عبد الرحمن السعدي 111- 113 دار الوطن الطبعة الأولى 1416 .
6- نحو المعالي - محمد أحمد الراشد - دار المنطلق .
7- النظام الحركي للنقد الذاتي العلني - عادل الخنساء - دار البلاغ 1989 م .
8- النقد والتزييف - محمد سعيد الجابي - المكتب الإسلامي .