نعمة
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
أولًا: المعنى اللغوي:
النون والعين والميم فروعه كثيرةٌ، وعندنا أنها على كثرتها راجعةٌ إلى أصلٍ واحدٍ يدل على ترفهٍ وطيب عيشٍ وصلاحٍ، منه النعمة: ما ينعم الله تعالى على عبده به من مال وعيش، والنعمة: المنة، وكذا النعماء، والنعمة: التنعم وطيب العيش، والنعامى: الريح اللينة، والنعم: الإبل؛ لما فيه من الخير والنعمة، وقيل: النعم ذكر لا يؤنث، فيقولون: هذا نعم وارد، وتجمع أنعاما، والأنعام: البهائم، وهو ذلك القياس (انظر: مقاييس اللغة، ابن فارس ٥-٤٤٦).
نعم: النعيم والنعمى والنعماء والنعمة، كله: الخفض والدعة والمال، وهو ضد البأساء والبؤسى وبالضم كذلك، والجمع أنعم، والنعمة بالفتح: التنعيم، والنعمة بالكسر: اليد البيضاء الصالحة والصنيعة والمنة وما أنعم به عليك (انظر: الصحاح، الجوهري ٥-٢٠٤١، شمس العلوم، نشوان الحميرى ١٠-٦٦٦٢، لسان العرب، ابن منظور ١٢-٥٨٠، مختار الصحاح، الرازي ص٣١٤).
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
تعددت تعريفات العلماء للفظة النعم، وهي على النحو الآتي:
النعمة: "هي في أصل وضعها الحالة التي يستلذها الإنسان".
وقيل: "النعمة هي الشيء المنعم به"(الكليات، الكفوي ص ٩١٢).
وقيل: "هي المنفعة المفعولة على جهة الإحسان إلى الغير"(التوقيف على مهمات التعاريف، المناوي ص٣٢٧).
وقيل: "هي ما قصد به الإحسان والنفع لا لغرض أو عوض"(التعريفات، الجرجاني ص ٢٤٢).
فالمعنى الاصطلاحي قريب من المعنى اللغوي ولا يخرج عنه.
العناصر
1- مفهوم النعمة
2- أنواع النعم
3- أسباب تثبيت النعم أو زوالها
4- ثمرات شكر النعمة
5- عواقب كفران النعمة
6- التذكر والتأمل في نعم الله
الايات
1- قال الله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)[الضُّحى:11].
2- قوله تعالى: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ * أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)[النحل:15-18].
3- قوله تعالى: (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلَّا)[الفجر: 15-17].
4- قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)[لقمان: 20].
5- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)[فاطر: 3].
6- قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ)[البقرة:231].
7- قوله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد)[إبراهيم: 7].
8- قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)[إبراهيم:32-34].
9- قوله تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)[سبأ:13].
10- قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَد جَاءَهُم رَسُولٌ مِنهُم فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العَذَابُ وَهُم ظَالِمُونَ * فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالاً طَيِّبًا وَاشكُرُوا نِعمَةَ اللهِ إِن كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ)[النحل:112-114].
11- قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الأنفال:53].
12- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا)[الأحزاب:9-11].
13- قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ * قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[الملك:23-24].
14- قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)[المائدة: 3].
15- قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[يوسف: 6].
16- قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) [الْفَتْحِ: 1 - 4].
17- قوله تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)[المائدة:6].
18- قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ)[النحل:80-81].
19- قوله تعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[الْبَقَرَةِ: 149-150].
20- قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 103].
21- قوله تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[الأنفال: 62-63].
22- قوله تعالى: (يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)[المائدة: 20].
23- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[الْمَائِدَةِ: 11].
24- قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)[الْأَحْقَافِ: 15-16].
25- قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ)[القمر: 33-35].
26- قوله تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)[النحل:120-122].
27- قوله تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)[النحل: 53].
28- قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ)[القصص: 17].
29- قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)[إبراهيم:28].
30- قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)[النَّحْلِ: 72].
31- قوله تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)[آل عمران:169-171].
32- قوله تعالى: (مَا يَفعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُم إِنْ شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)[النساء:147].
33- (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا * إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا)[الْمُزَّمِّلِ: 11-13]
الاحاديث
1- عن أبي هُرَيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس الغنى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس”(رواه البخاري:6446 ومسلم:1051).
2- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أعطَى عَطاء فَوَجَد فَليَجزْ به، فإن لم يجد فَليُثن به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره”(رواه أبو داود 4813).
3- عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، والجماعة بركة، والفرقة عذاب”( أخرجه أحمد:١٨٤٤٩، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:٣٠١٤).
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: “إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص، وأقرع، وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس، قال: فمسحه، فذهب عنه قذره، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟
قال: الإبل -أو البقر- شك إسحاق، إلا أن الأبرص أو الأقرع قال أحدهما: الإبل، وقال الآخر: البقر، قال: فأعطي ناقة عشراء، وقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني الذي قذرني الناس قال: فمسحه فذهب عنه، وأعطي شعرا حسنا. فقال: أي المال أحب إليك؟ قال: البقر، أو الإبل، فأعطي بقرة حاملا.
قال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري، فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والدا، فأنتج هذان وَوَلَّدَ هذا.
قال: فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم. قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيرا أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا، فأعطاك الله عز وجل المال؟
فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. قال: أتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد على هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فو الله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك”(رواه البخاري:3464، ومسلم:2964).
5- عن مالك بن نضلة رضي الله عنه قال: كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني رث الثياب فقال: “ألك مال؟” قلت: نعم يا رسول الله من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق قال: “إذا آتاك الله مالا فلير عليك أثر نعمة الله وكرامته فإن الله عز وجل يحب أن يرى أثره على عبده حسنا، ولا يحب البؤس والتباؤس” قال: فغدوت إليه في حلة حمراء (رواه الحاكم:17269 وقال شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح).
6- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال ، يحب إذا أنعم على عبد نعمة أن يرى أثر النعمة عليه، ويبغض البؤس والتباؤس"(رواه البيهقي:6202، وصححه الألباني في صحيح الجامع:1711).
7- عن أبي رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم”(رواه الترمذي:2513 وصححه الألباني).
8- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: مَرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم برَجُلٍ وهو يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ الصَّبرَ، فقال: "قد سَأَلتَ البَلاءَ، فسَلِ اللهَ العافيةَ"، قال: ومَرَّ برَجُلٍ يقولُ: يا ذا الجَلالِ والإكرامِ، قال: "قد استُجيبَ لك، فسَلْ"، ومَرَّ برَجُلٍ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ تَمامَ النِّعمةِ، قال: "يا ابنَ آدَمَ، أتَدري ما تَمامُ النِّعمةِ؟" قال: دَعْوةٌ دَعَوتُ بها أرجو بها الخيرَ، قال: "فإنّ تَمامَ النِّعمةِ فَوزٌ مِن النّارِ، ودُخولُ الجنَّةِ"(أخرجه الترمذي٣٥٢٧، وأحمد:٢٢٠١٧، واللفظ له، وحسنه شعيب الأرنؤوط).
الاثار
1- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "لينظر العبد في نعم الله عليه في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك وليس من هذا شيء إلا وفيه نعمة من الله عز و جل حق على العبد أن يعمل بالنعمة التي في بدنه لله عز و جل في طاعته ونعمة أخرى في الرزق حق عليه أن يعمل لله عز و جل فيما أنعم عليه من الرزق في طاعته فمن عمل بهذا كان قد أخذ بحزم الشكر وأصله وفرعه"(جامع العلوم والحكم ص 246).
2- رأى الحسن رجلا يتبختر في مشيه فقال: "لله في كل عضو منه نعمة اللهم لا تجعلنا ممن يتقوى بنعمتك على معصيتك"(جامع العلوم والحكم ص 246).
3- قال بعض السلف: "من كتم النعمة فقد كفرها، ومن أظهرها ونشرها فقد شكرها"(منحة العلام في شرح بلوغ المرام لعبد الله بن صالح الفوزان:1-55).
4- قال قتادة رحمه الله: "إن الله جل ثناؤه لا يعذب شاكرًا ولا مؤمنًا"( جامع البيان، الطبري:٧-٦٢٤).
القصص
1- عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص، وأقرع، وأعمى، أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا، فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟
قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس؛ فمسحه فذهب عنه قذره وأعطي لونا حسنا. فقال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل - أو قال: البقر شك الراوي - فأعطي ناقة عشراء، فقال: بارك الله لك فيها. فأتى الأقرع، فقال: أي شيء أحب إليك؟
قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس؛ فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر، فأعطي بقرة حاملا، وقال: بارك الله لك فيها. فأتى الأعمى، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر الناس؛ فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟
قال: الغنم، فأعطي شاة والدا، فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم. ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال، بعيرا أتبلغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله!؟
فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأعمى في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري؟
فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله ما أجهدك اليوم بشيء أخذته لله - عز وجل. فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم. فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك" [أخرجه: البخاري (4- 208) (3464)، ومسلم (8- 213) (2964)].
الاشعار
1- رحم الله من قال:
إذا كنتَ في نعمة فارعها *** فإن الذنوب تزيل النعمْ
وحطها بطاعة رب العباد *** فرب العباد سريع النقمْ
[الجواب الكافي لابن القيم (ص 86)].
2- قال ابن أبي حصينة:
إذا الفتى ظفرت يداه بنعمة *** فدوامها بدوام شكر المنعم
[مجمع الحكم والأمثال المؤلف: أحمد قبش].
3- رحم الله من قال:
وإذا خصصت بنعمة ورزقتها *** من فضل ربك منة تغشاها
فابغ الزيادة في الذي أعطيته *** وتمام ذاك بشكر من أعطاها
متفرقات
1- قوله: (وأما بنعمة ربك فحدث): النعمة كل ما أنعم الله به على العبد ، وهي كل ما ينعم به العبد من: مال ، وعافية ، وهداية ، ونصرة من النعومة واللين ، فقيل: المراد بها المذكورات والتحدث بها شكرها عمليا من إيواء اليتيم كما آواه الله ، وإعطاء السائل كما أغناه الله ، وتعليم المسترشد كما علمه الله ، وهذا من شكر النعمة ، أي: كما أنعم الله عليك ، فتنعم أنت على غيرك، تأسيا بفعل الله معك .
وقيل: التحدث بنعمة الله هو التبليغ عن الله من آية وحديث ، والنعمة هنا عامة، لتنكيرها وإضافتها ، كما في قوله تعالى: وما بكم من نعمة فمن الله، أي: كل نعمة ، ولكن الذي يظهر أنها في الوحي أظهر أو هو أولى بها ، أو هو أعظمها، لقوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.
فقال: "نعمتي" ، وهنا "نعمة ربك" . ولا يبعد عندي أن يكون - صلى الله عليه وسلم - إنما نحر مائة ناقة في حجة الوداع ، لما أنزل الله عليه هذه الآية ، ففعل شكرا لله على إتمام النعمة بإكمال الدين"(أضواء البيان:9-302).
2- قال محمد بن إسحاق: "ما جاءك الله من نعمة وكرامة من النبوة فحدّث بها واذكرها، وادع إليها. وقال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم الله به عليه من النبوة سرًا إلى من يطمئن إليه من أهله، وافترضت عليه الصلاة، فصلى"(تفسير ابن كثير 8-428).
3- قال ابن القيم: "الفرق بين التحدث بنعم الله والفخر بها أن المتحدث بالنعمة مخبر عن صفات ولها ومحض جوده وإحسانه فهو مثن عليه بإظهارها والتحدث بها شاكرا له ناشرا لجميع ما أولاه مقصود بذلك إظهار صفات الله ومدحه والثناء وبعث النفس على الطلب منه دون غيره وعلى محبته ورجائه فيكون راغبا إلى الله بإظهار نعمه ونشرها والتحدث بها وأما الفخر بالنعم فهو أن يستطيل بها على الناس ويريهم أنه أعز منهم وأكبر فيركب أعناقهم ويستعبد قلوبهم ويستميلها إليه بالتعظيم والخدمة قال النعمان بن بشير إن للشيطان مصالي وفخوخا وإن من مصاليه وفخوخه البطش بنعم الله والكبر على عباد الله والفخر بعطية الله في غير ذات الله"(الروح ص247،248).
4- سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن (الحمد والشكر) ما حقيقتهما؟ هل هما معنى واحد، أو معنيان؟ وعلى أي شيء يكون الحمد؟ وعلى أي شيء يكون الشكر؟ فأجاب: الحمد لله رب العالمين. الحمد: يتضمن المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه، سواء كان على الإحسان إلى الحامد، أو لم يكن، والشكر لا يكون إلا على إحسان المشكور إلى الشاكر، فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر؛ لأنه يكون على المحاسن والإحسان، فإن الله تعالى يحمد على ما له من الأسماء الحسنى، والمثل الأعلى، وما خلقه في الآخرة والأولى، ولهذا قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور)[الأنعام: 1]، وقال سبحانه (الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ( [سبأ: 1] وقال: (الْحَمْدُ لِلهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ)[فاطر: 1].
وأما الشكر: فإنه لا يكون إلا على الأنعام، فهو أخص من الحمد من هذا الوجه؛ لكنه يكون بالقلب واليد واللسان، كما قيل:
أفادتـكم النعماء مني ثلاثة *** يدي ولساني والضمير المحجبا
ولهذا قال تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا)[سبأ: 13].
والحمد إنما يكون بالقلب واللسان، فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه، والحمد أعم من جهة أسبابه، ومن هذا الحديث "الحمد لله رأس الشكر، فمن لم يحمد الله لم يشكره"(رواه عبد الرزاق في الجامع والبيهقي في شعب الإيمان ورمز السيوطي لحسنه).
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها"(رواه مسلم) والله أعلم (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:11- 133).
5- قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله عند قوله تعالى: (وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)[المائدة:6] قال: "الجمع بين طهارة الأرواح وتزكيتها، وطهارة الأجساد وصحتها، فإنما الإنسان روحٌ وجسدٌ، لا تكمل إنسانيته إلا بكمالهما معًا، فالصلاة تطهر الروح، وتزكي النفس؛ لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتربي في المصلي ملكة مراقبة الله تعالى وخشيته لدى الإساءة، وحبه والرجاء فيه عند الإحسان، وتذكره دائمًا بكماله المطلق، فتوجه همته دائمًا إلى طلب الكمال. والطهارة التي جعلها الله تعالى شرطًا للدخول في الصلاة ومقدمةً لها، تطهر البدن وتنشطه؛ فيسهل بذلك العمل على العامل من عبادةٍ وغير عبادةٍ، فما أعظم نعمة الله تعالى على الناس بهذا الدين القويم، وما أجدر من هداه الله إليه بدوام الشكر له عليه!"(تفسير المنار).
6- قال سيد قطب رحمه الله عند قوله تعالى: (وأتممت عليكم نعمتي): "ويقف المؤمن أمام إتمام نعمة الله على المؤمنين، بإكمال هذا الدين وهي النعمة التامة الضخمة الهائلة، النعمة التي تمثل مولد الإنسان في الحقيقة، كما تمثل نشأته واكتماله. فالإنسان لا وجود له قبل أن يعرف إلهه كما يعرفه هذا الدين له، وقبل أن يعرف الوجود الذي يعيش فيه كما يعرفه له هذا الدين، وقبل أن يعرف نفسه ودوره في هذا الوجود وكرامته على ربه، كما يعرف ذلك كله من دينه الذي رضيه له ربه"(في ظلال القرآن).
7- قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) قال: "يخبر تعالى عن منته العظيمة على عباده، حيث جعل لهم أزواجًا ليسكنوا إليها، وجعل لهم من أزواجهم أولادًا تقر بهم أعينهم ويخدمونهم، ويقضون حوائجهم، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة، ورزقهم من الطيبات من جميع المآكل والمشارب، والنعم الظاهرة التي لا يقدر العباد أن يحصوها"(تفسير القرطبي).
8- قال ابن عاشور رحمه الله عند قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا) قال: "ونعمة الإلهام إلى اتخاذ المساكن أصل حفظ النوع من غوائل حوادث الجوِّ من شدة بردٍ أو حرٍّ، ومن غوائل السباع والهوام. وهي أيضًا أصل الحضارة والتمدن؛ لأن البلدان ومنازل القبائل تتقوم من اجتماع البيوت. وأيضًا تتقوم من مجتمع الحلل والخيام"(التحرير والتنوير).
9- "وهو سبحانه الذي ذلل لكم البحر، فمكنكم من ركوبه، واستخراج ما فيه لتأكلوا مما تصطادون من سمكه لحمًا غضًّا لينًا، وتستخرجوا منه زينة تلبسونها، وتلبسها نساؤكم مثل اللؤلؤ والمرجان.
وترى السفن تشق عباب البحر، وتركبون هذه السفن طلبًا لفضل الله الحاصل من ربح التجارة، ورجاء أن تشكروا الله على ما أنعم به عليكم، وتفردوه بالعبادة، وبث في الأرض جبالًا تثبتها حتى لا تضطرب بكم، وتميل، وأجرى فيها أنهارًا لتشربوا منها، وتسقوا أنعامكم وزروعكم، وشق فيها طرقًا تسلكونها، فتصلون إلى مقاصدكم دون أن تضلوا.
وجعل لكم في الأرض معالم ظاهرة تهتدون بها في السير نهارًا، وجعل لكم النجوم في السماء رجاء أن تهتدوا بها ليلا. أفمن يخلق هذه الأشياء وغيرها كمن لا يخلق شيئًا، أفلا تتذكرون عظمة الله الذي يخلق كل شيء، وتفردوه بالعبادة، ولا تشركوا به ما لا يخلق شيئًا.
وإن تحاولوا -أيها الناس- عد نعم الله الكثيرة التي أنعم بها عليكم، وحصرها لا تستطيعوا ذلك؛ لكثرتها وتنوعها، إن الله لغفور؛ حيث لم يؤاخذكم بالغفلة عن شكرها، رحيم حيث لم يقطعها عنكم بسبب المعاصي والتقصير في شكره"(المختصر في تفسير القرآن، مركز تفسير ص ٦٩).
10- قال ابن كثير عند قوله تعالى: (يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ) قال: "أي: كلما هلك نبيٌّ قام فيكم نبيٌّ، من لدن أبيكم إبراهيم وإلى من بعده. وكذلك كانوا، لا يزال فيهم الأنبياء يدعون إلى الله ويحذرون نقمته، حتى ختموا بعيسى عليه السلام، ثم أوحى الله تعالى إلى خاتم الرسل والأنبياء على الإطلاق محمد بن عبد الله، المنسوب إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام، وهو أشرف من كل من تقدمه منهم صلى الله عليه وسلم"(تفسير ابن كثير).
11- قال الطبري عند قوله تعالى: (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[البقرة:150]. قال: "ولأتم بذلك من هدايتي لكم إلى قبلة خليلي إبراهيم عليه السلام الذي جعلته إمامًا للناس نعمتي، فأكمل لكم به فضلي عليكم، وأتمم به شرائع ملتكم الحنيفية المسلمة "(تفسير الطبري).
12- قال ابن عاشور عند قوله تعالى: (وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)[المائدة:6] قال: "أي: يكمل النعم الموجودة قبل الإسلام بنعمة الإسلام، أو ويكمل نعمة الإسلام بزيادة أحكامه الراجعة إلى التزكية والتطهير مع التيسير في أحوالٍ كثيرةٍ. فالإتمام إما بزيادة أنواعٍ من النعم لم تكن، وإما بتكثير فروع النوع من النعم"(التحرير والتنوير).
13- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ)[الْمَائِدَةِ: 11] قال: "يذكر تعالى عباده المؤمنين بنعمه العظيمة، ويحثهم على تذكرها بالقلب واللسان، وأنهم -كما أنهم يعدون قتلهم لأعدائهم، وأخذ أموالهم وبلادهم وسبيهم نعمةً - فليعدوا أيضًا إنعامه عليهم بكف أيديهم عنهم، ورد كيدهم في نحورهم نعمة، فإنهم الأعداء، قد هموا بأمر، وظنوا أنهم قادرون عليه.
فإذا لم يدركوا بالمؤمنين مقصودهم، فهو نصر من الله لعباده المؤمنين ينبغي لهم أن يشكروا الله على ذلك، ويعبدوه ويذكروه، وهذا يشمل كل من هم بالمؤمنين بشرٍّ، من كافر ومنافق وباغ، كف الله شره عن المسلمين، فإنه داخل في هذه الآية"(تيسير الكريم الرحمن).
14- قال ابن كثير عند قوله تعالى: (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ)[آل عمران:171] قال: " هذه الآيات الكريمة فيها فضيلة الشهداء وكرامتهم، وما مَنَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه، وفي ضمنها تسلية الأحياء عن قتلاهم وتعزيتهم، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله والتعرض للشهادة، فقال: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا) أي: في جهاد أعداء الدين، قاصدين بذلك إعلاء كلمة الله.
فلا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا، وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا والتمتع بزهرتها، الذي يحذر من فواته، من جبن عن القتال، وزهد في الشهادة (بَلْ) قد حصل لهم أعظم مما يتنافس فيه المتنافسون، فهم (أَحْيَاءٌ) في دار كرامته.
ولفظ: (عِنْدَ رَبِّهِمْ) يقتضي علوَّ درجتهم، وقربهم من ربهم، (يُرْزَقُونَ) من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه إلا من أنعم به عليهم، ومع هذا (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي: مغتبطين بذلك، قد قرت به عيونهم، وفرحت به نفوسهم، وذلك لحسنه وكثرته، وعظمته، وكمال اللذة في الوصول إليه، وعدم المنغص.
فجمع الله لهم بين نعيم البدن بالرزق، ونعيم القلب والروح بالفرح بما آتاهم من فضله: فتم لهم النعيم والسرور، وجعلوا (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) أي: يبشر بعضهم بعضًا، بوصول إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، وأنهم سينالون ما نالوا، (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي: يستبشرون بزوال المحذور عنهم وعن إخوانهم المستلزم كمال السرور، (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ) أي: يهنئ بعضهم بعضًا، بأعظم مهنأ به، وهو: نعمة ربهم، وفضله، وإحسانه.
(وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) بل ينميه ويشكره، ويزيده من فضله، ما لا يصل إليه سعيهم. وفي هذه الآيات إثبات نعيم البرزخ، وأن الشهداء في أعلى مكان عند ربهم، وفيه تلاقي أرواح أهل الخير، وزيارة بعضهم بعضا، وتبشير بعضهم بعضًا"(تفسير ابن كثير).
15- قال الرازي رحمه الله عند قوله تعالى: (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ)[النحل:121]. "المراد أنه كان شاكرًا لجميع نعم الله إن كانت قليلة فكيف الكثيرة؟"(مفاتيح الغيب).
16- قال الطبري عند قوله تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)[النحل: 53] قال: "ما يكن بكم في أبدانكم أيها الناس من عافية وصحة وسلامة، وفي أموالكم من نماء، فالله المنعم عليكم بذلك لا غيره؛ لأن ذلك إليه وبيده، فإذا أصابكم في أبدانكم سقم ومرض، وعلة عارضة، وشدة من عيش، فإلى الله تصرخون بالدعاء وتستغيثون به؛ ليكشف ذلك عنكم"(تفسير الطبري).
17- قال السعدي عند قوله تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)[النحل: 53] قال: "أي: تضجون بالدعاء والتضرع؛ لعلمكم أنه لا يدفع الضر والشدة إلا هو، فالذي انفرد بإعطائكم ما تحبون، وصرف ما تكرهون، هو الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده"(تفسير السعدي).
18- قال ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث): "في هذا التحديث قولان:
أحدهما: أنه ذكر النعمة والإخبار بها. وقول العبد: أنعم الله علي بكذا وكذا. أي: اذكر نعم الله عليك في هذه السورة من الإيواء مع اليتم، والهدى بعد الضلال، والإغناء بعد العيلة.
والقول الثاني: أن التحدث بالنعمة المأمور به في هذه الآية: هو الدعوة إلى الله، وتبليغ رسالته، وتعليم الأمة. قال مجاهد رحمه الله: هي النبوة.
وقال الزجاج رحمه الله: أي: بلغ ما أرسلت به، وحدث بالنبوة التي آتاك الله. والصواب: أنه يعم النوعين؛ إذ كلٌّ منهما نعمة مأمور بشكرها، والتحدث بها، وإظهارها من شكرها"(التفسير القيم).
19- قال الراغب رحمه الله: "وإتمام نعمته هو أن نعم الله تعالى ضربان: أحدهما موهوب، والآخر مكتسب، فالموهوب: كجودة الحفظ والفهم وصحة البدن والجاه، وكل ذلك لا يستحق بحصوله الحمد، ولا بفواته الذم، والمكتسب كالعلم والعمل الصالح المتوصل بهما إلى الثواب وهو الإيمان، وبه يستحق المدح والذم"(تفسير الراغب الأصفهاني:١-٣٤٣).
20- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ)[البقرة:150] قال: فأصل النعمة، الهداية لدينه، بإرسال رسوله، وإنزال كتابه، ثم بعد ذلك، النعم المتممات لهذا الأصل، لا تعد كثرة، ولا تحصر، منذ بعث الله رسوله إلى أن قرب رحيله من الدنيا، وقد أعطاه الله من الأحوال والنعم، وأعطى أمته، ما أتم به نعمته عليه وعليهم، وأنزل الله عليه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) فلله الحمد على فضله، الذي لا نبلغ له عدا، فضلا عن القيام بشكره"(تفسير السعدي).
21- قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله: "(وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)[المائدة:6] قال: "بالجمع بين طهارة الأرواح وتزكيتها، وطهارة الأجساد وصحتها، فإنما الإنسان روحٌ وجسدٌ، لا تكمل إنسانيته إلا بكمالهما معًا، فالصلاة تطهر الروح، وتزكي النفس؛ لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتربي في المصلي ملكة مراقبة الله تعالى وخشيته لدى الإساءة، وحبه والرجاء فيه عند الإحسان، وتذكره دائمًا بكماله المطلق، فتوجه همته دائمًا إلى طلب الكمال. والطهارة التي جعلها الله تعالى شرطًا للدخول في الصلاة ومقدمةً لها، تطهر البدن وتنشطه؛ فيسهل بذلك العمل على العامل من عبادةٍ وغير عبادةٍ، فما أعظم نعمة الله تعالى على الناس بهذا الدين القويم، وما أجدر من هداه الله إليه بدوام الشكر له عليه"(تفسير المنار).
22- قال ابن سعدي عند قوله تعالى: (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) أي: اتركني وإياهم، فسأنتقم منهم، وإن أمهلتهم فلا أهملهم، وقوله: (أُولِي النَّعْمَةِ) أي: أصحاب النعمة والغنى، الذين طغوا حين وسع الله عليهم من رزقه، وأمدهم من فضله كما قال تعالى: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) ثم توعدهم بما عنده من العقاب، فقال: (إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا) أي: إن عندنا (أَنْكَالًا) أي: عذابا شديدا، جعلناه تنكيلا للذي لا يزال مستمرا على الذنوب. (وَجَحِيمًا) أي: نارا حامية (وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ) وذلك لمرارته وبشاعته، وكراهة طعمه وريحه الخبيث المنتن، (وَعَذَابًا أَلِيمًا) أي: موجعا مفظعا وذلك (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ) من الهول العظيم، (وَكَانَتِ الْجِبَالُ) الراسيات الصم الصلاب (كَثِيبًا مَهِيلًا) أي: بمنزلة الرمل المنهال المنتثر، ثم إنها تبس بعد ذلك، فتكون كالهباء المنثور"(تفسير السعدي).
الإحالات
1- أضواء البيان – الشنقيطي 9/302 عالم الكتب .
2- تفسير القرآن العظيم – ابن كثير 8/449 دار الشعب .
3- جامع العلوم والحكم – ابن رجب ص 310 دار الرسالة .
4- الجامع لأحكام القرآن – القرطبي 20/102 دار إحياء التراث العربي .
5- الروح – ابن القيم – تحقيق عبد الفتاح محمود عمر 335 دار الفكر- عمان الطبعة الثانية 1398 .
6- نزول الرحمة في التحدث بالنعمة .