مشاورة
2022-10-04 - 1444/03/08التعريف
الشورى لغة:
اسم للمشاورة، وكلاهما مأخوذ من مادّة (ش ور) الّتي تدلّ على أخذ شيء من شيء [مقاييس اللغة (3/ 226) ]، وقال بعض أهل اللّغة: من هذا الباب شاورت فلانا في أمري، وهو مشتقّ من شور العسل وكأنّ المستشير يأخذ الرّأي من غيره، يقال: شاوره في الأمر مشاورة. طلب منه المشورة. وأشار به: عرّفه. وأشار إليه وعليه بيده وبعينه وبحاجبه: أومأ. وأشار عليه بكذا: أمره وارتآه له، وبيّن له وجه المصلحة، ودلّه على الصّواب [لسان العرب (4/ 437)، ومختار الصحاح (350) ].
وفي المصباح: أشار في كذا (أي جعل التّعدية ب (في) لا بالباء. واستشرته راجعته لأرى رأيه، فأشار عليّ بكذا أي أراني ما عنده فيه من المصلحة فكانت إشارته حسنة. والاسم: المشورة.
والشّورى: اسم من أشار عليه بكذا، بمعنى استخراج الرّأي. ومنه أهل المشورة ومجلس الشّورى، وهي مصدر بمعنى التّشاور.
والمشورة: الشّورى، وكذا المشورة بضمّ الشّين، تقول: شاوره في الأمر واستشاره بمعنى. وفلان خيّر شيّر أي يصلح للمشاورة. وجمعه شوراء، والمشيرة: الإصبع السّبّابة [المصباح المنير للفيومي (350- 351)].
واصطلاحا:
استنباط المرء الرّأي من غيره فيما يعرض له من مشكلات الأمور، ويكون ذلك في الأمور الجزئيّة الّتي يتردّد المرء فيها بين فعلها وتركها [الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب (294) ].
العناصر
1- تعريف المشاورة لغة واصطلاحا .
2- صفة أهل الشورى عند العلماء .
3- الشورى ومدى إلزاميتعا .
4- فوائد الشورى .
الايات
1- قال الله تعالى: (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159] .
2- قوله تعالى: (فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) [الشورى: 36- 39] .
الاحاديث
1- عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: أتاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «إنّي سأعرض عليك أمرا، فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتّى تشاوري أبويك». فقلت: وما هذا الأمر؟. قالت: فتلا عليّ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا* وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب: 28- 29]. قالت عائشة: فقلت: وفي أيّ ذلك تأمرني أشاور أبويّ، بل أريد اللّه ورسوله والدّار الآخرة. قالت: فسرّ بذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأعجبه، وقال سأعرض على صواحبك ما عرضت عليك، قالت: فقلت له: فلا تخبرهنّ بالّذي اخترت، فلم يفعل، وكان يقول لهنّ كما قال لعائشة، ثمّ يقول: قد اختارت عائشة اللّه ورسوله والدّار الآخرة، قالت عائشة: قد خيّرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلم نر ذلك طلاقا [أحمد (6/ 185) واللفظ له. وأصله عند البخاري- الفتح 8 (4686). ومسلم (1478)] .
2- عن أبي برزة الأسلميّ- رضي اللّه عنه- أنّ جليبيبا كان امرأ يدخل على النّساء يمرّ بهنّ ويلاعبهنّ، فقلت لامرأتي: لا يدخلنّ عليكم جليبيب، فإنّه إن دخل عليكم لأفعلنّ ولأفعلنّ، قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيّم لم يزوّجها، حتّى يعلم هل للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيها حاجة أم لا؟، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لرجل من الأنصار: «زوّجني ابنتك»، فقال: نعم وكرامة يا رسول اللّه ونعمة عيني، فقال: إنّي لست أريدها لنفسي، قال: فلمن يا رسول اللّه؟ قال: «لجليبيب»، قال: فقال: يا رسول اللّه أشاور أمّها فأتى أمّها، فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب ابنتك، فقالت: نعم ونعمة عيني، فقال: إنّه ليس يخطبها لنفسه، إنّما يخطبها لجليبيب، فقالت: أجليبيب؟، إنيه أجليبيب؟ إنيه. أجليبيب؟ إنيه لا. لعمر اللّه لا تزوّجه، فلمّا أراد أن يقوم ليأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليخبره بما قالت أمّها، قالت الجارية: من خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمّها، فقالت: أتردّون على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمره، ادفعوني. فإنّه لم يضيّعني. فانطلق أبوها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبره، قال: شأنك بها فزوّجها جليبيبا، قال: فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة له، قال: فلمّا أفاء اللّه عليه قال لأصحابه: «هل تفقدون من أحد؟»، قالوا: نفقد فلانا ونفقد فلانا. قال: «انظروا هل تفقدون من أحد؟». قالوا: لا. قال: «لكنّي أفقد جليبيبا». قال: «فاطلبوه في القتلى» قال: فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثمّ قتلوه. فقالوا: يا رسول اللّه! ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم ثمّ قتلوه، فأتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقام عليه. فقال: «قتل سبعة وقتلوه، هذا منّي وأنا منه، هذا منّي وأنا منه» مرّتين أو ثلاثا، ثمّ وضعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ساعديه، وحفر له. ما له سرير إلّا ساعدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ وضعه في قبره، ولم يذكر أنّه غسّله. قال ثابت:فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها، وحدّث إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة ثابتا قال: هل تعلم ما دعا لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «اللّهمّ صبّ عليها الخير صبّا، ولا تجعل عيشها كدّا كدّا» قال: فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها، قال أبو عبد الرّحمن: ما حدّث به في الدّنيا أحد إلّا حمّاد بن سلمة، ما أحسنه من حديث [أحمد (4/ 422) واللفظ له وذكره ابن كثير (3/ 497- 498) في سبب نزول قوله تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً ... (الأحزاب/ 26)، وأصله عند مسلم (2472) ] .
3- عن الزّبير- رضي اللّه عنه- أنّه خاصم رجلا من الأنصار، قد شهد بدرا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في شراج من الحرّة كانا يسقيان به كلاهما، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للزّبير: «اسق يا زبير ثمّ أرسل إلى جارك». فغضب الأنصاريّ، فقال: يا رسول اللّه! أن كان ابن عمّتك؟. فتلوّن وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال: اسق، ثمّ احبس حتّى يبلغ الجدر. فاستوعى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حينئذ حقّه للزّبير. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل ذلك أشار على الزّبير برأي سعة له وللأنصاريّ، فلمّا أحفظ الأنصاريّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم استوعى للزّبير حقّه في صريح الحكم، قال عروة. قال الزّبير: واللّه ما أحسب هذه الآية نزلت إلّا في ذلك (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) [النساء: الآية 65 ]،[البخاري- الفتح 5 (2708) ] .
4- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «البكر تستأمر، والثّيّب تشاور»، قيل: يا رسول اللّه! إنّ البكر تستحي. قال: «سكوتها رضاها» [أحمد (2/ 329) وقال الشيخ أحمد شاكر (12/ 102) برقم (7131): إسناده صحيح. وأصله في الصحيحين] .
5- عن صهيب- رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّى همس شيئا لا نفهمه، ولا يحدّثنا به، قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «فطنتم لي». قال قائل: نعم، قال: «فإنّي قد ذكرت نبيّا من الأنبياء أعطى جنودا من قومه، فقال: من يكافيء؟ هؤلاء، أو من يقوم لهؤلاء- أو كلمة شبيهة بهذه- (شكّ سليمان)- قال: فأوحى اللّه إليه اختر لقومك بين إحدى ثلاث: إمّا أن أسلّط عليهم عدوّا من غيرهم، أو الجوع، أو الموت، قال: فاستشار قومه في ذلك فقالوا: أنت نبيّ اللّه نكل ذلك إليك، فخر لنا، قال: فقام إلى صلاته، قال: وكانوا يفزعون إذا فزعوا إلى الصّلاة، قال: فصلّى، قال: أمّا عدوّ من غيرهم فلا، أو الجوع فلا، ولكن الموت، قال: فسلّط عليهم الموت ثلاثة أيّام فمات منهم سبعون ألفا، فهمسي الّذي ترون أنّي أقول: اللّهمّ يا ربّ بك أقاتل، وبك أصاول ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه» [الترمذي (3340) وقال عنه: حديث حسن غريب. وأحمد (4/ 333) واللفظ له، وفي جامع الأصول: (10/ 306، 307) وساقه مع حديث أصحاب الأخدود] .
6- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «المستشار مؤتمن» [الترمذي (2823، 2824)، وأبو داود (5128)، وقال محقق جامع الأصول: (11/ 562) حديث حسن، والهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 97) عن عبد اللّه بن الزبير وقال: رجاله رجال الصحيح واللفظ فيها جميعا. وصححه الشيخ الألباني، صحيح أبي داود (3/ 965)] .
7- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «من تقوّل عليّ ما لم أقل فليتبوّأ مقعده من النّار، ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشده فقد خانه، ومن أفتى بفتيا غير ثبت فإنّما إثمه على من أفتاه» [أحمد (1/ 876) وقال أحمد شاكر صحيح، ورواه الحاكم في المستدرك بلفظ (من قال علي) (1/ 103) واللفظ له وصححه ووافقه الذهبي، وقال محقق جامع الأصول (12/ 562): إسناده حسن] .
8- عن معاوية بن جاهمة- رضي اللّه عنهما-: أنّ جاهمة جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك. فقال: «هل لك من أمّ»؟ قال: نعم. قال: «فالزمها، فإنّ الجنّة عند رجلها»[النسائي رقم 197 (6/ 11) واللفظ له وأخرجه أحمد في المسند (3/ 429)، وابن الأثير في الجامع (1/ 403) وقال محققه: إسناده حسن وصححه الحاكم. وذكره الهيثمي في المجمع (8/ 138) وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات] .
9- عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: استشار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الأسارى أبا بكر، فقال: قومك وعشيرتك فخلّ سبيلهم. فاستشار عمر، فقال: اقتلهم، قال: ففداهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ-: (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ- إلى قوله- فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً) [الأنفال: 67- 69] قال فلقي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عمر، قال: «كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء» [الحاكم (2/ 329) وصححه ووافقه الذهبي. وقد أخرج مسلم نحوه] .
الاثار
1- عن ميمون بن مهران، قال: كان أبو بكر الصّدّيق إذا ورد عليه أمر نظر في كتاب اللّه، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى بينهم، وإن علمه من سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قضى به، وإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السّنّة، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم [فتح الباري: (13/ 354) ] .
2- قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- الرّجال ثلاثة: رجل ترد عليه الأمور، فيسدّدها برأيه، ورجل يشاور فيما أشكل عليه وينزل حيث يأمره أهل الرّأي، ورجل حائر بائر لا يأتمر رشدا، ولا يطيع مرشدا [أدب الدنيا والدين (260) ] .
3- قال عليّ- رضي اللّه عنه-: نعم المؤازرة المشاورة، وبئس الاستعداد الاستبداد [أدب الدنيا والدين (260) ] .
4- عن عبد اللّه بن عبّاس- رضي اللّه عنهما- أنّ عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- خرج إلى الشّام حتّى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد- أبو عبيدة ابن الجرّاح وأصحابه- فأخبروه أنّ الوباء قد وقع بأرض الشّام. قال ابن عبّاس: فقال عمر: «ادع لي المهاجرين الأوّلين، فدعاهم، فاستشارهم، وأخبرهم أنّ الوباء قد وقع في الشّام، فاختلفوا: فقال بعضهم: قد خرجنا لأمر، ولا نرى أن نرجع عنه. وقال بعضهم: معك بقيّة النّاس وأصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء. فقال: ارتفعوا عنّي. ثمّ قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم. فقال: ارتفعوا عنّي. ثمّ قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالنّاس ولا تقدمهم على هذا الوباء. فنادى عمر في النّاس: إنّي مصبّح على ظهر، فأصبحوا عليه. فقال أبو عبيدة بن الجرّاح: أفرارا من قدر اللّه؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، نفرّ من قدر اللّه إلى قدر اللّه. أرأيت إن كانت لك إبل هبطت واديا له عدوتان: إحداهما خصيبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصيبة رعيتها بقدر اللّه، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر اللّه؟ قال: فجاء عبد الرّحمن بن عوف- وكان متغيّبا في بعض حاجته- فقال: إنّ عندي في هذا علما، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه». قال: فحمد اللّه عمر، ثمّ انصرف [البخاري- الفتح 10 (5729) واللفظ له، ومسلم (2219). ورد هذا الأثر شرحا لحديث «إذا سمعتم به بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا ...» الحديث] .
5- قال عمر بن عبد العزيز: «إنّ المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة، لا يضلّ معهما رأي، ولا يفقد معهما حزم [أدب الدنيا والدين: 260] .
6- عن الحسن- رحمه اللّه- قال: واللّه، ما استشار قوم قطّ إلّا هدوا لأفضل ما بحضرتهم، ثمّ تلا (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) [الشورى: 38] ، [فضل اللّه الصمد في شرح الأدب المفرد: (258) ] .
7- عن الحسن البصريّ والضّحّاك قالا: ما أمر اللّه تعالى نبيّه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم وإنّما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل ولتقتدي به أمّته من بعده وفي قراءة ابن عبّاس: (وشاورهم في بعض الأمر) [تفسير القرطبى (2/ 159- 161) ] .
الاشعار
1- قال بشّار بن برد:
إذا بلغ الرّأي المشورة فاستعن *** برأي نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشّورى عليك غضاضة *** فإنّ الخوافي قوّة للقوادم
[أدب الدنيا والدين (263) ] .
2- وقال آخر:
خليليّ ليس الرّأي في صدر واحد *** أشيرا عليّ بالّذي تريان
[أدب الدنيا والدين (263) ] .
3- قال الشّاعر:
شاور صديقك في الخفيّ المشكل *** واقبل نصيحة ناصح متفضّل
فاللّه قد أوصى بذاك نبيّه *** في قوله شاورهم وتوكّل
[تفسير القرطبى (2/ 159- 161) ] .
4- قال الشّاعر:
وإن باب أمر عليك التوى *** فشاور لبيبا ولا تعصه
[تفسير القرطبى (2/ 161) ] .
متفرقات
1- قال الشّافعيّ- رحمه اللّه-: إنّما يؤمر الحاكم بالمشورة لكون المشير ينبّهه على ما يغفل عنه، ويدلّه على ما لا يستحضره من الدّليل لا ليقلّد المشير فيما يقوله، فإنّ اللّه لم يجعل هذا لأحد بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [فتح الباري: (13/ 354) ] .
2- قال الماورديّ: اعلم أنّ من الحزم لكلّ ذي لبّ، ألّا يبرم أمرا ولا يمضي عزما إلّا بمشورة ذي الرّأي النّاصح، ومطالعة ذي العقل الرّاجح [أدب الدنيا والدين: (260) ] .
3- قال بعض الأدباء: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار [أدب الدنيا والدين: (260) ] .
4- قال بعض البلغاء: من حقّ العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العقلاء، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فالرّأي الفذّ ربّما زلّ، والعقل الفرد ربّما زلّ [أدب الدنيا والدين: (263) ] .
5- قال بعض البلغاء: من حقّ العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العقلاء، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فالرّأي الفذّ ربّما زلّ، والعقل الفرد ربّما زلّ [أدب الدنيا والدين: (263) ] .
6- قال ابن عطيّة: والشّورى من قواعد الشّريعة وعزائم الأحكام من لا يستشير أهل العلم والدّين فعزله واجب هذا ما لا خلاف فيه وقد مدح اللّه المؤمنين بقوله: (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) [الشورى: 38] قال أعرابيّ: ما غبنت قطّ حتّى يغبن قومي. قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا أفعل شيئا حتّى أشاورهم. وقال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلّق بالحرب، ووجوه النّاس فيما يتعلّق بالمصالح، ووجوه الكتّاب والوزراء والعمّال فيما يتعلّق بمصالح البلاد وعمارتها. وكان يقال: ما ندم من استشار، وكان يقال من أعجب برأيه ضلّ [تفسير القرطبى (2/ 159) ] .
7- قال القرطبيّ: وصفة المستشار في أمور الدّنيا أن يكون عاقلا مجرّبا وادّا في المستشير [تفسير القرطبى (2/ 159) ] .
8- قال ابن العربيّ: الشّورى ألفة للجماعة ومسبار للعقول وسبب إلى الصّواب، وما تشاور قوم إلّا هدوا [تفسير القرطبى (16/ 25) ] .
9- قال القرطبيّ: والشّورى مبنيّة على اختلاف الآراء، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف، وينظر أقربها قولا إلى الكتاب والسّنّة إن أمكنه فإذا أرشده اللّه- تعالى- إلى ما شاء منه عزم عليه وأنفذه متوكّلا عليه، إذ هذه غاية الاجتهاد المطلوب [تفسير القرطبى (2/ 162) ] .
الإحالات
1- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة (6/2426) .
2- الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث المؤلف : أحمد بن الحسين البيهقي الناشر : دار الآفاق الجديدة – بيروت الطبعة الأولى ، 1401 تحقيق : أحمد عصام الكاتب (1/318) .
3- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – مصر (1/337) .
4- مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (87/353) .
5- دراسات وتوجيهات إسلامية المؤلف: أحمد سحنون (المتوفى: 1424هـ) الناشر: المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر الطبعة: الثانية، 1992 م (1/153) .
6- الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى المؤلف: د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني أصل الكتاب: رسالة ماجستير، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1423هـ (2/537) .
7- تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه - شخصيته وعصره المؤلف: عَلي محمد محمد الصَّلاَّبي الناشر: دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة – مصر الطبعة: الأولى، 1423 هـ - 2002 م (1/58) .
8- الأذكار النووية أو «حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبة في الليل والنهار» المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) المحقق: محيي الدين مستو الناشر: دار ابن كثير، دمشق – بيروت الطبعة: الثانية،1410 هـ - 1990 م - باب الحث على المشاورة (1/504) .
9- الشورى فريضة إسلامية المؤلف: عَلي محمد محمد الصَّلاَّبي الناشر: دار ابن كثير .
10- السياسة الشرعية كود المادة: GFIQ5203 المرحلة: ماجستير المؤلف: مناهج جامعة المدينة العالمية الناشر: جامعة المدينة العالمية (1/373) .
11- الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف: القاضي حسين بن محمد المهدي تقديم: د. عبدالعزيز المقالح سجل هذا الكتاب بوزارة الثقافة بدار الكتاب برقم إيداع 363 في 4/ 7 / 2006م مكتبة المحامي: أحمد بن محمد المهدي
[email protected] . 12- الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة تأليف: عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي الطبعة الأولى 1407 هـ - 1987 م (1/403) .