مسجد
2022-10-10 - 1444/03/14التعريف
المسجد لغة:
على وزن (مَفْعِل) - بكسر العين -: اسم لمكان السجود، وبالفتح: اسم للمصدر. قال في الصحاح: (المسجد بالفتح: جبهة الرجل حيث يصيبه ندب السجود . والمسْجِد والمسْجَد: واحد المساجد . ) [الصحاح (2/484 - 485) ] . وقال في تثقيف اللسان: (ويقال للمسجد: مسيد، بفتح الميم، حكاه غير واحد) [أخرجه الترمذي (594، 595) وأبو داود (455) وابن ماجه (758)، وإسناده صحيح. إلا أنه أعلّ بالإرسال. لكن جاء وصله من ثقة فيقبل.
والمراد بالدور: القبائل، كما فسرها سفيان ابن عيينة. ونقله الترمذي، وقيل: البيوت، وهو قول الخطابي. انظر: تحفة الأحوذي (3/206)، معالم السنن (1/258) ] .
فتحصل في ذلك ثلاث لغات: كسر الجيم، وفتحها، ومسيد بالياء موضع الجيم. أما المسجد شرعاً: فكل موضع من الأرض، لقوله: «جعلت لي الأرض مسجداً» [شرح السنة (2/400) ] أي: موضع سجود، لا يختص السجود منها بموضع دون غيره .
وهذا يدل على أن الأصل في الأرض الطهارة حتى تعلم نجاستها، وأن كل أرض طاهرة طيبة للصلاة، إلا ما دل الدليل على استثنائه كالمقبرة والحمام ومعاطن الإبل ونحو ذلك .
وتعريف المسجد شرعاً
بأنه كل موضع من الأرض ذكره الزركشي الشافعي وتبعه على ذلك الجرّاعي الحنبلي [انظر: المجموع (2/180)، إعلام الساجد ص (386) ] .
لكن هذا تعريف المسجد لغة - كما مضى - لا شرعاً كما سيأتي إن شاء الله -. أما المسجد شرعاً فهو بقعة من الأرض تحررت عن التملك الشخصي، وعادت إلى ما كانت عليه لله تعالى، وخصّصت للصلاة والعبادة [المجموع شرح المهذب (2/180) ] .
وهذا ما جعله الزركشي مسجداً في العرف حث قال: ثم إن العرف خصص المسجد بالمكان المهيأ للصلوات الخمس، حتى يخرج المصلّى المجتمع فيه للأعياد ونحوها، فلا يعطى حكمه، وكذلك الربط والمدارس فإنها هيئت لغير ذلك [الفروع (1/202) ] .
ولعل مراده بذلك العرف الشرعي، فإن العلماء أجمعوا على أن البقعة لا تكون مسجداً حتى يقفها مالكها وقفاً صحيحاً مؤبداً، لا اشتراط فيه ولا خيار. سواء وقفها باللفظ، أو وجد من القرائن الفعلية ما يدل على ذلك؛ كأن يبني مسجداً ويأذن للناس في الصلاة فيه [أخرجه البخاري (324) ] .
فإن لم يوقف فليس بمسجد ولو اتخذ للصلاة، وذلك كما لو اتخذ رجل معذور شرعاً في التخلف عن الجماعة مصلى في بيته، أو اتخذت المرأة مصلى في قعر دارها، وكذا ما يوجد في الدوائر الحكومية، أو المدارس من أماكن يصلى فيها فليست بمساجد، فلا تعطى حكمه. قال البغوي بعد إيراد حديث «أمر رسول الله (ببناء المساجد في الدور . .» [أخرجه الترمذي (594، 595) وأبو داود (455) وابن ماجه (758)، وإسناده صحيح. إلا أنه أعلّ بالإرسال.
لكن جاء وصله من ثقة فيقبل. والمراد بالدور: القبائل، كما فسرها سفيان ابن عيينة. ونقله الترمذي، وقيل: البيوت، وهو قول الخطابي. انظر: تحفة الأحوذي (3/206)، معالم السنن (1/258)]: وفي الحديث دليل على أن المكان لا يصير مسجداً بالتسمية حتى يسبّله صاحبه، ولو صار مسجداً لزال عنه ملك المالك [شرح السنة (2/400) ]، [انظر أحكام حضور المساجد للشيخ عبد الله الفوزان (1/3) ] .
العناصر
1- معنى كلمة مسجد .
2- مكانة المسجد في الإسلام وشمول وظائفه لمصالح الدنيا والآخرة .
3- بناء المسجد النبوي الخطوة الأولى في مجتمع المدينة .
4- أهمية المسجد وعلاقته بالمجتمع المسلم .
5- المسجد تطبيق عملي للدعوة إلى الإيمان والعمل الصالح والتعليم والتثقيف والتربية والتوجيه .
6- من الآثار الإيمانية والتربوية للمسجد .
7- دور مكتبة المسجد في التثقيف ونشر المعرفة .
8- أسباب تضاؤل دور المسجد الآن .
9- دور الدولة الفعال في دفع المسجد ودعمه لأداء رسالته والقيام بوظيفته .
الايات
1- قال الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ) [آل عمران:96].
2- قال تعالى: (وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف:29].
3- قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف:31].
4- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا) [التوبة:28].
5- قال تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [107-110].
6- قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [البقرة:114].
قال تعالى: (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) [البقرة:187].
7- قال تعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * ِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة:17-18].
8- قال تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) [الجن:18].
الاحاديث
1- عن أنس رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (البُصاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا). متفق عليه.
والمرادُ بِدَفْنِهَا إذَا كَانَ المَسْجِدُ تُرَاباً أوْ رَمْلاً ونَحْوَهُ، فَيُوَارِيهَا تَحْتَ تُرَابِهِ. قالَ أبُو المحاسِنِ الرُّويَانِي مِنْ أصحابِنا في كِتَابِهِ "البحر" وقِيلَ: المُرَادُ بِدَفْنِهَا إخْراجُهَا مِنَ المَسْجِدِ، أمَّا إِذَا كَانَ المَسْجِدُ مُبَلَّطاً أَوْ مُجَصَّصاً، فَدَلَكَهَا عَلَيْهِ بِمَدَاسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثيرٌ مِنَ الجُهَّالِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَفْنٍ، بَلْ زِيَادَةٌ فِي الخَطِيئَةِ وَتَكْثِيرٌ لِلقَذَرِ في المَسْجِدِ، وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أنْ يَمْسَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ غَيرِهِ أَوْ يَغْسِلَهُ.
2- عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى في جِدَارِ القِبْلَةِ مُخَاطاً، أَوْ بُزَاقاً، أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ. متفق عَلَيْهِ.
3- عن أنس رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إنَّ هذِهِ المَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَيءٍ مِنْ هَذَا البَوْلِ وَلاَ القَذَرِ، إنَّمَا هي لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَقِراءةِ القُرْآنِ) أَوْ كَمَا قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
4- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّه سمعَ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يقولُ: (مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً في المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لاَ رَدَّها اللهُ عَلَيْكَ، فإنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذَا). رواه مسلم.
5- وعنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِذَا رَأيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ في المَسْجِدِ، فَقُولُوا: لا أرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ ضَالَّةً فَقُولُوا: لا رَدَّهَا الله عَلَيْكَ). رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
6- عن بُريَدَةَ رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً نَشَدَ في المَسْجِدِ فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الجَمَلِ الأَحْمَرِ؟ فَقَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لا وَجَدْتَ؛ إنَّمَا بُنِيَتِ المََسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ). رواه مسلم.
7- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّهِ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن الشِّراءِ والبَيْعِ في المَسْجِدِ، وَأنْ تُنْشَدَ فِيهِ ضَالَّةٌ؛ أَوْ يُنْشَدَ فِيهِ شِعْرٌ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.
8- عن السائبِ بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ في المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: اذْهَبْ فَأتِنِي بِهذَينِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا، فَقَالَ: مِنْ أيْنَ أَنْتُمَا؟ فَقَالاَ: مِنْ أهْلِ الطَّائِفِ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أهْلِ البَلَدِ، لأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أصْوَاتَكُمَا في مَسْجِدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم! رواه البخاري.
9- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ أكَلَ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ - يعني: الثُّومَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا). متفق عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لمسلم: (مساجدنا).
10- عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَكَلَ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ فَلاَ يَقْرَبَنَّا، وَلاَ يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا). متفق عَلَيْهِ.
11- عن جابر رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أكَلَ ثُوماً أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزلنا، أو فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا). متفق عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لمسلم: (مَنْ أكَلَ البَصَلَ، والثُّومَ، والكُرَّاثَ، فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ).
12- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنَّه خَطَبَ يومَ الجمْعَةِ فَقَالَ في خطبته: ثُمَّ إنَّكُمْ أيُّهَا النَّاسُ تَأكُلُونَ شَجَرتَيْنِ مَا أرَاهُمَا إِلاَّ خَبِيثَتَيْن: البَصَلَ، وَالثُّومَ. لَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، إِذَا وَجدَ ريحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ في المَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ إِلَى البَقِيعِ، فَمَنْ أكَلَهُمَا، فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخاً. رواه مسلم.
13- عن مُعاذِ بن أنس الجُهَنِيِّ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الحِبْوَةِ يَومَ الجُمعَةِ وَالإمَامُ يَخْطُبُ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقالا: حديث حسن.
14- عن أبي الشَّعْثَاءِ، قالَ: كُنَّا قُعُوداً مَع أبي هريرة رضي الله عنه في المَسْجِدِ، فَأَذَّن المُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ المَسْجِدِ يَمْشِي، فَأَتْبَعَهُ أبُو هُريرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ، فقال أبو هريرة: أمَّا هذَا فَقَدْ عَصَى أبا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
15- وعنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (أَحَبُّ البِلادِ إلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأبْغَضُ البِلاَدِ إلَى اللهِ أسْوَاقُهَا) رواه مسلم.
الاثار
1- قال سعيد بن المسيّب: " من جلس في المسجد فإنما يجالس ربه، فحقه ألا يقول إلا خيراً " تفسير القرطبي.
2- عن ابن شهاب قال: " العمائم تيجان العرب، والحَبوعة حيطان العرب، والاضطجاع في المسجد رباط المؤمنين " سير أعلام النبلاء.
3- قال الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ).
* قال ابن كثير: " وفي هذه الآية -مع ما ورد في السنة النبوية- يستحب التجمل عند الصلاة ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد.. الطيب؛ لأنه من الزينة والسواك لأنه من تمام ذلك " تفسير ابن كثير.
* وقال السعدي: " كذلك يحتمل أن المراد بالزينة هنا ما فوق ذلك من اللباس النظيف الحسن ففي هذه الآية الأمر بستر العورة في الصلاة وباستعمال التجمّل فيها ونظافة السترة من الأوساخ والأرجاس " تفسير السعدي.
4- عن أنس رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى نُخَامَةً في القبلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ في وَجْهِهِ؛ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: (إن أحدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، وَإنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبيْنَ القِبلْةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أحَدُكُمْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ) ثُمَّ أخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: (أَوْ يَفْعَلُ هكذا) متفقٌ عَلَيْهِ.
* قال النووي: " وَالأمرُ بالبُصَاقِ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ هُوَ فِيما إِذَا كَانَ في غَيْرِ المسجِدِ، فَأمَّا في المسجدِ فَلاَ يَبصُقُ إِلاَّ في ثَوْبِهِ " رياض الصالحين.
5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته).
* قال بعض العلماء استنباطاً من هذا الحديث: أن الآكل لهذه الثمرة قبل الصلاة تسقط عنه الجماعة، ويجب عليه ألا يصلي مع الناس، حتى لا يؤذيهم.
6- قال ابن كثير وغيره في قول الله تعالى: (في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) قالوا: أن تطهّر من الأدناس والأرجاس اللغوية والأقوال والأفعال؛ فإن رفع ذكر الله ليس بمجرد تلاوة القرآن وإقامة الصلاة، بل يدخل فيه مثل هذه الأمور.
7- قال الله عز وجل: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً).
* قال السعدي: " المقصود الأمران معاً: دعاء العبادة، ودعاء المسألة " تفسير السعدي.
8- قال ابن عابدين: " يصوغ رفع الصوت -أي في المسجد- إلا أن يشوش على المصلين؛ ولو بذكر أو قراءة " حاشية ابن عابدين.
9- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله-: وكانت المساجد مجامع الأمة ومواضع الأئمة، وقد أسس صلى الله عليه وسلم مسجده المبارك على التقوى، فكانت فيه الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون كلما حزبهم أمر من أمر دينهم ودنياهم. (مجموع الفتاوى بتصرف).
القصص
1- كان من هيئة الإمام مالك أنه إذا خرج إلى المسجد اغتسل ولبس أحسن ثيابه، وتطيّب، فإذا خرج لم يكن يكلّم أحداً ولا يكلمه أحد حتى يدخل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي ثم يشرع فيحدّث بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام.
2- كان هشام عبد الملك يطوف -مرة- بالبيت الحرام، فلقي سالم بن عبد الله -من أئمة التابعين- فسلّم عليه، وقال: سلني حاجتك ! قال: أني استحي من ربي أن أسأل غيره وأنا في بيته ! فلما خرج قال: نحن الآن قد خرجنا من المسجد فسلني حاجتك ! قال: من أمر الدنيا أم من أمر الآخرة؟ قال: من أمر الدنيا فأمر الآخرة لا أملكه ! قال: أما الدنيا فما سألتها من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها!.
3- قال الوليد بن مسلم: رأيت الأوزاعي يثبت في مصلاه، يذكر الله حتى تطلع الشمس، ويخبرنا عن السلف: أن ذلك كان هديهم، فإذا طلعت الشمس، قام بعضهم إلى بعض، فأفاضوا في ذكر الله، والتفقه في دينه.
4- قيل لسعيد بن المسيِّب وقد اشتكى عينه مرةً: لو خرجت إلى العقيق -مكان خارج المدينة- فنظرتَ إلى الخضرة؛ لعل النظر إلى الخضرة يعالج عينك، فقال: فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح.
5- تزوج الحارث بن حسان امرأة في ليلة من الليالي فحضر صلاة الفجر مع الجماعة، فقيل له: أتخرج وإنما بنيت في أهلك الليلة؟ فقال: والله إن امرأة تمنعني من صلاة الفجر في جمعٍ لامرأة سوء، لا يمكن أن أقبل بها.
6- كان صالح بن كيسان يؤدب ولد أمير المؤمنين ويتعاهده في صلاة الجماعة، فأبطأ الولد يوماً عن الصلاة، فقال له: ما حبسك؟ قال: كانت مُرجِّلتي تُسكّن شعري، قال: بلغ من تسكين شعرك أن تُؤثره على الصلاة ! فأخبر أباه ولم يزل يُكلِّمه حتى حلق شعره.
7- كان بعض السلف يسجد سجدة بعد المغرب في صلاة نافلة فلا يرفع منها إلا عند أذان العشاء؛ كما حصل ذلك لسفيان الثوري رحمه الله.
8- كذلك حماد بن سلمة فقد مات وهو في صلاة في المسجد.
9- هذه شابةٌ عروس مهرها أربعون ألف ريال ، قسمته بالنصف، القسم الأول لشراء أغراضها الخاصة، والقسم الثاني أرادت أن تحقق به الأمل الذي رافقتها طويلاً، وهو بناء مسجد، وهكذا كان.
متفرقات
1- قال الشيخ عبدالله الفوزان: وقد اختلف العلماء في مصلى العيد - وهو المكان المخصص لصلاة العيد سواء أحيط بسور أم لا - هل يعدّ مسجداً فيعطى أحكام المساجد؟ قولان:
الأول: أن مصلى العيد ليس بمسجد، فلا يأخذ أحكامه، إلا ما يتعلق بطهارة البقعة، وتواصل الصفوف، والاقتداء بالإمام، وهذا قول جمهور العلماء؛ لأن مصلى العيد ليس له جماعة راتبة يقيمون الصلاة المفروضة، وما لا تقام فيه الصلاة المفروضة لا يعتبر مسجداً، فلا تكون له أحكام المسجد [انظر: المجموع (2/180)، إعلام الساجد ص (386) ] .
القول الثاني: أن مصلى العيد مسجد، إذا جعله صاحبه وقفاً، فيأخذ أحكام المسجد من تحريم البيع والشراء فيه ودخول الحائض، ونحو ذلك، وهو الصحيح من المذهب عند الحنابلة. وهو قول عياض الدارمي [المجموع شرح المهذب (2/180) ] .
قال في الفروع: (والصحيح أن مصلى العيد مسجد) [الفروع (1/202) ] . واستدلوا بقول أم عطية - رضي الله عنها -: (أمرنا أن نخرج العواتق وذوات الخدور، ويعتزلن الحيّض المصلى) [أخرجه البخاري (324) ]، [أحكام حضور المساجد (1/5) ] .
2- إن الصلاة جماعة في بيوت الله تعالى من واجبات الدين، وسنن الهدي. يجتمع للمصلي فيها شرف المناجاة لله تعالى، وشرف العبادة، وشرف البقعة. ولقد رتب الإسلام على حضور المساجد أجرًا عظيمًا تحدثت عنه نصوص كثيرة. وإذا كان حضور الجماعة بهذه المنزلة، فإنه يجب على قاصد المسجد لأداء هذه العبادة العظيمة أن يتحلى بأشرف الصفات، وأحسن الخصال، مما ورد في أحكام حضور المساجد مما دل عليه كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ تأدبًا مع الله تعالى، واحترامًا للبقعة، ومراعاة لإخوانه المصلين، وتطبيقًا للسنة. وإن من الملاحظ أن كثيرًا ممن يقصدون المساجد لأداء الصلاة يخلون بأشياء كثيرة تتعلق بالمساجد، سواء قبل دخولها أو بعد دخولها. فهناك أخطاء، وهناك مخالفات، وهذا يرجع -في نظري- إلى سببين: الأول: ضعف الإيمان عند جمع من الناس مما أدى إلى الجهل بأحكام كثيرة تتعلق بالمساجد، أو العلم بها مع الزهد فيها والرغبة عن العمل بها. وإن الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به أمر جدّ خطر، وقد ورد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: « إن الله يبغض كلّ عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة » [جزء من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه (1/ 273)، والبيهقي (10/ 194)، وهو حديث صحيح. انظر الصحيحة للألباني (195)] .
وإني أخشى أن يكون التساهل بأحكام المساجد تساهلًا بالصلاة ذاتها. السبب الثاني: تحول هذه العبادة العظيمة -وهي الصلاة- إلى عادة عند كثير من الناس؛ تجد أن الذاهب إلى المسجد كالذاهب إلى مكان آخر، لا يجد فرقًا بين الاتجاهين، إن لم يهتم للثاني أكثر من الأول. إن الصلاة التي كانت قرة عيون المؤمنين، ومعراج المتقين، أصبحت عند كثير من المصلين عبارة عن حركات منظمة تفتقد الخشوع والطمأنينة والإقبال الحقيقي على مالك يوم الدين. وأنَّى لصلاة كهذه أن تنهي عن الفحشاء والمنكر، فتؤدي وظيفتها في حياة الناس وسلوكهم .. !
إن مرتكب الكبائر يجلس في المسجد ويتلو آيات الله، فتمر عليه آيات الربا، وآيات الأمر باتباع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وغيرها، دون أن تهزّ من نفسه أو تنبه شعوره!! .
أقول: لهذين السببين وغيرهما رغبت في جمع ما حضرني من أحكام حضور المساجد وآدابه في بحث مستقل؛ حرصًا على إحياء السنة، وتذكير الناس بما غفلوا عنه، وحثًا على العمل بها، كما هو شأن السلف الصالح من هذه الأمة. [الجَامعُ لأحكامِ الصَّلاة وصِفة صَلاة النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1/26) ] .
الإحالات
1- أحكام حضور المساجد للشيخ عبد الله الفوزان (1/3) .
2- تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة إعداد أبو عبد الرحمن محمد السيد عبده عبد الرازق دراسات عليا في مقارنة الأديان [email protected] E- دار الرضوان (1/91) .
3- فتح الباري ـ لابن رجب موافقا للمطبوع المؤلف : زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن شهاب الدين البغدادي ثم الدمشقي الشهير بابن رجب دار النشر : دار ابن الجوزي - السعودية / الدمام - 1422هـ الطبعة : الثانية ، تحقيق : أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد (2/361) .
4- فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين إضافة إلى اللجنة الدائمة وقرارات المجمع الفقهي المحقق : محمد بن عبدالعزيز المسند (2/3) .
5- مسائل مهمة من شروحات كتاب الصيام من زاد المستقنع. جمع :بدر بن نايف الرغيان. من شروح المشايخ : - محمد بن صالح العثيمين. - خالد بن علي المشيقح - حمد بن عبد الله الحمد. - أحمد بن محمد الخليل. - ومن كتاب : اختيارات شيخ الإسلام . (1/167) .
6- تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة إعداد أبو عبد الرحمن محمد السيد عبده عبد الرازق دراسات عليا في مقارنة الأديان [email protected] E- دار الرضوان رقم الإيداع بدار الكتب 10579/2004 (1/91) .
7- الجَامعُ لأحكامِ الصَّلاة وصِفة صَلاة النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للأئمة الأعلام: - شيخ الإسلام ابن قيم الجوزية - سماحه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - الإمام محمد بن عبد الوهاب - فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - الإمام المحدث الألباني جمع وإعداد وتخريج: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد الناشر: الكتاب العالمي للنشر، بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1427 هـ - 2006 م (1/27) .
8- أصول الدعوة وطرقها 4 كود المادة: IDWH4043 المرحلة: بكالوريوس المؤلف: مناهج جامعة المدينة العالمية الناشر: جامعة المدينة العالمية (1/226) .
9- الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف المؤلف : أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (المتوفى : 319هـ) تحقيق : أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف الناشر : دار طيبة - الرياض – السعودية الطبعة : الأولى - 1405 هـ ، 1985 م (5/123) .
10- شرح سنن النسائي المسمى «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى». المؤلف: محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي الناشر: دار المعراج الدولية للنشر [جـ 1 - 5] - دار آل بروم للنشر والتوزيع [جـ 6 - 40] الطبعة: الأولى (8/431) .
11- الصلاة وصف مفصل للصلاة بمقدماتها مقرون بالدليل من الكتاب والسنة، وبيان لأحكامها وآدابها وشروطها وسننها من التكبير حتى التسليم تاليف أ.د.عبد الله بن محمد بن احمد الطيار الأستاذ بقسم الفقه فى كليه الشريعه واصوال الدين بالقصيم في 8/10/1415 الزلفى - ص .ب 188 دار الوطن الرياض_ شارع المعذر _ ص.ب : 3310 (378) .
12- أسنى المقاصد في تعظيم المساجد/ تأليف الإمام أبي الوفاء علوان بن علي بن عطية الحموي/ ويليه فضل بناء المسجد للشيخ محمد بن أحمد بن محمد بن عليش المالكي/ تحقيق: طارق فتحي وأحمد المزيدي طبعة 1424/2003
13- فضائل الأعمال ضياء الدين محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي المقدسي سنة الولادة 569هـ/ سنة الوفاة 643هـ الناشر: دار الغد العربي مكان النشر: القاهرة (1/10) .
14- حجة الله البالغة للإمام الكبير: الشيخ أحمد المعروف بشاه ولي الله ابن عبدالرحيم الدهلوي راجعه وعلق عليه: الشيخ محمد شريف سكر دار إحياء العلوم - بيروت لبنان الطبعة الثانية 1413 هـ - 1992 م (1/407) .