مريم عليها السلام

2024-06-04 - 1445/11/27

التعريف

نسب مريم بنت عمران

 

1- مريم بنت عمران بن ماتان بن أليعازر، منسوبة إلى سليمان بن داود عليهما السلام، الصديقة أم عيسى عليه السلام كانت بالربوة ويقال إن قبرها بالنيرب، ولم يصح. مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر: (26-69).

 

2- وكان أبوها عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت أمها، وهي حنة بنت فاقود بن قبيل، من العابدات، وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم أشياع في قول الجمهور، وقيل: زوج خالتها أشياع. فالله أعلم. البداية والنهاية: (2/ 416).

العناصر

1- التعريف بمريم عليها السلام

 

2- مواضع القصة في القرآن

 

3- اصطفاء الله تعالى لمريم عليها السلام وتكريمها بالنبوة

 

4- كفالة زكريا عليه السلام.

 

5- اتهام اليهود لمريم عليها السلام

 

6- الدروس المستفادة من قصة مريم عليها السلام

 

الايات

1- قال الله تعالى: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [آل عمران: ٣٦].

 

2- قال تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ * ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) [آل عمران: ٤٢].

 

3- قال تعالى: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء: ١٥٦].

 

4- قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) [النساء: ١٧١].

 

5- قال تعالى: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ۗ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [المائدة: ١٧].

 

6- قال تعالى: (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: ٧٥].

 

7- قال تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [المائدة: ١١٠].

 

8- قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [المائدة: ١١٦].

 

9- قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [مريم 16-35].

 

10- قال تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) [المؤمنون ٥٠].

 

الاحاديث

1- عن عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ يَقُولُ: "خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ". رواه البخاري: (٣٤٣٢).

 

2- عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ". رواه البخاري: (٣٧٦٩)، ومسلم: (٢٤٣١).

 

3- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: "دَخَلَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- البَيْتَ، فَوَجَدَ فيه صُورَةَ إبْراهِيمَ، وصُورَةَ مَرْيَمَ، فَقالَ: أَما لهمْ! فقَدْ سَمِعُوا أنَّ المَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فيه صُورَةٌ، هذا إبْراهِيمُ مُصَوَّرٌ، فَما له يَسْتَقْسِمُ!". رواه البخاري: (٣٣٥١).

 

4- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). رواه البخاري: (٤٥٤٨)، ومسلم: (٢٣٦٦)

 

5- عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ. قَالَ الْوَلِيدُ حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ عَنْ عُمَيْرٍ عَنْ جُنَادَةَ وَزَادَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ". رواه البخاري: (٣٤٣٥). مسلم (٢٨).

 

6- عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَسْرُوقٍ فِي بَيْتٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ مَرْيَمَ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ: هَذَا تَمَاثِيلُ كِسْرَى، فَقُلْتُ: لَا، هَذَا تَمَاثِيلُ مَرْيَمَ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ". رواه البخاري: (٥٩٥٠)، ومسلم: (٢١٠٩).

 

7- عن ابْن عُمَرَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: “إِنَّ السَّرِيَّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ لِمَرْيَمَ: (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) نَهْرٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لِتَشْرَبَ مِنْهُ”. رواه الطبراني (١٣٣٠٣).

 

8- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الحسنُ والحُسَينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّةِ؛ إلا ابنَي الخالةِ عيسى ابنَ مريمَ ويحيي بنَ زكريا، وفاطمةُ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنَّةِ؛ إلا ما كان من مريمَ بنتِ عِمرانَ". أخرجه الترمذي (٣٧٦٨)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣١٨١).

 

الاثار

1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ". يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ: "وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ". رواه البخاري: (٣٤٣٤)، ومسلم: (٢٥٢٧)

 

2- قال ابن جريج، عن ابن عباس، وسئل عن حمل مَرْيَمَ، قَالَ:" لَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنْ حَمَلَتْ فوضعت". مختصر تفسير ابن كثير: (2/ 447).

 

3- وقال مقاتل: حملته مريم في ساعة، وصور في ساعة، ووضعته في ساعة، وعمرها إذ ذاك عشر سنين، ولما ولدته حملته في الحال إلى قومها فأنكروا عليها. تفسير البغوي: (5/ 224).

 

القصص

1- قصة ميلاد مريم البتول

وقد ذكر محمد بن إسحاق وغيره، أن أم مريم كانت لا تحبل، فرأت يوما طائرا يزق فرخا له، فاشتهت الولد، فنذرت لله إن حملت لتجعلن ولدها محررا؛ أي حبيسا في خدمة بيت المقدس. قالوا: فحاضت من فورها، فلما طهرت واقعها بعلها، فحملت بمريم، عليها السلام فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وقرئ بضم التاء وليس الذكر كالأنثى أي: في خدمة بيت المقدس، وكانوا في ذلك الزمان ينذرون لبيت المقدس خداما من أولادهم........

 

.... وقوله: فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا ذكر كثير من المفسرين أن أمها حين وضعتها، لفتها في خروقها ثم خرجت بها إلى المسجد، فسلمتها إلى العباد الذين هم مقيمون به، وكانت ابنة إمامهم وصاحب صلاتهم، فتنازعوا فيها. والظاهر أنها إنما سلمتها إليهم بعد رضاعها وكفالة مثلها في صغرها، ثم لما دفعتها إليهم تنازعوا في أيهم يكفلها، وكان زكريا نبيهم في ذلك الزمان، وقد أراد أن يستبد بها دونهم؛ من أجل أن زوجته أختها أو خالتها، على القولين، فشاحوه في ذلك، وطلبوا أن يقترع معهم، فساعدته المقادير، فخرجت قرعته غالبة لهم، وذلك أن الخالة بمنزلة الأم.

 

قال الله تعالى " وكفلها زكريا أي: بسبب غلبه لهم في القرعة، كما قال تعالى: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون [ آل عمران: 44 ]. قالوا: وذلك أن كلا منهم ألقى قلمه معروفا به، ثم حملوها ووضعوها في موضع، وأمروا غلاما لم يبلغ الحنث، فأخرج واحدا منها، وظهر قلم زكريا، عليه السلام، فطلبوا أن يقترعوا مرة ثانية، وأن يكون ذلك بأن يلقوا أقلامهم في النهر، فأيهم جرى قلمه على خلاف جرية الماء فهو الغالب، ففعلوا، فكان قلم زكريا هو الذي جرى على خلاف جرية الماء، وسارت أقلامهم مع الماء، ثم طلبوا منه أن يقترعوا ثالثة، فأيهم جرى قلمه مع الماء، وتكون بقية الأقلام قد انعكس سيرها صعدا؛ فهو الغالب، ففعلوا، فكان زكريا هو الغالب لهم، فكفلها إذ كان أحق بها شرعا وقدرا؛ لوجوه عديدة. قال الله تعالى: كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب قال المفسرون: اتخذ لها زكريا مكانا شريفا من المسجد، لا يدخله سواها، فكانت تعبد الله فيه، وتقوم بما يجب عليها من سدانة البيت إذا جاءت نوبتها، وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها، حتى صارت يضرب بها المثل بعبادتها في بني إسرائيل، واشتهرت بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة، والصفات الشريفة، حتى إنه كان نبي الله زكريا كلما دخل عليها موضع عبادتها، يجد عندها رزقا غريبا في غير أوانه، فكان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، فيسألها: أنى لك هذا فتقول: هو من عند الله أي: رزق رزقنيه الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فعند ذلك وهنالك طمع زكريا في وجود ولد من صلبه، وإن كان قد أسن وكبر...... يذكر تعالى أن الملائكة بشرت مريم باصطفاء الله لها، من بين سائر نساء عالمي زمانها، بأن اختارها لإيجاد ولد منها، من غير أب، وبشرت بأن يكون نبيا شريفا ويكلم الناس في المهد أي: في صغره، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وكذلك في حال كهولته، فدل على أنه يبلغ الكهولة، ويدعو إلى الله فيها، وأمرت بكثرة العبادة والقنوت والسجود والركوع؛ لتكون أهلا لهذه الكرامة، ولتقوم بشكر هذه النعمة. فيقال: إنها كانت تقوم في الصلاة حتى تفطرت قدماها، رضي الله عنها ورحمها، ورحم أمها وأباها. فقول الملائكة: يا مريم إن الله اصطفاك أي اختارك واجتباك. ( وطهرك ) أي: من الأخلاق الرذيلة، وأعطاك الصفات الجميلة. باختصار من البداية والنهاية ص: 419- 423

 

2- عبادة السيدة مريم لله تعالى

وقد تقدم أن مريم، لما جعلتها أمها محررة، تخدم بيت المقدس وأنه كفلها زوج أختها - أو خالتها - نبي ذلك الزمان زكريا، عليه السلام، وأنه اتخذ لها محرابا، وهو المكان الشريف من المسجد، لا يدخله أحد عليها سواه، وأنها لما بلغت اجتهدت في العبادة، فلم يكن في ذلك الزمان نظيرها في فنون العبادات، وظهر عليها من الأحوال ما غبطها به زكريا، عليه السلام، وأنها خاطبتها الملائكة بالبشارة لها باصطفاء الله لها، وبأنه سيهب لها ولدا زكيا، يكون نبيا كريما طاهرا مكرما، مؤيدا بالمعجزات، فتعجبت من وجود ولد من غير والد؛ لأنها لا زوج لها، ولا هي ممن تتزوج، فأخبرتها الملائكة بأن الله قادر على ما يشاء، إذا قضى أمرا فإنما يقول له: كن. فيكون؛ فاستكانت لذلك وأنابت وسلمت لأمر الله وعلمت أن هذا فيه محنة عظيمة لها؛ فإن الناس يتكلمون فيها بسببه، لأنهم لا يعلمون حقيقة الأمر، وإنما ينظرون إلى ظاهر الحال من غير تدبر ولا تعقل. البداية والنهاية.

 

3- قصة حمل مريم بعيسى عليهما السلام

 وكانت إنما تخرج من المسجد في زمن حيضها، أو لحاجة ضرورية لا بد منها؛ من استقاء ماء أو تحصيل غذاء، فبينما هي يوما قد خرجت لبعض شئونها وانتبذت أي انفردت وحدها شرقي المسجد الأقصى، إذ بعث الله إليها الروح الأمين، جبريل عليه السلام فتمثل لها بشرا سويا فلما رأته قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال أبو العالية: علمت أن التقي ذو نهية. وهذا يرد قول من زعم أنه كان في بني إسرائيل رجل فاسق مشهور بالفسق، اسمه تقي، فإن هذا قول باطل بلا دليل، وهو من أسخف الأقوال. قال إنما أنا رسول ربك أي خاطبها الملك قائلا: إنما أنا رسول ربك، أي: لست ببشر ولكني ملك بعثني الله إليك لأهب لك غلاما زكيا أي ولدا زكيا. قالت أنى يكون لي غلام أي: كيف يكون لي غلام، أو يوجد لي ولد، ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا أي: ولست ذات زوج، وما أنا ممن يفعل الفاحشة. قال كذلك قال ربك هو علي هين أي: فأجابها الملك عن تعجبها من وجود ولد منها، والحالة هذه، قائلا: كذلك قال ربك أي: وعد أنه سيخلق منك غلاما ولست بذات بعل، ولا تكونين ممن يبغين. هو علي هين أي: وهذا سهل عليه، ويسير لديه، فإنه على ما يشاء قدير. وقوله: ولنجعله آية للناس أي: ولنجعل خلقه، والحالة هذه، دليلا على كمال قدرتنا على أنواع الخلق؛ فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى. وقوله: ورحمة منا أي: نرحم به العباد، بأن يدعوهم إلى الله في صغره وكبره، في طفولته وكهولته، بأن يفردوا الله بالعبادة وحده لا شريك له، وينزهوه عن اتخاذ الصاحبة والأولاد والشركاء والنظراء، والأضداد والأنداد. وقوله: وكان أمرا مقضيا يحتمل أن يكون هذا من تمام كلام جبريل معها، يعني أن هذا أمر قد قضاه الله وحتمه وقدره وقرره. وهذا معنى قول محمد بن إسحاق، واختاره ابن جرير، ولم يحك سواه. والله أعلم.

ويحتمل أن يكون قوله: وكان أمرا مقضيا كناية عن نفخ جبريل فيها، كما قال تعالى: ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا [التحريم: 12]. فذكر غير واحد من السلف، أن جبريل نفخ في جيب درعها، فنزلت النفخة إلى فرجها، فحملت من فورها، كما تحمل المرأة عند جماع بعلها. ومن قال أنه نفخ في فمها، أو أن الذي كان يخاطبها هو الروح الذي ولج فيها من فمها، فقوله خلاف ما يفهم من سياقات هذه القصة في محالها من القرآن؛ فإن هذا السياق يدل على أن الذي أرسل إليها ملك من الملائكة، وهو جبريل، عليه السلام، وأنه إنما نفخ فيها، ولم يواجه الملك الفرج، بل نفخ في جيبها فنزلت النفخة إلى فرجها، فانسلكت فيه، كما قال تعالى: فنفخنا فيه من روحنا فدل على أن النفخة ولجت فيه، لا في فمها، كما روي عن أبي بن كعب، ولا في صدرها، كما رواه السدي بإسناده عن بعض الصحابة، ولهذا قال تعالى: فحملته. أي: فحملت ولدها فانتبذت به مكانا قصيا وذلك لأن مريم عليها السلام، لما حملت ضاقت به ذرعا، وعلمت أن كثيرا من الناس سيكون منهم كلام في حقها، فذكر غير واحد من السلف، منهم وهب بن منبه، أنها لما ظهرت عليها مخايل الحمل كان أول من فطن لذلك رجل من عباد بني إسرائيل، يقال له: يوسف بن يعقوب النجار. وكان ابن خالها، فجعل يتعجب من ذلك عجبا شديدا، وذلك لما يعلم من ديانتها، ونزاهتها، وعبادتها، وهو مع ذلك يراها حبلى وليس لها زوج، فعرض لها ذات يوم في الكلام، فقال: يا مريم هل يكون زرع من غير بذر ؟! قالت: نعم، فمن خلق الزرع الأول ؟! ثم قال: فهل يكون شجر من غير ماء ولا مطر ؟! قالت: نعم، فمن خلق الشجر الأول ؟! ثم قال: فهل يكون ولد من غير ذكر ؟! قالت: نعم، إن الله خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى. قال لها: فأخبريني خبرك. فقالت: إن الله بشرني بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين [ آل عمران: 45، 46 ].

قال محمد بن إسحاق: ثم شاع أمرها واشتهر في بني إسرائيل أنها حامل، فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا. قال: واتهمها بعض الزنادقة بيوسف الذي كان يتعبد معها في المسجد، وتوارت عنهم مريم، واعتزلتهم وانتبذت مكانا قصيا. البداية والنهاية.

 

4- قصة ولادة السيدة مريم لعيسى عليه السلام

وقوله: فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة أي: فألجأها واضطرها الطلق إلى جذع النخلة، قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا وذلك أنها علمت أن الناس يتهمونها ولا يصدقونها، بل يكذبونها حين تأتيهم بغلام على يدها، مع أنها قد كانت عندهم من العابدات الناسكات، المجاورات في المسجد، المنقطعات إليه، المعتكفات فيه، ومن بيت النبوة والديانة، فحملت بسبب ذلك من الهم ما تمنت أن لو كانت ماتت قبل هذا الحال أو كانت نسيا منسيا أي: لم تخلق بالكلية. وقوله: ( فناداها من تحتها )، وقرئ: من تحتها على الخفض، وفي المضمر قولان: أحدهما، أنه جبريل. قاله العوفي عن ابن عباس. قال: ولم يتكلم عيسى إلا بحضرة القوم.

وقوله: ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا قيل: النهر. وإليه ذهب الجمهور.

قوله: وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فذكر الطعام والشراب فكلي واشربي وقري عينا ثم قيل: كان جذع النخلة يابسا. وقيل: كانت نخلة مثمرة. فالله أعلم. ويحتمل أنها كانت نخلة، لكنها لم تكن مثمرة إذ ذاك؛ لأن ميلاده كان في زمن الشتاء، وليس ذاك وقت ثمر، وقد يفهم ذلك من قوله تعالى، على سبيل الامتنان: تساقط عليك رطبا جنيا.

وقوله: فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا وهذا من تمام كلام الذي ناداها من تحتها. قال: فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا أي: فإن رأيت أحدا من الناس فقولي له، أي بلسان الحال والإشارة: إني نذرت للرحمن صوما أي: صمتا. وكان من صومهم في شريعتهم ترك الكلام والطعام. قاله قتادة، والسدي، وابن أسلم. ويدل على ذلك قوله: فلن أكلم اليوم إنسيا فأما في شريعتنا فيكره للصائم صمت يوم إلى الليل. وقوله تعالى: فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ذكر كثير من السلف ممن ينقل عن أهل الكتاب، أنهم لما افتقدوها من بين أظهرهم ذهبوا في طلبها، فمروا على محلتها والأنوار حولها، فلما واجهوها وجدوا معها ولدها، فقالوا لها: يا مريم لقد جئت شيئا فريا أي أمرا عظيما منكرا. وفي هذا الذي قالوه نظر، مع أنه كلام ينقض أوله آخره؛ وذلك لأن ظاهر سياق القرآن العظيم يدل على أنها حملته بنفسها، وأتت به قومها وهي تحمله، قال ابن عباس: وذلك بعد ما تعالت من نفاسها بعد أربعين يوما.

والمقصود أنهم لما رأوها تحمل معها ولدها قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا والفرية هي الفعلة المنكرة العظيمة من الفعال والمقال. ثم قالوا لها: يا أخت هارون والمقصود أنهم قالوا: يا أخت هارون ودل الحديث على أنها قد كان لها أخ نسبي اسمه هارون، وكان مشهورا بالدين والصلاح والخير؛ ولهذا قالوا: ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا أي: لست من بيت هذا شيمتهم ولا سجيتهم؛ لا أخوك ولا أمك ولا أبوك، فاتهموها بالفاحشة العظمى، ورموها بالداهية الدهياء، فذكر ابن جرير في " تاريخه " أنهم اتهموا بها زكريا، وأرادوا قتله، ففر منهم فلحقوه وقد انشقت له الشجرة فدخلها، وأمسك إبليس بطرف ردائه فنشروه فيها، كما قدمنا.

ومن المنافقين من اتهمها بابن خالها يوسف بن يعقوب النجار، فلما ضاق الحال، وانحصر المجال وامتنع المقال، عظم التوكل على ذي الجلال، ولم يبق إلا الإخلاص والاتكال فأشارت إليه أي: خاطبوه وكلموه؛ فإن جوابكم عليه، وما تبغون من الكلام لديه. فعندها قال من كان منهم جبارا شقيا: كيف نكلم من كان في المهد صبيا أي: كيف تحيليننا في الجواب على صبي صغير لا يعقل الخطاب، وهو مع ذلك رضيع في مهده، ولا يميز بين محض وزبده، وما هذا منك إلا على سبيل التهكم بنا والاستهزاء، والتنقص لنا والازدراء؛ إذ لا تردين علينا قولا نطقيا، بل تحيلين في الجواب على من كان في المهد صبيا، فعندها قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا هذا أول كلام تفوه به عيسى ابن مريم، فكان أول ما تكلم به أن قال إني عبد الله اعترف لربه تعالى بالعبودية، وأن الله ربه، فنزه جناب الله عن قول الظالمين في زعمهم أنه ابن الله، بل هو عبده ورسوله وابن أمته، ثم برأ أمه مما نسبها إليه الجاهلون، وقذفوها به ورموها بسببه بقوله: آتاني الكتاب وجعلني نبيا فإن الله لا يعطي النبوة من هو كما زعموا، لعنهم الله وقبحهم. البداية والنهاية.

 

الاشعار

1- قال محيي الدين بن عربي:

وجاءَ عيسى للذي قالهُ ** مصدِّقا تعضده مريم

جلَّ إله الخلقِ عن خلقه ** وهو بهم كان وقد جمجموا

ديوان محيي الدين بن عربي: (958).

 

2- قال السيد الحميري:

من ليلة بات موعوكا أبو حسن *** فيها يكابد من حمى ومن ألم

إذ قال من بعد ما صلى النبي له *** أبشر فقد ألت من وعك ومن سقم

وما سألت لنفسي قيد أنملة *** من فضل علم ولا حلم ولا فهم

ألا سألت لكم مثل الذي ظفرت *** كفي به ذا لذي الآلاء والكرم

ولم ترضعك مريم أم عيسى *** ولم يكفلك لقمان الحكيم

ولكن قد تضمك أم سوء *** إلى لباتها وأب لئيم

ديوان السيد الحميري (ص:234).

 

3- قال السيد الحميري:

علي أمير المؤمنين وحقه *** من الله مفروض على كل مسلم

لأن رسول الله أوصى بحقه *** وأشركه في كل فيء ومغنم

وزوجته صديقة لم يكن لها *** مقارنة غير البتولة مريم

وكان كهارون بن عمران عنده *** من المصطفى موسى النجيب المكلم

ديوان السيد الحميري (ص:238).

 

4- يقول معروف الرصافي:

وأكبر ما يدعو القلوب إلى الأسى *** بكاء يتيم جائع حول أيِّم

وقفت وقد شاهدت ذلك منهما *** لمريم أبكي رحمة وابن مريم

ديوان معروف الرصافي (ص: 121).

 

5- يقول معروف الرصافي:

على حينَ ثارت للنوائب ثورة *** أتت على حَزازات إلى الدين تنتمي

فقامت بها بين الديار مذابح *** تخوض منها الأرمنيون بالدم

ولولاك لاخترت الحمام تخلصاً *** بنفسيَ من أتعاب عيش مُذَمم

فأنت الذي اخرت أمك مريماً *** عن الموت أن يودي بأمك مريم

أمريمُ مهلا بعضَ ما تذكرينه *** فإنك ترمين الفؤاد بأسهم

أمريمُ إن الله لا شك ناقم *** من القوم في قتل النفوس المحرّم

أمريم فيما تحكمين تبصري *** فإن أنت أدركت الحقيقة فاحكمي

فليس بدين كلِّ ما يفعلونه *** ولكنه جهل وسوء تفهم

لئن ملئوا الأرض الفضاءَ جرائماً *** فهم أجرموا والدين ليس بمجرم

ديوان معروف الرصافي (ص: 123).

 

6- قال ابن زمرك أبو عبد الله محمد بن يوسف:

ونهر حسام كلما أغرق العدا *** تلقتهم منه سريعا جهنم

فأصليت عباد المسيح من الوغى *** سعيرا به يرضى المسيح ومريم

أبر من التثليث بالله وحده *** فمن يعتصم بالله فالله يعصم

ديوان ابن زمرك (ص: 226).

 

7- قال أبو الهدى الصيادي:

 قد حباهم خلاقهم واصطفاهم *** وكذا المصطفى له الإصطفاء

وانتهى مظهر البروز بمجلى *** بنت وهب فضاءت الأرجاء

ولدته العذراء آمنة النور م *** أمينا وقومه أمناء

غبطتها العذراء مريم فيمن *** رزقته وقبلها حواء

وبوهب الكريم أنجب عبد الله م *** مولى أتباعه النجباء

يا لحظ مؤيد أعظمته *** للتجلي الخضراء والغبراء

ديوان أبي الهدى الصيادي (ص: 9).

 

8- قال ابن شهاب:

قل لابن سنار بؤتا ** بالإثم فيما اقترفتا

أغلاط حمقك في صورة ** الجواب ابنتا

ركبت صعباً ووعر التيه ** المخوف اقتحمتا

أأنت بالنكر أفتيت ** أم قرينك أفتى

أم صبوة ابن أبي ** تعروك وقتاً ووقتا

ذات النبي وذات ** الزنخي سيان قلتا

دم ولحم وعظم ** والفرق فيها جحدتا

هذا العتو على الله ** والجراءة بحتا

ما قاله قبل شخص ** وإن يكن منك أعتى

أذات طه وعيسى ** ومريم وابن متّا

ديوان ابن شهاب (ص: 172).

 

9- قال محيي الدين بن عربي:

يا آل عمران إنّ الله فضلكم ** بمريمَ بنتِ عمرانَ التي كملتْ

بما رآه الذي لله كفلها ** من العناية فيما فيه قد كفلتْ

أتى إليها وفي محرابِها طبقٌ ** فقالَ: ماذا فقالتْ: رتبةٌ عجلتْ

خذها إليكم فإنَّ الله أطلعكم ** لتسألوهُ فإنَّ النفسَ ما بخلتْ

فكانَ يحيى حصوراً مثلها وبها ** لهمة من أبيه عنده حَصلت

فاستفرغتْ طاقةُ الإنسانِ حالتها ** هذي مقالتها لو أنها سئلت

لقدْ نظرتُ إليها وهيَ سافرةٌ ** فما بهِ فصلتْ بهِ لها وصلتْ

فانظر إليها وسلمها لخالقها ** فإنَّ نفسكَ تجزى بالذي عملتْ

ديوان محيي الدين بن عربي (ص: 820).

 

10- وفي هذا أنشد الثعالبي:

ألم تر أنَّ الله أوحى لمريم... فهزي إليك الجذع تساقط الرطب

ولو شاء أن تجنيه من غير هزها... جنته ولكن كل شيء له سبب

زهر الأكم في الأمثال والحكم: (1/ 214).

 

الحكم

1- أعظم بركَة من نَخْلَة مَرْيَم". المستقصى في أمثال العرب: (1/ 249).

متفرقات

1- قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: بَلَغَنِي أَنَّ عِيسَى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابْنَا خَالَةٍ، وَكَانَ حَمْلُهُمَا جَمِيعًا مَعًا، فَبَلَغَنِي أَنَّ أُمَّ يَحْيَى قَالَتْ لِمَرْيَمَ: إِنِّي أَرَى مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ، قَالَ مَالِكٌ: أَرَى ذَلِكَ لِتَفْضِيلِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الأكمة والأبرص. مختصر تفسير ابن كثير: (2-447).

 

2- الإمام ابن حزم الظاهري الأندلسي، الذي عقد فصلا في كتابه الفصل بعنوان (نبوءة النساء): "ادعى فيه ثبوت نبوءة النساء ومن كلامه في ذلك: “ جاء في القرآن أن الله عز وجل قد أرسل ملائكة إلى نساء فأخبروهن بوحي حق من الله تعالى، من ذلك تبشير الملائكة لأم إسحاق به..." ثم قال: "ووجدناه تَعَالَى قد أرسل جِبْرِيل إِلَى مَرْيَم أم عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام يخاطبها وَقَالَ لَهَا (إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكيا) فَهَذِهِ نبوة صَحِيحَة بِوَحْي صَحِيح ورسالة من الله تَعَالَى إِلَيْهَا". الفصل في الملل والأهواء والنحل: (2-13).

 

3- الإمام القرطبي في تفسيره حيث يقول: “والصحيح أن مريم نبية؛ لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة ملك، كما أوحى إلى سائر الأنبياء”. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي: (٤-٨٣).

 

4- وقال القرطبي: "إن مريم أفضل النساء على الإطلاق؛ لأنها نبية والنبي أفضل من الولي، فهي أفضل من كل النساء: الأولين والآخرين مطلقًا". الجامع لأحكام القرآن، القرطبي: (٤/٨٣).

 

5- قال السعدي رحمه الله: “وهذا من أعظم فضائلها، أن تذكر في الكتاب العظيم، الذي يتلوه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، تذكر فيه بأحسن الذكر، وأفضل الثناء، جزاء لعملها الفاضل، وسعيها الكامل”. تيسير الكريم الرحمن (ص٤٩١).

 

6- عن كلام المسيح في المهد قال الألوسي: “وذكر عبوديته لله تعالى أولًا: لأن الاعتراف بذلك على ما قيل هو أول مقامات السالكين، وفيه رد على من يزعم ربوبيته وفى جميع ما قال تنبيه على براءة أمه لدلالته على الاصطفاء والله سبحانه أجل من أن يصطفي ولد الزنا، وذلك من المسلمات عندهم، وفيه من إجلال أمه عليهما السلام ما ليس في التصريح، وقيل: لأنه تعالى لا يخص بولد موصوف بما ذكر إلا مبرأة مصطفاة“. روح المعاني: (١٦- ٨٩).