لباس
2022-10-10 - 1444/03/14التعريف
تعريف اللباس في اللغة:
الِّلباس: بكسر اللام، وهو ما يُلْبَس، وجمعه لُبُس ككتاب وكُتُب. ولباس كل شيء: غشاؤه. ويقال للشيء إذا غطاه كلَّه: ألبَسُه، كقولهم: أَلْبَسَنَا الليل، وألبس السماءَ السحابُ أي: غطاها.[انظر لسان العرب لابن منظور (ج6 ص202) وتاج العروس للزبيدي (ج16 ص470) والصحاح للجوهري (ج2 ص970) والقاموس المحيط للفيروز آبادي (ص738) ] .
وهذه المادة: اللام، والباء، والسين، تدور على المخالطة والمداخلة. قال ابن فارس رحمه الله في معجم مقاييس اللغة (ج5 ص230): (اللام، والباء، والسين: أصل صحيح واحد يدل على مخالطة ومداخلة). اهـ وقد جاء في القرآن الكريم ما يدل على المخالطة والمداخلة. من ذلك قول الله تعالى: ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) [البقرة:187].
وقول الله تعالى: ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ) [الأعراف:26]. قلت: فالمراد باللباس في قوله تعالى: { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } : ما تستر به العَوَرات من الثياب. [انظر جامع البيان للطبري (ج5 ص146) وتفسير ابن كثير (ج2 ص180) ] .
تعريف اللباس في الاصطلاح:
إذا أطلق العلماء اللباس فإنما يريدون به: ما يستر، ويغطي البدن، سواء كان هذا الستر، وهذه التغطية لأجل ستر العورة، أو لأجل دفع الحر والبرد، أو لأجل الزينة. [انظر الحلي المهداة في لباس المرأة في الصلاة لفوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري] .
العناصر
1- أحكام و آداب اللباس في الإسلام .
2- حكم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في اللباس .
3- النهي عن الإسراف في اللباس .
4- حكم الإسبال في الثياب .
5- ضوابط اللباس في الإسلام .
6- هديه صلى الله عليه وسلم في اللباس .
7- خطر التشبه بأعداء الإسلام .
8- الأمر بتقوى الله وشكره على ما أنعم من الرزق واللباس .
9- صور من اللباس المحرم .
10- الأصل في اللباس الحل .
11- حسن اللباس ليس في الكبر .
الايات
1- قَالَ الله تَعَالَى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَاري سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) [الأعراف: 26].
2- قال تَعَالَى: (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأسَكُمْ) [النحل:81].
الاحاديث
1- عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ؛ فَإنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ) رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
2- عن سَمُرَة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْبَسُوا البَيَاضَ؛ فَإنَّهَا أطْهَرُ وَأطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ) رواه النسائي والحاكم، وقال: (حديث صحيح).
3- عن البراءِ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعاً، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأيْتُ شَيْئاً قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
4- عن أَبي جُحَيفَةَ وَهْب بن عبد الله رضي الله عنه، قَالَ: رَأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بِمكّةَ وَهُوَ بالأبْطَحِ في قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدمِ، فَخَرَجَ بِلاَلٌ بِوَضُوئِهِ، فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ، فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعليه حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ، فَتَوَضّأ وَأذَّنَ بِلاَلٌ، فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فَاهُ هاهُنَا وَهَاهُنَا، يقولُ يَمِيناً وَشِمَالاً: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لاَ يُمْنَعُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
(العنَزة) بفتح النون: نحو العُكازَة.
5- عن أَبي رمْثَة رفَاعَةَ التَّيْمِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوبانِ أخْضَرَان. رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح.
6- عن جابر رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاء. رواه مسلم.
7- عن أَبي سعيد عمرو بن حُرَيْثٍ رضي الله عنه، قَالَ: كأنّي أنْظُرُ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. رواه مسلم.
وفي روايةٍ لَهُ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
8- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كُفِّنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثةِ أثْوَاب بيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ.متفقٌ عَلَيْهِ.
(السَّحُولِيَّة) بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين: ثيابٌ تُنْسَبُ إِلَى سَحُول: قَرْيَة باليَمنِ (وَالكُرْسُف): القُطْنُ.
9- وعنها، قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مرَحَّلٌ مِنْ شَعرٍ أسْوَد. رواه مسلم.
(المِرْط) بكسر الميم: وَهُوَ كساءٌ وَ(المُرَحَّلُ) بالحاء المهملة: هُوَ الَّذِي فِيهِ صورةُ رحال الإبل، وهِيَ الأَكْوَارُ.
10- عن المغيرة بن شُعْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ لَيْلَةٍ في مسير، فَقَالَ لي: (أمَعَكَ مَاءٌ؟) قلتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى في سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ فَأفْرَغْتُ عَلَيْهِ مِنَ الإدَاوَةِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أخْرَجَهُمَا مِنْ أسْفَلِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأسِهِ، ثُمَّ أهْوَيْتُ لأَنْزَعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: (دَعْهُمَا فَإنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ) وَمَسحَ عَلَيْهِمَا. متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الكُمَّيْنِ.
وفي رواية: أنَّ هذِهِ القَضِيَّةَ كَانَتْ في غَزْوَةِ تَبُوكَ.
11- عن أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها، قالت: كَانَ أحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم الْقَمِيص. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن).
12- عن أسماءَ بنتِ يزيد الأنصاريَّةِ رَضِيَ الله عنها، قالت: كَانَ كُمُّ قَمِيص رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الرُّسْغِ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن).
13- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رسول الله، إنَّ إزاري يَسْتَرْخِي إِلاَّ أنْ أَتَعَاهَدَهُ، فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّكَ لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلاءَ) رواه البخاري وروى مسلم بعضه.
14- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزاره بَطَراً) متفقٌ عَلَيْهِ.
15- وعنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَا أسْفَل مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإزْارِ فَفِي النار) رواه البخاري.
16- عن أَبي ذر رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) قَالَ: فقَرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثَ مِرار، قَالَ أَبُو ذرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا ! مَنْ هُمْ يَا رسول الله؟ قَالَ: (المُسْبِلُ، وَالمنَّانُ، وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الكاذِبِ) رواه مسلم.
وفي رواية لَهُ: (المُسْبِلُ إزَارَهُ).
17- عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (الإسْبَالُ في الإزار، وَالقَمِيصِ، وَالعِمَامةِ، مَنْ جَرَّ شَيْئاً خُيَلاءَ لَمْ ينْظُرِ الله إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) رواه أَبُو داود والنسائي بإسناد صحيح.
18- عن أَبي جُرَيٍّ جابر بن سُلَيْم رضي الله عنه، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيهِ، لا يَقُولُ شَيْئاً إِلاَّ صَدَرُوا عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قالوا: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلامُ يَا رسول الله – مرّتين – قَالَ: (لاَ تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلامُ، عَلَيْكَ السَّلامُ تَحِيَّةُ المَوْتَى، قُلْ: السَّلامُ عَلَيْكَ) قَالَ: قُلْتُ: أنْتَ رسول اللهِ؟ قَالَ: (أنَا رسول الله الَّذِي إِذَا أصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَه عَنْكَ، وَإِذَا أصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ أَوْ فَلاَةٍ فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ، فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ) قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ. قَالَ: (لاَ تَسُبَّنَ أحَداً) قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرّاً، وَلاَ عَبْداً، وَلاَ بَعِيراً، وَلاَ شَاةً، (ولاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئاً، وأَنْ تُكَلِّمَ أخَاكَ وَأنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ، إنَّ ذَلِكَ مِنَ المَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإنْ أبَيْتَ فَإلَى الكَعْبَينِ، وَإيَّاكَ وَإسْبَالَ الإزَار فَإنَّهَا مِنَ المخِيلَةِ. وَإنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المَخِيلَةَ؛ وَإن امْرُؤٌ شَتَمَكَ وعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلاَ تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ) رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح).
19- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: بينما رَجُلٌ يُصَلَّي مسبلٌ إزَارَهُ، قَالَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذْهَبْ فَتَوَضَّأ) فَذَهَبَ فَتَوَضّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: (اذْهَبْ فَتَوَضّأ) فَقَالَ لَهُ رجُلٌ: يَا رسولَ اللهِ، مَا لَكَ أمَرْتَهُ أنْ يَتَوَضّأَ ثُمَّ سَكَتَّ عَنْهُ؟ قَالَ: (إنّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إزَارَهُ، وَإنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ صَلاَةَ رَجُلٍ مُسْبلٍ) رواه أَبُو داود بإسناد صحيح عَلَى شرط مسلم.
20- عن قيس بن بشر التَّغْلِبيِّ، قَالَ: أخْبَرَني أَبي - وكان جَلِيساً لأَبِي الدرداء - قَالَ: كَانَ بِدمَشْق رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يقال لَهُ سهل بن الْحَنْظَلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلاً مُتَوَحِّداً قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ، إنَّمَا هُوَ صَلاَةٌ، فإذا فَرَغَ فَإنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَتَكْبيرٌ حَتَّى يَأتي أهْلَهُ، فَمَرَّ بنا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبي الدَّرداء، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدرداءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ. قَالَ: بَعَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَقَدِمَتْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَلَسَ في المَجْلِسِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ: لَوْ رَأيْتَنَا حِيْنَ التَقَيْنَا نَحْنُ وَالعَدُوُّ، فَحَمَلَ فُلانٌ وَطَعَنَ، فَقَالَ: خُذْهَا مِنِّي، وَأنَا الغُلاَمُ الغِفَاريُّ، كَيْفَ تَرَى في قَوْلِهِ؟ قَالَ: مَا أرَاهُ إِلاَّ قَدْ بَطَلَ أجْرُهُ. فَسَمِعَ بِذلِكَ آخَرُ، فَقَالَ: مَا أرَى بِذلِكَ بَأساً، فَتَنَازَعَا حَتَّى سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (سُبْحَانَ الله؟ لاَ بَأسَ أنْ يُؤجَرَ وَيُحْمَدَ) فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاء سُرَّ بِذلِكَ، وَجَعَلَ يَرْفَعُ رَأسَهُ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: أأنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نَعَمْ، فما زال يُعِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى إنّي لأَقُولُ لَيَبْرُكَنَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا يَوْماً آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُنْفِقُ عَلَى الخَيْلِ، كَالبَاسِطِ يَدَهُ بالصَّدَقَةِ لاَ يَقْبضُهَا)، ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوماً آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعنَا وَلاَ تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيمٌ الأسَديُّ ! لولا طُولُ جُمَّتِهِ وَإسْبَالُ إزَارِهِ!) فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْماً فَعَجَّلَ، فَأَخَذَ شَفْرَةً فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ، وَرَفَعَ إزارَهُ إِلَى أنْصَافِ سَاقَيْهِ. ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْماً آخَرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْداء: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلاَ تَضُرُّكَ، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إخْوانِكُمْ، فَأصْلِحُوا رِحَالكُمْ، وَأصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأنَّكُمْ شَامَةٌ في النَّاسِ؛ فإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفُحْشَ وَلاَ التَّفَحُّش) رواه أَبُو داود بإسنادٍ حسنٍ، إِلاَّ قيس بن بشر فاختلفوا في توثِيقِهِ وَتَضْعِيفِهِ، وَقَدْ روى لَهُ مسلم.
21- عن أَبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إزْرَةُ المُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَلاَ حَرَجَ – أَوْ لاَ جُنَاحَ – فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ، فمَا كَانَ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَهُوَ في النَّارِ، وَمَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَراً لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ.
22- عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: مررتُ عَلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفي إزَارِي استرخاءٌ، فَقَالَ: (يَا عَبدَ اللهِ، ارْفَعْ إزَارَكَ) فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ: (زِدْ) فَزِدْتُ، فَمَا زِلْتُ أتَحَرَّاهَا بَعْدُ. فَقَالَ بَعْضُ القَوْم: إِلَى أينَ؟ فَقَالَ: إِلَى أنْصَافِ السَّاقَيْنِ. رواه مسلم.
23- وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: (يُرْخِينَ شِبْراً) قالت: إِذَاً تَنْكَشِفُ أقْدَامُهُنَّ. قَالَ: (فَيرخِينَهُ ذِرَاعاً لاَ يَزِدْنَ) رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
24- عن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ تَرَكَ اللِّبَاس تَوَاضُعاً للهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، دَعَاهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى رُؤوسِ الخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أيِّ حُلَلِ الإيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا) رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن).
25- عن عمرو بن شعيب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ يُرَى أثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ) رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن).
26- عن عمر بن الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَلْبَسُوا الحَرِيرَ؛ فَإنَّ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
27- وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ) متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية للبخاري: (مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ في الآخِرَةِ).
قَوْله: (مَنْ لاَ خَلاقَ لَهُ) أيْ: لاَ نَصِيبَ لَهُ.
28- عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
29- عن علي رضي الله عنه، قَالَ: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أخَذَ حَريراً، فَجَعَلَهُ في يَمِينهِ، وَذَهَبَاً فَجَعَلَهُ في شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: (إنَّ هذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أُمّتي) رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ.
30- عن أَبي موسى الأشْعَري رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (حُرِّمَ لِبَاسُ الحَرِير وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لإنَاثِهِمْ) رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
31- عن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: نَهَانَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ نَشْرَبَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وأنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وعَنْ لُبْس الحَريرِ وَالدِّيبَاج، وأنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ. رواه البخاري.
32- عن أنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: رَخَّصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ وعَبْدِ الرَّحْمان بن عَوْفٍ رضي الله عنهما في لُبْس الحَريرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِما. متفقٌ عَلَيْهِ.
33- عن معاوية رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَرْكَبُوا الخَزَّ وَلاَ النِّمَارَ حديث حسن، رواه أَبُو داود وغيره بإسناد حسن.
34- عن أَبي المليح، عن أبيه رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ. رواه أَبُو داود والترمذيُّ والنسائيُّ بأسانِيد صِحَاحٍ.
وفي رواية للترمذي: نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أنْ تُفْتَرَشَ.
35- عن أَبي سعيد الخدْريِّ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوباً سَمَّاهُ باسْمِهِ -عِمَامَةً، أَوْ قَميصاً، أَوْ رِدَاءً- يقولُ: (اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أسْأَلكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ) رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن).
37- عن أنس رضي الله عنه قَالَ: نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَتَزَعْفَرَ الرجُل. متفق عَلَيْهِ.
38- عن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: رأى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: (أُمُّكَ أمَرَتْكَ بِهَذا؟) قلتُ: أَغْسِلُهُمَا؟ قَالَ: (بَلْ أَحْرِقْهُمَا).
وفي رواية، فَقَالَ: (إنَّ هَذَا مِنْ ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا) رواه مسلم.
39- عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
الاثار
1- روي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى جيشه بأذربيجان: " إذا قدمتم من غزاتكم إن شاء الله تعالى فالقوا السراويلات والأقبية، والبسوا الأزر والأردية ".
2- قال النووي: " قوله صلى الله عليه وسلم: (أمك أمرتك بهذا؟) معناه أنَّ هذا من لباس النساء وزيهن وأخلاقهن، وأما الأمر بإحراقهما فقيل: هو عقوبة وتغليظ لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل " غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب.
3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " يحرم لبس الشهرة، وهو ما قصد به الارتفاع، وإظهار الترفع، أو إظهار التواضع والزهد؛ لكراهة السلف لذلك " الإنصاف.
4- قال غير واحد من السلف: " لباس الشهرة مما يزري بصاحبه ويسقط مروءته ".
5- قال شيخ الإسلام: " ويكره تقصير الثوب الساتر عن نصف الساق " شرح العمدة.
6- قال البهوتي: " ويحرم على ذكر وأنثى لبس ما فيه صورة حيوان لحديث أبي طلحة قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب» متفق عليه " كشاف القناع عن متن الإقناع.
7- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وقد فسر قوله صلى الله عليه وسلم "كاسيات عاريات " بأن تكتسي ما لا يسترها فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية! مثل أن تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها، ولا حجم أعضائها لكونه كثيفا واسعاً " مجموع الفتاوى.
8- قال شيخ الإسلام: " لا يجوز لبس ما فيه صور الحيوان من الدواب والطير، ذلك ولا يلبسه الرجل ولا المرأة، ولا يعلق ستر فيه صورة، وكذلك جميع أنواع اللباس، إلا الافتراش، فإنه يجوز افتراشها، هذا قول أكثر أصحابنا، وهو المشهور عن أحمد. قال في رواية صالح: الصورة لا ينبغي لبسها، وقال في رواية الأثرم: وسئل عن الستر يكون عليه صورة قال: لا، وما لم يكن له رأس فهو أهون، وإن كان له رأس فلا " شرح العمدة.
9- وقال رحمه الله : " وإذا تبين أنه لا بد أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يميز بين الرجال والنساء .. ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة ، وإن كان ساتراً كالفراجي -نوع من اللباس الساتر- التي جرت عادة بعض البلاد أن يلبسها الرجال دون النساء، والنهي عن مثل هذا يتغير بتغير العادات، وأما ما كان الفرق عائداً إلى نفس الستر فهذا يؤمر فيه النساء بما كان أستر، ولو قدر أن الفرق يحصل بدون ذلك " مجموع الفتاوى.
10- قال ابن القيم رحمه الله: " فصل في ملابسه صلى الله عليه وسلم:
1. كانت له عمامة تسمى السحاب كساها عليًا، وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة -لباس للرأس مختلف الأنواع والأشكال-، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة، وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه كما رواه مسلم في صحيحه عن عمرو بن حريث قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه.
2. ولبس القميص وكان أحب الثياب إليه وكان كمه إلى الرسغ -هو المفصل الذي بين السعد والكف-.
3. ولبس الجبة والفروج وهو شبه القباء والفرجية، ولبس القباء أيضًا ولبس في السفر جبة ضيقة الكمين.
4. ولبس الإزار والرداء، قال الواقدي: كان رداؤه وبرده طول ستة أذرع في ثلاثة وشبر، وإزاره من نسج عمان طول أربعة أذرع وشبر في عرض ذراعين وشبر.
ولبس حلة حمراء، والحلة: إزار ورداء، ولا تكون الحلة إلا اسمًا للثوبين معًا، وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتًا لا يخالطها غيره وإنما الحلة الحمراء بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمنية وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر، وإلا فالأحمر البحت منهي عنه أشد النهي، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المياثر الحمر.
(والمياثر: قال ابن حجر: قال أبو عبيد: والمياثر الحمر التي جاء النهي عنها كانت من مراكب العجم من ديباج وحرير، وتقييدها بالأحمر أخص من مطلق الحرير، فيمتنع وإن كانت حريرًا، ويتأكد المنع إن كانت مع ذلك حمراء. فتح الباري:10-354. باختصار)
5. ولبس الخميصة (كساء أسود مُرَبّع) المعلمة والساذجة (غير المنقوشة)، ولبس ثوبًا أسود، ولبس الفروة المكفوفة بالسندس (فروة في أطرافها ديباج رقيق).
6. واشترى سراويل والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها، وقد روى في غير حديث أنه لبس السراويل وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه.
7. ولبس الخفين ولبس النعل الذي يسمى "التاسوسة".
8. ولبس الخاتم واختلفت الأحاديث هل كان في يمناه أو يسراه وكلها صحيحة السند.
9. ولبس البيضة التي تسمى الخوذة، ولبس الدرع التي تسمى الزردية وظاهر يوم أحد بين الدرعين.
10. وكان قميصه من قطن وكان قصير الطول قصير الكمين، وأما هذه الأكمام الواسعة الطوال التي هي كالأخراج فلم يلبسها هو ولا أحد من أصحابه البتة وهي مخالفة لسنته وفي جوازها نظر فإنها من جنس الخيلاء.
11. وكان أحب الثياب إليه القميص والحبرة، وهي ضرب من البرود فيه حمرة.
12. وكان أحب الألوان إليه البياض. وقال: هي من خير ثيابكم فالبسوها وكفنوا فيها موتاكم. {رواه أبو داود (3878) والترمذي (994).
13. ولبس خاتمًا من ذهب ثم رمى به، ونهى عن التختم بالذهب ثم اتخذ خاتمًا من فضة ولم ينه عنه، وكان يجعل فص خاتمه مما يلي باطن كفه، وذكر الترمذي أنه كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه. وأنكره أبو داود " زاد المعاد.
11- قال شيخ الإسلام: " كان صلى الله عليه وسلم يلبس القميص والعمامة، ويلبس الإزار والرداء، ويلبس الجبة والفروج (أو الفَرَجِيّة: ثوب واسع طويل الكُمَّين يتزيَّى به علماء الدين)، وكان يلبس من القطن والصوف وغير ذلك، لبس في السفر جبة صوف، وكان يلبس مما يجلب من اليمن وغيرها، وغالب ذلك مصنوع من القطن، وكانوا يلبسون من قباطي مصر وهي منسوجة من الكتان، فسنته في ذلك تقتضي أن يلبس الرجل ويطعم مما يسره الله ببلده من الطعام واللباس؛ وهذا يتنوع بتنوع الأمصار " مجموع الفتاوى.
12- قال العلامة ابن القيم: " وكان هديه في لبسه لما يلبسه؛ أنفع شيء للبدن، فإنه لم يكن يطيل أكمامه ويوسعها، بل كان كم قميصه إلى الرسغ، لا تجاوز اليد، فتشق على لابسها، وتمنعه خفة الحركة والبطش، ولا تقصُرُ عن هذه فتبرز للحر والبرد، وكان ذيل قميصه وإزاره إلى أنصاف الساقين، لم يتجاوز الكعبين، فيؤذي الماشي ويؤوده، ويجعله كالمقيد، ولم يقصر عن عضلة ساقه فتنكشف فيتأذى بالحر والبرد، ولم تكن عمامته بالكبيرة التي يؤذي الرأسَ حملُها ويضعفه، ويجعله عُرضة للضعف والآفات كما يشاهد من حال أصحابها، ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد، بل وسط بين ذلك " زاد المعاد.
13- سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين عما انتشر في الأفراح والزواجات نساء ألبستهن تشمئز الواحدة من رؤيتها فمثلا تلبس المرأة فستانا يظهر جزءا من صدرها وما فوق ذلك يكون عاريا ليس عليه شيء أو ليس عليه ما يستره فما حكم ذلك وما موقف الإنسان إذا رأى مثل هذه الألبسة؟
* فأجاب فضيلته: " حكم هذا التحريم وأنه لا يجوز للمرأة أن تلبس إلا ثياباً فضفاضة واسعة سابغة ولا يحل أن تلبس ضيقا ولا أن تلبس بنطلونا كما بدأ ينتشر بين النساء، البنطلون لا يصح إلا مع الزوج خاصة بشرط أن يكون هذا البنطلون ليس على تفصيل بنطلونات الرجال فإن كان على تفصيل بنطلونات الرجل صار تشبها بالرجال وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال.
وإني أحذر النساء من الانزلاق في هذه الملابس التي تؤدي إلى الفتنة أو إلى التشبه بنساء كافرات وأقول اتقين الله في أنفسكن واتقين الله في ذريتكن واتقين الله في مجتمعكن؛ لأن العقوبة إذا نزلت فليست خاصة بل تعم، نحن الآن في هذه البلاد ولله الحمد في أمن وفي رخاء لكن هل هذا الأمن والرخاء سيبقى مع معصية الله؟ لا والذي أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله قال في كتابه العزيز (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون).
وقال تبارك وتعالى: (أفأمن أهل القرى آن يأتيهم بأسنا بياتا وهمم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) سور الأعراف: 97: 99.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صنفين من أهل النار لم يرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسافة أو مسيرة كذا وكذا.
وهذه الألبسة الضيقة أو القصيرة أو المفتوحة أو الرهيفة هذه تدخل في عموم قوله كاسيات عاريات كما نص على ذلك أهل العلم.
فأحذر أخواتنا من هذه الألبسة وأقول عليكن بهدي السلف الصالح، كان نساء الصحابة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيوتهن يلبسن دروعاً يعني مقاطع تستر ما بين كف اليد إلى كعب الرجل هذا في البيت وإذا خرجت المرأة فكثير منكن يعرف حديث أم سلمة أنها استأذنت من النبي صلى الله عليه وسلم حين رخص لها في جر الذيول أن يكون ذيلها- أي طرف ثوبها- إلى حد الذراع من تحت القدم لأجل أن تستر الرجل ".
14- وسئل فضيلته عن حكم لبس الثياب التي فيها صور؟
* فأجاب رحمه الله: " لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابا فيها صورة حيوان أو إنسان ولا يجوز أيضا أن يلبس غترة أو شماغا أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال:" إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة" ولهذا لا نرى لأحد أن يقتني الصور للذكرى كما يقولون وأن من عنده صور للذكرى فإن الواجب عليه أن يتلفها سواء كان قد وضعها على الجدار أو وضعها في ألبوم أو غير ذلك بقاءها يقتضي حرمان أهل البيت من دخول الملائكة بيتهم وهذا الحديث الذي أشرت عليه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1765 / 54.
15- وسئل فضيلته- وفقه الله- ما حكم لبس العباءة المطرزة أو الطرحة المطرزة وطريقته بأن تضع المرأة العباءة على الكتف ثم تلف الطرحة على رأسها ثم تغطي وجهها مع العلم أن هذه الطرحة ظاهرة للعيان ولم تخفي تحت العباءة فما الحكم في ذلك لأن ذلك قد انتشر كثيرا بين النساء.
* فأجاب: " لا شك أن اللباس المذكور من التبرج بالزينة وقد قال الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى! وقال عز وجل (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) فإذا كان الله عز وجل نهى نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ونهى نساء المؤمنين أن يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن دل ذلك على أن كل ما يكون من الزينة فإنه لا يجوز إظهاره ولا ابداؤه؛ لأنه من التبرج بالزينة، وليعلم أنه كلما كان لباس المرأة أبعد عن الفتنة فإنه أفضل، وأطيب للمرأة، وأدعى إلى خشيتها لله سبحانه وتعالى والتعلق به " مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
16- وسئل الشيخ ابن عثيمين- وفقه الله-: عن حكم شراء مجلات الأزياء للاستفادة منها في موديلات ملابس النساء الجديدة والمتنوعة؟ وما حكم اقتنائها بعد الاستفادة منها وهي مليئة بصورة النساء؟
* فأجاب: " لا شك أن شراء المجلات التي ليس بها إلا صور محرمة؛ لأن اقتناء الصور حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة)، ولأنه لما شاهد الصورة في النمرقة عند عائشة وقف ولم يدخل وعرفت الكراهية في وجهه وهذه المجلات التي تعرض الأزياء يجب أن ينظر فيها فما كل زي يكون حلالا قد يكون هذا الزي متضمنا لظهور العورة إما لضيقه أو لغير ذلك وقد يكون هذا الزي من ملابس الكفار التي يختصون بها والتشبه بالكفار محرم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من تشبه بقوم فهو منهم).
فالذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة ونساء المسلمين خاصة أن يتجنبن هذه الأزياء لأن منها ما يكون تشبها بغير المسلمين ومنها ما يكون مشتملا على ظهور العورة ثم إن تطلع النساء إلى كل زي جديد يستلزم في الغالب أن تنقل عاداتنا التي منبعها ديننا إلى عادات أخرى متلقاة من غير المسلمين " فتاوى المرأة 1/78 جمع المسند.
17- سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: هل يجوز للمرأة لبس الثوب الضيق؟ وهل يجوز لها لبس الثوب الأبيض؟
الجواب: " لا يجوز للمرأة أن تظهر أمام الأجانب أو تخرج إلى الشوارع والأسواق وهي لابسة لباساً ضيقا يحدد جسمها ويصفه لمن يراها؛ لأن ذلك جعلها بمنزلة العارية، ويثير الفتنة، ويكون سبب شر خطير، ولا يجوز لها أن تلبس لباساً أبيض إذا كانت الملابس البيضاء في بلادها من شيما الرجال وشعارهم؛ لما في ذلك من تشبهها بالرجال، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال " فتاوى اللجنة الدائمة.
الدراسات
1- الملابس الضيقة يقول عنها الأطباء بأنها تعذيب لحرية الجسد، وضرر صحي محض للنسج والخلايا الجسمية، وخاصة الجهاز التناسلي، وجهاز الدوران والحركة، وقد أدى اللباس الضيق عند كثير من النساء إلى العقم أو الولادة القيصيرية أو تمزق عنق الرحم، وعلى جهاز الدوران يؤدي اللباس الضيق إلى ارتفاع ضغط الدم نتيجة تضييق مقطع العروق، وعلى جهاز الحركة.
2- الملابس العارية يقول عنها الأطباء: إن الأبحاث في أوروبا أثبتت أن النسبة الكبرى من النساء المصابات بسرطان الجلد كن يعرضن أجسادهن لأشعة الشمس؛ من أجل الحصول على اللون البرونزي.
متفرقات
1- قال النووي في قوله صلى الله عليه وسلم: «أمك أمرتك بهذا؟» معناه أنَّ هذا من لباس النساء وزيهن وأخلاقهن، وأما الأمر بإحراقهما فقيل: هو عقوبة وتغليظ لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل [ غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب] .
2- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يحرم لبس الشهرة، وهو ما قصد به الارتفاع، وإظهار الترفع، أو إظهار التواضع والزهد؛ لكراهة السلف لذلك [ الإنصاف] .
3- قال شيخ الإسلام: ويكره تقصير الثوب الساتر عن نصف الساق [شرح العمدة] .
4- قال البهوتي: ويحرم على ذكر وأنثى لبس ما فيه صورة حيوان لحديث أبي طلحة قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب» متفق عليه [ كشاف القناع عن متن الإقناع] .
5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد فسر قوله صلى الله عليه وسلم «كاسيات عاريات » بأن تكتسي ما لا يسترها فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية! مثل أن تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها، ولا حجم أعضائها لكونه كثيفا واسعاً [مجموع الفتاوى] .
6- قال شيخ الإسلام: لا يجوز لبس ما فيه صور الحيوان من الدواب والطير، ذلك ولا يلبسه الرجل ولا المرأة، ولا يعلق ستر فيه صورة، وكذلك جميع أنواع اللباس، إلا الافتراش، فإنه يجوز افتراشها، هذا قول أكثر أصحابنا، وهو المشهور عن أحمد. قال في رواية صالح: الصورة لا ينبغي لبسها، وقال في رواية الأثرم: وسئل عن الستر يكون عليه صورة قال: لا، وما لم يكن له رأس فهو أهون، وإن كان له رأس فلا [شرح العمدة] .
7- وقال رحمه الله : وإذا تبين أنه لا بد أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يميز بين الرجال والنساء .. ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة ، وإن كان ساتراً كالفراجي -نوع من اللباس الساتر- التي جرت عادة بعض البلاد أن يلبسها الرجال دون النساء، والنهي عن مثل هذا يتغير بتغير العادات، وأما ما كان الفرق عائداً إلى نفس الستر فهذا يؤمر فيه النساء بما كان أستر، ولو قدر أن الفرق يحصل بدون ذلك [مجموع الفتاوى] .
8- قال ابن القيم رحمه الله: فصل في ملابسه صلى الله عليه وسلم: كانت له عمامة تسمى السحاب كساها عليًا، وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة - لباس للرأس مختلف الأنواع والأشكال-، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة، وكان إذا اعتم أرخى عمامته بين كتفيه كما رواه مسلم في صحيحه عن عمرو بن حريث قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه. ولبس القميص وكان أحب الثياب إليه وكان كمه إلى الرسغ -هو المفصل الذي بين السعد والكف-.
ولبس الجبة والفروج وهو شبه القباء والفرجية، ولبس القباء أيضًا ولبس في السفر جبة ضيقة الكمين. ولبس الإزار والرداء، قال الواقدي: كان رداؤه وبرده طول ستة أذرع في ثلاثة وشبر، وإزاره من نسج عمان طول أربعة أذرع وشبر في عرض ذراعين وشبر.
ولبس حلة حمراء، والحلة: إزار ورداء، ولا تكون الحلة إلا اسمًا للثوبين معًا، وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتًا لا يخالطها غيره وإنما الحلة الحمراء بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمنية وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر، وإلا فالأحمر البحت منهي عنه أشد النهي، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المياثر الحمر.
والمياثر: قال ابن حجر: قال أبو عبيد: والمياثر الحمر التي جاء النهي عنها كانت من مراكب العجم من ديباج وحرير، وتقييدها بالأحمر أخص من مطلق الحرير، فيمتنع وإن كانت حريرًا، ويتأكد المنع إن كانت مع ذلك حمراء. [فتح الباري (10-354 ) باختصار] .
ولبس الخميصة (كساء أسود مُرَبّع) المعلمة والساذجة (غير المنقوشة)، ولبس ثوبًا أسود، ولبس الفروة المكفوفة بالسندس (فروة في أطرافها ديباج رقيق) .
واشترى سراويل والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها، وقد روى في غير حديث أنه لبس السراويل وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه. ولبس الخفين ولبس النعل الذي يسمى "التاسوسة".
ولبس الخاتم واختلفت الأحاديث هل كان في يمناه أو يسراه وكلها صحيحة السند. ولبس البيضة التي تسمى الخوذة، ولبس الدرع التي تسمى الزردية وظاهر يوم أحد بين الدرعين. وكان قميصه من قطن وكان قصير الطول قصير الكمين، وأما هذه الأكمام الواسعة الطوال التي هي كالأخراج فلم يلبسها هو ولا أحد من أصحابه البتة وهي مخالفة لسنته وفي جوازها نظر فإنها من جنس الخيلاء.
وكان أحب الثياب إليه القميص والحبرة، وهي ضرب من البرود فيه حمرة. وكان أحب الألوان إليه البياض. وقال: هي من خير ثيابكم فالبسوها وكفنوا فيها موتاكم. [رواه أبو داود (3878) والترمذي (994) ].
ولبس خاتمًا من ذهب ثم رمى به، ونهى عن التختم بالذهب ثم اتخذ خاتمًا من فضة ولم ينه عنه، وكان يجعل فص خاتمه مما يلي باطن كفه، وذكر الترمذي أنه كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه. وأنكره أبو داود [زاد المعاد] .
9- قال شيخ الإسلام: كان صلى الله عليه وسلم يلبس القميص والعمامة، ويلبس الإزار والرداء، ويلبس الجبة والفروج (أو الفَرَجِيّة: ثوب واسع طويل الكُمَّين يتزيَّى به علماء الدين)، وكان يلبس من القطن والصوف وغير ذلك، لبس في السفر جبة صوف، وكان يلبس مما يجلب من اليمن وغيرها، وغالب ذلك مصنوع من القطن، وكانوا يلبسون من قباطي مصر وهي منسوجة من الكتان، فسنته في ذلك تقتضي أن يلبس الرجل ويطعم مما يسره الله ببلده من الطعام واللباس؛ وهذا يتنوع بتنوع الأمصار [مجموع الفتاوى] .
10- قال العلامة ابن القيم: وكان هديه في لبسه لما يلبسه؛ أنفع شيء للبدن، فإنه لم يكن يطيل أكمامه ويوسعها، بل كان كم قميصه إلى الرسغ، لا تجاوز اليد، فتشق على لابسها، وتمنعه خفة الحركة والبطش، ولا تقصُرُ عن هذه فتبرز للحر والبرد، وكان ذيل قميصه وإزاره إلى أنصاف الساقين، لم يتجاوز الكعبين، فيؤذي الماشي ويؤوده، ويجعله كالمقيد، ولم يقصر عن عضلة ساقه فتنكشف فيتأذى بالحر والبرد، ولم تكن عمامته بالكبيرة التي يؤذي الرأسَ حملُها ويضعفه، ويجعله عُرضة للضعف والآفات كما يشاهد من حال أصحابها، ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد، بل وسط بين ذلك [زاد المعاد] .
11- سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين عما انتشر في الأفراح والزواجات نساء ألبستهن تشمئز الواحدة من رؤيتها فمثلا تلبس المرأة فستانا يظهر جزءا من صدرها وما فوق ذلك يكون عاريا ليس عليه شيء أو ليس عليه ما يستره فما حكم ذلك وما موقف الإنسان إذا رأى مثل هذه الألبسة؟ فأجاب فضيلته: حكم هذا التحريم وأنه لا يجوز للمرأة أن تلبس إلا ثياباً فضفاضة واسعة سابغة ولا يحل أن تلبس ضيقا ولا أن تلبس بنطلونا كما بدأ ينتشر بين النساء، البنطلون لا يصح إلا مع الزوج خاصة بشرط أن يكون هذا البنطلون ليس على تفصيل بنطلونات الرجال فإن كان على تفصيل بنطلونات الرجل صار تشبها بالرجال وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال. وإني أحذر النساء من الانزلاق في هذه الملابس التي تؤدي إلى الفتنة أو إلى التشبه بنساء كافرات وأقول اتقين الله في أنفسكن واتقين الله في ذريتكن واتقين الله في مجتمعكن؛ لأن العقوبة إذا نزلت فليست خاصة بل تعم، نحن الآن في هذه البلاد ولله الحمد في أمن وفي رخاء لكن هل هذا الأمن والرخاء سيبقى مع معصية الله؟ لا والذي أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله قال في كتابه العزيز (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) . وقال تبارك وتعالى: (أفأمن أهل القرى آن يأتيهم بأسنا بياتا وهمم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) [سور الأعراف: 97: 99] .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صنفين من أهل النار لم يرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسافة أو مسيرة كذا وكذا. وهذه الألبسة الضيقة أو القصيرة أو المفتوحة أو الرهيفة هذه تدخل في عموم قوله كاسيات عاريات كما نص على ذلك أهل العلم. فأحذر أخواتنا من هذه الألبسة وأقول عليكن بهدي السلف الصالح، كان نساء الصحابة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيوتهن يلبسن دروعاً يعني مقاطع تستر ما بين كف اليد إلى كعب الرجل هذا في البيت وإذا خرجت المرأة فكثير منكن يعرف حديث أم سلمة أنها استأذنت من النبي صلى الله عليه وسلم حين رخص لها في جر الذيول أن يكون ذيلها- أي طرف ثوبها- إلى حد الذراع من تحت القدم لأجل أن تستر الرجل .
12- وسئل فضيلته عن حكم لبس الثياب التي فيها صور؟ فأجاب رحمه الله: " لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابا فيها صورة حيوان أو إنسان ولا يجوز أيضا أن يلبس غترة أو شماغا أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال:" إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة" ولهذا لا نرى لأحد أن يقتني الصور للذكرى كما يقولون وأن من عنده صور للذكرى فإن الواجب عليه أن يتلفها سواء كان قد وضعها على الجدار أو وضعها في ألبوم أو غير ذلك بقاءها يقتضي حرمان أهل البيت من دخول الملائكة بيتهم وهذا الحديث الذي أشرت عليه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم [فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1765 / 54] .
13- وسئل فضيلته- وفقه الله- ما حكم لبس العباءة المطرزة أو الطرحة المطرزة وطريقته بأن تضع المرأة العباءة على الكتف ثم تلف الطرحة على رأسها ثم تغطي وجهها مع العلم أن هذه الطرحة ظاهرة للعيان ولم تخفي تحت العباءة فما الحكم في ذلك لأن ذلك قد انتشر كثيرا بين النساء. فأجاب: " لا شك أن اللباس المذكور من التبرج بالزينة وقد قال الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى! وقال عز وجل (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) فإذا كان الله عز وجل نهى نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ونهى نساء المؤمنين أن يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن دل ذلك على أن كل ما يكون من الزينة فإنه لا يجوز إظهاره ولا ابداؤه؛ لأنه من التبرج بالزينة، وليعلم أنه كلما كان لباس المرأة أبعد عن الفتنة فإنه أفضل، وأطيب للمرأة، وأدعى إلى خشيتها لله سبحانه وتعالى والتعلق به [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين] .
14- وسئل الشيخ ابن عثيمين- وفقه الله-: عن حكم شراء مجلات الأزياء للاستفادة منها في موديلات ملابس النساء الجديدة والمتنوعة؟ وما حكم اقتنائها بعد الاستفادة منها وهي مليئة بصورة النساء؟ فأجاب: لا شك أن شراء المجلات التي ليس بها إلا صور محرمة؛ لأن اقتناء الصور حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة)، ولأنه لما شاهد الصورة في النمرقة عند عائشة وقف ولم يدخل وعرفت الكراهية في وجهه وهذه المجلات التي تعرض الأزياء يجب أن ينظر فيها فما كل زي يكون حلالا قد يكون هذا الزي متضمنا لظهور العورة إما لضيقه أو لغير ذلك وقد يكون هذا الزي من ملابس الكفار التي يختصون بها والتشبه بالكفار محرم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من تشبه بقوم فهو منهم) . فالذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة ونساء المسلمين خاصة أن يتجنبن هذه الأزياء لأن منها ما يكون تشبها بغير المسلمين ومنها ما يكون مشتملا على ظهور العورة ثم إن تطلع النساء إلى كل زي جديد يستلزم في الغالب أن تنقل عاداتنا التي منبعها ديننا إلى عادات أخرى متلقاة من غير المسلمين [فتاوى المرأة 1/78 جمع المسند] .
15- سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: هل يجوز للمرأة لبس الثوب الضيق؟ وهل يجوز لها لبس الثوب الأبيض؟ الجواب: لا يجوز للمرأة أن تظهر أمام الأجانب أو تخرج إلى الشوارع والأسواق وهي لابسة لباساً ضيقا يحدد جسمها ويصفه لمن يراها؛ لأن ذلك جعلها بمنزلة العارية، ويثير الفتنة، ويكون سبب شر خطير، ولا يجوز لها أن تلبس لباساً أبيض إذا كانت الملابس البيضاء في بلادها من شيما الرجال وشعارهم؛ لما في ذلك من تشبهها بالرجال، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال " فتاوى اللجنة الدائمة.
الإحالات
1- الآداب – البيهقي تحقيق عبد القدوس نذير ص 251 مكتبة الرياض الطبعة الأولى 1407 .
2- أدب الدنيا والدين – الماوردي تحقيق مصطفى السقا ص 337 دار الكتب العلمية .
3- بهجة المجالس وأنس المجالس القرطبي 3/57 دار الكتب العلمية .
4- ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصغير وزيادته – عوني الشريف، علي حسن عبد الحميد 3/280 مكتبة المعارف الطبعة ألولى 1407 .
5- تلبيس إبليس – أبو الفرج بن الجوزي ص 191 دار الكتب العلمية الطبعة الثانية 1368 .
6- تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين – ابن النحاس ص 333 الطبعة الثالثة 1407 .
7- جامع الأصول – ابن الثير 10/630 الرئاسة العامة 1392 .
8- زاد المعاد في خير هدي العباد – ابن القيم تحقيق الأرناؤوط 1/142، 4/237 مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1399 .
9- الضياء اللامع من الخطب الجوامع – ابن عثيميين ص 415 الرئاسة العامة الطبعة الثانية 1400 .
10- عيون الأخبار – ابن قتيبة تحقيق يوسف طويل 1/413 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 .
11- غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب السفاريني 2/161 مؤسسة قرطبة .
12- فتح الباري – ابن حجر 10/252 دار الفكر .
13- كشاف تحليلي – مشهور سلمان ، جمال الدسوقي ص 266 مكتبة الصديق الطبعة الأولى 1408 .
14- كتاب الورع – أحمد بن حنبل تحقيق زينب القاروط ص 176 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1403 .
15- اللباس والزينة من السنة المطهرة – محمد عبد الحكيم القاضي دار الحديث الطبعة الأولى 1409 .
16- اللباس والزينة في الشريعة الإسلامية – محمد عبد العزيز عمرو مؤسسة الرسالة دار الفرقان الطبعة الثانية 1405 .
17- مختصر الشمائل المحمدية – الألباني ص 46 المكتبة الإسلامية الطبعة الأولى 1405 .