كنز

2022-10-11 - 1444/03/15

التعريف

الكنز لغة:

الكنز مصدر مأخوذ من مادّة (ك ن ز) الّتي تدلّ على تجمّع في شيء، من ذلك ناقة كناز اللّحم أي مجتمعة، وكنزت التّمر في وعائه أكنزه، وكنزت الكنز أكنزه [مقاييس اللغة (5/ 141) ] .

يقول الجوهريّ: الكنز المال المدفون، وقد كنّزته أكنزه، واكتنز الشّيء اجتمع وامتلأ [تهذيب اللغة (10/ 98) ] .

ويقال: كنزت البرّ في الجراب فاكتنز، ويقال: شددت كنز القربة إذا ملأتها، ورجل مكتنز اللّحم وكنيز اللّحم [الصحاح (3/ 893) ] .

الكنز: اسم للمال إذا أحرز في وعاء، ولما يحرز فيه، ويقال: كنزه يكنزه كنزا واكتنزه، وفي الحديث: «أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض» قال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد: إسناده صحيح على شرط مسلم (22447) ] ، قال العلاء بن عمرو الباهليّ: الكنز: الفضّة في قوله

كأنّ الهبرقيّ غدا عليها *** بماء الكنز ألبسه قراها

قال: وتسمّي العرب كلّ كثير مجموع يتنافس فيه كنزا. وفي الحديث: «ألا أعلّمك كنزا من كنوز الجنّة: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه»[صحيح ، ابن ماجة ( 3824 )]، وفي رواية: «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه كنز من كنوز الجنّة»[قال شعيب الأرنؤوط في مسند أحمد : إسناده صحيح على شرط الشيخين(21424) ] أي أجرها مدّخر لقائلها والمتّصف بها كما يدّخر الكنز، وفي التّنزيل العزيز: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) [التوبة: 34].

قال الطّبريّ، اختلف أهل العلم في معنى الكنز: فقال بعضهم: هو كلّ مال وجبت فيه الزّكاة فلم تؤدّ زكاته، وقيل: كلّ ما زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز أدّيت فيه الزّكاة أو لم تؤدّ ... وقيل الكنز كلّ ما فضل بعد المال عن حاجة صاحبه إليه والأصحّ في ذلك ما روي عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- أنّ كلّ مال أدّيت زكاته فليس بكنز، ولا يحرم اكتنازه وإن كثر، وكلّ مال لم تؤدّ زكاته فصاحبه مكتنز معاقب مستحقّ وعيد اللّه- إلّا أن يتفضّل عليه بعفوه- وإن قلّ إذا كان ممّا يجب فيه الزّكاة [جامع البيان (6/ 357- 359) بتصرف ] .

وقال القرطبيّ: الكنز أصله في اللّغة: الضّمّ والجمع، ولا يختصّ ذلك بالذّهب والفضّة، وقيل: الكنز كلّ شيء مجموع بعضه إلى بعض في بطن الأرض كان أو على ظهرها، قال ابن عمر: من كنزها فلم يؤدّ زكاتها فويل له، إنّما كان هذا قبل أن تنزل الزّكاة، فلمّا أنزلت جعلها اللّه طهرا للأموال، وقيل: الكنز ما لم تؤدّ منه الحقوق العارضة، كفكّ الأسير، وإطعام الجائع وغير ذلك وقيل: الكنز لغة: المجموع من النّقدين، وغيرهما من المال محمول عليهما بالقياس، وقيل:

المجموع منهما ما لم يكن حليّا، لأنّ الحليّ مأذون في اتّخاذه ولا حقّ فيه، والصّحيح ما بدأنا بذكره، وأنّ ذلك كلّه يسمّى كنزا لغة وشرعا واللّه أعلم [القرطبي (4/ 81) ] .

ويقال: كنز الإنسان مالا يكنزه. وكنزت السّقاء إذا ملأته، ويرى ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- في قوله تعالى في الكهف: (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) [الكهف: 82] قال: ما كان ذهبا ولا فضّة ولكن كان علما وصحفا. وروي عن عليّ- رضي اللّه عنه- أنّه قال: أربعة آلاف وما دونها نفقة، وما فوقها كنز.

والكنز في الأصل المال المدفون تحت الأرض فإذا أخرج منه الواجب عليه لم يبق كنزا وإن كان مكنوزا (أي مختبئا).

والكنّاز: المبالغ في كنز الذّهب والفضّة وادّخارهما وترك إنفاقهما في أبواب البرّ.

وكنز الشّيء في الوعاء والأرض يكنزه كنزا: غمره بيده، وشدّ كنز القربة: ملأها، وقد يستعمل الكنز اسما للشّيء المكتنز. فيقال: هذا كنز عظيم أو كبير وما أشبه ذلك، ويرادفه «الخبيئة» بمعنى المخبوءة وهي كلّ شيء ثمين خبّيء في الأرض [لسان العرب (7/ 3937)، المصباح المنير (2/ 541- 542) ] .

الكنز اصطلاحا:

قال المناويّ: الكنز: جمع المال بعضه على بعض وادّخاره، وقيل: المال المدفون وقد صار في الدّين (الشّرع) اسما لكلّ مال لم يخرج منه الواجب وإن لم يكن مدفونا [التوقيف (284) ] .

وقال الكفويّ: كلّ مال لم تؤدّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا، وكلّ مال أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا [الكليات (741) بتصرف] . وقيل: كلّ ما زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز، أدّيت منه الزّكاة أو لم تؤدّها، وما دونه نفقة [الكليات (742) بتصرف] ..

وقد يستعمل الكنز في معنى الشّيء المكنوز ويصبح معناه الاصطلاحيّ حينئذ: المال الموضوع في الأرض، قاله الجرجانيّ [انظر التعريفات (157) ] .

 

العناصر

1- فضل إنفاق المال .

 

 

2- كل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة .

 

 

3- فهم السلف لحقيقة الدنيا .

 

 

4- تقصير بعض الأغنياء في إخراج حقوق الفقراء .

 

 

5- مظاهر ترف في مجتمعنا يتنافس فيها حتى الفقراء .

 

 

6- تقوى الله أعظم كنز يملكه العبد في الدنيا .

 

الايات

1- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة: 34- 35] .

 

 

2- قوله تعالى: (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) [القصص: 76] .

 

 

3- قوله تعالى: (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) [هود: 12] .

 

 

4- قوله تعالى: (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ) [الكهف: 82] .

 

 

5- قوله تعالى: (وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً * أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً ) [الفرقان: 7- 8] .

 

 

6- قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ * إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ * فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ * كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء: 52- 62] .

 

الاحاديث

1- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقّها إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قطّ. وقعد لها بقاع قرقر، تستنّ عليه بقوائمها وأخفافها. ولا صاحب بقر لا يفعل فيها حقّها، إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت. وقعد لها بقاع قرقر. تنطحه بقرونها وتطؤه بقوائمها. ولا صاحب غنم لا يفعل فيها حقّها. إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت. وقعد لها بقاع قرقر. تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، ليس فيها جمّاء  ولا منكسر قرنها. ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقّه. إلّا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع. يتبعه فاتحا فاه. فإذا أتاه فرّ منه. فيناديه: خذ كنزك الّذي خبأته. فأنا عنه غنيّ. فإذا رأى أن لا بدّ منه. سلك يده  في فيه فيقضمها قضم الفحل » [مسلم (988) ] .

 

 

2- عن الأحنف بن قيس قال: قدمت المدينة، فبينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش  إذ جاء رجل أخشن الثّياب أخشن الجسد، أخشن الوجه. فقام عليهم  فقال: بشّر الكانزين  برضف يحمى عليه  في نار جهنّم، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم. حتّى يخرج من نغض كتفيه  ويوضع على نغض كتفيه، حتّى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل. قال:

فوضع القوم رؤسهم، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا. قال: فأدبر، واتّبعته حتّى جلس إلى سارية. فقلت: ما رأيت هؤلاء إلّا كرهوا ما قلت لهم. قال: إنّ هؤلاء لا يعقلون شيئا، إنّ خليلي أبا القاسم صلّى اللّه عليه وسلّم دعاني فأجبته. فقال: «أترى أحدا؟» فنظرت ما عليّ من الشّمس  وأنا أظنّ أنّه يبعثني في حاجة له فقلت: أراه. فقال: «ما يسرّني أنّ لي مثله ذهبا  أنفقه كلّه إلّا ثلاثة دنانير» ثمّ هؤلاء يجمعون الدّنيا لا يعقلون شيئا. قال: قلت: مالك ولإخوتك من قريش، لا تعتريهم  وتصيب منهم. قال: لا. وربّك لا أسألهم عن دنيا  ولا أستفتيهم عن دين حتّى ألحق باللّه ورسوله.[البخاري- الفتح 3 (1407)، مسلم (992) واللفظ له] .

 

 

3- عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: أقبل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ باللّه أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلّا أخذوا بالسّنين وشدّة المئونة وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد اللّه وعهد رسوله، إلّا سلّط اللّه عليهم عدوّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب اللّه، ويتخيّروا ممّا أنزل اللّه إلّا جعل اللّه بأسهم بينهم» [ابن ماجة (4019) واللفظ له. وقال في الزوائد: هذا حديث صالح للعمل به، والحاكم (4/ 540) وقال: صحيح ووافقه الذهبي والمنذرى (2/ 568- 570)، وذكره الألباني في صحيح الجامع (6/ 306) رقم (7855). والصحيحة (1/ 167- 168) رقم (106) وعزاه أيضا إلي الحلية ومسند الرويانى] .

 

 

4- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعط فيها حقّها، تطؤه بأخفافها. وتأتي الغنم على صاحبها خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقّها تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها».قال: «ومن حقّها أن تحلب على الماء»، قال: «ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار فيقول: يا محمّد. قأقول: لا أملك لك شيئا، قد بلّغت.ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول: يا محمّد.فأقول: لا أملك لك شيئا، قد بلّغت» [البخاري- الفتح (3/ 1402) ] .

 

 

5- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي منها حقّها  إلّا إذا كان يوم القيامة، صفّحت له صفائح  من نار  فأحمي عليها في نار جهنّم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلّما بردت  أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد فيرى سبيله ، إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» قيل: يا رسول اللّه: فالإبل؟ قال: «ولا صاحب إبل لا يؤدّي منها حقّها، ومن حقّها حلبها  يوم وردها إلّا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر  أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلا واحد، تطؤه بأخفافها وتعضّه بأفواهها، كلّما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها  في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتّى يقضى بين العباد. فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» قيل: يا رسول اللّه، البقر والغنم؟ قال: «ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدّي منها حقّها إلّا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا، ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء  تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها  كلّما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. حتّى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار» قيل: يا رسول اللّه فالخيل؟ قال: «الخيل ثلاثة هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر، فأمّا الّتي هي له وزر  فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء على أهل الإسلام  فهي له وزر، وأمّا الّتي هي له ستر، فرجل  ربطها في سبيل اللّه  ثمّ لم ينس حقّ اللّه في ظهورها ولا رقابها، فهي له ستر. وأمّا الّتي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل اللّه لأهل الإسلام، في مرج وروضة فما أكلت من ذلك المرج والرّوضة من شيء إلّا كتب له عدد ما أكلت، حسنات وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات ولا تقطع طولها فاستنّت شرفا أو شرفين  إلّا كتب اللّه له عدد آثارها وأرواثها حسنات. ولا مرّ بها صاحبها على نهر فشربت منه ولا يريد أن يسقيها إلّا كتب اللّه له عدد ما شربت حسنات» قيل: يا رسول اللّه فالحمر ؟ قال: ما أنزل علىّ في الحمر شيء إلّا هذه الآية الفاذّة الجامعة: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 7، 8] [البخاري- الفتح 3 (1402- 1403)، مسلم (987) واللفظ له] .

 

 

6- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلّا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللّهمّ أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللّهمّ أعط ممسكا تلفا»[ البخاري- الفتح 3 (1442)، مسلم (1010) واللفظ له] .

 

 

7- عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «في كلّ إبل سائمة في كلّ أربعين ابنة لبون، لا يفرّق إبل عن حسابها. من أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن أبى فإنّا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربّنا  لا يحلّ لآل محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم منها شيء»[النسائي (5/ 15- 17)، وقال الألبانى (2/ 514): حسن، وأبو داد (1575)، أحمد (5/ 2، 4) وهو في جامع الأصول وقال محققه: إسناده حسن (4/ 595) ] .

 

 

8- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من آتاه اللّه مالا فلم يؤدّ زكاته مثّل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة ثمّ يأخذ بلهزمتيه- يعني شدقيه- ثمّ يقول: أنا مالك، أنا كنزك ثمّ تلا (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ... الآية) [آل عمران: 180][البخاري- الفتح 3 (1403) ] .

 

 

9- عن أبي ذرّ- رضي اللّه عنه- أنّه قال: انتهيت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو جالس في ظلّ الكعبة فلمّا رآني قال: «هم الأخسرون وربّ الكعبة!» قال:فجئت حتّى جلست، فلم أتقارّ  أن قمت، فقلت: يا رسول اللّه فداك أبي وأمّي  من هم؟ قال: «هم الأكثرون أموالا، إلّا من قال هكذا وهكذا وهكذا (من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله) وقليل ما هم، ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدّي زكاتها إلّا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلّما نفدت أخراها عادت عليه أولاها، حتّى يقضى بين النّاس»[ البخاري- الفتح 11 (6638)، مسلم (990) واللفظ له] .

 

 

10- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّه قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عمر على الصّدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعبّاس عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما ينقم ابن جميل إلّا أنّه كان فقيرا فأغناه اللّه، وأمّا خالد فإنّكم تظلمون خالدا. قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل اللّه، وأمّا العبّاس فهي عليّ. ومثلها معها» ثمّ قال: «يا عمر! أما شعرت أنّ عمّ الرّجل صنو أبيه»[البخاري- الفتح 3 (1468)، مسلم (983) واللفظ له] .

 

الاثار

1- قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: أيّما مال أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا في الأرض، وأيّما مال لم تؤدّ زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه الأرض.[تفسير ابن كثير (2/ 364) ] .

 

 

2- قال أحمد بن شبيب بن سعيد: حدّثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن خالد بن سليم قال: خرجنا مع عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما-، فقال أعرابيّ: أخبرني عن قول اللّه: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [التوبة: 34] قال ابن عمر- رضي اللّه عنهما-: من كنزها فلم يؤدّ زكاتها فويل له، إنّما كان هذا قبل أن تنزل الزّكاة، فلمّا أنزلت جعلها اللّه طهرا للأموال.[البخاري- الفتح 3 (1404) ] .

 

 

3- عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- أنّه قال: والّذي لا إله غيره لا يكوى عبد يكنز فيمسّ دينار دينارا ولا درهم درهما، ولكن يوسّع جلده فيوضع كلّ دينار ودرهم على حدته.[تفسير ابن كثير (2/ 365) ] .

 

 

4- عن زيد بن وهب قال: مررت بالرّبذة فإذا أنا بأبي ذرّ- رضي اللّه عنه-. فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشّام فاختلفت أنا ومعاوية في: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ] [التوبة: 34] قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان- رضي اللّه عنه- يشكوني فكتب إليّ عثمان أن اقدم المدينة، فقدمتها، فكثر عليّ النّاس حتّى كأنّهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحّيت فكنت قريبا فذاك الّذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمّروا عليّ حبشيّا لسمعت وأطعت.[البخاري- الفتح 3 (1406) ] .

 

 

5- دخل الحسن البصريّ على عبد اللّه بن الأدهم يعوده في مرضه، فرآه يصوّب بصره في صندوق في بيته ويصعّده، ثمّ قال: أبا سعيد، ما تقول في مائة ألف في هذا الصّندوق، لم أؤدّ منها زكاة، ولم أصل منها رحما؟ قال: ثكلتك أمّك، ولمن كنت تجمعها؟ قال: لروعة الزّمان، وجفوة السّلطان، ومكاثرة العشيرة. ثمّ مات، فشهده الحسن فلمّا فرغ من دفنه. قال: انظروا إلى هذا المسكين، أتاه شيطانه فحذّره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة عشيرته. عمّا رزقه اللّه إيّاه وغمره فيه، انظروا كيف خرج منها مسلوبا محروبا. ثمّ التفت إلى الوارث فقال: أيّها الوارث لا تخدعنّ كما خدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالا فلا يكوننّ عليك وبالا، أتاك عفوا صفوا ممّن كان له جموعا منوعا، من باطل جمعه، ومن حقّ منعه، قطع فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، لم تكدح فيه بيمين، ولم يعرق لك فيه جبين. إنّ يوم القيامة يوم ذو حسرات، وإنّ من أعظم الحسرات غدا أن ترى مالك في ميزان غيرك، فيالها عثرة لا تقال، وتوبة لا تنال.[تفسير ابن كثير (2/ 351) ] .

 

الاشعار

1- قال الشافعي رحمه الله:

 

وإن القناعة كنز الغنى *** فصرت بأذيالها ممسك

 

 

فلا ذا يراني على بابه *** ولا ذا يراني به منهمك

 

 

وصرت غنيا بلا درهم *** أمر على الناس شبه الملك

 

متفرقات

1- قال ابن كثير- رحمه اللّه تعالى- في معنى قوله تعالى: (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) [التوبة: 35] أي يقال لهم هذا الكلام تبكيتا وتقريعا وتهكّما كما في قوله تعالى: (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ* ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان: 48- 49] أي هذا بذاك وهذا الّذي كنتم تكنزون لأنفسكم، ولهذا يقال: من أحبّ شيئا وقدّمه على طاعة اللّه عذّب به، وهؤلاء لمّا كان جمع هذه الأموال آثر عندهم من رضا اللّه عنهم عذّبوا بها، كما أنّ هذه الأموال لمّا كانت أعزّ الأموال على أربابها كانت أشرّ الأشياء عليهم في الدّار الآخرة فيحمى عليها في نار جهنّم، وناهيك بحرّها فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. [تفسير ابن كثير (2/ 351) ] .

الإحالات

1- الإمامة والرد على الرافضة أبو نعيم الأصبهاني سنة الولادة 336هـ/ سنة الوفاة 430 هـ تحقيق د. علي بن محمد بن ناصر الفقيهي الناشر مكتبة العلوم والحكم سنة النشر 1415هـ - 1994م مكان النشر المدينة المنورة / السعودية (1/322) .

2- معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول المؤلف : حافظ بن أحمد حكمي الناشر : دار ابن القيم – الدمام الطبعة الأولى ، 1410 – 1990 تحقيق : عمر بن محمود أبو عمر (2/629) .

3- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت – لبنان عام النشر : 1415 هـ - 1995 مـ (2/116) .

4- التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور المؤلف : محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان الطبعة : الأولى، 1420هـ/2000م (10/76) .

5- التفسير المنير فى العقيدة والشريعة والمنهج المؤلف : وهبة بن مصطفى الزحيلى الموضوع : فقهى و تحليلى القرن : الخامس عشر الناشر : دار الفكر المعاصر مكان الطبع : بيروت دمشق سنة الطبع : 1418 ق (10/189) .

6- أحكام القرآن لابن العربي المؤلف : محمد بن عبد الله الأندلسي الناشر : دار الكتب العلمية (4/222) .

7- الجامع الصحيح المؤلف : محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله (المتوفى : 256هـ) حسب ترقيم فتح الباري الناشر : دار الشعب – القاهرة الطبعة : الأولى ، 1407 – 1987 (2/133) .

8- مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع المؤلف: محمد بن جميل زينو الناشر: دار الصميعي للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية الطبعة: التاسعة، 1417 هـ - 1997م (1/115) .

9- مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (86/87) .

10- دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ (موضوعات للخطب بأدلتها من القرآن الكريم والسنة الصحيحة) مع ما تيسر من الآثار والقصص والأشعار المؤلف: شحاتة محمد صقر الناشر: جـ1 / دَارُ الفُرْقَان للتُرَاث – البحيرة جـ 2/ دار الخلفاء الراشدين - دار الفتح الإسلامي (الإسكندرية) (1/493) .

11- الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة - مفهوم, ومنزلة, وحِكَمٌ, وفوائد، وأحكام, وشروط, ومسائل المؤلف: د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني الناشر: مركز الدعوة والإرشاد بالقصب الطبعة: الثالثة، 1431 هـ - 2010 م (1/24) .

12- الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها) المؤلف: أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة الناشر: دار الفكر - سوريَّة – دمشق الطبعة: الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة (3/1793) .