كرم

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

وردت مادة (كرِم) فى لسان العرب بعدة معان:

(ا) خوف التقدم- تقول كَرِمَ الرجل كرما فهو كريم إذا هاب التقدم.

(ب) على الاكثار من الطعام حتى ما يشتهى أن يعاد إليه، تقول: أكرمت عن الطعام وأقهمت، وأزهمت إذا أكثرت منه حتى لا تشتهى أن تعود إليه.

(ج) القصر فى الأطراف والأعضاء- كقصر فى الأنف قبيح، وقصر فى الأصابع شديد، والكرم فى الأذن والأنف والشفة واللحى واليد والفم والقدم: القصر والتقلص، والعرب تقول للرجل البخيل أكرم اليد.

(د) السكوت عن الكلام تقول: كرم فلان إذ ضم فاه وسكت، فإذا ضم فاه عن الطعام تقول: أزم يأزم، فالكرم يطلق على السكوت عن الكلام خاصه إذا كان الكلام فى الخير [لسان العرب لابن منظور مادة (كرم) 5/ 3869 – 3870] .

 

واصطلاحا:

سخاء النفس وجودها، وهو كجميع الخلق الإسلامية- وسط بين رذيلتين: البخل والتبذير والكرم سجيه أصيلة عند العرب جاء الإسلام فنمَّاها وأصلها وزكاها وثّبتها فى نفوس أبناء أمته. والذى مكّن هذه السجية الشاهقة فى نفوس الجاهليين ما يلى:

(أ) قسوة الطبيعة التى عاشها العربى وعايشها.

(ب) عسر وسائل الاتصال بالجزيرة آنذاك

(ج) آثار الحروب الدائرة الرحى بين قبائلها المتناثرة.

(د) كرههم الشح، وذمهم البخلاء، يقول قائلهم: وكل كريم يتقى الذم بالقرى وللحق بين الصالحين طريق لعمرك ما ضاقت بلاد بأرضها ولكن أخلاق الرجال تضيق

(هـ) تلذذهم بعمل الجود ذاته لا للثناء عليه، وذاك هو منطقهم: تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذى أنت سائله [انظر موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – مصر] .

العناصر

1- فضل الكرم .

 

 

2- الفرق بين الإسراف و الكرم .

 

 

3- صور من الكرم الزائف .

 

 

4- الكرم صفة من صفات الله تعالى .

 

 

5- الكرم صفة مهمة من صفات القدوات .

 

 

6- صور من كرم النبي صلى الله عليه وسلم .

 

 

7- أَمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعدم التكلف للضيف .

 

 

8- الكرم والإنفاق يحمي من صفة البخل والخوف على الرزق .

 

 

9- من أبرز خصال الكرم، وأنبل أنواع الجود، الإحسان إلى العباد وإيصال النفع إليهم بكل طريق .

 

 

10- الأسباب المعينة على اكتساب صفة الجود والكرم .

 

الايات

1- قَالَ الله تَعَالَى: (هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمَاً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ ألاَ تَأكُلُونَ) [الذاريات:24-27].
2- قال تَعَالَى: (وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ في ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) [هود:78].
3- قَالَ تَعَالَى: (وَمَا أنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) [سبأ:39].
4- قال تَعَالَى: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) [البقرة:272].
5- قال تَعَالَى: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فإنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) [البقرة:273].

الاحاديث

1- عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لا حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ في الحَقّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا ويُعَلِّمُهَا) متفقٌ عَلَيْهِ.
ومعناه: يَنْبَغي أنْ لاَ يُغبَطَ أحَدٌ إِلاَّ عَلَى إحْدَى هَاتَيْنِ الخَصْلَتَيْنِ.
2- وعنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أيُّكُم مَالُ وَارِثِهِ أحبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟) قالوا: يَا رسول اللهِ، مَا مِنَّا أحَدٌ إِلاَّ مَالُهُ أحَبُّ إِلَيْهِ. قَالَ: (فإنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ وَمَالَ وَارِثِهِ مَا أخَّرَ) رواه البخاري.
3- عن عَدِيِّ بن حَاتِمٍ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) متفقٌ عَلَيْهِ.
4- عن جابرٍ رضي الله عنه، قَالَ: مَا سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم شَيْئاً قَطُّ، فقالَ: لاَ. متفقٌ عَلَيْهِ.
5- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبحُ العِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزلانِ، فَيَقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً) متفقٌ عَلَيْهِ.
6- وعنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (قَالَ الله تَعَالَى: أنفِق يَا ابْنَ آدَمَ يُنْفَقْ عَلَيْكَ) متفقٌ عَلَيْهِ.
7- عن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلاً سَألَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) متفقٌ عَلَيْهِ.
8- وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرْبَعُونَ خَصْلَةً: أعْلاهَا مَنِيحةُ العَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بخَصْلَةٍ مِنْهَا؛ رَجَاءَ ثَوَابهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إِلاَّ أدْخَلَهُ الله تَعَالَى بِهَا الجَنَّةَ) رواه البخاري. وقد سبق بيان هَذَا الحديث في باب بَيَانِ كَثْرَةِ طُرُقِ الخَيْرِ.
9- عن أَبي أُمَامَة صُدّيِّ بن عَجْلانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ أن تَبْذُلَ الفَضلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأن تُمْسِكَه شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) رواه مسلم.
10- عن أنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: مَا سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الإسْلاَمِ شَيْئاً إِلاَّ أعْطَاهُ، وَلَقَدْ جَاءهُ رَجُلٌ، فَأعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، أسْلِمُوا فإِنَّ مُحَمَّداً يُعطِي عَطَاءَ مَن لا يَخْشَى الفَقْر، وَإنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُريدُ إِلاَّ الدُّنْيَا، فَمَا يَلْبَثُ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى يَكُونَ الإسْلاَمُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا. رواه مسلم.
11- عن عمر رضي الله عنه، قَالَ: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قَسْماً، فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله، لَغَيْرُ هؤلاَءِ كَانُوا أحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: (إنَّهُمْ خَيرُونِي أنْ يَسألُوني بالفُحْشِ، أَوْ يُبَخِّلُونِي، وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ) رواه مسلم.
554- عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْن، فَعَلِقَهُ الأعْرَابُ يَسْألُونَهُ، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَة، فَخَطِفَت رِدَاءهُ، فَوَقَفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: (أعْطُوني رِدَائي، فَلَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هذِهِ العِضَاهِ نَعَماً، لَقَسَمْتُهُ بَينَكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدُونِي بَخِيلاً وَلاَ كَذّاباً وَلاَ جَبَاناً) رواه البخاري.
(مَقْفَلَهُ) أيْ: حَال رُجُوعِه. وَ(السَّمُرَةُ): شَجَرَةٌ. وَ(العِضَاهُ): شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ.
12- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَال، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزّاً، وَمَا تَواضَعَ أحَدٌ لله إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ عز وجل) رواه مسلم.
13- عن أَبي كبشة عمرو بن سعد الأنماري رضي الله عنه: أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (ثَلاَثَةٌ أُقْسمُ عَلَيْهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثاً فَاحْفَظُوهُ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إِلاَّ زَادَهُ اللهُ عِزّاً، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسألَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقرٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - وَأُحَدِّثُكُمْ حَديثاً فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: (إنَّمَا الدُّنْيَا لأرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلماً، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقَّاً، فَهذا بأفضَلِ المَنَازِلِ. وَعَبْدٍ رَزَقهُ اللهُ عِلْماً، وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مَالاً لَعَمِلتُ بِعَمَلِ فُلانٍ، فَهُوَ بنيَّتِهِ، فأجْرُهُمَا سَوَاءٌ. وَعَبْدٍ رَزَقَهُ الله مَالاً، وَلَمَ يَرْزُقْهُ عِلْماً، فَهُوَ يَخبطُ في مَالِهِ بغَيرِ عِلْمٍ، لاَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلاَ يَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقّاً، فَهذَا بأَخْبَثِ المَنَازِلِ. وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالاً وَلاَ عِلْماً، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ) رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
14- عن عائشة رضي الله عنها: أنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَا بَقِيَ مِنْهَا؟) قالت: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُها. قَالَ: (بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرُ كَتِفِهَا) رواه الترمذي، وقال: (حديث صحيح).
ومعناه: تَصَدَّقُوا بِهَا إِلاَّ كَتِفَها. فَقَالَ: بَقِيَتْ لَنَا في الآخِرَةِ إِلاَّ كَتِفَهَا.
15- عن أسماء بنت أَبي بكرٍ الصديق رضي الله عنهما، قالت: قَالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُوكِي فَيُوكى عَلَيْكِ.
وفي رواية: (أنفقي أَوِ انْفَحِي، أَوْ انْضَحِي، وَلاَ تُحصي فَيُحْصِي اللهُ عَلَيْكِ، وَلاَ تُوعي فَيُوعي اللهُ عَلَيْكِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
وَ(انْفَحِي) بالحاء المهملة، وَهُوَ بمعنى (أنفقي) وكذلك (انْضحي).
16- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يَقولُ: (مَثَل البَخيل وَالمُنْفِقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُنَّتَانِ مِنْ حَديد مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنْفِقُ فَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ سَبَغَتْ - أَوْ وَفَرَتْ - عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ، وَتَعْفُو أثرَهُ، وأمَّا البَخِيلُ، فَلاَ يُريدُ أنْ يُنْفِقَ شَيْئاً إِلاَّ لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوسِّعُهَا فَلاَ تَتَّسِعُ) متفقٌ عَلَيْهِ.
وَ(الجُنَّةُ): الدِّرْعُ؛ وَمَعنَاهُ أنَّ المُنْفِقَ كُلَّمَا أنْفَقَ سَبَغَتْ، وَطَالَتْ حَتَّى تَجُرَّ وَرَاءهُ، وَتُخْفِيَ رِجْلَيْهِ وَأثَرَ مَشْيِهِ وَخطُوَاتِهِ.
17- وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَصَدَّقَ بعَدلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللهُ إِلاَّ الطَّيبَ، فَإنَّ اللهَ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
(الفَلُوُّ) بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، ويقال أيضاً: بكسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف الواو: وَهُوَ المُهْرُ.
18- وعنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتاً في سَحَابَةٍ، اسقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأفْرَغَ مَاءهُ في حَرَّةٍ، فإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَت ذَلِكَ الماءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ المَاءَ، فإذَا رَجُلٌ قَائمٌ في حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الماءَ بِمسحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، ما اسمُكَ؟ قال: فُلانٌ للاسم الذي سَمِعَ في السَّحابةِ، فقال له: يا عبدَ الله، لِمَ تَسْألُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ صَوتْاً في السَّحابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يقولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاسمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا، فَقَالَ: أمَا إذ قلتَ هَذَا، فَإنِّي أنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أنَا وَعِيَالِي ثُلُثاً، وَأردُّ فِيهَا ثُلُثَهُ) رواه مسلم.
(الحَرَّةُ) الأَرْضُ المُلَبَّسَةُ حجَارَةً سَوْدَاءَ. وَ(الشَّرْجَةُ) بفتح الشين المعجمة وإسكان الراءِ وبالجيم: هي مَسِيلُ الماءِ.
19- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ) متفقٌ عَلَيْهِ.
20- عن أَبي شُرَيْح خُوَيْلِدِ بن عَمرو الخُزَاعِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ) قالوا: وَمَا جَائِزَتُهُ؟ يَا رسول الله، قَالَ: (يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية لِمسلمٍ: (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يُقِيمَ عِنْدَ أخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ) قالوا: يَا رسول الله، وَكيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: (يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلاَ شَيْءَ لَهُ يُقْرِيه بِهِ).

الاثار

1- قيل لإبراهيم الخليل -عليه السلام-: بأي شيء اتخذك الله خليلاً؟ قال: " بأني ما خيرت بين أمرين إلا اخترت الذي لله، وما اهتممت لما تكفل لي به، وما تغديت وما تعشيت إلا مع ضيف " الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي.
2- قال علي رضي الله عنه: " اعلم أن أكرم الناس على الناس من كان خيره عليهم فايضاً، وكان عنهم مستغنياً متعففاً، وأكرم الناس عليهم من كان مستعففاً عنهم وإن كان إليهم محتاجاً، فإنما أهل الدنيا يتعقبون الأموال؛ فمن لم يزدحمهم فيما يتعقبونه كرم عليهم، ومن لم يزاحمهم ومكنهم من بعضها كان أعز وأكرم ".
3- قال علي بن الحسين: " من تمام المروءة خدمة الرجل ضيفه " غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب للسفاريني.
4- عن شقيق البلخي: " ليس شيء أحبَّ إليَّ من الضيف؛ لأن رزقه على الله، وأجره لي " سير أعلام النبلاء.
5- قيل: للأحنف ما الجود؟ قال: بذل الندى وكف الأذى، قيل: فما البخل؟ قال: طلب اليسير ومنع الحقير " الآداب الشرعية.
6- قال سفيان الثوري: " إذا زارك أخوك فلا تقل له: أتأكل؟ أو أقدم إليك؟ ولكن قدِّم، فإن أكل وإلا فارفع " إحياء علوم الدين.
7- وقال أيضاً: " عليك بالسخاء تسترِ العورات، ويخففِ الله عليك الحساب والأهوال " حلية الأولياء.
8- قال ابن القيم: " والجود عشر مراتب:
أحدها: الجود بالنفس وهو أعلى مراتبه كما قال الشاعر:
يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود
الثانية: الجود بالرياسة وهو ثاني مراتب الجود فيحمل الجواد جوده على امتهان رياسته والجود بها والإيثار في قضاء حاجات الملتمس.
الثالثة: الجود براحته ورفاهيته وإجمام نفسه فيجود بها تعباوكدا في مصلحة غيره..
الرابعة: الجود بالعلم وبذله وهو من أعلى مراتب الجود والجود به أفضل من الجود بالمال لأن العلم أشرف من المال..
الخامسة: الجود بالنفع بالجاه كالشفاعة والمشي مع الرجل إلى ذي سلطان ونحوه وذلك زكاة الجاه المطالب بها العبد كما أن التعليم وبذل العلم زكاته.
السادسة: الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه..
السابعة: الجود بالعرض كجود أبي ضمضم من الصحابة رضى الله عنهم كان إذا أصبح قال: اللهم إنه لا مال لي أتصدق به على الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي فمن شتمني أو قذفني فهو في حل، فقال النبي: " من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم "
وفي هذا الجود من سلامة الصدر وراحة القلب والتخلص من معاداة الخلق ما فيه.
الثامنة: الجود بالصبر والاحتمال والإغضاء وهذه مرتبة شريفة من مراتبه وهي أنفع لصاحبها من الجود بالمال وأعز له وأنصر وأملك لنفسه وأشرف لها ولا يقدر عليها إلا النفوس الكبار..
التاسعة: الجود بالخلق والبشر والبسطة وهو فوق الجود بالصبر والاحتمال والعفو وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم وهو أثقل ما يوضع في الميزان..
العاشرة: الجود بتركه ما في أيدي الناس عليهم فلا يلتفت إليه ولا يستشرف له بقلبه ولا يتعرض له بحاله ولا لسانه.. " مدارج السالكين.
9- قال ابن عبد البر: " أجمع العلماء على مدح مكرم الضيف، والثناء عليه بذلك وحمده، وأن الضيافة من سنن المرسلين، وأن إبراهيم أول من ضيف الضيف " الإجماع لابن عبد البر.
10- قال الرافعي: " إن السعادة الإنسانية الصحيحة في العطاء دون الأخذ، وإن الزائفة هي الأخذ دون العطاء، وذلك آخر ما انتهت إليه فلسفة الأخلاق " الأسباب المفيدة في اكتساب الأخلاق الحميدة للشيخ محمد الحمد.

القصص

1- في عهد عمر – رضي الله عنه – أصاب الناس قحط وشدة، وكانت قافلة من الشام مكونة من ألف جمل عليها أصناف الطعام واللباس قد حلت لعثمان رضي الله عنه، فتراكض التجار عليه يطلبون أن يبيعهم هذه القافلة، فقال لهم: كم تعطونني ربحاً؟ قالوا خمسة في المائة، قال: إني وجدت من يعطيني أكثر، فقالوا: ما نعلم في التجار من يدفع أكثر من هذا الربح؟! فقال لهم عثمان: إني وجدت من يعطيني على الدرهم سبعمائة فأكثر، إني وجدت الله يقول: (مثلُ الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبّةٍ أنبتت سبعَ سنابل في كُلّ سنبلة مائة حبة، والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) [البقرة:261].
أشهدكم -يا معشر التجار- أن القافلة وما فيها من بُرّ، ودقيق، وزيت، وسمن وهبتها لفقراء المدينة، وإنها صدقة على المسلمين.
2- قال الشيخ عمر بن حسن النيسابوري: سمعت أبا الحسن الزيادي قال: قد حمل إلى عائشة رضي الله عنها مائة ألف درهم، فجعَلَتها في صرراً، وبعثت بها إلى الناس حتى لم يبقَ شيء، وكان جميع من في الدار صياماً، فقالت خادمتها: لو تركت منها درهماً كنا نشتري به إداماً نفطر عليه، فقالت: لو كنت قلت لفعلت.
3- هذا قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما من الأجواد المعروفين حتى إنه مرض مرة فاستبطأ إخوانه في العيادة فسأل عنهم فقالوا: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين، فقال: أخزى الله ما لا يمنع الإخوان من الزيارة، ثم أمر منادياً ينادي: من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة من عاده.
4- كان يزيد بن المهلب مسافراً بصحبة ابنه معاوية، فمرا بامرأة بدوية فاستضافتهما، وذبحت لهما عنزاً، فلما أكلا، قال يزيد لابنه: مامعك من النفقة؟ فقال: مائة دينار، فقال يزيد: أعطها إياها، فقال له ابنه: هذه امرأة فقيرة يرضيها القليل، وهي لا تعرفك، فقال يزيد: إن كان يرضيها القليل فأنا لا يرضيني إلا الكثير، وإن كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي.
5- حُكي عن الإمام الشافعي أنه كان نازلاً عند الزعفراني ببغداد، فكان الزعفراني يكتب في كل رقعة ما يطبخ من الألوان، ويدفعها إلى الجارية، فأخذها الشافعي منها يوماً، وألحق فيها لوناً آخر، فعرف الزعفراني ذلك، فأعتق الجارية؛ سروراً بذلك.

الاشعار

لَنَا الْجَفَنَاتُ الْغُـرُّ يَلْمَعْنَ بِالضُّحَى *** وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْـدَةٍ دَمَا
[حسان بن ثابت]

فَلَوْ لَمْ يَكُـنْ فِي كَفِّـهِ غَيْرُ نَفْسِهِ *** لَجَـادَ بِهَا فَلْيَـتَّـقِ اللهَ سَائِلُـهُ
[زُهير بن أبي سُلْمَى]

يَجُودُّ بِالنَّفْسِ إِذْ ضَنَّ الْبَخِيـلُ بِهَا *** وَالْجُودُ بِالنَّفْسِ أَقْصَى غَايَةِ الْجُودِ
[............]

تِلْكَ الْمَكَارِمُ لا قَعْبَـانِ مِـنْ لَبَنٍ *** شِيبَا بِمَـاءٍ فَعَـادَا بَعْـدُ أَبْوَالاَ
[أبو الصَّلْت بن أبي ربيعة]

فَتًـى كَمُلَتْ خَيْرَاتُـهُ غَيْـرَ أَنَّـهُ *** جَـوَادُ فَمَا يُبْقِي مِنَ الْمَالِ بَاقِيَا
[النابغة الجعدي]

هُوَ الْجَـوادُ الَّذِي يُعْطِيـكَ نَائِلَـهُ *** عَفْـواً وَيُظْلَمُ أَحْيَـانًا فَيَظَّلِـمُ
[زُهير بن أبي سُلْمَى]

وَإِنْ كَثُـرَتْ عُيُوبُـكَ فِـي الْبَرَايَا *** وَسَـرَّكَ أَنْ يَكُـونَ لَهَا غِطَـاءُ
تَسَـتَّـرْ بِالسَّخَـاءِ فَكُـلُّ عَيْـبٍ *** يُغَطِّيـهِ كَمَـا قِيـلَ السَّخَـاءُ
[الشافعي]

تَجُـودُ فَتُجْـزِلُ قَبْـلَ السُّـؤَالِ *** وَكَفُّـكَ أَسْمَـحُ مِـنْ لافِظَـهْ
[.........]

عَلَى قَدْرِ أَهْـلِ الْعَـزْمِ تَأْتِي الْعَزَائِمُ *** وتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الْكِرَامِ الْمَكَـارِمُ
وَتَعْظُمُ فِي عَيْـنِ الصَّغِيـرِ صِغَارُهَا *** وَتَصْغُرُ فِي عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِـمُ
[المتنبي]

ذَرينِي أَكُـنْ لِلْمَالِ رَبًّا وَلا يَكُـنْ *** لِيَ الْمَالُ رَبًّا تَحْمَدِي غِبَّـهُ غَدَا
أَرِينِي جَـوَادًا مَاتَ هَـزْلا لَعَلَّنِـي *** أَرَى مَا تَرَيْنَ أَوْ بَخِيـلاً مُخَلَّـدَا
[حُطَائط بن يعقر]

أَرَانِـي وَلا كُـفْـرَانَ للهِ رَاجِعًـا *** بِخُفَّيْ حُنَينٍ مِنْ نَـوَالِ ابْنِ حَاتِمِ
[ربيعة الرَّقِّي]

وَعَاذِلَـةٍ هَبَّتْ بِلَيْـلٍ تَلُـومُنِـي *** كَأَنِّـي إِذَا أَنْفَقْتُ مَالِي أَضِيمُهَا
أَعَـاذِلَ إِنَّ الْجُـودَ لَيْسَ بِمُهْلِكِي *** وَلا مُخْلِدِ النَّفْسَ الشَّحِيحَةَ لُؤْمُهَا
[هاشم بن حرملة]

فَقِيـرُهُم مُبْـدِي الْغِنَى وَغَنِيُّهُـمْ *** لَـهُ وَرَقٌ للسَّـائِلِيـنَ رَطِيـبُ
[جَزْءَ بن ضِرار]

إِذَا جَادَتْ الدُّنْيَا عَلَيْكَ فَجُـدْ بِهَا *** عَلَـى النَّاسِ طُـرًّا إِنَّهَـا تَتَقَلَّبُ
فَلا الْجُودُ يَفْنِيهَـا إِذَا هِـي أَقْبَلَتْ *** وَلا الْبُخْلُ يُبْقِيهَا إِذَا هِـي تَذْهَبُ
[علي بن أبي طالب]

وَيُظْهِـرُ عَيْبَ الْمَرْءِ فِي النَّاسِ بُخْلُهُ *** وَيَسْتُـرُهُ عَنْهُمْ جَمِيعًـا سَخَاؤُهُ
تَغَـطَّ بِأَثْـوَابِ السَّخَـاءِ فَإِنَّنِـي *** أَرَى كُلَّ عَيْبٍ وَالسَّخَـاءُ غِطَاؤُهُ
[صالح بن عبد القُدُّوس]

وَعَاذِلَـةٍ هَبَّـتْ بِلَيـلٍ تَلُـومُنِي *** وَقَدْ غَـابَ عُيُّـوقُ الثُّرَيَّا وَعَرَّدَا
تَلُومُ عَلَى إِعْطَـائِي الْمَـالَ خِلَّـةً *** إِذَا ظَـنَّ بِالْمَالِ الْبَخِيـلُ وَصَرَّدَا
[حاتم الطائي]

أَعْـطَـاكَ قَـبْـلَ سُـؤَالــِهِ *** فَـكَـفَـاكَ مَكْـرُوهَ السُّـؤَالِ
[أشجع السُّلَمي]
مَا قَالَ: لا قَـطُّ إِلاَّ فِي تَشَـهُّـدِهِ *** لَـوْلا التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاؤُهُ نَعَـمُ
إِذَا رَأَتْـهُ قُـرَيْـشٌ قَـالَ قَائِلُهَـا *** إِلَى مَكَـارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الْكَـرَمُ
[الحزين الليثي]

وَإِنَّ أَحَـقَّ النَّاسِ إِنْ كُنْتَ مَادِحًـا *** بِحَمْدِكَ مَنْ أَعْطَاكَ وَالْعِرضُ وَافِرُ
[أبو الأسود الدؤلي]

لا تَجُـدْ بِالعَطَاءِ فِـي غَيْـرِ حَقٍّ *** لَيْسَ فِي مَنْعِ غَيْرِ ذِي الْحَقِّ بُخْلُ
إِنَّمَا الْجُـودُ أَنْ تَجُـودَ عَلَى مَـنْ *** هُوَ لِلْجُـودِ مِنْـكَ وَالْبَذْلِ أَهْلُ
[صالح بن عبد القُدُّوس]

مَا كَلَّـفَ الله نَفْسًا فَـوقَ طَاقَتِهَا *** وَلا تَجُـودُ يَـدٌ إِلاَّ بِمَا تَجِـدُ
[.............]

يَجُـودُ عَلَيْنَا الْخَيِّـرُونَ بِمَالِهِـمْ *** وَنَحْـنُ بِمَالِ الْخَيِّـرِينَ نَجُـودُ
[..............]

إِذَا كَانَ إِكْرَامِـي صَدِيقِـي وَاجِبًا *** فَإِكْـرَامُ نَفْسِي لا مَحَالَةَ أَوْجَبُ
[المعري]

لَقَلْـعُ ضِـرْسٍ وَضَـرْبُ حَبْـسٍ *** وَنَـزْعُ نَـفْـسٍ وَرَدُّ أَمْــسِ
وَنَـفْـخُ نَـارٍ وَحَـمْـلُ عَـارٍ *** وَبَـيْـعُ دَارٍ بِـرُبْـعِ فِـلْـسِ
وَبَـيْـعُ خُـفٍّ وَعَــدْمُ إِلْـفٍ *** وَضَـرْبُ أَلْفٍ بَحَبْـلَ قَـلْـسِ
أَهْـوَنُ مِـنْ وَقْـفَــةِ الْـحُـرِّ *** يَرْجُـو نَـوَالاً بِبَـابِ نَحْـسِ
[الشافعي]

الـجُودُ وَالْغُـولُ وَالعَنْقَـاءُ ثَالِثَةٌ *** أَسْمَاءُ أَشْيَاءَ لَمْ تُخْلَـقْ وَلَمْ تَكُنِ
[............]

لا خَيْرَ فِيْمَـنْ كَـانَ خَيْـرَ ثَنَائِـهِ *** فِـي النَّاسِ قَـوْلُهُمُ غَنِيٌّ وَاجِـدُ
[صالح بن عبد القُدُّوس]

إِذَا نِلْتُ العَـطِـيَّـةَ بَعْـدَ مَطْـلٍ *** فَلا كَانَتْ وَإِنْ كَانَـتْ جَزِيلَـهُ
[...........]

وَمَـنْ لا يُـعْـطِ إِلاَّ فِـي عِتَابٍ *** يُخَـافُ يَـدَعْ بِهِ النَّاسُ العِتَابَا
[ربيعة بن مقروم الضبّي]

إِنَّ الكَرِيـمَ لَيُخْفِي عَنْكَ عُسْرَتَـهُ *** حَتَّى تَـرَاهُ غَنِيًّا وَهْـوَ مَجْهُودُ
وَلِلْـبَـخِـيـلِ عَلَى أَمْوَالِـهِ عِلَلٌ *** زُرْقُ الْعُيُـونِ عَلَيْهَا أَوْجُـهٌ سُودُ
[حماد بن عَجْرد]

إِنِّي رَأَيْتُ مِـنَ الْمَكَـارِمِ حَسْبَكُمْ *** أَنْ تَلْبَسُـوا خَزَّ الثِّيَابِ وَتَشْبَعُوا
فَـإِذَا تُذُوكِـرَتْ الْمَكَـارِمُ مَـرَّةً *** فِي مَجْلِـسٍ أَنْتُـمْ بِهِ فَتَقَنَّعُـوا
[عبد الرحمن بن حسان]

دَعِ الْمَكَـارِمَ لا تَرْحَـلْ لِبُغْيَتِهَـا *** وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي
[الحُطَيْئَة]

مَتَى تَأْتِـهِ تَعْشُـو إِلَى ضَوءِ نَـارِهِ *** تَجْـدْ خَيْـرَ نَارٍ عِنْدَهَا مُوقِـدِ
[الحُطَيْئَة]

ما جاء في الإحسان
أَحْسِـنْ إِلى النَّـاسِ تَسْتَعْبِدْ قُلُوبَهُمُ *** فَطَالَمَـا اسْتَعْبَـدَ الإِنْسَـانَ إِحْسَانُ
[أبو الفتح البسي]

إِنْ كُنْتَ تَطْلُبُ رُتْبَـةَ الأَشْـرَافِ *** فَعَلَيْـكَ بِـألإِحْسَـانِ والإِنْصَـافِ
[أبو الفتح البستي]

إِذَا كُنْتَ فـي أَمْرٍ فَكُنْ فِيهِ مُحْسِنًا *** فَعَمَّـا قَلِيـلٍ أَنْتَ مـاضٍ وَتَارِكُـه
[.........]

قِيمَـةُ الإِنْسَـانِ مَـا يُحْسِـنُـهُ *** أَكْـثَـرَ الإِنْـسَـانُ مِنْـهُ أَمْ أَقَـلْ
[ابن الوردي]

أَحْسِـنْ إِذَا كَـانَ إِمْكَانُ وَمَقْدِرَةٌ *** فَلَنْ يَـدُومَ عَلَـى الإِحْسَـانِ إِمْكَانُ
[أبو الفتح البستي]

ألا لَيْـتَ حَظِّـي مِنْ عُـذَافَةَ أَنَّهَا *** تُكَفْكِفُ عَنِّـي خَيْـرَهَا وَشُرُورَهَـا
[يزيد بن الحكم]

متفرقات

1- قال ابن القيم: والجود عشر مراتب: أحدها: الجود بالنفس وهو أعلى مراتبه كما قال الشاعر: يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود الثانية: الجود بالرياسة وهو ثاني مراتب الجود فيحمل الجواد جوده على امتهان رياسته والجود بها والإيثار في قضاء حاجات الملتمس. الثالثة: الجود براحته ورفاهيته وإجمام نفسه فيجود بها تعباوكدا في مصلحة غيره.. الرابعة: الجود بالعلم وبذله وهو من أعلى مراتب الجود والجود به أفضل من الجود بالمال لأن العلم أشرف من المال.. الخامسة: الجود بالنفع بالجاه كالشفاعة والمشي مع الرجل إلى ذي سلطان ونحوه وذلك زكاة الجاه المطالب بها العبد كما أن التعليم وبذل العلم زكاته. السادسة: الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه.. السابعة: الجود بالعرض كجود أبي ضمضم من الصحابة رضى الله عنهم كان إذا أصبح قال: اللهم إنه لا مال لي أتصدق به على الناس وقد تصدقت عليهم بعرضي فمن شتمني أو قذفني فهو في حل، فقال النبي: «من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم» وفي هذا الجود من سلامة الصدر وراحة القلب والتخلص من معاداة الخلق ما فيه . الثامنة: الجود بالصبر والاحتمال والإغضاء وهذه مرتبة شريفة من مراتبه وهي أنفع لصاحبها من الجود بالمال وأعز له وأنصر وأملك لنفسه وأشرف لها ولا يقدر عليها إلا النفوس الكبار.. التاسعة: الجود بالخلق والبشر والبسطة وهو فوق الجود بالصبر والاحتمال والعفو وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم وهو أثقل ما يوضع في الميزان.. العاشرة: الجود بتركه ما في أيدي الناس عليهم فلا يلتفت إليه ولا يستشرف له بقلبه ولا يتعرض له بحاله ولا لسانه.. [مدارج السالكين] .

 

2- قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على مدح مكرم الضيف، والثناء عليه بذلك وحمده، وأن الضيافة من سنن المرسلين، وأن إبراهيم أول من ضيف الضيف [ الإجماع لابن عبد البر] .

 

3- قال الرافعي: إن السعادة الإنسانية الصحيحة في العطاء دون الأخذ، وإن الزائفة هي الأخذ دون العطاء، وذلك آخر ما انتهت إليه فلسفة الأخلاق [الأسباب المفيدة في اكتساب الأخلاق الحميدة للشيخ محمد الحمد] .

 

4- قال الماورديّ- رحمه اللّه تعالى-: اعلم أنّ الكريم يجتزى بالكرامة واللّطف، واللّئيم يجتزى بالمهانة والعنف، فلا يجود إلّا خوفا، ولا يجيب إلّا عنفا، كما قال الشّاعر:

رأيتك مثل الجوز يمنع لبّه *** صحيحا ويعطي خيره حين يكسر 

فاحذر أن تكون المهانة طريقا إلى اجتدائك، والخوف سبيلا إلى عطائك، فيجري عليك سفه الطّغام، وامتهان اللّئام، وليكن جودك كرما ورغبة، لا لؤما ورهبة [أدب الدنيا والدين (243- 244)] .

 

5- قال ابن تيميّة- رحمه اللّه تعالى-: إنّ الجميع يتمادحون بالشّجاعة والكرم، حتّى إنّ ذلك عامّة ما تمدح به الشّعراء ممدوحيهم في شعرهم، وكذلك يتذامّون بالبخل والجبن، ثمّ قال: ولمّا كان صلاح بني آدم لا يكون في دينهم ودنياهم إلّا بالشّجاعة والكرم، بيّن اللّه سبحانه أنّه من تولّى عنه بترك الجهاد بنفسه أبدل اللّه به من يقوم بذلك، ومن تولّى عنه بإنفاق ماله أبدل اللّه به من يقوم بذلك. فقال: (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) [محمد: 38] . ثمّ قال رحمه اللّه: وبالشّجاعة والكرم في سبيل اللّه فضّل اللّه السّابقين، فقال: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى) [الحديد: 10]. وقد ذكر الجهاد بالنّفس والمال في سبيله ومدحه في غير آية من كتابه، وذلك هو الشّجاعة والسّماحة في طاعته- سبحانه- وطاعة رسوله [انتهى باختصار من الاستقامة (2/ 263- 270) ] .

 

6- قال ابن حجر- رحمه اللّه تعالى-: لا يقال للرّجل كريم حتّى يظهر ذلك منه، ولمّا كان أكرم الأفعال ما يقصد به أشرف الوجوه، وأشرفها ما يقصد به وجه اللّه تعالى، وإنّما يحصل ذلك من المتّقي. قال اللّه تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ وكلّ فائق في بابه يقال له كريم [الفتح (10/ 457)] .

 

7- قال الشّيخ محمّد بن محمّد الغزّيّ رحمه اللّه تعالى-: من آداب العشرة إيثار الإخوان بالكرامة على نفسه. ثمّ قال: قال أبو عثمان: من عاشر النّاس ولم يكرمهم، وتكبّر عليهم فذلك لقلّة رأيه وعقله، فإنّه يعادي صديقه ويكرّم عدوّه، فإنّ إخوانه في اللّه أصدقاؤه، ونفسه عدوّه [آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة لأبي البركات محمد الغزي (21) ] .

الإحالات

1- الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر 458 هجرية المحقق : عبد الله بن محمد الحاشدي الناشر : مكتبة السوادي – جدة الطبعة : الأولى (1/145) .

2- العظمة المؤلف : عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني أبو محمد الناشر : دار العاصمة – الرياض الطبعة الأولى ، 1408 تحقيق : رضاء الله بن محمد إدريس المباركفوري (2/527) .

3- بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار المؤلف : أبو بكر محمد بن أبي إسحاق إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري المحقق : محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي الناشر : دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان الطبعة : الأولى ، 1420هـ - 1999م (1/68) .

4- فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري المؤلف: سعيد بن علي بن وهب القحطاني أصل الكتاب: رسالة دكتوراه، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الناشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الطبعة: الأولى، 1421هـ (1/ 93، 148) .

5- موسوعة الأخلاق الإسلامية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف (1/170- 188) .

6- الأخلاق الإسلامية وأسسها لعبدالرحمن الميداني (2/ 363 - 365) .

7- نضرة النعيم لمجموعة من الباحثين (8/ 3235) .

8- موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق (قصص تربوية من حياة الأنبياء والصحابة والتابعين والصالحين) المؤلف: ياسر عبد الرحمن الناشر: مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة الطبعة: الأولى، 1428 هـ - 2007 م .

9- أدب الدنيا والدين- الماوردى تحقيق مصطفى السقاط المطبعة العلمية ببيروت ط1.

10- تهذيب الأخلاق. ابن مسكويه- مكتب الحياة بيروت .

11- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – مصر (1/552) .