فطنة

2022-10-05 - 1444/03/09

التعريف

الفطنة لغة:

مصدر فطن للشيء يفطن فطنة وفطانة، قال ابن فارس: الفاء والطّاء والنّون كلمة واحدة تدلّ على ذكاء وعلم بشيء، يقال رجل فطن وفطن (إذا كان ذا فطنة، يقال: فطنت للشّيء وفطنت له، وقال ابن منظور: الفطنة: كالفهم. والفطنة: الحذق والفهم، وقد تفسّر بجودة تهيّؤ النّفس لتصوّر ما يرد عليها من الغير وهي: ضدّ الغباوة. ورجل فطن بيّن الفطنة والفطن. وقد فطن لهذا الأمر- بالفتح- يفطن فطنة. وقد فطن (بالكسر) فطنة وفطانة وفطانية والجمع فطن، والأنثى فطنة. وفطن- بالضّمّ- إذا صارت الفطانة سجيّة له.

وأمّا الفطن فذو فطنة للأشياء. وفطّنه لهذا الأمر تفطينا: فهّمه، ويتعدّى بالتّضعيف فيقال: فطّنته للأمر. وفي المثل: لا يفطّن القارة- أنثى الدّببة- إلّا الحجارة. وفاطنه في الحديث راجعه. قال الرّاعي:

إذا فاطنتنا في الحديث تهزهزت *** إليها قلوب، دونهنّ الجوانح

[ لسان العرب (13/ 323- 324)، والمصباح المنير (2/ 133)، والصحاح (6/ 77/ 21). ومقاييس اللغة لابن فارس (4/ 511) ] .

واصطلاحا:

هي قوّة للنّفس تشمل الحواسّ الظّاهرة والباطنة معدّة لاكتساب العلوم.

وقيل: هي الاستعداد التّامّ لإدراك العلوم والمعارف بالفكر.

وقال الكفويّ: هي التّنبّه للشّيء الّذي يقصد معرفته [التعريفات للجرجاني (108)، والكليات للكفوي (67) ] .

 

العناصر

1- الفرق بين الفهم والفطنة والفقه .

 

 

2- أهمية التعامل مع وسائل الإعلام بفطنة وحذر كبيرين .

 

 

3- إن من فطنة المرء وذكائه أن يحرص على شغل وقته بما هو أهم .

 

 

4- من صفات الداعية أن يكون ذا فطنة وحكمة وقدرة على الإقناع .

 

 

5- الفطنة والإلهام ليس من العلم الباطني .

 

 

6- نماذج من فطنة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته كعمر وجعفر وأبي ذر وعلي وكعب وحذيفة وأم الفضل وغيرهم رضي الله عنهم اجمعين .

 

الايات

1- من مواقف الفطنة في الرسل ما حكاه الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام في حوار مع النمرود قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة البقرة : 258] .

 

2- موسى عليه السلام في حواره مع فرعون يثبت على قوة الحجة وبداهة البينة دون أن يثيره استفزاز فرعون واستخفافه به وقد ذكر الله تعالى ذلك بقوله : ( قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ) [الشعراء : 23-29] .

الاحاديث

1- عن أبي سعيد- رضي اللّه عنه- أنّ رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب، فقال: «صلّ ركعتين». ثمّ جاء الجمعة الثانية والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب فقال: «صلّ ركعتين». ثمّ جاء الجمعة الثّالثة. فقال: «صلّ ركعتين». ثمّ قال: «تصدّقوا». فتصدّقوا فأعطاه ثوبين، ثمّ قال: «تصدّقوا». فطرح أحد ثوبيه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألم تروا إلى هذا إنّه دخل المسجد بهيئة بذّة، فرجوت أن تفطنوا له فتتصدّقوا عليه، فلم تفعلوا فقلت: تصدّقوا فتصدّقتم فأعطيته ثوبين، ثمّ قلت تصدّقوا فطرح أحد ثوبيه، خذ ثوبك» وانتهره.[ النسائي (5/ 63) واللفظ له، باب اذا تصدق وهو محتاج إليه. وأبو داود (1675) وقال الألباني (1469): حسن. وأحمد (3/ 25) ] .

 

 

2- عن جابر- رضي اللّه عنه- قال: انكسفت الشّمس في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم مات إبراهيم ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال النّاس: إنّما انكسفت لموت إبراهيم. فقام النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فصلّى بالنّاس ستّ ركعات بأربع سجدات. بدأ فكبّر. ثمّ قرأ فأطال القراءة. ثمّ ركع نحوا ممّا قام. ثمّ رفع رأسه من الرّكوع، فقرأ قراءة دون القراءة الأولى. ثمّ ركع نحوا ممّا قام. ثمّ رفع رأسه من الرّكوع فقرأ قراءة دون القراءة الثّانية. ثمّ ركع نحوا ممّا قام. ثمّ رفع رأسه من الرّكوع. ثمّ انحدر بالسّجود فسجد سجدتين. ثمّ قام فركع أيضا ثلاث ركعات. ليس فيها ركعة إلّا الّتي قبلها أطول من الّتي بعدها. وركوعه نحوا من سجوده. ثمّ تأخّر، وتأخّرت الصّفوف خلفه. حتّى انتهينا. (وقال أبو بكر: حتّى انتهى إلى النّساء) ثمّ تقدّم، وتقدّم النّاس معه. حتّى قام في مقامه. فانصرف حين انصرف، وقد آضت الشّمس. فقال: «يا أيّها النّاس إنّما الشّمس والقمر آيتان من آيات اللّه. وإنّهما لا ينكسفان لموت أحد من النّاس (وقال أبو بكر: لموت بشر) فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلّوا حتّى تنجلي. ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه. لقد جيء بالنّار. وذلكم حين رأيتموني تأخّرت مخافة أن يصيبني من لفحها. وحتّى رأيت فيها صاحب المحجن يجرّ قصبه  في النّار كان يسرق الحاجّ بمحجنه. فإن فطن له قال: إنّما تعلّق بمحجني. وإن غفل عنه ذهب به. وحتّى رأيت فيها صاحبة الهرّة الّتي ربطتها فلم تطعمها. ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض. حتّى ماتت جوعا.ثمّ جيء بالجنّة. وذلكم حين رأيتموني تقدّمت حتّى قمت في مقامي. ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه. ثمّ بدا لي أن لا أفعل. فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه» [مسلم (904) واللفظ له. وللبخاري نحوه 2 (1046) من حديث عائشة- رضي اللّه عنها-] .

 

 

3- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «ليس المسكين الّذي يطوف على النّاس تردّه اللّقمة واللّقمتان، والتّمرة والتّمرتان، ولكن المسكين الّذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدّق عليه، ولا يقوم فيسأل النّاس» [البخاري- الفتح 3 (1479) واللفظ له. ومسلم (1039) ] .

 

 

4- عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي في رمضان. فجئت فقمت إلى جنبه. وجاء رجل آخر فقام أيضا. حتّى كنّا رهطا. فلمّا حسّ  النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّا خلفه، جعل يتجوّز  في الصّلاة. ثمّ دخل رحله  فصلّى صلاة لا يصلّيها عندنا. قال: قلنا له، حين أصبحنا: أفطنت لنا اللّيلة؟ قال: فقال: «نعم. ذاك الّذي حملني على الّذي صنعت». قال: فأخذ يواصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. وذاك في آخر الشّهر. فأخذ رجال من أصحابه يواصلون. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما بال رجال يواصلون، إنّكم لستم مثلي. أما واللّه لو تمادّ لي الشّهر  لواصلت وصالا يدع المتعمّقون تعمّقهم » [مسلم (1104)، وللبخاري 4 (2012) نحوه من حديث عائشة رضي اللّه عنها-] .

 

 

5- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس، وقال: إنّ اللّه خيّر عبدا بين الدّنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند اللّه. قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن عبد خيّر، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هو المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ أمنّ النّاس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متّخذا خليلا غير ربّي لاتّخذت أبا بكر، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته. لا يبقينّ في المسجد باب إلّا سدّ، إلّا باب أبي بكر» [البخاري- الفتح 7 (3654) واللفظ له. ومسلم (2382) مختصرا. وعند الدارمي (77) بلفظ فطن] .

 

 

6- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّ امرأة من الأنصار، قالت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: كيف أغتسل من المحيض؟ قال: «خذي فرصة ممسّكة، فتوضّئي ثلاثا». ثمّ إنّ النّبيّ استحيا فأعرض بوجهه أو قال:

«توضّئى بها»، فأخذتها فجذبتها فأخبرتها بما يريد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. [البخاري- الفتح 1 (315) واللفظ له. ومسلم (332) ] .

 

 

7- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «اشترى رجل من رجل عقارا له، فوجد الرّجل الّذي اشترى العقار في عقاره جرّة فيها ذهب، فقال له الّذي اشترى العقار: خذ ذهبك منّي، إنّما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذّهب. وقال الّذي له الأرض: إنّما بعتك الأرض وما فيها، فتحا كما إلى رجل، فقال الّذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه، وتصدّقا» [البخاري- الفتح 6 (3472) واللفظ له. ومسلم (1721) ] .

 

 

8- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «بينما امرأتان معهما ابناهما. جاء الذّئب فذهب بابن إحداهما. فقالت هذه لصاحبتها: إنّما ذهب بابنك أنت. وقالت الأخرى: إنّما ذهب بابنك. فتحا كمتا إلى داود. فقضى به للكبرى. فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السّلام. فأخبرتاه. فقال: ائتوني بالسّكّين أشقّه بينكما. فقالت الصّغرى: لا، يرحمك اللّه  هو ابنها. فقضى به للصّغرى». قال: قال أبو هريرة: واللّه إن سمعت بالسّكّين قطّ إلا يومئذ. ما كنّا نقول إلّا المدية » [مسلم (1720) ] .

 

 

9- عن سعد بن أبي وقّاص- رضي اللّه عنه- قال: جاء أعرابيّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال علّمني كلاما أقوله. قال: «قل: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، اللّه أكبر كبيرا، والحمد للّه كثيرا، سبحان اللّه ربّ العالمين، لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العزيز الحكيم». قال: فهؤلاء لربّي. فما لي؟. قال: «قل اللّهمّ اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني» [مسلم (2696) ] .

 

الاثار

1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: كان عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- يدني ابن عبّاس، فقال له عبد الرّحمن بن عوف: إنّ لنا أبناء مثله، فقال: إنّه من حيث تعلم، فسأل عمر ابن عبّاس عن هذه الآية (إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) [النصر: 1]. فقال: أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أعلمه إيّاه، فقال: ما أعلم منها إلّا ما تعلم.[ البخاري- الفتح 7 (4430) ] .

 

 

2- عن محمّد بن سيرين قال: كنت في حلقة فيها عبد الرّحمن بن أبي ليلى، وكان أصحابه يعظّمونه، فذكر آخر الأجلين، فحدّثت بحديث سبيعة بنت الحارث عن عبد اللّه بن عتبة، قال: فضمز لي  بعض أصحابه، قال محمّد ففطنت له فقلت: إنّي إذا لجريء إن كذبت على عبد اللّه بن عتبة، وهو في ناحية الكوفة. فاستحيا وقال: لكنّ عمّه لم يقل ذاك، فلقيت أبا عطيّة مالك بن عامر فسألته، فذهب يحدّثني حديث سبيعة، فقلت: هل سمعت عن عبد اللّه فيها شيئا؟ فقال: كنّا عند عبد اللّه، فقال: أتجعلون عليها التّغليظ ولا تجعلون عليها الرّخصة؟ لنزلت  سورة النّساء القصرى  بعد الطّولى  (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [الطلاق: 4].[البخاري- الفتح 8 (4910). ولمسلم (1484) نحوه من حديث أبي هريرة وابن عباس- رضي اللّه عنهما-] .

 

 

3- عن عيسى قال: سمعت الشّعبيّ يقول: إنّما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه خصلتان: العقل والنّسك، فإن كان ناسكا ولم يكن عاقلا قال: هذا أمر لا يناله إلّا العقلاء. فلم يطلبه، وإن كان عاقلا ولم يكن ناسكا قال: هذا أمر لا يناله إلّا النّسّاك فلم يطلبه، فقال الشّعبيّ: ولقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليست فيه واحدة منهما، لا عقل ولا نسك.[الدارمي (371) المقدمة ] .

 

القصص

1- من أخبار الأذكياء: جاء رجل إلى سليمان بن داود عليهما السّلام وقال: يا نبيّ اللّه إنّ جيرانا يسرقون إوزّي فلا أعرف السّارق. فنادى الصّلاة جامعة، ثمّ خطبهم وقال في خطبته: وإنّ أحدكم ليسرق إوزّ جاره، ثمّ يدخل المسجد والرّيش على رأسه، فمسح الرّجل رأسه، فقال سليمان: خذوه فهو صاحبكم.[المستطرف (2/ 99) ] .

 

 

2- من أخبار القاضي إياس: أنّ رجلا قصد الحجّ فاستودع إنسانا مالا، فلمّا عاد طلبه منه فجحده المستودع، فأخبر بذلك القاضي إياسا. فقال: أعلم بأنّك جئتني؟ قال: لا. قال: فعد إليّ بعد يومين. ثمّ إنّ القاضي إياسا بعث إلى ذلك الرّجل فأحضره، ثمّ قال له: اعلم أنّه قد تحصّلت عندي أموال كثيرة لأيتام وغيرهم وودائع للنّاس، وإنّي مسافر سفرا بعيدا، وأريد أن أودعها عندك لما بلغني من دينك وتحصين منزلك. فقال: حبّا وكرامة. قال: فاذهب وهيّء موضعا للمال، وقوما يحملونه، فذهب الرّجل وجاء صاحب الوديعة، فقال له القاضي إياس: امض إلى صاحبك، وقل له ادفع إليّ مالي، وإلّا شكوتك للقاضي إياس. فلمّا جاء قال له ذلك، فدفع إليه ماله واعتذر إليه، فأخذه وأتى إلى القاضي إياس وأخبره. ثمّ بعد ذلك أتى الرّجل لطلب الأموال الّتي ذكرها له القاضي. فقال له القاضي بعد أن أخذ الرّجل ماله منه: امض لشأنك لا أكثر اللّه في النّاس من أمثالك.[ المستطرف (2/ 100) ] .

 

 

3- سرق من رجل خمسمائة دينار، فحمل المتّهمون إلى الوالي، فقال الوالي: أنا ما أضرب أحدا منكم، بل عندي خيط ممدود في بيت مظلم، فادخلوا فليمرّ كلّ منكم يده عليه من أوّل الخيط إلى آخره، ويلفّ يده في كمّه ويخرج، فإنّ الخيط، يلفّ على يد الّذي سرق، وكان قد سوّد الخيط بسخام، فدخلوا فكلّهم جرّيده على الخيط في الظّلمة إلّا واحدا منهم، فلمّا خرجوا نظر إلي أيديهم مسودّة إلّا واحدا، فألزمه بالمال، فأقرّ به.[ كتاب الأذكياء لابن الجوزي (63) ] .

 

الاشعار

1- رحم الله من قال:

 

والنفس إن صَلحتْ: زكتْ، وإذا خَلتْ *** من فطنةٍ لعِبتْ بها الأهواءً

 

[سلسلة رسائل العين الرسالة الثامنة فضائح الفتن ص 24] .

 

متفرقات

1- قال الأبشيهيّ: قد يخصّ اللّه تعالى بألطافه الخفيّة من يشاء من عباده، فيفيض عليه من خزائن مواهبه رزانة عقل، وزيادة معرفة، تخرجه عن حدّ الاكتساب، ويصير بها راجحا على ذوي التّجارب والآداب.[ المستطرف (1/ 23) ] .

 

 

2- قال الأبشيهيّ أيضا: يستدلّ على رجاحة عقل الرّجل بأمور متعدّدّة منها: ميله إلى محاسن الأخلاق، وإعراضه عن رذائل الأعمال، ورغبته في إسداء صنائع المعروف، وتجنّبه ما يكسبه عارا، ويورثه سوء السّمعة.[ المستطرف (1/ 24) ] .

 

 

3- قال عليّ بن عبيدة: العقل ملك والخصال رعيّة، فإذا ضعف عن القيام عليها وصل الخلل إليها، فسمعه أعرابيّ فقال: هذا كلام يقطر عسله.[المستطرف (1/ 24) ] .

 

 

4- قيل: من بيّضت الحوادث سواد لمّته ، وأخلقت التّجارب لباس جدّته  وأراه اللّه تعالى لكثرة ممارسته تصاريف أقداره وأقضيته كان جديرا برزانة العقل ورجاحة الدّراية.[المستطرف (1/ 23) ] .

 

 

5- حدّث الشّعبيّ قال: جاءت امرأة إلى عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- فقالت: أشكو إليك خير أهل الدّنيا إلّا رجل سبقه بعمل أو عمل مثل عمله، يقوم اللّيل حتّى يصبح، ويصوم النّهار حتّى يمسي، ثمّ أخذها الحياء، فقالت: أقلني يا أمير المؤمنين. فقال: جزاك اللّه خيرا فقد أحسنت الثّناء. قد أقلتك. فلمّا ولّت، قال كعب بن سور: يا أمير المؤمنين! لقد أبلغت إليك في الشّكوى، فقال: ما اشتكت؟. قال: زوجها، قال: عليّ بالمرأة وزوجها، فجيء بهما. فقال لكعب: اقض بينهما. قال: أأقضي وأنت شاهد؟ قال: إنّك قد فطنت ما لم أفطن إليه قال: فإنّ اللّه يقول: (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) [النساء: 3] صم ثلاثة أيّام وأفطر عندها يوما، وقم ثلاث ليال وبت عندها ليلة. فقال عمر: لهذا أعجب إليّ من الأوّل، فرحله بدابّة وبعثه قاضيا.[كتاب الأذكياء لابن الجوزي (63) ] .

 

الإحالات

1- صيد الخاطر - ابن الجوزي (ص 447 ) .

2- نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء محمد حسن موسى ص 1757 دار الأندلس جدة الطبعة الأولى 1411 .

3- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكيى الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة (8/3126) .

4- الإيمان المؤلف : محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني الناشر : الدار السلفية – الكويت الطبعة الأولى ، 1407 تحقيق : حمد بن حمدي الجابري الحربي (1/118) .

5- أسماء الله الحسنى في الكتاب والسنة د/محمود عبد الرازق الرضواني السابع من شعبان سنة 1426هـ الحادي عشر من سبتمبر سنة 2005م الطبعة الأولى 1426هـ - 2005م (2/9) .

6- الحاجة إلى الرسل

http://www.al-islam.com . 7- العين والأثر في عقائد أهل الأثر المؤلف : عبدالباقي بن عبدالباقي بن عبدالقادر بن عبد الباقي بن إبراهيم الناشر : دار المأمون للتراث – دمشق الطبعة الأولى ، 1987 تحقيق : عصام رواس قلعجي (1/52) .

8- التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور المؤلف : محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان الطبعة : الأولى، 1420هـ/2000م (1/270) .

9- التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج المؤلف : د وهبة بن مصطفى الزحيلي الناشر : دار الفكر المعاصر – دمشق الطبعة : الثانية ، 1418 هـ (12/197) .

10- جامع الأصول في أحاديث الرسول المؤلف : مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى : 606هـ) تحقيق : عبد القادر الأرنؤوط - التتمة تحقيق بشير عيون الناشر : مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان الطبعة : الأولى (2/28) .

11- مجموع الفتاوى المؤلف : أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني المحقق : أنور الباز - عامر الجزار الناشر : دار الوفاء الطبعة : الثالثة ، 1426 هـ / 2005 م (18/50) .

12- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية المؤلف : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله الناشر : مطبعة المدني – القاهرة تحقيق : د. محمد جميل غازي (1/58) .

13- فتح الباري شرح صحيح البخاري المؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي الناشر : دار المعرفة - بيروت ، 1379 تحقيق : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي (10/530) .

14- مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد - معها ملحق بتراجم الأعلام والأمكنة المؤلف : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد مصدر الكتاب : موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء http://www.alifta.com (79/351) .