فطرة
2022-10-11 - 1444/03/15التعريف
أولًا: المعنى اللغوي:
يدل أصل مادة (فطر) على فتح شيء وإبرازه، من ذلك الفطر من الصوم. يقال: أفطر إفطارًا. وقومٌ فطرٌ أي مفطرون. ومنه الفطر، بفتح الفاء، وهو مصدر فطرت الشاة فطرًا، إذا حلبتها (مقاييس اللغة، ابن فارس: ٤-٥١٠).
والفطرة: الاستقامة على التوحيد (فتح القدير، الشوكاني: ٦-٢٥٤).
وفطر: اخترع وأنشأ (المحرر الوجيز، ابن عطية: ٣-١٩٥).
ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:
الفطرة: "الجبلة المتهيئة لقبول الدين"(التعريفات، للجرجاني: ص ١٦٨).
وقيل: “الخلقة؛ لأن من معاني الفطرة الخلقة (انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، د.أحمد مختار: ٣-٤٦)، التي خلق الله عباده عليها وجعلهم مفطورين عليها: على محبة الخير وإيثاره، وكراهية الشر ودفعه، وفطرهم حنفاء مستعدين لقبول الخير والإخلاص لله، والتقرب إليه”(بهجة قلوب الأبرار، السعدي: ص ٥٩).
قال النبي صلى الله عليه وسلم (شرح رياض الصالحين، ابن عثيمين: ٣-٣١٠): "ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمةً جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء"، ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) [الروم: ٣٠]"(أخرجه البخاري: ١٣٥٨).
وولادة المولود في سياق هذا الخطاب النبوي يكون معناها “أي على الجبلة القابلة لدين الحق”(بصائر ذوي التمييز، الفيروزآبادي: ٤-٢٠٠).
العناصر
1- مفهوم الفطرة
2- عشر من سنن الفطرة والحكمة منها
3- الله تعالى فاطر الموجودات
4- الفطرة والإيمان بالله
5- الانحراف عن الفطرة
6- الاستقامة على الفطرة
الايات
1- قال الله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) [البقرة:124].
2- قال تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) [الحج:29].
3- قال تعالى على لسان هارون يخاطب موسى عليهما السلام: (يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي) [طه:94].
4- قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الروم: 30-31].
5- قال تعالى: (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الْأَنْعَامِ: 78-79].
6- قال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)[الأنعام: 14-18].
7- قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)[الْأَعْرَافِ:172].
8- قَالَ تَعَالَى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ءَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَة مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أإِلَه مَّعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْم يَعْدِلُونَ * أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أإِلَه مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أإِلَه مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أإِلَه مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أإِلَه مَّعَ ٱللَّهِ)[النَّمْلِ: 59-64].
9- قَالَ تَعَالَى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)[الشَّمْسِ: 7].
10- قَالَ تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) [البقرة: 124].
الاحاديث
1- قال الله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) [البقرة:124].
2- قال تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) [الحج:29].
3- قال تعالى على لسان هارون يخاطب موسى عليهما السلام: (يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي) [طه:94].
4- قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الروم: 30-31].
5- قال تعالى: (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[الْأَنْعَامِ: 78-79].
6- قال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)[الأنعام: 14-18].
7- قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)[الْأَعْرَافِ:172].
8- قَالَ تَعَالَى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ءَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَة مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أإِلَه مَّعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْم يَعْدِلُونَ * أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أإِلَه مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أإِلَه مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أإِلَه مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أإِلَه مَّعَ ٱللَّهِ)[النَّمْلِ: 59-64].
9- قَالَ تَعَالَى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)[الشَّمْسِ: 7].
10- قَالَ تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) [البقرة: 124].
الاثار
1- قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) قال: "ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس، وخمس في الجسد؛ في الرأس: السواك، والاستنشاق، والمضمضة، وقص الشارب، وفرق الرأس، وفي الجسد خمسة: تقليم الأظافر، وحلق العانة، والختان، والاستنجاء عند الغائط والبول، ونتف الإبط"(تفسير ابن كثير).
2- عن أنس رضي الله عنه قال: "عليكم بالسواك فنعم الشيء السواك، يذهب بالحفر، ينزع البلغم، ويجلو البصر، ويشد اللثة، ويذهب بالبخر، ويصلح المعدة، ويزيد في درجات الجنة، وتحمده الملائكة، ويرضي الرب، ويسخط الشيطان"(تاريخ درايا).
3- كان الحسن يقول: "فطرة الله الإسلام "(تفسير الصنعاني).
4- عن زيد بن وهب الجهني رضي الله عنه قال: رَأى حُذَيْفَةُ رَجُلًا لا يُتِمُّ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ، قالَ: ما صَلَّيْتَ ولو مُتَّ مُتَّ على غيرِ الفِطْرَةِ الَّتي فَطَرَ اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَلَيْها (رواه البخاري: ٧٩١).
الدراسات
1- قال ابن الأثير: "الإنسان يولد على نوع من الجبلة والطبع المهيء لقبول الدين، فلو ترك الأمر عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها، وإنما يعدل من يعدل لآفة من البشر والتقليد".
2- يقول الإمام النووي: "جزم الماوردي وأبو اسحاق بأن المراد بالفطرة في هذا الحديث: الدين. وقال البيضاوي: الفطرة المرادة هنا هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع وكأنها أمر جبلي فطروا عليه "(شرح المهذب للنووي).
3- قال ابن القيم رحمه الله: "ويستحب السواك كل وقت، ويتأكد عند الصلاة، والوضوء، والانتباه من النوم، وتغير رائحة الفم. ويستحب للمفطر والصائم في كل وقت لعموم الأحاديث الواردة فيه، ولحاجة الصائم إليه، ولأنه مرضاة للرب، ومرضاته مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر، ولأنه مطهرة للفم، والطهور للصائم من أفضل أعماله.. وإنما ذكر " طيب الخلوف عند الله يوم القيامة " حثا على الصوم لا حثا على إبقاء الراحة. بل الصائم أحوج إلى السواك من المفطر.
وأيضاً: فإن رضوان الله أكبر من استطابته لخلوف فم الصائم.
وأيضاً: فإن محبته للسواك أعظم من محبته لبقاء خلوف فم الصائم.
وأيضاً: فإن السواك لا يمنع طيب الخلوف -الذي يزيله- عند الله يوم القيامة، بل يأتي الصائم يوم القيامة وخلوف فمه أطيب من المسك، علامة على صيامه ولو أزاله بالسواك. كما أن الجريح يأتي يوم القيامة ولون دم جرحه لون الدم، وريحه ريح المسك. وهو مأمور بإزالته في الدنيا.
وأيضاً: فإن الخلوف لا يزول بالسواك. فإن سببه قائم، وهو خلو المعدة عن الطعام. وإنما يزول أثره، وهو المنعقد على الأسنان واللثة.
وأيضاً: فإن النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته ما يستحب لهم في الصيام وما يكره لهم. ولم يجعل السواك من القسم المكروه، وهو يعلم أنهم يفعلونه، وقد حضهم عليه بأبلغ ألفاظ العموم والشمول، وهم يشاهدونه يستاك وهو صائم مرارا كثيرة تفوت الإحصاء، ويعلم أنهم يقتدون به. ولم يقل لهم يوما من الدهر: لا تستاكوا بعد الزوال. وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع. والله أعلم "(زاد المعاد)
4- كان الإمام مالك -رحمه الله- يقول: " يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة وهو الإطار فلا يجزه ولا يمثل بنفسه "(الموطأ).
5- قال القرطبي: "وقص الشارب أن يأخذ ما طال على الشفة، بحيث لا يؤذي الآكل، ولا يجتمع فيه الوسخ "(تفسير القرطبي).
6- قال ابن حجر في فوائد حف الشارب: "الأمن من التشويش على الآكل، وبقاء زهومه المأكول فيه"(فتح الباري).
7- قال ابن القيم: "والختان كان من الخصال التي ابتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس، وقد روي أنه أول من اختتن كما تقدم، والذي في الصحيح اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة، واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فإنه اختتن والنصارى تقر بذلك ولا تجحده كما تقر بأنه حرَّم لحم الخنزير..."(تحفة المولود).
8- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأقرب الأقوال: أنه واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء، ووجه التفريق بينهما: أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهي الطهارة، لأنه إذا بقيت هذه الجلدة: فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع، وصار سبباً في الاحتراق والالتهاب كلما تحرك، أو عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك.
وأما في حق المرأة؛ فغاية فائدته: أنه يقلل من غلمتها، أي: شهوتها، وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى".
9- سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن المرأة: هل تختتن أم لا؟
فأجاب: " الحمد لله، نعم، تختتن، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك، قال رسول الله للخافضة وهي الخاتنة: "أشمي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج" يعني: لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القُلْفَة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء -يعني غير مختتنة- كانت مغتلمة شديدة الشهوة. ولهذا يقال في المشاتمة: يا بن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر. ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين. وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال، والله أعلم"(مجموع الفتاوى).
10- قال ابن النووي في توقيت تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط: "يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط: الحاجة إليها، كما في جميع خصال الفطرة"(شرح صحيح مسلم).
11- قال النووي: "المراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه وكذا الشعر الذي حوالي فرج المرأة، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر فتحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما"(شرح صحيح مسلم).
12- قال ابن كثير رحمه الله عند قوله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)[الشَّمْسِ: 7].: "أي خلقها سوية مستقيمة على الفطرة القويمة"(تفسير ابن كثير).
13- قال ابن تيمية: “الناس إذا قالوا العدل حسن والظلم قبيح، فهم يعنون بهذا أن العدل محبوب للفطرة يحصل لها بوجوده لذة وفرح نافع لصاحبه ولغير صاحبه، يحصل به اللذة والفرح وما تتنعم به النفوس. وإذا قالوا الظلم قبيح فهم يعنون به أنه ضار لصاحبه ولغير صاحبه، وأنه بغيض يحصل به الألم والغم وما تتعذب به النفوس. ومعلوم أن هذه القضايا هي في علم الناس لها بالفطرة وبالتجربة أعظم من أكثر قضايا الطب … فإن الإنسان من نفسه يجد من لذة العدل والصدق والعلم والإحسان والسرور بذلك ما لا يجده من الظلم والكذب والجهل. والناس الذين وصل إليهم ذلك والذين لم يصل إليهم ذلك يجدون في أنفسهم من اللذة والفرح والسرور بعدل العادل وبصدق الصادق وعلم العالم وإحسان المحسن ما لا يجدونه في الظلم والكذب والجهل والإساءة. ولهذا يجدون في أنفسهم محبة لمن فعل ذلك وثناء عليه ودعاء له. وهم مفطورون على محبة ذلك واللذة به، لا يمكنهم دفع ذلك من أنفسهم، كما فطروا على وجود اللذة بالأكل والشرب والألم بالجوع والعطش”(الرد على المنطقيين: ص: 423)
14- قال ابن القيم: "في الفطرة حسن العدل والانصاف، والصدق والبر، والاحسان والوفاء بالعهد، والنصيحة للخلق، ورحمة المسكين، ونصر المظلوم، ومواساة اهل الحاجة والفاقة، وأداء الامانات، ومقابلة الاحسان بالإحسان، والاساءة بالعفو والصفح، والصبر في مواطن الصبر، والبذل في مواطن البذل، والانتقام في موضع الانتقام، والحلم في موضع الحلم، والسكينة والوقار، والرأفة والرفق، والتؤدة، وحسن الاخلاق، وجميل المعاشرة مع الاقارب والاباعد، وستر العورات، وإقالة العثرات، والايثار عند الحاجات، واغاثة اللهفات، وتفريج الكربات، والتعاون على انواع الخير والبر، والشجاعة والسماحة، والبصيرة والثبات، والعزيمة، والقوة في الحق، واللين لأهله، والشدة على أهل الباطل والغلظة عليهم، والاصلاح بين الناس، والسعي في إصلاح ذات البين، وتعظيم من يستحق التعظيم، وإهانة من يستحق الاهانة، وتنزيل الناس منازلهم، وإعطاء كل ذي حق حقه، وأخذ ما سهل عليهم، وطوعت به أنفسهم، من الأعمال والأموال والأخلاق، ولإرشاد ضالهم، وتعليم جاهلهم، واحتمال جفوتهم، واستواء قريبهم وبعيدهم في الحق، فأقربهم إليه أولًاهم بالحق، وإن كان بعيدًا، وأبعدهم عنه أبعدهم من الحق وإن كان حبيبًا قريبًا.
إلى غير ذلك من معرفة العقل الذي وضعه بينهم في المعاملات، والمناكحات، والجنايات، وما اودع في فطرهم من حسن شكره وعبادته وحده لا شريك له وإن نعمه عليهم توجب بذل قدرتهم وطاقتهم في شكره والتقرب إليه وإيثاره على ما سواه واثبت في الفطر علمها بقبيح اضداد ذلك ثم بعث رسله في الأمر بما اثبت في الفطر حسنه وكماله والنهي عما اثبت فيها قبحه وعيبه وذمه فطابقت الشريعة المنزلة للفطرة المكلمة مطابقة التفصيل بجملته، وقامت شواهد دينه في الفطرة تنادي للإيمان"(مفتاح دار السعادة، ابن القيم: 1-281).
15- قال ابن عاشور: “والفطرة: ما فُطِر– أي خُلق – عليه الإنسان ظاهراً وباطناً، أي جسدًا وعقلاً. فسَيْرُ الإنسان على رجليه فطرة جسدية، ومحاولة مشيه على اليدين خلافُ الفطرة. وعمل الإنسان بيديه فطرة جسدية، ومحاولة عمله برجليه خلافُ الفطرة. واستنتاج المسبَّبات من أسبابها والنتائجِ من مقدماتها فطرةٌ عقلية. ومحاولةُ استنتاج الشيء من غير سببه – المسمى في علم الجدل بفساد الوضع – خلافُ الفطرة العقلية. والجزم بأن ما نشاهده من الأشياء هو حقائق ثابتة في نفس الأمر فطرة عقلية، وإنكار السفسطائية ثبوتَها خلافُ الفطرة العقلية”(أصول النظام الاجتماعي لابن عاشور ص 36).
16- قال حافظ الحكمي: "وإذا كان الفقه هو معرفة الرخصة عن دليل فإن التوحيد هو الفطرة من غير تبديل"(معارج القبول، الحكمي: 1-7).
17- قال سيد قطب: "أن هناك عهدًا من الله على فطرة البشر أن توحده، وأن حقيقة التوحيد مركوزة في هذه الفطرة، يخرج بها كل مولود إلى الوجود، فلا يميل عنها إلا أن يفسد فطرته عامل خارجي عنها! عامل يستغل الاستعداد البشري للهدى وللضلال. وهو استعداد كذلك كامن تخرجه إلى حيز الوجود ملابسات وظروف. إن حقيقة التوحيد ليست مركوزة في فطرة «الإنسان» وحده ولكنها كذلك مركوزة في فطرة هذا الوجود من حوله- وما الفطرة البشرية إلا قطاع من فطرة الوجود كله، موصولة به غير منقطعة عنه، محكومة بذات الناموس الذي يحكمه- بينما هي تتلقى كذلك أصداءه وإيقاعاته المعبرة عن تأثره واعترافه بتلك الحقيقة الكونية الكبيرة"(في ظلال القرآن، سيد قطب: 3-1394).
18- "إنها جناية كبرى ارتكبتها الشيوعية في حق الأخلاق والقيم، وخالفوا الفطرة التي جبل عليها البشر على امتداد تاريخهم من حب الخير وبغض الشر، وما يتبعهما من صفات وسلوك فاضل"(المذاهب الفكرية المعاصرة، غالب عواجي: 2-1118).
19- "إن الإنسان حينما يقف عاجزًا عن معرفة سر هذا الكون، ويتفكر في خلق الله والأرض والنجوم وسائر الأفلاك، وتتابع الليل والنهار، والحياة والموت، وسائر ما أوجده الله في هذا الكون، إذا فعل الإنسان ذلك يجد نفسه عاجزًا عن إدراك كل هذا، وحينئذ يعرف بفطرته أن هناك موجد عظيم لهذا الكون هو أقوى منه، يستحق أنه يخضع له، وأن يعبده ويرجو ثوابه ويخاف عقابه، لا أن يعتقد أن المادة خلقته؛ فإن التفكر في كل ذلك يهدي إلى الاعتراف بخالق عظيم قدير حكيم، لا أن للمادة معه مشاركة؛ بل هي مخلوقة له حدثت بعد أن لم تكن، وهذا هو ما اعترف به الملاحدة في أنفسهم، وجحدوه ظاهرًا تعصبًا لنظرياتهم الفاسدة، وقد ذكر الله عز وجل كثيرًا من عجائب هذا الكون، ورغب الناس في التفكر فيه واستخلاص العبر"(المذاهب الفكرية المعاصرة، غالب عواجي: 2-1183).
20- "الفطرة التي فطر الله الناس عليها، تؤمن بوجود الله خالقها ومدبرها، ومن أنكر ذلك فإنما يغالط نفسه ويشقيها، فالشيوعي - مثلًا - يعيش في هذه الحياة تعسًا، ومصيره بعد الموت إلى النار، جزاء تكذيبه بربه الذي خلقه من العدم، ورباه بالنعم إلا إن تاب إلى الله، وآمن به وبدينه ورسوله"(دين الحق، عبد الرحمن آل عمر ص١٠).
21- "هكذا كانت البشرية الأولى على الفطرة والتوحيد لقرب عهدها بربها تعالى، ثم اختلطت بعد ذلك الينابيع وتضافرت العوامل التي أدت إلى الانحراف عن التوحيد، فكان ظهور الشرك طارئًا بعد ذلك التوحيد، وكان انحرافًا عنه"(مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية، د.عثمان جمعة ضميرية: ١-٢٢٠).
22- "ففي الجانب الديني تجد الناس إما أن ارتدوا عن الدين، أو خرجوا منه، أو لم يدخلوا فيه أصلا، أو وقعوا في تحريف الديانات السماوية وتبديلها، وأما في الجانب التشريعي، فإن الناس نبذوا شريعة الله وراءهم ظهريًا، واخترعوا من عند أنفسهم قوانين وشرائع لم يأذن بها الله، تصطدم مع العقل وتختلف مع الفطرة"(السيرة النبوية، عرض وقائع وتحليل أحداث: ١-١٦).
23- "فإن الفطرة -وهي طريق صحيح ومصدر معتبر في ذلك- قد يطرأ عليها ما يغشيها ويحرفها عن صوابها، فتحتاج إلى ما يجلوها، ويصحح مسارها، ويمنعها من الانحراف، وذلك هو الوحي القرآن والسنة الذي تكفل الله تعالى بإنزاله هداية للناس ورحمة بهم"(مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية، د.عثمان جمعة ضميرية: ١-١٦٠).
24- قال ابن تيمية: "فالحنفية من موجبات الفطرة ومقتضياتها، والحب لله، والخضوع له، والإخلاص له هو أصل أعمال الحنيفية"(درء تعارض العقل والنقل: ٨-٤٥١).
25- قال ابن كثير رحمه الله: "فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره"(تفسير القرآن العظيم: ٣-٤٣٣).
والقلوب مفطورة على الإقرار به سبحانه أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات، كما قالت الرسل: أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم: ١٠] (درء تعارض العقل والنقل: ٨-٣٨).
وقال ابن تيمية رحمه الله: "الإقرار والاعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة"(مجموع الفتاوى: ١٦-٣٢٨).
وقال ابن تيمية رحمه الله: "إن أصل العلم الإلهي فطري ضروري، وإنه أشد رسوخاً في النفوس من مبدأ العلم الرياضي، كقولنا: إن الواحد نصف الاثنين، ومبدأ العلم الطبيعي كقولنا: إن الجسم لا يكون في مكانين؛ لأن هذه المعارف أسماء قد تعرض عنها أكثر الفطر، وأما العلم الإلهي فما يتصور أن تعرض عنه فطرة"(مجموع الفتاوى: ٢/١٥-١٦).
قال ابن الوزير: "والإسلام بعقائده وأحكامه موافق للفطرة لا يعارضها؛ بل كلما كانت العقائد والأحكام بعيدة عن الإسلام، كانت معارضة للفطرة الصحيحة مضادة لها، ففي الفطرة محبة العدل وإيثاره، وبغض الظلم والنفار منه، واستقباح إرادة الشر لذاته، لكن تفاصيل ذلك إنما تعلم من جهة الرسل، فالطفل عند أول تميزه إذا ضرب من خلفه التفت لعلمه أن تلك الضربة لابد لها من ضارب، فإذا شعر به بكى، حتى يقتص له منه، فيسكن ويهدأ، فهذا إقرار في الفطرة بالخالق، وهو التوحيد، وبالعدل الذي هو شرعة الرب تعالى"(إيثار الحق على الخلق: ص ٢٤٠).
متفرقات
1- قال ابن الأثير: "الإنسان يولد على نوع من الجبلة والطبع المهيء لقبول الدين، فلو ترك الأمر عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها، وإنما يعدل من يعدل لآفة من البشر والتقليد".
2- يقول الإمام النووي: "جزم الماوردي وأبو اسحاق بأن المراد بالفطرة في هذا الحديث: الدين. وقال البيضاوي: الفطرة المرادة هنا هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع وكأنها أمر جبلي فطروا عليه "(شرح المهذب للنووي).
3- قال ابن القيم رحمه الله: "ويستحب السواك كل وقت، ويتأكد عند الصلاة، والوضوء، والانتباه من النوم، وتغير رائحة الفم. ويستحب للمفطر والصائم في كل وقت لعموم الأحاديث الواردة فيه، ولحاجة الصائم إليه، ولأنه مرضاة للرب، ومرضاته مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر، ولأنه مطهرة للفم، والطهور للصائم من أفضل أعماله.. وإنما ذكر " طيب الخلوف عند الله يوم القيامة " حثا على الصوم لا حثا على إبقاء الراحة. بل الصائم أحوج إلى السواك من المفطر.
وأيضاً: فإن رضوان الله أكبر من استطابته لخلوف فم الصائم.
وأيضاً: فإن محبته للسواك أعظم من محبته لبقاء خلوف فم الصائم.
وأيضاً: فإن السواك لا يمنع طيب الخلوف -الذي يزيله- عند الله يوم القيامة، بل يأتي الصائم يوم القيامة وخلوف فمه أطيب من المسك، علامة على صيامه ولو أزاله بالسواك. كما أن الجريح يأتي يوم القيامة ولون دم جرحه لون الدم، وريحه ريح المسك. وهو مأمور بإزالته في الدنيا.
وأيضاً: فإن الخلوف لا يزول بالسواك. فإن سببه قائم، وهو خلو المعدة عن الطعام. وإنما يزول أثره، وهو المنعقد على الأسنان واللثة.
وأيضاً: فإن النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته ما يستحب لهم في الصيام وما يكره لهم. ولم يجعل السواك من القسم المكروه، وهو يعلم أنهم يفعلونه، وقد حضهم عليه بأبلغ ألفاظ العموم والشمول، وهم يشاهدونه يستاك وهو صائم مرارا كثيرة تفوت الإحصاء، ويعلم أنهم يقتدون به. ولم يقل لهم يوما من الدهر: لا تستاكوا بعد الزوال. وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع. والله أعلم "(زاد المعاد)
4- كان الإمام مالك -رحمه الله- يقول: " يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة وهو الإطار فلا يجزه ولا يمثل بنفسه "(الموطأ).
5- قال القرطبي: "وقص الشارب أن يأخذ ما طال على الشفة، بحيث لا يؤذي الآكل، ولا يجتمع فيه الوسخ "(تفسير القرطبي).
6- قال ابن حجر في فوائد حف الشارب: "الأمن من التشويش على الآكل، وبقاء زهومه المأكول فيه"(فتح الباري).
7- قال ابن القيم: "والختان كان من الخصال التي ابتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس، وقد روي أنه أول من اختتن كما تقدم، والذي في الصحيح اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة، واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فإنه اختتن والنصارى تقر بذلك ولا تجحده كما تقر بأنه حرَّم لحم الخنزير..."(تحفة المولود).
8- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأقرب الأقوال: أنه واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء، ووجه التفريق بينهما: أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهي الطهارة، لأنه إذا بقيت هذه الجلدة: فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع، وصار سبباً في الاحتراق والالتهاب كلما تحرك، أو عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك.
وأما في حق المرأة؛ فغاية فائدته: أنه يقلل من غلمتها، أي: شهوتها، وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى".
9- سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن المرأة: هل تختتن أم لا؟
فأجاب: " الحمد لله، نعم، تختتن، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك، قال رسول الله للخافضة وهي الخاتنة: "أشمي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج" يعني: لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القُلْفَة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء -يعني غير مختتنة- كانت مغتلمة شديدة الشهوة. ولهذا يقال في المشاتمة: يا بن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر. ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين. وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال، والله أعلم"(مجموع الفتاوى).
10- قال ابن النووي في توقيت تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط: "يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط: الحاجة إليها، كما في جميع خصال الفطرة"(شرح صحيح مسلم).
11- قال النووي: "المراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه وكذا الشعر الذي حوالي فرج المرأة، ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر فتحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما"(شرح صحيح مسلم).
12- قال ابن كثير رحمه الله عند قوله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)[الشَّمْسِ: 7].: "أي خلقها سوية مستقيمة على الفطرة القويمة"(تفسير ابن كثير).
13- قال ابن تيمية: “الناس إذا قالوا العدل حسن والظلم قبيح، فهم يعنون بهذا أن العدل محبوب للفطرة يحصل لها بوجوده لذة وفرح نافع لصاحبه ولغير صاحبه، يحصل به اللذة والفرح وما تتنعم به النفوس. وإذا قالوا الظلم قبيح فهم يعنون به أنه ضار لصاحبه ولغير صاحبه، وأنه بغيض يحصل به الألم والغم وما تتعذب به النفوس. ومعلوم أن هذه القضايا هي في علم الناس لها بالفطرة وبالتجربة أعظم من أكثر قضايا الطب … فإن الإنسان من نفسه يجد من لذة العدل والصدق والعلم والإحسان والسرور بذلك ما لا يجده من الظلم والكذب والجهل. والناس الذين وصل إليهم ذلك والذين لم يصل إليهم ذلك يجدون في أنفسهم من اللذة والفرح والسرور بعدل العادل وبصدق الصادق وعلم العالم وإحسان المحسن ما لا يجدونه في الظلم والكذب والجهل والإساءة. ولهذا يجدون في أنفسهم محبة لمن فعل ذلك وثناء عليه ودعاء له. وهم مفطورون على محبة ذلك واللذة به، لا يمكنهم دفع ذلك من أنفسهم، كما فطروا على وجود اللذة بالأكل والشرب والألم بالجوع والعطش”(الرد على المنطقيين: ص: 423)
14- قال ابن القيم: "في الفطرة حسن العدل والانصاف، والصدق والبر، والاحسان والوفاء بالعهد، والنصيحة للخلق، ورحمة المسكين، ونصر المظلوم، ومواساة اهل الحاجة والفاقة، وأداء الامانات، ومقابلة الاحسان بالإحسان، والاساءة بالعفو والصفح، والصبر في مواطن الصبر، والبذل في مواطن البذل، والانتقام في موضع الانتقام، والحلم في موضع الحلم، والسكينة والوقار، والرأفة والرفق، والتؤدة، وحسن الاخلاق، وجميل المعاشرة مع الاقارب والاباعد، وستر العورات، وإقالة العثرات، والايثار عند الحاجات، واغاثة اللهفات، وتفريج الكربات، والتعاون على انواع الخير والبر، والشجاعة والسماحة، والبصيرة والثبات، والعزيمة، والقوة في الحق، واللين لأهله، والشدة على أهل الباطل والغلظة عليهم، والاصلاح بين الناس، والسعي في إصلاح ذات البين، وتعظيم من يستحق التعظيم، وإهانة من يستحق الاهانة، وتنزيل الناس منازلهم، وإعطاء كل ذي حق حقه، وأخذ ما سهل عليهم، وطوعت به أنفسهم، من الأعمال والأموال والأخلاق، ولإرشاد ضالهم، وتعليم جاهلهم، واحتمال جفوتهم، واستواء قريبهم وبعيدهم في الحق، فأقربهم إليه أولًاهم بالحق، وإن كان بعيدًا، وأبعدهم عنه أبعدهم من الحق وإن كان حبيبًا قريبًا.
إلى غير ذلك من معرفة العقل الذي وضعه بينهم في المعاملات، والمناكحات، والجنايات، وما اودع في فطرهم من حسن شكره وعبادته وحده لا شريك له وإن نعمه عليهم توجب بذل قدرتهم وطاقتهم في شكره والتقرب إليه وإيثاره على ما سواه واثبت في الفطر علمها بقبيح اضداد ذلك ثم بعث رسله في الأمر بما اثبت في الفطر حسنه وكماله والنهي عما اثبت فيها قبحه وعيبه وذمه فطابقت الشريعة المنزلة للفطرة المكلمة مطابقة التفصيل بجملته، وقامت شواهد دينه في الفطرة تنادي للإيمان"(مفتاح دار السعادة، ابن القيم: 1-281).
15- قال ابن عاشور: “والفطرة: ما فُطِر– أي خُلق – عليه الإنسان ظاهراً وباطناً، أي جسدًا وعقلاً. فسَيْرُ الإنسان على رجليه فطرة جسدية، ومحاولة مشيه على اليدين خلافُ الفطرة. وعمل الإنسان بيديه فطرة جسدية، ومحاولة عمله برجليه خلافُ الفطرة. واستنتاج المسبَّبات من أسبابها والنتائجِ من مقدماتها فطرةٌ عقلية. ومحاولةُ استنتاج الشيء من غير سببه – المسمى في علم الجدل بفساد الوضع – خلافُ الفطرة العقلية. والجزم بأن ما نشاهده من الأشياء هو حقائق ثابتة في نفس الأمر فطرة عقلية، وإنكار السفسطائية ثبوتَها خلافُ الفطرة العقلية”(أصول النظام الاجتماعي لابن عاشور ص 36).
16- قال حافظ الحكمي: "وإذا كان الفقه هو معرفة الرخصة عن دليل فإن التوحيد هو الفطرة من غير تبديل"(معارج القبول، الحكمي: 1-7).
17- قال سيد قطب: "أن هناك عهدًا من الله على فطرة البشر أن توحده، وأن حقيقة التوحيد مركوزة في هذه الفطرة، يخرج بها كل مولود إلى الوجود، فلا يميل عنها إلا أن يفسد فطرته عامل خارجي عنها! عامل يستغل الاستعداد البشري للهدى وللضلال. وهو استعداد كذلك كامن تخرجه إلى حيز الوجود ملابسات وظروف. إن حقيقة التوحيد ليست مركوزة في فطرة «الإنسان» وحده ولكنها كذلك مركوزة في فطرة هذا الوجود من حوله- وما الفطرة البشرية إلا قطاع من فطرة الوجود كله، موصولة به غير منقطعة عنه، محكومة بذات الناموس الذي يحكمه- بينما هي تتلقى كذلك أصداءه وإيقاعاته المعبرة عن تأثره واعترافه بتلك الحقيقة الكونية الكبيرة"(في ظلال القرآن، سيد قطب: 3-1394).
18- "إنها جناية كبرى ارتكبتها الشيوعية في حق الأخلاق والقيم، وخالفوا الفطرة التي جبل عليها البشر على امتداد تاريخهم من حب الخير وبغض الشر، وما يتبعهما من صفات وسلوك فاضل"(المذاهب الفكرية المعاصرة، غالب عواجي: 2-1118).
19- "إن الإنسان حينما يقف عاجزًا عن معرفة سر هذا الكون، ويتفكر في خلق الله والأرض والنجوم وسائر الأفلاك، وتتابع الليل والنهار، والحياة والموت، وسائر ما أوجده الله في هذا الكون، إذا فعل الإنسان ذلك يجد نفسه عاجزًا عن إدراك كل هذا، وحينئذ يعرف بفطرته أن هناك موجد عظيم لهذا الكون هو أقوى منه، يستحق أنه يخضع له، وأن يعبده ويرجو ثوابه ويخاف عقابه، لا أن يعتقد أن المادة خلقته؛ فإن التفكر في كل ذلك يهدي إلى الاعتراف بخالق عظيم قدير حكيم، لا أن للمادة معه مشاركة؛ بل هي مخلوقة له حدثت بعد أن لم تكن، وهذا هو ما اعترف به الملاحدة في أنفسهم، وجحدوه ظاهرًا تعصبًا لنظرياتهم الفاسدة، وقد ذكر الله عز وجل كثيرًا من عجائب هذا الكون، ورغب الناس في التفكر فيه واستخلاص العبر"(المذاهب الفكرية المعاصرة، غالب عواجي: 2-1183).
20- "الفطرة التي فطر الله الناس عليها، تؤمن بوجود الله خالقها ومدبرها، ومن أنكر ذلك فإنما يغالط نفسه ويشقيها، فالشيوعي - مثلًا - يعيش في هذه الحياة تعسًا، ومصيره بعد الموت إلى النار، جزاء تكذيبه بربه الذي خلقه من العدم، ورباه بالنعم إلا إن تاب إلى الله، وآمن به وبدينه ورسوله"(دين الحق، عبد الرحمن آل عمر ص١٠).
21- "هكذا كانت البشرية الأولى على الفطرة والتوحيد لقرب عهدها بربها تعالى، ثم اختلطت بعد ذلك الينابيع وتضافرت العوامل التي أدت إلى الانحراف عن التوحيد، فكان ظهور الشرك طارئًا بعد ذلك التوحيد، وكان انحرافًا عنه"(مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية، د.عثمان جمعة ضميرية: ١-٢٢٠).
22- "ففي الجانب الديني تجد الناس إما أن ارتدوا عن الدين، أو خرجوا منه، أو لم يدخلوا فيه أصلا، أو وقعوا في تحريف الديانات السماوية وتبديلها، وأما في الجانب التشريعي، فإن الناس نبذوا شريعة الله وراءهم ظهريًا، واخترعوا من عند أنفسهم قوانين وشرائع لم يأذن بها الله، تصطدم مع العقل وتختلف مع الفطرة"(السيرة النبوية، عرض وقائع وتحليل أحداث: ١-١٦).
23- "فإن الفطرة -وهي طريق صحيح ومصدر معتبر في ذلك- قد يطرأ عليها ما يغشيها ويحرفها عن صوابها، فتحتاج إلى ما يجلوها، ويصحح مسارها، ويمنعها من الانحراف، وذلك هو الوحي القرآن والسنة الذي تكفل الله تعالى بإنزاله هداية للناس ورحمة بهم"(مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية، د.عثمان جمعة ضميرية: ١-١٦٠).
24- قال ابن تيمية: "فالحنفية من موجبات الفطرة ومقتضياتها، والحب لله، والخضوع له، والإخلاص له هو أصل أعمال الحنيفية"(درء تعارض العقل والنقل: ٨-٤٥١).
25- قال ابن كثير رحمه الله: "فإنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره"(تفسير القرآن العظيم: ٣-٤٣٣).
والقلوب مفطورة على الإقرار به سبحانه أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات، كما قالت الرسل: أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم: ١٠] (درء تعارض العقل والنقل: ٨-٣٨).
وقال ابن تيمية رحمه الله: "الإقرار والاعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة"(مجموع الفتاوى: ١٦-٣٢٨).
وقال ابن تيمية رحمه الله: "إن أصل العلم الإلهي فطري ضروري، وإنه أشد رسوخاً في النفوس من مبدأ العلم الرياضي، كقولنا: إن الواحد نصف الاثنين، ومبدأ العلم الطبيعي كقولنا: إن الجسم لا يكون في مكانين؛ لأن هذه المعارف أسماء قد تعرض عنها أكثر الفطر، وأما العلم الإلهي فما يتصور أن تعرض عنه فطرة"(مجموع الفتاوى: ٢/١٥-١٦).
قال ابن الوزير: "والإسلام بعقائده وأحكامه موافق للفطرة لا يعارضها؛ بل كلما كانت العقائد والأحكام بعيدة عن الإسلام، كانت معارضة للفطرة الصحيحة مضادة لها، ففي الفطرة محبة العدل وإيثاره، وبغض الظلم والنفار منه، واستقباح إرادة الشر لذاته، لكن تفاصيل ذلك إنما تعلم من جهة الرسل، فالطفل عند أول تميزه إذا ضرب من خلفه التفت لعلمه أن تلك الضربة لابد لها من ضارب، فإذا شعر به بكى، حتى يقتص له منه، فيسكن ويهدأ، فهذا إقرار في الفطرة بالخالق، وهو التوحيد، وبالعدل الذي هو شرعة الرب تعالى"(إيثار الحق على الخلق: ص ٢٤٠).
الإحالات
الفطرة حقيقتها ومذاهب الناس فيها; المؤلف: علي بن عبد الله بن علي القرني.
صوت الفطرة ”خلاص البشرية في العودة إلى الفطرة” (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) المؤلف: خالد تركي آل تركي.