صلاح
2022-10-09 - 1444/03/13التعريف
الصلاح لغة:
مصدر «صلح» الشّيء يصلح ويصلح صلاحا وهو ضدّ الفساد، ويقال فيه أيضا صلح صلوحا، والوصف منه صالح وصليح، والجمع صلحاء وصلوح، ورجل مصلح في أعماله وأموره، وقد أصلحه اللّه، والمصلحة: الصّلاح وجمعها مصالح والاستصلاح نقيض الاستفساد، والصّلح: السّلم، والصّلح: تصالح القوم بينهم [الصحاح (1/ 383)، ولسان العرب (2/ 516) (ط. بيروت)، والقاموس المحيط (1/ 293) ] .
قال الرّاغب: قوبل الصّلاح في القرآن تارة بالفساد وتارة بالسّيّئة.قال تعالى: (خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) [التوبة: 102]. وقال- عزّ وجلّ-: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) [الأعراف: 56]. والصّلح يختصّ بإزالة النّفار بين النّاس، يقال منه: اصطلحوا وتصالحوا. قال تعالى: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء: 128]، وإصلاح اللّه تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إيّاه صالحا، وتارة بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده، وتارة يكون بالحكم له بالصّلاح [المفردات، للراغب (285) ] .
وذلك كما في قوله سبحانه (وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) [محمد: 2]. وقوله- عزّ من قائل-: [وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي] [الأحقاف: 15]، وقوله- تبارك وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس: 81].
والصّلاح بكسر الصّاد مصدر كالمصالحة، والاسم منهما «الصّلح» يذكّر ويؤنّث. يقال أصلح ما بينهم (إصلاحا)، وصالحهم مصالحة وصلاحا. والعرب تؤنّث ذلك. قال بشر بن أبي خازم:
يسومون الصّلاح بذات كهف *** وما فيها لهم سلع وقار
وقوله: وما فيها أي وما في المصالحة، ولذلك أنّث الصّلاح.
واصطلاحا:
قال الكفويّ: الصّلاح هو سلوك طريق الهدى، وقيل: هو استقامة الحال على ما يدعو إليه (الشّرع) والعقل [الكليات للكفوي (561) ] .
والصّالح: المستقيم الحال في نفسه، وقال بعضهم: هو القائم بما عليه من حقوق اللّه وحقوق العباد، والكمال في الصّلاح منتهى درجات المؤمنين ومتمنّى الأنبياء والمرسلين. وقيل: التّغيّر إلى الاستقامة في الحال وضدّه الفساد. وقيل: هو حسن الهيئة والمنظر من جهة الخير والدّين لا من جهة الجمال والزّينة [الفتح (10/ 526) ] .
العناصر
1- الصلاح دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام .
2- فضل تربية الأولاد على الصلاح .
3- أهل الصلاح يوفقهم الله للثبات عند الممات، فينطقون بالشهادتين .
4- اقتران الإيمان بالعمل الصالح . 5
- الصّلاح سبيل إلى النصر في الدنيا والآخرة والاستخلاف في الأرض .
6- صحبة أهل الصلاح تورث في القلب الصلاح، وصحبة أهل الشر والفساد تورث في القلب الفساد .
7- غربة أهل الصلاح بين الفُسَّاق وأهل المنكرات .
8- دعوى صلاح الباطن دون صلاح الظاهر دعوى باطلة ليس لها أساس من الصحة .
9- الصلاح في الدين سببه الأمر والنهي والدعوة إلى الخير .
10- نماذج من الصالحين والصالحات من سلف الأمة .
الايات
1- قول الله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) [البقرة: 25] .
2- قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 62] .
3- قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً * ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً) [النساء: 69- 70] .
4- قوله تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) [ الأعراف: 196] .
5- قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) [مريم: 59- 60] .
6- قوله تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [الجاثية: 21] .
7- قوله تعالى: (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء: 34- 35] .
8- قوله تعالى: (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) [القصص: 27] .
9- قوله تعالى: (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ * وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ)[ هود: 116- 117] .
الاحاديث
1- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «أسرعوا بالجنازة. فإن كانت صالحة قرّبتموها إلى الخير. وإن كانت غير ذلك كان شرّا تضعونه عن رقابكم» [رواه البخاري- الفتح 3 (1315). ومسلم (944) واللفظ له].
2- عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا أراد اللّه بعبد خيرا استعمله» فقيل: كيف يستعمله يا رسول اللّه؟ قال: «يوفّقه لعمل صالح قبل الموت»[رواه الترمذي (2142) واللفظ له وقال: هذا حديث صحيح. والبغوي في شرح السنة (14/ 290). وقال محققه: إسناده صحيح وقال الشيخ الألباني صحيح أنظر صحيح الترغيب والترهيب ( 3357) ] .
3- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلّا من ثلاثة، إلّا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» [رواه مسلم (1631) ] .
4- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ الميّت يصير إلى القبر. فيجلس الرّجل الصّالح في قبره، غير فزع، ولا مشعوف. ثمّ يقال له: فيم كنت ؟ فيقول: كنت في الإسلام.فيقال له: ما هذا الرّجل؟ فيقول: محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جاءنا بالبيّنات من عند اللّه فصدّقناه. فيقال له: هل رأيت اللّه؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى اللّه، فيفرج له فرجة قبل النّار. فينظر إليها يحطم بعضها بعضا. فيقال له: انظر إلى ما وقاك اللّه. ثمّ يفرج له قبل الجنّة. فينظر إلى زهرتها وما فيها. فيقال له: هذا مقعدك. ويقال له: على اليقين كنت. وعليه متّ. وعليه تبعث إن شاء اللّه. ويجلس الرّجل السّوء في قبره فزعا مشعوفا. فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: ما هذا الرّجل؟ فيقول:سمعت النّاس يقولون قولا فقلته. فيفرج له قبل الجنّة. فينظر إلى زهرتها وما فيها. فيقال له: انظر إلى ما صرف اللّه عنك. ثمّ يفرج له فرجة قبل النّار. فينظر إليها. يحطم بعضها بعضا. فيقال له: هذا مقعدك. على الشّكّ كنت. وعليه متّ. وعليه تبعث، إن شاء اللّه تعالى» [رواه ابن ماجة (4268) وصححه الألباني، صحيح ابن ماجة (3443) ] .
5- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ الهدي الصّالح والسّمت الصّالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النّبوّة» [رواه أبو داود (4776)، وقال الحافظ ابن حجر: أخرجه أبو داود وأحمد، وسنده حسن- الفتح 10 (526) باب الهدى الصالح ] .
6- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش: أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده» [رواه البخاري- الفتح 9 (5082) واللفظ له. ومسلم (2527) ] .
7- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: دخلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يوعك فوضعت يدي عليه. فوجدت حرّه بين يديّ، فوق اللّحاف. فقلت: يا رسول اللّه ما أشدّها عليك قال: «إنّا كذلك. يضعّف لنا البلاء، ويضعّف لنا الأجر». فقلت: يا رسول اللّه! أيّ النّاس أشدّ بلاء؟ قال: «الأنبياء» قلت: يا رسول اللّه! ثمّ من؟ قال: «ثمّ الصّالحون. إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر. حتّى ما يجد أحدهم إلّا العباءة يحوّيها. وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرّخاء» [رواه ابن ماجة (4024) وهذا لفظه، وفي الزوائد: إسناده صحيح. وبعضه في الصحيحين من حديث عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه. البخاري- الفتح 10 (5648). ومسلم (2571) ] .
8- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «قال اللّه- عزّ وجلّ-: (أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) مصداق ذلك في كتاب اللّه: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة: 17]» [رواه البخاري- الفتح 6 (3244). ومسلم (2824) واللفظ له] .
9- عن سعد بن أبي وقّاص- رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعودني عام حجّة الوداع من وجع اشتدّ بي، فقلت: إنّي قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال، ولا يرثني إلّا ابنة لي، أفأتصدّق بثلثي مالي؟ قال: «لا». فقلت: بالشّطر؟ فقال: «لا». ثمّ قال: «الثّلث، والثّلث كبير- أو كثير- إنّك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكفّفون النّاس ، وإنّك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللّه إلّا أجرت بها حتّى ما تجعل في في امرأتك».فقلت: يا رسول اللّه! أخلّف بعد أصحابي؟. قال: «إنّك لن تخلّف ، فتعمل عملا صالحا إلّا ازددت به درجة ورفعة، ثمّ لعلّك أن تخلّف حتّى ينتفع بك أقوام ويضرّ بك آخرون. اللّهمّ أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردّهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة. يرثي له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن مات بمكّة» [رواه البخاري- الفتح 3 (12951 واللفظ له. ومسلم (1628). وأفاد أبو داود الطيالسي أن القائل «يرثى له» .. الخ هو الزهري ويؤيده سقوطها من بعض روايات الحديث] .
10- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «سبعة يظلّهم اللّه في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: إمام عدل، وشابّ نشأ في عبادة اللّه، ورجل قلبه معلّق في المساجد، ورجلان تحابّا في اللّه، اجتمعا عليه وتفرّقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إنّي أخاف اللّه، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر اللّه خاليا ففاضت عيناه» [رواه البخاري- الفتح 3 (1423) واللفظ له .. ومسلم (1031) ] .
الاثار
1- قال عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه-: إنّ عمر بن الخطّاب كان حصنا حصينا للإسلام يدخل فيه، ولا يخرج منه، فلمّا مات عمر انثلم من الحصن ثلمة فهو يخرج منه، ولا يدخل فيه، وكان إذا سلك بنا طريقا وجدناه سهلا، فإذا ذكر الصّالحون، فحيّ هلا بعمر بن الخطّاب، كان فصل ما بين الزّيادة والنّقصان، واللّه لوددت أنّي أخدم مثله حتّى أموت.[ شرح السنة للبغوي (14/ 95، 96) ] .
2- قال مجاهد- رحمه اللّه-: العمل الصّالح يرفع الكلم الطّيّب.[ البخاري- الفتح 13 (415) ] .
3- عن الحسن قال: «ليس الإيمان بالتّحلّي ولا بالتّمنّي، ولكن ما وقر في القلوب وصدّقته الأعمال، من قال حسنا، وعمل غير صالح، ردّه اللّه على قوله، ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل، وذلك بأنّ اللّه تعالى يقول: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر:10]،[ اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (ص 42- 43) ] .
الاشعار
1- صدق من قال:
إن الفتاةَ حَدِيْقةٌ وحياؤُها كالماءِ موقُوفٌ عليه نماؤُها بفروعِها تَجري الحياةُ فَتًكْتَسي حُلَلاً يَرُوقُ الناَّظِرينَ رُواؤُها إيْمانُها بالله أحْسَنُ نَضْرَةٍ فيها فاءِ مَّا ضَاعَ ضَاعَ بَهاؤُها لا خَيْرَ فِي حُسْنِ الفَتاةِ وعِلْمِها إن كانَ فِي غَيْرِ الصَّلاحِ رِضاؤُها فجمالُها وقْفٌ عَلَيْها إنَّما للناسِ مِنْها دِيْنُها ووفاؤُها
2- قال الشّافعيّ- رحمه اللّه-:
أحبّ الصّالحين ولست منهم *** لعلّي أن أنال بهم شفاعه
وأكره من تجارته المعاصي *** ولو كنّا سواء في البضاعه
[ديوان الشافعي (ص 90) ] .
4- قال أبو العتاهية:
وإذا تناسبت الرّجال، فما أرى *** نسبا يقاس بصالح الأعمال
وإذا بحثت عن التّقيّ وجدته *** رجلا يصدّق قوله بفعال
وإذا اتّقى اللّه امرؤ وأطاعه *** فتراه بين مكارم ومعالي
[ديوان أبو العتاهية].
متفرقات
1- يقول الطاهر بن عاشور: وتخصيص (وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ) بالذكر بعد شمول الخيرات إياهما تنويه بشأنهما لأن بالصلاة صلاح النفس إذ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وبالزكاة صلاح المجتمع لكفاية عوز المعوزين [التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور (17/81) ] .
2- ويقول أيضاً: فإن صلاح النفس تزكية الباطن والظاهر ففي قيام الليل إشارة إلى تزكية النفس باستجلاب رضى الله تعالى. وفي الاستغفار تزكية الظاهر بالأقوال الطيبة الجالبة لمرضاة الله عز وجل [التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور (26/349) ] .
3- وأما صلاح النفس والذات فقد قال تعالى : (ومن يطع الله والرسول فاؤلئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أؤلئك رفيقا) [النساء: 69] وقال تعالى : (وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين) [الأنبياء: 86] وقال تعالى حكاية عن سليمان : (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) [النمل: 19] وقال تعالى : (ولوطا آتيناه حكما وعلما ـ إلى قوله ـ (وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين) [الأنبياء: 75] وليس المراد الصلاح لمطلق الرحمة العامة الإلهية الواسعة لكل شئ ولا الخاصة بالمؤمنين على ما يفيده قوله تعالى : (ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون) [الاعراف: 156] إذ هؤلاء القوم وهم الصالحون ، طائفة خاصة من المؤمنين المتقين ، ومن الرحمة ما يختص ببعض دون بعض ، قال تعالى (يختص برحمته من يشاء) [البقرة : 105] وليس المراد أيضا مطلق كرامة الولاية ، وهو تولي الحق سبحانه أمر عبده ، فإن الصالحين وإن شرفوا بذلك وكانوا من الأولياء المكرمين على ما بيناه سابقا في قوله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم) [فاتحة الكتاب : 6] وسيجئ في تفسير الآية لكن هذه أعني الولاية صفة مشتركة بينهم وبين النبيين ، والصديقين ، والشهداء فلا يستقيم إذن عدهم طائفة خاصة في قبالهم. نعم الأثر الخاص بالصلاح هو الإدخال في الرحمة ، وهو الأمن العام من العذاب كما ورد المعنيان معا في الجنة ، قال تعالى : (فيدخلهم ربهم في رحمته) [الجاثية : 30] أي في الجنة ، وقال تعالى : (يدعون فيها بكل فاكهة آمنين) [الدخان : 55] أي في الجنة. وأنت إذا تدبرت قوله تعالى : (وأدخلناه في رحمتنا) [الأنبياء : 75 ]، وقوله : (وكلا جعلنا صالحين) [الأنبياء : 72 ]- حيث نسب الفعل إلى نفسه تعالى لا إلى العبد - ثم تأملت أنه تعالى قصر الأجر والشكر على ما بحذاء العمل والسعي قضيت بأن الصلاح الذاتي كرامة ليست بحذاء العمل والإرادة وربما تبين به معنى قوله تعالى : (لهم ما يشاؤن فيها) وهو ما بالعمل - وقوله : (ولدينا مزيد) - وهو أمر غير ما بالعمل ثم إنك إذا تأملت حال إبراهيم ومكانته في أنه كان نبيا مرسلا وأحد أولي العزم من الأنبياء ، وأنه إمام ، وأنه مقتدى عدة ممن بعده من الأنبياء والمرسلين وأنه من الصالحين بنص قوله تعالى : (وكلا جعلنا صالحين) [الأنبياء: 72] الظاهر في الصلاح المعجل على أن من هو دونه في الفضل من الأنبياء أكرم بهذا الصلاح المعجل وهو مع ذلك كله يسأل اللحوق بالصالحين الظاهر في أن هناك قوما من الصالحين سبقوه وهو يسأل اللحوق بهم فيما سبقوه إليه، وأجيب بذلك في الآخرة كما يحكيه الله تعالى في ثلاثة مواضع من كلامه حيث قال تعالى : (ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) [البقرة : 130] وقال تعالى : (وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين) [العنكبوت : 27] وقال تعالى : (وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين) [النحل : 122] فإذا تأملت ذلك حق التأمل قضيت بأن الصلاح ذو مراتب بعضها فوق بعض. أ هـ باختصار يسير [الميزان ـ 303 ـ 306]، [وانظر جامع لطائف التفسير المؤلف / عبد الرحمن بن محمد القماش إمام وخطيب بدولة الإمارات العربية عفا الله عنه وغفر له (2/119)] .
4- إن مهمة الجانب العبادي للإنسان تعتبر ركنا أصيلا في المنهاج الإلهي، الذي شرعه الله تعالى على غاية العلم والحكمة، وجعله بناء محكما يشد بعضه بعضا، ويؤدي كل جانب فيه عمله الخاص أو العام على غاية التفرد، والتفوق والامتياز، ويظن بعض الناس أن العبادات في المنهاج الإلهي هي ضروب من الطقوس، أو المراسيم الشكلية فرضت على العباد فرضا لغاية دينية محضة، هي إظهار الذل والخضوع لله تعالى فقط، وليس لها وظائف عظمي تابعة. والحق أن العبادات التي سنها الله لنا ذات تأثير شمولي مشرق، ولها اخطر المهمات في تمكين الحقائق العليا للرسالات الإلهية، وتحقيق الفطرة الإنسانية على وجهها الصحيح المستقيم، طالما تمثلت فيها عناصر الحب والذل، والرجاء والخوف، ونحوها. ومعلوم لدى العلماء أن للعبادة مقصدًا أصليا، وهو التوجه إلى الواحد الصمد، وإفراده بالعبادة في كل حال، طلبا لرضى الله، والفوز بالدرجات العلي، وهناك مقاصد تابعة للعباد مثل صلاح النفس واكتساب الفضيلة [انظر: المنهاج القرآني في التشريع (455) و الوسطية في القرآن الكريم المؤلف: الدكتور عَلي مَحَّمد محمد الصَّلاَّبي (1/413) ] .
5- يقول حسن البنا رحمه الله: والأمة الناهضة أحوج ما تكون إلى الخلق .. الخلق الفاضل القوي المتين والنفس الكبيرة العالية الطموحة ، إذ أنها ستواجه من مطالب العصر الجديد مالا تستطيع الوصول إليه إلا بالأخلاق القوية الصادقة النابعة من الإيمان العميق والثبات الراسخ والتضحية الكثيرة والاحتمال البالغ , وإنما يصوغ هذه النفس الكاملة الإسلام وحده ، هو الذي جعل صلاح النفس و تزكيتها أساس الفلاح ، فقال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس:9-10] .
وجعل تغيير شئون الأمم وقفا على تغير أخلاقها وصلاح نفوسها فقال : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد:11] . وإنك لتسمع الآيات البالغة في مفردات الأخلاق الكريمة فتراها القوة التي لا تغالب في إصلاح النفوس وإعدادها وتزكيتها وتصفيتها , مثل قوله تعالى في الوفاء : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً , لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) [الأحزاب:23-24] . وفي البذل والتضحية والصبر والاحتمال ومغالبة الشدائد : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ , وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [التوبة:120-121]، [ رسائل الإمام حسن البنا (1/304) ] .
الإحالات
1- المطلب الحميد في بيان مقاصد التوحيد تأليف:عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي 1285م الناشر:دار الهداية للطباعة والنشر و الترجمة الطبعه: الأولى 1411هـ 1991م (1/140) .
2- التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور المؤلف : محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان الطبعة : الأولى، 1420هـ/2000م (17/81) .
3- تفسير روح البيان ـ موافق للمطبوع المؤلف : إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي دار النشر / دار إحياء التراث العربى (1/277) .
4- جامع لطائف التفسير المؤلف / عبد الرحمن بن محمد القماش إمام وخطيب بدولة الإمارات العربية عفا الله عنه وغفر له (2/119) .
5- الوسطية في القرآن الكريم المؤلف: الدكتور عَلي مَحَّمد محمد الصَّلاَّبي الناشر: مكتبة الصحابة، الشارقة - الإمارات، مكتبة التابعين، القاهرة – مصر الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2001 م (1/413) .
6- موسوعة الأخلاق الإسلامية إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net (2/36) .
7- تهذيب الأخلاق المؤلف : ابن مسكويه مصدر الكتاب : موقع الوراق
http://www.alwarraq.com (1/32) . 8- موسوعة فقه الابتلاء 1-4 جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود (4/253) .
9- عيوب النفس المؤلف: محمد بن الحسين بن موسى السلمي أبو عبد الرحمن دار النشر: مكتبة الصحابة - طنطا – 1408 تحقيق : مجدي فتحي السيد (1/25) .
10- مجلة البحوث الإسلامية - مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد المؤلف: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (93/113) .