صالحات
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
قال ابن عاشور: والصالحات جمع صالحة وهي الفعلة الحسنة فأصلها صفة جرت مجرى الأسماء؛ لأنهم يقولون صالحة وحسنة ولا يقدرون موصوفا محذوفا، قال الحطيئة:
كيف الهجاء وما تنفك صالحة *** من آل لأم بظهر الغيب تأتينا
(التحرير والتنوير سورة البقرة آية: (25)
العناصر
1- مفهوم العمل الصالح ومكانته.
2- أهمية طرق كل أبواب الخير.
3- شروط قبول العمل
4- ثمرات العمل الصالح وفوائده
5-مجالات العمل الصالح
6- اغتنام الأعمار في العمل الصالح.
الايات
1- قَالَ الله تَعَالَى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 25]
2- (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) [البقرة:215].
3- قالَ تَعَالَى: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله) [البقرة:197].
4- قالَ تَعَالَى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]
5- قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].
6- قال تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا) [الإسراء: 19].
7- قال تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) [الكهف: 82]
8- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) [مريم: 96].
9- قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90].
10- قال تعالى: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المزمل: 20]
11- قالَ تَعَالَى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) [الزلزلة :7].
12- قالَ تَعَالَى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ) [الجاثـية :15].
13- قالَ تَعَالَى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) [المؤمنون: 99-100].
الاحاديث
1- عن أبي ذر جُنْدبِ بنِ جُنَادَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، أيُّ الأعمالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: “الإيمانُ باللهِ وَالجِهادُ في سَبيلِهِ”. قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قَالَ: “أنْفَسُهَا عِنْدَ أهلِهَا وَأكثَرهَا ثَمَناً”. قُلْتُ: فإنْ لَمْ أفْعَلْ؟ قَالَ: “تُعِينُ صَانِعاً أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ”. قُلْتُ: يَا رَسُول الله، أرأيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ العَمَلِ؟ قَالَ: “تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ”(مُتَّفَقٌ عليه).
2- عن أبي ذر أيضاً رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى منْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ: فَكُلُّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحمِيدةٍ صَدَقَة، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأمْرٌ بِالمعرُوفِ صَدَقةٌ، ونَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقةٌ، وَيُجزِىءُ مِنْ ذلِكَ رَكْعَتَانِ يَركَعُهُما مِنَ الضُّحَى”(رواه مسلم).
3- وعَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: “عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أعْمَالِهَا الأذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّريقِ، وَوَجَدْتُ في مَسَاوِىءِ أعمَالِهَا النُّخَاعَةُ تَكُونُ في المَسْجِدِ لا تُدْفَنُ”(رواه مسلم).
4- وعَنْهُ: أنَّ ناساً قالوا: يَا رَسُولَ الله، ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور بالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أمْوَالِهِمْ، قَالَ: “أَوَلَيسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ بِهِ: إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقةً، وَكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ” قالوا: يَا رسولَ اللهِ، أيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أجْرٌ؟ قَالَ: “أرَأيتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حَرامٍ أَكَانَ عَلَيهِ وِزرٌ؟ فكذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ”(رواه مسلم).
5- وعَنْهُ، قَالَ: قَالَ لي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: “لا تَحْقِرنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئاً وَلَوْ أنْ تَلقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَليقٍ”(رواه مسلم).
6- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَينَ الاثْنَينِ صَدَقةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ، فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وبكلِّ خَطْوَةٍ تَمشيهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُميطُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ”(مُتَّفَقٌ عليه). ورواه مسلم أيضاً من رواية عائشة رَضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسان مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وثلاثمئة مفْصَل، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وحَمِدَ الله، وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ الله، وَاسْتَغْفَرَ الله، وَعَزَلَ حَجَراً عَنْ طَريقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً، أَوْ عَظماً عَن طَريقِ النَّاسِ، أَوْ أمَرَ بمَعْرُوف، أَوْ نَهَى عَنْ منكَر، عَدَدَ السِّتِّينَ والثَّلاثِمئَة فَإنَّهُ يُمْسِي يَومَئِذٍ وقَدْ زَحْزَحَ نَفسَهُ عَنِ النَّارِ”.
7- وعَنْهُ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِد أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ في الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ”(مُتَّفَقٌ عليه).
8- وعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شاةٍ”(مُتَّفَقٌ عليه).
9- وعَنْهُ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “الإيمانُ بِضْعٌ وَسَبعُونَ أَوْ بِضعٌ وسِتُونَ شُعْبَةً: فَأفْضَلُهَا قَولُ: لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، والحياءُ شُعبَةٌ مِنَ الإيمان”(مُتَّفَقٌ عليه).
10- وعَنْهُ: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “بَينَما رَجُلٌ يَمشي بِطَريقٍ اشْتَدَّ عَلَيهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئراً فَنَزَلَ فِيهَا فَشربَ، ثُمَّ خَرَجَ فإذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يأكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبُ مِنَ العَطَشِ مِثلُ الَّذِي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أمْسَكَهُ بفيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ الله لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ” قالوا: يَا رَسُول اللهِ، إنَّ لَنَا في البَهَائِمِ أَجْراً؟ فقَالَ: “في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ”(مُتَّفَقٌ عليه).
وفي رواية للبخاري: “فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ، فأدْخَلَهُ الجَنَّةَ” وفي رواية لهما: “بَيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يقتلُهُ العَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيل، فَنَزَعَتْ مُوقَها فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ”.
11- وعَنْهُ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “لَقدْ رَأيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَرِيقِ كَانَتْ تُؤذِي المُسْلِمِينَ”(رواه مسلم). وفي رواية: “مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لأُنْحِيَنَّ هَذَا عَنِ المُسْلِمينَ لا يُؤذِيهِمْ، فَأُدخِلَ الجَنَّةَ”. وفي رواية لهما: “بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشي بِطَريقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوكٍ عَلَى الطريقِ فأخَّرَه فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ”.
12- وعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الجُمعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْن الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَا فَقَدْ لَغَا”(رواه مسلم).
13- وعَنْهُ: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “إِذَا تَوَضَّأ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَو المُؤمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَينيهِ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيهِ كُلُّ خَطِيئَة كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ المَاءِ، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مشتها رِجْلاَهُ مَعَ المَاء أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ المَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيّاً مِنَ الذُّنُوبِ”(رواه مسلم).
14- وعَنْهُ، عن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّراتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ”(رواه مسلم).
15- وعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟” قَالُوا: بَلَى، يَا رسولَ اللهِ، قَالَ: “إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ”(رواه مسلم).
16- عن أبي موسى الأشعرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ”(مُتَّفَقٌ عليه).
17- عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً”(رواه البخاري).
18- وعن جَابرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ” رواه البخاري، و”رواه مسلم) مِنْ رواية حُذَيفة رضي الله عنه.
19- وعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلاَّ كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنهُ لَهُ صَدَقَةً، وَلاَ يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً”(رواه مسلم).
وفي رواية لَهُ: “فَلاَ يَغْرِسُ المُسْلِمُ غَرْساً فَيَأْكُلَ مِنْهُ إنْسَانٌ وَلاَ دَابَّةٌ وَلاَ طَيْرٌ إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقة إِلَى يَومِ القِيَامةِ”. وفي رواية لَهُ: “لاَ يَغرِسُ مُسْلِمٌ غَرساً، وَلاَ يَزرَعُ زَرعاً، فَيَأكُلَ مِنهُ إنْسَانٌ وَلاَ دَابَةٌ وَلاَ شَيءٌ، إلاَّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً”.
20- وعَنْهُ، قَالَ: أراد بنو سَلِمَةَ أَن يَنتقِلوا قرب المسجِدِ فبلغ ذلِكَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لهم: “إنَّهُ قَدْ بَلَغَني أنَّكُمْ تُرِيدُونَ أنْ تَنتَقِلُوا قُربَ المَسجِد؟” فقالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُول اللهِ قَدْ أَرَدْنَا ذلِكَ. فَقَالَ: “بَنِي سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ، تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، ديَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ”(رواه مسلم). وفي روايةٍ: “إنَّ بِكُلِّ خَطوَةٍ دَرَجَةً”(رواه مسلم).
21- عن أبي المنذِر أُبيِّ بنِ كَعْب رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ لا أعْلَمُ رَجلاً أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَ لاَ تُخْطِئُهُ صَلاةٌ، فَقيلَ لَهُ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ: لَوِ اشْتَرَيْتَ حِمَاراً تَرْكَبُهُ في الظَلْمَاء وفي الرَّمْضَاء؟ فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلي إِلَى جَنْبِ المَسْجِدِ إنِّي أريدُ أنْ يُكْتَبَ لِي مَمشَايَ إِلَى المَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أهْلِي، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “قَدْ جَمَعَ اللهُ لَكَ ذلِكَ كُلَّهُ”(رواه مسلم). وفي رواية: “إنَّ لَكَ مَا احْتَسَبْتَ”.
22- عن أبي محمد عبدِ اللهِ بنِ عمرو بن العاصِ رَضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “أرْبَعُونَ خَصْلَةً: أعْلاَهَا مَنيحَةُ العَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَة مِنْهَا؛ رَجَاءَ ثَوَابِهَا وتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إلاَّ أدْخَلَهُ اللهُ بِهَا الجَنَّةَ”(رواه البخاري).
23- عن عَدِي بنِ حَاتمٍ رضي الله عنه، قَالَ: سمعت النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، يقول: “اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشقِّ تَمْرَةٍ”(مُتَّفَقٌ عليه). وفي رواية لهما عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَينَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنظُرُ بَيْنَ يَدَيهِ فَلاَ يَرَى إلاَّ النَّار تِلقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ”.
24- عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أنْ يَأكُلَ الأَكْلَةَ، فَيَحمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا”(رواه مسلم).
25- عن أَبي موسى رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “عَلَى كلّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ” قَالَ: أرأيتَ إنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: “يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ” قَالَ: أرأيتَ إن لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: “يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ قَالَ: أرأيتَ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، قَالَ: “يَأمُرُ بِالمعْرُوفِ أوِ الخَيْرِ” قَالَ: أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: “يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ”(مُتَّفَقٌ عليه).
26- عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: أقبل نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة- وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف، ونبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شابّ لا يعرف قال: فيلقى الرّجل أبا بكر فيقول: "يا أبا بكر من هذا الرّجل الّذي بين يديك؟". فيقول: هذا الرّجل يهديني السّبيل قال: فيحسب الحاسب أنّه إنّما يعني الطّريق، وإنّما يعني سبيل الخير ... الحديث (رواه البخاري: 3911).
27- عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا"، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ"(أخرجه الترمذي (2527)، وصححه الألباني).
28- عَن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ قَالَ: حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ". وقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: فَكَانَ أَبُو الخَيْرِ اليَزَنِيُّ المِصْرِيُّ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ لَا يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَعْكَةً وَلَوْ بَصَلَةً(أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2431)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (4510).
29- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالُوا: وَكَيْفَ؟ ، قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ دِرْهَمَانِ تَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا وَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا"(أخرجه النسائي في الكبرى (2526)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (3606).
30- عَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"(أخرجه البخاري (5355)، ومسلم (95).
31- عَنْ أَبِي ذَرٍّ-رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنَّهُ قَالَ: "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى"(أخرجه مسلم (84).
32- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ "(أخرجه أحمد (9225)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (3879).
33- عَنْ سَهْلٍ بن سَعْدٍ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: " إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ"(أخرجه البخاري (1896)، ومسلم (166).
34- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ مُرْنِي بِأَمْرٍ آخُذُهُ عَنْكَ، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لاَ مِثْلَ لَهُ"(أخرجه النسائي (2220)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (4044).
35- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري-رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ، عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا "(أخرجه البخاري (2840)، ومسلم (168).
36- عَنِ ابْنِ عُمَرَ-رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ"(أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (7256)، وابن ابي الدنيا في قضاء الحوائج (ص: 2)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (2164).
37- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ (أخرجه البخاري: 6502).
38- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ الْمَيِّتَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ، فَإِنْ كانَ مُؤْمِناً، كانت الصَّلاَةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكانَتِ الزَّكاةُ عَنْ شِمَالِهِ، وَكانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ: مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالصَّلاةِ، وَالْمَعْرُوفِ، وَالإحْسَانِ إلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤتَى مِنْ قِبَلِ رَأسِهِ، فَتَقُولُ الصَّلاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤتَى مِنْ قِبَلِ يَسَارِهِ فَتَقُولُ الزَّكاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَل، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَيَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصَّلاةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإحْسَانِ إلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ. فَيَقُولُ لَهُ: اجْلِسْ، فَيَجْلِسُ قَدْ مُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ وَقَدْ آذَنَتْ لِلْغُرُوبِ، فَيُقَالُ لَهُ: أرَأيْتُكَ هذَا الَّذِي كان قَبْلَكُمْ مَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ؟. فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أصَلِّيَ. فَيَقُولانِ: إِنَّكَ سَتَفْعَلُ، أخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ عَنْهُ، أرَأيْتُكَ هذَا الرَّجُلُ الَّذِي كان قَبْلَكُمْ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ، وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ؟. قَالَ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ؟ أَشْهَدُ أنَّهُ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللهِ. فَيُقَالُ لَهُ: عَلَى ذلِكَ حَييتَ، وَعَلَى ذلِكَ مِتَّ، وَعَلَى ذلِكَ تُبْعَثُ إنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أبْوَاب الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ مِنْهَا، وَمَا أعَدَّ اللهُ لَكَ فِيهَا، فَيَزْدَادُ غبْطًةً وَسُرُوراً. ثُمَّ يُفْتَحُ لَه بَابٌ مِنْ أبْوَابِ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هذَا مَقْعَدُكَ وَمَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ فِيهَا لَوْ عَصَيْتَهُ، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُروراً. ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً، وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، وَيُعَادُ الْجَسَدُ لِمَا بُدِيءَ مِنْهُ فَتُجْعَلُ نَسَمَتُهُ فِي النَّسِيمِ الطَّيِّب، وَهِيَ طَيْرٌ تَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، فَذلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } [إبراهيم: 27](أخرجه ابن حبان في صحيحه (3113)، والزهد لهناد بن السري (338)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (1403)، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 220)، وحسنه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (3103).
39- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَدِّدُوا وقارِبُوا، واعْلَمُوا أنْ لَنْ يُدْخِلَ أحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وأنَّ أحَبَّ الأعْمالِ إلى اللَّهِ أدْوَمُها وإنْ قَلَّ"(أخرجه البخاري: (٦٤٦٤)، ومسلم: (٢٨١٨).
40- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخَذَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بمَنْكِبِي، فَقالَ: "كُنْ في الدُّنْيا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عابِرُ سَبِيلٍ"(رواه البخاري: ٦٤١٦).
41- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نامَ عن حِزْبِهِ، أوْ عن شَيءٍ منه، فَقَرَأَهُ فِيما بيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وصَلاةِ الظُّهْرِ؛ كُتِبَ له كَأنَّما قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ"(رواه مسلم: (٧٤٧).
42- عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل، فانحطت عليهم صخرة، قال: فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه، فقال أحدهم: اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران - فذكر من حسن بره بهما - ثم قال: فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغَون عند رجلي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجةً نرى منها السماء، قال: ففرج عنهم، وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أني كنت أحب امرأةً من بنات عمي كأشد ما يحب الرجل النساء - وذكر من عفته عما حرم الله - ثم قال: فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجةً، قال: ففرج عنهم الثلثين، وقال الثالث: اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرًا بفَرَقٍ من ذرة فأعطيته وأبى - فذكر من حسن وفائه - ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فكشف عنهم" أخرجه البخاري (2215) ، ومسلم (7127).
43- عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله، فقيل: كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت" أخرجه الترمذي (2142) وصححه الألباني.
44- عن علقمة قال: سَأَلْتُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عائِشَةَ، قُلتُ: يا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، كيفَ كانَ عَمَلُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، هلْ كانَ يَخُصُّ شيئًا مِنَ الأيّامِ؟ قالَتْ: لا، كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ ما كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَطِيعُ. أخرجه البخاري (٦٤٦٦)، ومسلم (٧٨٣).
45- عن عبدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما، قالَ: كُنْتُ أَصُومُ الدَّهْرَ وَأَقْرَأُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ، قالَ: فَإِمّا ذُكِرْتُ للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وإمّا أَرْسَلَ إلَيَّ فأتَيْتُهُ، فَقالَ لِي: أَلَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ الدَّهْرَ وَتَقْرَأُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ؟ فَقُلتُ: بَلى، يا نَبِيَّ اللهِ، وَلَمْ أُرِدْ بذلكَ إلّا الخَيْرَ، قالَ: فإنَّ بحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيّامٍ قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ، قالَ: "فإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا" قالَ: "فَصُمْ صَوْمَ داوُدَ نَبِيِّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّه كانَ أَعْبَدَ النّاسِ" قالَ قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، وَما صَوْمُ داوُدَ؟ قالَ: "كانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا" قالَ: "واقْرَأِ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْرٍ" قالَ قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ، قالَ: "فاقْرَأْهُ في كُلِّ عِشْرِينَ" قالَ قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ، قالَ: "فاقْرَأْهُ في كُلِّ عَشْرٍ قالَ قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ، قالَ: "فاقْرَأْهُ في كُلِّ سَبْعٍ، وَلا تَزِدْ على ذلكَ، فإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". قالَ: فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ. قالَ: وَقالَ لي النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّكَ لا تَدْرِي لَعَلَّكَ يَطُولُ بكَ عُمْرٌ". قالَ: فَصِرْتُ إلى الذي قالَ لي النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ رُخْصَةَ نَبِيِّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أخرجه البخاري (١٩٧٦) ومسلم (١١٥٩).
الاثار
1- كانَ ابنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يقولُ: "إذا أمْسَيْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّباحَ، وإذا أصْبَحْتَ فلا تَنْتَظِرِ المَساءَ، وخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، ومِنْ حَياتِكَ لِمَوْتِكَ" رواه البخاري: (٦٤١٦).
2- قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: (وعملوا الصالحات): أي أخلصوا الأعمال" تفسير الخازن والبغوي: (ج1-36).
3- عن وهب قال: "إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من الناس" تفسير النكت والعيون للماوردي: (3-336).
قال معاذ: "العمل الصالح الذي فيه أربعة أشياء: "العلم والنية والصبر والإخلاص" تفسير الخازن والبغوي: (ج1-36).
القصص
1- عن الطفيل بن أبي بن كعب أنَّه كان يَأتي عَبدَ اللهِ بنَ عُمرَ، فيَغْدوَ مَعه إلى السُّوقِ، قال: فإذا غَدَوْنا إلى السُّوقِ لم يَمُرَّ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ على سَقّاطٍ ولا صاحِبِ بَيْعةٍ ولا مِسْكينٍ وَلا أَحدٍ إلّا يُسلِّمُ عليهِ، قال الطُّفَيْلُ: فجِئتُ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ يومًا، فاستَتبعَني إلى السُّوقِ، فقُلتُ: ما تَصنَعُ بالسُّوقِ وأنتَ لا تَقِفُ على البَيعِ، ولا تَسأَلُ عنِ السِّلَعِ، ولا تَسومُ بِها، وَلا تَجلِسُ في مَجالسِ السُّوقِ؟! فاجلِسْ بِنا هُنا نَتحدَّثْ، فَقال لي عَبدُ اللهِ: يا أَبا بَطنٍ، - وَكانَ الطُّفَيْلُ ذا بَطنٍ - إنَّما نَغْدو مِن أَجلِ السَّلامِ؛ نُسلِّمُ على مَن لَقِينا(رواه البخاري في الأدب المفرد (٧٧٠) وصححه الألباني).
2- حُدِّثَ ابنُ عُمَرَ أنَّ أبا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ يقولُ: مَن تَبِعَ جَنازَةً فَلَهُ قِيراطٌ فَقالَ: أكْثَرَ أبو هُرَيْرَةَ عَلَيْنا، فَصَدَّقَتْ يَعْنِي عائِشَةَ أبا هُرَيْرَةَ، وقالَتْ: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُهُ فَقالَ ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما: لقَدْ فَرَّطْنا في قَرارِيطَ كَثِيرَةٍ فَرَّطْتُ: ضَيَّعْتُ مِن أمْرِ اللَّهِ (رواه البخاري: ١٣٢٣، ومسلم: ٩٤٥).
3- منصور بن المعتمر -رحمه الله- لو قيل له: إن ملك الموت على الباب ما كان عنده زيادة في العمل، فقد كان يصلي من طلوع الشمس إلى أن يصلي العصر، ثم يجلس يسبح في مصلاه إلى المغرب السير: (٥-٤٤٢).
متفرقات
1- يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي: ومن لطفه بعبده الحبيب عنده إذا مالت نفسه مع شهوات النفس الضارة واسترسلت في ذلك أن ينقصها عليه ويكدرها فلا يكاد يتناول منها شيئاً إلا مقرونا بالمكدرات محشواً بالغصص لئلا يميل معها كل الميل، كما أن من لطفه به أن يلذذ له التقربات ويحلي له الطاعات ليميل إليها كل الميل. ومن لطيف لطف الله بعبده أن يأجره على أعمال لم يعملها بل عزم عليها فيعزم على قربة من القرب ثم تنحل عزيمته لسبب من الأسباب فلا يفعلها فيحصل له أجرها فانظر كيف لطف الله به فأوقعها في قلبه وأدارها في ضميره وقد علم تعالى أنه لا يفعلها سوقا لبره لعبده وإحسانه بكل طريق . وألطف من ذلك أن يقيض لعبده طاعة أخرى غير التي عزم عليها هي أنفع له منها فيدع العبد الطاعة التي ترضى ربه لطاعة أخرى هي أرضى لله منها فتحصل له المفعولة بالفعل والمعزوم عليها بالنية وإذا كان من يهاجر إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت قبل حصول مقصوده قد وقع أجره على الله مع أن قطع الموت بغير اختياره فكيف بمن قطعت عليه نيته الفاضلة طاعة قد عزم على فعلها وربما ادار الله في ضمير عبده عدة طاعات كل طاعة لو انفردت لفعلها العبد لكمال رغبته ولا يمكن فعل شيء منها إلا بتفويت الأخرى فيوفقه للموازنة بينها وإيثار أفضلها فعلا مع رجاء حصولها جميعها عزماً ونية . وألطف من هذا أن يقدر تعالى لعبده ويبتليه بوجود أسباب المعصية ويوفر له دواعيها وهو تعالى يعلم أنه لا يفعلها ليكون تركه لتلك المعصية التي توفرت أسباب فعلها من أكبر الطاعات . كما لطف بيوسف عليه السلام في مراودة المرأة. وأحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: (إني أخاف الله رب العالمين) ومن لطف الله بعبده أن يقدر خيراً وإحسانا من عبده ويجريه على يد عبده الآخر ويجعله طريقاً إلى وصوله إلى المستحق فيثيب الله الأول والآخر. ومن لطف الله بعبده أن يجري بشيء من ماله شيئاً من النفع وخيراً لغيره فيثيبه من حيث لا يحتسب فمن غرس غرساً أو زرع زرعاً فاصابت منه روح من الأرواح المحترمة شيئاً آجر الله صاحبه وهو لا يدري خصوصاً إذا كانت عنده نية حسنة وعقد مع ربه عقداً في أنه مهما ترتب على ماله شيء من النفع فاسألك يارب أن تأجرني وتجعله قربة لي عندك، وكذلك لو كان له بهائم انتفع بدرها وركوبها والحمل عليها، أو مساكن انتفع بسكناها ولو شيئاً قليلاً، أو ماعون ونحوه انتفع به، أو عين شرب منها، وغير ذلك ككتاب انتفع به في تعلم شيء منه، أو مصحف قرئ فيه، والله ذو الفضل العظيم . ومن لطف الله بعبده أن يفتح له باباً من أبواب الخير لم يكن له على بال، وليس ذلك لقلة رغبته فيه وإنما هو غفلة منه وذهول عن ذلك الطريق فلم يشعر إلا وقد وجد في قلبه الداعي إليه والملفت إليه ففرح بذلك وعرف أنها من ألطاف سيده وطرقه التي قيض وصولها إليه فصرف لها ضميره ووجه إليها فكره وأدرك منها ماشاء الله (المواهب الربانية من الآيات القرآن: ص71-76).
2- قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله في شرح باب بيان كثرة طرق الخير من رياض الصالحين: الخير له طرق كثيرة، وهذا من فضل الله عز وجل على عباده، من أجل أن تتنوع لهم الفضائل والأجور والثواب الكثير . وأصول هذه الطرق ثلاثة إما جهد بدني وإما بذل مالي وإما مركب من هذا وهذا هذه أصول طرق الخير . أما الجهد البدني: فهو أعمال البدن مثل الصلاة والصيام والجهاد وما أشبه ذلك . وأما البذل المالي: مثل الزكوات والصدقات والنفقات وما أشبه ذلك . وأما المركب: فمثل الجهاد في سبيل الله بالسلاح فإنه يكون بالمال ويكون بالنفس ولكن أنواع هذه الأصول كثيرة جدا من أجل أن تتنوع للعباد والطاعات حتى لا يملوا لو كان الخير طريقا واحدا لمل الناس من ذلك وسئموا ولما حصل الابتلاء ولكن إذا تنوع كان ذلك أرفق بالناس وأشد في الابتلاء . قال الله تعالى في هذا الباب: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) وقال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) وهذا يدل على أن الخيرات ليست خيرا واحدا بل طرق كثيرة . ثم ذكر المؤلف آيات تشير إلى أن الخير له طرق قال الله تعالى: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) . والآيات في هذا كثيرة تدل على أن الخيرات ليست صنفا واحدا أو فردا واحدا أو جنسا واحدا . ويدل لما قلنا أن من الناس من تجده يألف الصلاة فتجده كثير الصلوات ومنهم من يألف قراءة القرآن فتجده كثيرا يقرأ القرآن ومنهم من يألف الذكر والتسبيح والتحميد وما أشبه ذلك فتجده يفعل ذلك كثيرا ومنهم الكريم الطليق اليد الذي يحب بذل المال فتجده دائما يتصدق ودائما ينفق على أهله ويوسع عليهم في غير إسراف . ومنهم من يرغب العلم وطلب العلم الذي هو في وقتنا هذا قد يكون أفضل أعمال البدن لأن الناس في الوقت الحاضر في عصرنا هذا محتاجون إلى العلم الشرعي لغلبة الجهل وكثرة المتعالمين الذين يدعون أنهم علماء وليس عندهم من العلم إلا بضاعة مسجاه، فنحن في حاجة إلى طلبة علم يكون عندهم علم راسخ ثابت مبني على الكتاب والسنة من أجل أن يردوا هذه الفوضى التي أصبحت منتشرة في القرى والبلدان كل إنسان عنده حديث أو حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصدى للفتيا ويتهاون بها وكأنه شيخ الإسلام ابن تيمية أو الإمام أحمد أو الشافعي أو غيرهم من الأئمة وهذا ينذر بخطر عظيم إن لم يتدارك الله الأمة بعلماء راسخين عندهم علم قوي وحجة قوية . ولهذا نرى أن طلب العلم اليوم أفضل الأعمال المتعدية للخلق أفضل من الصدقة وأفضل من الجهاد بل هو جهاد في الحقيقة لأن الله سبحانه وتعالى جعله عديلا للجهاد في سبيل الله وليس الجهاد الذي يشوبه ما يشوبه من الشبهات ويشك الناس في صدق نية المجاهدين لا الجهاد الحقيقي الذي تعلم علم اليقين أن المجاهدين يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا فتجدهم مثلا يطبقون هذا المبدأ في أنفسهم قبل أن يجاهدوا غيرهم فالجهاد الحقيقي في سبيل الله الذي يقاتل فيه المقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا يعادله طلب العلم الشرعي . ودليل ذلك قول الله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) يعني ما كان ليذهبوا إلى الجهاد جميعا (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ) يعني وقعدت طائفة وإنما قعدوا (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فجعل الله طلب العلم معادلا للجهاد في سبيل الله والجهاد الحق الذي يعلم بقرائن الأحوال وحال المجاهدين أنهم يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا . فالمهم أن طرق الخير كثيرة وأفضلها فيما أرى بعد الفرائض التي فرضها الله هو طلب العلم الشرعي لأننا اليوم في ضرورة إليها (شرح رياض الصالحين (1/136).
3- قال ابن كثير عند قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) [النحل: 97]: "هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا -وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله -بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة "(تفسير ابن كثير).
4- نقل ابنُ حجرٍ عن النوويِّ قوله: "بدوامِ القليل تستمرُّ الطاعة بالذِّكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله بخِلاف الكثير الشاقِّ، حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيدُ على الكثير المنقطِعِ أضعافًا كثيرة. وقال ابن الجوزي: إنما أحبُّ الدائم لمعنيَيْن:
أحدهما: أنَّ التارك للعمل بعد الدُّخول فيه كالمُعرِض بعد الوصل، فهو مُتعرِّض للذَّمِّ؛ ولهذا ورَدَ الوعيد في حقِّ مَن حفظ آيةً ثم نسيها، وإنْ كان قبلَ حفظِها لا يتعيَّنُ عليه.
ثانيهما: أنَّ مُداوم الخير مُلازمٌ للخدمة، فليس من لازمِ الباب في كلِّ يوم وقتًا ما؛ كمَن لازَمَ يومًا كاملاً ثم انقطع"؛ (الفتح: 1-103).
5- قال ابن حجر: قوله: "واستعينوا بالغدوة"؛ أي: استَعِينوا على مُداوَمة العبادةِ بإيقاعها في الأوقات المنشطة، والغدوة بالفتح سير أوَّلِ النَّهارِ، وقال الجوهري: ما بين صلاة الغداة وطُلوع الشمس. والروحة بالفتح السير بعد الزَّوال، والدلجة بضمِّ أوَّله وفتحه وإسكان اللام سير آخِر الليل، وقيل: سير الليل كله (وقيل: أوله، كما في "مختار الصحاح")؛ ولهذا عبَّر فيه بالتبعيض، ولأنَّ عمل الليل أشقُّ من عمل النهار، وهذه الأوقات أطيبُ أوقاتِ المسافر، وكأنَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- خاطَبَ مُسافرًا إلى مقصد، فنبَّهَه على أوقاتِ نشاطه؛ لأنَّ المسافر إذا سافَر الليلَ والنهارَ جميعًا عجز وانقطع، وإذا تحرَّى السيرَ في هذه الأوقات المنشطة أمكنَتْه المداومة من غير مشقَّةٍ، وحسَّن هذه الاستعارة أنَّ الدنيا في الحقيقة دارُ نقلةٍ إلى الآخِرة، وأنَّ هذه الأوقات بخصوصها أروَحُ ما يكونُ فيها البدن للعبادة"(الفتح: 2-88).
6- قال ابن حجر: وقوله: "خذ من صحَّتك..." إلخ؛ أي: اعمل ما تلقى نفعه بعد موتِك، وبادِرْ أيَّام صحَّتك؛ فإنَّ المرض قد يطرأ فيمتنعُ من العمل، فيُخشَى على مَن فرَّط في ذلك أنْ يصلَ إلى المعاد بغير زادٍ، ولا يُعارض ذلك الحديثُ الماضي في الصحيح: "إذا مَرِضَ العبدُ أو سافر كتَب الله له ما كان يعمَلُ صحيحًا مقيمًا"؛ لأنَّه ورَد في حقِّ مَن يعملُ، والتحذير الذي في حديث ابن عمر في حق مَن لم يعمل شيئًا، فإنَّه إذا مَرِضَ نَدِمَ على ترْكه العملَ، وعجزَ لمرضه عن العملِ؛ فلا يفيده الندمُ"(الفتح: ج12-198).
7- قال ابن قدامة: "والنفس متى وقَفت على فنٍّ واحد حصَل لها مللٌ، فمن التلطُّف نقلها من فنٍّ إلى فنٍّ، وقد قال الله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) [الإنسان: 25-26]. وهذا يدلُّ على أنَّ الطريق إلى الله تعالى مُراقبة الأوقات وعمارتها بالأوراد على الدَّوام، وقد قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) [الفرقان: 62]؛ أي: يخلفُ أحدهما الآخَر ليتدارَك في أحدهما ما فات في الآخر"(مختصر منهاج القاصدين: 56).
8- قال العراقي في قوله : "مَن نام عن حزبه"؛ أي: عن ورده؛ يعني: عن تمامه وهل المراد به صلاة الليل أو قِراءة القُرآن في صلاة أو غير صلاة؟ يحتملُ كلاًّ من الأمرين"(تحفة الأحوذي: 3-150).
9- قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عند حديث (أدومه وإن قل): "يعني أن الإنسان إذا اعتاد فعل الخير فينبغي أن يداوم عليه، فمثلا إذا اعتاد ألا يدع الرواتب -يعني الصلوات النوافل التي تتبع الصلوات الخمس- فليحافظ على ذلك، وإذا كان يقوم الليل فليحافظ على ذلك، وإذا كان يصلى ركعتين من الضحى فليحافظ على ذلك، وكل شيء من الخير إذا اعتاده فإنه ينبغي أن يحافظ عليه، وكان من هدى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن عمله ديمة، يعني يداوم عليه"(شرح رياض الصالحين: 497).
10- قال ابن القيم: "وقد دل على ذلك أن تلك الأعمال من الصلاة والزكاة والصيام، وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس - من أسباب النجاة من عذاب القبر وكربه وفتنه" أسباب عذاب القبر وكيفية النجاة منه لابن القيم، (ص: 8).
11- قال ابن سعدي رحمه الله: "وصفت أعمال الخير بالصالحات، لأن بها تصلح أحوال العبد، وأمور دينه ودنياه، وحياته الدنيوية والأخروية، ويزول بها عنه فساد الأحوال، فيكون بذلك من الصالحين، الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته" تفسير السعدي سورة البقرة آية: (25).
الإحالات
1- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم المؤلف : عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي الناشر : دار الوسيلة للنشر والتوزيع، جدة الطبعة : الرابعة (2/177) .
2- تفسير أسماء الله الحسنى تأليف: الشيخ عبد الرحمن السعدي دراسة وتحقيق: عبيد بن علي العبيد الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد 112 - السنة 33 -1421هـ (1/79)
3- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن المؤلف : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت – لبنان عام النشر : 1415 هـ - 1995 مـ (9/95) .
4- التحرير والتنوير المؤلف : محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : الدار التونسية للنشر – تونس سنة النشر: 1984 هـ (7/230) .
5- التفسير الوسيط للزحيلي المؤلف : د وهبة بن مصطفى الزحيلي الناشر: دار الفكر – دمشق الطبعة : الأولى - 1422 هـ (1/697) .
6- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) حققه: مُحَمَّد أجمل الإصْلاَحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري الناشر: مجمع الفقه الإسلامي بجدة، ط دار عالم الفوائد بجدة الطبعة: الأولى، 1429 (1/134) .
7- الذخائر والعبقريات - معجم ثقافي جامع المؤلف: عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن سيد بن أحمد البرقوقي الأديب المصري (المتوفى: 1363هـ) الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، مصر (1/7) .
8- فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف: محمد نصر الدين محمد عويضة (1/219) .
9- بصائر في الفتن المؤلف: محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم الناشر: الدار العالمية للنشر والتوزيع، الإسكندرية – مصر الطبعة: الثانية، 1429 هـ - 2008 م (1/12) .
10- دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ (موضوعات للخطب بأدلتها من القرآن الكريم والسنة الصحيحة) مع ما تيسر من الآثار والقصص والأشعار المؤلف: شحاتة محمد صقر الناشر: جـ1 / دَارُ الفُرْقَان للتُرَاث – البحيرة جـ 2/ دار الخلفاء الراشدين - دار الفتح الإسلامي (الإسكندرية) (1/390) .
11- صحيح الترغيب والترهيب المؤلف: محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: 1420هـ) الناشر: مكتبة المعارف – الرياض الطبعة: الخامسة (1/212) .
12- تفسير القرآن العظيم المؤلف : أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى : 774هـ) المحقق : محمود حسن الناشر : دار الفكر الطبعة : الطبعة الجديدة 1414هـ/1994م (2/250) .
13- تطريز رياض الصالحين المؤلف: فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376هـ) المحقق: د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع، الرياض الطبعة: الأولى، 1423 هـ - 2002 م - باب في بيان كثرة طرق الخير .
الحكم
قال حكيمٌ: "مَن أمضى يومًا من عُمره في غير حقٍّ قَضاه، أو فَرضٍ أدَّاه، أو مجدٍ أثَّلَه، أو حمدٍ حصَّلَه، أو خيرٍ أسَّسَه، أو علمٍ اقتبسَه فقد عقَّ يومه، وظلم نفسَه" أدب الدنيا والدين للماوردي: (42).