شهيد
2022-10-06 - 1444/03/10التعريف
التعريف:
تعريف الشهيد:
الشهيد في اللغة: على وزن "فَعِيْل"، مشتق من الفعل شَهِدَ يَشْهُد شهادةً، فهو شاهد وشهيد. فشاهد وشهيد بمعنى واحد، مثل عالم وعليم، وناصر ونصير (جمهرة اللغة، لابن دريد: 2/653، 3/1248).
إلا أن صيغة فعيل أبلغ (عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، لابن السمين، ص278)، وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل (النهاية، لابن الأثير: 2/513).
وقيل: الشهيد: فعيل، بمعنى مفعول (أنيس الفقهاء، للقونوي، ص123). والشهيد: القتيل في سبيل الله، وقد استشهد فلان على ما لم يُسَمَّ فاعله (مختار الصحاح، للرازي، ص147). والشين والهاء والدال أصل يدلّ على حضور، وعلم، وإعلام، ومن ذلك الشهادة، يجمع الأصول التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام (المقاييس في اللغة: 3/221). والشاهد، والشهيد: الحاضر، والجمع شهداء، وشهَّد، وأشهاد، وشهود (لسان العرب: 3/239).
ومما يدل على أن من معانيه الحضور: ما جاء في الحديث: “لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه” (رواه البخاري: 4899).
ومن ذلك قول الشاعر:
كأني، وإن كانت شهودًا عشيرتي *** إذا غبت عني يا عثيم غريب
(أورده ابن منظور في اللسان، وقال قبله: وأنشد ثعلب، انظر: لسان العرب: 3-240).
ويقال: قوم شهود، أي حضور (الصحاح، للجوهري: 2-494).
وهذا معروف في لسان العرب معرفة يستغنى بها عن الاستشهاد عليها بشيء، ولكن لتأكيد هذا أوردنا بعض الشواهد في ذلك.
سبب التسمية:
اختلف في اشتقاق كلمة "شهيد"، هل هو من الشهادة؟ أو من المشاهدة، أو هو فعيل بمعنى مفعول؟ أو بمعنى فاعل؟ (تاج العروس، للزبيدي: 8/256، بتصرف. وانظر: النهاية: 2/513).
فإن كان الاشتقاق من الشهادة، فهو شهيد، بمعنى: مشهود، أي مشهود عليه، ومشهود له بالجنة، ويجوز أن يكون من الشهادة، وتكون فعيل بمعنى فاعل، لأن الله تعالى يقول: (وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ) [الحج: 78].
أي تشهدون عليهم، وهذا وإن كان عامًا في جميع أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ، فالشهداء أولى بهذا الاسم، فهذان وجهان في معنى الشهيد إذا جعلته مشتقًا من الشهادة. وإن كان من المشاهدة، فهو فعيل، بمعنى: فاعل، على معنى أنه يشاهد من ملكوت الله، وقد يكون بمعنى مفعول، من المشاهدة، أي أن الملائكة تشاهد قبضه والعروج بروحه، ونحو ذلك، فيكون فعيلاً بمعنى مفعول (الروض الأنف، للسهيلي: 3-195، بتصرف).
وبناء على عدم الاتفاق في تقدير معنى الفعل؛ افترقت الأقوال، وتشعبت الآراء في سبب التسمية، وكان اختلاف بعض هذه الأقوال يرجع إلى تباين وتضاد، وبعضها ليس كذلك، بل الأقوال فيها متقاربة. ونلاحظ عند استقراء هذه الأقوال أنها تفرعت عن قولين رئيسين هما: القول الأول: أن الشهيد بمعنى شاهد، أي فعيل بمعنى فاعل، وشاهد قد تكون بمعنى الإخبار والإعلام، كما في قوله تعالى: (وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ) [يوسف: 81].
فالشهادة هنا بمعنى الإخبار. وقد ترد ويراد منها الحضور والمشاهدة، كما في قوله تعالى: (وَبَنِينَ شُهُوداً) [المدثر: 13]. أي حضورًا (عمدة الحفاظ، للسمين، ص280، بتصرف).
وهؤلاء اختلفوا أيضًا في سبب التسمية على أقوال:
1- لأنه ممن يستشهد يوم القيامة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأمم الخالية، قال تعالى: (لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة: 143] [انظر تهذيب اللغة للأزهري (6/73).
2- لأن أرواحهم شهدت دار السلام، أي حضرتها، وأما أرواح غيرهم فلا تحضرها إلى يوم البعث (عمدة الحفاظ، ص279). قال الأزهري: وقال ابن شميل في تفسير الشهيد الذي يستشهد: الشهيد: الحي. قلت: أراه تأول قول الله جل وعز: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران: 169].
كأن أرواحهم أحضرت دار السلام أحياءً، وأرواح غيرهم أخرت إلى يوم البعث، وهذا قول حسن (تهذيب اللغة: 6-73).
3- لقيامه بشهادة الحق في أمر الله حتى قتل (لسان العرب، لابن منظور: 3/243).
4- لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد الله له من الثواب والكرامة بالقتل (لسان العرب: 3/243، تهذيب الأسماء واللغات، للنووي: 3-167).
5- لأنه شهد المغازي (تاج العروس: 8-254).
6- لأنه شهد لله بالوجود والإلهية بالفعل، كما شهد غيره بالقول (المطلع على أبواب المقنع، لابن مفلح، ص116).
7- لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره (بذل الماعون في فضل الطاعون، لابن حجر، ص190).
8- لأنه يشاهد الدارين: دار الدنيا، ودار الآخرة (بذل الماعون في فضل الطاعون، ص190).
وقيل: أن الشهيد بمعنى مشهود، أي فعيل بمعنى مفعول، واختلف في تحديد سبب التسمية إلى أقوال:
1- لأن ملائكة الرحمة تشهده (لسان العرب: 3/243، وصحح هذا القول الرازي في كتابه (حلية الفقهاء ص93). فالشهيد: هو المحتضر، فتسميته بذلك لحضور الملائكة إياه، إشارة إلى ما قال الله عز وجل: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا) [فصلت: 30]، (انظر: مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، ص468).
2- لأن الله وملائكته شهود له بالجنة (تهذيب اللغة: 6-73)، أو بالخير (عمدة الحفاظ، ص279).
3- لأنه شهد له بالإيمان، وحسن الخاتمة بظاهر حاله (تاج العروس: 8/255، المطلع، ص116).
4- لأن عليه شاهدًا يشهد بشهادته؛ وهو دمه (تاج العروس: 8-255).
والشهيد الذي يستحق الفضائل السابقة ونحوها هو شهيد المعركة مع العدو. وقد أورد الفقهاء تعريفات متقاربة له بحسب رأيهم في بعض المسائل المتعلقة به. فقال الحنفية (الدر المختار ورد المحتار:848/1، مراقي الفلاح: ص103 وما بعدها، اللباب: 1/135-137): الشهيد من قتله أهل الحرب، أو أهل البغي، أو قطاع الطريق، أو اللصوص في منزله ليلاً أو نهاراً بأي آلة: مثقل أو محدد، أو وجد في المعركة وبه أثر كجرح وكسر وحرق وخروج دم من أذن أو عين، أو قتله مسلم ظلماً عمداً بمحدد، وكان مسلماً مكلفاً (بالغاً عاقلاً) طاهراً (خالياً من حيض أو نفاس أو جنابة)، ولم يرتث بعد انقضاء الحرب،أي لا يموت عقب الإصابة.
والارتثاث: أن يأكل أو يشرب أو يُداوى، أو يبقى حياً حتى يمضي عليه وقت صلاة وهو يعقل، أو ينقل من المعركة حياً، أي وهو يعقل. أما المقتول حداً أو قصاصاً، فإنه يغسل ويصلى عليه، لأنه لم يقتل ظلماً، وإنما قتل بحق، وأما من قتل من البغاة أو قطاع الطرق فلا يغسل ولا يصلى عليه. وبه يتبين أن شروط تحقيق الشهادة عندهم: هي الإسلام والعقل والبلوغ، والطهارة من الحدث الأكبر، وأن يموت عقب الإصابة.
وأن كل مقتول في المعركة مع العدو، أو قتل ظلماً، أو دفاعاً عن النفس أو المال فهو شهيد. أما من خرج حياً من المعركة، أو كان جنباً فلا تطبق عليه أحكام الشهيد. ويلاحظ أن هذا المذهب ومذهب الحنابلة أوسع الآراء في تحديد المقصود من الشهيد ماعدا اشتراط الطهارة من الحدث الأكبر.
وقال المالكية (الشرح الكبير: 1-425 ومابعدها، الشرح الصغير: 1-575 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص94، بداية المجتهد:1/219-232): الشهيد: من مات في معترك المشركين، ومن أخرج من المعركة في حكم الأموات وهو من رفع من المعركة حياً منفوذ المقاتل، أو مغموراً (أي يعاني غمرات الموت: شدائده): وهو من لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم إلى أن مات، فإن قتل في غير المعركة ظلماً، أو أخرج من المعترك حياً، ولم تنفذ مقاتله، ثم مات، غسل وصلي عليه في المشهور، كما أن من قتل في المعترك في قتال المسلمين غسل وصلي عليه، ويغسل الجنب.
وقال الشافعية (مغني المحتاج: 1/361-350 المهذب: 1-135): الشهيد: هو من مات من المسلمين في جهاد الكفار بسبب من أسباب قتالهم قبل انقضاء الحرب، كأن قتله كافر، أو أصابه سلاح مسلم خطأ، أو عاد إليه سلاحه، أو تردى في بئر أو وهدة، أو رفسته دابته فمات، أو قتله مسلم باغٍ استعان به أهل الحرب.
فإن مات لا بسبب القتال، أو بعد انقضاء المعركة، أو في حال قتال البغاة، فغير شهيد في الأظهر. وقال الحنابلة (المغني: 2/528-535، كشاف القناع: 2/113-115): الشهيد: هو من مات بسبب القتال مع الكفار وقت قيام القتال، أو هو المقتول بأيدي العدو من الكفار، أو البغاة، أو المقتول ظلماً، ولو كان غير مكلف رجلاً أو امرأة. أو كان غالاًّ (خائناً): كتم من الغنيمة شيئاً.
ومن عاد إليه سلاحه فقتله فهو كالمقتول بأيدي العدو، لكن تشترط الطهارة من الحدث الأكبر كالحنفية، فمن قتل جنباً غسل. كذلك يغسل ويصلى عليه من حمل وبه رمق أي حياة مستقرة، وإن كان شهيداً (الفقه الإسلامي وأدلته: 2-694).
العناصر
1- تعريف الشهيد.
2- حقيقة موت الشهداء، ومعنى حياتهم بعد الموت.
3- أقسام الشهداء، وشروطها، وموانعها.
4- صفات الشهيد.
5- فضل الشهادة في سبيل الله.
8- درجات المجاهدين في سبيل الله.
الايات
1- قال تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 169 و170 و171] .
2- قوله تعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ) [البقرة:154] .
3- قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 111].
4- قوله تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) [النساء: 69]. 5- قوله تعالى: (وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء) [آل عمران: 140].
الاحاديث
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : “ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة”(أخرجه النسائي: 3161، والترمذي: 1668، وابن ماجه: 2802، وحسنه الألباني).
2- عن أنس رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة”(أخرجه البخاري: 2817).
3- عن أنس بن مالك رضي الله عنه: “أن أم الربيع بنت البراء - وهي أم حارثة بن سراقة - أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا نبي الله! ألا تحدثني عن حارثة؟ -وكان قتل يوم بدر، أصابه سهم غرب- فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء فقال: يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى”(أخرجه البخاري: 2809).
4- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين”(أخرجه مسلم: 1885).
5- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “والذي نفسي بيده، لا يكلم أحد في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة، واللون لون الدم، والريح ريح المسك”(أخرجه البخاري: 2803، وأخرجه مسلم: 1876).
6- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: “جيء بأبي يوم أحد قد مثل به، حتى وضع بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد سجي ثوبًا، فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي، ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرفع، فسمع صوت صائحة فقال: من هذه؟ فقالوا: ابنة عمرو أو أخت عمرو، قال: فلم تبكي؟ أو: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع”(أخرجه البخاري: 2816. ومسلم:2471).
7- عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : “رأيت الليلة رجلين أتياني، فصعدا بي الشجرة، وأدخلاني دارًا هي أحسن وأفضل، لم أر قط أحسن منها، قال: أما هذه الدار فدار الشهداء”(أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب درجات المجاهدين في سبيل الله، رقم 2791).
8- عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : “للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار: الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه”(أخرجه الترمذي: 1663 وحسن إسناده ابن حجر، فتح الباري: 6-20. وصححه الألباني في أحكام الجنائز، ص36).
9- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما تعدون الشهيد فيكم؟” قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال: “إن شهداء أمتي إذاً لقليل” قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: “من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات بالطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد” قال ابن مقسم: أشهد على أبيك يعني أبا صالح أنه قال: “والغريق شهيد”. وفي رواية: “الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم”(رواه البخاري: 624 ومسلم: 1914).
10- عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قُتِلَ دونَ مالِهِ فَهوَ شَهيدٌ ومن قتلَ دونَ دينِهِ فَهوَ شَهيدٌ ومن قتلَ دونَ دمِهِ فَهوَ شَهيدٌ ومن قتلَ دونَ أَهلِهِ فَهوَ شَهيدٌ"(رواه الترمذي: ١٤٢١، وصححه الألباني).
11- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: "فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: "قَاتِلْهُ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: "فَأَنْتَ شَهِيدٌ"، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: "هُوَ فِي النَّارِ"(رواه مسلم: ١٤٠).
12- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّها سَأَلَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطّاعُونِ، فَقالَ: "كانَ عَذابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ على مَن يَشاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، ما مِن عَبْدٍ يَكونُ في بَلَدٍ يَكونُ فِيهِ، ويَمْكُثُ فيه لا يَخْرُجُ مِنَ البَلَدِ، صابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أنَّه لا يُصِيبُهُ إلّا ما كَتَبَ اللَّهُ له، إلّا كانَ له مِثْلُ أجْرِ شَهِيدٍ"(رواه البخاري: ٦٦١٩).
13- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: "ما مِن نَبِيٍّ يَمْرَضُ إلّا خُيِّرَ بيْنَ الدُّنْيا والآخِرَةِ"، وكانَ في شَكْواهُ الذي قُبِضَ فِيهِ، أخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَسَمِعْتُهُ يقولُ: (مع الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عليهم مِنَ النبيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصّالِحِينَ) فَعَلِمْتُ أنَّه خُيِّرَ (رواه البخاري: ٤٥٨٦).
14- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا، وأَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وعُثْمانُ، فَرَجَفَ بهِمْ، فَقالَ: "اثْبُتْ أُحُدُ؛ فإنَّما عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدانِ"(رواه البخاري: ٣٦٧٥).
15- عن عائشة أم المؤمنين جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ أرأَيْتَ إنْ شهِدْتُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وأنَّك رسولُ اللهِ وصلَّيْتُ الصَّلواتِ الخمسَ وأدَّيْتُ الزَّكاةَ وصُمْتُ رمضانَ وقُمْتُه فمِمَّن أنا؟ قال: "مِن الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ"(رواه ابن حبان: ٣٤٩٢، وصححه الألباني في صحيح الترغيب: ٣٦١)
16- عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن سَأَلَ اللَّهَ الشَّهادَةَ بصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ ماتَ على فِراشِهِ"(رواه مسلم: ١٩٠٩).
17- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تَقُومُ السّاعَةُ حتّى يَنْزِلَ الرُّومُ بالأعْماقِ، أوْ بدابِقٍ، فَيَخْرُجُ إليهِم جَيْشٌ مِنَ المَدِينَةِ، مِن خِيارِ أهْلِ الأرْضِ يَومَئذٍ، فإذا تَصافُّوا، قالتِ الرُّومُ: خَلُّوا بيْنَنا وبيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنّا نُقاتِلْهُمْ، فيَقولُ المُسْلِمُونَ: لا، واللَّهِ لا نُخَلِّي بيْنَكُمْ وبيْنَ إخْوانِنا، فيُقاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لا يَتُوبُ اللَّهُ عليهم أبَدًا، ويُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أفْضَلُ الشُّهَداءِ عِنْدَ اللهِ، ويَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لا يُفْتَنُونَ أبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبيْنَما هُمْ يَقْتَسِمُونَ الغَنائِمَ، قدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بالزَّيْتُونِ، إذْ صاحَ فِيهِمِ الشَّيْطانُ: إنَّ المَسِيحَ قدْ خَلَفَكُمْ في أهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وذلكَ باطِلٌ، فإذا جاؤُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبيْنَما هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسى ابنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فأمَّهُمْ، فإذا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذابَ كما يَذُوبُ المِلْحُ في الماءِ، فلوْ تَرَكَهُ لانْذابَ حتّى يَهْلِكَ، ولَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بيَدِهِ، فيُرِيهِمْ دَمَهُ في حَرْبَتِهِ"(رواه مسلم: ٢٨٩٧).
18- عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّعّانِينَ لا يَكونُونَ شُهَداءَ، ولا شُفَعاءَ يَومَ القِيامَةِ"(رواه مسلم: ٢٥٩٨).
19- عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يَخْتَصِمُ الشهداءُ والمُتَوَفَّوْنَ على فُرُشِهِم إلى ربِّنا في الذين يُتَوَفَّوْنَ من الطاعونِ، فيقولُ الشهداءُ إخوانُنا، قُتِلُوا كما قُتِلْنا، ويقولُ المُتَوَفَّوْنَ على فُرُشِهِم: إخوانُنا ماتوا على فُرُشِهِم كما مُتْنا، فيَقْضِي اللهُ بينهم، فيقولُ ربُّنا: انظروا إلى جِراحِ المطعونينَ، فإذا جِراحُهُم قد أَشْبَهَت "جِراحِ الشهداءِ، فيُلْحَقُونَ بهِم"(أخرجه النسائي: ٣١٦٤، وأحمدك ١٧١٩٥وحسنه الألباني في صحيح الجامع: ٨٠٤٦).
20- عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أرواحَ الشُّهداءِ في طَيرٍ خُضرٍ تَعلقُ من ثمرِ الجنَّةِ، أو شَجرِ الجنَّةِ"(وصححه الألباني).
21- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيِّدُ الشُّهَداءِ حَمْزةُ بنُ عَبدِ المُطَّلِبِ ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائِرٍ فأمرَهُ ونَهاهُ، فَقَتَلهُ"(أخرجه ابن حبان في المجروحين: ١-١٨٦، والحاكم: ٤٨٨٤، والديلمي في الفردوس: ٣٤٧٢ باختلاف يسير، وصححه الألباني في صحيح الترغيب: ٢٣٠٨).
22- روى مسروق قال: سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)؟ قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: أرواحهم في جوف طير خضر. لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل...الحديث (أخرجه مسلم: 1887).
23- قال جابر بنُ عَبْدِ اللَّهِ: "لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِي: "يَا جَابِرُ: مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟!"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: اسْتُشْهِدَ أَبِي، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا. قَالَ: "أَفَلا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟!"، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا فَقَالَ: يَا عَبْدِي: تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً. قَالَ الرَّبُّ -عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لا يُرْجَعُونَ، قال: يا رب: فأبلغ من ورائي"، وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا) الآيَةَ (أخرجه الترمذي: ٣٠١٠، وابن ماجه: ١٩٠ مطولا، وحسنه الألباني في هداية الرواة: ٦١٩٨).
24- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ، لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلا الشَّهِيدَ؛ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى"(أخرجه البخاري: ٢٧٩٥، ومسلم: ١٨٧٧).
25- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ"(أخرجه البخاري: ٧٢٢٧، ومسلم: ١٨٧٦).
26- عن رجل من الصحابة رضي الله عنه أن قال: يا رسولَ اللَّهِ ! ما بالُ المؤمنينَ يُفتَنونَ في قبورِهِم إلّا الشَّهيدَ؟! قالَ: "كفى ببارقةِ السُّيوفِ على رأسِهِ فتنةً"(رواه النسائي: ٢٠٥٢، وصححه الألباني).
27- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بَعَثَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ ما صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيانَ، فَجاءَ وَما في البَيْتِ أَحَدٌ غيرِي، وَغَيْرُ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ: لا أَدْرِي ما اسْتَثْنى بَعْضَ نِسائِهِ، قالَ: فَحَدَّثَهُ الحَدِيثَ، قالَ: فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَكَلَّمَ، فَقالَ: إنَّ لَنا طَلِبَةً، فمَن كانَ ظَهْرُهُ حاضِرًا فَلْيَرْكَبْ معنا، فَجَعَلَ رِجالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ في ظُهْرانِهِمْ في عُلْوِ المَدِينَةِ، فَقالَ: لا، إلّا مَن كانَ ظَهْرُهُ حاضِرًا، فانْطَلَقَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحابُهُ حتّى سَبَقُوا المُشْرِكِينَ إلى بَدْرٍ، وَجاءَ المُشْرِكُونَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنكُم إلى شيءٍ حتّى أَكُونَ أَنا دُونَهُ، فَدَنا المُشْرِكُونَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُها السَّمَواتُ والأرْضُ، قالَ: يقولُ عُمَيْرُ بنُ الحُمامِ الأنْصارِيُّ: يا رَسولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُها السَّمَواتُ والأرْضُ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ما يَحْمِلُكَ على قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟ قالَ: لا واللَّهِ يا رَسولَ اللهِ، إلّا رَجاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِن أَهْلِها، قالَ: فإنَّكَ مِن أَهْلِها، فأخْرَجَ تَمَراتٍ مِن قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ منهنَّ (رواه مسلم: ١٩٠١).
28- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: عَمِّيَ الذي سُمِّيتُ به لَمْ يَشْهَدْ مع رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَدْرًا، قالَ: فَشَقَّ عليه، قالَ: أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- غُيِّبْتُ عنْه، وإنْ أَرانِيَ اللَّهُ مَشْهَدًا فِيما بَعْدُ مع رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيَرانِي اللَّهُ ما أَصْنَعُ، قالَ: فَهابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَها، قالَ: فَشَهِدَ مع رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَومَ أُحُدٍ، قالَ: فاسْتَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مُعاذٍ، فَقالَ له أَنَسٌ: يا أَبا عَمْرٍو، أَيْنَ؟ فَقالَ: واهًا لِرِيحِ الجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ، قالَ: فَقاتَلَهُمْ حتّى قُتِلَ، قالَ: فَوُجِدَ في جَسَدِهِ بضْعٌ وَثَمانُونَ مِن بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ، قالَ: فَقالَتْ أُخْتُهُ، عَمَّتِيَ الرُّبَيِّعُ بنْتُ النَّضْرِ، فَما عَرَفْتُ أَخِي إلّا ببَنانِهِ، وَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه فَمِنْهُمْ مَن قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَن يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)[الأحزاب: ٢٣]، قالَ: فَكانُوا يُرَوْنَ أنَّها نَزَلَتْ فيه وفي أَصْحابِهِ. (أخرجه البخاري: ٢٨٠٥، ومسلم: ١٩٠٣).
29- عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ: أَنَّ رَجُلا مِنْ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ثُمَّ قَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ. فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَعْضَ أَصْحَابِهِ. فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَبْيًا، فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ. فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: مَا هَذَا؟! قَالُوا: قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-. فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: مَا هَذَا؟! قَالَ: "قَسَمْتُهُ لَكَ". قَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا -وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ- بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ. فَقَالَ: "إِنْ تَصْدُقْ اللَّهَ يَصْدُقْكَ". فَلَبِثُوا قَلِيلًا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَهُوَ هُوَ؟!"، قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ". ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلاتِهِ: "اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ، خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ، فَقُتِلَ شَهِيدًا، أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ"(رواه النسائي: ١٩٥٢).
30- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ عَمرو بنَ أُقَيْشٍ، كانَ لَهُ ربًا في الجاهليَّةِ، فَكَرِهَ أن يُسْلِمَ حتّى يأخذَهُ، فَجاءَ يومُ أُحُدٍ فقالَ: أينَ بنو عمِّي؟ قالوا بأُحُدٍ قالَ: أينَ فلانٌ؟ قالوا بأُحُدٍ قالَ: فأينَ فلانٌ؟ قالوا: بأُحُدٍ، فلبِسَ لأمتَهُ ورَكِبَ فرسَهُ، ثمَّ توجَّهَ قِبَلَهُم، فلمّا رآهُ المسلِمونَ، قالوا: إليكَ عنّا يا عمرُو، قالَ: إنِّي قد آمَنتُ، فقاتلَ حتّى جُرِحَ، فحُمِلَ إلى أَهْلِهِ جريحًا، فجاءَهُ سعدُ بنُ معاذٍ، فقالَ لأختِهِ: سَليهِ حميَّةً لقومِكَ، أو غضبًا لَهُم أم غضبًا للَّهِ؟ فقالَ: بَل غضبًا للَّهِ ولرَسولِهِ، فماتَ فدخلَ الجنَّةَ، وما صلّى للَّهِ صلاةً (رواه أبو داود: ٢٥٣٧، وحسنه الألباني).
31- عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَن كانت عندَهُ نصيحةٌ لِذي سُلطانٍ فليأخذْ بيدِهِ فلْيخلُ بهِ فإن قبلَها قبلَها وإن ردَّها كانَ قد أدّى الَّذي عليهِ"(رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين: ٥٣٥٩، وصححه الألباني في تخريج كتاب السنة: ١٠٩٨).
32- عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: بَعَثَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنا والزُّبَيْرَ، والمِقْدادَ بنَ الأسْوَدِ، قالَ: انْطَلِقُوا حتّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خاخٍ، فإنَّ بها ظَعِينَةً، ومعها كِتابٌ فَخُذُوهُ منها، فانْطَلَقْنا تَعادى بنا خَيْلُنا حتّى انْتَهَيْنا إلى الرَّوْضَةِ، فَإِذا نَحْنُ بالظَّعِينَةِ، فَقُلْنا أخْرِجِي الكِتابَ، فَقالَتْ: ما مَعِي مِن كِتابٍ، فَقُلْنا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتابَ أوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيابَ، فأخْرَجَتْهُ مِن عِقاصِها، فأتَيْنا به رَسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَإِذا فيه مِن حاطِبِ بنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلى أُناسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ مِن أهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ ببَعْضِ أمْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا حاطِبُ ما هذا؟، قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لا تَعْجَلْ عَلَيَّ إنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا في قُرَيْشٍ، ولَمْ أكُنْ مِن أنْفُسِها، وكانَ مَن معكَ مِنَ المُهاجِرِينَ لهمْ قَراباتٌ بمَكَّةَ يَحْمُونَ بها أهْلِيهِمْ وأَمْوالَهُمْ، فأحْبَبْتُ إذْ فاتَنِي ذلكَ مِنَ النَّسَبِ فيهم، أنْ أتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بها قَرابَتِي، وما فَعَلْتُ كُفْرًا ولا ارْتِدادًا، ولا رِضًا بالكُفْرِ بَعْدَ الإسْلامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ صَدَقَكُمْ، قالَ عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ دَعْنِي أضْرِبْ عُنُقَ هذا المُنافِقِ، قالَ: إنَّه قدْ شَهِدَ بَدْرًا، وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَكونَ قَدِ اطَّلَعَ على أهْلِ بَدْرٍ فَقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"(أخرجه البخاري: ٣٠٠٧، ومسلم: ٢٤٩٤). خير الشهداء من قُتل يوم بدر.
33- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ لِقَتْلى أُحُدٍ: "أيُّ هَؤُلاءِ أكْثَرُ أخْذًا لِلْقُرْآنِ؟" فَإِذا أُشِيرَ له إلى رَجُلٍ قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ قَبْلَ صاحِبِهِ، وقالَ جابِرٌ: فَكُفِّنَ أبِي وعَمِّي في نَمِرَةٍ واحِدَةٍ (رواه البخاري: ١٣٤٨).
34- عن عبدالله بن ثعلبة -رضي الله عنه- أن رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "زمِّلوهم بدمائِهِم فإنَّهُ ليسَ كلْمٌ يُكلَمُ في اللَّهِ إلّا يأتى يومَ القيامةِ يَدمى لونُهُ لونُ دمٍ وريحُهُ ريحُ المسْكِ"(رواه النسائي: ٢٠٠١، وصححه الألباني).
35- عن عاصم بن عمر بن قتادة إنَّ صاحبَكُم تغسِّلُهُ الملائِكَةُ - يعني: حَنظلةَ - فاسألوا أَهْلَهَ ما شأنُهُ، فسُئِلَت صاحبتُهُ فقالت: خرجَ وَهوَ جُنبٌ حينَ سمعَ الهائعةَ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لذلِكَ غَسَّلتهُ الملائِكَةُ"(رواه البيهقي في السنن الكبرى للبيهقي: ٤-١٥ مرسلا، وقال خباب بن الأرت الألباني في أحكام الجنائز (٧٤): إسناده جيد).
36- هاجَرْنا مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ونَحْنُ نَبْتَغِي وجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أجْرُنا على اللَّهِ، فَمِنّا مَن مَضى، أوْ ذَهَبَ، لَمْ يَأْكُلْ مِن أجْرِهِ شيئًا، كانَ منهمْ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَومَ أُحُدٍ، فَلَمْ يَتْرُكْ إلّا نَمِرَةً، كُنّا إذا غَطَّيْنا بها رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ، وإذا غُطِّيَ بها رِجْلاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقالَ لَنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: غَطُّوا بها رَأْسَهُ، واجْعَلُوا على رِجْلَيْهِ الإذْخِرَ أوْ قالَ: ألْقُوا على رِجْلَيْهِ مِنَ الإذْخِرِ ومِنّا مَن أيْنَعَتْ له ثَمَرَتُهُ فَهو يَهْدِبُها (رواه البخاري: ٤٠٨٢).
37- عن أبي هريرة سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "مَثَلُ المُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّهِ -واللَّهُ أعْلَمُ بمَن يُجاهِدُ في سَبيلِهِ- كَمَثَلِ الصّائِمِ القائِمِ، وتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجاهِدِ في سَبيلِهِ بأَنْ يَتَوَفّاهُ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أوْ يَرْجِعَهُ سالِمًا مع أجْرٍ أوْ غَنِيمَةٍ"(أخرجه البخاري: ٢٧٨٧ واللفظ له، ومسلم: ١٨٧٦).
38- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- التَقى هو والمُشْرِكُونَ فاقْتَتَلُوا، فَلَمّا مالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إلى عَسْكَرِهِ ومالَ الآخَرُونَ إلى عَسْكَرِهِمْ، وفي أصْحابِ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ لا يَدَعُ لهمْ شاذَّةً ولا فاذَّةً إلّا اتَّبَعَها يَضْرِبُها بسَيْفِهِ، فقِيلَ: ما أجْزَأَ مِنّا اليومَ أحَدٌ كما أجْزَأَ فُلانٌ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أما إنَّه مِن أهْلِ النّارِ، فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أنا صاحِبُهُ، قالَ: فَخَرَجَ معهُ كُلَّما وقَفَ وقَفَ معهُ، وإذا أسْرَعَ أسْرَعَ معهُ، قالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بالأرْضِ وذُبابَهُ بيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ على سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إلى رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ، قالَ: وما ذاكَ؟ قالَ: الرَّجُلُ الذي ذَكَرْتَ آنِفًا أنَّه مِن أهْلِ النّارِ، فأعْظَمَ النّاسُ ذلكَ، فَقُلتُ: أنا لَكُمْ به، فَخَرَجْتُ في طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ في الأرْضِ، وذُبابَهُ بيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ عليه فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ ذلكَ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ، فِيما يَبْدُو لِلنّاسِ، وهو مِن أهْلِ النّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ النّارِ، فِيما يَبْدُو لِلنّاسِ وهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ (رواه البخاري: ٤٢٠٢).
39- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: افْتَتَحْنا خَيْبَرَ، ولَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا ولا فِضَّةً، إنَّما غَنِمْنا البَقَرَ والإِبِلَ والمَتاعَ والحَوائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنا مع رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إلى وادِي القُرى، ومعهُ عَبْدٌ له يُقالُ له: مِدْعَمٌ، أهْداهُ له أحَدُ بَنِي الضِّبابِ، فَبيْنَما هو يَحُطُّ رَحْلَ رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إذْ جاءَهُ سَهْمٌ عائِرٌ، حتّى أصابَ ذلكَ العَبْدَ، فَقالَ النّاسُ: هَنِيئًا له الشَّهادَةُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: بَلْ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّ الشَّمْلَةَ الَّتي أصابَها يَومَ خَيْبَرَ مِنَ المَغانِمِ لَمْ تُصِبْها المَقاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عليه نارًا. فَجاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذلكَ مِنَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بشِراكٍ -أوْ بشِراكَيْنِ- فَقالَ: هذا شَيءٌ كُنْتُ أصَبْتُهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "شِراكٌ -أوْ شِراكانِ- مِن نارٍ"(أخرجه البخاري: ٤٢٣٤، ومسلم: ١١٥).
40- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أوَّلَ النّاسِ يُقْضى يَومَ القِيامَةِ عليه رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: قاتَلْتُ فِيكَ حتّى اسْتُشْهِدْتُ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ قاتَلْتَ لأَنْ يُقالَ: جَرِيءٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجْهِهِ حتّى أُلْقِيَ في النّارِ، ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجْهِهِ حتّى أُلْقِيَ في النّارِ، ورَجُلٌ وسَّعَ اللَّهُ عليه، وأَعْطاهُ مِن أصْنافِ المالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: ما تَرَكْتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فيها إلّا أنْفَقْتُ فيها لَكَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقالَ: هو جَوادٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ في النّارِ"(رواه مسلم: ١٩٠٥).
41- عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ في مَغْزًى له، فأفاءَ اللَّهُ عليه، فَقالَ لأَصْحابِه: "هلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَدٍ؟" قالوا: نَعَمْ، فُلانًا، وَفُلانًا، وَفُلانًا، ثُمَّ قالَ: "هلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَدٍ؟" قالوا: نَعَمْ، فُلانًا، وَفُلانًا، وَفُلانًا، ثُمَّ قالَ: "هلْ تَفْقِدُونَ مِن أَحَدٍ؟" قالوا: لا، قالَ: "لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا؛ فاطْلُبُوهُ"، فَطُلِبَ في القَتْلى، فَوَجَدُوهُ إلى جَنْبِ سَبْعَةٍ قدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فأتى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَوَقَفَ عليه، فَقالَ: "قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ، هذا مِنِّي وأنا منه، هذا مِنِّي وأنا منه"، قالَ: فَوَضَعَه على ساعِدَيْهِ ليسَ له إلّا ساعِدا النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ: فَحُفِرَ له وَوُضِعَ في قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا (رواه مسلم: ٢٤٧٢).
الاثار
1- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: أرواح الشهداء تحول في طير خضر تعلق من ثمر الجنة (أخرجه عبد الرزاق في المصنف: 5/264، رقم 9557).
2- قال الحسن البصري رحمه الله: "إن الشهداء أحياء عند الله تعالى، تعرض أرزاقهم على أرواحهم فيصل إليهم الروح والفرح، كما تعرض النار على أرواح فرعون غدوة وعشية فيصل إليهم الوجع"(أخرجه البغوي في تفسيره: 1-89).
القصص
1- قال جابر بن عبد الله بن حرام رضي الله عنهما عندما دفن أبوه مع آخر، وكانا قد قتلا في معركة أحد، قال جابر:...ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه (أخرجه البخاري: 1351).
2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: فرأيت أبي في حفرته كأنه نائم، وما تغير من حاله قليل ولا كثير، فقيل له: فرأيت أكفانه؟ فقال: إنما كفن في نمرة خمر بها وجهه، وجعل على رجليه الحرمل، فوجدنا النمرة كما هي، والحرمل على رجليه على هيئته، وبين ذلك ست وأربعون سنة (أخرجه ابن سعد في الطبقات: 3/562، 563، من حديث الأوزاعي عن الزهري عن جابر، وصححه ابن حجر في الفتح: 3-257، وقال الأرناؤوط في تحقيقه لزاد المعاد: 3/216: رجاله ثقات، وسنده صحيح).
3- عن عبدالرحمن بن أبي صعصعة أنَّ عمرَو بنَ الجَموحِ وعبدَ اللهِ بنَ عمروٍ، الأنصاريَّيْن، ثم السُّلَميَّيْن، كانا قد حفَر السيلُ قبرَهما، وكان قبرُهما مما يلي السيلَ، وكانا في قبرٍ واحدٍ، وهما ممنِ استُشهد يومَ أحدٍ، فحُفِر عنهما ليُغيَّرا من مكانِهما، فوُجِدا لم يتغيرا، كأنهما ماتا بالأمسِ، وكان أحدُهما قد جُرح، فوضَع يدَه على جُرحِه، فدُفن وهو كذلك، فأُميطتْ يدُه عنْ جُرحِه، ثم أُرسلتْ، فرجَعتْ كما كانت، وكان بينَ أحدٍ وبينَ يومِ حُفر عنهما ستٌ وأربعون سنةً (رواه ابن عبد البر في الاستذكار: ٤-١٥٤).
4- الطالب كمال الدين بشرى، ذهب للبوسنة لدراسة الطب، ولما كان في السنة الرابعة اشتعلت نار الحرب بينهم وبين الصرب، تقف الأمم المتحدة من ورائهم، يمهدون الطريق لرجوع الأجانب إلى بلادهم؛ لئلا تنعقد راية للجهاد في سبيل الله، فهاجر الكثيرون، وبقي نخبة من الأخيار ممن آثر السير على دروب الجهاد والاستشهاد، منهم الطالب كمال الدين بشرى، ويقدر الله أن يخوض حربًا في منطقة كونتس، ويقدر الله أن يُقتل، ولا يتمكن المجاهدون من دخول هذه المنطقة إلا بعد عشرة أيام.
فيلاحظ المجاهدون عليه ثلاثة أمور:
الأول: لم يتغير جسده كأنما مات بالأمس. الثاني: كانت رائحة المسك تفوح منه. الثالث: ساعته التي كانت تعمل بالنَّبض وجدوا عقاربها تشير إلى الوقت الصحيح
الاشعار
1-
يا شهيداً رفع الله به *** جبهة الحق علي طول المدي
سوف تبقي في الحنايا *** علماً هاديا للرَّكب رمزاً للفدي
ما نسينا أنت قد علَّمتنا *** بسمة المؤمن في وجه الردي
غالك الحقد بليل حالك *** كنت فيه البدر يهدي للهدي
نسي الفجَّار في نشوتهم *** أن نور الله لا لن يُخمدا
أم تراهم غشيت أبصارهم *** آفل البدر هلالا ولدا سيِّداً
عشت علي أرض الوري *** مطمئن النفس لبيت الندا
(أناشيد أبي مازن المؤلف: مجموعة من الشعراء (6-4).
2- قال عبدالله بن نجاح آل طاجن:
قَتَلُوكَ، لَكِن قَد حَيِيتَ بِجَنَّةٍ *** فِيهَا النَّعِيمُ وَكُلُّ خَيرٍ يَحصُلُ
مَا مَاتَ إِلَّا قَاتِلُوكَ حَقِيقَةً *** فَقُلُوبُهُم مِن بَحرِ حِقدٍ تَنهَلُ
وَيلٌ لَهُم! كَيفَ استَبَاحُوا أُمَّةً؟ *** وَمَنِ الَّذِي أَفتَاهُمُ أَن يَقتُلُوا؟
هَل صَارَتِ الأَروَاحُ أَرخَصَ سِلعَةٍ *** فَتُبَادُ بَيدًا كَامِلًا وَتُقَتَّلُ؟!
وَتُحَرَّقُ الأَجسَادُ حَرقًا سَافِلًا *** وَبِهَذِهِ الأَشلَاءِ بَعدُ يُمَثَّلُ
مَا هَؤُلَا؟ أَيَهُودُ هُم؟ أَم شِيعَةٌ؟ *** أَم أَسلَمُوا لكِنَّهُم قَد ضُلِّلُوا؟
أَم أَنَّهُم يَرجُونَ رِبحًا عَاجِلًا *** فِي هَذِهِ الدُّنيَا.. وَرَبُّكَ يُمهِلُ
لَا تَحسَبُوا - يَا قَاتِلُونَ - لُحَيظَةً *** أَنَّ القَوِيَّ الحَقَّ - رَبِّي - يُهمِلُ
فَغَدًا حِسَابٌ، ثُمَّ إِمَّا جَنَّةٌ *** أَو نَارُ رِجزٍ لِلأَسَافِلِ تُجعَلُ
صَبرًا فَيومُ الدِّينِ يَومٌ كَاشِفٌ *** لِجَمِيعِ مَا يُخفِي الطُّغَاةُ الأَجهَلُ
أَمَّا الشَّهِيدُ فَيَا هَنَاهُ بِجَنَّةٍ *** فَمُقَامُهُ فِيهَا أَجَلُّ وَأَفضَلُ
بَاعَ النَّفِيسَ لِرَبِّهِ يَرجُو نَدًى *** أَكرِم بِبَيعٍ رِبحُهُ مُستَكمَلُ
وَدِمَاؤُهُ أَضحَت عَلَيهِم لَعنَةً *** وَإِلَى الجَحِيمِ تَقُودُهُم وَتُسَلسِلُ
وَبَنُوهُ يَحفَظُهُم إِلَهُ أَكرَمٌ *** إِذ كَانَ فِي الدُّنيَا بِتَقوًى يَجمُلُ
يَحمِيهِمُ مِن كُلِّ كَيدٍ كَائِدٍ *** وَيَصُونُهُم وَيُعِيذُهُم وَيُكَمِّلُ
رَبِّ اقبَلِ الشُّهَدَا وَمُنَّ بِرَحمَةٍ *** وَلْتَرزُقَنَّاهَا، فَذَاكَ مُؤَمَّلُ
وَعَلَيكَ بِالسَّفَّاحِ خُذهُ إِلَى لَظًى *** وَالْعَنهُ فَهْوَ المُستَحِلُّ الأَغفَلُ
لَا رَبَّ لَا مَعبُودَ غَيرُكَ حَافِظٌ *** فَلْتَحفَظَنَّا -اللهُ- مِمَّا أَمَّلُوا
(الألوكة)
3- قال عبدالله بن نجاح آل طاجن:
قَتَلُوكَ، لَكِن قَد حَيِيتَ بِجَنَّةٍ *** فِيهَا النَّعِيمُ وَكُلُّ خَيرٍ دَانِ
مَا مَاتَ إِلَّا قَاتِلُوكَ حَقِيقَةً *** فَقُلُوبُهُم مُلِئَت مِنَ النِّيرَانِ
وَيلُ لَهُم.. كَيفَ استَبَاحُوا أُمَّةً؟ *** وَمَنِ الَّذِي أَفتَى بِذَا الخُذلَانِ؟
هَل صَارَتِ الأَروَاحُ أَرخَصَ سِلعَةٍ *** فَتُبَادُ بَيدًا كَامِلًا بِهَوَانِ؟
وَتُحَرَّقُ الأَجسَادُ حَرقًا سَافِلًا *** وَيُمَثِّلُونَ بِجُثَّةِ الإِنسَانِ
مَا هَؤُلَا؟ أَيَهُودُ هُم؟ أَم شِيعَةٌ؟ *** أَم مَا لَهُم حَظٌّ مِنَ الأَديَانِ؟
أَم أَنَّهُم يَرجُونَ رِبحًا عَاجِلاً *** فِي هَذِهِ الدُّنيَا مِنَ الأَوثَانِ؟
لَا تَحسَبُوا - يَا قَاتِلُونَ - لُحَيظَةً *** إِهمَالَكُم مِن رَبِّنَا الدَّيَّانِ
فَغَدًا حِسَابٌ ثُمَّ إِمَّا جَنَّةٌ *** أَو نَارُ رِجزٍ مَورِدٌ لِلجَانِي
صَبرًا فَيومُ الدِّينِ يَومٌ كَاشِفٌ *** مَا كَانَ ذَا سِرٍّ وَذَا إِعلَانِ
أَمَّا الشَّهِيدُ فَيَا هَنَاهُ بِمِنَّةٍ *** رَبِّي اصطَفَاهُ لِجَنَّةِ الرِّضوَانِ
بَاعَ النَّفِيسَ لِرَبِّهِ يَرجُو نَدًى *** أَكرِم بِهَذَا البَيعِ وَالأَثمَانِ
وَدِمَاؤُهُ أَضحَت عَلَيهِم لَعنَةً *** وَتَقُودُهُم لِلنَّارِ وَالخُسرَانِ
وَبَنُوهُ يَحفَظُهُم إِلهٌ أَكرَمٌ *** إِذ كَانَ فِي دُنيَاهُ ذَا إِيمَانِ
يَحمِيهُمُ مِن كُلِّ كَيدٍ كَائِدٍ *** وَيَصُونُهُم مِن شِيعَةِ الشَّيطَانِ
رَبِّ اقبَلِ الشُّهَدَا، وَمُنَّ بِرَحمَةٍ *** وَلْتَرزُقَنِّي ذَاكَ يَا رَحمَانِي
لَا رَبَّ، لَا مَعبُودَ غَيرُكَ حَافِظٌ *** فَلْتَحفَظَنْ مِن كَيدِ كُلِّ جَبَانِ
(الألوكة)
4- قال الشهيد:
لاَ تَحْزَنُوا يَا إِخْوَتِي *** إِنِّي شَهِيدُ الْمِحْنَةِ
وَكَرَامَتِي بِشَهَادَتِي *** هِيَ فَرْحَتِي وَمَسَرَّتِي
وَلَئِنْ صُرِعْتُ فَذَا دَمِي *** يَوْمَ الْقيَامَةِ آيَتِي
الرِّيحُ مِنْهُ عَاطِرٌ *** وَاللَّوْنُ لَوْنُ الوَرْدَةِ
آجَالُنا مَحدُودَةٌ *** وَلِقَاؤُنَا في الْجَنَّةِ
وَلِقَاؤُنَا بِحَبِيبِنَا *** بِمُحَمَّدٍ وَالصحْبَةِ
وَسِلاَحُنا إِيمَانُنَا *** وَحَيَاتُنَا في عِزَّةِ
متفرقات
1- قال لحمود محمد خطاب السّبكى: من لا يعتبر شهيدا:... هو من لا يشمله تعريف الشهيد، وهو خمسة أنواع:
(1) من مات في معترك الكفار فجأة أو بمرض فلا يعد شهيدا فيغسل ويكفن في غير ثيابه ويصلي عليه عند الثلاثة، وهو الصحيح عند الشافعي، لأنه لم يقتله المشركون ولا قتل بسببهم.
(2) من قتله مسلم عمدا ولو باغيا أو قاطع طريق أو لصا فلا يعد شهيدا عند الثلاثة (وقال) الحنفيون: إنه شهيد لأنه قتل ظلما ولم تجب فيه دية فيصلي عليه بلا غسل.
(3) من وجد ميتا بعد الحرب وليس به أثر جراحة فلا يعد شهيدا عند الحنفيين وأحمد لعدم ما يدل على قتله، خلافا لمالك والشافعي.
(4) من رفسته دابة في حرب المشركين أو عاد إليه سلاحه أو تردى عن جبل أو في قبر في حال المطاردة، فلا يعد شهيدا، فيغسل ويصلى عليه عند الحنفيين ومالك وأحمد، لأنه لم يقتله المشركون (وقال) الشافعي: يعد شهيدا فلا يغسل ولا يصلى عليه لأنه مسلم قتل في معركة المشركين بسبب قتالهم (انظر: مجموع النووي: 5-167).
(5) من مات بغير حرب الكفار- كالمبطون والمطعون والغريق والغريب والميتة في الطلق ومن قتله مسلم أو غيره في غير حال القتال ونحوهم- فهؤلاء ليسوا بشهداء فيغسلون ويصلى عليهم اتفاقا. ولفظ الشهادة الوارد فيهم- كما سيأتي - المراد به أنهم شهداء الآخرة لا المعركة (الدين الخالص أو: إرشاد الخلق إلى دين الحق لمحمود محمد خطاب السّبكى: 1-68).
2- قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ): يخبر تعالى أنه عاوض من عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم إذا بذلوها في سبيله بالجنة، وهذا من فضله وكرمه وإحسانه؛ فإنه قبل العوض عما يملكه بما تفضل به على عبيده المطيعين له. ولهذا قال الحسن البصري وقتادة: بايعهم الله فأغلى ثمنهم.
3- قال السهيلي: وفيه فضل عظيم للشهداء، وتنبيه على حب الله إياهم حيث قال: (وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء) [آل عمران: 140]، ولا يقال: اتخذت، ولا اتخذ إلا في مصطفى محبوب، قال سبحانه: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ) [المؤمنون: 91]، وقال: (مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً) [الجن: 3]. فالاتخاذ إنما هو اقتناء واجتباء (الروض الأنف: 3-193).
4- جاء في شرح الطحاوية:... "وأما الشهداء فقد شوهد منهم بعد مدد من دفنهم كما هم لم يتغيروا، فيحتمل بقاؤه كذلك في تربته إلى يوم محشره، ويحتمل أنه يبلى مع طول المدة، والله أعلم، وكأنه - والله أعلم- كلما كانت الشهادة أكمل، والشهيد أفضل، كان بقاء جسده أطول"(شرح العقيدة الطحاوية، ص404).
5- قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إن منازل الشهداء ودورهم وقصورهم التي أعد الله لهم ليست هي تلك القناديل التي تأوي إليها أرواحهم في البرزخ قطعًا، فهم يرون منازلهم ومقاعدهم من الجنة، ويكون مستقرهم في تلك القناديل المعلقة بالعرش، فإن الدخول التام الكامل إنما يكون يوم القيامة، ودخول الأرواح الجنة في البرزخ أمر دون ذلك"(الروح: ص258).
الإحالات
1- أبواب السعادة في أسباب الشهادة؛ للسيوطي.
2- مفهوم الشهادة في سبيل الله للشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان.
3- فضل الشهادة ومنزلة الشهيد للشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان.
4- منزلة الشهداء عند ربهم للشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان.
5- سير الشهداء دروس وعبر عبد الحميد بن عبد الرحمن السحيباني.