سفر
2022-10-11 - 1444/03/15التعريف
- أ - تعريف السفر في اللغة:
- السفر في اللغة مشتق من السَّفْر ، وهو الانكشاف والجلاء ، لأن المسافر يظهر وينكشف ، وقيل هو قطع المسافة [لسان العرب (6-277) مادة سفر ، وتاج العروس (12-43) مادة سفر ، والتعريفات للجرجاني (ص124) ].
- ب - تعريف السفر في الاصطلاح:
- عرف السفر بتعريفات كثرة ، من أشهرها ما يأتي : هو الخروج عن الوطن أو الظهور. هو الانتقال من محل الإقامة بمقصد معلوم. أن يقصد الإنسان مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن بسير الإبل ومشي الأقدام (بدائع الصنائع:2-142، والوسيط للغزالي:2-142، والمحلي لابن حزم:5-16، والتعريفات للجرجاني:124).
- وبإمكاننا الجمع بين هذه التعريفات في تعريف واحد وهو: أن السفر في الاصطلاح هو الخروج من موضع الإقامة بقصد السير إلى موضع بينه وبين موضع الإقامة مسافة يطلق عليها عرفاً سفرا (انظر أثر وسائل السفر الحديثة على رخص السفر:1-6).
- وسمي السفر بذلك؛ لأنه يسفر عن الأخلاق(انظر إحياء علوم الدين 2-246).
العناصر
- فضل السفر وأهميته.
- آداب السفر.
- من أحكام السفر.
- رخص السفر لمن لم ينوِ السفر.
- كتابة الوصية قبل السفر.
- فوائد السفر
- أذكار السفر وما يتعلق بذلك.
الايات
- قال الله تعالى: (وإن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) [المائدة: 6].
- قوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 185].
- قوله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ) [التوبة:122].
- قوله تَعَالَى: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) [الزخرف:12-13].
- قوله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [النساء:101].
- قوله تعالى: (عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) [المزمل:20].
- قوله تعالى: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ *...) الآيتين [المائدة106-108].
- (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ) [البقرة: 185].
- (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [المائدة: 6].
- (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء: 97].
- (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [النساء: 100].
الاحاديث
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " السفرُ قطعةٌ من العذابِ، يمنعُ أحدَكم طعامَه وشرابَه ونومَه، فإذا قضى أحدُكم نَهْمتَه من وجهِه، فلْيُعجِّلِ الرجوعَ إلى أهلِه"(أخرجه البخاري:١٨٠٤، ومسلم:١٩٢٧).
- عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- قال: "لقَلَّما كان رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يخرجُ إذا خرجَ في سفرٍ، إلا يومَ الخميسِ"(رواه البخاري:٢٩٤٩). وفي رواية: "كان يحب أن يخرج يوم الخميس"(البخاري:٢٩٥٠)
- عن صخرٍ الغامديِّ -رضي الله عنه- عن النبي أنه قال: "اللهم بًارك لأمتي في بكورها"، وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم من أول النهار، وكان صخر رجلا تاجرا وكان يبعث تجارته من أول النهار فأثرى وكثر ماله.(أخرجه أبو داود:٢٦٠٦، والترمذي:١٢١٢، وابن ماجه:٢٢٣٦، وأحمد:١٥٤٨١، وصححه الألباني.
- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: "كُنَّا إذا صَعِدْنا كَبَّرْنا، وإذا نَزَلْنا سَبَّحنا"(رواه البخاري:٢٩٩٣).
- عن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- قال: كان الناس إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية فقال رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان" فلم ينزل بعد ذلك منزلا إلا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال لو بسط عليهم ثوب لعمهم.(رواه أبو داود:٢٦٢٨، وصححه الألباني).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم"(أخرجه أبو داود:١٥٣٦، والترمذي:١٩٠٥، وابن ماجه:٣٨٦٢، وأحمد:٧٥٠١، وحسنه الألباني).
- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم"(أخرجه أبو داود:٢٦٠٨، والطبراني في المعجم الأوسط:٨٠٩٣، والبيهقي:١٠٦٥١، وصححه الألباني).
- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-كان إذا استوى على بعيرِه خارجًا إلى سفرٍ، كبَّر ثلاثًا، ثم قال: "سبحانَ الذي سخَّر لنا هذا وما كنا لهُ مقرنينَ. وإنا إلى ربنا لمنقلبونَ. اللهم! إنا نسألك في سفرنا هذا البرَّ والتقوى. ومن العملِ ما ترضى. اللهم! هوِّنْ علينا سفرنا هذا. واطوِ عنا بعدَه. اللهم! أنتَ الصاحبُ في السفرِ. والخليفةُ في الأهلِ. اللهم! إني أعوذُ بك من وعثاءِ السفرِ، وكآبةِ المنظرِ، وسوءِ المنقلبِ، في المالِ والأهلِ وإذا رجع قالهنَّ. وزاد فيهنَّ آيبونَ، تائبونَ، عابدونَ، لربنا حامدونَ"(رواه مسلم:١٣٤٢).
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللهِ إني أُرِيدُ سفرا فزوّدنِي قال: "زوّدكَ اللهُ التقوى" قال: زِدْني قال: "وغفرَ ذنبكَ" قال: زِدنِي بأبي أنتَ وأمي قال: "ويسّرَ لكَ الخيرُ حيثما كنتَ"(رواه الترمذي:٣٤٤٤، وأحمد:٢١٣٩٢، وقال الألباني: حسن صحيح).
- قالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لمعاذَ حينَ بعثَهُ إلى اليمنِ: "اتَّقِ اللَّهَ حَيثُما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ النَّاسَ بخُلقٍ حسنٍ"(عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير:١-٤٥٤، صححه أحمد شاكر).
- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الصَّلاةُ في جماعةٍ تعدلُ خمسًا وعشرينَ صلاةً فإذا صلَّاها في فلاةٍ فأتمَّ رُكوعَها وسجودَها بلغت خمسينَ صلاةً"( أخرجه أبو داود:٥٦٠، واللفظ له، والحاكم:٧٥٣، وصححه الألباني).
- عن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان الرَّجلُ بأَرضِ قِيٍّ فحانَتِ الصَّلاةُ، فلْيتوضَّأْ، وإن لَم يجد ماءً فليتيَمَّمْ، فإن أقامَ صلَّى معَه مَلَكَاه، وإن أذَّنَ وأقام صلَّى خلفَه من جُنودِ اللهِ ما لا يُرى طَرَفاهُ" (أخرجه الطبراني:٦-٢٤٩، (٦١٢٠)، والبيهقي:١٩٨٢، وصححه الألباني).
- عن سالم بن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهم- أن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول للرجل إذا أراد سفراً: ادن مني حتى أودِّعك كما كان رسول الله يودعنا، فيقول: "أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك"(رواه أبي داود:٢٦٠٠، أحمد:٦-٢٤٢، وصححه الألباني).
- عن عبدالله بن يزيد الخطمي -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يودع الجيش يقول: "استودع الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم"(أخرجه أبو داود:٢٦٠١، واللفظ له، والنسائي في السنن الكبرى:١٠٣٤١، وصححه الألباني).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا سافرتُم في الخَصبِ فأعطوا الإبلَ حظَّها منَ الأرضِ وإذا سافرتُم في السَّنةِ فبادروا بِها نَقيَها وإذا عرَّستم فاجتنبوا الطَّريقَ فإنَّها طرُقُ الدَّوابِّ ومأوى الْهوامِّ باللَّيلِ"(أخرجه مسلم:١٩٢٦).
- عن أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بعثَ معاذًا وأبا موسى إلى اليمنِ، قال: "يَسِّرا ولا تُعَسِّرا، وبَشِّرا ولا تُنَفِّرا، وتَطَاوَعَا ولا تَخْتَلِفَا"(رواه البخاري:٣٠٣٨، ومسلم:١٧٣٣).
- عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في غزاةٍ، فلما قدمنا المدينةَ ذهبنا لندخلَ، فقال: "أمهلوا حتى ندخلَ ليلًا -أي عشاءً- كي تمتشطَ الشعثةُ وتستحِدَّ المُغيبةُ"(رواه البخاري:٥٠٧٩، ومسلم:٧١٥).وفي رواية: "نهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن يَطرُقَ أهلَه ليلاً"(رواه البخاري:١٨٠١).
- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سافرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة ونحن صيام قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم". فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من افطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال: "إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا" وكانت عزمة، فأفطرنا، ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك في السفر"(رواه مسلم:1120).
- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه، وقد ظلل عليه فقال: "ماله؟" قالوا: رجل صائم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس البر أن تصوموا في السفر"(رواه البخاري:1946، ومسلم:1115).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ودَّعني رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقالَ: أستودعُكَ اللَّهَ الَّذي لاَ تضيعُ ودائعُهُ"(أخرجه ابن ماجه:٢٨٢٥، وأحمد:٩٢١٩، وصححه الألباني).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أريد أن أسافر فأوصني، قال: "عليك بتقوى الله، والتكبير على كل شرف"، فلما أن ولى الرجل، قال: "اللهم اطو له الأرض، وهون عليه السفر"(أخرجه الترمذي:٣٤٤٥، وابن ماجه:٢٧٧١ مختصرا، وأحمد:٨٢٩٣، وحسنه الألباني).
- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّ حمزةَ بنِ عَمرو الأسلميِّ سأل رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللهِ: إني رجلٌ أَسرُدُ الصومَ. أفصومُ في السَّفرِ؟ فقال: "صُمْ إن شئتَ وأفطِرْ إن شئتَ"(أخرجه البخاري:١٩٤٣، ومسلم:١١٢١) وفي رواية: "أصوم أفأصوم في السفر؟".
- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: صحبتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في السفرِ. فما رأيتُه يُسَبِّحُ. ولو كنتُ مُسبِّحًا لأتممتُ. وقد قال اللهُ تعا(لى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[الأحزاب:٢١](رواه مسلم:٦٨٩).
- عن محمَّدُ بنُ كعْبٍ رحمه الله قال: أتيتُ أنسَ بنَ مالكٍ في رمضانَ وهوَ يُريدُ السفرَ وقدْ رُحِلَت دابةٌ ولبسَ ثيابَ السفرِ وتقاربَ غروبُ الشمسِ فدعا بطعامٍ فأكلَ مِنهُ ثمَّ رَكِبَ فقلتُ: سنةٌ؟ قال: "نعمْ"(أخرجه الترمذي:٧٩٩).
- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يصلي في السفرِ على راحلتِه حيث توجهتْ به، يومىءُ إيماءً صلاةَ الليلِ إلا الفرائضَ، ويوترُ على راحلتِه"(البخاري:١٠٠٠، واللفظ له، ومسلم:700).
- عن نافع قال: أذَّن ابنُ عمرَ في ليلةٍ باردةٍ بضجنانَ، ثم قال: صلُّوا في رحالِكم، فأخبرنا: أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-كان يأمر مؤذنًا يؤذن، ثم يقول على إثره: "ألا صلُّوا في الرحالِ في الليلةِ الباردةِ، أو المطيرةِ في السفرِ"(البخاري:٦٣٢)
- عن عائشةَ أم المؤمنين قالت: فرض اللهُ الصلاةَ حين فرضها، ركعتين ركعتين، في الحضَرِ والسفرِ، فأُقِرَّتْ صلاةُ السفرِ، وزيدَ في صلاة الحضَرِ. (البخاري:٣٥٠، واللفظ له، ومسلم:٦٩٧).
- عن أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس رضي الله عنه قال: قال النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مرض العبدُ أو سافر، كتب اللهُ تعالى له من الأجرِ مثلَ ما كان يعملُ صحيحًا مُقيمًا"(رواه البخاري:٢٩٩٦).
- عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتَى رجلان النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يُريدان السفرَ، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أنتما خرجتُما، فأذِّنا، ثم أَقيما، ثم لْيَؤمَّكما أكبرُكما"(أخرجه البخاري:٦٣٠، ومسلم:٦٧٤).
- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: رأيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، إذا أعجَله السيرُ في السفَرِ يؤخِّرُ صلاةَ المغرِبِ، حتى يَجمَعَ بينها وبين العِشاءِ . قال سالمٌ: وكان عبدُ اللهِ يَفعَلُه إذا أعجَله السيرُ، ويُقيمُ المَغرِبَ فيُصلِّيها ثلاثًا، ثم يُسلِّمُ، ثم قَلَّما يَلبَثُ حتى يُقيمَ العِشاءَ، فيُصلِّيها ركعتَينِ، ثم يُسلِّمُ، ولا يُسَبِّحُ بينهما بركعةٍ، ولا بعدَ العِشاءِ بسَجدةٍ، حتى يقومَ من جَوفِ الليلِ(أخرجه البخاري:١١٠٩، واللفظ له، ومسلم:٧٠٣).
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عَجِلَ عليهِ السفرُ، يُؤخِّرُ الظهرَ إلى أولِ وقتِ العصرِ، فيجمعُ بينهما، ويُؤخِّرُ المغربَ حتى يجمعَ بينها وبين العشاءِ، حين يغيبَ الشفقُ(رواه مسلم:٧٠٤).
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لما قدم رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-المدينةَ، أخذ أبو طلحةَ بيديَّ . فانطلق بي إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-. فقال: يا رسولَ اللهِ! إنَّ أنسًا غلامُ كَيِّسٌ فلْيخدِمْك . قال: فخدمتُه في السفرِ والحضرِ. واللهِ ! ما قال لي لشيءٍ صنعتُه: لم صنعتَ هذا هكذا؟ ولا لشيءٍ لم أصنعْه: لم لم تصنعْ هذا هكذا؟(أخرجه البخاري:٦٩١١، ومسلم:٢٣٠٩، واللفظ له).
- عن البراء بن عازب سمعتُ البراءَ -رضي الله عنه- يُحدِّثُ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ أنه كان في السفرِ فصلى العشاءَ الآخرةَ فقرأ في إحدى الركعتين: والتين والزيتون(أخرجه البخاري:٧٦٧، ومسلم:٤٦٤، واللفظ له).
- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-كان لا يُصلِّي في السَّفرِ قبْلَها ولا بعدُ، يُريدُ قبْلَ الفرائضِ ولا بعدَها(رواه النسائي:١٤٥٦، وقال الألباني: حسن صحيح).
- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو يعلم الناسُ ما في الوحدةِ ما أعلمُ، ما سار راكبٌ بليلٍ وحدَه"(رواه البخاري:٢٩٩٨).
- عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراكبُ شيطانٌ، والراكبان شيطانانِ، والثلاثةُ رَكبٌ (أخرجه أبو داود:٢٦٠٧، والترمذي:١٦٧٤، وأحمد:٦٧٤٨، وصححه الألباني).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا كان في سفرٍ وأسحر، يقول "سمع سامعٌ بحمدِ اللهِ وحُسنِ بلائِه علينا، ربَّنا صاحِبْنا وأفضِلْ علين،. عائذًا بالله من النارِ"(رواه مسلم:٢٧١٨).
- عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "من نزل منزلًا ثم قال: أعوذُ بكلماتِ اللهِ التاماتِ من شرِّ ما خلق، لم يضرُّه شيءٌ، حتى يرتحلَ من منزلِه ذلك"( رواه مسلم: ٢٧٠٨).
- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان إذا قَفَل من غَزوٍ، أو حَجٍّ ،أو عُمرةٍ ،يُكَبِّرُ على كُلِّ شَرَفٍ منَ الأرضِ ثلاثَ تكبيراتٍ، ثُم يقولُ: "لا إلهَ إلا اللهَ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٍ، آيبونَ تائبونَ عابدونَ ساجدونَ لربنا حامدونَ، صدق اللهُ وعده، ونصر عبده، وهزمَ الأحزابَ وحدَه"( البخاري:١٧٩٧، واللفظ له، ومسلم:٤٤).
- عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس(البخاري:٤٤١٨، ومسلم:٢٧٦٩).
- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال كنتُ مع النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في سفرٍ، فلما قَدِمْنَا المدينةَ، قال لي: "ادخلِ المسجدَ، فصلِّ ركعتيْنِ"(أخرجه البخاري:٣٠٨٧، واللفظ له، ومسلم:٧١٥).
- عن جابر بن عبدالله:] أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لمَّا قَدِمَ المدينةَ، نحرَ جزورًا أو بقرةً . زاد معاذٌ، عن شعبةَ، عن محاربٍ: سمع جابرَ بنَ عبدِ اللهِ: اشترى مِنِّي النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بعيرًا بوقِيَّتينِ، ودرهمٍ أو درهمينِ، فلمَّا قَدِمَ صِرَارًا، أمر ببقرةٍ فذُبِحَتْ فأكلوا منها، فلمَّا قَدِمَ المدينةَ، أمرني أن آتي المسجدَ فأُصلِّي ركعتينِ، ووزنَ لي ثمنَ البعيرِ(رواه البخاري:٣٠٨٩).
- عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "أنا بريءٌ من كلِّ مسلمٍ يُقيمُ بين أظهُرِ المشركينَ، لا تَراءَى نارُهما"( أبي داود ٢٦٤٥، والترمذي ١٦٠٤، وصححه الألباني).
- عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "مَن جامَع المُشرِكَ وسكَن معه فإنَّه مِثْلُهُ"(رواه أبو داود:٢٧٨٧، وصححه الألباني).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "زار رجل أخًا له في قرية، فأرصد الله على مدرجته ملكًا، فقال: أين تريد؟ قال: أريد أخي في هذه القرية، قال: هل لك من نعمةٍ تربُّها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه"(رواه مسلم:٢٥٦٧).
- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما- قال: كان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا غزا أو سافر فأدركه الليلُ قال: يا أرضُ ربِّي وربُّك اللهُ أعوذُ باللهِ من شرِّكِ وشرِّ ما فيكِ وشرِّ ما خُلِقَ فيكِ وشرِّ ما دَبَّ عليكِ أعوذُ باللهِ من شرِّ كلِّ أسدٍ وأسودٍ وحيةٍ وعقربٍ ومن شرِّ ساكنِ البلدِ ومن شرِّ والدٍ وما ولدَ "(رواه أبو داود:٢٦٠٣، وأحمد:٩-١٩ والفظ له، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح).
الاثار
- كان بشر يقول: "يا معشر القراء سيحوا تطيبوا فإن الماء إذا ساح طاب وإذا طال مقامه في موضع تغير"(إحياء علوم الدين:2-246).
- يقول أنس رضي الله عنه: خرجت مع جرير بن عبد الله في سفر فكان يخدمني، وكان جرير أكبر من أنس (رواه البخاري:2822، ومسلم:6380).
- قال الشعبي: السنة إذا قدم رجل من سفر أن يأتيه أخوانه فيسلموا عليه، وإذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيودعهم ويغتنم دعائهم (الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح:1-450).
- قال الشعبي: "لو سافر رجل من الشام إلى أقصى اليمن في كلمة تدله على هدى، أو ترده عن ردى ما كان سفره ضائعاً" (إحياء علوم الدين للغزالي:2-246).
- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا (فتح الباري:6-135).
- عن مجاهد قال: "صحبت ابن عمر وأنا أريد أن أخدمه، فكان يخدمني"(تاريخ دمشق - ابن عساكر:57-34، وابن أبي عاصم في الجهاد:210، وابن عساكر:15-60).
- كان سعيد بن المسيب يسافر الأيام في طلب الحديث الواحد (قوت القلوب في معاملة المحبوب لأبي طالب المكي:2-344).
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان أصحابُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- إذا تلاقَوا تصافَحوا وإذا قدِموا من سفرٍ تعانَقُوا(أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط:٩٧، وقال الألباني: رجاله رجال الصحيح).
- صحب ابن المبارك رجلا سيء الخلق في سفر فكان يحتمل منه، ويداريه، فلمّا فارقه بكى فقيل له في ذلك فقال: بكيته رحمة له، فارقته وخلقه معه لم يفارقه (إحياء علوم الدين:3-57).
- سئل إمامُ الحرمين الجوينيُّ حين جلس موضع أبيه: لِمَ كان السفر قطعة من العذاب؟ أجاب على الفور: "لأن فيه فِراقَ الأحباب"(فتح الباري:3-620).
- قال ربيعة بن عبدالرحمن رحمه الله: "المروءة مروءتان؛ فللِسَّفر مروءة، وللحضر مروءة؛ فأما مروءةُ السفرِ فَبَذْلُ الزادِ، وقلةُ الخلاف على الأصحاب، وكثرةُ المزاح في غير مساخط الله. وأما مروءة الحضر فالإدمان إلى المساجد، وكثرةُ الإخوانِ في الله، وقراءةُ القرآنِ".
- وفي رواية أخرى عن ربيعة أنه قال: "المروءة ست خصال: ثلاثٌ في الحضر، وثلاثٌ في السفر؛ فأما التي في السفر فَبَذْلُ الزادِ، وحسنُ الخلق، ومداعبةُ الرفيق. وأما التي في الحضر فتلاوةُ القرآنِ، ولزومُ المساجد، وعفافُ الفرج"(روضة العقلاء لابن حبان:232، وبهجة المجالس 2-645).
- كان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يصوم أول قدومه من السفر لأجل الذين يغشونه للسلام عليه والتهنئة بالقدوم.
- سئل الشعبي عن هذا العلم الغزير الذي وهبه الله: من أين لك هذا العلم؟ قال: " بنفي الاعتماد، والسير في البلاد -يعني السفر في طلب العلم-، وصبر كالجماد، وبكور كبكور الغراب".
القصص
- قال أبو علي الرباطي صحبت عبد الله الرازي وكان يدخل البادية فقال علي أن تكون أنت الأمير أو أنا فقلت بل أنت فقال وعليك الطاعة فقلت نعم فأخذ مخلاة ووضع فيها الزاد وحملها على ظهره فإذا قلت له أعطني قال ألست قلت أنت الأمير فعليك الطاعة فأخذنا المطر ليلة فوقف على رأسي إلى الصباح وعليه كساء وأنا جالس يمنع عني المطر فكنت أقول مع نفسي ليتني مت ولم أقل أنت الأمير (إحياء علوم الدين:2-183).
- يروى أن الإمام التبريزي كان يحمل معه في سفره كتاب تهذيب اللغة للأزهري وكان أحمد بن يزيد القرطبي يحمل معه كتاب مشكل الآيات، وآخر يحمل في كمه المحدث الفاصل للرامهرمزي، وثالث كان يحمل كتبه على ظهره فيسيل عليها عرقه حتى يظن من يراه أن المطر قد أصابها. وهذا ديدن كثير من العلماء وطلبة العلم المتأخرين والمتقدمين والمعاصرين، بل من نعم الله ما يسمى بالحاسب المحمول تحمل فيه آلاف الكتب فتبحث وتطالع فلا تنقطع عن أبحاثك ومراجعاتك في أثناء سفرك وتنقلك، حتى في ركوبك الطائرة، وهذا من فضل الله والحمد لله فأين المشمرون والجادون وأين الكسالى والنائمون!؟ (المختصر من أحكام السفر فهد بن يحيى العماري ص: (110).
- قال ابن عمر لأسلم مولى عمر: يا أبا خالد، إني أرى أمير المؤمنين يلزمك لزوماً لا يلزمه أحداً من أصحابك، لا يخرج سفراً إلا وأنت معه، فأخبرني عنه. قال: لم يكن أولى القوم بالظل، وكان يرحل رواحلنا، ويرحل رحله وحده، ولقد فرغنا ذات ليلة وقد رحل رحالنا، وهو يرحل رحله ويرتجز: لا يأخذ الليل عليك بالهم *** وإلبسن له القميص *** واعتم وكن شريك نافع وأسلم *** وإخدم الأقوام حتى تخدم (تاريخ دمشق لابن عساكر:8-348).
- رحل جابر بن عبد الله من المدينة إلى مصر مع عشرة من الصحابة فساروا شهرا في حديث بلغهم عن عبد الله أنيس الأنصاري يحدث به عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى سمعوه (إحياء علوم الدين:2-246).
- حدثنا علي بن المديني، قال لي أحمد بن حنبل: إني لأشتهي أن أصحبك إلى مكة، وما يمنعني إلا خوف أن أملَّك أو تملَّني، فلما ودّعته، قلت: أوصني، قال: اجعل التقوى زادك، وانصب الآخرة أمامك (سير أعلام النبلاء:21-355).
- قال عمر -رضي الله عنه- للذي زكَّى عنده بعضَ الشهود: "هل صحبته في السفر الذي يُسْتَدلُّ به على مكارم أخلاقه؟" فقال: لا؛ فقال: "ما أراك تعرفه"(إحياء علوم الدين:2-246).
- جاء في كتاب نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس تأليف العباس بن علي بن نور الدين الحسيني الموسوي: "دخل الشيخ عبدالرزاق الشيبي سادن بيت الله الحرام على الحسن بن أبي نمي -شريف مكة- يستأذنه في السفر، وركوب البحر، فأنشده الشريف قول الطغرائي من لاميته: فِيمَ اقتحامُك لُجَّ البحر تركبه *** وأنت تكفيك منه مَصَّةُ الوشل -- فأنشده الشيخ عبدالرزاق الشيبي على البديهة: أريد بَسْطَةَ كفٍّ استعين بها *** على قضاء حقوق للعلا قبلي ... فأمر له الشريف بقضاء دينه، وأمر له بألف أحمر، وترك الشيخ السفر
- قال ابن عبدالبر: "أراد أعرابي السفر فقال لامرأته -وقيل: إنه الحطيئة-: عُدِّي السنين لغيبتي وتصبَّري *** وذري الشهور فإنهن قصار - فأجابته: اذكر صبابتنا إليك وشوقنا *** وارحم بناتِك إنهن صغار .... فأقام، وترك سفره(بهجة المجالس:1-227).
- نقل عن عبدالله المروزي أنه صحبه أبو علي الرباطي، فقال: "على أن تكون أنت الأمير أو أنا، فقال: بل أنت، فلم يزل يحمل الزاد لنفسه، ولأبي عليٍّ على ظهره، فأمطرت السماء ذات ليلة، فقام عبد الله طولَ الليل على رأس رفيقه وفي يده كساءٌ يمنع المطر، فكلَّما قال له أبو علي: لا تفعل، يقول: ألم تقل: إنّ الإمارة مسلَّمة لي؟! فلا تتحكم عليَّ، ولا ترجع في قولك، حتى قال أبو علي: وددتُ أنِّي لو متّ ولم أقل له: أنت الأمير، فهكذا ينبغي أن يكون الأمير"(إحياء علوم الدين:2-222)
- قال الشيخ محمد الحمد: "مما يذكر في سيرة سماحة شيخنا الإمام عبدالعزيز ابن باز رحمه الله أنه فَوْرَ وصولِه إلى البلد الذي يسافر إليه سواء كان مكة، أو الطائف، أو غيرهما أنه يبادر إلى الاتصال بأهله الذين ليسوا بصحبته، ويخبرهم بسلامة وصوله"(لطائف في السفر:55).
- عن المعتمر بن إياس قال: "ودع الحسن رجلاً، وعيناه تهملان، وهو يقول: وما الدهر إلا هكذا فاصطبر له *** رزيئةُ مالٍ أو فراقُ حبيب (عيون الأخبار لابن قتيبة:2-32).
- قال الشيخ محمد الحمد: " ذكر لي الشيخ محمد الموسى مدير مكتب بيت سماحة الشيخ ابن باز، بقوله: "في يوم من الأيام كان سماحة الشيخ عبدالعزيز يريد السفر في الطائرة، فحضر مبكراً كعادته، وتأخرت إحدى أسرتيه عن موعد تلك الرحلة أكثر من ساعة، وتأخرت بسبب ذلك رحلة الطائرة الخاصة التي ستقلُّه. ومع ذلك لم يبدُ على سماحته أيُّ تضجُّرٍ أو سآمة، بل كنا نقرأ عليه المعاملات دون انقطاع، وكلما مضى عشر دقائق أو ربع ساعة سألنا: هل جاؤوا؟ فإذا قيل له: لا، واصل الاستماع. ولما وصلوا لم يُبدِ أيَّ عتاب، ولم تبدرْ منه كلمةٌ واحدة؛ لأنه كان يلتمس لهم العذر، ويدرك أنهم لم يتأخروا إلا لعارض، وإنما ركب الطائرة، وواصل الاستماع لمن يقرؤون عليه المعاملات "(لطائف في السفر؛ لمحمد الحمد:113-114).
- عن عيينة بن عبد الرّحمن عن أبيه: أنّ ابن عبّاس نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع ثمّ تنحّى عن الطّريق، فأناخ فصلّى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثمّ قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ)[البقرة:45]، (تفسير الطبري:1-299).
الاشعار
- 1- رحم الله من قال:
- ياعاشق الترحال والأسفار *** أنخ المطية واستمع أخباري
- إن كنت في سفر فكل مسافر *** يحتاج زاداً بلغة للدار
- والزاد علم قد جمعت أصوله *** آي الكتاب وسنة المختار
- وجمعت فيه فوائداً وفرائداً *** ومسائلاً غابت عن الأنظار
- وذكرت في الترجيح قول أئمة *** هم في الظلام كواكب ودراري
- وهما ابن باز والعثيمين وقد *** شدّا رحالهما إلى الغفار
- سارا إلى الرحمن سيرة عاشق *** والعشق يعذب شقوة المشوار
- يا ليتني أخطو بدربهم خطى *** لأنال رفقتهم بدار قرار
- والله أسأل أن يكون كنجمة *** وسط السماء هداية للساري
- (المختصر في أحكام السفر فهد بن يحيى العماري:1-6).
- 2- رحم الله من قال:
- يصلح النفس إذا كانت مقسمة *** إلا التنقل من حال إلى حال
- (تاريخ الأمم والرسل والملوك:5-201).
- 3- رحم الله من قال:
- تنقل فلذات الهوى في التنقل *** ورد كل صاف لا تقف عند منهل
- ففي الأرض أحباب وفيها منهـل *** فلا تبك من ذكرى حبيب ومنزل
- إذا ما ضـاق صدرك من بلاد *** ترحـل طالبـاً أرضاً سواها
- عجبت لمـن يقيم بـدار ذل *** وأرض الله واسعــة فضاها
- فذاك من الرجـال قليل عقل *** بليـد ليـس يعلم ما طحاها
- فنفسك فر بها إن خفت ضيماً *** وخـل الـدار تنعى من بناها
- فإنك واجد أرضــاً بأرض *** ونفسـك لم تجد نفساً سواها
- ومـن كـانت منيته بـأرض *** فليس يمـوت في أرض سِواها سواها
- (المختصر من أحكام السفر فهد بن يحيى العماري من ص: (10- 13).
- 4- رحم الله من قال:
- إن قلّ نفعـك في أرض حللت بها *** سـافر لتدرك قصـداً أم ترى أملا
- فالبيض لو لازمت أغمادها تلفت *** والشمس لو لم تسر ما حلت الحملا
- (الترغيب والترهيب؛ للمنذري:4-87).
- 5- رحم الله القائل:
- وإذا رأيت الـرزق ضـاق ببلدة *** وخشيت فيهـا أن يضيق المكسب
- فارحل فأرض الله واسعـة الفضا *** طـولاً وعرضـاً شرقها والمغرب
- (جواهر الأدب؛ أحمد الهاشمي:2-71).
- 6- قال الشافعي رحمه الله:
- تغرب عن الأوطان في طلب العلا *** وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
- إزالة هم واكتساب معيشة *** وعلم وآداب وصحبة ماجد
- فإن قيل في الأسفار ذل ومهنة *** وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد
- فموت الفتى خير له من حياته *** بدار هوان بين واش وحاسد
- (غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب للسفاريني:2-447).
- 7- قال الشافعي رحمه الله:
- ما في المُقَـامِ لـذي عقـل وذي أدب *** من راحةٍ فَـدَعِ الأوطان واغتربِ
- سافر تجد عوضا عمن تفارقه *** وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
- إنِّي رأيـتُ وقـوفَ المـاء يُفســده *** إن ساح طاب وإن لم يجرِ لم يطبِ
- والأُسْدُ لولا فـراقُ الأرض ما افترست *** والسهم لولا فراق القوس لم يصبِ
- والشمـس لو وقفت في الفلك دائمـــــــة *** لملَّها النّاسُ من عُجْـم ومن عربِ
- والتِّبـر كالتُّـربِ ملقًـى في أماكنـه *** والعـود في أرضه نوعٌ من الخشبِ
- فإن تغـرَّب هــذا عــزَّ مطلبـه *** وإن تغرَّب ذاك عزَّ كالـذهبِ
- (ديوان الشافعي:81).
- 8- وقال ايضاً:
- ارحل بنفسك من أرض تضام بها *** ولا تكن من فراق الأهل في حرق
- فالعنبر الخـام روث في مواطنـه *** وفي التغرب محمـول على العنـق
- والكحل نوع من الأحجار تنظره *** وفي أرضه وهو مرمي على الطرق
- لما تغـرب حاز الفضـل أجمعـه *** فصار يحمل بين الجفـن والحـدق
- (ضياء السالكين في أحكام المسافرين للحجوري:1-7).
- 9- وقال أيضا:
- سأضربُ في طول البلاد وعرضهـا *** أنـال مـرادي أو أموت غريبا
- فإن تلفت نفسـي فللـه درُّهـا *** وإن سلمت كان الرجوعُ قريبا
- (ديوان الشافعي:81).
- 10- وقال أيضا:
- تغرَّب عن الأوطان في طلب العلا *** وسافر ففي الأسفار خمسُ فوائدِ
- تفرُّج هـمٍّ واكتسـاب معيشـةٍ *** وعلمٌ وآدابٌ وصحبة ماجـدِ
- (ديوان الشافعي:95).
- 11- قال ابن قلاقس:
- سافر إذا حاولت قَدْرا *** سار الهلال فصار بدرا
- والماء يَكْسِبُ ما جرى *** طيباً ويَخْبُثُ ما استقرا
- وبِنَقْلَةِ الدُّررِ النفيـ *** ـسةِ بُدَّلت بالبحر نحرا
- (الغيث المسجم في شرح لامية العجم؛ للطغرائي شرح الصفدي:2-17).
- وأخذه بعضهم فقال:
- نقِّل ركابك في الفلا *** ودَعِ الغوانيَ للقصورْ
- لولا التنقل ما ارتقى *** دُرُّ البحورِ إلى النحورْ
- ما الماكثون بأرضهم*** إلا كَسُكَّان القبور
- (الغيث المسجم:1-226).
- 12- قال النابغة:
- إذا المرء لم يطلب معاشاً لنفسه *** شـكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا
- فسِر في بلاد الله والتمـس الغنى *** تعِش ذا يسـارٍ أو تمـوت فتعذرا
- قال ابن عبدالبر تعليقاً على بيت النابغة الثاني: قال بعض العقلاء: أعرف بيتاً قد بيَّت أكثر من مائة ألف رجل في المساجد، وفي غير أوطانهم، وهو:
- فسِر في بلاد الله والتمـس الغنى *** تعِش ذا يسـارٍ أو تمـوت فتعذرا
- (بهجة المجالس؛ لابن عبدالرب:1-226).
- 13- قال الطُّغرائي:
- إن العلا حدثتني وهي قائلة *** فيما تحدثُ أن العز في النُّقل
- لو أن في شرف المأوى بلوغَ مُنىً *** لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارة الحَمَلِ
- (الغيث المسجم:1-85).
- 14- قال أحدهم:
- وإنَّ اغتراب المرء من غير حاجـةٍ *** ولا فاقـةٍ يسـمو لهـا لعجيب
- (المحاسن والأضداد؛ للجاحظ:1-120).
- وحسب الفتى ذلاً وإن أدرك الغنى *** ولو نال ملكاً أن يقـال: غريب
- (رحلة الشتاء والصيف؛ للموسوي:1-137)
- وقال آخر:
- لا ألفينَّك ثاوياً في غربة *** إن الغريبَ بكلِّ سهمٍ يُرشَقُ
- (تاريخ بغداد؛ للبغدادي:9-305)
- وأنشدوا:
- إن الغريب له استكانةُ مذنبٍ *** وخضوعُ مِديانٍ وذلُّ مُريب
- قال الطرطوشي معارضاً الشافعي -رحمهما الله- محذراً من السفر:
- تَخلَّف عن الأسفار إن كنت طالباً *** نجاةً ففي الأسفار سبع عوائقِ
- تفرقُ إخوانٍ وفقد أحبةٍ *** وتشتيت أموال وخِيفةُ سارقِ
- وكثرةُ إيحاشٍ وقلةُ مؤنسٍ *** وأعظمها يا صاح سكنى الفنادقِ
- فإن قيل: في الأسفار كسب معيشةٍ *** وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ فائق
- فَقُلْ: كان ذا دهراً تقادم عهده *** وأعقبه دهرٌ كثير العوائق
- وهذا مقالي والسلام مؤيدٌ *** وجرِّب ففي التجريب علم الحقائق
- (لطائف في السفر: للشيخ محمد الحمد:40).
متفرقات
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما سفر صاحب العيال فإن كان السفر يضر بعياله لم يسافر لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) رواه أبوداود، وسواء كان تضررهم لقلة النفقة أو لضعفهم وسفر مثل هذا حرام، وإن كانوا لا يتضررون بل يتألمون وتنقص أحوالهم فإن لم يكن في السفر فائدة جسيمة تربو على ثواب مقامه عندهم كعلم يخاف فواته وشيخ يتعين الاجتماع به وإلا فمقامه عندهم أفضل، وهذا لعمري إذا صحت نيته في السفر كان مشروعاً. وأما إن كان كسفر كثير من الناس إنما يسافر قلقًا وتزجية للوقت فهذا مقامه يعبد الله في بيته خير بكل حال ويحتاج صاحب هذه الحال أن يستشير في خاصة نفسه رجلاً عالماً بحاله وبما يصلحه مأمونا على ذلك فإن أحوال الناس تختلف في مثل هذا اختلافاً متبايناً". (الفتاوى (28-28).
- وعن الخلال قال: سمعت أبا عبد الله أي الإمام أحمد عن حديث: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) قال الرجل يكون له قرابة فيسافر ويتركهم فإذا تركهم وحدهم أليس يضيعون وليس لهم أحد إلا هو؟ قلت نعم. قال: هذا معناه وسئل أخرى عن رجل خرج للكوفة ومن ثم سيذهب للحج وقد حج وخلف عيالاً يخشى أن يضيعوا فذكر الحديث..وفي رواية: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول) رواه النسائي وابن حبان والحاكم، (الحث على التجارة والصناعة للخلال (1-80).
- قال ابن عبد البر: إذا خرج أحدكم إلى سفر فليودع أخوانه فإن الله جاعل في دعائهم بركة (الآداب الشرعية لابن مفلح (1-450).
- قال ابن حجر الهيثمي: ينبغي إذا فاته ذكر الركوب في أوله أن يأتي به في أثنائه نظير البسملة في الوضوء" وكذا دعاء السفر (شرح الأذكار (3-128).
- قال النووي: "يستحب خدمة المسافر الذي له نوع فضيلة وإن كان الخادم أكبر سناً" ( (المجموع (4-196).
- قال الغزالي رحمه الله: "والفوائد الباعثة على السفر لا تخلو من هرب أو طلب فإن المسافر إما أن يكون له مزعج عن مقامه ولولاه لما كان له مقصد يسافر إليه وإما أن يكون له مقصد ومطلب والمهروب عنه إما أمر له نكاية في الأمور الدنيوية كالطاعون والوباء إذا ظهر ببلد أو خوف سببه فتنة أو خصومة أو غلاء سعر وهو إما عام كما ذكرناه أو خاص كمن يقصد بأذية في بلدة فيهرب منها وإما أمر له نكاية في الدين كمن ابتلي في بلده بجاه ومال واتساع أسباب تصده عن التجرد لله فيؤثر الغربة والخمول ويجتنب السعة والجاه أو كمن يدعى إلى بدعة قهرا أو إلى ولاية عمل لا تحل مباشرته فيطلب الفرار منه وأما المطلوب فهو إما دنيوي كالمال والجاه أو ديني والديني إما علم وإما عمل والعلم إما علم من العلوم الدينية وإما علم بأخلاق نفسه وصفاته على سبيل التجربة وإما علم بآيات الأرض وعجائبها كسفر ذي القرنين وطوافه في نواحي الأرض والعمل إما عبادة وإما زيارة والعبادة هو الحج والعمرة والجهاد والزيارة أيضا من القربات وقد يقصد بها مكان كمكة والمدينة وبيت المقدس والثغور فإن الرباط بها قربة"(إحياء علوم الدين:2-249).
- قال المقدسي: والسفر سفران: سفر بظاهر البدن عن الوطن، وسفر بسير القلب عن أسفل سافلين إلى ملكوت السماوات، وهذا أشرف السفرين (مُخْتَصَرُ مِنْهَاجِ القَاصِدِينْ - نجم الدين، أبو العباس، أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي قدم له: الأستاذ محمد أحمد دهمان الناشر: مكتَبَةُ دَارِ البَيَانْ، دمشق عام النشر: 1398 هـ - 1978 م (1-119).
- قال الإمام أحمد بن حنبل: ما السياحة من الإسلام في شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين ولأن السفر يشتت القلب فلا ينبغي للمريد أن يسافر إلا في طلب علم أو مشاهدة شيخ يقتدى به (الآداب الشرعية والمنح المرعية الإمام أبي عبد الله محمد بن مفلح المقدسي تحقيق شعيب الأرنؤوط - عمر القيام الناشر مؤسسة الرسالة سنة النشر 1417هـ - 1996م مكان النشر بيروت (1-459).
- وقال أيضاً: ولابد للمسافر من معرفة ما يتجدد بسب السفر، وهو علم القبلة والأوقات، فمعرفة ذلك في السفر آكد من الحضر (المصدر السابق 1-121).
- وقال أيضاً: ومن أقسام السفر أن يكون مباحا، كسفر التفرج والتنزه، فأما السياحة في الأرض لا لمقصود، ولا إلى مكان معروف، فإنه منهي عنه.. ولأن السفر يشتت القلب، فلا ينبغي للمريد أن يسافر إلا في طلب علم أو مشاهدة شيخ يقتدى به في سيرته (المصدر السابق (1-120).
- وقال أيضاً: ينبغي له أن يتزود للدنيا والآخرة، أما زاد الدنيا، فالمطعم والمشرب وما يحتاج إليه. ولا ينبغي أن يقول: أخرج متوكلا فلا أحمل زادا، فهذا جهل، فإن حمل الزاد لا يناقض التوكل. وأما زاد الآخرة، فهو العلم الذي يحتاج إليه في طهارته وصلاته وعبادته، وتعلم رخص السفر، كالقصر والجمع والفطر، ومدة مسح السفر على الخفين والتيمم، والتنفل للماشي (المصدر السابق (1-121).
- قال الغزالي: "إن النفس في الوطن مع مواتاة الأسباب لا تظهر خبائث أخلاقها لاستئناسها بما يوافق طبعها من المألوفات المعهودة فإذا حملت وعثاء السفر وصرفت عن مألوفاتها المعتادة وامتحنت بمشاق الغربة انكشفت غوائلها ووقع الوقوف على عيوبها فيمكن الاشتغال بعلاجها وقد ذكرنا في كتاب العزلة فوائد المخالطة والسفر مخالطة مع زيادة اشتغال واحتمال مشاق وأما آيات الله في أرضه ففي مشاهدتها فوائد للمستبصر ففيها قطع متجاورات وفيها الجبال والبراري والبحار وأنواع الحيوان والنبات وما من شيء منها إلا وهو شاهد لله بالوحدانية ومسبح له بلسان ذلق لا يدركه إلا من ألقى السمع وهو شهيد وأما الجاحدون والغافلون والمغترون بلامع السراب من زهرة الدنيا فإنهم لا يبصرون ولا يسمعون لأنهم عن السمع معزولون وعن آيات ربهم محجوبون (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)[الروم: 7]" (إحياء علوم الدين للغزالي:2-246).
- قال المناويّ: "من عزم على سفر إلى بلد بعيد يقول أملت الوصول ولا يقول طمعت، لأنّ الطّمع لا يكون إلّا فى القريب، والأمل في البعيد، والرّجاء بينهما، لأنّ الرّاجي يخاف ألّا يحصّل مأموله"(التوقيف:12).
- قال ابن حجر ضابط العقوق: "هو أن يؤذي الولد أحد والديه بما لو فعله مع غير والديه كان محرّما من جملة الصّغائر فينتقل بالنّسبة إلى أحد الوالدين إلى الكبائر، أو يخالف أمر والديه أو أحدهما فيما يدخل فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو من أعضائه ما لم يتّهم الوالد في ذلك، أو أن يخالف في سفر يشقّ على الوالد وليس بفرض على الولد، أو يخالف في غيبة طويلة فيما ليس بعلم نافع ولا كسب"(الزواجر ص: (459).
- قال ابن عثيمين طيب الله روحه وأعلى درجته في المهديين: لا يجوز السفر إلى بلد الكفار إلا بشروط: - أن يكون سفره وإقامته للحاجة. - أن يكون عنده إيمان يدفع به الشهوات، وعلم يدفع به الشبهات. - أن يستطيع إقامة شعائر دينه في ذلك البلد. قال عليه الصلاة والسلام: ( أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) (رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني)؛ فالحديث يدل على عدم الجواز ولأن في ذلك فتنة للمرء في دينه وخلقه، واستثنى العلماء الجواز للحاجة بالشروط السابقة والضرورات تبيح المحظورات والحاجات تنزل منزلة الضرورات (شرح الأربعين النووية وشرح ثلاثة الأصول لابن عثيمين والهجرة إلى بلاد غير المسلمين لعماد عامر رسالة ماجستير].
- قال الشيخ محمد الحمد حفظه الله: " السفر المحمود هو ما ورد حمده في الشرع، كالسفر لأداء الحج أو العمرة، أو زيارة مكة أو المدينة أو بيت المقدس، أو لأجل البر والصلة، أو الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو لإصلاح ذات بين، أو إغاثة ملهوف، أو زيارة أخ في الله، أو زيارة أهل العلم، والإفادة منهم. ويدخل في السفر المحمود: السفر لتعليم العِلم، أو تَعَلُّمه، ويدخل في السفر المحمود: السفر لتعليم العِلم، أو تَعَلُّمه. ومن السفر المحمود: الفرار بالدين من بلد إلى بلد، فهذه هي الهجرة الشرعية. ومن السفر المحمودِ: السفرُ لإنشاء المدارس، والمستشفيات، والجمعيات الخيرية، والمشروعات النافعة عموماً. فكل ما مضى ذكره، وجرى مجراه داخل في السفر المحمود، وهذا النوع من السفر قد يكون واجباً، وقد يكون مندوباً بحسب الأحوال والأشخاص؛ فهذا هو السفر المحمود"(لطائف في السفر، لمحمد الحمد:9-11).
- قال الشيخ محمد الحمد حفظه الله: "السفر المذموم شرعاً: وهو السفر المحرم، كشد الرحل لغير المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى. وكالسفر لأجل الطواف في مكان غير الكعبة المشرفة، أو الحج لغير بيت الله الحرام، كقصد المشاهد والقبور والمزارات التي لم يعظِّمها الشرع، ولم يأمر بقصدها؛ فالسفر إلى البقاع، وشد الرحل لها، وطلب البركة فيها _ كل ذلك محرم؛ لما فيه من الشرك، أو الذرائع الموصلة إلى الشرك. ومن السفر المحرم: سفر المعصية كمن يسافر لاقتراف الفواحش، وتشراب الخمور، وتعاطي المخدرات. وكمن يسافر لأجل إفساد ذات البين، وتفريق شمل المسلمين. ومن السفر المحرم: السفرُ لتعلم العلوم المحرمة كالسفر لأجل تعلم السحر أو تعليمه. ومن السفر المحرم: السفرُ للاتجار بالمخدرات، وترويجها، وبيعها، وشرائها. ويدخل في السفر المحرم كل سفر يراد منه جلبُ الضررِ على المسافر أو غيره في دينه أو دنياه. ويدخل في السفر المذموم شرعاً السفر المكروه، كسفر الإنسان وحده لغير حاجة ونحو ذلك"(لطائف في السفر، لمحمد الحمد:12-13).
- قال الشيخ محمد الحمد حفظه الله: "السفر المباح: وهو ما لم يكن لطاعة، أو معصية؛ فلا قربة فيه، ولا حرمة.وذلك كحال من يسافر لطلب رزق، أو ابتغاء علاج، أو إجمام نفس، أو مرافقة قريب أو صديق أو نحو ذلك؛ فهذا داخل في المباحِ؛ فإن أعان على طاعة دخل فيها، وإن أعان على معصية أخذ حكمها، وإلا بقي على أصله"(لطائف في السفر؛ لمحمد الحمد:13).
- قال الشيخ محمد الحمد حفظه الله: "إن مرجع المباحِ إلى النية؛ فإن كان قصده بسفره طلبَ المال؛ لأجل التعفف، ورعاية ستر المروءة على الأهل والعيال، والتصدق بما يَفْضُل على مبلغ الحاجة _ صار هذا المباح بهذه النية من أعمال الآخرة. ولو سافر وأراد بسفره إجمامَ نفسه؛ ليتقوَّى بعد ذلك على العبادة، وطلب العلم، وتعليمه _ لدخل ذلك السفر في قبيل القربات. وكذلك الحال لو سافر بوالديه، أو أهله، وأولاده، واحتسب إسعادهم، وإدخال السرور عليهم فإنه يؤجر بتلك النية"(لطائف في السفر؛ لمحمد الحمد:13-14).
- قال أبو حامد الغزاليُّ: "فإن النفس في الوطن مع مواتاة الأسباب لا تظهر خبائثُ أخلاقها؛ لاستئناسها بما يوافق طَبْعَها من المألوفات المعهودة؛ فإذا حُمِّلت وعثاءَ السفر، وصُرِفت عن مألوفاتها المعتادة، وامتُحِنَتْ بمشاق الغربة، وانْكَشَفَتْ غوائلُها، ووقَعَ الوقوفُ على عيوبها - فيمكن الاشتغال بعلاجها"(إحياء علوم الدين:2-246).
- قال بعض الحكماء: "متاعب السفر سبعة: الأول: مفارقة الإنسان من يألفه. الثاني: مقارنة من لا يشاكله. الثالث: المخاطرة بما يملكه. الرابع: مخالفة عادته في مأكله ومنامه. الخامس: مجاهدة الحر والبرد بنفسه. السادس: احتمال مِنَّةِ الملاَّح والمكاري. السابع: السعي كل يوم في تحصيل منزل جديد"( انظر نزهة الجليس للموسوي 1-122، والمستطرف للأبشيهي:2-36 وأخالق عربية:ص330).
- قال أبو حامد الغزالي: "وليؤمروا أحسنَهم أخلاقاً، وأرفقَهم بالأصحاب، وأسرعَهم إلى الإيثار وطلب الموافقة. وإنما يُحتاج إلى الأمير؛ لأن الآراء تختلف في تعيين المنازل والطرق ومصالح السفر، ولا نظام إلا في الوَحْدة، ولا فساد إلا في الكثرة. وإنما انتظم أَمْرُ العالَمِ؛ لأن مدبر الكلِّ واحد (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا) [الأنبياء:22].ومهما كان المدبِّرُ واحداً انتظم التدبيرُ، وإذا كثر المدبرون فسدت الأمور في الحضر والسفر إلا أن مواطنَ الإقامةِ لا تخلو من أمير عام كأمير البلد، وأمير خاص كرب الدار. وأما السفر فلا يتعين له أميرٌ إلا بالتأمير؛ فلهذا وجب التأمير؛ ليجتمع شتاتُ الآراء" إلى أن قال: "ثم على الأمير أن لا ينظر إلا لمصلحة القومِ، وأن يجعل نفسه وقاية لهم"(إحياء علوم الدين:2-222).
- قال الشيخ محمد الحمد في حديث دعاء السفر: "يلاحظ في هذا الدعاء أنه جُمِعَ فيه بين البر والتقوى؛ وهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا؛ فإذا اجتمعا صار البر يعني فِعْلَ الأوامر، والتقوى ترك النواهي. وإذا افترقا دخل كل واحد منهما في الآخر؛ فكأن في هذا الدعاء إشارةً إلى شدة حاجة المسافر إلى فعل الأوامر، وترك النواهي.ويلاحظ في خاتمة ذلك الدعاء تضمُّنه معنى الأوبة والتوبة والرجوع إلى الله؛ لأن المسافر قد يعتريه النقص والتقصير والتفريط في شأن التقوى؛ فيحسن به إذا عاد من سفره أن يجدد التوبة والرجوع إلى الله؛ فيكون ذلك الدعاءُ كالطابَع لتلك الرحلة؛ فإن كان محسناً زاد بذلك الدعاء إحساناً، وإن كان مسيئاً كان كالكفارة له كما في دعاء كفارة المجلس، والاستغفارِ بعد الصلاة، والحجِّ، وفي آخر الليل، وفي نهاية الأعمال الصالحة عموماً؛ فإنه يستحب أن تختم بالاستغفار الذي يتممها، ويرقع ما تَخَّرق منها؛ فإذا قرن ذلك الاستغفار بحمد الله _عز وجل_ على تيسير السفر كان ذلك نوراً على نور، كما في قوله _تعالى_ لنبيه" بعد أن أدى الأمانة، وكَمَّل الرسالة، ونصح للأمة: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً)[النصر:3](لطائف في السفر؛ لمحمد الحمد:45-46).
- قال الشوكاني تعليقا على حديث: "إذا كان الرجل بأرض فحانت الصلاة، فليتوضأ، فإن لم يجد فليتيمم؛ فإن قام صلى معه مَلَكَاه، وإن أَذَّن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يُرى طرفاه" قال: "والحكمة من اختصاص صلاة الفلاة بهذه المزية أن المصلي فيها يكون في الغالب مسافراً، والسفر مظنة المشقة؛ فإذا صلاها المسافر مع حصول المشقة تضاعف إلى ذلك المقدار. وأيضاً الفلاة في الغالب من مواطن الخوف، والفزع؛ لما جُبِلت عليه الطباع البشرية من التوحش عند مفارقة النوع الإنساني؛ فالإقبال _ مع ذلك _ على الصلاة أَمْرٌ لا يناله إلا من بلغ في التقوى حَدٌّ يَقْصُر عنه كثير من أهل الإقبال والقبول. وأيضاً في مثل هذا الموطن تنقطع الوساوس التي تقود إلى الرياء؛ فإيقاع الصلاة فيها شأنُ أهل الإخلاص. ومن ههنا كانت صلاة الرجل في البيت المظلم الذي لا يُراد فيه أحدٌ إلا الله _ عز وجل _ أفضل الصلوات على الإطلاق. وليس ذلك إلا لانقطاع حبائل الرياء الشيطانية التي يقتنص بها كثيراً من المتعبدين؛ فكيف لا تكون صلاةُ الفلاة مع انقطاع تلك الحبائل، وانضمام ما سلف إلى ذلك بهذه المزية؟!"( نيل الأوطار للشوكاني:3-121).
- قال ابن عبدالبر: "قالت أعرابية لابنها وقد ودعته وهو يريد سفراً: امضِ مُصاحباً مكلوءًا، لا أَشْمَتَ اللهُ بك عدواً، ولا أرى محبيك فيك سوءًا.
- ودع أعرابي رجلاً فقال: كَبَتَ اللهُ كلَّ عدوٍّ لك إلا نفسَك، وجعل خيرَ عملِك ما ولي أجَلَكَ"(بهجة المجالس:1-255).
- قال ابن عبد البر: "قيل لبعض الحكماء: بأي شيء يعرف وفاءُ الرجلِ دون تَجْرِبَةٍ واختبار؟ قال: بحنينه لأول أوطانه، وتلَهُّفه على ما مضى من زمانه"().
- قال الحافظ بن حجر رحمه الله في شرح حديث: "وإذا قضى نَهْمته فَلْيَعْجَلْ إلى أهله" قال: "في الحديث كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة، واستحباب استعجال الرجوع إلى أهله، لا سيما من يُخشى عليهم الضيعة بالغيبة، ولما في الإقامة في الأهل من الراحة المُعِيْنَةِ على صلاح الدين والدنيا"(فتح الباري:3-623).
- قال ابن حجر رحمه الله في شرح حديث: "إذا أطال أحدكم الغيبةَ فلا يَطْرُقْ أهله ليلاً" قال: "فلما كان الذي يخرج لحاجته مثلاً نهاراً، ويرجع ليلاً لا يتأتَّى له ما يحذر من الذي يطيل الغيبة ـ كان طولُ الغيبة مَظِنَّةَ الأمنِ من الهجوم، فيقع الذي يهجم بعد طول الغيبة غالباً ما يكره؛ إما أن يجد أهله على غير أهبة من التنظف والتزين المطلوب من المرأة، فيكون ذلك سبباً للنفرة بينهما"(فتح الباري:9-252).
الإحالات
- لطائف في السفر؛ للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد.
- تحقيق : آداب السفر للنووي؛ محمد يماني.
- البرهان المبين في حكم السفر إلى بلاد الكفر وحقيقة إظهار الدين؛ عبدالله بن إبراهيم القرعاوي.
- اتحاف النظر في أحكام صلاة السفر؛ سرحان بن غزاي العتيبي.
- إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين؛ للعلامة محمد بن صالح العثيمين.
- معجم السفر والارتحال عند العامة؛ محمد بن ناصر العبودي.
- رسالة في أحكام وآداب السفر من القرآن والسنة الصحيحة؛ محمد بن شامي شيبة.
- السفر والهجرة إلى بلاد الكفر أحكام وتنبيهات؛ ماجد البنكاني.
- رحلة الشتاء والصيف؛ محمد بن عبد الله بن محمد كبريت الحسيني الموسوي.