سعادة

2022-10-10 - 1444/03/14

التعريف

أولًا: المعنى اللغوي:

 

أصل مادة (س ع د) تدل على خير وسرور خلاف النحس، فالسعد: اليمن في الأمر (مقاييس اللغة؛ لابن فارس:١-٥٥٧).

 

والسعادة: خلاف الشقاوة، يقال: يوم سعد ويوم نحس، وقد سعد يسعد سعدًا وسعادة فهو سعيد: نقيض شقي، وسَعُد بالضم فهو مسعود، والجمع سعداء (انظر: لسان العرب؛ لابن منظور:٣-٢١٣).

 

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

 

عرفها الراغب بأنها: معاونة الأمور الإلهية للإنسان على نيل الخير (المفردات:٤١٠).

 

وقال ابن عاشور: "والسّعيد: ضدّ الشّقيّ، وهو المتلبّس بالسّعادة الّتي هي الأحوال الحسنة الخيّرة الملائمة للمتّصف بها"(التحرير والتنوير؛ لابن عاشور:١٢-١٦٤).

 

والسعادة عند علماء التربية: "حالة نفسية من مشاعر الراحة والطمأنينة والرضى عن النفس والقناعة بما كتب الله سبحانه وتعالى"(دليلك الشخصي إلى السعادة والنجاح؛ لإبراهيم القعيد:٣٧).


 

العناصر

1- حقيقة السعادة

 

2- السعادة عند السلف

 

3- صور السعادة وتنوعها

 

4- أسباب السعادة المنشودة

 

5- وسائل تحصيل السعادة

 

6- مفاهيم خاطئة عن سبل السعادة

 

الايات

1- قال الله تعالى: (فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[البقرة:38].

 

2- قال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[الْبَقَرَةِ:38].

 

3- قال تعالى: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[الْبَقَرَةِ: 112].

 

4- قال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[الْبَقَرَةِ: 274].

 

5- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[الْبَقَرَةِ:277]

 

6- قال تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)[آلعمران:169-170].

 

7- قال تعالى: (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)[الأنعَام:48].

 

8- قال تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأنعام:122].

 

9- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)[الأنفال:24].

 

10- قال تعالى: (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)[التوبة:40].

 

11- قال تعالى: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ)[التَّوْبَةِ: 124-125].

 

12- قال تعالى: (قُلْ بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ)[يونس:58].

 

13- قال تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[يُونُسَ:62-64].

 

14- قال تعالى: (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)[هُودٍ:105-108].

 

15- قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)[النحل: 97].

 

16- قال تعالى: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)[طه:2].

 

17- قال تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)[طه:123-127].

 

18- قال تعالى: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى)[طـه:131].

 

19- قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ)[القصص:76-81]

 

20- قال تعالى: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ* وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[الرُّومِ: 4-6].

 

21- قال تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ)[الروم:15].

 

22- قال تعالى: (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) [الزمر:8].

 

23- قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)[فصلت:30].

 

24- قال تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ)[الزُّخْرُفِ:33-35].

 

25- قال تعالى: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ)[الزُّخْرُفِ:70].

 

26- قال تعالى: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ)[الْأَحْقَافِ:20].

 

27- قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)[مُحَمَّدٍ:12]

 

28- قال تعالى: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى)[النجم:43].

 

29- قال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)[القيامة:22-23].

 

30- قال تعالى: (إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا)[الإنسان:10-12].

 

31- قال تعالى: (إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)[الانفطار: 13-14].

 

32- قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا)[الإنشقاق:7-9].

الاحاديث

1- عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ قسم بينكم أخلاقَكم كما قسم بينكم أرزاقَكم، وإنَّ اللهَ يُعطي الدُّنيا من يُحبُّ ومن لا يُحبُّ، ولا يُعطي الإيمانَ إلّا من أحبَّ"(أخرجه البيهقي في القضاء والقدر:٣٦٧، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة:٢٧١٤: إسناده صحيح).

 

2- عن سالم بن أبي الجعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبلال: "يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها"(رواه أبو داود:٤٩٨٥، وصححه الألباني).

 

3- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "حُبِّبَ إليَّ النساءُ، والطيبُ، وجعلَتْ قرةُ عَيني في الصلاةِ"(رواه النسائي:٣٩٥٠، وصححه الألباني).

 

4- عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: قال -رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "أحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفعُهُمْ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى الله -عزَّ وجلَّ- سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، أو تكشف عنه كُربةً، أو تَقضِيَ عنهُ دَيْنًا، أو تَطرُدَ عنهُ جُوعًا"(أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط:٦٠٢٦، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:١٧٦).

 

5- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال -رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ المؤمنَ في قبرِه لفي روضةٍ خضراءَ، فيُرحَّبُ له قبرُه سبعون ذراعًا، ويُنوَّرُ له كالقمرِ ليلةَ البدرِ، أتدرون فيما أُنزلت هذه الآيةُ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى؟ !، قال: أتدرون ما المعيشةُ الضَّنكةُ؟. قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ ! قال: عذابُ الكافرِ في قبرِه ! والذي نفسي بيدِه؛ إنَّهُ يُسلَّطُ عليه تسعةٌ وتسعون تنِّينًا أتدرون ما التنِّينُ؟ سبعون حيةً، لكلِّ حيَّةٍ سبعُ رؤوسٍ يلسعونَه ويخدشونَه إلى يومِ القيامةِ"(حسنه الألباني في صحيح الموارد:٦٥١)

 

6- عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قال -رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "أربعٌ من السعادةِ: المرأةُ الصالحةُ، والمسكنُ الواسعُ، والجارُ الصالحُ، والمركبُ الهنيءُ. أربعٌ من الشَّقاءِ: الجارُ السوءُ، والمرأةُ السوءُ، والمركبُ السوءُ، والمسكنُ الضَّيِّقُ"(أخرجه ابن حبان:٤٠٣٢، وصححه الألباني في صحيح الترغيب:٢٥٧٦).

 

7- عن عبيدالله بن محصن -رضي الله عنه- قال: قال -رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "مَن أصبحَ منكم آمنًا في سربِهِ، مُعافًى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ، فَكَأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا"(رواه الترمذي:٢٣٤٦، وحسنه الألباني).

 

8- عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ ما الإيمانِ؟ قال: "إذا سرَّتْك حسنتُك وساءتْك سيئتُك فأنت مؤمنٌ" قال: يا رسولَ اللهِ فما الإثمُ؟ قال: "إذا حاك في صدرِك شيءٌ فدَعْه"(أخرجه أحمد:٢٢١٩٩ وقال الألباني في السلسلة الصحيحة:٢‏-٩١: على شرط مسلم).

 

9- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك"(أخرجه النسائي في الكبرى: 5-310 (8961)، والحاكم:2-175 (2682، 2683) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال ابن حزم في المحلى:10-334: هذا خبر صحيح).

 

10- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلّا ما قُدِّرَ لَهُ"(أخرجه الترمذي:٢٤٦٥، وصححه الألباني).

 

11- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ السّاعَةِ، فَقالَ: "مَتى السّاعَةُ؟ قالَ: "وماذا أعْدَدْتَ لَها". قالَ: لا شيءَ، إلّا أنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسوله -صلى الله عليه وسلم-، فَقالَ: "أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ". قالَ أنَسٌ: فَما فَرِحْنا بشيءٍ، فَرَحَنا بقَوْلِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ" قالَ أنَسٌ: فأنا أُحِبُّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وأَبا بَكْرٍ، وعُمَرَ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ معهُمْ بحُبِّي إيّاهُمْ، وإنْ لَمْ أعْمَلْ بمِثْلِ أعْمالِهِمْ (رواه البخاري:٣٦٨٨).

 

12- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بَعَثَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ ما صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيانَ، فَجاءَ وَما في البَيْتِ أَحَدٌ غيرِي، وَغَيْرُ رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ: لا أَدْرِي ما اسْتَثْنى بَعْضَ نِسائِهِ، قالَ: فَحَدَّثَهُ الحَدِيثَ، قالَ: فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَكَلَّمَ، فَقالَ: إنَّ لَنا طَلِبَةً، فمَن كانَ ظَهْرُهُ حاضِرًا فَلْيَرْكَبْ معنا، فَجَعَلَ رِجالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ في ظُهْرانِهِمْ في عُلْوِ المَدِينَةِ، فَقالَ: لا، إلّا مَن كانَ ظَهْرُهُ حاضِرًا، فانْطَلَقَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحابُهُ حتّى سَبَقُوا المُشْرِكِينَ إلى بَدْرٍ، وَجاءَ المُشْرِكُونَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنكُم إلى شيءٍ حتّى أَكُونَ أَنا دُونَهُ، فَدَنا المُشْرِكُونَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُها السَّمَواتُ والأرْضُ، قالَ: يقولُ عُمَيْرُ بنُ الحُمامِ الأنْصارِيُّ: يا رَسولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُها السَّمَواتُ والأرْضُ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ما يَحْمِلُكَ على قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟ قالَ: لا واللَّهِ يا رَسولَ اللهِ، إلّا رَجاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِن أَهْلِها، قالَ: فإنَّكَ مِن أَهْلِها، فأخْرَجَ تَمَراتٍ مِن قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ منهنَّ، ثُمَّ قالَ: لَئِنْ أَنا حَيِيتُ حتّى آكُلَ تَمَراتي هذِه إنَّها لَحَياةٌ طَوِيلَةٌ، قالَ: فَرَمى بما كانَ معهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قاتَلَهُمْ حتّى قُتِلَ (رواه مسلم:١٩٠١).

 

13- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نَهى رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الوِصالِ، قالوا: فإنَّكَ تُواصِلُ، قالَ: أيُّكُمْ مِثْلِي، إنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي ويَسْقِينِ..." الحديث (أخرجه البخاري:٧٢٤٢، ومسلم:١١٠٣).

 

14- عن أبي ذَرٍّ الغِفاريُّ -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأى في سَماءِ الدُّنيا آدمَ عليهِ السَّلامُ قِبَلَ يمينِهِ أسوِدةٌ وقِبَلَ شمالِهِ أسوِدةٌ فإذا نظرَ قبلَ يمينِهِ ضحِكَ وإذا نظرَ قبلَ شمالِهِ بَكى وإنَّ جبريلَ قالَ للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- هذِهِ الأسوِدةُ نسَمُ بنيهِ: عن يمينِهِ السُّعداءُ وعن يسارِهِ الأشقياءُ"(ابن حزم في الأصول والفروع:١٩٥، مجموع الفتاوى:٩‏-٢٩٠، وصححه ابن تيمية).

 

15- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ، وإذا أبْغَضَ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فيَقولُ: إنِّي أُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضْهُ، قالَ فيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في أهْلِ السَّماءِ إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلانًا فأبْغِضُوهُ، قالَ: فيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ له البَغْضاءُ في الأرْضِ"(رواه مسلم:٢٦٣٧).

 

16- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممّا سِواهُما، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النّارِ"(أخرجه البخاري:١٦، ومسلم:٤٣).

 

17- عن العباس بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَن رَضِيَ باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا"(رواه مسلم:٣٤).

 

18- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مررتُم برياضِ الجنَّةِ فارتعوا قالوا وما رياضُ الجنَّةِ قال حِلَقُ الذِّكر"(أخرجه الترمذي:٣٥١٠، وحسنه الألباني).

 

19- عن سعيد بن المسيب-رضي الله عنه- قال: أنَّ جَدَّهُ حَزْنًا قَدِمَ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقالَ: "ما اسْمُكَ؟" قالَ: اسْمِي حَزْنٌ، قالَ: "بَلْ أنْتَ سَهْلٌ" قالَ: ما أنا بمُغَيِّرٍ اسْمًا سَمّانِيهِ أبِي قالَ ابنُ المُسَيِّبِ: فَما زالَتْ فِينا الحُزُونَةُ بَعْدُ (رواه البخاري:٦١٩٣). فالسعادة تكتسب من الأجداد كما الحزن يكتسب.

 

 

 


 

الاثار

1- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من سعادة المرء أن يكون إخوانه صالحين"(آداب الصحبة؛ لأبي عبد الرحمن السلمي).

 

2- عن معاذٍ بنِ جبلٍ رضي الله عنه قال: "تعلموا العلمَ، فإن تعلمَه للهِ خشيةٌ، وطلبَه عبادةٌ، ومدارستَه تسبيحٌ" ... إلى أن قال: "يلهمُه السعداءَ، ويحرمُه الأشقياءَ"(مفتاح دار السعادة:١-٣٩٤).

 

3- قال جعفر الصادق: "النعيم المعرفة والمشاهدة، والجحيم ظلمات الشهوات". وقال بعضهم: "النعيم القناعة، والجحيم الطمع"، وقيل: "النعيم التوكل، والجحيم الحرص"، وقيل: "النعيم الاشتغال بالله، والجحيم الاشتغال بغير الله تعالى"(تفسير الرازي عند قوله تعالى: (إنَّ الأبْرارَ لَفي نَعِيمٍ * وإنَّ الفُجّارَ لَفي جَحِيمٍ).

 

4- قال الحسن البصري: "تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة وفي الذكر وفي تلاوة القرآن فإن وجدتم والا فأعلموا أن الباب مُغلق"(نزهة الأسماع في مسألة السماع:84).

القصص

1- قال إبراهيم بن بشار: خرجت وأنا وإبراهيم بن أدهم وأبو يوسف الغاسولي وأبو عبد الله السخاوي نريد الإسكندرية فمررنا بنهر يقال له الأردن فقعدنا نستريح وكان مع أبي يوسف كسيرات يابسات فألقاها بين أيدينا فأكلناها وحمدنا الله تعالى فقمت أسعى أتناول ماء لإبراهيم فبادر إبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء إلى ركبتيه فقال بكفيه في الماء فملأهما ثم قال بسم الله وشرب الماء ثم قال الحمد لله ثم إنه خرج من النهر فمد رجليه ثم قال يا أبا يوسف لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلة التعب فقلت يا أبا إسحاق طلب القوم الراحة والنعيم فأخطأوا الطريق المستقيم فتبسم ثم قال من أين لك هذا الكلام؟! (تاريخ مدينة دمشق:٦-٣٦٦).

 

2- يقول بعض العارفين: "إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا"(مفتاح دار السعادة:36)

 

3- قال بعض العارفين "إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب"(مفتاح دار السعادة:36).

 

4- قال أحد السلف: "أهل اللّيل في ليلهم ألذُّ من أهل اللّهو في لهوهم، و لولا اللّيلُ ما أحببتُ البقاء في الدنيا"(لطائف المعارف:52-53).

 

5- قصة توبة الداعية سعيد الزياني عن قصة رجوعه إلى الله، وهدايته إلى الطريق المستقيم، فقال: نشأت في بيت من بيوت المسلمين، ولما بلغتُ من المراهقة كنتُ أحلم -كما كان يحلم غيري من الشباب المراهق- بتحقيق شيئين مهمين في نظري آنذاك، وهما: الشهرة والمال، فقد كنت أبحث عن السعادة وأسعى إلى الحصول عليها بأية طريقة كانت.

في بداية الأمر،. التحقتُ بالإذاعة المغربية، وشاركتُ في تقديم بعض الفقرات التي تربط بين البرامج، ثم تقدمت فأصبحت أقدّم برامج خاصة حتى اكتسبتُ خبرة في هذا المجال، ثم اتجهت إلى التلفزيـون وتدرجت فيه حتى أصبحت مقدماً من الدرجة الأولى -وهي أعلى درجة يحصل عليها مذيع أو مقدم- وأصبحت أقدِّم نشرات الأخبار، والكثير من برامج السهرة والمنوعات وبرامج الشباب، واشتهرت شهرة كبيرة لم يسبقني إليها أحد، وأصبح اسمي على كل لسان، وصوتي يُسمع في كل بيت.

وعلى الرغم من هذه الشهرة إلا أني كنت غير سعيد بهذا.. كنت أشعر بضيق شديد في صدري، فقلت في نفسي لعلي أجد السعادة في الغناء.. وبالفعل، فقد ساعدتني شهرتي في الإذاعة والتلفزيون أن أقدم من خلال أحد البرامج التلفزيونية أغنية قصيرة كانت هي البداية لدخول عالم الغناء.

ودخلتُ عالم الغناء، وحققت شهرة كبيرة في هذا المجال، ونَزَل إلى الأسواق العديد بل الآلاف من الأشرطة الغنائية التي سجلتها بصوتي.

وعلى الرغم من ذلك كله كنت أشعر بالتعاسة والشقاء، وأحس بالملل وضيق الصدر، وصدق الله إذ يقول: (فمن يُرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يُضلّه يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصَّعّدُ في السماء).

فقلت في نفسي: إن السعداء هم الممثلون والممثلات، فأردتُّ أن أشاركهم في تلك السعادة، فاتجهت إلى التمثيل، وأصبحت ممثلاً من الدرجة الأولى، فكنت لا أمثل إلا أدوار البطولة في جميع الأعمال التي أقدمها.. والحقيقة ودون مبالغة أصبحت شخصاً متميزاً في بلدي، فلا أركب إلا أغلى السيارات وأفخمها، ولا ألبس إلا الملابس الثمينة.. مكانتي الاجتماعية أصبحت راقية، فأصدقائي هم كبار الشخصيات من الأمراء وغيرهم، فكنت أنتقل بين القصور، من قصر إلى قصر، وتُفتح لي الأبواب وكأني صاحب تلك القصور.

ولكن.. وعلى الرغم من ذلك كله، كنت أشعر بأني لم أصل إلى السعادة التي أبحث عنها.

وفي يوم من الأيام.. أجرى معي أحد الصحفيين لقاء صحفياً طويلا، وكان من بين الأسئلة التي وجهها إليّ هذا السؤال: (الفنان سعيد الزياني.. من المصادفات أن اسمك ينطبق على حياتك.. فاسمك سعيد، ما تقول في ذلك؟

وكان الجواب:

(في الحقيقة أن ما تعتقده ويعتقده كثير من الناس غير صحيح، فأنا لستُ سعيداً في حياتي، واسمي في الحقيقة لايزال ناقصاً، فهو يتكون من ثلاثة أحرف وهي: س، ع، ي: (سعي)، وأنا ما زلت أسعى، أبحث عن الحرف الأخير، وهو حرف (الدال) ليكتمل اسمي وتكتمل سعادتي، وإلى الآن لم أجده، وحين أجده سوف أخبرك).

وقد أجري معي هذا اللقاء وأنا في قمة شهرتي وثرائي.. ومرت الأيام والشهور والأعوام.. وكان لي شقيق يكبرني سناً، هاجر إلى بلجيكا.. كان إنساناً عادياً إلا أنه كان أكثر مني التزاماً واستقامة، وهناك في بلجيكا التقى ببعض الدعاة المسلمين فتأثر بهم وعاد إلى الله على أيديهم.

فكرتُ في القيام برحلة سياحية إلى بلجيكا أزور فيها أخي فأمر عليه مرور الكرام، ثم أواصل رحلتي إلى مختلف بلاد العالم.

سافرت إلى بلجيكا، والتقيتُ بأخي هناك، ولكني فوجئت بهيئته المتغيرة، وحياته المختلفة، والأهم من ذلك، السعادة التي كانت تشع في بيته وحياته، وتأثرتُ كثيراً بما رأيتُ، إضافةً إلى العلاقات الوثيقة التي تربط بين الشباب المسلم في تلك المدينة، وقد قابلوني بالأحضان، ورحّبوا بي أجمل ترحيب، ووجهوا لي الدعوة لحضور مجالسهم واجتماعاتهم والتعرف عليهم بصورة قوية.

أجبت الدعوة، وكنت أشعر بشعور غريب وأنا أجلس معهم، كنتُ أشعر بسعادة عظيمة تغمرني لم أشعر بها من قبل، ومع مرور الأيام قمتُ بتمديد إجازتي لكي تستمر هذه السعادة التي طالما بحثتُ عنها فلم أجدها.

وهكذا.. كنت أشعر بالسعادة مع هؤلاء الأخيار تزداد يوماً بعد يوم، والضيق والهم والشقاء يتناقص يوماً بعد يوم.. حتى امتلأ صدري بنور الإيمان، وعرفتُ الطريق إلى الله الذي كنت قد ضللت عنه مع ما كنت أملكه من المال والثراء والشهرة، وأدركت من تلك اللحظة أن السعادة ليست في ذلك المتاع الزائل، إنما هي في طاعة الله عز وجل: (مَنْ عمل صالحاً منْ ذكرٍ أو أنثى وَهُو مُؤمِنٌ فَلَنُحْيِينّه حياةً طيبةً ولَنَجْزِينَّهُمْ أجْرَهُمْ بِأحْسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُوْنَ). (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى). امتدت إجازتي عند أخي أكثر من سنتين، وأرسلتُ رسالة إلى الصحفي الذي سألني السؤال السابق، وقلت له:

الأخ........ رئيس تحرير صحيفة......... في جريدة..........

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، .. أود أن أذكّرك بالسؤال الذي سألتني فيه عن السعادة، وذلك في يوم....... وتاريخ........ وقد أجبت بالجواب التالي:....... ووعدتك أن أخبرك متى ما وجدت حرف (الدال)، والآن: يطيب لي ويسعدني ويشرفني أن أخبرك بأني قد وجدتُ حرف الدال المُتمم لاسمي حيث وجدته في الدين والدعوة.. وأصبحت الآن (سعيد) حقاً.

شاع الخبر بين الناس، وبدأ أعداء الدين والمنافقون يطلقون عليّ الإشاعات، ويرمونني بالتهم، ومنهم من قال: إنه أصبح عميلاً لأمريكا أو لروسيا... إلى غير ذلك من الإشاعات المغرضة.. كنتُ أستمعُ إلى هذه الإشاعات فأتذكر دائماً ما قوبل به الأنبياء والرسل والدعاة على مرّ العصور والدهور، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام -رضي الله عنهم أجمعين- فازداد ثباتاً وإيماناً ويقيناً، وأدعو الله دائماً: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهَبْ لنَا منْ لّدنك رحمة إنّك أنتَ الوَّهاب) (موقع إسلام ويب).

 

6- يقول أحد الممثلين التائبين: "لقد بحثت عن السعادة طوال عمر وجودي في مهنة الفن فلم أجدها, حزت على الكثير من المال فلم أجد السعادة, نلت الكثير من الشهرة فلم أجد السعادة, تجولت في العالم فلم أجد السعادة, يراني الناس أضحك فيظنون أنني سعيد, وأنا أتعذب من الداخل بكل ما تعنى هذه الكلمة, لم أجد السعادة إلا بعد الرجوع إلى الله"(مقال أسباب السعادة من أقوال أهل السعادة؛ للشويرخ).

 

7- تقول فنانة تائبة: "حياتي الآن, راحة بعد قلق, وسعادة بعد عذاب, واطمئنان بعد تكالب على الدنيا, فالماضي كان عبارة عن حياة صاخبة, مليئة بالقلق, والتوتر, والخوف, لكن حياة اليوم فيها حب الله تعالى"(مقال أسباب السعادة من أقوال أهل السعادة؛ للشويرخ).

 

يقول مغني تائب: "اشتهرت شهرة كبيرة, وأصبح اسمي على كل لسان, وصوتي يسمع في كل بيت, وعلى الرغم من هذه الشهرة إلا كنت غير سعيد, كنت أشعر بالتعاسة والشقاء, وأحس بالممل, وبضيق الصدر.

ثم ذكر أنه تعرف على صحبة طيبة عن طريق أخيه, يقول: كنت أشعر بشعور غريب وأنا أجلس معهم, وكنت أشعر بسعادة عظيمة تغمرني, لم أشعر بها من قبل, كنت أشعر بالسعادة مع هؤلاء الأخيار تزداد يوماً بعد يوم, والضيق والهم والشقاء يتناقص يوماً بعد يوم, حتى امتلأ صدري بنور الإيمان, وعرفت الطريق إلى الله الذي كنت قد ضللت عنه مع ما كنت أملكه من المال والثراء والشهرة, وأدركت أن السعادة ليست في ذلك المتاع الزائل, إنما هي في طاعة الله عز وجل"(أسباب السعادة من أقوال أهل السعادة -2رابط المادة: http://iswy.co/e2dot9).

 

 

 


 

الاشعار

1- قال الحطيئة:

ولست أرى السعادة جمع مال *** ولكن التقي هو السعيد

وتقوى الله خير الزاد ذخرا *** وعند الله للأتقى مزيد

وما لا بد أن يأتي قريب *** ولكن الذي يمضي بعيد

(عيون الحكايات .. أكثر من 500 حكاية في الوعظ:153)

 

2- قال أحدهم:

لها أحاديث من ذكراك تشغلها *** عن الشراب وتلهيها عن الزاد

لها بوجهك نور تستضيء به *** ومن حديثك في اعقابها حادى

إذ اشتكت من كلال السير أو عدها *** روح القدوم فتحيا عند ميعاد

(مفتاح دار السعادة:37)

 

3- قال أحمد شوقي:

فإن السعادة غير الظهور *** وغير الثراء وغير الترف

ولكنها في نواحي الضمير *** إذا هو باللوم لم يكتشف

(الشوقيات:125)

 

4- قال زكي أبو شادي:

يبنون لا قصد زهو *** ولا لأجل الإشادة

لكن ولوعا بخير *** فالخير أصل السعادة

(الشفق الباكي: نظيم من شؤون وعواطف:308)

 

5- قال فروة بن نوفل:

لقد علمت وخير العلم أنفعه *** أن السعيد الذي ينجو من النار

(العقد الفريد:1-179)

 

6- قال ابن الساعاتي:

لا تخل أن كل ضحك سرور *** ربما كان مؤذنا بالبكاء

فطويلا أبكى جفون الغوادي *** ضحك البرق في بطون السماء

(الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة:127)

 

7- قال السري الرفاء:

أعاذل إن النائبات بمرصد *** وإن سرور المرء غير مخلد

إذا مضى يوم من العيش صالح *** فصله بيوم صالح العيش مرغد

(ديوان السري بن الرفا:95)

 

8- قال الشريف المرتضى:

ألا لا ترم أن تستمر مسرة *** عليك فأيام السرور قلائل

ولا تطلب الدنيا فإن نعيمها *** سراب تراءى في البسيطة زائل

(مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي:215)

 

9- قال يحيى الشيباني:

إن كنت تسعى للسعادة فاستقم *** تنل المراد وتغد أول من سما

(وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان:5-205)

 

10- قال أحد الشعراء:

إذا شئت أن تحيا سعيدا *** وتنجو في الحساب من الخصوم

فلا تصحب سوى الأخيار واصرف *** حياتك في مدارسة العلوم

(معجم الأدباء:5-36)

 

11- قال أحدهم:

أنا بالقناعة سيد لسعادتي *** فإذا جشعت فإنني العبد الشقي

(مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي:24)

 

12- قال أحدهم:

لا يؤنسك أن تراني ضاحكا *** كم ضحكة فيها عبوس كامن

(الوافي بالوفيات:3-97)

 

13- عن سفيان الثوري رحمه الله أنه كان كثيرا يتمثل بقول الشاعر:

تَفنى اللَذاذَةُ مِمَّن نالَ صَفوَتَها *** مِنَ الحَرامِ وَيَبقى الإِثمُ وَالعارُ

تُبقي عَواقِبَ سوءٍ في مَغَبَّتِها *** لا خَيرَ في لَذَةٍ مِن بَعدِها النارُ

(روضة المحبين؛ لابن القيم:234)

 

 

 


 

الحكم

1- "إذا أردت التوقف عن القلق والبدء بالحياة إليك بهذه القاعدة: عدد نعمك وليس متاعبك"(ديل كارنيجي)

 

2- "السعادة الحقيقية هي التي لا يحس الإنسان معها بوخز الضمير؛ لأنه اغتصب حق غيره أو لأنه أقام سعادته على أنقاض سعادة الآخرين أو لأنه استخدم وسائل غير مشروعة في تحقيقها"(عبد الوهاب مطاوع)

 

3- عمر الإنسان في النهاية إنما يقاس حقاً بمساحة السعادة الحقيقية في حياته وليس بمساحة السنين.. ولقد كان الرسام الإيطالي الكبير موديلياني يقول: أتمنى أن أحيا حياة قصيرة بشرط أن تكون حافلة"(عبد الوهاب مطاوع)

 

4- "من خبرتي في الحياة من النادر جدا أن تجد شخصا يملك السعادة الحقيقية في حلقة الاغنياء عما هو عليه في حلقة الفقراء"(ثور هايردال)

 

5- "لماذا لا نرى السعادة إلا إذا ابتعدت عنا ولا نبصرها إلا غارقة في ظلام الماضي، أو متشحة بضباب المستقبل؟!(علي الطنطاوي)

متفرقات

1- قال الضحاك في قوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها...)، الآية، يقول: "من عمل عملا صالحًا في غير تقوى -يعني من أهل الشرك- أعطي على ذلك أجرًا في الدنيا: يصل رحمًا، يعطي سائلا يرحم مضطرًّا، في نحو هذا من أعمال البرّ، يعجل الله له ثواب عمله في الدنيا، ويُوسِّع عليه في المعيشة والرزق، ويقرُّ عينه فيما خَوَّله، ويدفع عنه من مكاره الدنيا، في نحو هذا، وليس له في الآخرة من نصيب"(تفسير الطبري).

 

2- قال العلامة ابن عبدالسلام رحمه الله: "السعادة  كلها في اتباع الشريعة, في كل ما ورد, وصدر, ونبذ الهوى فيما يخلفها"(قواعد الأحكام في مصالح الأنام:17).

 

3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العبد مضطر دائماً أن يهديه الله الصراط المستقيم فإنه لا نجاة من العذاب ولا وصول إلى السعادة إلا بهذه الهداية"(مجموع الفتاوى: 8-22).

 

4- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "السعيد من تاب الله عليه من جهله وظلمه, وإلا فالإنسان ظلوم جهول"(درء تعارض العقل والنقل:4-301).

 

5- قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "أسعد الناس في الدنيا: أطهرهم قلباً"(الكنز الثمين في تفسير ابن عثيمين:2-99).

 

6- قال الإمام ابن حزم رحمه الله: "لا يخلو مخلوق من عيب؛ فالسعيد من قلَّت عيوبه ودقَّت"(الأخلاق والسير في مداواة النفوس؛ لابن حزم:24).

 

7- قال الإمام ابن حزم رحمه الله: "إذا نام المرء, خرج عن الدنيا, ونسي كل سرورٍ وحزن؛ فلو رتب نفسه في يقظته على ذلك أيضاً لسعد السعادة التامة"(الأخلاق والسير؛ لابن حزم:19).

 

8- قال ابن عباس -رضي الله عنه-: "إِنَّ لِلْحَسَنَةِ نُورًا فِي الْقَلْبِ، وَضِيَاءً فِي الْوَجْهِ، وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ، وَزِيَادَةً فِي الرِّزْقِ، وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَإِنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوَادًا فِي الْوَجْهِ، وَظُلْمَةً فِي الْقَلْبِ، وَوَهَنًا فِي الْبَدَنِ، وَنَقْصًا فِي الرِّزْقِ، وَبُغْضَةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ"(مدارج السالكين:1-423-424).

 

9- قال ابن القيم رحمه الله: "هذا خبر أصدق الصادقين ومخبره عند أهله عين اليقين بل هو حق اليقين ولا بد لكل من عمل صالحا أن يحييه الله حياة طيبة بحسب إيمانه وعمله ولكن يغلط الجفاة الأجلاف في مسمى الحياة حيث يظنونها التنعم في أنواع المآكل والمشارب والملابس والمناكح أو لذة الرياسة والمال وقهر الأعداء والتفنن بأنواع الشهوات ولا ريب أن هذه لذة مشتركة بين البهائم بل قد يكون حظ كثير من البهائم منها أكثر من حظ الإنسان فمن لم تكن عنده لذة إلا اللذة التي تشاركه فيها السباع والدواب والأنعام فذلك ممن ينادى عليه من مكان بعيد ولكن أين هذه اللذة من اللذة بأمر إذا خالط بشاشته القلوب سلى عن الأبناء والنساء والأوطان والأموال والإخوان والمساكن ورضى بتركها كلها والخروج منها رأسا وعرض نفسه لأنواع المكاره والمشاق وهو متحل بهذا منشرح الصدر به يطيب له قتل ابنه وأبيه وصاحبته وأخيه لا تأخذه في ذلك لومة لائم حتى أن أحدهم ليتلقى الرمح بصدره ويقول: فزت ورب الكعبة ويستطيل الآخر حياته حتى يلقى قوته من يده ويقول: إنها لحياة طويلة إن صبرت حتى آكلها ثم يتقدم إلى الموت فرحا"(مفتاح دار السعادة:36).

 

10- قال ابن القيم رحمه الله: "وَلَا تَحْسَبُ أَنَّ قَوْلَهُ -تعالى-: (إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)[الانفطار: 13-14] مَقْصُورٌ عَلَى نَعِيمِ الْآخِرَةِ، وَجَحِيمِهَا فَقَطْ؛ بَلْ فِي دُورِهِمُ الثَّلَاثَةِ كَذَلِكَ -أَعْنِي دَارَ الدُّنْيَا، وَدَارَ الْبَرْزَخِ، وَدَارَ الْقَرَارِ- فَهَؤُلَاءِ فِي نَعِيمٍ، وَهَؤُلَاءِ فِي جَحِيمٍ، وَهَلِ النَّعِيمُ إِلَّا نَعِيمُ الْقَلْبِ؟ وَهَلِ الْعَذَابُ إِلَّا عَذَابُ الْقَلْبِ؟ وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْخَوْفِ وَالْهَمِّ وَالْحُزْنِ، وَضِيقِ الصَّدْرِ، وَإِعْرَاضِهِ عَنِ اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَتَعَلُّقِهِ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَانْقِطَاعِهِ عَنِ اللَّهِ، بِكُلِّ وَادٍ مِنْهُ شُعْبَةٌ؟ وَكُلُّ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِهِ وَأَحَبَّهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَسُومُهُ سُوءَ الْعَذَابِ"(الجواب الكافي:90).

 

11- قال ابن القيم رحمه الله: "قُلُوبُ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَالْمُعْرِضِينَ عَنِ الْقُرْآنِ، وَأَهْلِ الْغَفْلَةِ عَنِ اللَّهِ، وَأَهْلِ الْمَعَاصِي فِي جَحِيمٍ قَبْلَ الْجَحِيمِ الْأَكْبَرِ، وَقُلُوبُ الْأَبْرَارِ فِي نَعِيمٍ قَبْلَ النَّعِيمِ الْأَكْبَرِ"(مدارج السالكين:1-340).

 

12- قال ابن القيم رحمه الله: "فالإحسان له جزاء معجل ولا بد، والإساءة لها جزاء معجل ولا بد. ولو لم يكن إلا ما يجازي به المحسن من انشراح صدوره في انفساح قلبه وسروره ولذاته بمعاملة ربه عز وجل وطاعته وذكره ونعيم روحه بمحبته. وذكره وفرحه بربه سبحانه وتعالى أعظم مما يفرح القريب من السلطان الكريم عليه بسلطانه.

 

وما يجازي به المسيء من ضيق الصدر وقسوة القلب وتشتته وظلمته وحزازاته وغمه وهمه وحزنه وخوفه وهذا أمر لا يكاد من له أدني حس وحياة يرتاب فيه، بل الغموم والهموم والاحزان والضيق عقوبات عاجلة ونار دنيوية وجهنم حاضرة.

 

والإقبال على الله تعالى والانابة إليه والرضاء به وعنه وامتلاء القلب من محبته واللهج بذكره والفرح والسرور بمعرفته ثواب عاجل وجنة وعيش لا نسبة لعيش الملوك إليه البتة.

 

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: أن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة. وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة. وكان يقول في محبسه في القلعة: لو بذلت ملء هذه القاعة ذهبا ما عدل عندي شكر هذه النعمة. أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير، ونحو هذا.

 

وكان يقول في سجوده وهو محبوس اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله وقال لي مرة: المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه.

 

ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: (فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب) وعلم الله ما رأيت أحدا أطيب عيشا منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشا، وأشرحهم صدرا، وأقواهم قلبا، وأسرهم نفسا، تلوح نضرة النعيم على وجهه.

 

وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحا وقوة ويقينا وطمأنينة.

 

فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها"(الوابل الصيب:69-70).

 

13- قال ابن القيم رحمه الله: "ومن تأمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما نهاهم عن الوصال فقالوا: إنك تواصل فقال: "إني لست كهيئتكم إني اظل عند ربي يطعمني ويسقيني" علم أن هذا طعام الأرواح وشرابها وما يفيض عليها من أنواع البهجة واللذة والسرور والنعيم الذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الذروة العليا منه وغيره إذا تعلق بغباره رأى ملك الدنيا ونعيمها بالنسبة إليه هباء منثورا بل باطلا وغرورا، وغلط من قال أنه كان يأكل ويشرب طعاما وشرابا يغتذى به بدنه لوجوه: أحدها: أنه قال "أظل عند ربي يطعمني ويسقيني" ولو كان أكلا وشربا لم يكن وصالا ولا صوما.

 

الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم أنهم ليسوا كهيئته في الوصال فإنهم إذا واصلوا تضرروا بذلك وأما هو -صلى الله عليه وسلم- فإنه إذا واصل لا يتضرر بالوصال فلو كان يأكل ويشرب لكان الجواب وأنا أيضا لا أواصل بل آكل وأشرب كما تأكلون وتشربون فلما قررهم على قولهم أنك تواصل ولم ينكره عليهم دل على أنه كان مواصلا وأنه لم يكن يأكل اكلا وشربا يفطر الصائم.

 

الثالث: أنه لو كان أكلا وشربا يفطر الصائم لم يصح الجواب بالفارق بينهم وبينه فإنه حينئذ يكون -صلى الله عليه وسلم- هو وهم مشتركون في عدم الوصال فكيف يصح الجواب بقوله: "لست كهيئتكم" وهذا أمر يعلمه غالب الناس أن القلب متى حصل له ما يفرحه ويسره من نيل مطلوبه ووصال حبيبه أو ما يغمه ويسوؤه ويحزنه شغل عن الطعام والشراب حتى أن كثيرا من العشاق تمر به الأيام لا يأكل شيئا ولا تطلب نفسه أكلا.

 

والمقصود أن الهدى مستلزم لسعادة الدنيا وطيب الحياة والنعيم العاجل وهو أمر يشهد به الحس والوجد وأما سعادة الآخرة فغيب يعلم بالإيمان فذكرها ابن عباس -رضى الله عنهما- لكونها أهم وهي الغاية المطلوبة وضلال الدنيا أظهر وبالنجاة منه ينجو من كل شر وهو أضل ضلال الآخرة وشقاءها فلذلك ذكره وحده"(مفتاح دار السعادة:37).

 

14- قال ابن القيم رحمه الله: "فلا عيش إلا عيش المحبين الذين قرت أعينهم بحبيبهم وسكنت نفوسهم إليه واطمأنت قلوبهم به واستأنسوا بقربه وتنعموا بحبه ففي القلب فاقة لا يسدها إلا محبة الله والإقبال عليه والإنابة إليه ولا يلم شعثه بغير ذلك ألبتة ومن لم يظفر بذلك فحياته كلها هموم وغموم وآلام وحسرات فإنه إن كان ذا همة عالية تقطعت نفسه على الدنيا حسرات فإن همته لا ترضى فيها بالدون وإن كان مهينا خسيسا فعيشه كعيش أخس الحيوانات فلا تقر العيون إلا بمحبة الحبيب الأول"(مدارج السالكين:3-274).

 

15- قال ابن القيم رحمه الله: "الله سبحانه وتعالى المسئول المرجو الإجابة أن يجعلكم ممن إذا أنعم الله عليه شكر, وإذا ابتلى صبر, وإذا أذنب استغفر, فإن هذه الأمور الثلاثة هي عنوان سعادة العبد"(الوابل الصيب:3).

 

16- قال ابن سعدي رحمه الله عند قوله تعالى: (الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين): "عنوان سعادة العبد, أن يكون شاكراً لله على نعمه, الدينية والدنيوية, وأن يرى جميع النعم من ربه فلا يفخر بها ولا يعجب بها بل يرى أنها تستحق عليه شكراً كثيراً"(تيسير الكريم الرحمن).

 

17- قال ابن القيم رحمه الله: "اللذة التامة والفرح والسرور، وطيب العيش، والنعيم، إنما هو في معرفة الله، وتوحيده والأُنس به، والشوق إلى لقائه، واجتماع القلب والهمِّ عليه، فإن أنكد العيش عيش من قلبه مُشتت، وهمه مفرَّق؛ فاحرص أن يكون همُّك واحدًا, وأن يكون هو الله وحده، فهذا غاية سعادة العبد، وصاحب هذه الحال في جنة معجلة قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل"(رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه:29).

 

18- قال ابن القيم رحمه الله: "محبة الله وحده, ومحبة ما أحبّ, وهذه المحبة هي أصل السعادة ورأسها"(الداء والدواء:463).

 

19- قال ابن القيم رحمه الله: "مدار السعادة الدنيوية والأخروية على الاعتصام بالله, والاعتصام بحبله, ولا نجاة إلا لمن استمسك بهاتين العصمتين. فأما الاعتصام بحبله فإنه يعصم من الضلالة, والاعتصام به يعصم من الهلكة والاعتصام به فهو التوكل عليه والامتناع به, والاحتماء به وسؤاله أن يحمى العبد ويمنعه, ويعصمه ويدفع عنه"(مدارج السالكين:1-460).

 

20- قال ابن القيم رحمه الله: "الله سبحانه إذا أراد بعبده خيراً أنساه رؤية طاعاته, ورفعها من قلبه ولسانه, فعلامةُ السعادة أن تكون حسنات العبد خلف ظهره, وسيئاتهُ نصبَ عينيه"(مفتاح دار السعادة:1-297).

 

21- قال ابن القيم -رحمه الله-: "فأوامره سبحانه, وحقه الذي أوجبه على عباده, وشرائعه التي شرعها لهم, هي قرة العيون, ولذة القلوب, ونعيم الأرواح وسرورها, وبه سعادتها"(إغاثة اللهفان:1-31).

 

22- قال ابن القيم رحمه الله: "العقل عقلان: عقل غريزي, وهو أبُ العلم ومربيه ومُثمره. وعقل مكتسب مستفاد, وهو ولد العلم وثمرته ونتيجتُه؛ فإذا اجتمعا في العبد فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, واستقام له أمرُه, وأقبلت عليه جيوشُ السعادة من كل جانب"(مفتاح دار السعادة:1-117).

 

23- قال ابن القيم رحمه الله: في المسند من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم استخارته الله تعالى"؛ فالمقدور يكتنفه أمران: الاستخارة قبله، والرضا بعده، فمن توفيق الله لعبده وإسعاده إياه أن يختار قبل وقوعه"(شفاء العليل:34).

 

24- قال ابن القيم -رحمه الله-: "إنما كان جمع القلب على الله والخواطر على السير إليه حياة حقيقية؛ لأن القلب لا سعادة له ولا فلاح ولا نعيم ولا فوز ولا لذة ولا قرة عين إلا بأن يكون الله وحده هو غاية طلبه ونهاية قصده ووجهه الأعلى هو كل بغيته فالتفرقة المتضمنة للإعراض عن التوجه إليه واجتماع القلب عليه هي مرضه إن لم يمت منها"(مدارج السالكين:3-289).

 

25- قال ابن القيم -رحمه الله-: "قيل: تنفست الآخرة فكانت الدنيا نفسا من أنفاسها فأصاب أهل السعادة نفس نعيمها فهم على هذا النفس يعملون وأصاب أهل الشقاوة نفس عذابها فهم على ذلك النفس يعملون، وإذا كانت حياة أهل الإيمان والعمل الصالح في هذه الدار حياة طيبة؛ فما الظن بحياتهم في البرزخ وقد تخلصوا من سجن الدنيا وضيقها فما الظن بحياتهم في دار النعيم المقيم الذي لا يزول وهم يرون وجه ربهم تبارك وتعالى بكرة وعشيا ويسمعون خطابه"(مدارج السالكين:3-283).

 

26- قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "ما قدَّم أحد حق الله على هوى نفسه وراحتها إلا رأى سعادة الدنيا والآخرة, ولا عكس ذلك فقدم حظ نفسه على حق ربه إلا ورأى الشقاوة في الدنيا والآخرة"(لطائف المعارف:274).

 

27- قال الإمام النووي رحمه الله: "وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعسر, والوضع عنه, إما كلّ الدّين, وإما بعضه من كثير أو قليل, وفضل المسامحة وأنه لا يحتقر شيء من أفعال الخير, فلعله سبب السعادة والرحمة فيه"(شرح مسلم للنووي:10-190).

 

28- قال ابن القيم رحمه الله: قال تعالى: (ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)[النساء:59]؛ "أي: هذا الذي أمرتكم به من طاعتي وطاعة رسولي وأولي الأمر، وردِّ ما تنازعتم فيه إليَّ وإلى رسولي - خير لكم في معاشكم ومعادكم، وهو سعادتكم في الدارين، فهو خير لكم وأحسن عاقبة فدلَّ هذا على أن طاعة الله ورسوله وتحكيم الله ورسوله هو سبب السعادة عاجلًا وآجلًا"(الرسالة التبوكية:43).

 

29- قال ابن القيم رحمه الله: "لا نجاة للعبد ولا سعادة إلا بالاجتهاد في معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علمًا، والقيام به عملًا. وكمال هذه السعادة بأمرين آخرين:

أحداهما: دعوة الخلق إليه. الثاني: صبره وجهاده على تلك الدعوة"(الرسالة التبوكية:44).

 

30- قال ابن القيم رحمه الله: "فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمُّل له, وجمع الفكر على معاني آياته, فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما, وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما, وتتُلُّ في يده مفاتيح كنوز السعادة"(مدارج السالكين:١-٤٥١).

 

31- قال ابن القيم رحمه الله: "ثم تبرق له بارقة أخرى, يرى في ضوئها عزة وقته, وخطره وشرفه, وأنه رأس مال سعادته, فيبخل به أن يضيعه فيما لا يقربه إلى ربه, فإن في إضاعته الخسران والحسرة والندامة, وفي حفظه وعمارته الربح والسعادة, فيشحُّ بأنفاسه أن يضيعها فيما لا ينفعه يوم معاده"(مدارج السالكين:1-451).

 

32- قال السندي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: "حُبِّبَ إليَّ النساءُ، والطيبُ، وجعلَتْ قرةُ عَيني في الصلاةِ": "وقوله: (قرة عيني في الصلاة) إشارة إلى أن تلك المحبة غير ما نعقله عن كمال المناجاة مع الرب تبارك وتعالى، بل هو مع تلك المحبة منقطع عليه تعالى، وفيه إشارة إلى أن محبة النساء والطيب إذا لم يكن مخلا لأداء حقوق العبودية. بل للانقطاع إليه تعالى يكون من الكمال وإلا يكون من النقصان فليتأمل"(الحاشية على سنن النسائي:7/61-62).

 

33- قال النووي: "قال صاحب التحرير: معنى رضيت بالشيء: قنعت به، واكتفيت به، ولم أطلب معه غيره، فمعنى الحديث: لم يطلب غير الله تعالى ولم يسع في غير طريق الإسلام ولم يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك في أن من كانت هذه صفته فقد خلصت حلاوة الإيمان إلى قلبه وذاق طعمه، وقال القاضي عياض: معنى الحديث: صح إيمانه واطمأنت به نفسه وخامر باطنه؛ لأن رضاه بالمذكورات دليل لثبوت معرفته ونفاذ بصيرته ومخالطة بشاشته قلبه؛ لأن من رضي أمرا سهل عليه فكذا المؤمن إذا دخل قلبه الإيمان سهل عليه طاعات الله تعالى ولذت له"(شرح صحيح مسلم:2-2).

 

34- قال الإمام الماوردي رحمه الله: "إن السعيد من تصفح أفعال غيره فانتهى عن سيئها, واقتدى بأحسنها, فنال هنيء المنافع, وأمن خطر التجارب"(درر السلوك في سياسة الملوك:81).

 

35- قال العلامة الزركشي رحمه الله: "الحمد لله الذي نور بكتابه القلوب, وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب, فأعيت بلاغته البلغاء, وأعجزت حكمتهُ الحكماء, وأبكمت فصاحته الخطباء...؛ فالسعيد من صرف همته إليه, ووقف فكره وعزمه عليه"(البرهان في علوم القرآن:23).

 

36- قال ابن الجوزي: "اللذات كلها بين حسي وعقلي؛ فنهاية اللذات الحسية وأعلاها النكاح، وغاية اللذات العقلية العلم؛ فمن حصلت له الغايتان في الدنيا، فقد نال النهاية"(صيد الخاطر:190).

 

37- قال العلامة السعدي رحمه الله عند تفسير آيات سورة غافر من:61 إلى 65: "هذان الأمران وهما: معرفته وعبادته, هما اللذان خلقا الله الخلق لأجلهما, وهما الغاية المقصودة منه تعالى لعباده, وهما الموصلان إلى كل خير وفلاح وصلاح, وسعادة دنيوية وأخروية, وهما أشرف عطايا الكريم لعباده, وهما أشرف اللذات على الإطلاق وهما اللذان إن فاتا فات كل خير, وحضر كل شر"(تيسير الكريم الرحمن).

 

38- قال العلامة السعدي رحمه الله عند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ)[العنكبوت:9]: "الإيمان الصحيح, والعمل الصالح, عنوان على سعادة صاحبه, وأنه من أهل الرحمن, ومن الصالحين من عباد الرحمن"(تيسير الكريم الرحمن).

 

39- قال العلامة السعدي رحمه الله: "أما العلم النافع: فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح, المثمر لسعادة الدارين, وهو ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من حديث وتفسير وفقه, وما يعين على ذلك من علوم العربية"(بهجة قلوب الأبرار:44).

 

40- قال العلامة السعدي عند قوله تعالى: (فإن يتوبوا يك خيراً لهم) "لأن التوبة أصل لسعادة الدنيا والآخرة"(تيسير الكريم الرحمن).

وقال العلامة السعدي عند قوله تعالى: (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين)[الذاريات:٥٠]: "سمى الله الرجوع إليه فراراً لأن في الرجوع إلى غيره, أنواع المخاوف والمكاره, وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسرور والسعادة والفوز"(تيسير الكريم الرحمن).

 

41- قال العلامة السعدي رحمه الله: قال -صلى الله عليه وسلم-: "(أما أهل السعادة, فييسَّرون لعمل أهل السعادة) فإذا كان العبد يجد أعمال الخير ميسرةً له, مسهّلةً, ومحفوظاً بحفظ الله عن الأعمال التي تضُرُّه, كان هذا من البشرى التي يَستدلُّ بها المؤمن على عاقبة أمره, فإن الله أكرمُ الأكرمين, وأجودُ الأجودين, وإذا ابتدأ عبده بالإحسان أتمَّهُ"(بهجة قلوب الأبرار).

 

42- قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى في سورة الأنفال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا: "امتثال العبد لتقوى ربه، عنوان السعادة، وعلامة الفلاح"(تفسير السعدي).

 

43- قال العلامة السعدي رحمه الله في تفسير سورة طه عند قوله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ): "ينبغي الاهتمام بما يجلب السعادة الأبدية، وهو التقوى"(تفسير السعدي).

 

44- قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "إذا رأيت من نفسك أن الله عز وجل قد منَّ عليك بالهداية, والتوفيق والعمل الصالح ومحبة الخير وأهل الخير, فأبشر فإن في هذا دليلاً على أنك من أهل اليسرى الذين كتبت له السعادة"( مجموع فتاوى ورسائل العثيمين:378).

 

45- قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "الواجب على الإنسان إذا كان يحب أن يحيا حياة سعيدة مطمئنة، هادئة أن يعاشر زوجته بالمعروف، وكذلك بالنسبة للزوجة مع زوجها وإلا ضاعت الأمور وصارت الحياة شقاء؛ فعليك يا أخي بالمعاشرة بالمعروف"().

 

46- قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "الألفة بين الزوجين تجعل الحياة سعيدة، واسأل من ألف الله بينهم وبين زوجاتهم كيف يحيون أسعد ما يكون، ومن بينه وبين أهله شيء من الجفاء فانظر ماذا يكون عليه كل يومٍ، وكلَّ صباح، كل منهما يدعو على الثاني، ويتعبون الناس، ويتعبون القضاة، ويتعبون أقاربهم. ولذلك أحثُّ إخواني الذكور أو أخواتي الإناث على الصبر، ودوام الحال من المُحال، وعلى التَّحمُّل، وعلى طلب الألفة حتى يكون الزوجان سعيدين"().

 

47- قال الدكتور عمر الأشقر: "يكشف القرآن والسنة للعباد عن حقيقة السعادة العظمى، التي يجد العباد في أكتافها الطمأنينة والهدوء والراحة ، فيندفع إلى تحقيق ما بقوة وعزم على الرغم مما يجده في طريقه من صعاب وعقبات. وقد أعلمنا ربنا أن تزكية النفوس بهدى الله، ونور كتابه، والاستقامة على ذلك هو الذي يجعل العبد يُحصِّل السعادة في الدنيا والآخرة، قد يظن بعض الناس أن السعادة في الدنيا تتحقق إذا تمتع العبد بأنواع المآكل والمشارب والملابس، وحصل على المال والجاه والسلطان، وتزوج بالجميلات من ذوي الأحساب والأنساب، ومَن تفكَّر في حال هؤلاء تفكُّر مبصرٍ معتبر، علم أن ما حصلوه يشاركهم فيه البهائم، بل قد يكون حظ البهائم من أنواع اللذات أعظم من حظوظ البشر منها.

إن النعيم الأكبر الذي يمكن أن يحوزه العبد في دنياه ينبع من القلب الذي خالطته بشاشة الإيمان، فإذا ما استولى الإيمان على القلب، وجد حقيقة النعيم الذي اشتغل عنه الغافلون بمتاع الدنيا، فكانوا كمن سلى عن الذهب بالتراب، ورضي عن سكنى القصور بسكنى القبور. إن الذين حصَّلوا حلاوة النعيم الإيماني شغلهم هذا النعيم عن الأهل، والأوطان، والأموال، بل تراهم يبذلون أنفسهم وأموالهم وأولادهم في سبيل من أحبته قلوبهم"(منهاج تزكية النفس في الإسلام:29-30).

 

48- قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: "الزم رحمك الله اللصوق إلى الأرض, والإزراء على نفسك, وهضمها, ومراغمتها عند الاستشراف لكبرياء أو غطرسة, أو حُب ظهور أو عجب ونحو ذلك من آفات العلم القاتلة له, المذهبة لهيبته, المُطفئة لنوره, وكلما ازددت علماً أو رفعة في ولاية, فالزم ذلك, تُحرز سعادةُ عظمى, ومقاماً يغبطك عليه الناس"(حلية طالب العلم:146).

 

49- قال د.صلاح بن محمد آل الشيخ: "السعادة شعور ممتد بالطمأنينة والرضا والفرح، ليست ضحك ساعة، ولا لذة ليلة. كلٌ يطلبها، ويسعى لبلوغها، ويرجو الفوز بها. وكلٌ له مسلكٌ لتحقيق سعادته يتوافق مع معتقده، وطباعه، وحظوظه، وتجاربه؛ فوسيلة المؤمن للسعادة ليست كوسيلة الملحد، وما يُسعِدُ هذا لا يسعد الآخر. وكذلك البخيل والكريم، والجبان والشجاع، والمنعزل والاجتماعي، فكلٌ له سبيله ووسيلته المناسبة لمعتقده وطبعه لتحقيق سعادته"(إدارة السعادة:2).

 

50- قال د. صلاح آل الشيخ: "السعادة، هذا الشعور الذي يلابس النفس فتمتلئ به بهجةً وفرحا، وسكينةً واطمئنانا، عند استيقاظها في صباحها، واستقبالها ليومها، وقبل نومها وسكونها في ليلها.

 

شعور يؤنسها في وحدتها وعزلتها، وشعور ِّ يعمُق متعتها مع الأهل والناس، وإحساس يلازمها في حضرها وسفرها، وفي راحتها وكدها؛ فكل حسن تسمعه يبهجها، وكل جميل تراه يعجبها.

 

فالسعادة ليست ضحك ساعة، وليست لذةَ ليلة، ثم تعود النفس بعدها إلى ضيقها وحرجها، وبؤسها وضجرها. ولكن السعادة شعور غالب على النفس، ممتد مع الوقت، لا يقطعه إلا الطوارئ المكدرة التي تصيب، ثم لا تلبث النفس أن تعود لأنسها واطمئنانها، وفرحها وسعادتها"(إدارة السعادة:3).

 

51- قال د. صلاح آل الشيخ: "ولا يعني أبدا كون الإنسان يولد بطباع سيئة أن يستسلم لها، وأن ولا يعني أبدا ينقاد معها، بل عليه أن يجاهد نفسه لتغيير ما لا يرتضيه من طباعه إلى ما يرتضيه، وله في ذلك أجر وثواب من الله تعالى مع ما يحقق له هذا التغيير من حياة أسعد وأهنأ؛ فالبخيل طبعا يجاهد ليصبح جوادا، والجبان طبعا ليصبح شجاعا، والغضوب طبعا ليصبح حليما، وكذلك الحزين طبعا ليصبح سعيدا"(إدارة السعادة:30-31).

 

52- قال د. صلاح آل الشيخ: "وهكذا يجب على الحزين طبعا أن يجاهد نفسه لتحقيق السعادة، بتغيير أفكاره الجالبة للحزن بأفكار تجلب السعادة، وكذلك بتغيير كل سلوك وخلق، وفعل وقول، مسبب للحزن وجالب للهم. والأمر يحتاج إلى صبر ومثابرة، وتكرار ووقت، حتى يتدرج الإنسان في تغيير الطبع السيء إلى الطبع الحسن، تماما كما يحتاج الإنسان إلى الجد والمثابرة والوقت والمنهج الصحيح لتغيير جهله إلى علم، أو كسب مهارة جديدة؛ كالسباحة"(إدارة السعادة:33).

 

53- قال د. صلاح آل الشيخ: "هل للعقل أثر في تحقيق السعادة؟ هل العباقرة الأذكياء هم أكثر تحقيقا للسعادة، أم البُلْهُ الأغبياء هم الأوفر حظا ونصيبا كما قاله المتنبي شعرا:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم؟

إن سعادةَ الإنسان مكونةٌ من ثلاثة مؤثرات: المؤثرات الذاتية الخاصة به كعقيدته ودينه وقيَمه وأخلاقه وطباعه، والمؤثرات الخارجية التي له نوع تصرف وتحكم فيها مثل علاقاته مع الناس، ونوع عمله وكسبه، وتكوينه وتصويره لتجاربه وخبراته، ومؤثرات خارجيةٌ لا تصرف له فيها، مثل هيئته وحظه وبعض طباعه.

 

فبعد تحييد كل العوامل والمؤثرات الأخرى، وذلك العوامل والمؤثرات الأخرى بافتراض تماثلها؛ فهل الذكي المؤمن الغني، أسعد من الأبله، المساوي له في الإيمان والمال وبقية المؤثرات؟

 

الذي أظنه أن الذكي أكثر استمتاعا بالسعادة إذا تحققت أسبابها له، فهو أكثر استمتاعا بماله، وبقوته، وبصحته، وعلمه، وأخلاقه، وأحبابه، وأصحابه، وبكل قوٍل نفي ٍس يسمعه، وبكل منظر جميل يشاهده؛ فقوة عقله تكشف له الكثير من مواضع الإبداع والجمال في الحياة، وتعمق إحساسه بهذا الجمال، ومعايشته له، واستمتاعه به.

 

والذكي أيضا، هو أكثر همّا وتعاسةً وبؤسا، إذا تحققت أسباب التعاسة له، فعلمه ومعرفته بقيمة المال والصحة والأحباب تجعله أكثر تعاسةً وندما إذا فقدها ولم يحصل عليها. وهو أيضا أكثر معرفةً وإحساسا قبح القبيح، فيكون تألمه به أكثر من تألم غيره به.

 

فألمه بالظلم الذي يعيشه الناس في هذا العالم، كفرهم وفسقهم، فقرهم وجوعهم، قتالهم وبغيهم ألم عميق مؤثر، وكذلك تَوَجُّعه من قبح أخلاق صديقه كبير، واشمئزازه من كلمة قبيحة قيلت شديد.

 

ولأن أسباب السعادة والسرور في هذه الحياة الدنيا أقل بكثير من أسباب التعاسة والشقاء، كان العقل والذكاء عند الكثير سببا في زيادة الألم والهم والضيق.

 

وإذا انتقلنا إلى المسألة الأكبر، وإلى الأثر الأعمق والأبعد لعلاقة العقل مع السعادة، وهي العلاقة بين قوة العقل ومعرفة الحق، أو بين الذكاء والإيمان بالله تعالى. والتي بها يحقق الإنسان السعادة التامة الحقيقية؛ فهل الفطن الذكي أكثر حظا في معرفة الله تعالى، وتحقيقا للإيمان وتحصيل الأعمال، والأبله الغبي هو أكثر عُرضةً للضلال وعدم الاهتداء إلى الحق، وإلى التقدير الصحيح لقيمة الأعمال الصالحة فيقع في التفريط والتضييع؟.

الذي أظنه -والله تعالى أعلم- أن المقدار العقلي، أو المستوى الذهني، الذي يحْصُل عند تحققه تكليف الإنسان، تكليف الله تعالى له بتحقيق الإيمان والعبادة والعمل على الوجه الصحيح، والكتابة لعمله ومحاسبته عليه، هذا المقدار من العقل والذكاء يحصل بوصول الإنسان لسن البلوغ، مع انتفاء صفة الجنون عنه وهذا المقدار العقلي الذي يكفي الإنسان لمعرفة ربه، وحقه عليه، ومعرفة رسالة ربه للناس عند بلوغها له، ما زاد عنه لا تأثير له في

تحقيق السعادة في الآخرة، بل هذه الزيادة في العقل تكون نعمة لبعض، ونقمة لآخرين.

 

هذه الزيادة في العقل في أصلها نعمةٌ من الله تعالى على بعض عبيده تماما، كما ينعم على بعضهم بزيادة جمال وأخلاق، وهي أيضا ابتلاء لهم بهذه النعمة؛ فمن شكرها، ووضعها في موضعها نفعته في آخرته ودنياه، ومن كفر هذه النعمة فوضعها في غير موضعها زادته خبالاً وضلالاً، وهمّا وتعاسةً في آخرته ودنياه"(إدارة السعادة:34-37).

الإحالات

1- مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة؛ لابن القيم رحمه الله.

 

2- كيمياء السعادة؛  لأبي حامد الغزالي.

 

3- إدارة السعادة؛ د.صلاح بن محمد آل الشيخ

 

4- دكان السعادة؛ لخالد صالح المنيف.

 

5- فلسفة السعادة؛ أ. د. مصطفى النشار.

 

6- نسائم السعادة؛ لممدوح حسب الله.