زواج
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
النكاح لغة: الضم والجمع، أو عبارة عن الوطء والعقد جميعاً، وهو في الشرع: عقد التزويج، والزواج شرعاً: عقد يتضمن إباحة الاستمتاع بالمرأة، بالوطء والمباشرة والتقبيل والضم وغير ذلك، إذا كانت المرأة غير مَحْرم بنسب أو رضاع أو صهر. أوهو عقد وضعه الشارع ليفيد ملك استمتاع الرجل بالمرأة، وحل استمتاع المرأة بالرجل. أي أن أثر هذا العقد بالنسبة للرجل يفيد الملك الخاص به فلا يحل لأحد غيره، وأما أثره بالنسبة للمرأة فهو حل الاستمتاع لا الملك الخاص بها، وإنما يجوز أن تتعدد الزوجات فيصبح الملك حقاً مشتركاً بينهن، أي أن تعدد الأزواج ممنوع شرعاً، وتعدد الزوجات جائز شرعاً. وعرفه الحنفية بقولهم: عقد يفيد ملك المتعة قصداً، أي حل استمتاع الرجل من امرأة، لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، بالقصد المباشر. خرج بكلمة (المرأة): الذكر والخنثى المشكل لجواز ذكورته، وخرج بقوله «ما لم يمنع من نكاحها ما نع شرعي»: المرأة الوثنية، والمحارم، والجنِّية، وإنسان الماء، لاختلاف الجنس؛ لأن قوله تعالى: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً) [النحل:72/ 16] أوضح المراد من قوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) [النساء:3/ 4] وهو الأنثى من بنات آدم، فلا يثبت حل غيرها بلا دليل، ولأن الجن يتشكّلون بصور شتى، فقد يكون ذكراً تشكَّل بشكل أنثى. وخرج بكلمة (قصداً) حل الاستمتاع ضمناً بواسطة شراء أمة للتسري. ووضع بعضهم كلمة (بطريق الأصالة) بدل كلمة (قصداً). وعرفه أيضاً بعض الحنفية بأنه عقد وضع لتمليك منافع البُضْع، أي الفرج. والنكاح عند أهل الأصول واللغة حقيقة في الوطء، مجاز في العقد، فحيث جاء في الكتاب أو السنة مجرداً عن القرائن يراد به الوطء، كما في قوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) [النساء:22/ 4] فتحرم مزنية الأب على الابن، أي على فروعه، وتكون حرمتها على الفروع ثاتبة بالنص القرآني. وأما حرمة التي عقد عليها عقداً صحيحاً على الفروع فبالإجماع. ولو قال لزوجته: إن نكحتك فأنت طالق، تعلق الشرط بالوطء، وكذا لو أبانها قبل الوطء، ثم تزوجها، تطلق بالوطء، لا بالعقد. أما نكاح المرأة الأجنبية فيراد به العقد؛ لأن وطأها لما حرم عليه شرعاً، كانت الحقيقة مهجورة، فتعين المجاز. والنكاح عند الفقهاء ومنهم مشايخ المذاهب الأربعة: حقيقة في العقد، مجاز في الوطء؛ لأنه المشهور في القرآن والأخبار، وقد قال الزمخشري وهو من علماء الحنفية: ليس في الكتاب لفظ النكاح بمعنى الوطء إلا قوله تعالى: (حتى تنكح زوجاً غيره) [البقرة:230/ 2] لخبر الصحيحين: «حتى تذوقي عسيلته» فالمراد به العقد، والوطء مستفاد من هذا الخبر.[انظر الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ (9/6515) ] .
العناصر
1- تعريف الزواج وأدلة مشروعيته . 2- حكم الزواج واختيار الزوجة . 3- شروط الزواج وأركانه . 4- أهم أهداف الزواج . 5- تيسير الإسلام لأمور الزواج والحث على تيسير المهور . 6- عقبات في طريق الزواج . 7- الزواج المبكر من أعظم أسباب صلاح الأبناء والفتيات . 8- التريث والتأني في طلب الزوجة . 9- بعض منكرات الأفراح ودعوة إلى التوبة .
الايات
1- قال الله تعالى: (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) [البقرة:221]. 2- قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا ) [النساء:3، 4]. 3- قوله تعالى: (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً) [النساء:22-25] . 4- قوله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور:3]. 5- قوله تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) [النور32، 33]. 6- قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) [القصص:27]. 7- قوله تعالى: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [الأحزاب:50]. 8- قوله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 35] .
الاحاديث
- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" (رواه البخاري رقم:5065، ومسلم رقم:1400).
- عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" (رواه البخاري:6-117).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف " (رواه الترمذي:1655، وحسنه الألباني حسن).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك " (البخاري:5090).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها " (رواه البخاري:2140).
- عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟ قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات " ( رواه الترمذي:3-395، رقم:1085، وقال الشيخ الألباني: حسن لغيره).
- عن سمرة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- " نهى عن التبتل" قال أبو عيسى وزاد زيد بن أخزم في حديثه وقرأ قتادة ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية ) (رواه الترمذي:3-393، رقم:1082، وقال الشيخ الألباني: صحيح لغيره).
- عن المغيرة بن شعبة: أنه خطب امرأة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم" (رواه الترمذي:3-397، رقم:1087).
- عن محمد بن حاطب الجمحي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت" (رواه الترمذي:3-398، رقم:1088).
- عن أبي هريرة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج قال: " بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في الخير " (رواه الترمذي::3-400، رقم:1091).
- عن جابر بن عبد الله قال: تزوجت امرأة فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال أتزوجت يا جابر ؟ فقلت نعم فقال بكرا أم ثيبا ؟ فقلت لا بل ثيبا فقال "هلا جارية تلاعبها وتلاعبك ؟" فقلت يا رسول الله ! إن عبد الله مات وترك سبع بنات أو تسع فجئت بمن يقوم عليهن قال فدعا لي (رواه الترمذي:3-406، رقم:1100، وصححه الألباني).
- عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي " (رواه الترمذي:3-407، رقم:1101، وصححه الألباني).
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن وإذنهما الصموت " (رواه الترمذي:3-415، رقم:1107، وصححه الألباني).
الاثار
- عن أبي سعيد الشحام قال: "صحبت ابن سيرين عشرين سنة فقال لي يوماً: يا أبا سعيد إن تزوجت فلا تتزوج امرأة تنظر في يدها، ولكن تزوج امرأة تنظر في يدك"؛ (انظر طبائع النساء وما جاء فيها من عجائب وأخبار وأسرار لابن عبد ربه الأندلسي:1-36).
- عن يزيد بن ميسرة قال: كل مهر لا يوضع لله فيه شيء ملعون، أو غير مبارك (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء:5-236).
- عن طاووس قال: لا يتم نسك الشاب حتى يتزوج (سنن سعيد بن منصور:1-140).
- عن عطاء قال: مكتوب في التوراة: كل تزويج على غير هدى حسرة وندامة إلى يوم القيامة (حلية الأولياء:5-197).
- عن الشعبي قال: من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي:4-733).
- عن سعد بن أبي وقاص قال: رد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا (رواه الترمذي:3-394، رقم:1083، وصححه الألباني).
- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال وبنى بي في شوال وكانت عائشة تستحب أن يبنى بنسائها في شوال (رواه الترمذي:3-401، رقم:1093، وصححه الألباني).
- عن أنس بن مالك: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أولم على صفية بنت حيي بسويق وتمر (رواه الترمذي:3-403، رقم:1095، وصححه الألباني).
القصص
- عن عبد الله بن عمرو قال: زوجني أبي امرأة من قريش، فلما دخلت علي جعلت لا أنحاش لها، مما بي من القوة على العبادة، من الصوم والصلاة، فجاء عمرو بن العاص إلى كنته ، حتى دخل عليها، فقال لها: كيف وجدت بعلك ؟ قالت: خير الرجال أو كخير البعولة ، من رجل لم يفتش لنا كنفا، ولم يعرف لنا فراشا، فأقبل علي، فعذمني ، وعضني بلسانه، فقال: أنكحتك امرأة من قريش ذات حسب ، فعضلتها ، وفعلت، وفعلت ثم انطلق إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فشكاني، فأرسل إلي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتيته، فقال لي: " أتصوم النهار ؟ " قلت: نعم، قال: وتقوم الليل ؟ قلت: نعم، قال: لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمس النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".قال: " اقرأ القرآن في كل شهر "، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: " فاقرأه في كل عشرة أيام "، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، - قال أحدهما، إما حصين وإما مغيرة - قال: " فاقرأه في كل ثلاث "، قال: ثم قال: " صم في كل شهر ثلاثة أيام "، قلت: إني أقوى من ذلك، قال: فلم يزل يرفعني حتى قال: " صم يوما وأفطر يوما، فإنه أفضل الصيام، وهو صيام أخي داود " -صلى الله عليه وسلم- "قال حصين في حديثه: ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: " فإن لكل عابد شرة، ولكل شرة فترة ، فإما إلى سنة، وإما إلى بدعة ، فمن كانت فترته إلى سنة، فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك " قال مجاهد: فكان عبد الله بن عمرو، حيث ضعف وكبر، يصوم الأيام كذلك، يصل بعضها إلى بعض، ليتقوى بذلك، ثم يفطر بعد تلك الأيام، قال: وكان يقرأ في كل حزبه كذلك، يزيد أحيانا، وينقص أحيانا، غير أنه يوفي العدد، إما في سبع، وإما في ثلاث، قال: ثم كان يقول بعد ذلك: " لأن أكون قبلت رخصة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب إلي مما عدل به أو عدل، لكني فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره (مسند الإمام أحمد بن حنبل:11-8، رقم:6477) وقال المحققون: إسناده صحيح على شرط الشيخين قوله: لا أنحاش لها".
- عن ثابت البناني قال: خطب يزيد بن معاوية إلى أبي الدرداء ابنته الدرداء، فرده؛ فقال رجل من جلساء يزيد: أصلحك الله، تأذن لي أن أتزوجها؟ قال: أغرب، ويلك؛ قـال: فائذن لي، أصلحك الله؛ قال: نعم؛ قال: فخطبها، فأنكحها أبو الدرداء الرجل؛ قال: فسار ذلك في الناس: أن يزيد خطب إلى أبي الدرداء، فرده، وخطب إليه رجل من ضعفاء المسلمين، فأنكحه؛ قال: فقال أبو الدرداء: إني نظرت للدرداء، ما ظنكم بالدرداء: إذا قامت على رأسها الخصيان، ونظرت في بيوت يلتمع فيها بصرها، أين دينها منها يومئذ؟ (الزهد لأحمد بن حنبل:1-142).
- عن أبي عبد الرحـمن السلمي عن سلمان رضي الله عنه أنه تزوج امرأة من كندة، فبنى بها في بيتها؛ فلما كان ليلة البناء: مشى معه أصحابه، حتى أتى بيت امرأته، فلما بلغ البيت، قـال: ارجعوا آجركم الله، ولم يدخلهم عليها ـ كما فعل السفهاء ـ؛ فلما نظر إلى البيت، والبيت منجد، قال: أمحموم بيتكم، أم تحولت الكعبة في كندة؟ قالوا: ما بيتنا بمحموم، ولا تحولت الكعبة في كندة؛ فلم يدخل البيت، حتى نزع كل ستر في البيت، غير ستر الباب؛ فلما دخل: رأى متاعاً كثـيراً؛ فقـال: لمن هذا المتاع؟ قالوا: متاعك، ومتاع امرأتك؛ قـال: ما بهـذا أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم-، أوصاني خليلي: أن لا يكون متاعي من الدنيا، إلا كـزاد الراكب؛ ورأى خدماً، فقال: لمن هذا الخدم؟ فقالوا: خدمك، وخدم امرأتك.فقال: ما بهذا أوصاني خليلي، أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم-: "أن لا أمسك إلا ما أنكح، أو أنكح، فإن فعلت، فبغين كان على مثل أوزارهن، من غير أن ينتقص من أوزارهن شيء"؛ ثم قال للنسوة التي عند امرأته: هل أنتن مخرجات عني، مخليات بيني وبين امرأتي؟ قلن: نعم، فخرجن؛ فذهب إلى الباب حتى أجافه، وأرخى الستر، ثم جاء، حتى جلس عند امرأته، فمسح بناصيتها، ودعا بالبركة؛ فقال لها: هل أنت مطيعتي في شيء آمرك به؟ قالت: جلست مجلس من يطاع؛ قال: فإن خليلي -صلى الله عليه وسلم- أوصاني إذا اجتمعت إلى أهلي: أن أجتمع على طاعة الله عز وجل، فقام، وقامت إلى المسجد، فصـليا ما بدا لهما، ثم خرجا، فقضى منها ما يقضي الرجل من امرأته؛ فلما أصبح: غدا عليه أصحابه، فقالوا: كيف وجدت أهلك؟ فأعرض عنهم، ثم أعادوا، فأعرض عنهم، ثم أعادوا، فأعرض عنهم؛ ثم قال: إنما جعل الله تعالى الستور، والخدور، والأبواب: لتوارى ما فيها؛ حسب امرئ منكم: أن يسأل عما ظهر له، فأما ما غاب عنه: فلا يسألن عن ذلك؛ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: المتحدث عن ذلك: كالحمارين، يتسافدان في الطريق؛ يتسافدان: أي ينزو الذكر على الأنثى؛ (حلية الأولياء:1-186).
- عن ابن أبي وداعة، قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب، ففقدني أياماً، فلما جئته، قال: أين كنت؟ قال: توفيت أهلي، فاشتغلت بها؛ فقال: ألا أخبرتنا، فشهدناها؛ قال: ثم أردت أن أقوم، فقال: هل استحدثت امرأة؟ فقلت: يرحمك الله، ومن يزوجني؟ وما أملك إلا درهمين ، أو ثلاثة؟ فقال: أنا، فقلت: أو تفعل؟ قال: نعم؛ ثم حمد الله تعالى، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وزوجني على درهمين ـ أو قال: ثلاثة ـ قال: فقمت، وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي، وجعلت أتفكر ممن آخذ، وممن استدين؛ فصليت المغرب، وانصرفت إلى منزلي، واسترحت، وكنت وحدي صائماً؛ فقدمت عشائي أفطر، كان خبزاً وزيتاً، فإذا بآت يقرع، فقلت: من هذا؟ قال: سعيد، قال: فأفكرت في كل إنسان اسمه سعيد، إلا سعيد ابن المسيب، فإنه لم ير أربعين سنة، إلا بين بيته والمسجد؛ فقمت، فخرجت، فإذا سعيد بن المسيب، فظننت أنه قد بدا له، فقلت: يا أبا محمد، ألا أرسلت إلي فآتيك؟ قال: لأنت أحق أن تؤتى؛ قال: قلت: فما تأمر؟ قال: إنك كنت رجلاً عزباً، فتزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك؛ فإذا هي قائمة من خلفه، في طوله، ثم أخذها بيدها، فدفعها بالباب، ورد الباب؛ فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب؛ ثم قدمتها إلى القصعة التي فيها الزيت والخبز، فوضعتها في ظل السراج، لكي لا تراه؛ ثم صعدت إلى السطح، فرميت الجيران؛ فجاؤوني، فقالوا: ما شأنك؟ قلت: ويحكم، زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم، وقد جاء بها على غفلة؛ فقالوا: سعيد بن المسيب زوجك؟ قلت: نعم، وها هي في الدار؛ قال: فنزلوا هم إليها، وبلغ أمي، فجاءت؛ وقالت: وجهي من وجهك حرام، إن مسستها قبل أن أصلحها، إلى ثلاثة أيام؛ قال: فأقمت ثلاثة أيام، ثم دخلت بها؛ فإذا هي من أجمل الناس، وإذا هي أحفظ الناس لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأعرفهم بحق الزوج؛ قال: فمكثت شهراً لا يأتيني سعيد، ولا آتيه؛ فلما كان قرب الشهر، أتيت سعيداً، وهو في حلقته؛ فسلمت عليه، فرد علي السلام، ولم يكلمني، حتى تقوض أهل المجلس؛ فلما لم يبق غيري، قال: ما حال ذلك الإنسان؟ قلت: خيراً يا أبا محمد، على ما يحب الصديق، ويكره العدو؛ قال: إن رابك شيء، فالعصا؛ فانصرفت إلى منزلي، فوجه إلي بعشرين ألف درهم؛ قـال عبد الله بن سليمان: وكانت بنت سعيد بن المسيب، خطبها عبد الملك بن مروان لابنه الوليد بن عبد الملك حين ولاه العهد، فأبى سعيد أن يزوجه، فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد، حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد، وصب عليه جرة ماء، وألبسه جرة صوف؛ (حلية الأولياء:2-167).
- عن أم الدرداء، أنها قالت: اللهم، إن أبا الدرداء خطبني، فتزوجني في الدنيا، اللهم فأنا أخطبه إليك، وأسألك أن تزوجنيه في الجنة؛ فقال لها أبو الدرداء: فـإن أردت ذلـك، فكنت أنا الأول، فلا تتزوجي بعدي؛ قال: فمات أبو الدرداء، وكان لها جمال وحسن، فخطبها معاوية، فقالت: لا والله، لا أتزوج زوجاً في الدنيا، حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله في الجنة؛ (تهذيب الكمال:35-354).
- عن عروة بن الزبير قال: خطبت إلى عبد الله بن عمر ابنته ـ ونحن في الطواف ـ فسكت، ولم يجبني بكلمة، فقلت: لو رضي لأجابني، والله، لا أراجعه فيها بكلمة أبداً؟ فقدر له: أن صدر إلى المدينة قبلي، ثم قدمت، فدخلت مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فسلمت عـليه، وأديت إليه من حقه ما هو أهله؛ فأتيته، ورحب بي، وقال: متى قدمت؟ فقلت: هذا حين قدومي؛ فقال: أكنت ذكرت لي سودة بنت عبد الله ونحن في الطواف، نتخايل الله عز وجل بين أعيننا، وكنت قادرا أن تلقاني في غير ذلك الموطن؟ فقلت: كان أمراً قدر؛ قال: فما رأيك اليوم؟ قلت: أحرص ما كنت عليه قط، فدعا ابنيه سالماً وعبد الله، فزوجني؛ (حلية الأولياء:1-309).
- عن أنس -رضي الله عنه- قال: خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم فقالت أما أني فيك لراغبة وما مثلك يرد ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة فإن تسلم فذلك مهري لا أسألك غيره فأسلم أبو طلحة وتزوجها (مصنف عبد الرزاق:06-179، رقم:10417).
- عن يحيى بن سعيد: أن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، كانت له امرأتان، فإذا كان يوم إحداهما: لم يتوضأ من بيت الأخرى، ثم توفيتا في السقم الذي أصابهما بالشام، والناس في شغل، فدفنتا في حفرة؛ فأسهم بينهما، أيتهما تقدم في القبر. وفي رواية: أنه إذا كان عند إحداهما، لم يشرب من بيت الأخرى الماء؛ (حلية الأولياء:1-234).
- قال الحارث بن مسكين: لقد أحببت الشافعي، وقرب من قلبي، لما بلغني أنه كان يقول: الكفاءة في الدين، لا في النسب؛ لو كانت الكفاءة في النسب، لم يكن أحد من الخلق كفؤا لفاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا لبنات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وقد زوج ابنتيه من عثمان، وزوج أبا العاص بن الربيع؛ (حلية الأولياء :9-128).
- عن عمر - رضي الله عنه - قال: تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي - وكان من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ممن شهد بدراً- فتوفي بالمدينة، فلقيت أبا بكر؛ فقلت: إن شئت، أنكحتك حفصة بنت عمر؛ فلم يرجع إلي شيئاً، فلبثت ليالي فخطبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنكحتها إياه؛ فلقيني أبو بكر، فقـال: لعلك وجدت حين عرضت علي حفصة، فلم أرجع إليك شيئاً؟ قال: قلت: نعم، قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك شيئاً حين عرضتها علي، إلا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكرها؛ ولم أكن لأفشي سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولو تركها، نكحتها؛ (حلية الأولياء :1-361).
- عن يحيى بن يحيى قال: كنت عند سفيان بن عيينة، إذ جاء رجل؛ فقال: يا أبا محمد، أشكو إليك من فلانة ـ يعني: امرأته ـ أنا أذل الأشياء عندها، وأحقرها؛ فأطرق سفيان ملياً، ثم رفع رأسه؛ فقال: لعلك رغبت إليها لتزداد عزاً؟ فقال: نعم يا أبا محمد؛ قال: من ذهب إلى العز: ابتلي بالذل؛ ومن ذهب إلى المال: ابتلي بالفقر؛ ومن ذهب إلى الدين: يجمع الله له العز والمال مع الدين؛ ثم أنشأ يحدثه، فقال: كنا إخوة أربعة: محمد، وعمران، وإبراهيم، وأنا؛ فمحمد أكبرنا، وعمران أصغرنا، وكنت أوسطهم؛ فلما أراد محمد أن يتزوج، رغب في الحسب، فتزوج من هي أكبر منه حسباً، فابتلاه الله بالذل؛ وعمران: رغب في المال، فتزوج من هي أكثر منه مالاً، فابتلاه الله بالفقر، أخذوا ما في يديه، ولم يعطوه شيئاً؛ فبقيت في أمرهما، فقدم علينا معمر بن راشد، فشـاورته، وقصـصت عليه قصة إخوتي؛ فذكرني حديث يحيى بن جعدة، وحديث عائشة؛ فأما حديث يحيى بن جعدة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:تنكح المرأة على أربع على دينها وحسبها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك). وحديث عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة). فاخترت لنـفسي الدين، وتخفيف الظهر: اقتداء بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فجمع الله لي العز والمال مع الدين؛ (حلية الأولياء :7-289، 290).
الاشعار
- 1- قال القحطاني:
- حد النكاح من الحرائر أربع *** فاطلب ذوات الدين والإحصان
- (نونية القحطاني:1-42).
- 2- وقال ايضاً:
- إياك والتيس المحلل إنه *** والمستحل لردها تيسـان
- لعن النبي محلِّلاً ومحلَّلاً *** فكلاهما في الشرع ملعونان
- (المصدر السابق:1-43).
الإحالات
1- آداب الزفاف – الألباني المكتبة الإسلامية 1408 . 2- أصول الدعوة – عبد الكريم زيدان ص 104 مكتبة المنار الإسلامية 1401 . 3- تحفة العروس – محمود مهدي الإسلامبولي المكتب الإسلامي الطبعة الرابعة 1401 . 4- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف – المنذري تحقيق مصطفى عمارة 3/40 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 . 5- جامع الأصول – ابن الأثير 9/138، 11/402 الرئاسة العامة 1389 . 6- زاد المعاد في خير هدي العباد – ابن القيم تحقيق الأرناؤوط 1/150، 2/454 مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1399 . 7- صحيح مسلم – ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي 2/1018 دار إحياء التراث العربي . 8- فتح الباري – ابن حجر 9/103 دار الفكر . 9- كتاب عشرة النساء – النسائي مكتبة السنة الطبعة الثالثة 1408 . 10- كشاف تحليلي – مشهور سليمان جمال الدسوقي 1/138، 6/633 مكتبة الصديق الطبعة الأولى 1408 . 11- مختصر منهاج القاصدين – ابن قدامة المقدسي تحقيق علي عبد الحميد ص 99 دار الفيحاء، دار عمار الطبعة الأولى 1406 . 12- نيل الأوطار – الشوكاني 6/225 دار الجيل 1973 .