رياء
2022-10-08 - 1444/03/12التعريف
الرياء: مصدر راءى، فاعَلَ، ومصدره يأتي على بناء مفاعلة وفعال، وهو مهموز العين؛ لأنه من الرؤية، ويجوز تخفيفها بقلبها ياء . وحقيقته لغة: أن يُرِي غيره خلاف ما هو عليه .
وشرعاً: أن يَفعل الطاعة، ويترك المعصية مع ملاحظة غير الله، أو يُخبِر بها، أو يُحبَّ أن يُطَّلع عليها لمقصدٍ دنيوي مِن مال أو نحوه [طريقك الى الإخلاص والفقه في الدينا - عبد الله بن ضيف الله الرحيلي (ص69) ] .
العناصر
1- أنواع الرياء وصوره ودرجاته .
2- أسباب الرياء .
3- تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الرياء .
4- علامات المرائى .
5- آثار الرياء .
6- خطر الرياء في الأعمال وعلى المجتمع .
7- ريح الرياء تعصف بجبال الأعمال.
8- سفاهة عقل المرائي .
9- عقوبة الرياء في الآخرة .
10- طرق علاج الرياء .
الايات
1- قَالَ الله تَعَالَى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) [البينة:5] .
2- قوله تَعَالَى: (لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى كالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ) [البقرة:264] .
3- قوله تَعَالَى: (يُرَاءونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء:142] .
4- قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: من الآية110] .
5- قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) [الشورى: 20] .
6- قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ) [الماعون: 4- 5] .
7- قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [هود:15، 16] .
الاحاديث
1- عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «قَالَ الله تَعَالَى: أنَا أغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ». [رواه مسلم (2985) ] .
2- وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ أَولَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعْمَتَهُ، فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ ! فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ القُرآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ القُرآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ ! وَقَرَأتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ؛ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأعْطاهُ مِنْ أصْنَافِ المَالِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ: كَذَبْتَ، ولكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: جَوَادٌ! فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ» [رواه مسلم (1905) ] .
3- عن جُندب بن عبد اللهِ بن سفيان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ الله بِهِ، وَمَنْ يُرائِي يُرائِي اللهُ بِهِ» [ صحيح البخاري (4499) ] .
4- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عز وجل لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ» [سنن أبي داود (3664) وقال الألباني صحيح] .
5- عن أَبي ذرٍ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أرَأيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيْرِ، وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ» [رواه مسلم (2642) ] .
6- عن محمود بن لبيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر » قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: « الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة: إذا جزي الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء» [مسند أحمد (23630) وقال شعيب الأرناؤوط حديث حسن] .
7- عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» [رواه البخاري (1) ومسلم (1907) ] .
الاثار
1- قال علي رضي الله عنه: للمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل أثني عليه، وينقص إذا ذّمَّ [إحياء علوم الدين] .
2- قال ابن مسعود رضي الله عنه لأصحابه: كونوا ينابيع العلم، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت، سرج الليل، جدد القلب، خلقان الثياب، تُعْرَفون في السماء، وتخفون على أهل الأرض [سير أعلام النبلاء] .
3- قال الفضيل بن عياض: إن ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك .
4- وقال أيضاً: المؤمن يزرع نخلاً، ويخاف أن يثمر شوكاً، والمنافق يزرع شوكاً، ويطلب أن يثمر رطباً .
5- وقال أيضاً: من وقي خمساً وقي شر الدنيا والآخرة: العجب، والرياء، والكبر، والإزراء، والشهوة [الآداب الشرعية] .
6- قال الحسن البصري: إن كان أحدهم ليمرّ بالأذى ما يمنعه من رفعه إلا كراهية الشهرة [إحياء علوم الدين] .
7- وقال أيضاً: لا يزال العبد بخير ما علم ما الذي يفسد عليه عمله [مصنف ابن أبي شيبة] .
8- قال الحارث بن قيس العابد الفقيه التابعي : إذا كنت في الصلاة فقال لك الشيطان: إنك ترائي - فزدها طولاً [سير أعلام النبلاء] .
9- عن عمر بن عبد الله، أنه حدثه أن عبد الله بن عمر لقي ناسا خرجوا من عند مروان فقال: من أين جاء هؤلاء؟ قالوا: خرجنا من عند الأمير مروان قال: وكل حق رأيتموه تكلمتم به، وأعنتم عليه، وكل منكر رأيتموه أنكرتموه ورددتموه عليه، قالوا: لا والله، بل يقول: ما ينكر، فنقول: قد أصبت، أصلحك الله، فإذا خرجنا من عنده قلنا قاتله الله، ما أظلمه وأفجره قال عبد الله: " كنا بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نعد هذا نفاقا لمن كان هكذا .[رواه أحمد في المسند (5373) وقال شعيب الأرناؤوط حديث صحيح] .
القصص
1- عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي، أنه كان إذا خرج من المسجد قبض بيمينه على شماله، فسئل عن ذلك فقال: مخافة أن تنافق يدي .
2- قال الأعمش: كنت عند إبراهيم النخعي وهو يقرأ في المصحف، فاستأذن رجل فغطى المصحف, وقال: لا يظن أني أقرأ فيه كل ساعة .
3- قال بعضهم وقد قيل له : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحنا ضعفاء مذنبين، نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا .
الاشعار
1- قال أبو الحسن التُّهَامِي:
ثَوْبُ الرِّيَاءِ يَشِـفُّ عَمَّـا تَحْتَـهُ *** فَـإِذَا الْتَحَفْتَ بِـهِ فَإِنَّـكَ عَارِ
2- قال أبو نُواس:
وَإِذَا نَزَعْتَ عَـنِ الْغِوَايَـةِ فَلْيَكُـنْ *** للهِ ذَاكَ الـنَّـزْعُ لا لـلـنَّـاسِ
3- قال محمود الورَّاق
أَظْـهَـرُوا لـلـنَّـاسِ دِيْـنًـا *** وَعَـلـى الـدِّيْـنَــارِ دَارُوا
وَلَـهُ صَـلُّــوا وصَـامُــوا *** وَلَــهُ حَــجُّـــوا وَزَارُوا
لَـوْ بَـدَا فَــوْقَ الـثُّــرَيَّـا *** وَلَـهُـمْ رِيْـشٌ لَـطَــارُوا!
4- قال محمود الوراق:
تَصَنَّـعْ كَـيْ يُقَـالَ لَـهُ أَمِيـنٌ *** وَمَـا يُغْنِـي التَّصَنُّـعُ للأَمَـانَهْ
وَلَـمْ يُـرِدِ الإِلَـهَ بِـهِ وَلَكِـنْ *** أَرَادَ بِـهِ الطَّرِيـقَ إِلى الْخِيَـانَهْ
متفرقات
1- قال الإمام أحمد بن حنبل: إظهار المحبرة من الرياء [الآداب الشرعية] .
2- وقال أيضاً: فأما ترك الطاعات خوفاً من الرياء فإن كان الباعث له على الطاعة غير الدين - فهذا ينبغي أن يترك; لأنه معصية, وإن كان الباعث على ذلك الدين، وكان ذلك لأجل الله عز وجل مخلصاً - فلا ينبغي أن يترك العمل; لأن الباعث الدين, وكذلك إذا ترك العمل خوفا من أن يقال: مراء, فلا ينبغي ذلك؛ لأنه من مكايد الشيطان [الآداب الشرعية] .
3- قال النووي: لا يعرف الرياء إلا مخلص . [بستان العارفين] .
4- وقال أيضاً: لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من أن يظن به الرياء بل يذكر بهما جميعا , ويقصد به وجه الله عز وجل [الأذكار للنووي] .
5- وقال أيضاً: فلو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة - لانسد عليه أكثر أبواب الخير [الأذكار للنووي] .
6- يقول ابن تيمية: ومن كان له ورد مشروع من صلاة الضحى أو قيام ليل أو غير ذلك فانه يصليه حيث كان ولا ينبغي له أن يدع ورده المشروع لأجل كونه بين الناس إذا علم الله من قلبه انه يفعله سراً لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الإخلاص. إلى أن قال: ومن نهى عن أمر مشروع بمجرد زعمه إن ذلك رياء فنهيه مردود عليه من وجوه:
1- إن الأعمال المشروعة لا ينهى عنها خوفا من الرياء بل يؤمر بها وبالإخلاص فيها.
2- إن الإنكار إنما يقع على ما أنكرته الشريعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا اشق بطونهم ".
3- إن تسويغ مثل هذا يفضي إلى أن أهل الشرك والفساد ينكرون على أهل الخير والدين إذ رأوا من يظهر أمراً مشروعاً قالوا: "هذا مراءٍ". فيترك أهل الصدق إظهار الأمور المشروعة حذراً من لمزهم فيتعطّل الخير.
4- إنّ مثل هذا من شعائر المنافقين وهو الطعن على من يظهر الأعمال المشروعة (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ) [مجموع الفتاوى] .
7- قال ابن مفلح: إذا سر الإنسان بمعرفة طاعته هل هو مذموم؟ قال ابن الجوزي: إن كان قصده إخفاء الطاعة والإخلاص لله عز وجل ولكنه لما أطلع عليه الخلق علم أن الله أطلعهم وأظهر الجميل من أحواله فسر بحسن صنيع الله عز وجل ونظره له ولطفه به حيث كان يستر الطاعة والمعصية فأظهر الله عليه الطاعة وستر المعصية فيكون فرحه بذلك لا بحمد الناس، وقيام المنزلة في قلوبهم، أو يستدل بإظهار الله الجميل وستر القبيح عليه في الدنيا أنه كذلك يفعل به في الآخرة قد جاء معنى ذلك في الحديث، فأما إن كان فرحه باطلاع الناس عليه؛ لقيام منزلته عندهم حتى يمدحوه ويعظموه ويقضوا حوائجه - فهذا مكروه مذموم. فإن قيل فما وجه حديث أبي هريرة قال قال رجل: يا رسول الله! الرجل يعمل العمل فيسره فإذا اطلع عليه أعجبه؟ فقال: " له أجران أجر السر وأجر العلانية " فالجواب أنه حديث ضعيف رواه الترمذي وقد فسره بعض العلماء بأن معناه بأن يعجبه ثناء الناس عليه بالخير لقوله عليه السلام: " أنتم شهداء الله في الأرض ". وروى مسلم عن أبي ذر قال قيل: يا رسول الله! أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير فيحمده الناس عليه؟ قال: " تلك عاجل بشرى المؤمن ". فأما إذا أعجبه ليعلم الناس منه الخير ويكرمونه عليه فهذا رياء. ووجود الرياء بعد الفراغ من العبادة لا يحبطها لأنه قد تم على نعت الإخلاص فلا ينعطف ما طرأ عليه بعده لا سيما إذا لم يتكلف هو إظهاره والتحدث به، فأما إن تحدث به بعد فراغه وأظهره فهذا مخوف, والغالب عليه أنه كان في قلبه وقت مباشرة العمل نوع رياء فإن سلم من الرياء نقص أجره, فإن بين عمل السر والعلانية سبعين درجة. وورود الرياء قبل الفراغ من العبادة إن كان مجرد سرور لم يؤثر في العمل, وإن كان باعثاً على العمل مثل أن يطيل الصلاة ليرى مكانه فهذا يحبط الأجر [الآداب الشرعية] .
8- قال ابن عقيل: إنك لو علمت أن إكرام الخلق لك رياء سقطت من عينك, أفأقنع أنا منك أن تجعلني في العادة جزءا من كل بعضا من جماعة ؟ وقال : ما يحلو لك العمل حتى تحلو لك تسميتهم بعابد وزاهد , فارث لنفسك من ذلك فإنه رياء وسمعة وليس لك منه إلا ما حظيت به من الصيت , تدري كم في الجريدة أقوام لا يؤبه لهم إلا عند القيام من القبور , وكم يفتضح غدا من أرباب الأسماء من الخلق بعالم وصالح وزاهد نعوذ بالله من طفيلي تصدر بالوقاحة [الآداب الشرعية] .
9- ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنّ الرياء ينقسم باعتبار إبطال العبادة إلى قسمين: الأول: أن يكون في أصل العبادة، فهذا عمله باطل مردود. الثاني: أن يكون طارئا على العبادة فهذا القسم ينقسم إلى أمرين: الأول: أن يدافعه فهذا لا يضره. الثاني: أن يسترسل معه فلا يخلو من حالين: الأول: أن يكون أخر العبادة مبنيّاً على أوله كالصلاة فالعابدة باطلة. الثاني: أن يكون آخر العبادة منفصلا عنها كالصدقة فما كان خالص قبل وما أشرك فيه رد. [القول المفيد شرح كتاب التوحيد] .
10- وقد فرّق بين العجب والرياء شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: الرياء من باب الإشراك بالخلق، والعجب من باب الإشراك بالنفس [مجموع الفتاوى] .
11- قال أبو حامد الغزالي أثناء ذكره للرياء الخفي: وأخفى من ذلك أن يختفي (العاقل بالطاعة) بحيث لا يريد الاطلاع ولا يسر بظهور طاعته، ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدأوه بالسلام وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير، وأن يثنوا عليه، وأن ينشطوا في قضاء حوائجه كأنه يتقاضى الاحترام مع الطاعة التي أخفاها، ولو لم يفعل ذلك ما استبعد تقصير الناس في حقه [إحياء علوم الدين] .
12- قال ابن رجب: وها هنا نكتة دقيقة وهي أن يذم الإنسان نفسه بين الناس يريد بذلك أن يرى الناس أنه يتواضع عن نفسه ويرتفع بذلك عنهم ويمدحونها به، وهذا من دقائق أبواب الرياء وقد نبه السلف الصالح، قال مطرف بن عبد الله ابن الشخير: " كفى بالنفس إطراء أن تذمّها على الملأ كأنك تريد بذمها زينتها، وذلك عند الله سفه [جامع العلوم والحكم] .
الإحالات
1- الآداب الشرعية – ابن مفلح الحنبلي 1/266 مؤسسة قرطبة .
2- الإخلاص – حسين العوايشة ص 41 المكتبة الإسلامية الطبعة السادسة 1410 .
3- بهجة المجالس وأنس المجالس – القرطبي 3/204 دار الكتب العلمية .
4- البيان في مداخل الشيطان – عبد الحميد البلالي ص 117 مؤسسة الرسالة الطبعة الخامسة 1404 .
5- ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصغير وزيادته – عوني الشريف، علي حسن عبد الحميد 3/30 مكتبة العارف الطبعة الأولى 1406 .
6- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف – المنذري تحقيق مصطفى عمارة 1/61 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 .
7- التقريب – بكر أبو زيد ص 30، 93 مطابع دار الهلال الطبعة الأولى 1401 .
8- تلبيس إبليس – جمال الدين بن الجوزي ص 152 دار الكتب العلمية 1368 .
9- تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين – ابن النحاس ص 187 الطبعة الثالثة 1407 .
10- جامع الأصول – ابن اثير 4/528 الرئاسة العامة 1389 .
11- رياض الصالحين – النووي 522 المكتب الإسلامي الطبعة الثانية 1404 .
12- صيد الخاطر – ابن الجوزي ص 41 .
13- فتح الباري – ابن حجر 11/335 دار الفكر .
14- كتاب الزهد – ابن المبارك تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ص 151 دار الكتب العلمية .
15- كتاب الزهد – وكيع بن الجراح تحقيق عبد الرحمن الفريوائي ص 577 مكتبة الدار الطبعة الأولى 1404 .
16- مجموع الفتاوى – ابن تيمية 36/13، 193 الطبعة الأولى 1398 .
17- مختصر منهاج القاصدين – ابن قدامة المقدسي تحقيق علي عبد الحميد ص 275 دار الفيحاء، دار عمار الطبعة الأولى 1406 .
18- مفيد العلوم ومبيد الهموم – القزويني تحقيق محمد عبد القادر عطا ص 190 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1405 .
19- مقاصد المكلفين – عمر الأشقر ص 432 مكتبة الفلاح الطبعة الأولى 1401 .
20- موارد الظمآن لدروس الزمان – عبد العزيز السلمان 1/159، 3/298 الطبعة الثامنة عشرة 1408 .
21- موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين – القاسمي ص 348 دار النفائس الطبعة الرابعة 1405 .
22- نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء – محمد حسن الشريف ص 1767 دار الأندلس جدة الطبعة الأولى 1411 .
23- الوصايا – المحاسبي ص 262 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 .