رفض
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
رفَضَ يَرفُض ويَرفِض، رَفْضًا ورَفَضًا، فهو رافض، والمفعول مرفوضٌ (للمتعدِّي) رفَضت الإبلُ: تفرقت حيث شاءت في المرعى. رفَضَ الشَّيءَ: تركه، جانبه ولم يقبله "رفض حجَّته رفضًا باتًّا- رفض بجفاء- إجابة بالرَّفض: بالنَّفي- اقتراح مرفوض- رفَض تطبيق القانون: تجاهل العملَ به (معجم اللغة العربية المعاصرة (2-915) وشمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (4-2578).
تعريف الحق في اللغة:
يقول العلامة اللغوي ابن فارس: حق: الحاء والقاف أصل واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحته، فالحق نقيض الباطل. ثم يرجع كل فرع إليه بجودة الاستخراج وحسن التلفيق، ويقال: حق الشيء: وجب. قال الكسائي: يقول العرب: إنك لتعرف الحقة عليك، وتعفي بما لديك. ويقولون: لما عرف الحقة مني انكسر. ويقال: حاق فلان فلانا؛ إذا ادعى كل واحد منهما، فإذا غلبه على الحق قيل: حقه وأحقه. واحتق الناس في الدين: إذا ادعى كل واحد الحق. وقال قوم: المحتق: الذي يقتل مكانه. ويقال: ثوب محقق: إذا كان محكم النسج. والحقة من أولاد الإبل: ما استحق أن يحمل عليه، والجمع: الحقاق، والحاقة: القيامة، لأنها تحق بكل شيء. والحق: ملتقى كل عظمين إلا الظهر، ولا يكون ذلك إلا صلبا قويا. ومن هذا المعنى: الحق من الخشب، كأنه ملتقى الشيء وطبقه (انظر: معجم مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس: 2/ 15-18).
ومن معاني الحق لغة: الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، وأصل الحق: المطابقة والموافقة كمطابقة رجل الباب في حقه، لدورانه على استقامة. ويستعمل الحق استعمال الواجب والجائز، كما يطلق على الموجود. يقال: حق الأمر يحق حقا وحقوقا: صار حقا وثبت. قال الأزهري: معناه: وجب يجب وجوبا. وحق عليه القول وأحققته أنا، أي: أثبته حقا، أو حكمت بكونه حقا. وفي التنزيل: (قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) [القصص: 63]؛ أي: ثبت: وقال الزجاج في قوله تعالى: (وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) [الزمر: 71]، أي: وجبت وثبتت. وحقه يحقه حقا، وأحقه ، كلاهما: أثبته وصار عنده حقا لا يشك فيه. وأحقه: صيره حقا، ويحق عليك أن تفعل كذا: يجب، والحق واحد الحقوق (انظر: لسان العرب لابن منظور: 10 47-59، أساس البلاغة للزمخشري: 1 188، التعريف للجرجاني: صـ 79).
وفي مفردات الراغب الأصفهاني (مفردات القرآن، للراغب الأصفهاني: 1 125): أن الحق يقال على أوجه:
الأول: يقال لموجد الشيء بسب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل في الله تعالى: هو الحق. قال تعالى: (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ) [الأنعام: 62].
الثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله تعالى كله حق. قال الله تعالى: (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) [البقرة: 147].
الثالث: في الاعتقاد المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه؛ كقولنا: اعتقاد فلان في البعث والثواب والجنة والنار حق. قال الله تعالى: (فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ) [البقرة: 213].
الرابع: للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفي الوقت الذي يجب، كقولنا: فعلك حق وقولك حق. قال الله تعالى: (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا) [يونس: 33]. وأما عند الفقهاء فقد ورد تعريف للحق عند بعض المتأخرين فقال: الحق: هو الحكم الثابت شرعاً (حاشية قمر الأقمار على شرح المنار للشيخ عبد الحليم اللكنوي، أول مبحث الحقوق). ولكنه تعريف غير جامع ولا شامل لكل ما يطلق عليه لفظ الحق عند الفقهاء. فقد يطلق الحق على المال المملوك وهو ليس حكماً، ويطلق على الملك نفسه، وعلى الوصف الشرعي كحق الولاية والحضانة والخيار، ويطلق على مرافق العقار كحق الطريق والمسيل والمجرى. ويطلق على الآثار المترتبة على العقود كالالتزام بتسليم المبيع أو الثمن. وعرفه بعض الأساتذة المعاصرين، فقال أستاذنا الشيخ علي الخفيف: الحق: هو مصلحة مستحقة شرعاً (مذكرات الحق والذمة: ص 36). لكنه تعريف بالغاية المقصودة من الحق، لا بذاتيته وحقيقته، فإن الحق: هو علاقة اختصاصية بين صاحب الحق والمصلحة التي يستفيدها منه. وقال الأستاذ مصطفى الزرقاء: الحق: هو اختصاص يقرر به الشرع سلطةً أو تكليفاً (المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه: ف 3 ص 10 وما بعدها). وهو تعريف جيد؛ لأنه يشمل أنواع الحقوق الدينية كحق الله على عباده من صلاة وصيام ونحوهما، والحقوق المدنية كحق التملك، والحقوق الأدبية كحق الطاعة للوالد على ولده، وللزوج على زوجته، والحقوق العامة كحق الدولة في ولاء الرعية لها، والحقوق المالية كحق النفقة، وغير المالية كحق الولاية على النفس. ويتميز هذا التعريف بأنه أبان ذاتية الحق بأنه علاقة اختصاصية بشخص معين، كحق البائع في الثمن يختص به، فإن لم يكن هناك اختصاص بأحد، وإنما كان هناك إباحة عامة كالاصطياد والاحتطاب والتمتع بالمرافق العامة، فلا يسمى ذلك حقاً، وإنما هو رخصة عامة للناس. والسلطة: إما أن تكون على شخص كحق الحضانة والولاية على النفس، أو على شيء معين كحق الملكية. والتكليف: التزام على إنسان إما مالي كوفاء الدين، وإما لتحقيق غاية معينة كقيام الأجير بعمله. وأشار التعريف لمنشأ الحق في نظر الشريعة: وهو إرادة الشرع،
فالحقوق في الإسلام منح إلهية تستند إلى المصادر التي تستنبط منها الأحكام الشرعية، فلا يوجد حق شرعي من غير دليل يدل عليه، فمنشأ الحق هو الله تعالى؛ إذ لا حاكم غيره، ولا تشريع سوى ما شرعه. وليس الحق في الإسلام طبيعياً مصدره الطبيعة أو العقل البشري، إلا أنه منعاً مما قد يتخوف منه القانونيون من جعل مصدر الحقوق إلهياً وبالتالي إطلاق الحرية في ممارسة الحق، منعاً من هذا الخطر، قرر الإسلام سلفاً تقييد الأفراد في استعمال حقوقهم بمراعاة مصلحة الغير وعدم الإضرار بمصلحة الجماعة، فليس الحق مطلقاً وإنما هو مقيد بما يفيد المجتمع ويمنع الضرر عن الآخرين، والحق في الشريعة يستلزم واجبين: واجب عام على الناس باحترام حق الشخص وعدم التعرض له. وواجب خاص على صاحب الحق بأن يستعمل حقه بحيث لا يضر بالآخرين. (الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها المؤلف: أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ: 4/364-366).
العناصر
1- أقسام الناس في قبول الحق
2- أقسام الناس المعارضين للحق
3- أسباب رفض الحق
4- عواقب رفض الحق
الايات
1- قول الله تعالى: (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف:23].
2- قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) [البقرة:170].
3- قوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) [التوبة:31].
4- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [التوبة:34].
5- قوله تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) [الأعراف:146].
6- قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ) [البقرة:113].
7- قوله تعالى: (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة:111].
8- قوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) [البقرة:109].
9- قوله تعالى: (فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ)[هود:116].
10- قوله تعالى: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [الأنعام:116].
11- قوله تعالى: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يوسف:103].
12- قوله تعالى: (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) [الشعراء:111].
13- قوله تعالى: (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ) [هود:27].
14- قوله تعالى: (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ * وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا) [الأنعام:53].
الاحاديث
1- عن المسور بن مخرمة وهو ابن أخت أبي جهل ، أنه قال لأبي جهل: يا خال! هل كنتم تتهمون محمداً بالكذب قبل أن يقول ما قاله؟ فقال: يابن أختي! والله لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم فينا وهو شاب يدعى الأمين، فما جربنا عليه كذباً قط، قال: يا خال! فما لكم لا تتبعونه؟ قال: يابن أختي: تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف، فأطعموا وأطعمنا، وسقوا وسقينا، وأجاروا وأجرنا، حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي، فمتى ندرك هذه؟ (هداية الحيارى ص 17).
2- ما قدم النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين، حتى يعلما علم هذا الرجل، فلم يرجعا حتى كان غروب الشمس، قالت: فأتيا كالِّين، كسلانين ساقطين، يمشيان الهوينا، قالت: فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفت إلي واحد منهما قالت: وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: أهو هو؟ قال: نعم والله! قال: أتعرفه وتثبته؟ قال: نعم قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت (انظر: السيرة النبوية 2/123).
3- عن أبي هريرة في الشيطان الذي كان يأتي بصورة آدمي ويسرق من الحب، و أبو هريرة حارس، فأمسكه أبو هريرة في اليوم الأول والثاني وهو يعتذر إليه فيطلقه، وفي الثالث قبض عليه وهدده بأن يذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعلمه آية الكرسي، ثم في الرواية يقول: فقلت: يا رسول الله! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: ما هي؟ قال: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) وقال لي: لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك الشيطان حتى تصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة»، قال: لا، قال: “ذاك شيطان". (رواه البخاري: 2311).
4- عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشأم في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش فأتوه وهم بإيلياء فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا بترجمانه (بترجمانه) فقال أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فقال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم (أقربهم به) نسبا فقال أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره ثم قال لترجمانه (لترجمانه) قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه فوالله (قال فوالله) لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه (عليه) ثم كان أول ما سألني عنه أن قال كيف نسبه فيكم قلت هو فينا ذو نسب قال فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله قلت لا قال فهل كان من آبائه من ملك (من ملك) قلت لا قال فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم فقلت بل ضعفاؤهم قال أيزيدون أم ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتد أحد منهم سخطة (سخطا) لدينه بعد أن يدخل فيه قلت لا قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قلت لا قال فهل يغدر قلت لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها قال ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال فكيف كان قتالكم إياه قلت الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه قال ماذا يأمركم قلت يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة (بالصلاة والزكاة) والصدق والعفاف والصلة فقال للترجمان قل له سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول فذكرت أن لا فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي (يتأسى) بقول قيل قبله وسألتك هل كان من آبائه من ملك (من ملك) فذكرت أن لا قلت فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل وسألتك أيزيدون أم ينقصون فذكرت أنهم يزيدون وكذلك أمر الإيمان حتى يتم وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه فذكرت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب وسألتك هل يغدر فذكرت أن لا وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك بما يأمركم فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه (قدميه) ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله (من محمد بن عبد الله رسول الله) إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) قال أبو سفيان فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وأخرجنا فقلت لأصحابي حين أخرجنا لقد أمر أمر ابن أبي كبشة إنه يخافه ملك بني الأصفر فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام وكان ابن الناظور (الناطور) صاحب إيلياء وهرقل سقفا (أسقفا) على نصارى الشأم يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوما خبيث النفس فقال بعض بطارقته قد استنكرنا هيئتك قال ابن الناظور وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم فقال لهم حين سألوه إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك (ملك) الختان قد ظهر فمن يختتن من هذه الأمة قالوا ليس يختتن إلا اليهود فلا يهمنك شأنهم واكتب إلى مداين ملكك فيقتلوا من فيهم من اليهود فبينما هم على أمرهم أتي هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخبره هرقل قال اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن وسأله عن العرب فقال هم يختتنون فقال هرقل هذا ملك (ملك) هذه الأمة قد ظهر ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية وكان نظيره في العلم وسار هرقل إلى حمص فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا (فتتابعوا-فبايعوا) هذا النبي فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من الإيمان قال ردوهم علي وقال إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت فسجدوا له ورضوا عنه فكان ذلك آخر شأن هرقل (رواه البخاري: 7).
الاثار
1- علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن الحق لا يعرف بالرجال، ولكن الرجال هم الذين يعرفون بالحق"(تثبيت دلائل النبوة: 158).
2- عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال قال رجل لابن عباس الحمد لله الذي جعل هوانا على هواكم فقال كل هوى ضلالة (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة اللالكائي: 225).
متفرقات
1- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:... لأن فساد الدين: إما أن يقع بالاعتقاد الباطل، والتكلم به، أو يقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق. والأول: هو البدع ونحوها. والثاني: فسق الأعمال ونحوها. والأول: من جهة التشبهات. والثاني: من جهة الشهوات. ولهذا كان السلف يقولون: أحذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه. وكانوا يقولون: إحذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون، فهذا يشبه المغضوب عليهم، الذين يعلمون الحق ولا يتبعونه، وهذا يشبه الضالين الذين يعملون بغير علم (اقتضاء الصراط المستقيم ص 27).
2- يقول الشيخ صالح الفوزان: إن التعصب للحزبيات يسبب رفض الحق الذي مع الآخرين كحال اليهود الذين قال الله فيهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ) [البقرة: 91] وكحال أهل الجاهلية الذين رفضوا الحق الذي جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم تعصباَ لما عليه آباؤهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) [البقرة: 170] ويريد أصحاب هذه الحزبيات أن يجعلوها بديلة عن الإسلام الذي منَّ الله به على البشرية (كتاب التوحيد ص 80).
3- يقول عبد الرحمن بن حماد آل عمر: العدو الثاني: الهوى: ومنه ما قد يشعر به الإنسان من رغبة في رفض الحق، ورده إذا جاء به غيره، ومن رغبة في رفض حكم الله - تعالى - ورده؛ لأنه خلاف ما يريد، ومن الهوى تقديم العاطفة على الحق والعدل، وطريق الخلاص من هذا العدو هو أن يستعيذ العبد بالله - تعالى - من اتباع هواه، وأن لا يستجيب لدافع الهوى فلا يتبعه، بل يقوله الحق ويقبله ولو كان مُرَّا، ويستعيذ بالله من الشيطان (دين الحق ص 106).
4- يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي عند تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ) أي: لا يستوي من هو على بصيرة من أمر دينه، علما وعملا قد علم الحق واتبعه، ورجا ما وعده الله لأهل الحق، كمن هو أعمى القلب، قد رفض الحق وأضله، واتبع هواه بغير هدى من الله، ومع ذلك، يرى أن ما هو عليه من الحق، فما أبعد الفرق بين الفريقين! وما أعظم التفاوت بين الطائفتين، أهل الحق وأهل الغي! (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1-786).
5- يقول عبد الله بن ضيف الله الرحيلي: من علامات الإخلاص، قبول الحق ممن جاء به، وعدم رفض الحق لأي سبب من الأسباب (طريقك الى الإخلاص والفقه في الدين ص54).
6- يقول مبارك عامر بقنه: الإخلاص في تحري الحق: فالانتصار للذات، والتعصب للرأي، يؤدي إلى رفض الحق، ومخالفة وجهة النظر؛ فمن قصد الانتصار لنفسه وهواه فلا يوافق الآخرين في رأيهم وإن بدا له أنه صواب، ولا شك أن هذا خلاف منهج الصالحين؛ فهذا الشافعي يقول: (والله ما أبالي أن يظهر الحق على لساني أو على لسان خصمي)؛ فالتجرد للحق، والإخلاص لله، يزيل عقبات الاختلاف؛ ولكن الأمر يحتاج إلى مجاهدة النفس في ذلك، وإلزامها الحق بقوة (مجلة البيان العدد 126-42).
الإحالات
1- التنكيل – عبد الرحمن المعلمي 2/180 الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية الطبعة الثانية 1403.
2- طلب العلم وطبقات المتعلمين – الشوكاني 11 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1402.
3- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى – ابن القيم 41 دار الكتب العلمية بيروت.