رغبة
2022-10-11 - 1444/03/15التعريف
الرغبة لغة:
الرّغبة مصدر قولهم رغب في الشّيء، وهو مأخوذ من مادّة (ر غ ب) الّتي تدلّ في أصل اللّغة على معنيين:
أحدهما: طلب لشيء، والآخر سعة في شيء.
فمن الأصل الأوّل: الرّغبة في الشّيء: الإرادة له، تقول: رغبت في الشّيء، فإذا لم ترده قلت: رغبت عنه، ومن المعنى الثّاني قولهم: الشّيء الرّغيب: الواسع الجوف، يقال: حوض رغيب، وسقاء رغيب، والرّغيبة العطاء الكثير، والجمع رغائب، قال الشّاعر:
ومتى تصبك خصاصة فارج الغنى *** وإلى الّذي يعطي الرّغائب فارغب
وذكر الرّاغب أنّ أصل الرّغبة هو السّعة في الشيء مطلقا، وأنّ الرّغب والرّغبة والرّغبى السّعة في الإرادة، والرّغيبة العطاء الكثير إمّا لكونه مرغوبا فيه وإمّا لسعته.
والرّغبة أيضا: السّؤال والطّمع. وأرغبني في الشّيء ورغّبني، بمعنى (واحد).
ورغبه: أعطاه ما رغب، والرّغباء: الضّراعة والمسألة. وفي حديث الدّعاء: “رغبة ورهبة إليك”.
قال ابن الأثير: أعمل لفظ الرّغبة وحدها، ولو أعملهما معا، لقال: رغبة إليك ورهبة منك، ولكن لمّا
جمعهما في النّظم، حمل أحدهما على الآخر.
وفي حديث عمر -رضي اللّه عنه- قالوا له عند موته: جزاك اللّه خيرا فعلت وفعلت، فقال: راغب وراهب: أراد إنّني راغب فيما عند اللّه، وراهب من عذابه، فلا تعويل عندي على ما قلتم من الوصف والإطراء. ورجل رغبوت: من الرّغبة. وقد رغب إليه ورغّبه هو. وفي الحديث أنّ أسماء بنت أبي بكر- رضي اللّه عنهما- قالت: “أتتني أمّي راغبة”... قال الأزهريّ: قولها أتتني أمّي راغبة، أي طائعة، تسأل شيئا. يقال: رغبت إلى فلان في كذا وكذا: أي سألته إيّاه. وروي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: “كيف أنتم إذا مرج الدّين، وظهرت الرّغبة؟”، وقوله: “ظهرت الرّغبة” أي كثر السّؤال وقلّت العفّة، ومعنى ظهور الرّغبة: الحرص على الجمع، مع منع الحقّ.
ويقال: إنّه لوهوب لكلّ رغيبة، أي لكلّ مرغوب فيه.
وقال يعقوب: الرّغبى والرّغباء مثل النّعمى والنّعماء. وفي الحديث أنّ ابن عمر كان يزيد في تلبيته: والرّغبى إليك والعمل. وفي رواية: والرّغباء بالمدّ وهما من الرّغبة كالنّعمى والنّعماء من النّعمة.
ودعا اللّه رغبة ورغبة، عن ابن الأعرابيّ. وفي التّنزيل العزيز: (يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) [الأنبياء: 90]، قال: ويجوز رغبا ورهبا. قال: ويقال: الرّغبى إلى اللّه تعالى والعمل أي الرّغبة، وأصبت منك الرّغبى، أي الرّغبة الكثيرة.
وفي حديث ابن عمر: “لا تدع ركعتي الفجر، فإنّ فيهما الرّغائب”، قال الكلابيّ: الرّغائب ما يرغب فيه من الثّواب العظيم، يقال: رغيبة ورغائب، وقال غيره: هي ما يرغب فيه ذو رغب النّفس، ورغب النّفس سعة الأمل وطلب الكثير، ومن ذلك صلاة الرّغائب، واحدتها رغيبة، والرّغيبة: الأمر المرغوب فيه (لسان العرب (1/ 422- 423)، بصائر ذوي التمييز (2/ 89)، والمفردات للراغب (198)، ومقاييس اللغة لابن فارس (2-415).
الرغبة اصطلاحا:
قال في الكلّيّات: رغب فيه: أراده بالحرص عليه ومن ثمّ تكون الرّغبة: إرادة الشّيء بالحرص عليه (الكليات للكفوي (482).
وذكر المناويّ: أنّ الرّغبة إرادة الشّيء مع حرص عليه، فإذا قيل رغب فيه وإليه اقتضى الحرص عليه، وإذا قيل رغب عنه اقتضى صرف الرّغبة عنه والزّهد فيه (التوقيف على مهمات التعاريف (179).
العناصر
1- مفهوم الرغبة
2- هل يعبد الله بالرغبة أم بالرهبة؟
3- الرغبة فيما عند الله
4- الرغبة في العبادات والأعمال الصالحة
5- الرغبة في الإحسان إلى الناس والأخلاق الحسنة
الايات
1- قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ) [التوبة: 59].
2- قوله تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) [الأنبياء: 89- 90].
3- قوله تعالى: (قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ * قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ * قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ *عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) [القلم: 28- 32].
4- قوله تعالى: (فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) [الشرح: 7-8].
5- قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ) [البقرة: 198].
6- قوله تعالى: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) [آل عمران: 84- 85].
7- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) [المائدة: 2].
8- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 35].
9- قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) [البقرة: 25].
10- قوله تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) [آل عمران: 14-15].
11- قوله تعالى: ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) [آل عمران: 133-136].
الاحاديث
1- عن البراء بن عازب- رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “إذا أخذت مضجعك فتوضّأ وضوءك للصّلاة، ثمّ اضطجع على شقّك الأيمن ثمّ قل: اللّهمّ إنّي أسلمت وجهي إليك ، وفوّضّت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلّا إليك، آمنت بكتابك الّذي أنزلت، وبنبيّك الّذي أرسلت، واجعلهنّ من آخر كلامك، فإن متّ من ليلتك متّ وأنت على الفطرة” قال فردّدتهنّ لأستذكرهنّ فقلت: آمنت برسولك الّذي أرسلت قال: “قل: آمنت بنبيّك الّذي أرسلت”(رواه البخاري 247، ومسلم: 2710 واللفظ له).
2- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “إذا سمعتم أصوات الدّيكة فإنّها رأت ملكا فاسألوا اللّه وارغبوا إليه، وإذا سمعتم نهاق الحمير فإنّها رأت شيطانا فاستعيذوا باللّه من شرّ ما رأت”(رواه أحمد: 2-321 وصححه الشيخ أحمد شاكر: 16-118، وقد رواه البخاري: 3303، ومسلم: 2729 بلفظ آخر).
3- عن يزيد بن حيّان. قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلمّا جلسنا قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا. رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصلّيت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قال: يا بن أخي واللّه لقد كبرت سنّي، وقدم عهدي، ونسيت بعض الّذي كنت أعي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فما حدّثتكم فاقبلوا. وما لا، فلا تكلّفونيه. ثمّ قال: قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوما فينا خطيبا. بماء يدعى خمّا بين مكّة والمدينة، فحمد اللّه وأثنى عليه، ووعظ وذكّر. ثمّ قال: “أمّا بعد ألا أيّها النّاس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أوّلهما كتاب اللّه فيه الهدى والنّور، فخذوا بكتاب اللّه، واستمسكوا به” فحثّ على كتاب اللّه ورغّب فيه. ثمّ قال: “وأهل بيتي، أذكّركم اللّه في أهل بيتي. أذكّركم اللّه في أهل بيتي. أذكّركم اللّه في أهل بيتي”. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟. قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصّدقة بعده. قال: ومن هم؟. قال: هم، آل عليّ، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عبّاس. قال: كلّ هؤلاء حرم الصّدقة؟. قال: نعم. (رواه مسلم: 2408).
4- عن خبّاب بن الأرتّ- وكان قد شهد بدرا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم- أنّه راقب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اللّيلة كلّها حتّى كان مع الفجر فلمّا سلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من صلاته جاءه خبّاب فقال: يا رسول اللّه- بأبي أنت وأمّي- لقد صلّيت اللّيلة صلاة ما رأيتك صلّيت نحوها. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “أجل إنّها صلاة رغب ورهب، سألت ربّي- عزّ وجلّ- فيها ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة. سألت ربّي- عزّ وجلّ- أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها، وسألت ربّي- عزّ وجلّ- أن لا يظهر علينا عدوّا من غيرنا فأعطانيها، وسألت ربّي أن لا يلبسنا شيعا فمنعنيها”(رواه الترمذي: 2175، وقال: حسن غريب صحيح، وصححه أحمد (5/ 109).
5- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّه كان يقول: حدّثوني عن رجل دخل الجنّة لم يصلّ قطّ فإذا لم يعرفه النّاس سألوه من هو؟. فيقول: أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقش. فقلت لمحمود بن لبيد: كيف كان شأن الأصيرم؟ قال: كان يأبي الإسلام على قومه، فلمّا كان يوم أحد وخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى أحد بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتّى أتى القوم، فدخل في عرض النّاس، فقاتل حتّى أثبتته الجراحة، فبينا رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، قالوا: واللّه إنّ هذا للأصيرم. وما جاء به؟ لقد تركناه وإنّه لمنكر الحديث، فسألوه ما جاء به؟، فقالوا: ما جاء بك يا عمرو؟ أحربا على قومك أو رغبة في الإسلام؟. فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت باللّه وبرسوله وأسلمت ثمّ أخذت سيفي فغدوت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقاتلت حتّى أصابني ما أصابني فلم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: “إنّه لمن أهل الجنّة”(رواه أحمد (5-428)، وحسنه الألباني، 2-482).
6- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أوصى سلمان الخير، قال: “إنّ نبيّ اللّه عليه السّلام يريد أن يمنحك كلمات تسألهنّ الرّحمن ترغب إليه فيهنّ وتدعو بهنّ باللّيل والنّهار. قال: اللّهمّ إنّي أسألك صحّة إيمان وإيمانا في خلق حسن ونجاحا يتبعه فلاح” “(رواه أحمد (8255)، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده حسن).
7- عن ابن مسعود -رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “عجب ربّنا- عزّ وجلّ- من رجلين، رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحيّه إلى صلاته، فيقول ربّنا: أيا ملائكتي، انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه ومن بين حيّه وأهله إلى صلاته، رغبة فيما عندي، وشفقة ممّا عندي. ورجل غزا في سبيل اللّه- عزّ وجلّ- فانهزموا، فعلم ما عليه من الفرار، وما له في الرّجوع، فرجع حتّى أهريق دمه، رغبة فيما عندي، وشفقة ممّا عندي، فيقول اللّه- عزّ وجلّ- لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي، ورهبة ممّا عندي، حتّى أهريق دمه”(رواه أحمد (1-416)، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح).
8- عن عليّ -رضي اللّه عنه- قال: قيل: يا رسول اللّه من يؤمّر بعدك؟ قال: “إن تؤمّروا أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدّنيا راغبا في الآخرة، وإن تؤمّروا عمر تجدوه قويّا أمينا لا يخاف في اللّه لومة لائم، وإن تؤمّروا عليّا، ولا أراكم فاعلين، تجدوه هاديا مهديّا يأخذ بكم الطّريق المستقيم” “(رواه أحمد: 1-109)، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح).
9- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يرغّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه” فتوفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والأمر على ذلك، ثمّ كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر على ذلك . (رواه البخاري: 2009، ومسلم 759 واللفظ له).
10- عن أنس -رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال غدوة في سبيل اللّه أو روحة خير من الدّنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم- أو موضع قدّه من الجنّة خير من الدّنيا وما فيها، ولو أنّ امرأة من نساء أهل الجنّة اطّلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها- يعني الخمار- خير من الدّنيا وما فيها” (رواه البخاري 6568).
الاثار
1- عن الحسن قال: "كانوا يرغبون في تعليم القرآن والفرائض والمناسك"(الدارمي: 2860).
2- قال صاحب المنازل أبو إسماعيل الهرويّ: "الرّغبة: هي من الرّجاء بالحقيقة لأنّ الرّجاء طمع يحتاج إلى تحقيق، والرّغبة سلوك على التّحقيق. أي الرّغبة تتولّد من الرّجاء لكنّه طمع، وهي سلوك وطلب"(مدارج السالكين: 2-58).
القصص
عن ابن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: حضرت أبي حين أصيب، فأثنوا عليه. وقالوا: جزاك اللّه خيرا. فقال: راغب وراهب. قالوا: استخلف. فقال: أتحمّل أمركم حيّا وميّتا؟ لوددت أنّ حظّي منها الكفاف، لا عليّ ولا لي، فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي (يعني أبا بكر)، وإن أترككم فقد ترككم، من هو خير منّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قال عبد اللّه: فعرفت أنّه حين ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غير مستخلف. (رواه البخاري: 7218، ومسلم: 182).
الاشعار
1- قال الشّاعر:
ومتى تصبك خصاصة، فارج الغنى *** وإلى الّذي يعطي الرّغائب، فارغب
(لسان العرب (1/ 422).
متفرقات
1- لقد حفلت آي الذّكر الحكيم، ووردت الأحاديث الشّريفة بوصف الجنّة وما أعدّه اللّه فيها للمتّقين (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) [النبأ: 36]، ترغيبا للمؤمنين وحثّا لهم على الطّاعات وتحمّل مشاقّ العبادة، ذلك أنّ الإنسان إذا علم أنّ اللّه قد أعدّ له دارا فيها كلّ ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين (وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ) [التوبة: 72]، تولّدت عنده الرّغبة الصّادقة في أن يكون من أهل هذه الجنّة وسعى لها سعيها فكان من المتّقين، ومن المحسنين، ومن الذّاكرين ومن المخبتين، ومن المنفقين، ومن الأوّابين المنيبين الّذين (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) [السجدة: 16]، (انظر نضرة النعيم: 6-2127).
2- قال أبو إسماعيل الهرويّ: الرّغبة: هي من الرّجاء بالحقيقة لأنّ الرّجاء طمع يحتاج إلى تحقيق، والرّغبة سلوك على التّحقيق. أي الرّغبة تتولّد من الرّجاء لكنّه طمع، وهي سلوك وطلب (مدارج السالكين (2/ 58).
3- قال محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل الحسني القاسمي: أمر الله تعالى فقد أمر الله تعالى بالمعاونة على البر والتقوى وصح الترغيب في الدعاء إلى الحق والخير وإن الداعي إلى ذلك يؤتى مثل أجور من اتبعه ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا وإن من أمر بالصلاح ابتغاء مرضات الله وإن لم يطع فسوف يؤتيه الله أجرا عظيما وفي حديث أنس عنه «ما من رجل ينعش بلسانه حقا يعمل به إلا جرى عليه أجره إلى يوم القيامة ثم وفاه الله ثوابه يوم القيامة» (رواه أحمد وسنده جيد وهو 387 من مسند أنس من جامع المسانيد، انظر إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات الى المذهب الحق من أصول التوحيد (1/32).
4- يقول سيد قطب رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ): والاستجابة هي السماع الصحيح . وكم من ناس تفهم عقولهم ولكن قلوبهم مطموسة لا تستجيب! ومرة أخرى يتكرر الهتاف للذين آمنوا . الهتاف بهم ليستجيبوا لله والرسول ، مع الترغيب في الاستجابة والترهيب من الإعراض؛ والتذكير بنعمة الله عليهم حين استجابوا لله وللرسول: إن رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - إنما يدعوهم إلى ما يحييهم . . إنها دعوة إلى الحياة بكل صور الحياة ، وبكل معاني الحياة .
.إنه يدعوهم إلى عقيدة تحيي القلوب والعقول ، وتطلقها من أوهاق الجهل والخرافة ، ومن ضغط الوهم والأسطورة ، ومن الخضوع المذل للأسباب الظاهرة والحتميات القاهرة ، ومن العبودية لغير الله والمذلة للعبد أو للشهوات سواء . . ويدعوهم إلى شريعة من عند الله؛ تعلن تحرر « الإنسان » وتكريمه بصدورها عن الله وحده ، ووقوف البشر كلهم صفا متساوين في مواجهتها؛ لا يتحكم فرد في شعب ، ولا طبقة في أمة ، ولا جنس في جنس ، ولا قوم في قوم . . ولكنهم ينطلقون كلهم أحراراً متساوين في ظل شريعة صاحبها الله رب العباد . ويدعوهم إلى منهج للحياة ، ومنهج للفكر ، ومنهج للتصور؛ يطلقهم من كل قيد إلا ضوابط الفطرة ، المتمثلة في الضوابط التي وضعها خالق الإنسان ، العليم بما خلق؛ هذه الضوابط التي تصون الطاقة البانية من التبدد؛ ولا تكبت هذه الطاقة ولا تحطمها ولا تكفها عن النشاط الإيجابي البناء . ويدعوهم إلى القوة والعزة والاستعلاء بعقيدتهم ومنهجهم ، والثقة بدينهم وبربهم ، والانطلاق في « الأرض » كلها لتحرير « الإنسان » بجملته؛ وإخراجه من عبودية العباد إلى عبودية الله وحده؛ وتحقيق إنسانيته العليا التي وهبها له الله ، فاستلبها منه الطغاة! ويدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله ، لتقرير ألوهية الله سبحانه - في الأرض وفي حياة الناس؛ وتحطيم ألوهية العبيد المدعاة؛ ومطاردة هؤلاء المعتدين على ألوهية الله - سبحانه - وحاكميته وسلطانه؛ حتى يفيئوا إلى حاكمية الله وحده؛ وعندئذ يكون الدين كله لله . حتى إذا أصابهم الموت في هذا الجهاد كان لهم في الشهادة حياة . ذلك مجمل ما يدعوهم إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو دعوة إلى الحياة بكل معاني الحياة . إن هذا الدين منهج حياة كاملة ، لا مجرد عقيدة مستسرة . منهج واقعي تنمو الحياة في ظله وتترقى . ومن ثم هو دعوة إلى الحياة في كل صورها وأشكالها . وفي كل مجالاتها ودلالاتها )في ظلال القرآن المؤلف (3/385).
الإحالات
1- الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر 458 هجرية المحقق : عبد الله بن محمد الحاشدي الناشر : مكتبة السوادي – جدة الطبعة : الأولى (2/400) .
2- إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات الى المذهب الحق من أصول التوحيد المؤلف : محمد بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل الحسني القاسمي الناشر : دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الثانية ، 1987 (1/32).
3- البيهقي وموقفه من الإلهيات أصل الكتاب : رسالة دكتوراة من كليه الشريعة والدراسات الاسلامية – جامعة الملك عبد العزيز المؤلف : أحمد بن عطية بن علي الغامدي الناشر : عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية الطبعة : الثانية، 1423هـ/2002م (1/91) .
4- لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد المؤلف : أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الناشر : الدار السلفية – الكويت الطبعة الأولى ، 1406 تحقيق : بدر بن عبد الله البدر (1/51) .
5- الأنوار الساطعات لآيات جامعات تَأْلِيفُ : الفَقِير إلى عَفْوِ رَبِّهِ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض (سابقًا) طُبِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ .
6- التفسير المنير فى العقيدة والشريعة والمنهج المؤلف : وهبة بن مصطفى الزحيلى الموضوع : فقهى و تحليلى القرن : الخامس عشر الناشر : دار الفكر المعاصر مكان الطبع : بيروت دمشق سنة الطبع : 1418 ق (3/69) .
7- التفسير الوسيط للزحيلي المؤلف : د وهبة بن مصطفى الزحيلي الناشر: دار الفكر – دمشق الطبعة : الأولى - 1422 هـ (1/144) .
8- في ظلال القرآن المؤلف : سيد قطب (3/385) .
9- تقسير القرآن العظيم شهرة الكتاب: تفسير ابن كثير المحقق : مصطفى السيد محمد + محمد السيد رشاد + محمد فضل العجماوي + علي أحمد عبد الباقي دار النشر : مؤسسة قرطبة - مكتبة أولاد الشيخ للتراث البلد : الجيزة الطبعة : الأولى سنة الطبع : 1412هـ ، 2000م (1/228) .
10- الجامع لأحكام القرآن المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ) تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة الطبعة: الثانية، 1384هـ - 1964 م (9/327) .
11- الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه المؤلف : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري المحقق : محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر : دار طوق النجاة الطبعة : الأولى 1422هـ (12/534) .
12- معرفة السنن والآثار المؤلف : أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي [ ت : 10/جمادى الأولى/ 458] المحقق : سيد كسروي حسن الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت (1/451) .