دَّين
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
الاستدانة لغة: الاستقراض وطلب الدين، أو: صيرورة الشخص مدينا، أو: أخذه. والمداينة: التبايع بالأجل. والقرض: هو ما يعطى من المال ليقضى [لسان العرب، وتاج العروس مادة (دين، قرض] . وأما في الشرع: فتطلق الاستدانة ويراد بها: طلب أخذ مال يترتب عليه شغل الذمة، سواء كان عوضا في مبيع أو سلم أو إجارة، أو قرضا، أو ضمان متلف.
العناصر
1- حكم الدين أو الاستدانة . 2- الأسباب الباعثة على الاستدانة . 3- شروط صحة الاستدانة . 4- أقسام الدّين . 5- الآثار المترتبة على الاستدانة . 6- العوامل المعينة على تسديد الدّيْن .
الايات
1- قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) [سورة البقرة : 282] . 2- قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [البقرة: 180] . 3- قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) [سورة النساء: 11] . 4- قوله تعالى: (وَإن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 280-281] .
الاحاديث
1- عن ابن عمر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه دين، فليس ثم دينار ولا درهم، ولكنها الحسنات والسيئات » [أخرجه الحاكم (2/ 27) والسياق له وابن ماجه وأحمد (2/ 70 - 82) وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص5] . 2- عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين دينان، فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه، ومن مات وهو لا ينوي قضاءه، فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليس يومئذ دينار ولا درهم » [رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني في أحكام الجنائز ص 5] . 3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو ماله، فليؤدها إليه، قبل أن يأتي يوم القيامة لا يقبل فيه دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه، وأعطي صاحبه، وإن لم يكن له عمل صالح، أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه » [أخرجه البخاري والبيهقي (3/ 369) ] . 4- عن سلمة بن الأكوع قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازة فقالوا: صل عليها، فقال: «هل عليه دين؟» قالوا: لا، قال: «فهل ترك شيئا؟» قالوا: لا، فصلى عليه. ثم أتي بجنازة أخرى فقالوا: يارسول الله صل عليها، قال: «هل عليه دين؟» قيل: نعم، قال «فهل ترك شيئا؟» قالوا: ثلاثة دنانير [قال: فقال بأصابعه ثلاث كيات]، فصلى عليها. ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صل عليه، «قال: هل ترك شيئا؟» قالوا: لا، قال: «هل عليه دين؟» قالوا: ثلاثة دنانير، قال: «صلوا على صاحبكم»، قال [رجل من الأنصار يقال له، أبو قتادة: صل عليه يارسول الله وعلي دينه . [أخرجه البخاري (3/ 368، 369 و 374) وأحمد (4/ 47، 50) والزيادة له] . 5- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا دراهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف، هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا، من حسناته، وهذا من حسناته. فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار» [رواه مسلم (8/ 18) ] . 6- عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: توفي رجل منا فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه قال: «هل ترك من شيء؟ » قالوا: لا والله ما ترك من شيء. قال: « فهل ترك عليه من دين؟ » قالوا: نعم. ثمانية عشر درهما. قال: «فهل ترك لها قضاء؟ » قالوا: لا. والله ما ترك لها من شيء. قال: «فصلوا أنتم عليه ». قال أبو قتادة: يا رسول الله، أرأيت إن قضيت عنه أتصلي عليه؟ قال: « إن قضيت عنه بالوفاء صليت عليه ». قال فذهب أبو قتادة فقضى عنه. فقال: « أوفيت ما عليه؟ » قال: نعم. فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه [مسند أحمد وقال شعيب الأرناؤوط حديث صحيح بطرقه وشواهده] . 7- عن ابن عباس رضي الله عنه: أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله تبارك وتعالى أنجاها أن تصوم شهرا، فأنجاها الله عز وجل، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت قرابة لها [إما أختها أو ابنتها] إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: «أرأيتك لو كان عليها دين كنت تقضينه؟» قالت: نعم. قال: «فدين الله أحق أن يقضى، فاقض عن أمك» [أخرجه أبو داود (2/ 81) والنسائي (2/ 143) والطحاوي (3/ 140) والبيهقي (4/ 255، 256، 10/ 85) والطيالسي (2630) وأحمد (1861، 1970، 3137، 3224، 3420) إ قال الألباني سناده صحيح على شرط الشيخين،. وأخرجه البخاري (4/ 158 - 159) ومسلم (3/ 156) والترمذي (2/ 42 - 43) وصححه، وابن ماجه (1/ 535) بنحوه] . 8- علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل قرض جر منفعة فهو ربا» [في إسناده سوار بن مصعب وهو متروك، قال عمر بن بدر في المغني: لم يصح فيه شيء (تلخيص الحبير 3 / 24 وفيض القدير 5 / 28) وأخرجه البيهقي في المعرفة عن فضالة بن عبيد موقوفا بلفظ: (كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا) ورواه في السنن الكبرى عن ابن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس موقوفا عليهم (نيل الأوطار 5 / 350 - 351 ط دار الجيل ببيروت) ] . 9- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» [صحيح الجامع، حديث رقم 3140] . 10- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدّيْن» [رواه مسلم، رقم 1886] . 11- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نفس المؤمن معلقة بديْنه حتى يُقضى عنه» [رواه الترمذي، رقم 1084، وانظر صحيح سنن الترمذي 860] . 12- عن أنس بن مالك قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضَلَع الدّيْن وغَلَبة الرجال» [رواه البخاري، رقم 2893] . 13- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مُطل الغني ظلم، فإذا تبع أحدكم على ملي فليتبع» [متفق عليه، البخاري، رقم 2287، ومسلم، رقم 1564] . 14- عن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استلف منه حين غزا حُنيناً ثلاثين أو أربعين ألفاً، فلما قدم قضاها إياه، ثم قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بارك الله لك في أهلك ومالك؛ إنما جزاء السلف الوفاء والحمد» [رواه ابن ماجه، رقم 2424، وانظر صحيح سنن ابن ماجه 1968] . 15- عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها! قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الدّيْن» [المسند (4/146) ، وانظر السلسلة الصحيحة 2420] . 16- عن علي رضي الله عنه أن مكاتباً جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي، فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صِير ديْناً أداه الله عنك؟ قل: «اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمّن سواك » [رواه الترمذي، رقم 3816، وانظر صحيح سنن الترمذي 2822] .
الاثار
1- عن أبي بردة قال: قدمتُ المدينةَ فلقيتُ عبد الله بنَ سَلاَم فقال لي: " إنكَ بأرضٍ -أي العراق- الربا فيها فاشٍ , فإذا كان لك على رجلٍ حقٌّ فأهدى إليك حِمْلَ تَبْنٍ أو حملَ شعير أو قَتٍّ - وهو نوع من أنواع عَلَفِ الدَّواب - فلا تأخذه فإنه ربا " صحيح البخاري. 2- وعن عبدالله بن عمر أنه أتاه رجل، فقال: " إني أقرضت رجلا بغير معرفة، فأهدى إليّ هدية جزلة، قال: " رد إليه هديته أو احبسها له " سنن سعيد. 3- وعن سالم بن أبي الجعد قال جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إني أقرضت رجلاً يبيع السمك عشرين درهماً، فأهدى إلي سمكة قومتها بثلاثة عشر درهماً فقال: " خذ منه سبعة دراهم " سنن سعيد. 4- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " إذا أسلفتَ رجلا سلفًا فلا تأخذ منه هدية ولا عارية ركوب الدّابة " رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما. 5- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " إياكم والدَّيْنَ، فإن أوله هم وآخره حرب " الموطأ. 6- روى الإمام البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى". وعند الترمذي بلفظ: " غفر الله لرجل كان قبلكم ؛ كان سهلاً إذا باع , سهلاً إذا اشترى , سهلاً إذا اقتضى ". 7- روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ أَخَذَ أموالَ الناس يريدُ أداءَها أَدَّى اللهُ عنه، ومَنْ أَخَذَ يريدُ إتلافَها أتلفَه الله ". 8- قال ابن تيمية: " ومن كان قادرًا على وفاء دَينه وامتنع - أجبر على وفائه بالضرب والحبس. نصَّ على ذلك الأئمة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم , ولا أعلم في ذلك نزاعًا " الفتاوى الكبرى. 9- قال النووي: " من عليه ديون حالة زائدة على ماله يُحجر عليه بسؤال الغرماء " شرح صحيح مسلم. 10- وقال أيضاً: " إنما كان يترك الصلاة عليه -أي المدين-؛ ليحرض الناس على قضاء الدين في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها، لئلا تفوتهم صلاة النبي " شرح صحيح مسلم. 11- يقول الحافظ: " قوله ( أتلفَه الله ظاهره: أن الإتلاف يقع له في الدنيا، وذلك في معاشه أو في نفسه، وهو عَلَمٌ من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئاً من الأمرين، وقيل: المرادُ بالإتلاف عذابُ الآخرة " . وأضاف قائلاً: " وفي الحديث الترغيب في تحسين النية والترهيب من ضد ذلك " فتح الباري. 12- قال ابن المنذر: " أجمعوا على أن المسلِف إذا شرطَ على المستسلِف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك ؛ أن أخذ الزيادة على ذلك رباً " المغني. 13- قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: لما حضر أحد، دعاني أبي من الليل، فقال: ما أراني إلا مقتولا في أول من يقتل من أصحاب صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعز على منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن على دينا فاقض، واستوص باخوتك خيرا. فأصبحنا، فكان أول قتيل ..[أخرجه البخاري وانظر أحكام الجنائز ص 5] . 14- عن ابن سيرين أن عمر أسلف أبي بن كعب عشرة دراهم، فأهدى إليه أبي بن كعب من ثمرة أرضه، فردها عليه ولم يقبلها، فأتاه أبي فقال: لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة، وأنه لا حاجة لنا، فبم منعت هديتنا؟ ثم أهدى إليه بعد ذلك فقبل.[ المغني 4 / 320] . 15- عن زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب: إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى العراق، فقال: إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا، فإن أقرضت رجلا قرضا فأتاك بقرضك، ومعه هدية، فاقبض قرضك، وأردد عليه هديته [المغني 4 / 320] . 16- قال عمر: إني أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، إن احتجت إليه أخذت منه، فإذا أيسرت قضيت. [الموسوعة الفقهية الكويتية وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت (3/267) ] .
القصص
1- يقول عطاء بن يعقوب: "استسلفَ عبدُ الله بنُ عمر -رضي الله عنهما- مني ألفَ درهم، فقضاني أجودَ منها، فقلتُ له: إن دراهمك أجودُ من دراهمي. قال: ما كان فيها من فضل نائل لك من عندي"(المعجم الكبير - سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، الناشر: مكتبة العلوم والحكم - الموصل، الطبعة الثانية، 1404 - 1983 تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، رقم(13071)،(12/267). 2- قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنهما- من الأجواد المعروفين حتى إنه مرض مرة فاستبطأ إخوانه في العيادة فسأل عنهم، فقالوا: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين، فقال: أخزى الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة ثم أمر مناديا ينادي: من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة من عاده(مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين - محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الثانية، 1393 - 1973 تحقيق: محمد حامد الفقي(2/292). 3- روى عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه: "أنه كان يطلب رجلاً بحق، فأختبأ منه، فقال: ما حملك على ذلك؟ قال: العسرة، فاستحلفه على ذلك، فحلف، فدعا بصكه، فأعطاه إياه، وقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أنظر معسراً، أو وضع له، أنجاه الله من كرب يوم القيامة"(شرح السنة - محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط- محمد زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي - دمشق، بيروت، الطبعة: الثانية، 1403هـ - 1983م رقم(2138)،(8/196). 4- عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: "خرجت أنا وأبى نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه غلام له معه ضمامة من صحف وعلى أبي اليسر بردة ومعافري وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي: يا عم إني أرى في وجهك سفعة من غضب. قال: أجل كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال فأتيت أهله فسلمت فقلت ثم هو قالوا: لا، فخرج على ابن له جفر فقلت له: أين أبوك؟ قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي. فقلت: اخرج إلي فقد علمت أين أنت؟ فخرج فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك خشيت والله أن أحدثك فأكذبك وأن أعدك فأخلفك وكنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكنت والله معسرا، قال قلت: آلله؟ قال: الله. قلت: آلله؟ قال: الله. قلت: آلله؟ قال: الله. قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده، فقال: إن وجدت قضاء فاقضني وإلا أنت في حل فأشهد بصر عيني هاتين(ووضع إصبعيه على عينيه) وسمع أذني هاتين ووعاه قلبي هذا(وأشار إلى مناط قلبه) رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله" قال: فقلت له أنا يا عم لو أنك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك وأخذت معافريه وأعطيته بردتك فكانت عليك حلة وعليه حلة. فمسح رأسي، وقال: اللهم بارك فيه يا ابن أخي بصر عيني هاتين، وسمع أذني هاتين ووعاه قلبي هذا(وأشار إلى مناط قلبه) رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: " أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون" وكان أن أعطيته من متاع الدنيا أهون على من أن يأخذ من حسناتي يوم القيامة(صحيح مسلم، الناشر: دار الجيل بيروت - دار الآفاق الجديدة - بيروت، رقم(7704)،(8/231). 5- رحم الله الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: "كان في الإسفار يسقي الناس ويحمل الأحمال ويؤجر نفسه حتى لا يحتاج إلى الدين وسرقت ثيابه، فأختبأ في غار فوجده بعض أصحابه بعد ثلاثة أيام، فأراد أن يرمي له بثوب يستر به عورته، فقال أحمد: لا أخذ منك شيئاً هبة ولا دينا، ولكن أكتب لك أحاديث بأجرة"(المعاملات المالية المعاصرة في الفكر الاقتصادي الإسلامي، إعداد ياسر بن طه على كراويه(1/19).
متفرقات
1- قال ابن القيم -رحمه الله- عند قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضَلَع الدّيْن وغَلَبة الرجال" فاستعاذ من ثمانية أشياء، كل شيئين منها قرينان"، إلى أن قال: "فإن القهر الذي ينال العبد نوعان: أحدهما: قهر بحق وهو ضَلَع الدّين، والثاني: قهر بباطل وهو غَلَبة الرجال"(مفتاح دار السعادة، ص(1/375). 2- قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: في كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله"(رواه البخاري(2387) قال: "فانظر كيف جعل النية الصالحة سبباً قوياً للرزق وأداء الله عنه، وجعل النية السيئة سبباً للتلف والإتلاف"(بهجة قلوب الأبرار، ص(22). 3- قال الحافظ ابن حجر في قوله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى"(البخاري في البيوع، باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع(2/730)،(1970)، وفيه الحض على السماحة في المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق، وترك المشاحة، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو عنهم(فتح الباري - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، المحقق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومحب الدين الخطيب رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه وذكر أطرافها: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار الفكر(4/307). 4- قال ابن المنذر: "أجمعوا على أن المسلِف إذا شرطَ على المستسلِف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك؛ أن أخذ الزيادة على ذلك رباً"(المغني(4/369). 5- قال ابن تيمية عند الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ أموالَ الناس يريدُ أداءَها أَدَّى اللهُ عنه، ومَنْ أَخَذَ يريدُ إتلافَها أتلفَه الله"(رواه البخاري في صحيحه، الناشر: دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى 1422هـ حديث رقم(2387) "فنهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُه المقرِضَ عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء؛ لأن المقصود بالهدية أن يؤخِّر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك سدًّا لذريعة الربا"(الفتاوى الكبرى - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، الناشر: دار المعرفة – بيروت، الطبعة الأولى، 1386 تحقيق: حسنين محمد مخلوف(6/159). وقال ابن القيم: "وما ذاك إلا لئلا يتخذ ذلك ذريعةً إلى تأخير الدَّيْن لأجل الهدية فيكون ربا؛ فإنه يعود إليه مالُه وأخذ الفضل الذي استفاده بسبب القرض"(إعلام الموقعين عن رب العالمين - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية قدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه وآثاره: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان شارك في التخريج: أبو عمر أحمد عبد الله أحمد، الناشر: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1423 هـ(5/20). وقال ابن قدامة: "وإن فعل ذلك(يعني فائدة للقرض من غير شرط قبل الوفاء) لم يقبله، ولم يجز قبوله إلا أن يكافئه أو يحبسه من دَيْنه إلا أن يكون شيئًا جَرَتْ به العادة بينهما قبل القرض"(المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، المؤلف: عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، أبو محمد، الناشر: دار الفكر – بيروت، الطبعة الأولى، 1405(4/390). ويقول الحافظ: قوله: "أتلفَه الله" ظاهره: أن الإتلاف يقع له في الدنيا، وذلك في معاشه أو في نفسه، وهو عَلَمٌ من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئاً من الأمرين، وقيل: المرادُ بالإتلاف عذابُ الآخرة"، وأضاف قائلاً: "وفي الحديث الترغيب في تحسين النية والترهيب من ضد ذلك"(فتح الباري - أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، المحقق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ومحب الدين الخطيب رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه وذكر أطرافها: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار الفكر(5/54). وقال ابن بطال: "فيه(أي الحديث) الحضُّ على ترك استئكال أموال الناس, والترغيب في حسن التأدية إليهم عند المداينة, وأن الجزاء من جنس العمل"(شرح صحيح البخاري - لابن بطال، المؤلف: أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي، دار النشر: مكتبة الرشد - السعودية/الرياض - 1423هـ - 2003م، الطبعة: الثانية، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم(6/513). 6- قال ابن تيمية: "ومن كان قادرًا على وفاء دَينه وامتنع(أجبر على وفائه بالضرب والحبس) نصَّ على ذلك الأئمة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم, ولا أعلم في ذلك نزاعًا"(الفتاوى الكبرى - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، الناشر: دار المعرفة – بيروت، الطبعة الأولى، 1386 تحقيق: حسنين محمد مخلوف(5/397). 7- قال النووي: "من عليه ديون حالة زائدة على ماله يُحجر عليه بسؤال الغرماء"(منهاج الطالبين وعمدة المفتين - يحيى بن شرف النووي، أبو زكريا، الناشر دار المعرفة(1/57). 8- وقال أيضاً: "إنما كان يترك الصلاة عليه(أي المدين)؛ ليحرض الناس على قضاء الدين في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها، لئلا تفوتهم صلاة النبي"(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، المؤلف: أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية، 1392(11/61).
الإحالات
1- أحكام الجنائز – الألباني ص 5، 16 المكتب الإسلامي الطبعة الرابعة 1406 . 2- ترتيب أحاديث الصحيح الجامع – عوني الشريف 2/268 مكتبة المعارف – الرياض الطبعة الأولى 1407 . 3- تفسير القرآن العظيم – ابن كثير 1/494 طبعة دار الشعب . 4- جامع الأصول – ابن الأثير 4/452 الرئاسة العامة 1389 . 5- الجامع لأحكام القرآن – القرطبي 3/376 دار إحياء التراث العربي . 6- عيون الأخبار – ابن قتيبة تحقيق يوسف طويل 1/362 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1406 . 7- فتح الباري – ابن حجر 4/307، 5/53 دار الفكر. 8- الموسوعة الفقهية 3/262 وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت .