خوف
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
المعنى اللغوي:
تدور مادة (خوف) حول الذعر والفزع (مقاييس اللغة ٢-٢٣٠)، يقال: خاف يخاف خوفًا وخيفة ومخافة، ومنه التخويف والإخافة، والنعت منها خائف (انظر: مختار الصحاح، الرازي ص ٨١، لسان العرب، ابن منظور ٢-١٢٩٠، القاموس المحيط، الفيروزآبادي ص٥١٢).
المعنى الاصطلاحي:
لا يخرج عن معناه في اللغة تقريبًا، فالأصفهاني يعّرف الخوف بأنه: “توقّع مكروه عن أمارة مظنونة، أو معلومة، كما أنّ الرّجاء والطمع توقّع محبوب عن أمارة مظنونة، أو معلومة، ويضادّ الخوف الأمن، ويستعمل ذلك في الأمور الدنيوية والأخروية”(المفردات، الراغب الأصفهاني ص ٣٠٣).
وعرفه الجرجاني بأنه: “توقع حلول مكروه، أو فوات محبوب”(التعريفات، الجرجاني ص ٩٠).
وقال التفتازاني: “غم يلحق الإنسان مما يتوقعه من السوء”(التوقيف، المناوي ص ١٦١).
العناصر
1- تعريف الخوف من الله تعالى وحكمه
2- أنواع الخوف ودرجاته
3- الجمع بين الخوف والرجاء
4- هل الخوف مقصودٌ لذاته؟
5- الأسباب الجالبة للخوف من الله تعالى
6- ثمرات الخوف من الله
الايات
1- قال الله تعالى: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة:40].
2- قالَ تَعَالَى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) [آل عمران: 28].
3- قالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المائدة: 94].
4- قَالَ تَعَالَى: (فَلاَ يَأمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القَوْمُ الخَاسِرونَ) [الأعراف:99].
5- قوله تعالى: (هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) [الأعراف:154].
6- قال تَعَالَى: (إنَّ رَبَكَ لَسَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأعراف:166].
7- قالَ تَعَالَى: (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) [الأنفال: 2].
8- قالَ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) [هود:102-106].
9- قوله تعالى: (وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنّكُمْ مّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنّ فِي مِلّتِنَا فَأَوْحَىَ إِلَيْهِمْ رَبّهُمْ لَنُهْلِكَنّ الظّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنّكُمُ الأرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [إبراهيم 13، 14].
10- قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) [الإسراء: 57].
11- قالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ) [الحج:1-2].
12- قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ماَ آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون:57-61].
13- قوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ * رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ) [النور 36، 37].
14- قوله تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [السجدة: 16].
15- قَالَ تَعَالَى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53].
16- قالَ تَعَالَى: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور:25-28].
17- قالَ تَعَالَى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [الرحمن:46].
18- قوله تعالى: (إِنّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً * إِنّا نَخَافُ مِن رّبّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) [الإنسان 9-10].
19- قالَ تَعَالَى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس:34-37].
20- قالَ تَعَالَى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج:12].
الاحاديث
1- عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ما طمع في الجنة أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من الجنة أحد”(رواه ابن حبان:345 وصححه الألباني في الصحيحة: 1634).
2- عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني، أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) [المؤمنون: 60] قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: “لا يا بنت الصديق، ولكنهم [ص:328] الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا تقبل منهم {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون: 61]، (رواه الترمذي:3175، وصححه الألباني).
3- عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قوما فقال: يا قوم، إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا، فانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق”(رواه البخاري:7283).
4- عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا كان قبلكم، رغسه الله مالا، فقال لبنيه لما حضر: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيرا قط، فإذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في يوم عاصف، ففعلوا، فجمعه الله عز وجل، فقال: ما حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته “ (رواه البخاري:3478).
5- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم”(رواه الترمذي:1633: وصححه الألباني).
6- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله “(رواه الترمذي:1639: وصححه الألباني).
7- عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه”(رواه البخاري:660).
8- عن ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: حدثنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصادق المصدوق: “إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أربَعِينَ يَوماً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. فَوَالَّذِي لا إلهَ غَيْرُهُ إنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وبيْنَهَا إلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ فَيدْخُلُهَا، وَإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلاَّ ذراعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ فَيعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا”(أخرجه البخاري:٧٤١٠، ومسلم:١٩٣).
9- عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “يُؤتَى بِجَهَنَّمَ يَومَئذٍ لَهَا سَبْعُونَ ألفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا”(رواه مسلم:2842).
10- عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “إنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ يوضعُ في أخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ. مَا يَرَى أنَّ أَحَداً أشَدُّ مِنْهُ عَذَاباً، وَأنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَاباً”(رواه البخاري ٦٥٦١، ومسلم ٢١٣).
11- عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “مِنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيهِ، وَمنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيهِ، وَمنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى حُجزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأخُذُهُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ”(رواه مسلم ٢٨٤٥).
12- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “يَقُومُ النَّاس لِرَبِّ العَالَمينَ حَتَّى يَغِيبَ أحَدُهُمْ في رَشْحِهِ إِلَى أنْصَافِ أُذُنَيهِ”(مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).
13- عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: خطبنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطبة مَا سَمِعْتُ مِثلها قطّ، فَقَالَ: “لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ، لَضحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيتُمْ كَثِيراً” فَغَطَّى أصْحَابُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجُوهَهُمْ، وَلَهُمْ خَنَينٌ. (أخرجه البخاري:٤٦٢١، ومسلم:٢٣٥٩).
14- عن المقداد رضي الله عنه، قَالَ: سمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ الخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ” قَالَ سُلَيْم بنُ عامِر الراوي عن المقداد: فَوَاللهِ مَا أدْرِي مَا يعني بالمِيلِ، أمَسَافَةَ الأرضِ أَمِ المِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ العَيْنُ؟ قَالَ: “فَيكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أعْمَالِهِمْ في العَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، ومنهم من يكون إِلَى ركبتيه، ومنهم مَنْ يَكُونُ إِلَى حِقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ العَرَقُ إلْجَاماً). قَالَ: وَأَشَارَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بيدهِ إِلَى فِيهِ. (رواه مسلم ٢٨٦٤).
15- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “يَعْرَقُ النَّاسُ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ في الأرضِ سَبْعِينَ ذِراعاً، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ”(مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).
16- عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إذْ سمع وجبة، فَقَالَ: “هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟” قُلْنَا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: “هذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ في النَّارِ مُنْذُ سَبْعينَ خَريفاً، فَهُوَ يَهْوِي في النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِها فَسَمِعْتُمْ وَجْبَتَهَا”(رواه مسلم ٢٨٤٤).
17- عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ”(أخرجه البخاري ٧٤٤٣، ومسلم ١٠١٦).
18- عن أَبي ذر رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “إنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ، أطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوضِعُ أرْبَع أصَابعَ إلاَّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِداً للهِ تَعَالَى. والله لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بالنِّساءِ عَلَى الفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأرُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى”(رواه الترمذي ٢٣١٢، وَقالَ: حديث حسن).
19- عن أَبي برزة - براء ثُمَّ زاي - نَضْلَة بن عبيد الأسلمي رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أفنَاهُ؟ عن عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ؟ عن مَالِهِ مِنْ أيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفيمَ أنْفَقَهُ؟ عن جِسمِهِ فِيمَ أبلاهُ؟”(رواه الترمذي ٢٤١٧، وَقالَ: حديث حسن صحيح).
20- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قرأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) [الزلزلة:4] ثُمَّ قَالَ: “أتَدْرونَ مَا أخْبَارهَا)؟ قالوا: الله وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: “فإنَّ أخْبَارَهَا أنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلّ عَبْدٍ أَوْ أمَةٍ بما عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا تَقُولُ: عَملْتَ كَذَا وكَذَا في يَومِ كَذَا وكَذَا فَهذِهِ أخْبَارُهَا”(رواه الترمذي، وَقالَ: حديث حسن صحيح).
21- عن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “كَيْفَ أنْعَمُ! وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ التَقَمَ القَرْنَ، وَاسْتَمَعَ الإذْنَ مَتَى يُؤمَرُ بالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ” فَكَأنَّ ذلِكَ ثَقُلَ عَلَى أصْحَابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمْ: “قُولُوا: حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ”(رواه الترمذي ٢٤٣١، وَقالَ: حديث حسنٌ).
22- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ خَافَ أدْلَجَ، وَمَنْ أدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ. ألا إنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، ألاَ إنَّ سِلْعَةَ الله الجَنَّةُ”(رواه الترمذي ٢٤٥٠، وَقالَ: حديث حسن).
23- عن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً” قُلْتُ: يَا رَسُول الله، الرِّجَالُ وَالنِّساءُ جَمِيعاً يَنْظُرُ بَعضُهُمْ إِلَى بَعْض؟! قَالَ: “يَا عائِشَةُ، الأمرُ أشَدُّ مِنْ أنْ يُهِمَّهُمْ ذلِكَ”. وفي رواية: “الأَمْرُ أهمُّ مِنْ أنْ يَنْظُرَ بَعضُهُمْ إِلَى بَعض”(أخرجه البخاري ٦٥٢٧، ومسلم ٢٨٥٩).
24- عن أَبي ذر رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: “يقول الله عز وجل: مَنْ جَاء بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثَالِهَا أَوْ أزْيَد، وَمَنْ جَاءَ بالسَيِّئَةِ فَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أغْفِرُ. وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْراً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً، وَمَنْ أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيني بِقُرَابِ الأرْض خَطِيئةً لا يُشْرِكُ بِي شَيئاً، لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغفِرَةً”(رواه مسلم ٢٦٨٧).
25- عن جابر رضي الله عنه، قَالَ: جاء أعرابي إِلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الموجِبَتَانِ؟ قَالَ: “مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بالله شَيئاً دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً دَخَلَ النَّار”(رواه مسلم ٩٣).
26- عن أنس رضي الله عنه: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه عَلَى الرَّحْل، قَالَ: “يَا مُعَاذُ” قَالَ: لَبِّيْكَ يَا رَسُول الله وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: “يَا مُعَاذُ” قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُول الله وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: “يَا مُعَاذُ” قَالَ: لَبِّيْكَ يَا رَسُول الله وسَعْدَيْكَ، ثَلاثاً، قَالَ: “مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صِدْقاً مِنْ قَلْبِهِ إلاَّ حَرَّمَهُ الله عَلَى النَّار” قَالَ: يَا رَسُول الله، أفَلاَ أخْبِرُ بِهَا النَّاس فَيَسْتَبْشِروا ؟ قَالَ: “إِذاً يَتَّكِلُوا” فأخبر بِهَا مُعاذٌ عِنْدَ موتِه تَأثُّماً. (أخرجه البخاري ١٢٨، ومسلم ٣٢).
27- عن أَبي هريرة- أَوْ أَبي سعيد الخدري رضي الله عنهما - شك الراوي - ولا يَضُرُّ الشَّكُّ في عَين الصَّحَابيّ؛ لأنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ – قَالَ: لَمَّا كَانَ غَزوَةُ تَبُوكَ، أصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فقالوا: يَا رَسُول الله، لَوْ أذِنْتَ لَنَا فَنَحرْنَا نَواضِحَنَا فَأكَلْنَا وَادَّهَنَّا؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “افْعَلُوا” فَجاء عُمَرُ رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، وَلَكِن ادعُهُمْ بفَضلِ أزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادعُ الله لَهُمْ عَلَيْهَا بِالبَرَكَةِ، لَعَلَّ الله أنْ يَجْعَلَ في ذلِكَ البَرَكَةَ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “نَعَمْ” فَدَعَا بِنَطْع فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفضلِ أزْوَادِهِمْ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجيءُ بكَفّ ذُرَة وَيَجيءُ بِكَفّ تمر وَيجيءُ الآخرُ بِكِسرَة حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النّطعِ مِنْ ذلِكَ شَيء يَسيرٌ، فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: “خُذُوا في أوعِيَتِكُمْ” فَأَخَذُوا في أوْعِيَتهم حَتَّى مَا تَرَكُوا في العَسْكَرِ وِعَاء إلاَّ مَلأوهُ وَأَكَلُوا حَتَّى شَبعُوا وَفَضَلَ فَضْلَةٌ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَأنّي رَسُولُ الله، لا يَلْقَى الله بِهِما عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الجَنَّةِ”(رواه مسلم ٢٧).
28- عن عِتْبَانَ بن مالك رضي الله عنه وَهُوَ مِمَّن شَهِدَ بَدراً، قَالَ: كنت أُصَلِّي لِقَوْمِي بَني سَالِم، وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءتِ الأَمْطَار، فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مسْجِدِهم، فَجِئتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلت لَهُ: إنّي أنْكَرْتُ بَصَرِي وَإنَّ الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وبَيْنَ قَومِي يَسيلُ إِذَا جَاءتِ الأمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ فَوَدِدْتُ أنَّكَ تَأتِي فَتُصَلِّي في بَيْتِي مَكَاناً أتَّخِذُهُ مُصَلّى، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “سَأفْعَلُ” فَغَدَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر رضي الله عنه بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ، وَاسْتَأذَنَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: “أيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟” فَأشَرْتُ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحبُّ أنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَبَّرَ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ فَصَلَّى رَكعَتَينِ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزيرَةٍ تُصْنَعُ لَهُ، فَسَمِعَ أهلُ الدَّارِ أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في بَيْتِي فَثَابَ رِجالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ في البَيْتِ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا فَعَلَ مَالِكٌ لا أرَاهُ ! فَقَالَ رَجُلٌ: ذلِكَ مُنَافِقٌ لا يُحِبُّ الله ورسولَهُ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تَقُلْ ذلِكَ، ألاَ تَرَاهُ قَالَ: لا إلهَ إلاَّ الله يَبْتَغي بذَلِكَ وَجهَ الله تَعَالَى) فَقَالَ: اللهُ ورسُولُهُ أعْلَمُ أمَّا نَحْنُ فَوَاللهِ مَا نَرَى وُدَّهُ وَلاَ حَدِيثَهُ إلاَّ إِلَى المُنَافِقينَ ! فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “فإنَّ الله قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلهَ إلاَّ الله يَبْتَغِي بذَلِكَ وَجْهَ الله”(رواه البخاري 425، ومسلم 33).
29- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قَالَ: قدِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بسَبْيٍ فَإِذَا امْرَأةٌ مِنَ السَّبْيِ تَسْعَى، إِذْ وَجَدَتْ صَبياً في السَّبْيِ أخَذَتْهُ فَألْزَقَتهُ بِبَطْنِهَا فَأَرضَعَتْهُ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “أتَرَوْنَ هذِهِ المَرْأةَ طَارِحَةً وَلَدَها في النَّارِ؟” قُلْنَا: لاَ وَاللهِ. فَقَالَ: “للهُ أرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هذِهِ بِوَلَدِهَا”(رواه البخاري ٥٩٩٩، ومسلم ٢٧٥٤).
30- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “لَمَّا خَلَقَ الله الخَلْقَ كَتَبَ في كِتَابٍ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوقَ العَرْشِ: إنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبي”. وفي رواية: “غَلَبَتْ غَضَبي” وفي رواية: “سَبَقَتْ غَضَبي”(أخرجه البخاري ٣١٩٤، ومسلم ٢٧٥١).
31- وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِئَةَ جُزْءٍ، فَأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَأنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءاً وَاحِداً، فَمِنْ ذلِكَ الجُزءِ يَتَرَاحَمُ الخَلائِقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابّةُ حَافِرهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أنْ تُصِيبَهُ”. وفي رواية: “إنّ للهِ تَعَالَى مئَةَ رَحمَةٍ، أنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجنِّ وَالإنس وَالبهائِمِ وَالهَوامّ، فبها يَتَعاطَفُونَ، وبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأخَّرَ اللهُ تَعَالَى تِسْعاً وَتِسْعينَ رَحْمَةً يرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَة”(أخرجه البخاري 6000، 3474، ومسلم 2752).
32- وعنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما يحكِي عن ربهِ تبارك وتعالى، قَالَ: “أذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ الله تَبَاركَ وَتَعَالَى: أذنَبَ عبدي ذَنباً، فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأذْنَبَ، فَقَالَ: أيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبي، فَقَالَ تبارك وتعالى: أذنَبَ عبدِي ذَنباً، فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رَبّاً، يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ”( البخاري ٧٥٠٧، ومسلم ٢٧٥٨).
33- وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَبَ الله بِكُمْ، وَجَاءَ بِقَومٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ الله تَعَالَى، فَيَغْفِرُ لَهُمْ”(رواه مسلم ٢٧٤٩).
34- عن أَبي أيوب خالد بن زيد رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “لَوْلاَ أنَّكُمْ تُذْنِبُونَ، لَخَلَقَ الله خَلْقاً يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرونَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ”(رواه مسلم ٢٧٤٨).
35- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا قُعُوداً مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمْرُ رضي الله عنهما، في نَفَرٍ فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ أظْهُرِنَا، فَأبْطَأَ عَلَيْنَا فَخَشِينَا أنْ يُقتطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعْنَا فَقُمْنَا فَكُنْتُ أوَّلَ مَنْ فَزِعَ فَخَرَجْتُ أبْتَغِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أتَيْتُ حَائِطاً للأنْصَارِ. .. وَذَكَرَ الحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى قوله: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “اذهَبْ فَمَن لَقِيتَ وَرَاءَ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أنْ لا إله إلاَّ الله، مُسْتَيقِناً بِهَا قَلبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ”(رواه مسلم 31).
36- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم تَلاَ قَولَ الله عز وجل في إبراهيم صلى الله عليه وسلم: “رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) [إبراهيم:36] الآية، وقَولَ عِيسَى صلى الله عليه وسلم: “إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [المائدة:118] فَرَفَعَ يَدَيهِ وَقالَ: “اللَّهُمَّ أُمّتي أُمّتي) وبَكَى، فَقَالَ الله عز وجل: “يَا جِبْريلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ -وَرَبُّكَ أعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيهِ ؟” فَأتَاهُ جبريلُ، فَأخْبَرَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، بِمَا قَالَ - وَهُوَ أعْلَمُ - فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: “يَا جِبريلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمّتِكَ وَلاَ نَسُوءكَ”(رواه مسلم 202).
37- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ، فَقَالَ: “يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الله عَلَى عِبَادِهِ ؟ وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى الله ؟” قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ. قَالَ: “فإنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أنْ يَعْبُدُوهُ، وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيئاً، وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللهِ أنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيئاً” فقلتُ: يَا رَسُول الله، أفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ ؟ قَالَ: “لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا”( أخرجه البخاري ٢٨٥٦، ومسلم ٣٠).
38- عن البراءِ بن عازب رضي الله عنهما، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ في القَبْرِ يَشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ الله، وَأنّ مُحَمّداً رَسُول الله، فذلك قوله تَعَالَى: “يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَة) [إبراهيم:27]”(أخرجه البخاري ٤٦٩٩ واللفظ له، ومسلم ٢٨٧١).
39- عن أنس رضي الله عنه، عن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “إنّ الكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً، أُطعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنَ الدُّنْيَا، وَأَمَّا المُؤْمِنُ فَإنَّ الله تَعَالَى يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ في الآخِرَةِ، وَيُعْقِبُهُ رِزْقاً في الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ”(رواه مسلم ٢٨٠٨).
40- عن جابر رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْم خَمْسَ مَرَّات”(رواه مسلم).
41- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيقُومُ عَلَى جَنَازَتهِ أرْبَعونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيئاً، إلاَّ شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ”(رواه مسلم ٩٤٨).
42- عن ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في قُبَّة نَحْوَاً مِنْ أربَعِينَ، فَقَالَ: “أتَرْضَونَ أنْ تَكُونُوا رُبُعَ أهْلِ الجَنَّةِ؟” قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: “أتَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أهلِ الجَنَّةِ ؟” قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بيَدِهِ، إنِّي لأَرْجُو أنْ تَكُونُوا نِصْفَ أهْلِ الجَنَّةِ وذلك أنَّ الجنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، ومَا أنْتُم في أهْلِ الشِّركِ إلاَّ كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ في جلدِ الثَّورِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّودَاءِ في جلدِ الثَّورِ الأحْمَر”(رواه البخاري ٦٥٢٨).
43- عن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ دَفَعَ اللهُ إِلَى كُلِّ مُسْلِم يَهُودياً أَوْ نَصْرانِياً، فَيَقُولُ: هَذَا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ”. وفي رواية عَنْهُ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ المُسْلِمينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَال الجِبَالِ يَغْفِرُهَا الله لَهُمْ”(رواه مسلم ٢٧٦٧).
44- عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “يُدْنَى المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَة مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيهِ، فَيُقَرِّرُهُ بذُنُوبِهِ، فيقولُ: أتعرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أتَعرفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيقول: رَبِّ أعْرِفُ، قَالَ: فَإنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيا، وَأنَا أغْفِرُهَا لَكَ اليَومَ، فَيُعْطَى صَحيفَةَ حَسَنَاتِهِ”(رواه مسلم ٢٧٦٨).
45- عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً أصَابَ مِن امْرَأة قُبْلَةً، فَأتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَأخْبَرَهُ، فَأنْزَلَ الله تَعَالَى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات) [هود: 114] فَقَالَ الرجل: أَليَ هَذَا يَا رَسُول الله ؟ قَالَ: “لجميعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ”(رواه البخاري ٥٢٦).
46- عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: جاء رجل إِلَى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَصَبْتُ حَدّاً، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ، قَالَ: يَا رَسُول الله، إنِّي أصَبْتُ حَدّاً فَأقِمْ فيَّ كِتَابَ الله. قَالَ: “هَلْ حَضَرْتَ مَعَنَا الصَّلاةَ؟” قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: “قَدْ غُفِرَ لَكَ”(مُتَّفَقٌ عَلَيهِ).
47- وعنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الله لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ أنْ يَأكُلَ الأَكْلَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا”(رواه مسلم.
48- عن أَبي موسى رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيلِ ليَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا”(رواه مسلم ٢٧٥٩).
49- عن أَبي نجيح عمرو بن عَبَسَة - بفتح العين والباءِ – السُّلَمِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ وأنَا في الجاهِلِيَّةِ أظُنُّ أنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلاَلَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ، فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ أخْبَاراً، فَقَعَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي، فَقَدِمْتُ عَلَيهِ، فإِذَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْفِياً، جرَءاءُ عَلَيهِ قَومُهُ، فَتَلَطَّفَتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيهِ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أنْتَ ؟ قَالَ: “أنا نَبيٌّ) قُلْتُ: وما نبيٌّ ؟ قَالَ: “أرْسَلَنِي الله) قُلْتُ: وبأيِّ شَيْء أرْسَلَكَ ؟ قَالَ: “أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الأرْحَامِ، وَكَسْرِ الأَوْثَانِ، وَأنْ يُوَحَّدَ اللهُ لاَ يُشْرَكُ بِهِ شَيْء” قُلْتُ: فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا ؟ قَالَ: “حُرٌّ وَعَبْدٌ” ومعه يَوْمَئذٍ أَبُو بكرٍ وبلالٌ رضي الله عنهما، قُلْتُ: إنّي مُتَّبِعُكَ، قَالَ: “إنَّكَ لَنْ تَسْتَطيعَ ذلِكَ يَومَكَ هَذَا، ألا تَرَى حَالي وحالَ النَّاسِ؟ وَلَكِنِ ارْجعْ إِلَى أهْلِكَ فَإِذَا سَمِعْتَ بي قَدْ ظَهرْتُ فَأتِنِي” قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَى أهْلِي وقَدِمَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ حَتَّى قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ أهْلِي المَدِينَةَ، فقلتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدِمَ المَدِينَةَ ؟ فقالوا: النَّاس إلَيهِ سِرَاعٌ، وَقَدْ أرادَ قَومُهُ قَتْلَهُ، فلَمْ يَسْتَطِيعُوا ذلِكَ، فقَدِمْتُ المدينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيهِ، فقلتُ: يَا رَسُول الله أَتَعْرِفُني ؟ قَالَ: “نَعَمْ، أنْتَ الَّذِي لَقَيْتَنِي بمكّةَ” قَالَ: فقلتُ: يَا رَسُول الله، أخْبِرنِي عَمَّا عَلَّمَكَ الله وأَجْهَلُهُ، أخْبِرْنِي عَنِ الصَّلاَةِ ؟ قَالَ: “صَلِّ صَلاَةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاَةِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ، فَإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيطَان، وَحينَئذٍ يَسجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإنَّ الصَلاَةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمْحِ، ثُمَّ اقْصُرْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإنَّهُ حينئذ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فإذَا أقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ، فَإنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّي العصرَ، ثُمَّ اقْصرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فإنَّهَا تَغْرُبُ بينَ قَرْنَيْ شَيطانٍ، وَحِينَئذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفّارُ” قَالَ: فقلتُ: يَا نَبيَّ الله، فالوضوءُ حدثني عَنْهُ ؟ فَقَالَ: “مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءهُ، فَيَتَمَضْمَضُ وَيسْتَنْشِقُ فَيَسْتَنْثِرُ، إلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ المَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يديهِ إِلَى المِرفقَيْن، إلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أنَامِلِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأسَهُ، إلاَّ خرّتْ خطايا رأسِهِ من أطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الماءِ، ثُمَّ يغسل قدميه إِلَى الكعْبَيْنِ، إلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا رِجلَيْهِ مِنْ أنَاملِهِ مَعَ الماءِ، فَإنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ الله تَعَالَى، وأثنى عَلَيهِ ومَجَّدَهُ بالَّذي هُوَ لَهُ أهْلٌ، وَفَرَّغَ قلبه للهِ تَعَالَى، إلاَّ انْصَرفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كهيئته يَومَ وَلَدتهُ أُمُّهُ”.
فحدث عَمرُو بن عَبسَة بهذا الحديث أَبَا أُمَامَة صاحِب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُمَامَة: يَا عَمْرُو بنُ عَبسَة، انْظُر مَا تقولُ ! في مقامٍ واحدٍ يُعْطَى هَذَا الرَّجُلُ ؟ فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَبَا أُمَامَة، لقد كَبرَتْ سِنّي، وَرَقَّ عَظمِي، وَاقْتَرَبَ أجَلِي، وَمَا بِي حَاجَةٌ أنْ أكْذِبَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَلا عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، لَوْ لَمْ أسمعه مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، إلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثاً – حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّات – مَا حَدَّثْتُ أبداً بِهِ، وَلكنِّي سمعتُهُ أكثَر من ذلِكَ. (رواه مسلم ٨٣٢).
50- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: “قَالَ الله عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنا معه حَيْثُ يَذْكُرنِي، وَاللهِ، للهُ أفْرَحُ بِتَوبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بالفَلاَةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْراً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِذَا أقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ”(أخرجه البخاري ٧٤٠٥، ومسلم ٢٦٧٥).
51- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلَ مَوْتِه بثَلاثَةِ أيّام، يقولُ: “لاَ يَمُوتَنّ أحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله عز وجل”(رواه مسلم ٢٨٧٧).
52- عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “قَالَ الله تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ ما دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلاَ أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغت ذُنُوبُك عَنَانَ السماءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايا، ثُمَّ لَقَيْتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئاً، لأَتَيْتُكَ بقُرَابِها مَغْفِرَةً”(رواه الترمذي ٣٥٤٠ ، وقال: حديث حسن).
53- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤمِنُ مَا عِنْدَ الله مِنَ العُقُوبَةِ، مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ مَا عِنْدَ الله مِنَ الرَّحْمَةِ، مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أحَدٌ”(رواه مسلم).
54- عن أَبي سعيد الخدرِيِّ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “إِذَا وُضِعَتِ الجنازةُ واحْتَمَلَهَا النَّاسُ أَوِ الرِّجَالُ عَلَى أعناقِهِمْ، فَإنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قالتْ: قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قالتْ: يَا وَيْلَهَا! أَيْنَ تَذْهَبُونَ بها يَسْمَعُ صَوْتَها كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإنْسانُ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ”(رواه البخاري ١٣١٤).
55- عن ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الجَنَّةُ أقْرَبُ إِلى أحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذلك”(رواه البخاري ٦٤٨٨).
الاثار
1- قال عيسى عليه السلام: “يا معشر الحواريين؛ أنتم تخافون المعاصي، ونحن معاشر الأنبياء نخاف الكفر”(إحياء علوم الدين:4-156).
2- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “لا يرجو العبد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه”(جامع بيان العلم وفضله:126).
3- قال أبو حفص عمر بن مسلمة الحداد النيسابوري: “الخوف سراج في القلب، به يبصر ما فيه من الخير والشر، وكل أحد إذا خفته هربت منه، إلا الله -عز وجل- فإنك إذا خفته هربت إليه؛ فالخائف من ربه هارب إليه”(مدارج السالكين:1-382).
4- قال الحسن: “من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن خاف الناس أخافه الله من كل شيء”(العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي 1-355).
5- قال أيضاً: “والله ما تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة حين أبكاهم الخوف من الله تعالى”(حلية الأولياء 2-174).
6- قال إبراهيم بن سفيان: “إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها، وطرد الدنيا عنها”(مدارج السالكين 412).
7- قال أبو سليمان: “ما فارق الخوف قلباً إلا خرب”( مدارج السالكين 412).
8- قال الفضيل بن عياض: “من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد”(سير أعلام النبلاء).
9- عن السري أنه قال في قوله تعالي: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) [الأنفال:2] قال: “إذا هم بمعصية أو ظلم أو نحو هذا فقيل له: اتق الله - وَجِلَ قلبُه”(شعب الإيمان 1-69).
10- قال بلال بن سعد: “أشفقوا من الله، واحذروا الله، ولا تأمنوا مكر الله، ولا تقنطوا من رحمة الله”(تاريخ دمشق 10-493).
11- قال إبراهيم بن شيبان: “الخوف إذا سكن القلب أحرق موضع الشهوات منه ، وطرد رغبة الدنيا عنه وأسكت اللسان عن ذكر الدنيا”(شعب الإيمان للبيهقي 2-268).
12- قال ذو النون: “الناس على الطريق ما لم يَزُلْ عنهم الخوف؛ فإذا زال الخوف ضلّوا الطريق”(مدارج السالكين 1-412).
13- قال أبو حفص: “الخوف سوط الله، يقّوم به الشاردين عن بابه”(مدارج السالكين 1-382).
14- قال إبراهيم بن أدهم: “الهوى يردي، وخوف الله يشفي”(حلية الأولياء 8-14).
15- قال إبراهيم بن أدهم: “اعلم أن ما يزيل عن قلبك هواك إذا خفت من أن تعلم أنه يراك”(حلية الأولياء 8-14).
16- قال سعيد بن عبد العزيز: “من أحسن فليرجُ الثواب، ومن أساء فلا يستنكر الجزاء”(سير أعلام النبلاء 8-36).
17- قال أبو عثمان الحِيْري: “صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهراً، وباطناً”(مدارج السالكين 1-412).
18- قال ابن تيمية: “الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله، وهذا الخوف من أجلّ منازل السير إلى الله وأنفعها للقلب وهو فرض على كل أحد”(مدارج السالكين 1-412).
19- قال ابن تيمية: “وأصلُ كل خير في الدنيا والآخرة - الخوف من الله، ويدل على ذلك قوله تعالى (ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون) فأخبرَ أن الهدى والرحمة للذين يرهبون الله، قال مجاهد وإبراهيم: هو الرجل يريد أن يذنب الذنب فيذكر مقام الله فيدع الذنب”(مجموع الفتاوى 4-17).
20- من فقه إبراهيم التيمي قوله: “ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة؛ لأنهم قالوا: ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن )، وينبغي لمن لم يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة؛ لأنهم قالوا: ( إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين )”(شعب الإيمان 1-17).
21- قال شاه الكرماني: “علامة صحة الرجاء: حسن الطاعة”(مدارج السالكين 2-31).
22- قال سفيان بن عيينة واصفاً السلف: “أقلهم ذنباً أخوفهم لربه -عز وجل-؛ لأنهم أصفاهم قلباً”(شعب الإيمان 1-38).
23- قال بعض السلف -رحمهم الله- كلمة مشهورة وهي: “من عبَد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروريٌ -أي خارجي- ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف والحب والرجاء فهو مؤمن موحِّد”(الفقه الأكبر لأبي حنيفة ص: 83).
24- قال ابن الجوزي: “أعقل الناس محسن خائف، وأحمق الناس مسيء آمن”(التبصرة لابن الجوزي 1-391).
25- سئل الجنيد عن الخوف فقال: “توقع العقوبة مع مجاري الأنفاس”(طبقات الشافعية الكبرى 1-463).
26- قال عبد الله بن المبارك: “إنّ الذي يهيج الخوف حتى يسكن في القلب دوام المراقبة من السر والعلانية”().
27- عن الحسن البصري قال: “الرجاء والخوف مطيتا المؤمن “(حلية الأولياء 2-124).
28- عن مطرف قـال: “لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه، لوجدا سواءً، لا يزيد أحدهما على صاحبه “( شعب الإيمان 2-12).
29- عن ذي النون قال: “الخوف رقيب العمل، والرجاء شفيع المحن”(حلية الأولياء 8-299).
القصص
1- قرأ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَّا لَهُ مِنْ دَافِعٍ) [الطور: 7-8]، فربا منها ربوةً عيد منها عشرين يوماً (حياة الصحابة للكاندهولي 2-693).
2- عن نافع، قال: ما قرأ ابن عمر رضي الله عنهما هاتين الآيتين قطُّ من آخر سورة البقرة إلاَّ بكى: (وَإِنْ تُبْدُواْ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)[البقرة:284].
ثم يقول: إنَّ هذا الإحصاء شديد (الزهد للإمام أحمد 158).
3- عن عبد الله الشامي قال: أتيت طاووساً، فخرج إلي ابنه شيخ كبير؛ فقلت: أنت طاووس؟ فقال: أنا ابنه ؛ قلت: فإن كنت ابنه، فإن الشيخ قد خرف، فقال: إن العالم لا يخرف؛ فدخلت عليه، فقال لي طاووس: سل، وأوجز؛ قلت: إن أوجزت، أوجزت لك؛ قال: تريد أن أجمع لك في مجلسي هذا التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان؟ قلت: نعم قال: خف الله تعالى مخافة، لا يكون عندك شيء أخوف منه وأرجه رجاء هو أشد من خوفك إياه؛ وأحب للناس ما تحب لنفسك”(حلية الأولياء 4-9).
4- أخرج ابن سعد عن مسلم بن بشير، قال: بكى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- في مرضه، فقيل له: ما يبكيك، يا أبا هريرة؟ قال: “أَمَا إنِّي لا أبكي على دنياكم هذه، ولكني أبكي لبُعد سفري وقلَّةِ زادي. أصبحت في صعود مهبطة على جنَّة ونار، فلا أدري إلى أيِّهما يُسْلَك بي”(تاريخ مدينة دمشق 36-506).
5- قال أنس -رضي الله عنه-: دخلتُ حائطاً -أي بستاناً- فسمعت عمر رضي الله تعالى عنه يقول -وبيني وبينه جدار-: عمرَ بن الخطَّاب أمير المؤمنين، بخٍ، لتتَّقِيَنَّ الله ابنَ الخطاب أو ليُعذِّبَنَّك (تاريخ الخلفاء 138).
6- سئلت فاطمة بنتُ عبد الملك زوجةُ عمرَ بن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه- عن عبادة عمر، فقالتْ: “والله ما كان بأكثر النَّاس صلاةً، ولا أكثرهم صياماً، ولكن والله ما رأيت أحداً أخوفَ من عمر، لقد كان يذكر الله في فراشه، فينتفِض انتفاضَ العصفورِ من شدَّة الخوف حتى نقول: ليُصبحنَّ الناس، ولا خليفة لهم”(لطائف المعارف 281).
7- قال الرشيد: “ما رأت عيناي مثل الفضيل بن عياض: قال لي -وقد دخلت عليه-: يا أمير المؤمنين! فرغ قلبك للحزن والخوف حتى يسكناه، فيقطعاك من معاصي الله تعالى، ويباعداك عن عذاب النار”(شعب الإيمان 1-514).
8- قال أبو القاسم القُشَيْريُّ: “سمعت أبا عليٍّ الدقَّاق يقول: دخلت على أبي بكر بن فُورك عائداً، فلمَّا رآني دمعتْ عيناه، فقت له: إنَّ الله سبحانه يعافيك ويشفيك، فقال لي: تراني أخاف من الموت؟ إنما أخاف ممَّا وراء الموت”(وفيات الأعيان 4-100).
9- كان سفيان الثوريّ يشتد قلقه من السوابق والخواتيم، فكان يبكي، ويقول: أخاف أن أكون في أمّ الكتاب شقيّاً، ويبكي، ويقول: أخاف أن أُسْلَب الإيمان عند الموت”(جامع العلوم والحكم 2-181).
10- بكى محمد بن المُنْكَدِر ليلةً فكثر بكاؤه حتى فزع أهلُهُ، فأرسلوا إلى أبي حازم، فجاء إليه فقال: ما الذي أبكاك؟ قد رُعتَ أهلكَ. قال: مرَّت بي آية من كتاب الله عزَّ وجلَّ: (وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ) [الزمر:47]، فبكى أبو حازم معه، فقال بعض أهله لأبي حازم: جئنا بك لتفرّج عنه فزدته (تاريخ مدينة دمشق 30-213).
11- قال أبو يعقوب القارئ: “رأيت في منامي رجلا آدما طوالا والناس يتبعونه، قلت: من هذا؟ قالوا: أويس القرني، فاتبعته فقلت: أوصني يرحمك اللّه، فكلح في وجهي، فقلت: مسترشد فأرشدني رحمك اللّه، فأقبل علي فقال: ابتغ رحمة اللّه عند محبته؛ واحذر نقمته عند معصيته، ولا تقطع رجاءك منه في خلال ذلك، ثم ولى وتركني”(الروح لابن القيم 45).
12- قال يحي بن سعيد: “ما جلست إلى أحد أخوف لله من سليمان التيمي”(سير أعلام النبلاء 5 -422).
13- روى ضمرة عن حفص بن عمر قال: بكى الحسن البصري فقيل له: ما يبكيك؟ قال: “أخاف أن يطرحني في النار غداً ولا يبالي”( المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 7-137).
14- قال يزيد بن حوشب: “ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما”(تاريخ مدينة دمشق 24-659).
متفرقات
1- قال العلماء: “الرجاء ثلاثة أنواع:
الأول: رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله، فهو راج لثوابه.
والثاني: رجاء رجل أذنب ذنبًا ثم تاب منه، فهو راج لمغفرة الله وعفوه وإحسانه وجوده وحلمه وكرمه.
والثالث: رجل متمادٍ في التفريط والخطايا يرجو رحمة الله بلا عمل، فهذا هو الغرور والرجاء الكاذب”(مدارج السالكين 2-27).
2- قال النووي: “اعْلَمْ أنَّ المُخْتَارَ لِلْعَبْدِ في حَالِ صِحَّتِهِ أنْ يَكُونَ خَائفاً رَاجِياً، وَيَكُونَ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ سَواءً، وفي حَالِ المَرَضِ يُمحَّضُ الرَّجاءُ، وقواعِدُ الشَّرْع مِنْ نصُوصِ الكِتَابِ والسُّنَةِ وغَيْرِ ذَلِكَ مُتظاهِرَةٌ عَلَى ذلك”(رياض الصالحين 80).
3- قال ابن القيم : “القلب في سيره إلى الله عز و جل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر”(مدارج السالكين).
4- 25- قال ابن القيم: “القلب في سيره إلى الله -عز وجل- بمنزلة الطائر ؛ فالمحبة رأسه، والخوف، والرجاء جناحاه ؛ فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيِّـدُ الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائدٍ وكاسر”(مدارج السالكين).
26- قال ابن القيم: “السلف استحبوا أن يُقَوِّي في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف، هذه طريقة أبي سليمان وغيره، وقال: ينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف، فإذا غلب الرجاء فَسَدَ. وقال غيره: أكمل الأحوال اعتدال الرجاء والخوف، وغلبةُ الحب؛ فالمحبة هي المرْكَبُ، والرجاء حادٍ، والخوف سائق، والله الموصل بمنِّه وكرمه”(مدارج السالكين).
28- قال ابن القيم رحمه الله في شأن المتمادين في الذنوب؛ اتكالاً على رحمة الله: “وهذا الضرب في الناس قد تعلق بنصوص الرجاء، واتَّكل عليها، وتعلق بكلتا يديه، وإذا عوتب على الخطايا، والانهماك فيها - سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله، ومغفرته، ونصوص الرجاء. وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب” ثم ساق -رحمه الله- أمثلة عديدة لما جاء عن أولئك”(الداء والدواء).
29- قال ابن القيم رحمه الله: “فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما على انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتَّى إحسان الظن. فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستندُ حسنِ الظنِّ سعةَ مغفرةِ الله، ورحمته، وعفوه، وجوده، وأنَّ رحمَتَه سبقت غضبَه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو.
قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك أجلُّ، وأكرم، وأجود، وأرحم، وإنما يضع ذلك في محله اللائق به؛ فإنه -سبحانه- موصوف بالحكمة، والعزة، والانتقام، وشدة البطش، وعقوبة من يستحق؛ فلو كان المعوَّلُ حسن الظن على صفاته، وأسمائه - لاشترك في ذلك البرُّ والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوُّه؛ فما ينفع المجرمَ أسماؤه، وصفاتُه، وقد باء بسخطه، وغضبه، وتعرض للعْنته، ووقع في محارمه، وانتهك حرماته؟!
بل حسن الظن ينفع مَنْ تاب، وندم، وأقلع، وبدَّل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة، ثم حسَّن الظن بعدها؛ فهذا هو حسن الظن، والأول غرور، والله المستعان”(الداء والدواء).
30- قال الشيخ ابن عثيمين: “والإنسان ينبغي له أن يكون طبيب نفسه؛ إذا رأى من نفسه أنه أمن من مكر الله، وأنه مقيم على معصية الله، ومتمنٍ على الله الأماني - فليعدل عن هذه الطريق، وليسلك طريق الخوف.
وإذا رأى أن فيه وسوسة، وأنه يخاف بلا موجب - فليعدل عن هذا الطريق، وليغلب جانب الرجاء؛ حتى يستوي خوفه ورجاؤه”(شرح رياض الصالحين لابن عثيمين).
31- يقول صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ: “والمراد بهذا الباب -باب قول الله تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [ الأعراف : 99 ] .بيان أن الجمع بها الخوف والرجاء واجب من واجبات الإيمان، ولا يتم التوحيد إلا بذلك، فعدم الجمع بين الخوف والرجاء مناف لكمال التوحيد، فالواجب على العبد أن يجعل خوفه مع الرجاء، وأن يجعل رجاءه مع الخوف، وأن لا يأمن المكر كما لا يقنط من رحمة الله جل وعلا . فالآية الأولى وهي قول الله تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) : فيها بيان أن المشركين من صفاتهم أنهم أمنوا عقاب الله فلم يخافوا ، والواجب بالمقابل أن تكون قلوبهم خائفة وجلة من الله جل وعلا قال سبحانه: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ) يعني : أيعلمون تلك المثلات ، وفعل الله جل وعلا بالأمم السالفة، التي قصها الله في سورة الأعراف فأمنوا مكر الله ؟!! فإذا كان كذلك، وحصل منهم الأمن، مع وجود النذر فيما حولهم، وأن الله قص عليهم القصص والأنباء ، فإن ذلك من صفات الخاسرين كما قال تعالى: (فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) . والأمن من مكر الله ناتج عن عدم الخوف، وترك عبادة الخوف، وعبادة الخوف قلبية، والمراد هنا هو خوف العبادة . وهذا الخوف إذا كان في القلب، فإن العبد سيسعى في مراضي الله ويبتعد عن مناهيه، وسيعظم الله جل وعلا ويتقرب إليه بالخوف؛ لأن الخوف عبادة، ويكون عبادة من وجوه، منها: أن يتقرب إلى الله جل وعلا بالخوف، وأن يتقرب إلى الله جل وعلا بعدم الأمن من مكره، وذلك أن الله هو ذو الجبروت ، فعدم الأمن من مكر الله راجع إلى عدم فهم صفات الله جل وعلا وأسمائه التي منها: القهار، والجبار، وهو الذي يجير ولا يجار عليه، ونحو ذلك من صفات الربوبية”(التمهيد لشرح كتاب التوحيد (2/37-39) .
32- قال الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد: “الجمع بين الخوف والرجاء والحب: فأهل السنة والجماعة يجمعون بين هذه الأمور، ويرون أنه لا تنافي ولا تعارض بينها. قال سبحانه وتعالى في وصف عباده الأنبياء والمرسلين: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء:90]. وقال في معرض الثناء على سائر عباده المؤمنين: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [السجدة:16]. وهناك مقولة مشهورة عند السلف، وهي قولهم: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجيء، ومن عبده بالخوف، والحب، والرجاء فهو مؤمن موحِّد”(رسائل في العقيدة 7-10)
الإحالات
1- الخوف والرجاء؛ لمحمود صفوت عبد الفتاح.
2- الخوف من الله تعالى؛ لمحمد شومان الرملي.
الحكم
1-
وَإِنِّي لأَرْجُـو اللهَ حَتَّـى كَـأَنَّنِي *** أَرَى بِجَمِيـلِ الظَّنِ مَا اللهُ صَانِعُ
(محمد بن وهيب الحِمْيَريّ)
2-
وَلَمَّا قَسَـا قَلْبِي وَضَـاقَتْ مَذَاهِبِي *** جَعَلْـتُ رَجَائِي دُونَ عَفْوِكَ سُلَّمًا
(الشافعي)
3-
إِذَا لَمْ تَصُنْ عِرْضًا وَلَمْ تَخْشَ خَالِقًا *** وَتسْتَحي مَخْلُوقًا فَمَا شِئْتَ فَاصْنَعِ
(أبو دُلَف العِجليّ)
4-
إِذَا مَا تَنَـادَوْا لِلصَّـلاَة وَجَدْتَنِـي *** يُفرّغُ مِنْ خَـوْفِ الإِلَـه جَنَانِيَا
(الأجدع الهمداني)
5-
كَأَنَّـكَ مِنْ جِمَـالِ بَنِـي أُقَيْشٍ *** يُقَعْقَعُ خَلْـفَ رِجْلَـيْـهِ بِشَـنِّ
تَكُـونُ نَعَـامَةً طَـوْرًا وَطَـوْرًا *** هَـوِيِّ الرِّيـحِ تَنْسُجُ كُـلَّ فَنِّ
(النَّابِغَة الذُّبْيَانِي)
6-
كَـأَنَّ بِـلادَ اللهِ وَهْـيَ عَرِيضَـةٌ *** عَلَى الْخَائِفِ المَطْلُوبِ كَفَّهُ حَابِلِ
(لبيد ربن ربيعة العامري)
7-
إِذَا مَـرِضْنَا نَوَيْنَـا كُـلَّ صَالِحَةٍ *** فَإِنْ شُفِينَـا فَمِنَّا الـزَّيْغُ والزَّلَلُ
نَرْجُـو الإِلَهَ إِذَا خِفْنَا وَنُسْخِطُـهُ *** إِذَا أَمِنَّا فَمَا يَزْكُـو لَنَا عَمَـلُ
(أبو عَلَيّ القُومَسَانِي)
8-
إِذَا فَزِعْنَـا فَـإِنَّ الأَمْـنَ غَايَتُنَـا *** وَإِنْ أَمِنَّا فَمَا نَخْلُـو مِنَ الْفَـزَعِ
وَشِيمَةُ الإِنْـسِ مَمْـزُوجٌ بِهَـا مَلَلٌ *** فَمَا تَدُومُ عَلَى صَبْـرٍ وَلا جَـزَعِ
(المعري)
9-
إِذَا صَوَّتَ العُصْفُورُ طَـارَ فُـؤادُهُ *** وَلَيْثٌ حَـدِيدُ النَّابِ عِنْدَ الثَّرَائِدِ
(عَمْرو العدواني)
10
بغض الحياة وخـوف الله أخرجني *** وبيع نفسـي بمـا ليـس له ثمنا
إني وزنت الـذي يبـقى ليـعدله *** ما ليس يبقى فـلا والله مـا اتزنا
(ابن المبارك)
11-
وعبادة الرحـمن غايـة حبـه *** مـع ذل عابده همـا قطبان
وعليهمـا فلـك العبـادة دائـر *** ما دار قـام حتى دارت القطبان
(ابن القيم)
12-
احذر عقاب الله وارج ثوابه *** حتى تكون كمن له قلبان
(القحطاني)
13-
خَفِ اللهَ وارْجُـوهُ لِكُـلِّ عَظِيمَـةٍ *** وَلا تُطِعْ النَّفْسَ اللَّجُـوجَ فَتَنْدَمَا
وَكُنْ بَيْنَ هَاتَيْنِ مِنَ الْخَوْفِ والرَّجَا *** وَأَبْشِـرْ بِعَفْوِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا
(الحسن الأصبهاني)
14-
احْـذَر عِـقَـابَ اللهِ وارْجُ ثَوَابَـهُ *** حتَّـى تَكُـونَ كَمَنْ لَـهُ قَلْبَانِ
(عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني)
15-
خَفِ اللهَ وارْجُـوهُ لِكُـلِّ عَظِيمَـةٍ *** وَلا تُطِعْ النَّفْسَ اللَّجُـوجَ فَتَنْدَمَا
وَكُنْ بَيْنَ هَاتَيْنِ مِنَ الْخَوْفِ والرَّجَا *** وَأَبْشِـرْ بِعَفْوِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا
(الحسن الأصبهاني)
16-
أَنَـا بَيْنَ الرَّجَـاءِ وَالـخَوْفِ مِنْهُ *** وَاقِـفٌ بَيْـنَ وَعْدِهِ والْوَعِـيـدِ
(أحدهم)
17
أَخَافُ إلـهي ثُمَّ أَرْجُـو نَوَالَـهُ *** وَلَكِـنَّ خَوْفِـي قَاهِرٌ لِرَجَائِيَـا
وَلَوْلا رَجَائِي وَاتِّكَـالِي عَلَى الَّذِي *** تَوَحَّدَ لِـي بِالصُّنْعِ كَهْلاً وَنَاشِيَا
18-
لما سَاغَ لِي عَذْبٌ مِـنَ الْمَاءِ بَأرِدٌ *** وَلا طَابَ لِي عَيْشٌ وَلا زِلْتُ بَاكِيًا
(أبو تمّام)