خلوة
2022-10-10 - 1444/03/14التعريف
الخلوة في اللغة: يقال: خلا المكان والشيء إذا لم يكن فيه أحد، ويقال: خلا الرجل إذا وقع في موضع خال لا يزاحم فيه. كما يقال: اخل بأمرك أي تفرد به وتفرغ له، وخلا الرجل بصاحبه وإليه ومعه. والخلوة الاجتماع معه في خلوة، قال تعالى: (وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) [البقرة: 14] . ويقول الرجل لرجل: اخل معي حتى أكلمك أي كن معي خاليا(لسان العرب مادة: "خلا"(14/237)، المعجم الوسيط مادة: "خلو"). الخلوة مكان الانفراد بالنفس أو بغيرها. والخلوة الصحيحة في الفقه: إغلاق الرجل الباب على زوجته وانفراده بها. قال ابن مفلح -رحمه الله-: الخلوة هي التي تكون في البيوت أما الخلوة في الطرقات فلا تعد من ذلك(الفروع: 5/153). ويدخل في حكم البيوت كل مكان فيه مانع لدخول الغير، لسبب مقصود أو غير مقصود، كغرف المكاتب والعيادات الطبية، وغرف التصوير والسيارات وهلم جرا..(انظر: موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة حوالي خمسة آلاف وتسعمائة مقال وبحث علي بن نايف الشحود - حكم الخلوة بالأجنبية والأحكام الفقهية في ذلك).
العناصر
1- تعريف الخلوة بالمرأة الأجنبية. 2- المراد بالمرأة الأجنبية. 3- حكم الخلوة بالمرأة الأجنبية. 4- الخلوة لغرض التعليم والعلاج. 5- الخلوة بالمرأة الكبيرة. 6- خلوة الرجل بأكثر من امرأة أو العكس. 7- خلوة المرأة بمملوكها والسفر معه. 8- الخلوة بالمرأة المطلقة ثلاثا. 9- الخلوة بالخنثى المشكل والسفر معه. 10- حكم الخلوة والسفر بالزوجة وذات المحارم. 11- حكم مباشرة الزوجة من غير خلوة. 12- أثر الخلوة بالزوجة على المهر والعدة. 13- أثر الخلوة بالمطلقة طلاقا رجعيا على الرجعة.
الايات
1- قال الله -تعالى-: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف: 23 - 24]. 2- قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً) [الأحزاب: 6] . 3- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) [الأحزاب: 53] . 4- قوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) [النساء: 20 - 21] . 5- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [البقرة: 234 - 235] . 6- قوله تعالى: (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء: 4] .
الاحاديث
1- عن عقبة بن عامر الجهنيّ -رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: "إيّاكم والدّخول على النّساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول اللّه أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت"(أخرجه البخاريّ كتاب النّكاح، باب: لا يخلونّ رجل بامرأة إلّا ذو محرم برقم(5232)، ومسلم كتاب السّلام، باب: تحريم الخلوة بالأجنبيّة والدّخول عليها برقم(2172). 2- عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان"(مسند أحمد بن حنبل(3/339)، والحاكم من طريق عمر وهو صحيح بمجموع طرقه. انظر: تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد - عبد الهادي بن محمد بن عبد الهادي البكري دراسة وتحقيق: حسن بن علي العواجي، الناشر: أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1419هـ/1999م(1/355) وقال الألباني في بلوغ المرام: "صحيح" رقم(180)(1/131). 3- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يقول: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، ولا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم"(رواه البخاري، كتاب الحج(1862), ومسلم كتاب الحج(1341)، وأحمد(1/222). 4- عن عقبة بن عامر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"(أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من اكتتب له جيش فخرجت امرأته حاجة...(رقم 3006)، ومسلم، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره(رقم 1341). 5- عن جابر -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: "لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون زوجًا أو ذا محرم"(رواه مسلم(4/1710) برقم(2171)، والنسائي في الكبرى(5/386) برقم(9215) وابن أبي شيبة(4/409)، وأبو يعلى(3/376)، (384) برقم(1848، 1859)، وابن حبان(12/400، 403) برقم(5587، 5590) والبيهقي(7/98). 6- عن عمرو ابن العاص -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نهى أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن"(رواه الطبراني، انظر صحيح الجامع للشيخ الألباني رقم(6813). 7- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم" فقام رجل فقال: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة؟ قال: "اذهب فحج مع امرأتك"(أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة وكان له عذر هل يؤذن له(3/1094) رقم(2844)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج(2/978) رقم(1341) وغيرهما). 8- عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق(وهي تحته يومئذ) فرآهم فكره ذلك فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: لم أر إلا خيرا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد برأها من ذلك" ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فقال: "لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة(المغيبة -بضم الميم، وكسر الغين المعجمة، وإسكان الياء) هي: التي غاب عنها زوجها، والمراد غاب زوجها عن منزلها سواء غاب عن البلد بأن سافر أو غاب عن المنزل وإن كان في البلد. قاله النووي في شرح صحيح مسلم(14/155) إلا ومعه رجل أو اثنان"(أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب السلام(4/1711) رقم(2173) وهذا لفظه، وفي رواية للنسائي في السنن الكبرى(5/104)، والطبراني في المعجم الأوسط(8/339)، والبيهقي في شعب الإيمان(4/370)(أن أبا بكر الصديق تزوج أسماء بنت عميس بعد جعفر بن أبي طالب..).
متفرقات
1- قال الذّهبيّ -رحمه اللّه-: النّظرة بشهوة إلى المرأة والأمرد زنا، ولأجل ذلك بالغ الصّالحون في الإعراض عن المردان وعن النّظر إليهم وعن مخالطتهم ومجالستهم. وكان يقال: لا يبيتنّ رجل مع أمرد في مكان واحد. وحرّم بعض العلماء الخلوة مع الأمرد في بيت أو حانوت أو حمّام قياسا على المرأة؛ لأنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: "ما خلا رجل بامرأة إلّا كان الشّيطان ثالثهما"(أخرجه الترمذي في الرضاع رقم(1171)، وأصله في الصحيحين، البخاري في النكاح رقم(5232)، ومسلم في السلام رقم(2172). وفي المردان من يفوق النّساء بحسنه فالفتنة به أعظم، وأنّه يمكن في حقّه من الشّرّ ما لا يمكن في حقّ النّساء، ويتسهّل في حقّه من طريق الرّيبة والشّرّ ما لا يتسهّل في حقّ المرأة، فهو بالتّحريم أولى. وأقاويل السّلف في التّنفير منهم والتّحذير من رؤيتهم أكثر من أن تحصر وجاء رجل إلى الإمام أحمد - رحمه اللّه تعالى- ومعه صبيّ حسن، فقال الإمام: ما هذا منك؟ قال: ابن أختي. قال: لا تجأ به إلينا مرّة أخرى، ولا تمش معه في طريق لئلّا يظنّ بك من لا يعرفك ولا يعرفه سوءا(الكبائر(58- 59) بتصرف يسير). 2- اتفق جميع العلماء على حرمة خلو الرجل بامرأة ليست له زوجة، ولا ذات رحم محرم . وهذه الحرمة مطلقة، سواء أمنت الفتنة أو لم تؤمن، وسواء وجدت العدالة أو لم توجد(انظر: بدائع الصنائع(5/125) ونصاب الاحتساب للسنامي، ص(241) وانظر: الكافي في فقه أهل المدينة(2/1134) والقوانين الفقهية لابن جزي، ص(41، 295) وكفاية الطالب الرباني(4/165)، والمعيار المعرب(1/159) وحاشية العدوي(2/422) وانظر: بجيرمي على الخطيب(3/315) وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية(32/11) و(11/546) و(15/419) و(28/370) والفروع(5/157) والإنصاف(8/31) ومنتهى الإرادات(2/154) وكشاف القناع(5/15، 16). 3- قال السنامي: ويحتسب على الرجل والمرأة إذا كانا في خلوة وكانا أجنبيين... إلا إذا كان له على المرأة حق، فله أن يلازمها ويجلس معها، ويقبض على ثيابها، وهذا ليس بحرام، فإن هربت وخلت الخربة فأراد الرجل أن يدخل تلك الخربة لا بأس به، إذا كان الرجل يأمن على نفسه من ذلك، فيكون بعيدا عنها يحفظها بعينه؛ لأن هذه الخلوة ضرورة(نصاب الاحتساب، ص(135). 4- قد أوجب العلماء نهي النساء عن اجتماعهن مع الرجال، اجتماع ملاصقة؛ لأن ذلك محرم، واستباحته كفر، وفعله مع الاعتقاد بتحريمه عصيان لله(انظر: المعيار المعرب(11/228). وأطلقوا حرمة الخلوة مع الشهوة فحرموا الخلوة بكل حيوان يشتهي المرأة وتشتهيه كالقرد(انظر: الفروع(5/153) والإنصاف(8/30) وكشاف القناع(5/15، 16). والخلوة بشهوة لرجل مع رجل أو امرأة مع امرأة(انظر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع(2/121)، ولذلك حرموا خلوة النساء بعضهن ببعض إذا خيف عليهن المساحقة(إعلام الموقعين(4/378). 5- يرى علماء المالكية حرمة مباشرة الرجال للنساء لغرض تعليمهن، وقالوا: إن مسؤولية تعليم البنت على أبيها ثم على زوجها، ولا يجوز لهما إنابة الأجنبي في ذلك؛ لأن مثل هذه الإنابة لا تصح مطلقا، ولا يعني هذا منعهن من سؤال العلماء فالسؤال جائز لكن من وراء حجاب كما أمر الله -تعالى-(انظر: المعيار المعرب(11/229). فالعالم لا بأس أن تأتيه الأجنبية إلى منزله، فتسأل بمحضر زوجته أو ابنته. فيجيبها بما عنده، وهو يكف بصره عن النظر إليها بشرط أن لا يسمع منها إلا ما لسماعه ضرورة من حديثها(المرجع السابق(1/159). ويرى الشافعية حرمة الخلوة بالأجنبية لغرض التعليم مع الشهوة مطلقا وإن وجد محرم، وأجازوها بوجود محرم إذا أمنت الفتنة(انظر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع(2/121) والفتاوى الكبرى للهيثمي(4/97). أما الخلوة للعلاج فحرام عندهم إذ قالوا بعدم جواز الخلوة بالمرأة للعلاج إلا بحضور محرم أو زوج(انظر: روضة الطالبين(7/29) وقليوبي وعميرة(3/212) ومغني المحتاج(3/133) وفتح الجواد(2/68) والفتاوى الكبرى للهيثمي(3/97) وبجيرمي على الخطيب(3/320) أو امرأة ثقة على القول الراجح عندهم بجواز خلوة أجنبي بامرأتين(انظر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع(2/120) وفتح الجواد(2/68) وبجيرمي على الخطيب(3/320). والحنابلة منعوا الخلوة بالمرأة لغرض التعليم أو العلاج(انظر: الإنصاف(9/314). إلا بحضور محرم أو زوج لأنه لا يأمن مع الخلوة مواقعة المحظور لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- مرفوعا: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم فإن ثالثهما الشيطان"(مسند أحمد بن حنبل(3/339). 6- قال عبد الهادي بن محمد بن عبد الهادي البكري: من أعظم أسباب الفساد خلوة الرجال بالنساء، وسفرهم بهن من دون محرم، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ولا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم"(رواه البخاري كتاب الحج(1862), ومسلم كتاب الحج(1341)، وأحمد(1/222)، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"(أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من اكتتب له جيش فخرجت امرأته حاجة...(رقم 3006) ومسلم، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره(رقم 1341). وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون زوجًا أو ذا محرم"(رواه مسلم(4/1710) برقم(2171)، والنسائي في الكبرى(5/386) برقم(9215) وابن أبي شيبة(4/409)، وأبو يعلى(3/376)،(384) برقم(1848، 1859)، وابن حبان(12/400، 403) برقم(5587، 5590) والبيهقي(7/98). فاتقوا الله -أيها المسلمون- وخذوا على أيدي نسائكم، وامنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن والتشبه بأعداء الله من النصارى ومن تشبه بهم واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الإثم وتعرض لغضب الله وعموم عقابه، عافانا الله وإياكم من شر ذلك. ومن أعظم الواجبات: تحذير الرجال من الخلوة بالنساء والدخول عليهن والسفر بهن بدون محرم؛ لأن ذلك من وسائل الفتنة والفساد وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"(أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة(5/1959)(4808) تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد - عبد الهادي بن محمد بن عبد الهادي البكري دراسة وتحقيق: حسن بن علي العواجي، الناشر: أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1419هـ/1999م(1/385). 7- المرأة الأجنبية: هي من ليست بزوجة ولا ذات قرابة محرمة للنكاح بسبب مباح أو نسب. ولذلك نرى العلماء جعلوا زوجة الأخ في حكم الأجنبية(انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية(32/9). وكذلك بنت الزنا سواء كانت من مائه أو من ماء غيره، والمخطوبة تعد هي الأخرى في حكم الأجنبية، فلا تصح الخلوة بهن لعدم المحرمية، والمخطوبة لم يرد الشرع إلا بحل النظر إليها. أما الخلوة بها فبقيت على التحريم؛ لأنه لا يؤمن مع الخلوة وقوع المحظور، لاسيما في زمن يقل فيه وازع الإيمان والدين، ويكثر فيه الفساد. ويؤيد حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليست معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان"(أخرجه أحمد في مسنده(3/399)، رقم(14692). ومما يعد أيضا في حكم الأجنبيات بنات العم، وبنات الخال، فلا يحل لأي مما مضى الخلوة بهن، أو الدخول عليهن، إلا إذا دخل مع غيره من المحارم من غير خلوة ولا ريبة(انظر: المغني لابن قدامة(6/553) ومجموع فتاوى ابن تيمية(11/505). 8- قال القرطبي تعليقاً على حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق(وهي تحته يومئذ) فرآهم فكره ذلك فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: لم أر إلا خيرا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد برأها من ذلك" ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فقال: "لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة(المغيبة -بضم الميم، وكسر الغين المعجمة، وإسكان الياء) هي: التي غاب عنها زوجها، والمراد غاب زوجها عن منزلها سواء غاب عن البلد بأن سافر أو غاب عن المنزل وإن كان في البلد. قاله النووي في شرح صحيح مسلم(14/155) إلا ومعه رجل أو اثنان": كان هذا الدخول في غيبة أبي بكر -رضي الله عنه- لكنه كان في الحضر لا في السفر، وكان على وجه ما يعرف من أهل الخير والصلاح، مع ما كانوا عليه قبل الإسلام مما تقتضيه مكارم الأخلاق من نفي التهمة والريب، غير أن أبا بكر -رضي الله عنه- أنكر ذلك بمقتضى الغيرة الجبلية، والدينية.. ولما ذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال ما يعلمه من حال الداخلين والمدخول لها -قال: لم أر إلا خيرا، يعني: على الفريقين، فإنه علم أعيان الجميع؛ لأنهم كانوا من مسلمي بني هاشم، ثم خص أسماء بالشهادة لها فقال: "إن الله قد برأها من ذلك" أي: مما وقع في نفس أبي بكر، فكان ذلك فضيلة عظيمة من أعظم فضائلها.. ومع ذلك فلم يكتف بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جمع الناس، وصعد المنبر، فنهاهم عن ذلك، وعلمهم ما يجوز منه فقال : "لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان"، سدا لذريعة الخلوة، ودفعا لما يؤدي إلى التهمة، وإنما اقتصر على ذكر الرجل والرجلين لصلاحية أولئك القوم؛ لأن التهمة كانت ترتفع بذلك القدر، فأما اليوم فلا يكتفى بذلك القدر، بل بالجماعة الكثيرة لعموم المفاسد، وخبث المقاصد، ورحم الله مالكا لقد بالغ في هذا الباب...(المفهم(5/502). وقال الشيخ المحدث عبد الله السعد -وفقه الله-: لعل السبب في دخولهم عليها -والعلم عند الله -عز وجل- أنها كانت زوجا لجعفر بن أبي طالب حتى استشهد، فلعل هؤلاء النفر من بني هاشم أقارب لجعفر أرادوا صلة أولاد جعفر من أجل قرابتهم لجعفر، وعلاقة أسماء بنت عميس ببني هاشم وثيقة فقد كانت أخت ميمونة بنت الحارث - زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمها، وأخت لبابة أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب لأمها أيضا، وقد جاء في خبر مرسل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج أبا بكر -رضي الله عنه- أسماء بنت عميس يوم حنين، وقد تزوجها علي -رضي الله عنه- بعد أبي بكر، وهذا كله يدل على علاقة أسماء بنت عميس ببني هاشم، ومع هذه العلاقة الوثيقة أنكر أبو بكر -رضي الله عنه- دخولهم وأخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فخطب الناس(انظر: إشكال وجوابه في حديث أم حرام بنت ملحان -أبو عمر علي بن عبد الله بن شديد الصياح المطيري تقديم: فضيلة الشيخ المحدث: عبد الله بن عبد الرحمن السعد، الناشر: دار المحدث للنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى، ذو القعدة 1425 هـ(1/37). 9- قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز: نهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم سداً لذريعة الفساد وإغلاقاً لباب الإثم وحسماً لأسباب الشر وحماية للنوعين من مكايد الشيطان ولهذا صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء"(التبرج وخطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله المؤلف: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الطبعة: الأولى الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية، تاريخ النشر: 1423هـ(1/27). 10- قال المناوي -رحمه الله تعالى- في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: "إيّاكم والدّخول على النّساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول اللّه، أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت"(أخرجه البخاريّ، كتاب النّكاح باب: لا يخلونّ رجل بامرأة إلّا ذو محرم برقم(5232)، ومسلم، كتاب السّلام، باب: تحريم الخلوة بالأجنبيّة والدّخول عليها برقم(2172)، وهو تنبيه المخاطب على محذور ليتحرز منه، أي اتقوا الدخول على النساء ودخول النساء عليكم وتضمن منع الدخول منع الخلوة بالأجنبية من باب أولى والنهي ظاهر العلة، والقصد به غير ذوات المحرم.. أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة فهو محرم شديد التحريم، وإنما بالغ في الزجر بتشبيهه بالموت لتسامح الناس في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من المرأة، وخرج هذا مخرج قولهم الأسد الموت أي لقاؤه يفضي إليه، وكذا دخول الحمو عليها يفضي إلى موت الدين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو برجمها إن زنت معه وقد بالغ مالك في هذا الباب حتى منع ما يجر إلى التهم، كخلوة امرأة بابن زوجها وإن كانت جائزة؛ لأن موقع امتناع الرجل من النظر بشهوة لامرأة أبيه ليس كموقعة منه لأمه، هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية وذاك أنست به النفس الشهوانية، والحمو أخو الزوج وقريبه(فيض القدير(3/124). وقال الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: والخوف من الحمو بهذا النهي جاء لأن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة أكثر، لتمكنه من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي(صحيح مسلم بشرح النووي(14/154). 11- ذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز للحرة أن تسافر بغير محرم، فسفرها مع غير المحرم خلوة محرمة(انظر: نصاب الاحتساب للسنامي(132/241) والفتاوى الهندية(5/366).