حكمة
2022-10-12 - 1444/03/16التعريف
تعريف الحكمة في اللغة : جاءت الحكمة في اللغة بعدة معان، منها :
1 - تستعمل بمعنى: العدل، والعلم، والحلم، والنبوة، والقرآن، والإنجيل . وأحكم الأمر: أتقنه فاستحكم ومنعه عن الفساد [القاموس المحيط ، لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي ، المتوفى 817هـ ، باب الميم ، فصل الحاء ، ص1415 ، وانظر : لسان العرب لابن منظور ، باب الميم ، فصل الحاء12 / 143 ، ومختار الصحاح ، مادة : حكم ، ص62] .
2 - والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم ، ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها : حكيم [النهاية في غريب الحديث والأثر ، لابن الأثير ، باب الحاء مع الكاف ، مادة حكم 1 / 119 ، وانظر :لسان العرب لابن منظور ، باب الميم ، فصل الحاء ،12 / 140 ، والمعجم الوسيط ، مادة : حكم : 1 / 190] .
3 - والحكيم: المتقن للأمور ، يقال للرجل إذا كان حكيمًا : قد أحكمته التجارب [لسان العرب لابن منظور ، باب الميم ، فصل الحاء ، 12 / 143 ، ومختار الصحاح ، مادة : حكم ، ص 62].
4 - والحَكَمُ والحكيم هما بمعنى : الحاكم والقاضي ، والحكيم فعيل بمعنى فاعل ، أو هو الذي يُحكِمُ الأشياء ويتقنها ، فهو فعيل بمعنى : مفعل [النهاية في غريب الحديث والأثر ، لابن الأثير ، باب الحاء مع الكاف ، مادة : حكم 1 / 419].
5 - والحكمة : إصابة الحق بالعلم والعقل [المفردات في غريب القرآن, للراغب الأصفهاني, كتاب الحاء, مادة : حكم ص 127] .
6 - والحكيم : المانع من الفساد ، ومنه سُمِّيت حَكَمة اللجام ؛ لأنها تمنع الفرَس من الجري والذهاب في غير قصد ، والسورة المحكمة : الممنوعة من التغيير وكل التبديل ، وأن يلحق بها ما يخرج عنها ، ويزاد عليها ما ليس منها . والحكمة من هذا ؛ لأنها تمنع صاحبها من الجهل ، ويقال : أحكم الشيء إذا أتقنه ومنعه من الخروج عما يريد ، فهو محكم وحكيم على التكثير [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1 / 288 بتصرف يسير] .
7 - والحَكَمَةُ : ما أحاط بحنكي الفرس ، سميت بذلك ؛ لأنها تمنعه من الجري الشديد ، وتذلل الدابة لراكبها ، حتى تمنعها من الجماح ، ومن كثير من الجهل ، ومنه اشتقاق الحكمة ؛ لأنها تمنع صاحبها من أخلاق الأراذل [المصباح المنير ، لأحمد بن محمد الفيومي ، المتوفى سنة 770هـ ، مادة : الحكم ، 1 / 145 ، وتاج العروس 8 / 253] .
8 - والحُكْمُ : هو المنع من الظلم ، وسميت حكمة الدابة ، لأنها تمنعها ، يقال : حكمت الدابة وأحكمتها ، ويقال : حكمت السفيه ، وأحكمته إذا أخذت على يديه ، والحكمة هذا قياسها ؛ لأنها تمنع من الجهل ، وتقول : حكمت فلانًا تحكيمًا : منعته عما يريد [مقاييس اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس 2 / 91 ، باب الحاء والكاف ، مادة : حكم].
ومما تقدم يتضح ويتبين أن الحكمة يظهر فيها معنى المنع ، فقد استعملت في عدة معان تتضمن معنى المنع :
فالعدل : يمنع صاحبه من الوقوع في الظلم .
والحلم : يمنع صاحبه من الوقوع في الغضب .
والعلم : يمنع صاحبه من الوقوع في الجهل .
والنّبوة ، والقرآن ، والِإنجيل : فالنبي إنما بعث لمنع من بعث إليهم من عبادة غير الله ، ومن الوقوع في المعاصي والآثام ، والقرآن والِإنجيل وجميع الكتب السماوية أنزلها الله تتضمن ما يمنع الناس من الوقوع في الشرك وكل منكر وقبيح .
ومن فسر الحكمة بالمعرفة فهو مبني على أن المعرفة الصحيحة فيها معنى المنع ، والتحديد ، والفصل بين الأشياء ، وكذلك الِإتقان ، فيه منع للشيء المتقن من تطرق الخلل والفساد إليه ، وفي هذا المعنى قال شيخ الِإسلام ابن تيمية رحمه اللّه: الِإحكام هو الفصل والتمييز والفرق والتحديد الذي به يتحقق الشيء ويحصل إتقانه ولهذا دخل فيه معنى المنع كما دخل في الحد بالمنع جزء معناه لا جميع معناه [مجموعة الرسائل الكبرى ، لابن تيمية (2 / 7) ].
تعريف الحكمة في الاصطلاح الشرعي :
ذكر العلماء مفهوم الحكمة في القرآن الكريم والسنة النبوية، واختلفوا على أقوال كثيرة، فقيل: الحكمة؛ النبوة، وقيل: القرآن والفقه به: ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله. وقيل: الإصابة في القول والفعل، وقيل: معرفة الحق والعمل به، وقيل: العلم النافع والعمل الصالح ، وقيل: الخشية لله، وقيل: السنة، وقيل: الورع في دين الله، وقيل: العلم والعمل به، ولا يسمى الرجل حكيماً إلا إذا جمع بينهما، وقيل: وضع كل شيء في موضعه. وقيل : سرعة الجواب مع الإصابة [الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني (1/18) ] .
وقد ذكر بعضهم تسعة وعشرين قولًا في تعريف الحكمة . وهذه الأقوال كلها قريب بعضها من بعض ؛ لأن الحكمة مصدر من الِإحكام، وهو الإتقان في قول أو فعل، فكل ما ذكر فهو نوع من الحكمة التي هي الجنس ، فكتاب الله حكمة ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حكمة، وكل ما ذكر من التفصيل فهو حكمة.
وأصل الحكمة ما يمتنع به من السفه. فقيل للعلم حكمة؛ لأنه يمتنع به من السفه، وبه يعلم الامتناع من السفه الذي هو كل فعل قبيح . . [الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3 / 330)، وانظر : البحر المحيط (2 / 320)]، [الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني (1/18) ] .
وعند التأمل والنظر نجد أن التعريف الشامل الذي يجمع ويضم جميع هذه الأقوال في تعريف الحكمة هو: الِإصابة في الأقوال والأفعال، ووضع كل شيء في موضعه . فجميع الأقوال تدخل في هذا التعريف ؛ لأن الحكمة مأخوذة من الحكم وفصل القضاء الذي هو بمعنى الفصل بين الحق والباطل ، يقال : إن فلاناً لحكيم بيِّن الحكمة ، يعني : أنه لبين الِإصابة في القول والفعل ، فجميع التعاريف داخلة في هذا القول ، لأن الِإصابة في الأمور إنما تكون عن فهم بها ، وعلم ، ومعرفة ، والمصيب عن فهمِ منه بموِاضع الصواب يكون في جميع أموره : فهمًا ، خاشيًا لله ، فقيهًا عالما ، عاملا بعلمه ، ورعًا في دينه . . .
والحكمة أعم من النبوة ، والنبوة بعض معانيها وأعلى أقسامها ؛ لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مسددون ، مفهمون ، وموفقون لِإصابة الصواب في الأقوال ، والأفعال ، والاعتقادات ، وفي جميع الأمور [انظر : تفسير الطبري (1 / 436)، (3 / 61) ]، [الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني (1/19) ] .
العناصر
1- حكمة الشارع في تحريم صور ذوات الأرواح .
2- صور من حكمة الله تعالى لبعض العبادات والمخلوقات .
3- من حكمة الله أن جعل الرجل يختلف عن المرأة في الجسم والعقل والنفس وبعض الأحكام الشرعية ونحوه .
4- حكمة مشروعية التعدد في الإسلام والأدلة على ذلك .
5- من حكمة الله تعالى ودلائل ربوبيته ووحدانيته وصفات كماله تخصيص بعض مخلوقاته بمزايا وفضائل .
6- التفاوت في الأرزاق حكمة من الله تعالى، يمحص بها الأغنياء، ويبتلي الفقراء .
7- التفكر من أفضل العبادات، فهو يورث الحكمة .
8- الحكمة من تنوع الطاعات وتكرارها .
9- أهمية الحكمة في الدعوة إلى الله .
10- فرائض الله كلها حكم وفوائد .
الايات
1- قَالَ الله تَعَالَى: (ادْعُ إِلَى سَبيلِ رَبِّكَ بالحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل:125].
2- قَالَ الله تَعَالَى: (وَعِبَادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمَاً) [الفرقان:63] .
الاحاديث
- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ) متفق عليه.
الاثار
1- قال علي رضي الله عنه: الربانيون: هم الذين يغذون الناس بالحكمة [مجموع الفتاوى] .
2- قال الفضيل بن عياض: نعمت الهدية الكلمة الطيبة من الحكمة يحفظها الرجل حتى يلقيها إلى أخيه [مواعظ الإمام الفضيل بن عياض للشيخ محمد الحمد] .
3- قال عبد الله بن المبارك لرجل: اترك فضول الكلام توفق للحكمة .
4- قال مكحول: ما أخلص عبد قط أربعين يوما إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه [مدارج السالكين] .
5- قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: كونوا ربّانيّين حكماء فقهاء [فتح الباري (1/ 192) ] .
6- قال معاوية بن أبي سفيان رضي اللّه عنهما: لا حليم إلّا ذو عثرة ولا حكيم إلّا ذو تجربة [فتح الباري (10/ 546) ] .
7- عن عون بن عبد اللّه؛ قال: قال عبد اللّه: نعم المجلس مجلس ينشر فيه الحكمة، وترجى فيه الرّحمة [الدارمي (1/ 75) رقم (293) ] .
8- عن شرحبيل بن شريك أنّه سمع أبا عبد الرّحمن الحبليّ يقول: «ليس هديّة أفضل من كلمة حكمة تهديها لأخيك [الدارمي (1/ 84) رقم (357) ] .
9- عن كعب، قال: عليكم بالقرآن، فإنّه فهم العقل، ونور الحكمة، وينابيع العلم، وأحدث كتب الرّحمن عهدا، وقال في التّوراة: يا محمّد، إنّي منزّل عليك توراة حديثة، تفتح بها أعينا عميّا، وآذانا صمّا، وقلوبا غلفا [الدارمي (2/ 84312) رقم (3327) ].
10- عن وهب بن منبّه قال: أجمعت الأطبّاء على أنّ رأس الطّبّ الحمية، وأجمعت الحكماء أنّ رأس الحكمة الصّمت [حسن السمت في الصمت للسيوطي (24) ] .
11- عن السّكن بن عمير؛ قال: سمعت وهب بن منبّه يقول: يا بنيّ عليك بالحكمة، فإنّ الخير في الحكمة كلّها، وتشرّف الصّغير على الكبير، والعبد على الحرّ، وتزيد السّيّد سؤددا، وتجلس الفقير مجالس الملوك [أخرجه الدارمي (1/ 90) رقم (395) ] .
12- عن كثير بن مرّة، قال: لا تحدّث الباطل للحكماء فيمقتوك، ولا تحدّث الحكمة للسّفهاء فيكذّبوك، ولا تمنع العلم أهله فتأثم، ولا تضعه في غير أهله فتجهل، إنّ عليك في علمك حقّا، كما أنّ عليك في مالك حقّا أخرجه الدارمي (1/ 88) رقم (384) ] .
13- أخرج ابن باكويه، عن أحمد بن خالد عن أبيه؛ قال: أدنى نفع الصّمت السّلامة، وأدنى ضرر (المنطق) النّدامة. والصّمت عمّا لا يعني من أبلغ الحكم [حسن السمت في الصمت للسيوطي (32) ] .
14- عن عمر بن عبد العزيز؛ قال: إذا رأيتم الرّجل يطيل الصّمت ويهرب من النّاس، فاقتربوا منه فإنّه يلقي الحكمة [حسن السمت في الصمت للسيوطي (25) ] .
15- أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية (يؤت الحكمة) قال: الخشية، لأنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمة [الدر المنثور (2/ 69) ] .
16- عن مطر الورّاق قال: بلغنا أنّ الحكمة خشية اللّه والعلم باللّه [الدر المنثور (2/ 69) ] .
17- عن عروة بن الزّبير قال: كان يقال: الرّفق رأس الحكمة [الدر المنثور (2/ 69) ] .
القصص
- سئلت عجوز يفيض وجهها بشراً وجمالاً: أي مواد التجميل تستعملين؟ قالت: أستخدم لشفتي الحق، ولصوتي الذكر، ولعيني غض البصر، وليدي الإحسان، ولقوامي الاستقامة، ولقلبي حب الله، ولعقلي الحكمة، ولنفسي الطاعة، ولهواي الإيمان.
الاشعار
الدراسات
متفرقات
1- قال أبو عثمان النيسابوري: من أمَّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً - نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة, لأن الله يقول: (وإن تطيعوه تهدوا) [مجموع الفتاوى] .
2- قال ابن تيمية رحمه الله: وقد روي: إذا زهد العبد في الدنيا وكل الله سبحانه بقلبه ملكاً يغرس فيه آثار الحكمة كما يغرس أكار أحدكم الفسيل في بستانه [درء تعارض العقل والنقل] .
3- قال أبو حاتم: فالواجب على العاقل أن يكون بما أحيا عقله من الحكمة أكلف منه بما أحيا جسده من القوت؛ لأن قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقل الحكم، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، وكذلك العقول إذا فقدت قوتها من الحكمة ماتت [روضة العقلاء] .
4- قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور واصفاً الحكيمَ بقوله: فهو دائماً ينظر نفسه، فيستفيد علوماً، ويلمح العالم، فيزداد تذكرة، وتزوى له الدنيا فلا تهزه وهو مسرور بإقبالها، وتدبر عنه وهو مسرور بما يعلم من إخلافها، ربما نام ليلة وهو يرصد طلوع الصباح للرجوع إلى لذة التفكير التي قطها عنه النوم، فإن حاول أمراً، أو أتم له فلا تسل عن لذته منه، وإن لم يتم فقد حَصَّل -في الأقل- معرفة طريق لا يهدي إليه، ومتى أَلَمَّ به ضرر من مصاب استهون به في فائدة التجربة، كما يرى العالم النحرير؛ فيسره مرآه؛ لما ينال من علمه، كذلك يرى الأحمق الجاهل؛ فيعلمه وبالأقل يأخذ الحكمة من حاله بطريق الحضارة، فرب خطأ جر إلى صواب . إذن فالحكيم لا يتنكد أبداً وهو مسرور في كل وقت، سبب ذلك علمه بحقيقة كل شيء؛ لأنَّ هذه الدنيا وإن كانت خضرة حلوة فإنها تعقب تفاهة أو مرارة في فم مجتنيها، ومن ثمَّ لا يوجد فيها سرور متساوي الأطراف، وقد كادت مصالحها أن لا تسلم من ضرر تخلفه [مقال: اللذة مع الحكمة؛ للشيخ محمد الطاهر بن عاشور] .
5- قال الكفويّ: الحكمة عند العلماء هي استعمال النّفس الإنسانيّة باقتباس العلوم النّظريّة واكتساب الملكة التّامّة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها، وقال بعضهم هي: العلم النّافع المعبّر عنه بمعرفة ما لها وما عليها المشار إليها بقوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة: 269]، [الكليات للكفوي (2/ 222) ].
6- قال ابن حجر: واختلف في المراد بالحكمة فقيل: الإصابة في القول. وقيل: الفهم عن اللّه، وقيل ما يشهد العقل بصحّته، وقيل نور يفرّق به بين الإلهام والوسواس. وقيل: سرعة الجواب بالصّواب. وقيل: غير ذلك، ثمّ نقل عن الإمام النّوويّ قوله: في الحكمة أقوال كثيرة مضطربة صفا لنا منها: أنّ الحكمة هي العلم المشتمل على المعرفة باللّه مع نفاذ البصيرة وتهذيب النّفس وتحقيق الحقّ للعمل به والكفّ عن ضدّه، والحكيم من حاز ذلك [فتح الباري (7/ 126)، (1/ 549) ].
7- عن الإمام مالك؛ أنّه بلغه أنّ لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: يا بنيّ جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإنّ اللّه يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السّماء [تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك (3/ 161) ] .
8- قال ابن القيّم رحمه اللّه: إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستّة مشاهد: أحدها: مشهد التّوحيد، وأنّ اللّه هو الّذي قدّره وشاءه وخلقه، وما شاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن. الثّاني: مشهد العدل، وأنّه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه. الثّالث: مشهد الرّحمة، وأنّ رحمته في هذا المقدّر غالبة لغضبه وانتقامه، ورحمته حشوه. الرّابع: مشهد الحكمة، وأنّ حكمته سبحانه اقتضت ذلك لم يقدّره سدى ولا قضاه عبثا. الخامس: مشهد الحمد، وأنّ له سبحانه الحمد التّامّ على ذلك من جميع وجوهه. السّادس: مشهد العبوديّة، وأنّه عبد محض من كلّ وجه تجري عليه أحكام سيّده وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده، فيصرّفه تحت أحكامه القدريّة كما يصرّفه تحت أحكامه الدّينيّة، فهو محلّ لجريان هذه الأحكام عليه [الفوائد (48)] .
9- ذكر أهل التّفسير أنّ الحكمة في القرآن على ستّة أوجه:
أحدها: الموعظة: ومنه قوله تعالى في [القمر: 5]: (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ).
الثّاني: السّنّة: ومنه قوله تعالى في [البقرة: 151]: (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ).
الثّالث: الفهم: ومنه قوله تعالى في [لقمان: 12]: (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ).
الرّابع: النّبوّة: ومنه قوله تعالى في [ص: 20]: (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ).
الخامس: القرآن: أمره ونهيه: ومنه قوله تعالى في [النّحل: 125]: (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ).
السّادس: علوم القرآن: ومنه قوله تعالى في [البقرة: ] (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)
. وقد أورد ابن الجوزيّ للمفسّرين في هذه الآية سبعة أقوال:
1- أنّ المراد بالحكمة القرآن، قاله ابن مسعود رضي اللّه عنه.
2- علوم القرآن: ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ونحو ذلك، قاله ابن عبّاس رضي اللّه عنهما.
3- النّبوّة: روي عن ابن عبّاس أيضا، وأسباط والسّدّيّ.
4- الفقه والعلم: رواه ليث عن مجاهد.
5- الإصابة: رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.
6- الخشية للّه، قاله الرّبيع عن أنسةرضي اللّه عنه.
7- العقل في الدّين: قاله ابن زيد.
وأمّا الحكيم فقد ورد في القرآن على خمسة أوجه:
1- بمعنى الأمور المقضيّة على وجه الحكمة: (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان: 4].
2- بمعنى اللّوح المحفوظ: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف: 4].
3- بمعنى الكتاب المشتمل على قبول المصالح: (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) [يونس: 1].
4- بمعنى القرآن العظيم المبيّن لأحكام الشّريعة: (يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) [يس: 1- 2].
5- المخصوص بصفة اللّه عزّ وجلّ تارة مقرونا بالعلوّ والعظمة: (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)
وتارة مقرونا بالعلم والدّراية: (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)،
وتارة مقرونا بكمال الخبرة: (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)،
وتارة مقرونا بكمال العزّة: (وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [بصائر ذوي التمييز (2/ 492)]، [وانظر نضرة النعيم (5/1679) ] .
التحليلات
الإحالات
1- الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني الطبعة : الأولى الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر : 1423هـ (1/15) .
2- التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور المؤلف : محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) الناشر : مؤسسة التاريخ العربي، بيروت – لبنان الطبعة : الأولى، 1420هـ/2000م (21/98) .
3- فيض القدير شرح الجامع الصغير المؤلف : عبد الرؤوف المناوي الناشر : المكتبة التجارية الكبرى – مصر الطبعة الأولى ، 1356 (1/358) .
4- الكشكول ـ موافق للمطبوع المؤلف : الشيخ بهاء الدين محمد بن حسين العاملي دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1418هـ -1998م الطبعة : الأولى تحقيق : محمد عبد الكريم النمري (2/306) .
5- مفهوم الحكمة في الدعوة المؤلف : صالح بن عبد الله بن حميد الطبعة : الأولى الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية الأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية تاريخ النشر : 1422هـ .
6- مقالات وبحوث الدكتور عبد الكريم بكار أعدها الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود (1/117) .
7- مجلة البيان المؤلف : تصدر عن المنتدى الإسلامي - في إشراقة آية (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) بقلم : د . عبد الكريم بكار (94/26) .
8- مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة المؤلف : الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الناشر : موقع الجامعة على الإنترنت
http://www.iu.edu.sa/Magazine (13/442) . 9- شرح الوصية الكبرى لابن تيمية المؤلف: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي (3/3) .
10- الخُلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة المؤلف: د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني الناشر: مطبعة سفير، الرياض توزيع: مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان، الرياض (1/68) .
11- الوسطية في القرآن الكريم المؤلف: الدكتور عَلي مَحَّمد محمد الصَّلاَّبي الناشر: مكتبة الصحابة، الشارقة - الإمارات، مكتبة التابعين، القاهرة – مصر الطبعة: الأولى، 1422 هـ - 2001 م (1/137) .
12- مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة - مفهوم، ونظر، وتطبيق المؤلف: د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني الناشر: مطبعة سفير، الرياض توزيع: مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان، الرياض (1/29) .
13- القطوف الدانية المؤلف: أبو هاشم صالح بن عوّاد بن صالح المغامسي مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية http://www.islamweb.net (5/3) .