حاكمية
2022-10-04 - 1444/03/08التعريف
الحاكمية لغة: حاكمية مفرد: مصدر صناعي من حاكَم: وهو منصب الحاكم، أو وظيفته، أو لقبه الوظيفي، ويطلق عليها المعاصرون: “قضية الحاكمية”(انظر: “معجم اللغة العربية المعاصرة”1 -539)؛ د أحمد مختار عبدالحميد عمر).
فالحاكمية مصدرٌ صناعي، لكنه يؤدي المعنى الذي يؤديه المصدر القياسي (الحكم).
ولفظ (الحاكمية) من الألفاظ المولدة، وأول من استخدمها في خطابه السياسي والديني هو العلامة الهندي الشهير أبو الأعلى المودودي، ثم أخذت عنه بعد ذلك وانتشرت وذاعت.
فقد بحث المودودي فكرة الحاكمية في إطار المسائل الأساسية للدستور الإسلامي، وتعرَّض للحاكمية في أول المسائل التي أثارها، باعتبارها مفتاح المشكلة في المنظومة الدستورية في نظره، وقد صاغ المودودي فكره السياسي - ومنه ما كتبه عن الحاكمية - ما بين 1937 - 1941م، عندما كانت الحاكمية في الهند للاستعمار الإنجليزي، وهي سلطة بشرية جاهلية كافرة، وكانت تلوح في أفق الهند المستعمرة يومئذ صورة الهند المستقلة كما تصورها “حزب المؤتمر” دولة قومية ديمقراطية علمانية ـ على النمط الغربي ـ وفيها ستكون الحاكمية للجاهلية الهندوكية الكافرة، وأمام هذه الحقيقة أعلن المودودي بأعلى صوته عن كفره بهذه الحاكمية البشرية، وركز على الجانب الإلهي من الحاكمية.
وقد نالت فكرة الحاكمية نصيبًا أوفى في كتابه “تدوين الدستور الإسلامي”، وحقيقة هذا المؤلف رد على صرخة تحدٍّ خرجت من أفواه العلمانيين وقتها؛ حيث قام المحامي أ.ك، روهي متحديًا بأن من استطاع أن يثبت لي أن القرآن يشتمل على مبادئ دستورية فله جائزة خمسة آلاف روبية، وقام المودودي بالتصدي لهذا التحدي والرد عليه؛ فألف “أسس الدستور الإسلامي في القرآن”، وألقى محاضرة في كراتشي بعنوان “تدوين الدستور الإسلامي”، وهذا ما جعل المحامي بوهي يقتنع بالأفكار التي طرحها المودودي، وساهم بعد ذلك في تقديم مشروع دستوري في المجلس التأسيسي موافقًا للدستور الإسلامي.
ومعنى الحاكمية عند المودودي: يبين المودودي الحاكمية بقوله: تطلق هذه الكلمة على السلطة العليا، والسلطة المطلقة، على حسب ما يصطلح عليه اليوم في علم السياسة.
فالحاكمية بهذا المعنى هي السلطة العليا المهيمنة على غيرها من السلطات، وهذا التعريف الذي أورده المودودي قريب من تعاريف المفكرين الغربيين لمفهوم السيادة (نحو بناء مداخل منهجية وفقه جديد لمفهوم الحاكمية”؛ لأحسن لحساسنة).
حكم بما انزل الله
العناصر
1- مزايا شريعة الله
2- الكتاب والسنة مصدر الشريعة
3- صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان
4- تحكيم شرع الله من مقتضيات الإيمان
5- طعن الأعداء في شريعة رب السماء
6- ثمرات الحكم بما أنزل الله
7- مفاسد الإعراض عن الحكم بما أنزل الله
8- بعض الحلول والعلاج لإعادة حكم الله والتزامه
الايات
1- قال تعالى: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[البقرة: 137].
قال تعالى: (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [البقرة: 213].
2- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ * ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) [آل عمران: 23- 24].
3- قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً * يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء: 58-59].
4- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً) [النساء: 60].
5- قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء: 65].
6- قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً *وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء: 105-106].
7- قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة: 3].
8- قال تعالى: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ *سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ * وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة: 41-45].
8- قال تعالى: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ * وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 47-50].
9- قال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ)[الأنعام: 57].
قال تعالى: (أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)[الأنعام: 62].
قال تعالى” وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا)[الكهف: 62]
قوله تعالى: (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور: 48-51].
10- تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)[الأحزاب: 36].
قوله تعالى: (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) [ص: 26].
11- قال تعالى: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)[الشورى: 15].
قال تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) [الطور: 48].
13- قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)[الحديد: 25].
الاحاديث
1- عن ابن عبّاس -رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول إذا قام إلى الصّلاة من جوف اللّيل “اللّهمّ لك الحمد أنت نور السّماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيّوم السّماوات والأرض ولك الحمد، أنت ربّ السّماوات والأرض ومن فيهنّ، أنت الحقّ، ووعدك الحقّ، وقولك الحقّ، ولقاؤك حقّ، والجنّة حقّ، والنّار حقّ، والسّاعة حقّ، اللّهمّ لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكّلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدّمت وأخّرت وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلّا أنت”(رواه البخاري: 1120، ومسلم: 769).
2- عن أبي سعيد الخدريّ -رضي اللّه عنه- قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى سعد فأتاه على حمار، فلمّا دنا قريبا من المسجد، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للأنصار “قوموا إلى سيّدكم” (أو خيركم)، ثمّ قال “إنّ هؤلاء نزلوا على حكمك” قال: تقتل مقاتلتهم وتسبي ذرّيّتهم. قال فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “قضيت بحكم اللّه”(رواه البخاري: 3043، ومسلم: 1768).
3- عن عمرو بن العاص -رضي اللّه عنه- أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثمّ أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثمّ أخطأ فله أجر”(رواه البخاري: 7352، ومسلم: 1716).
4- عن سليمان بن بريدة عن أبيه. قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أمّرا أميرا على جيش أو سريّة، أوصاه في خاصّته بتقوى اللّه ومن معه من المسلمين خيرا. ثمّ قال: “اغزوا باسم اللّه في سبيل اللّه، قاتلوا من كفر باللّه. اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال) فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى الإسلام. فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين. وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحوّلوا منها، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم اللّه الّذي يجري على المؤمنين. ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء. إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين.
فإن هم أبوا فسلهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم؛ فإن هم أبوا فاستعن باللّه وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة اللّه وذمّة نبيّه فلا تجعل لهم ذمّة اللّه ولا ذمّة نبيّه، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك، فإنّكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم، أهون من أن تخفروا ذمّة اللّه وذمّة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم اللّه، فلا تنزلهم على حكم اللّه. ولكن أنزلهم على حكمك. فإنّك لا تدري أتصيب حكم اللّه فيهم أم لا”(رواه مسلم: 1731).
5- عن شريح بن هانئ قال: حدّثني هانئ ابن يزيد أنّه لمّا وفد إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مع قومه فسمعهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: “ إنّ اللّه هو الحكم وإليه الحكم، فلم تكنّيت بأبي الحكم؟” قال: لا، ولكنّ قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين قال: “ ما أحسن هذا”، ثمّ قال: “مالك من الولد؟” قلت لا لي شريح وعبد اللّه ومسلم بنو هانئ قال: “فمن أكبرهم؟” قلت: شريح قال: “فأنت أبو شريح “ودعا له ولولده. (رواه البخاري في الأدب المفرد: 811 واللفظ له، والنسائي: 8/ 226 وأبو داود: 4955، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1845).
6- عن عبد اللّه بن عمرو -رضي اللّه عنهما- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “أنّ سليمان بن داود صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا بنى بيت المقدس سأل اللّه -عزّ وجلّ- خلالا ثلاثة: سأل اللّه -عزّ وجلّ- حكما يصادف حكمه فأوتيه، وسأل اللّه -عزّ وجلّ- ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل اللّه -عزّ وجلّ- حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهزه إلّا الصّلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمّه”(رواه النسائي: 2-34 واللفظ له، وابن ماجه: 1408).
7- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “والّذي نفسي بيده، ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصّليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتّى لا يقبله أحد”(رواه البخاري: 2222، ومسلم: 155).
8- عن عبد اللّه -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “أوّل ما يقضى بين النّاس، يوم القيامة، في الدّماء”(رواه البخاري: 6864، ومسلم: 1678).
9- عن أمّ سلمة -رضي اللّه عنها- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “إنّكم تختصمون إليّ، ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض، فمن قضيت له بحقّ أخيه شيئا بقوله فإنّما أقطع له قطعة من النّار، فلا يأخذها”(رواه البخاري:2680، ومسلم: 1713).
10- عن أبي بريدة عن أبيه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: القضاة ثلاثة: واحد في الجنّة، واثنان في النّار، فأمّا الّذي في الجنّة فرجل عرف الحقّ فقضى به ورجل عرف الحقّ فجار في الحكم فهو في النّار، ورجل قضى للنّاس على جهل فهو في النّار”(رواه أبو داود: 3573 واللفظ له، والترمذي: 1322، وابن ماجه: 2315، وصححه الحاكم: 4-90 ووافقه الذهبى).
11- عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة قال: كتب أبو بكرة إلى أبيه، وكان بسجستان، بأن لا تقض بين اثنين وأنت غضبان، فإنّي سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: “لا يقضينّ حكم بين اثنين وهو غضبان”(رواه البخاري: 7158، مسلم: 1717).
12- عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “ما من أمير عشرة إلّا يؤتى به يوم القيامة مغلولا حتّى يفكّ عنه العدل أو يوبقه الجور”(رواه أحمد: 2-431، وقال محقق شرح السنة للبغوي: إسناده حسن: 10- 59، والترغيب والترهيب: 3-139 وجود إسناده).
13- عن زهير -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم “إنّ المقسطين عند اللّه، على منابر من نور، عن يمين الرّحمن عزّ وجلّ. وكلتا يديه يمين؛ الّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا”(رواه مسلم: 1827).
14- عن أبي أمامة الباهلي -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم “لَتُنقَضَنَّ عُرى الإسلامِ عُرْوةً عُرْوةً، فكلَّما انتقَضَتْ عُرْوةٌ تَشبَّثَ النّاسُ بالتي تَليها، وأوَّلُهنَّ نَقضًا الحُكمُ، وآخِرُهنَّ الصَّلاةُ”(أخرجه أحمد: ٢٢١٦٠، وابن حبان: ٦٧١٥، والطبراني (٨/١١٦) ٧٤٨٦، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده جيد).
15- عن عبد الله بن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: أقبلَ علينا رَسولُ اللهِ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالَ: “يا معشرَ المُهاجِرينَ خمسٌ إذا ابتُليتُمْ بِهِنَّ وأعوذُ باللهِ أن تدرِكوهنَّ” .. وذكر منها “وما لَم تَحكُم أئمَّتُهُم بِكِتابِ اللهِ ويتخيَّروا مِمّا أنزلَ اللهُ إلّا جعلَ اللهُ بأسَهُم بينَهُم”(أخرجه ابن ماجه: ٤٠١٩، وصححه الألباني).
16- عن عبد الله بن عباس -رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم “خمسٌ بخمسٍ، ما نقض قومٌ العهدَ إلا سُلِّطَ عليهم عدَوُّهم، وما حكموا بغير ما أنزل اللهُ إلا فشا فيهم الفقرُ...” الحديث (أخرجه الطبراني (١١/٤٥) ١٠٩٩٢، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:٣٢٤٠).
17- عن سليك الغطفاني -رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم “الحلالُ ما أحلَّ اللهُ في كتابِه، و الحرامُ ما حرَّم اللهُ في كتابِه، و ما سكت عنه فهو مما عفا عنه”(أخرجه الترمذي (١٧٢٦)،وابن ماجة (٣٣٦٧ وحسنه الألباني في صحيح الجامع ٣١٩٥).
الاثار
1- قال طاووس عن ابن عباس – أيضاً – في قوله: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)؛ قال: ليس بالكفر الذي يذهبون إليه”(أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/522/574) بإسناد صحيح سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني 6-114). وفي لفظ: “كفر لا ينقل عن الملة”. وفي لفظ آخر: “كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق”(أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/522/575) «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للإلباني (6/114) ولفظ ثالث: “هو به كفره، وليس كمن كفر بالله، وملائكته، وكتبه ورسله”(أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/521/570) وإسناده صحيح).
القصص
1- لما فتحت مدائن قبرص جلس أبو الدرداء يبكي، فسأله جبير بن نفير عن سبب ذلك وهم في نصر، فقال: يا جبير بن نفير، ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره بينا هي أمة قاهرة ظاهرة على الناس، لهم الملك حتى تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى”(أخرجه سعيد بن منصور).
الاشعار
1- قال محمود مرسي:
وَاعْلَمْ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ قَدْ حَكَمَا *** بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ رَبِّي ظَلَمَا
وَاخْتَلَفُوا فَيهِ فَبَعْضُهُمْ قَطَعْ *** بِكُفْرِهِ وَبَعْضُهُمْ قَدِ امْتَنَعْ
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ كُفْرٌ أَكْبَرُ *** وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ كُفْرٌ أَصْغَرُ
وَقَدْ رَأَى ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّهْ *** بِأَنَّهُ يَكُونُ وَفْقَ النِّيَّهْ
وَأَنَّ مِنْهُ مَا يَكُونُ أَكْبَرَا *** وَمِنْهُ مَا يَكُونُ كُفْرًا أَصْغَرَا
فَمَنْ يُحَكِّمْ غَيْرَ شَرْعِ الْبَارِي *** تَقرَُّبًا بِذَاكَ لِلْكُفَّارِ
وَمَنْ يَرَ الْحُكْمَ بِشَرْع ٍ وَضْعِي *** أَوْلَى مِنَ الْحُكْمِ بِهَذَا الشَّرْعِ
أَوْ مَنْ يُنَحِّ شَرْع َرَبِّي جَانِبَا *** وَلَا يَرَاهُ لَازِمًا أَوْ وَاجِبَا
أَوْ قَالَ إِنَّهُ بِهِ مُخَيَّرُ *** فَكُفْرُهُ لَا شَكَّ كُفْرٌ أَكْبَرُ
أَمَّا إِذَا عَدَلَ عَنْهُ حَينَا *** مُعْتَقِدًا وُجُوبَهُ يَقِينَا
وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَحَقَّا *** بِتَرْكِهِ إِثْمًا فَعَاص ٍ حَقَّا
فَلَا يَكُونُ خَارِجًا عَنْ مِلَّتِهْ *** بِالْحُكْمِ مَرَّةً بِغَيْرِ شِرْعَتِهْ
وَهَكَذَا قَدْ وَجَبَ التَّفْصِيلُ *** وَإِنَّنِي لِرَأْيِهِ أَمِيلُ
فَلَا تُكُفِّرْ مُطْلَقًا مَنْ حَكَمَا *** بِغَيْرِ شَرْعِ رَبِّنَا فَتَظْلِمَا
وَانْظُرْ إِلَى اعْتِقَادِهِ وَحَالَتِهْ *** مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ مِلَّتِهْ
متفرقات
1- قال أبو عثمان النيسابوري: من أمَّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً - نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة, لأن الله يقول: (وإن تطيعوه تهدوا)”(مجموع الفتاوى).
2- قال ابن تيمية رحمه الله: “وقد روي: إذا زهد العبد في الدنيا وكل الله سبحانه بقلبه ملكاً يغرس فيه آثار الحكمة كما يغرس أكار أحدكم الفسيل في بستانه”(درء تعارض العقل والنقل).
3- قال أبو حاتم: “فالواجب على العاقل أن يكون بما أحيا عقله من الحكمة أكلف منه بما أحيا جسده من القوت؛ لأن قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقل الحكم، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، وكذلك العقول إذا فقدت قوتها من الحكمة ماتت”(روضة العقلاء).
4- قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور واصفاً الحكيمَ بقوله: “فهو دائماً ينظر نفسه، فيستفيد علوماً، ويلمح العالم، فيزداد تذكرة، وتزوى له الدنيا فلا تهزه وهو مسرور بإقبالها، وتدبر عنه وهو مسرور بما يعلم من إخلافها، ربما نام ليلة وهو يرصد طلوع الصباح للرجوع إلى لذة التفكير التي قطها عنه النوم، فإن حاول أمراً، أو أتم له فلا تسل عن لذته منه، وإن لم يتم فقد حَصَّل -في الأقل- معرفة طريق لا يهدي إليه، ومتى أَلَمَّ به ضرر من مصاب استهون به في فائدة التجربة، كما يرى العالم النحرير؛ فيسره مرآه؛ لما ينال من علمه، كذلك يرى الأحمق الجاهل؛ فيعلمه وبالأقل يأخذ الحكمة من حاله بطريق الحضارة، فرب خطأ جر إلى صواب . إذن فالحكيم لا يتنكد أبداً وهو مسرور في كل وقت، سبب ذلك علمه بحقيقة كل شيء؛ لأنَّ هذه الدنيا وإن كانت خضرة حلوة فإنها تعقب تفاهة أو مرارة في فم مجتنيها، ومن ثمَّ لا يوجد فيها سرور متساوي الأطراف، وقد كادت مصالحها أن لا تسلم من ضرر تخلفه”(مقال: اللذة مع الحكمة؛ للشيخ محمد الطاهر بن عاشور).
5- قال الكفويّ: “الحكمة عند العلماء هي استعمال النّفس الإنسانيّة باقتباس العلوم النّظريّة واكتساب الملكة التّامّة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها، وقال بعضهم هي: العلم النّافع المعبّر عنه بمعرفة ما لها وما عليها المشار إليها بقوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة: 269]”(الكليات للكفوي (2/ 222).
6- قال ابن حجر: "واختلف في المراد بالحكمة فقيل: الإصابة في القول. وقيل: الفهم عن اللّه، وقيل ما يشهد العقل بصحّته، وقيل نور يفرّق به بين الإلهام والوسواس. وقيل: سرعة الجواب بالصّواب. وقيل: غير ذلك، ثمّ نقل عن الإمام النّوويّ قوله: في الحكمة أقوال كثيرة مضطربة صفا لنا منها: أنّ الحكمة هي العلم المشتمل على المعرفة باللّه مع نفاذ البصيرة وتهذيب النّفس وتحقيق الحقّ للعمل به والكفّ عن ضدّه، والحكيم من حاز ذلك"(فتح الباري (7/ 126)، (1/ 549).
7- عن الإمام مالك: “أنّه بلغه أنّ لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: يا بنيّ جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإنّ اللّه يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السّماء”(تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك 3-161).
8- قال ابن القيّم رحمه اللّه: “إذا جرى على العبد مقدور يكرهه فله فيه ستّة مشاهد: أحدها: مشهد التّوحيد، وأنّ اللّه هو الّذي قدّره وشاءه وخلقه، وما شاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن. الثّاني: مشهد العدل، وأنّه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه. الثّالث: مشهد الرّحمة، وأنّ رحمته في هذا المقدّر غالبة لغضبه وانتقامه، ورحمته حشوه. الرّابع: مشهد الحكمة، وأنّ حكمته سبحانه اقتضت ذلك لم يقدّره سدى ولا قضاه عبثا. الخامس: مشهد الحمد، وأنّ له سبحانه الحمد التّامّ على ذلك من جميع وجوهه. السّادس: مشهد العبوديّة، وأنّه عبد محض من كلّ وجه تجري عليه أحكام سيّده وأقضيته بحكم كونه ملكه وعبده، فيصرّفه تحت أحكامه القدريّة كما يصرّفه تحت أحكامه الدّينيّة، فهو محلّ لجريان هذه الأحكام عليه”(الفوائد: 48).
9- ذكر أهل التّفسير “أنّ الحكمة في القرآن على ستّة أوجه: أحدها: الموعظة: ومنه قوله تعالى في [القمر: 5]: (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ). الثّاني: السّنّة: ومنه قوله تعالى في [البقرة: 151]: (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ). الثّالث: الفهم: ومنه قوله تعالى في [لقمان: 12]: (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ). الرّابع: النّبوّة: ومنه قوله تعالى في [ص: 20]: (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ). الخامس: القرآن: أمره ونهيه: ومنه قوله تعالى في [النّحل: 125]: (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ). السّادس: علوم القرآن: ومنه قوله تعالى (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً). وقد أورد ابن الجوزيّ للمفسّرين في هذه الآية سبعة أقوال:
1- أنّ المراد بالحكمة القرآن، قاله ابن مسعود رضي اللّه عنه.
2- علوم القرآن: ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ونحو ذلك، قاله ابن عبّاس رضي اللّه عنهما.
3- النّبوّة: روي عن ابن عبّاس أيضا، وأسباط والسّدّيّ. 4- الفقه والعلم: رواه ليث عن مجاهد.
5- الإصابة: رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.
6- الخشية للّه، قاله الرّبيع عن أنسةرضي اللّه عنه.
7- العقل في الدّين: قاله ابن زيد. وأمّا الحكيم فقد ورد في القرآن على خمسة أوجه:
1- بمعنى الأمور المقضيّة على وجه الحكمة: (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان: 4].
2- بمعنى اللّوح المحفوظ: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف: 4].
3- بمعنى الكتاب المشتمل على قبول المصالح: (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) [يونس: 1].
4- بمعنى القرآن العظيم المبيّن لأحكام الشّريعة: (يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) [يس: 1- 2].
5- المخصوص بصفة اللّه عزّ وجلّ تارة مقرونا بالعلوّ والعظمة: (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) وتارة مقرونا بالعلم والدّراية: (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)، وتارة مقرونا بكمال الخبرة: (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)، وتارة مقرونا بكمال العزّة: (وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)”(بصائر ذوي التمييز (2/ 492)]، (وانظر نضرة النعيم (5/1679).
10- قال العز بن عبد السلام: “تفرد الإله بالطاعة، لاختصاصه بنعم الإنشاء والإبقاء والتغذية والإصلاح الديني والدنيوي، فما من خير إلا هو جالبه، وما من ضير إلا هو سالبه.. وكذلك لا حكم إلا له”(قواعد الأحكام).
11- قال ابن حجر الهيثمي في الصواعق: “المتغلب فاسق معاقب”.
12- قال القرطبي: “قال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش فيما *** يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها”(القرطبي في تفسيره).
13- قال الماوردي: “والحدود زواجر وضعها الله تعالى للردع عن ارتكاب ما حظر وترك ما أمر به”(الأحكام السلطانية).
14- قال ابن تيمية: “فالشارع لا ينظر في الاستطاعة الشرعية إلى مجرد إمكان الفعل، بل ينظر إلى لوازم ذلك فإذا كان الفعل ممكنا مع المفسدة الراجحة لم تكن هذه استطاعة شرعية”(منهاج السنة النبوية: 1-398).
15- قال ابن تيمية: “فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله وإقامة ما يمكنه من دينه ومصالح المسلمين، وأقام فيها ما يمكنه من الواجبات، واجتنناب ما يمكنه من المحرمات: لم يؤاخذ بما يعجز عنه، فإن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار”(مجموع الفتاوى: 28-396).
16- قال ابن تيمية: "أما إذا كان المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن: إما لجهله
وإما لظلمه، ولا يمكن إزالة جهله وظلمه، فربما كان الأصلح الكف والإمساك عن أمره ونهيه فالعالم في البيان والبلاغ كذلك، قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن، فإذا حصل من يقوم بالدين من العلماء، أو الأمراء أو مجموعهما: كان بيانه لما جاء به الرسول شيئاً فشيئاً بمنزلة بيان الرسول لما بعث به شيئاً فشيئاً، ومعلوم أن الرسول لا يبلغ إلا ما أمكن علمه العمل به، ولم تأت الشريعة جملة…. فكذلك المجدد لدينه، والمحيي لسنته لا يبلغ إلا ما أمكن علمه، والعمل به… ولا يكون ذلك من باب إقرار المحرمات، وترك الأمر بالواجبات، لأن الوجوب والتحريم مشروط بإمكان العلم والعمل وقد فرضنا انتفاء هذا الشرط”(مجموع الفتاوى: 20-36).
17- قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في الفوائد التي تستفاد من قصة شعيب مع قومه عند قوله تعالى: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)[هود:91] قال: “لو ساعد المسلمون الذين تحت ولاية الكفار وعملوا على جعل الولاية جمهورية يتمكن فيها الأفراد والشعوب من حقوقهم الدينية والدنيوية، لكان أولى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية وتحرص على إبادتها وجعلهم عملة وخدماً لهم. نعم إن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين وهم الحكام فهو المتعين، ولكن لعدم إمكان هذه المرتبة فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة. والله أعلم”(تيسير الكريم الرحمن).
18- قال ابن عثيمين في أقسام التوحيد الثلاثة: “زاد بعضهم توحيد الحاكمية وهذه الزيادة غلط زيادة زائدة في الواقع.
توحيد الحاكمية هي من وجه داخلة في توحيد الربوبية ومن وجه آخر داخلة في توحيد الألوهية؛ فمن جهة أن الله هو الحاكم وحده تدخل في توحيد الربوبية، ومن جهة أنه يجب على العباد أن ينفذوا أحكام الله داخلة في توحيد الألوهية، ولا حاجة لزيادة قسم رابع لكن أصلها -والله أعلم- أن قوما ابتدعوها من أجل مناقشة الحكام والولاة فيقول مثلا: أنتم إذا حكمتم بالقوانين فإنكم أخللتم بالتوحيد (توحيد الحاكمية) -على زعمهم- ونحن نقول لا حاجة لذلك بل هم أخلوا بتوحيد الربوبية أو بتوحيد الألوهية فبالنظر إلى أن الله تعالى له الحكم أخلوا بتوحيد الربوبية، وبالنظر إلى وجوب تنفيذ أحكامه أخلوا بتوحيد الألوهية”(شرح القواعد المثلى).
الإحالات
1- وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه؛ لعبد العزيز بن عبد الله بن باز.
2- الحكم بغير ما أنزل الله أحواله وأحكامه، د. عبدالرحمن بن صالح المحمود.
3- الحكم بغير ما أنزل الله؛ لبندر المحياني.