جنازة
2022-10-05 - 1444/03/09التعريف
الجَنازَةُ: الـمَيِّتُ، يُقالُ: ضَرَبَ فُلاناً حتّى تَرَكَهُ جَنازَةً، أيْ: مَيِّتاً. وتأْتـي بِـمعنى: السَّرِير الذي يُـحْمَلُ عليْهِ الـمَيِّتُ، ويُقالُ: جَنازَةٌ وجِنازَةٌ، وأَصْلُ الـجَنازَةِ مِن التَّجْنِيزِ، وهو: التَّهْيِئَةُ والتَّجْهِيزُ، يُقالُ: جَنَزْتُ الـمَيِّتَ، أَجْنِزُهُ، جَنْزاً، أيْ: جَهَّزْتُهُ.
(معجم مقاييس اللغة: 1-485، المحكم والمحيط الأعظم:7-299، المحيط في اللغة : 2-94).
اصطلاحا:
الـمَيِّتُ إذا كان مَوْضوعاً على سَرِيرِه ونَعْشِهِ.
ومن شواهده حديث: “مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً، فَلَهُ قِيرَاطٌ”(البخاري).
(معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : 1-540)
العناصر
1- فضل الصلاة على الجنائز واتباعها.
2- أحكام الصلاة على الجنائز وصفتها.
3- حكم الصلاة على الغائب والشهيد.
4- اتباع جنائز المسلمين من مقتضى الولاء والبراء.
5- حمل الجنازة وصفة السير بها.
6- دفن الميت وصفة القبر وما يسن فيه.
7- حكم التعزية وكيفيتها.
8- أنتم شهداء الله في أرضه.
الايات
1- قال الله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك1، 2] .
2- قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [آل عمران: 85] .
?
3- قوله تعالى: ( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 156] .
الاحاديث
1- عن أَبي الأسْوَدِ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّاب رضي الله عنه فَمَرَّتْ بِهمْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْراً، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بَأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْراً، فَقَالَ عُمرُ: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرّاً، فَقَالَ عُمر: وَجَبَتْ، قَالَ أَبُو الأسودِ: فقلتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أمْيرَ المُؤمِنينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كما قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: “أيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أرْبَعَةٌ بِخَيرٍ، أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ” فقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ؟ قَالَ: “وَثَلاثَةٌ” فقلنا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: “وَاثْنَانِ” ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَن الواحِدِ. (رواه البخاري: ٢٦٤٣).
2- عن أَبي رافع أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “مَنْ غَسَّلَ مَيتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ، غَفَرَ اللهُ لَهُ أربَعِينَ مَرَّة”(رواه الحاكم، وقال: صحيح عَلَى شرط مسلم).
3- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا، فَلَهُ قِيراطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ، فَلَهُ قِيرَاطَانِ” قِيلَ: وَمَا القِيرَاطانِ؟ قَالَ: “مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ”(أخرجه البخاري: ١٣٢٥، ومسلم: ٩٤٥).
4- عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إيماناً وَاحْتِسَاباً، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإنَّهُ يَرْجعُ مِنَ الأَجْرِ بِقيراطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقيرَاطٍ”(أخرجه البخاري ٤٧، ومسلم ٩٤٥).
5- عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا (أخرجه البخاري ١٢٧٨، ومسلم ٩٣٨).
ومعناه: وَلَمْ يُشَدَّدْ في النَّهْيِ كَمَا يُشَدَّدُ في المُحَرَّمَاتِ.
6- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ مَيتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِئَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ”(رواه مسلم: ٩٤٧).
7- عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيقومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئاً، إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ”(رواه مسلم: ٩٤٧).
8- وعن مرثدِ بن عبدِ الله اليَزَنِيِّ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بن هُبَيْرَة رضي الله عنه إِذَا صَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ، فَتَقَالَّ النَّاس عَلَيْهَا، جَزَّأَهُمْ عَلَيْهَا ثَلاَثَةَ أجْزَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أوْجَبَ”(رواه الترمذي: ١٠٢٨، وقال: حديث حسن).
9- عن أَبي عبد الرحمان عوف بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى جَنازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ، وَهُوَ يقُولُ: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّه مِن الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَس، وَأبدلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ، وَأهْلاً خَيراً مِنْ أهْلِهِ، وَزَوْجَاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأدْخِلهُ الجَنَّةَ، وَأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمنْ عَذَابِ النَّارِ” حَتَّى تَمَنَّيتُ أن أكُون أنَا ذَلِكَ الْمَيِّت. (رواه مسلم: 963).
10- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: “اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده”(رواه أبو داود: ٣٢٠١).
11- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى المَيِّتِ، فَأخْلِصُوا لَهُ الدُّعاء”(أخرجه أبو داود: ٣١٩٩، وحسنه الألباني).
12- عن وَاثِلَة بنِ الأَسْقَعِ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّى بِنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ ابْنَ فُلانٍ في ذِمَتِّكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ، وَعذَابَ النَّار، وَأنْتَ أهْلُ الوَفَاءِ وَالحَمْدِ؛ اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحيمُ”(أخرجه أبو داود: ٣٢٠٢، وصححه الألباني).
13- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: “أسْرِعُوا بالجَنَازَةِ، فَإنْ تَكُ صَالِحَةً، فَخَيرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ”(أخرجه البخاري: ١٣١٥ واللفظ له، ومسلم: ٩٤٤).
14- عن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم، يقُولُ: “إِذَا وُضِعَت الجَنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أعنَاقِهمْ، فَإنْ كَانَتْ صَالِحَةً، قالتْ: قَدِّمُونِي، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، قَالَتْ لأَهْلِهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ الإنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَ الإنسَانُ لَصَعِقَ”(رواه البخاري: 1316).
15- عن عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ في بَقيعِ الغَرْقَدِ، فَأتَانَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ، وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: “مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ” فقالوا: يَا رسولَ الله، أفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابنَا؟ فَقَالَ: “اعْمَلُوا؛ فكلٌّ مُيَسرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ”(رواه البخاري: 4949، ومسلم: 2647).
16- عن أَبي عمرو -وقيل: أَبُو عبد الله، وقيل: أَبُو ليلى- عثمان بن عفان رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا فُرِغَ مِن دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، وقال: “اسْتَغْفِرُوا لأخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإنَّهُ الآنَ يُسألُ”(أخرجه أبو داود: ٣٢٢١، وصححه الألباني).
17- عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قَالَ: إِذَا دَفَنْتُمُونِي، فَأقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقَسَّمُ لَحمُهَا حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ، وَأعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي (رواه مسلم: 121).
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: “وَيُسْتَحَبُّ أنْ يُقْرَأ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ القُرآنِ، وَإنْ خَتَمُوا القُرآنَ عِنْدَهُ كَانَ حَسَنَاً”.
18- عن أنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْراً، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “وَجَبَتْ” ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى، فَأثْنَوْا عَلَيْهَا شَرّاً، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: “وَجَبَتْ”، فَقَالَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: مَا وَجَبَت؟ فَقَالَ: “هَذَا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً، فَوَجَبتْ لَهُ الجَنَّةُ، وهَذَا أثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرّاً، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّار، أنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ في الأَرضِ”( أخرجه البخاري: ١٣٦٧، ومسلم: ٩٤٩).
19- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “عُودُوا المَرِيضَ، وَامْشُوا مَعَ الجَنَائِزِ، تُذَكِّرْكُمُ الآخِرَةَ”(أخرجه أحمد: ١١١٨٠، وصححه شعيب الأرناؤوط).
20- عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أنّ امْرَأَةً ماتَتْ في بَطْنٍ، فَصَلّى عَلَيْها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقامَ وسَطَها (رواه البخاري: ٣٣٢).
21- عن أبي غالب الخيَّاط، قال: “شَهِدت أنس بن مالك صلَّى على جنازة رجلٍ عند رأسه، فلمَّا رفَع، أُتِي بجنازة امرأةٍ من قريش أو من الأنصار، فقيل له: يا أبا حمزة، هذه جنازة فلانة ابنة فلان، فصلِّ عليها، فصلَّى عليها، فقام وسطها، وفينا العلاء بن زياد العَدوي، فلمَّا رأى اختلاف قيامه على الرجل والمرأة، قال: يا أبا حمزة، هكذا كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقوم حيث قمتَ، ومن المرأة حيث قُمتَ؟ قال: نعم، قال: فالْتفَت إلينا العلاء، فقال: احْفَظوا”(رواه أبو داود: 3194، والترمذي: 1034 وحسَّنه).
22- عن طلحة بن عبدالله بن عوف، قال: صَلَّيتُ خلف ابن عباس - رضي الله عنهما - على جنازة، فقرَأ بفاتحة الكتاب، وقال: “لتَعلموا أنه من السُّنة”(رواه البخاري: 1335).
23- عن جابرِ بنِ سَمُرَة رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: “أُتِيَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بفَرَسٍ مُعْرَوْرًى، فرَكِبَه حين انصرف من جِنازة ابنِ الدَّحداحِ، ونحن نمشي حولَه”(أخرجه مسلم: 965).
24- عن ثوبانَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أُتِيَ بدابَّةٍ وهو مع الجِنازة فأبى أن يَرْكَبَها، فلمَّا انصرف أُتِيَ بدابَّةٍ فَرَكِبَ، فقيل له، فقال: “إنَّ الملائكةَ كانت تَمْشي، فلم أكُنْ لِأَرْكَبَ وهم يَمشونَ، فلمَّا ذهبوا رَكِبْتُ”(أخرجه أبو داود: 3177، وصححه الألباني).
25- عن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنه قال فِي شَأنِ الجنائِزِ: “إِنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قامَ، ثُمَّ قَعَدَ”(أخرجه مسلم: 962).
26- عن أبي سعيدٍ رَضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “إذا اتَّبَعْتم جِنازة، فلا تجلسوا حتى تُوضَعَ”( أخرجه البخاري: 1310، ومسلم: 959).
27- عن عامِر بنِ ربيعةَ رَضِيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: “إذا رأى أحدُكم الجِنازة، فإن لم يكُنْ ماشيًا معها، فلْيَقمْ حتى تُخَلِّفَه، أو توضَعَ مِن قَبلِ أن تُخَلِّفَه”( أخرجه البخاري: 1308، ومسلم: 958).
28- عن جابِرِ بنِ عَبدِ الله رَضِيَ الله عنه، قال: مرَّتْ جنازة، فقام لها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقُمْنا معه، فقلنا: يا رسولَ الله، إنَّها يهوديَّةٌ، فقال: “إنَّ المَوتَ فَزَعٌ؛ فإذا رأيتُم الجِنازة فقُوموا”(أخرجه البخاري: 1311، مسلم: 960).
الاثار
1- عن أبي الدرداء: “من تمامِ أَجْرِ الجِنازة أن تُشَيِّعَها من أهلِها، وأن تَحْمِلَ بأركانِها الأربعة، وأن تَحْثُوَ في القَبرِ”(أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: 11283، وجَوَّدَ إسنادَه ابنُ المُلَقِّن في البدر المنير: 5-224 ).
2- عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ قال: “رأيتُ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه في جِنازة عبد الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ قائمًا بين العَمودينِ المُقَدَّمينِ، واضعًا السَّريرَ على كاهِلِه”(أخرجه الشافعي في الأم: 2-603، والبيهقي: 7083. قال النووي في خلاصة الأحكام: 2/994، و ابن الملقِّن في البدر المنير: 5-222: إسناده على شرط الصحيحين).
3- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه، قال: “المَشيُ خَلْفَها أفضَلُ من المَشْيِ أمامَها؛ كفضلِ صلاةِ الرَّجُلِ في جماعةٍ على صلاتِه فذًّا”(أخرجه ابن أبي شيبة 11239، وأحمد 754، والطحاوي في شرح معاني الآثار: 2761، وصححه الطحاوي، وقال ابن حجر في فتح الباري: 3-219: إسناده حسن، وهو موقوف له حكم المرفوع).
4- قال قيسُ بنُ عبَّاد- وهو من أكابِرِ التَّابعين من أصحابِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه-: “كانوا يَسْتَحبُّون خَفْضَ الصَّوتِ عند الجنائِزِ، وعند الذِّكْرِ، وعِندَ القِتالِ”( أخرجه ابن ابن أبي شيبة: 11201، قال ابن حجر كما في الفتوحات الربانية لابن علان 4-184: موقوف صحيح، وقال الألباني في أحكام الجنائز ص 92: إسناد رجاله ثقات).
5- قال أبو قلابة: “كانوا يعظِّمون الميِّت بالسَّكينة”(رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: 10976).
القصص
1- عن يوسُفَ بن عَبد الله الحُلْوَانِيُّ، حدَّثنَا عثمان بن الهَيْثَمِ؛ قال : “كَانَ الحَسَنُ إِذَا عَادَ مَرِيضًا؛ لَمْ يَنْتَفِعْ بهِ أَهْلُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَإِذَا شَيَّعَ جِنَازَةً؛ لَمْ يَنْتَفِعْ بهِ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ وَإِخْوَانُهُ ثَلاَثًا”(أخرجه أبو بكر الدِّينوري المالكي في المجالسة:967).
2- عن ثابت البناني قال: “كنَّا نتبع الجنائز فما نرى إلاَّ مقنَّعًا باكيًا أو متفكِّرًا”(أخرجه ابن الجعد في مسنده: 1397).
3- قال سليمان بن مهران: “كنَّا نشهد الجنائز فلا ندري من نعزِّي لحزن القوم”(أخرجه ابن أبي شيبة).
4- عن محمَّد بن سُوقَة الغَنَوي قال: زعموا أنَّ إبراهيم كان يقول: “كنَّا إذا حضرنا جنازة أو سمعنا بميِّت يُعرف ذلك فينا أيَّامًا؛ لأنَّا قد عرفنا أنَّه قد نزل به أمرٌ صيَّره إلى الجنَّة أو النَّار، وإنَّكم تتحدَّثون في جنائزكم بحديث دنياكم”(أخرجه ابن أبي شيبة: 36399).
5- عن يحيى بن وثاب الكوفي قال: “كانوا إذا كانت فيهم جنازة عرف ذلك في وجوههم أياما”(أخرجه ابن أبي شيبة: 36379).
6- قال ابن رجب الحنبلي: “روى أبو نعمي الحافظ بإسناده أن عمر بن عبد العزيز شيع مرة جنازة من أهل ثم أقبل على أصحابه ووعظهم فذكر الدنيا فذمها وذكر أهلها وتنعمهم فيه وما صاروا إليه بعدها من القبور فكان من كلامه أنه قال: إذا مررت بهم فنادهم إن كنت مناديا وادعهم أن كنت داعيا ومر بعسكرهم وانظر إلى تقارب منازلهم سل غنيهم: ما بقي من غناه؟ وسل فقيرهم: ما بقي من فقره؟ واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون وعن الأعين التي كانوا للذات بها ينظرنه وسلهم عن الجلود الرقيقة والوجوه الحسنة والأجساد الناعمة ما صنع بها الديدان تحت الأكفان وأكلت اللحان وعفرت الوجوه ومحت المحاسن وكسرت الفقاره وبانت الأعضاء ومزقت الأشلاء وأين حجابهم وقبابهم؟ وأين خدمهم وعبيدهم؟ وجمعهم وكنوزهم؟ وكأنهم ما وطئوا فراشا ولا وضعوا هنا متكا ولا غرسوا شجرا ولا أنزلوهم من اللحد قرارا أليسوا في منازل الخلوات؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء؟ أليسوا في مدلهمة ظلماء؟ قد حيل بينهم وبين العمل وفارقوا الأحبة وكم من ناعم وناعمة أضحوا ووجوههم بالية وأجسادهم من أعناقهم بائنة أوصالهم ممزقة وقد سالت الحدق على الوجنات وامتلأت الأفواه دما وصديدا ودبت دواب الأرض في أجسادهم ففرقت أعضاءهم ثم لم يلبثوا إلا يسيرا حتى عادت العظام وميما فقد فارقوا الحدائق وصاروا بعد السعة إلى المضائق قد تزوجت نساؤهم وترددت في الطرق أبناؤهم وتوزعت القرابات ديارهم وقراهم فمنهم والله الموسع له في قبره الغض الناظر فيه المتنعم بلذته يا ساكن القبر غدا ما الذي غرك من الدنيا؟ أين دارك الفيحاء ونهرك المطرد؟ وأين ثمارك الينعة؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك ونحورك؟ وأين كسوتك لصيفك لشتائك؟ أما رأيته قد زل به الأمر فما يدفع عن نفسه دخلا وهو يرشح عرقا ويتلمظ عطشا يتقلب في سكرات الموت وغمراته جاء الأمر من السماء وجاء غالب القدر والقضاء هيهات: يا مغمض الوالد والأخ والولد وغاسله يا مكفن الميت ويا مدخله في القبر وراجعا عنه ليت شعري بأي خديك بدأ البلى يا مجاور الهلكات صرت في محله الموت ليت شعري بأي خديك بدأ البلى يا مجاور الهلكات صرت في محلة الموت ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا وما يأتيني بهمن رسالة ربي.
ثم انصرف فما عاس بعد ذلك إلا جمعة”(أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور؛ لابن رجب الحنبلي: 153).
متفرقات
1- قال الإمام ابن قُدامة المقدسي رحمه الله: “ويستحبُّ لمتَّبع الجنازة أن يكون متخشِّعًا، متفكِّرًا في مآله، متَّعظًا بالموت، وبما يصير إليه الميِّت، ولا يتحدَّث بأحاديث الدُّنيا، ولا يضحك، قال سعد ابن معاذ: “ما تبعت جنازة فحدَّثت نفسي بغير ما هو مفعول بها»، ورأى بعض السَّلف رجلاً يضحك في جنازة، فقال: أتضحك وأنت تتَّبع الجنازة؟ لا كلَّمتك أبدًا”(المغني:3/397-397).
2- قال الإمام النَّووي رحمه الله: “وليحذر كلَّ الحذر مِنَ الحديث بما لا فائدة فيه، فإنَّ هذا وقتُ فِكْرٍ وَذِكرٍ تَقْبُح فيه الغفلة واللَّهو والاشتغال بالحديث الفارغ، فإنَّ الكلام بما لا فائدة فيه منهيٌّ عنه في جميع الأحوال، فكيف في هذا الحال؟
واعلم أنَّ الصَّواب المختار ما كان عليه السَّلف رضي الله عنهم: السُّكوت في حال السَّير مع الجنازة، فلا يَرْفَع صوتًا بقراءة، ولا ذِكْرٍ، ولا غير ذلك، والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنَّه أسكن لخاطره، وأجمع لفكره فيما يتعلَّق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحقُّ، ولا تَغْتَرَّنَّ بكثرة من يُخالفه، فقد قال أبو عليٍّ الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما معناه : الزم طرق الهدى، ولا يضرُّك قلَّةُ السَّالكين، وإيَّاك وطرق الضَّلالة، ولا تغترَّ بكثرة الهالكين، وقد روينا في “سنن البيهقي» ما يقتضي ما قلته”(الأذكار:320).
3- قال الإمام النَّووي رحمه الله: “باب ما يقوله الماشي مع الجنازة: يستحبُّ له أن يكون مشتغلاً بذكر الله تعالى، والفكر فيما يلقاه الميِّت، وما يكون مصيره، وحاصل ما كان فيه، وأنَّ هذا آخر الدُّنيا ومصير أهلها”(الأذكار:320).
4- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فالمؤمن المتَّبع للسُّنَّة يحسن إلى الخلق ويطلب الأجر من الخالق، فيكون قائمًا بحقِّ الله وحقِّ عباده، قد أتى بحقيقة الصَّلاة، وهي أن يعبد الله وحده، وحقيقة الزَّكاة وهي الإحسان إلى الخلق، فيجتمع له التَّعظيم لأمر الله والرَّحمة لعباد الله، فيصلِّي على جنازة المسلم بقصد انتفاع الميِّت بالدُّعاء له وما يحصل له من الله من الأجر بإحسانه إلى الميِّت، ويزور قبر أخيه المسلم من الصَّحابة والتَّابعين وأهل البيت وغيرهم، بل من الأنبياء والمرسلين، كما يصلِّي على جنازته، فيسلِّم عليه، ويدعو له، فيرحم الله الميِّت باستجابة الدُّعاء، ويثيب الله السَّاعي في وصول النَّفع والرَّحمة على الإحسان”(تلخيص كتاب الاستغاثة: ص101).
5- قال أبو العبَّاس أحمد بن يحي الونشريسي رحمه الله: وقد سُئل عمَّا يَفعله النَّاس في جنائزهم حين حملها من جهرهم بالتَّهليل والتَّصلية والتَّبشير والتَّنذير ونحو ذلك على صوتٍ واحد أمام الجنازة كيف حكم ذلك في الشَّرع؟ فأجاب رحمه الله بما يلي: “السُّنَّة في اتِّباع الجنائز الصَّمت والتفكُّر والاعتبار، خرَّج ابن المبارك أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اتَّبع جنازة أكثر الصَّمت وأكثر حديث نفسه، قال: فكانوا يرون أنَّه يحدِّث نفسه بأمرِ الميِّت وما يرد عليه وما هو مسؤول عنه
وذُكر أنَّ مُطَرِّفًا كان يَلْقَى الرَّجلَ من إخوانه في الجنازة، وعسى أن يكون غائبًا، فما يزيد على التَّسليم يعرض عنه اشتغالاً بما هو فيه.
فهكذا كان السَّلف الصَّالح، واتِّباعهم سنَّة ومخالفتهم بدعة، وذكر الله والصَّلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عملٌ صالح مرغَّب فيه في الجملة، لكن للشَّرع توقيت وتحديد في وظائف الأعمال، وتخصيص يختلف باختلاف الأحوال، والصَّلاة وإن كانت مناجاة الرَّبِّ، وفي ذلك قُرَّة عينِ العبد، تدخل في أوقات تحت ترجمة الكراهة والمنع، إنَّ الله يحكم ما يريد”(المعيار المعرب: 1/313-314).
6- قال أبو العبَّاس أحمد بن يحي الونشريسي رحمه الله: لَمَّا سُئل عن الجَهر بالذِّكر أمام الجنازة على صوتٍ واحدٍ وكيف حكمه؟ فأجاب رحمه الله: “إنَّ ذكر الله والصَّلاة على رسوله عليه السلام من أفضل الأعمال, وجميعه حسن, لكن للشَّرع وظائف وقَّتَها, وأذكار عيَّنها في أوقات وقَّتها, فوضعُ وَظيفةٍ مَوْضِعَ أخرى بدعةٌ, وإقرار الوظائف في محلِّها سُنَّة، وتلقِّي وظائف الأعمال في حمل الجنائز إنَّما هو الصَّمت والتَّفكُّر والاعتبار, وتبديل هذه الوظائف بغيرها تشريع, ومن البدع في الدِّين, وقد قيل في قوله تعالى: (فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ)[النجم:32] نهي عن أن يزكِّي بعض النَّاس بعضًا تزكية السُّمعة والمدح للدُّنيا، وكأنَّ وَليَّ الميِّت يزكِّي ميِّته بذلك الفعل من قبل نفسه ليعتقد ذلك له ولميِّته”(المعيار المعرب: 1-314).
7- قال الشَّيخ عبد الرَّحمن البنَّا السَّاعاتي رحمه الله في شرحه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه سابق الذِّكر: “وقوله: “ولا صوت” يشمل صوت النِّياحة والقراءة والذِّكر، وغير ذلك ممَّا يُفعل الآن أمام الجنائز, فكلُّ هذا منهيٌّ عنه لا يجوز فعله”(انظر: الفتح الرَّبَّاني:8-20).
الإحالات
1- أحكام الصلاة على الجنازة في المسجد لأبي الفداء زين الدين قاسم بن قُطْلُوْبَغَا السُّوْدُوْنِي الجمالي الحنفي.
2- أحكام الجنائز وبدعها للألباني.
3- من أحكام الجنائز؛ لأحمد بن عبدالرحمن الزومان.
الحكم
(إن الموت فزع) حديث نبوي